المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية
آخر المواضيع المضافة


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الاختيار الإلهي في اقتران فاطمة بعلي (عليهما السلام)
2024-04-27
دروس من مدير ناجح
2024-04-27
لا تعطِ الآخرين عذراً جاهزاً
2024-04-27
الإمام علي (عليه السلام) والصراط
2024-04-27
تقديم طلب شطب العلامة التجارية لمخالفتها شروط التسجيل
2024-04-27
تعريف الشطب في الاصطلاح القانوني
2024-04-27

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حقوق الإدارة في عقد استئجار الإدارة لخدمات الأشخاص  
  
3301   07:53 صباحاً   التاريخ: 10-4-2017
المؤلف : بدر حمادة صالح
الكتاب أو المصدر : النظام القانوني لعقد استئجار الادارة لخدمات الاشخاص في العراق
الجزء والصفحة : ص97-117
القسم : القانون / القانون العام / القانون الاداري و القضاء الاداري / القضاء الاداري /

يتميز عقد استئجار الإدارة لخدمات الأشخاص بخصائص ذاتية تظهر واضحة أثناء تنفيذ العقد ، وتتمثل هذه الميزات أو الخصائص فيما يمنحه هذا العقد للإدارة من مظاهر سلطات غير مألوفة في عقود القانون الخاص ، ومن هذه المظاهر ، سلطتها في رقابة تنفيذ العقد ، وسلطتها في تعديل بعض شروط العقد من جانبها ، وسلطتها في توقيع جزاءات على المتعاقد إذا أخل بالتزاماته ، وسلطتها في إنهاء العقد بإرادتها المنفردة ، ومع ذلك فان القانون ضمن للمتعاقد مصالحة المالية من جراء تعسف الإدارة بضمانات يتمتع بها دون حاجة إلى النص عليها في العقد (1) .      وقد أكدت المحكمة الإدارية العليا في مصر ٍفي أحد أحكامها حيث تقــول : (( ويترتب على ذلك ان للإدارة سلطة الأشراف والتوجيه على تنفيذ العقود الإدارية ولها دائماٍ حق تغيير ٍشروط العقد وإضافة شروط جديدة بما قد يتراءى لها أنة اكثر اتفاقا مع الصالح العام دون ان يتمتع الطرف الأخر بقاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين ، كما يترتب عليها كذلك ان للإدارة سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن هذا ما يقتضيه الصالح العام ولا يكون للطرف الأخر إلا الحق في التعويض إن كان له حق ، وذلك كله على خلاف الأصل في العقود المدنية )) (2). ان هذا العقد يكاد لا يخلو من مظاهر سلطات الإدارة السابقة الذكر ، إضافة إلى ذلك فان القوانين والأنظمة تنص على تلك المظاهر ، ولما كان هذا العقد متعلقاً بالصالح العام مما يجعل من تلك المظاهر حقا أصيلاً للإدارة ، تمتع بها حتى لو لم ينص العقد عليها .  إضافة لما ذكر من حقوق للإدارة اتجاه المتعاقد ، فهناك حق أخر للإدارة هو حق التنفيذ المباشر الذي اعتبره اغلب الفقه في فرنسا ومصر من أهم الامتيازات أو الحقوق التي تتمتع بها الاداره في مجال تنفيذ العقد ، بل ان الفقهاء يردون كل مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية إلـى هذا الامتياز (3) وان هذا الامتياز يعني سلطة الاداره في الحصول على حقوقها عن طريق إصدار قرارات أداريه وتنفيذها بإرادتها دون اللجوء إلى القضاء ، وان أساس هذا الامتياز هو فكرة السلطة العامة باعتبارها مصدر الشروط الاستثنائية الخارجة على القانون الخاص (4). وتمارس الإدارة سلطتها في التدخل في تنفيذ العقد عن طريق استعمال امتيازات التنفيذ المباشر ، عن طريق قرارات تصدرها وتكون نافذة على المتعاقد بدون رضاه .      وسوف تكون دراستنا في هذا الموضوع موزعه على أربعة فروع ، نتطرق إليها على التوالي :

الفرع الأول : حق الإدارة في الأشراف والتوجيه .

تتمتع جهة الاداره بحق مراقبة تنفيذ المتعاقد لالتزاماته التعاقدية ، وذلك لان الاداره هي المسؤولة أمام الكافة او الجمهور عن حسن أداء المرافق العامة ، وتقديم الخدمات العامة لهم ، وهي التي تتحمل المسؤولية في حالة حصول ضرر من جراء تنفيذ العقد ، ولمواجهة هذه المسؤولية  الملقاة عليها ، فان الاداره تستخدم سلطات استثنائية لرقابة المتعاقدين معها والذين يقدمون العون لها في تنفيذ أي مشروع . لذلك يمكن القول بان حق الاداره في الإشراف والتوجيه او في الرقابة والتوجيه هو حق أصيل ، وان الغرض من الرقابة هو لمعرفة هل ان تنفيذ العقد يتم وفقاً للشروط المثبتة في العقد او المتفق عليها . وتتــم الرقابة  بأعمال مادية كالتفتيش أو الزيارة ، او طلب البيانات والفحص وهـــــي هنـا بمعنى ( الأشراف ) (5) . كما تقوم الاداره في أحيان كثيرة أخرى بإصدار أوامر أداريه بعد التعاقد تلزم فيها المتعاقد ان ينفذ الأعمال الموكلة إليه بطريقه معينه وحسب مقتضيات المصلحة العامة ، أي أن الإدارة هي التي تختار طريقة التنفيذ دون الاقتصار على الطرق الموجودة في العقد ، وان حق الاداره هنا يعني ( التوجيه ) وهنا نجد ان المتعاقد مع الإدارة يخضع في تنفيذ العقد لها ، وهو في الحقيقة ليس إلا معاوناً لها ، وقد تكون الرقابة أداريه او فنية او مالية .  ولما كانت الاداره هي المسؤولة عن إدارة المرافق العامة وانتظام سيرها فان ذلك لا يعني أنها عند تعاقدها مع أحد الأشخاص  أن تتخلى عن مسؤوليتها لهؤلاء الأشخاص ، بل أن هؤلاء المتعاقدين يبقون تحت إشراف ورقابة الاداره ، وان الاداره تتمتع بهذا الحق بالنسبة الى جميع العقود ألاداريه ، سواء نص على هذا الحق في العقد ،ام في نصوص تشريعيه او قواعد أو لوائح تنظيميه ، بل ان هذا الحق معترف به للإدارة حتى ولو نص العقد على ما يخالفه (6)  .ان حق الاداره في الإشراف والتوجيه لا يتوقف على تنفيذ العقد بل يتعدى الى توجيه المتعاقد معها الى كيفية التنفيذ . وقد سبق القول بان الاداره عندما تستعين بالأفراد في إشباع الحاجات العامة عن طريق معاونتها في تسيير المرافق العامة لا يعفيها من المسؤولية المعنوية او المالية في حالة إخفاقها في إشباع تلك الحاجات ، ولذلك فان للإدارة أن تمارس حق التوجيه في مواجهة المتعاقد معها ، مما يفقد المتعاقد حرية التصرف التي يتمتع بها في مجال العقود المدنية ، أي ان المتعاقد يصبح تابعاً للإدارة وينفذ أوامرها ، وفي حالة اعتراضه عليه ان ينفذها اولاً ثم يلجا الى القضاء في حالة شعوره بتعسف الإدارة  في استخدام سلطتها اتجاهه ، إن حقوق الإدارة  هذه التي يطلق عليها في بعض الأحيان حقوق التنفيذ المباشر تستمد أساسها من  مقتضيات تامين سير المرفق العام (7) . ان سلطه الاداره في الرقابة والتوجيه والمستمدة من العقد المذكور تختلف عن سلطة الضبط الإداري التي تستمدها  الإدارة من القوانين واللوائح التي عن طريقها تستطيع الإدارة فرض التزامات معينه على الأفراد بهدف تحقيق الأمن والسكينة والصحة العامة ، وأنها تباشرها على كافة الأشخاص وتتمكن عن طريقها توقيع عقوبات جنائية إذا خالف المتعاقد أحكامها ، أما سلطة الإدارة في الرقابة فهي محصورة في مجال تنفيذ العقد ولاتصل الى السلطة الضبطية او البوليسية التي لا يجوز استخدامها كوسيلة للضغط في مجال التنفيذ (8) . كما أن المذكرة  الإيضاحية للقانون رقم 185 لسنة 1958 / المصري تقول : (( ولئن كان المشروع قد تضمن صورا متعددة من الرقابة لكفالة سير المرافق العامة وانتظامها ، ألا إن اختيار أحد هذه الوسائل او الجمع بينهما مرده إلى الوزير المختص ( او الجهة المختصة ) إذ يترخص في تقدير ملاءمة كل منها لاحتياجات المرفق وما يقتضيه نظام سيرة ، بما يحقق المصلحة العامة . ففي ضوء احتياجات المرفق العام يقرر الوزير أختيار ما يناسبها من  وسائل الرقابة ، وما يتلاءم معها من سير المرافق ، وتغليب المصلحة العامة . التي تبتغيها العقود الإدارية )) (9) . وتتضمن دفاتر الشروط العامة في فرنسا نصوصا تتعلق بحق الإدارة في الرقابة وتنظيم هذا الحق وتبين مداه (10). أما في  العراق فان حق الإدارة في الرقابة نص علية في الشروط العامة لمقاولات الأعمال الهندسية . وان تنظيم دفاتر الشروط لحق الإدارة في الرقابة يعد جزءا من العقد الإداري بصورة عامة ، بل يعد جزءا من تنظيم المرفق العام الذي ارتبط معه المتعاقد . وان سلطة الرقابة آو حق الرقابة يشمل جميع الأشخاص الذين يختارهم المتعاقد مع الإدارة لتنفيذ العقد ، حيث آن الإدارة تتدخل في اختيارهم ، ولا تقتصر سلطة الرقابة على مدى احترام المتعاقد لشروط العقد ، بل تتعداها إلى تحديد موعد العمل أو ساعات العمل ووقت انتهائه (11) .    على إنه مهما كانت للإدارة من سلطة أو حق في الرقابة أو الإشراف والتوجيه فإنها يجب أن لا تصل إلى تغيير طبيعة العقد ، بل يجب أن تقف عند هذا الحد ، لأنها سلطة مقيدة باستهداف الصالح العام ومقتضيات المرفق العام وحاجاته وضمان سيره بانتظام واطراد .

الفرع الثاني : حق الإدارة في تعديل هذا العقد .

تتسم المرافق العامة بالمرونة والقابلية للتغيير وحسب متطلبات إشباع الحاجات العامة للأفراد ، وعلى أساس ذلك يصبح للإدارة الحق في أن تعيد النظر في نظم تلك المرافق وان تعدل في ترتيب سيرها وفي وضعها الداخلي يستتبع ذ لك حقها في تعديل العقود التي ترتبط بها مع الأفراد مثل عقد استئجار الإدارة لخدمات الأشخاص كأحد العقود الإدارية حيث ان الإدارة يصبح لها حق تعديل العقد المذكور متى تطلب الأمر ذلك وان المتعاقد ليس في وسعه ان يتمسك بقاعدة ان العقد شريعة المتعاقدين ومن ثم كان لابد ان تتميز التزامات المتعاقد مع الإدارة لقابليتها للتعديل من جانب الإدارة وحدها وبإرادتها المنفردة ، أي ان الإدارة تملك دائما حق تغيير شروط العقد وإضافة التزامات وشروط جديدة وحسب متطلبات الصالح العام (12). أي بمقتضى هذه السلطة تستطيع الإدارة أن تعدل في شروط العقد و تنقص أو تزيد في التزامات المتعاقد معها . لقد كانت هذه السلطة موضع نقد جانب من الفقه الفرنسي ولكن  بالرغم مما وجه إليها من انتقاد فالفقه الغالب والقضاء يقرها ويعترف بها للإدارة . وذهب الفقيه جير إلى قصر هذه السلطة على بعض العقود الإدارية كعقدي الالتزام والأشغال العامة للطبيعة الخاصة لكل منهما وما يتضمنه كل عقد من نصوص لائحية يمكن تعديلها في أي وقت استناداً لسلطة الإدارة اللائحية دون الشروط التعاقدية (13) . ولكن رغم التأييد من جانب الفقه والقضاء بالاعتراف للإدارة بهذه السلطة لمقتضيات الصالح العام والمحافظة على سير المرافق العامة ، إلا أن هنالك من أنكر هذا الحق للإدارة ، عليه سوف نوضح ذلك على الشكل التالي :

أولاً : الاتجاه المؤيد لحق التعديل .

ثانياً : الاتجاه المنكر لحق التعديل .

أولاً ـ الاتجاه المؤيد لحق الإدارة في التعديل .

إن أي عقد إداري لا بد أن يتضمن شرطاً يعطي الإدارة الحق في تعديل هذا العقد تبعاً لمقتضيات المرفق العام ،فهي عندما تقوم بالتعديل بالزيادة او النقصان فان أساس هذا التعديل هو العقد نفسه ، فأذا نص عقد استئجار الإدارة لخدمات الأشخاص على حق الاداره في تعديل هذا العقد ، مثلا قيام الإدارة بزيادة التزامات المتعاقد كزيادة الحصص التدريسية خلال الأسبوع او خلال الشهر للأستاذ الجامعي المتعاقد خلافا لالتزاماته في العقد فهنا لا يوجد إشكال إذا ما نص العقد على ذلك ، وكذلك أذا ما تضمنت القوانين واللوائح التنظيمية نصوصا تتعلق بحق الإدارة في تعديل العقد ، ولكن أذا لم ينص العقد على حق الإدارة في التعديل وكذلك التشريع واللوائح الموجودة فما هو موقف الإدارة من سلطة التعديل ؟ ان جانب من الفقه والقضاء في فرنسا يؤيد حق الإدارة في تعديل عقودها الإدارية بصورة عامة حتى  في حالة عدم النص على ذلك فـي العقد أو في التشريع (14) . ويرى الفقيه بيكينيو إن أي عقد أداري لا يخضع لقاعدة القوة الملزمة للعقد أو ثبات العقد ، ويقول بأن الإدارة تستطيع أن تعدل في الشروط التي يتضمنها أي عقد إداري تبعاً لمقتضيات المصلحة العامة واحتياج المرفق العام وضماناً لسير العمل فيه بحيث أصبح مبدأ العقد الإداري هو عدم الثبات ونتيجة ذلك هي الاعتراف للإدارة بزيادة وتخفيض الالتزامات على المتعاقد أو تؤجلها أو حتى تلغي العقد (15) . وكما يرى الدكتور ثروت بدوي : أن التعديل الذي تقوم به الإدارة في العقد الإداري وتبغي من ورائه تحقيق الصالح العام ، ويلحق ضرراً بالمتعاقد يعطي المتعاقد الحق في طلب التعويض (16) . ويقول الفقيه بيكينو: إذا كان حق الاداره في تعديل عقودها محلاً للنقاش مـن بداية هذا القرن فأنه اليوم معترف به بالإجماع وبدون أي تنافر أو نشاز (17)  . وظل فقهاء القانون العام يرددون بوجود سلطة الإدارة في التعديل بإرادتها المنفردة واعتبروا ذلك قاعدة عامة في نظرية العقود الإدارية . وكذلك فان القضاء الإداري الفرنسي اعترف بحق الإدارة في التعديل الانفرادي وعلى أساس قضائي من أحكام مجلس الدولة . ومن استعراض هذه الآراء فان الاتجاه في الفقه والقضاء الإداريين في فرنسا يعترف بهذا الحق للإدارة ولكن ليس حقا مطلقا يهـدد القوة الملزمة للعقد الإداري(18) . أما موقف الفقه والقضاء في مصر من ذلك فان اغلب الفقه يؤيد حق الإدارة في تعديل عقودها الإدارية ، حيث يرى ان حق الإدارة في التعديل من السمات الأساسية التي تميز العقد الإداري من المدني وان سلطة التعديل مستمدة من طبيعة المرفق ، ويرى الفقه انه لا يجوز الاتفاق على عدم التعديل لأنة مخالف للنظام العام . فللإدارة ان تزيد او تنقص في التزامات المتعاقد (19) . أما القضاء الإداري المصري فقد جاء بقرار المحكمة الإدارية العليا في 20/4/1957في القضية 1520 : (( إن العقود الإدارية تتميز عن العقود المدنية بطابع خاص ، مناطه احتياجات المرفق الذي يستهدف العقد تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة على مصلحة الأفراد الخاصة ، فبينما تكون مصالح الطرفين في العقود المدنية متوازية ومتساوية إذا بها في العقود الإدارية غير متكافئة اذ يجب ان يعلو الصالح العام على المصلحة الفردية الخاصة ، وهذه الفكرة هي  التي تحكم الروابط الناشئة عن العقد الإداري ، ويترتب على ذلك ان للإدارة سلطة الإشراف والتوجيه على تنفيذ العقود ، وان لها دائما حق تغيير شروط العقد وإضافة شروط جديدة ، بما قد يتراءى لها انه اكثر اتفاقا مع الصالح العام ، دون ان يتحدى الطرف الأخر بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين )) (20) . إن حق الإدارة في تعديل أي عقد إداري كعقد استئجار الإدارة لخدمات الأشخاص مثلاً يجب أن لا يكون حقاً مطلقاً بل يجب ان يكون مقيداً بشرطين أساسيين هما : تغيير الظروف التي كانت قائمه وقت إبرام العقد ، بما يؤثر في  سير المرفق العام ، مما يستوجب معه تعديل العقد ويعطي الإدارة الحق في ذلك ، أما الشرط الأخر فهو اقتصار التعديل على بعض شروط العقد ، إضافة إلى إن سلطة التعديل مقيدة من حيث المدى ، أي يجب ان لا تتعدى حدوداً معينة ، فإذا تجاوزت الإدارة هذه الحدود فان للمتعاقد الحق في الامتناع عن التنفيذ (21) .

  ثانيا : الاتجاه المنكر لحق الإدارة في التعديل .

إن أصحاب هذا الاتجاه لم يعترفوا للإدارة بحقها في تعديل عقودها الإدارية بإرادتها المنفردة ، حيث ان اغلب الفقهاء من هذا الاتجاه يرون ان أي عقد إداري يلزم الإدارة كما يلزم الأفراد  أو المتعاقدين بكل الشروط التي يتضمنها العقد المبرم بينهم ، أي ان القانون يسري عليهم دون تمييز عملا بمبدأ المساواة أمام القانون، فلا يحق للإدارة ان تعدل عقودها دون موافقة الطرف المتعاقد معها . فأصحاب هذا الاتجاه يرون بأنه لا يجوز للإدارة استخدام حقها في تعديل العقد ما لم ينص القانون على ذلك ، او ان العقد يتضمن حق التعديل . أن هذا الاتجاه كان سائداً قديماً وبالذات في ظل المذاهب الفردية التي تقدس حرية الفرد وحقوقه . وان دور الدولة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية كان محدوداً وعلاقة الأفراد فيما بينهم أو بينهم وبين الدولة تخضع لمبدأ سلطان الإرادة  وان العقد الذي يبرم بينهما وفق قاعدة (( العقد شريعة المتعاقدين )) ومن ثم لا يجوز تعديل العقد من طرف وإنما باتفاق الطرفين .  ومن أنصار هذا الاتجاه الفقيه ( جان لولييه ) الذي تصدى لفكرة حق الإدارة في تعديل عقودها الإدارية واعتبرها فكرة ليس لها سند في أحكام القضاء. وانه كان من مؤيدي او أنصار ( قاعدة ثبات العقود ) او ( العقد شريعة المتعاقدين ) . وقال بأنها قاعدة أساسية بمقتضاها تقوم العقود المبرمة بين أطرافها مقام القانون بالنسبة لمن عقدوها (22) .  وقد دعم رأيه السالف الذكر بحكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر في 11/ 6 / 1941 ، والذي جاء فيه (( ليس للمصلحة أن تعدل من جانب واحد شروط التوكيل المبرم مع المهندس المعماري )) .  وتتلخص القضية في أن الإدارة ارتبطت مع أحد المهندسين بعقد لاستئجار خدماته لوضع تصاميم هندسية خاصة بإعادة بناء مستشفى ، وقد قام المهندس بمشاركة مهندس أخر لأداء الأعمال المكلف بها بموافقة الإدارة بشرط أن يشارك المهندس الأخر في الأجر المتفق عليه في العقد ، فرفض المهندس المتعاقد ، عُرضت القضية على مجلس الدولة الفرنسي وقضى (( بعدم الجواز للإدارة أن تعدل تعديلاً انفرادياً شروط هذه الوكالة المسموح بها للمتعاقد )) وبذلك دفعت الإدارة كامل الأجر للمهندس المتعاقد (23) . ومن هذا الحكم نستنتج بأن مجلس الدولة الفرنسي في بعض أحكامه أنكر على الإدارة حق تعديل عقودها الإدارية بإرادتها المنفردة ، أي حرمها من تعديل شروط العقد ، وبذلك تأيد موقف قسم من الفقه في إنكار هذا الحق للإدارة . أما التشريع والقضاء العراقيان وموقفهما من حق الإدارة في تعديل عقودها الإدارية ، فأن النظام القضائي العراقي قبل صدور القانون 106 لسنة 1989 كان قضاءً موحداً أي أن القضاء العادي يتولى النظر في كافة المنازعات الإدارية لعدم وجود قضاء أداري مستقل ، ولكن بإنشاء القضاء الإداري بالقانون المذكور. أصبحت المنازعات الإدارية المتعلقة بالقرارات الإدارية من اختصاص القضاء الإداري ، أما منازعات العقود الإدارية فقد بقيـت من اختصـاص القضاء العادي الذي عرف نظرية العقود الإدارية وطبق مبادئها في الكثير من أحكامه (24) . ( يذهب القضاء العراقي إلى اعتبار حق الادارة في التعديل الذي تملكه الادارة من النظام العام حيث لا يجوز لها الاتفاق على خلافه ، كما لا يجوز لها التنازل عنه ، وأي تصرف من هذا النوع تجريه الإدارة يعد باطلاً ) (25) . كما أن القضاء في العراق ملزم بتطبيق المبادئ العامة في القانون الإداري لعدم وجود تشريع أدارى مستقل ينظم العقد الإداري ، أضافةً إلى أنه غير ملزم بتطبيق القانون المدني إلا بالقدر الذي لا يتعارض مع المبادئ العامة في القانون الإداري . أما التشريع العراقي فقد أقر بحق الادارة في تعديل عقودها الإدارية على ان يكون ذلك مرتبطاً بالخطط الاقتصادية التي تضعها الدولة ويتبع ذلك أن أي تغيير في الخطط المذكورة ينعكس على العقود الإدارية المبرمة بموجبها .

لقد أقرت قوانين الخطة الاقتصادية حق الإدارة في التعديل فقد جاء في المادة 17 من قانون خطة التنمية رقم 70 لسنة 1970 ما يجيز لمجلس التخطيط تبديل أو تعديل أو إلغاء جميع العقود والمناقصات التي أبرمتها مجالس التخطيط السابقة على هذا القانون (26) .

الفرع الثالث : حق الإدارة في فرض الجزاءات .

أن الفقه والقضاء الإداريين في فرنسا متجه منذ بداية القرن الماضي إلى وضع نظام مستقل لجزاءات العقد الإداري متأثراً بالأسس العامة التي كانت أساس نظرية العقد الإداري وهي ارتباط العقد بالمرفق العام ، واستهداف الصالح العام من خلال حسن سير ذلك المرفق (27) . أي أن هدف الجزاءات في العقود الإدارية ليس تقويم اعوجاج في التنفيذ وأنما هو لتأمين حسن سير المرافق العامة ، وأن يكون ذلك التنفيذ طبقاً لما يوجبه حسن النية وهو مبدأ يطبق في العقود الإدارية مثل ما يطبق في العقود المدنية ، وأن إخلال أي متعاقد مع الإدارة فيه مساس بالصالح العام وسير المرفق العام الذي  يتصل العقد به ، ونتيجة ذلك فأن من حق الإدارة أن تفرض عليه جزاءات أو تستعمل وسائل ضغط لكي تكفل تنفيذ العقد (28) .   ويقول دي لوبادير في مطوله عن العقود الإدارية ( أن سلطة الإدارة في توقيع الجزاءات يمكن أن تمارسها من تلقاء نفسها (doffice) وحتى لو لم يكن منصوصاً عليها في العقد ، وهي إلى جانب ذلك سلطة تتصل بالنظام العام فلا تملك الإدارة ـ أن تنزل عنها ، كما أنها تملك توقيع الجزاءات ، سواء في ذلك المنصوص عليها في العقد ، أو غيرها من الجزاءات التي لم تتضمنها نصوص العقد ) (29) . أن المتعاقد مع الإدارة قد يخل بالتزاماته العقدية كأن يترك العمل أو الالتزام الذي تعاقد عليه إلى شخص أخر أو لا يعير اهتماما لتعليمات الإدارة أو يبطئ في التنفيذ وقد يستخدم أساليب الغش والتحايل في التنفيذ ، ومتى تأكدت الإدارة بأن أياً من هذه الأعمال أو المخالفات قد حدثت فأن لها الحق في توقيع جزاءات مختلفة على المتعاقد الذي أخلَّ بالتزاماته تحقيقاً للمصلحة العامـة وحسن سير المرفق العام .    تتميز الجزاءات التي تمتلك الإدارة توقيعها على المتعاقد معها عند إخلاله بالتزاماته العقدية بعدة خصائص تتمثل في(30) : 

أولاً : أن الإدارة دون الرجوع إلى القضاء تستطيع توقيع الجزاء بنفسها ، ومن ثم تملك الإدارة اختيار وقت توقيع الجزاء إذا لم يحدده العقد .

ثانياً : أن الجزاء في أي عقد أداري يستهدف ضمان تسيير المرافق العامة التي يخدمها العقد .

ثالثاً : تملك الإدارة توقيع الجزاءات المختلفة ، وأن لم ينص عليها العقد وأساس ذلك صلة العقد بالمرفق العام .

رابعاً : لا يشترط لكي تطبق الإدارة أنواع مختلفة من الجزاءات أن يترتب على إخلال المتعاقد بالتزاماته حدوث ضرر للجهة الإدارية ، إذ أنه لا توجد صلةً بين هذه الجزاءات وبين فكرة الضرر ، لان الضرر هنا مفترض .

ومن شروط ممارسة الإدارة لهذه السلطة أو الحق في العقود الإدارية ، ضرورة أعذار المتعاقد معها وخضوع الجزاء المذكور لرقابة القضاء ، وحول ضرورة الإنذار أو الأعذار الصادر من جهة الإدارة إلى المتعاقد عند إخلاله بالتزاماته ، يذهب البعض إلى أن الأمر لا يرقى إلى مرتبة الشرط الضروري لصحة فرض الجزاءات الإدارية .

أما أنواع الجزاءات (31) ، فهي :

1 ـ الجزاءات المالية المتمثلة بالتعويض في حالة توافر ركن الضرر بالنسبة للإدارة ، ومصادرة التأمين ، الغرامة .

2 ـ الجزاءات الضاغطة .

3 ـ  فسخ العقد .

4 ـ الجزاءات الجنائية .

    وتقسم الجزاءات من حيث مصدرها إلى نوعين هما (32) :

1 ـ الجزاءات العقدية : وهي الجزاءات التي ينص عليها في العقد أو تنبع من العقد .

2 ـ الجزاءات غير العقدية : وهي الجزاءات التي لا ينص عليها في العقد وإنما تستلزمها المصلحة العامة ، حيث لم يعد سكوت العقد يحمي المتعاقد مع الإدارة من إخلاله بالتزاماته ، وقد اخذ بذلك مجلس الدولة الفرنسي واعترف للإدارة بسلطة توقيع الجزاء على المتعاقد معها دون أن يحتوي  العقد على نص بذلك . وقد تطرقنا في الفصل الأول إلى إن مركز المتعاقد في هذا العقد هو وظيفي اكثر مما هو تعاقدي وان الموظف المتعاقد يخضع لأحكام قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع الاشتراكي رقم 14 لسنة 1991 م ، وان للإدارة معاقبته في حالة  الإهمال أو إلحاق أضرار بأموالها أو ممتلكاتها ولها مطالبته بالأضرار التي يلحقها بتلك الأموال جراء إهماله أو سوء استعماله لها . وتختلف الجزاءات التي تفرض على الموظف سواء كان دائمياً أو مؤقتتاً أو متعاقداً جزاء إخلاله بواجباته ، حيث يمكن تقسيمها إلى نوعين ، الأول يمكن تسميتها بالجزاءات العامة وهي الجزاءات الجنائية والمدنية التي يخضع لها الموظف المتعاقد كغيرة من الأشخاص الذين يخالفون واجباتهم القانونية ، أما النوع الثاني فهي الجزاءات التأديبية أو الإنضباطية التي تفرض على الموظف بموجب قواعد قانونية خاصة . والذي يهمنا في دراستنا هذه هو الجزاء التأديبي لأنه السلاح الذي تستطيع الإدارة بواسطته حمل الموظف على أداء واجباته الوظيفية على الوجه الأمثل ، ويختلف هذا الجزاء عن بقية أنواع الجزاءات في إن الإدارة هي التي تتولى توقيعه على الموظف المخالف . وتسود في القانون التأديبي قاعدة ( شرعية العقوبة ) ومعنى ذلك أن العقوبة تحدد من المشرع حصراً وعلى السلطة الإنضباطية أو التأديبية اختيار العقوبة التي تتناسب مع ما اقترفه الموظف من مخالفة أو خطأ إداري وتبعاً لذلك لا يجور لهذه السلطة أن تفرض عقوبة لم ينص عليها القانون وقد سلم الفقه والقضاء في كل من فرنسا ومصر والعراق بهـــذا المبدأ أو الاتجاه (33) .

  وقد نصت الفقرة (أ) من المادة السادسة من قانون انضباط موظفي الدولة رقم 69 لسنة 1936 على العقوبات التي تفرض على الموظف جزاء إخلاله بواجباته وقسمت هذه العقوبات إلى عقوبات انضباطية وعقوبات تأديبية دون بيان المعيار المعتمد في هذا التقسيم ، حيث أوردت المادة المذكورة ثلاث عقوبات تحت تسمية العقوبات الإنضباطية وهي ( الإنذار ، قطع الراتب ، التوبيخ ) ،أما العقوبات التأديبية فقد حددتها بأربع عقوبات هي ( إنقاص الراتب ، تنزيل الدرجة ، الفصل ، العزل ) .     وقد أكد هذا القانون على مبدأ وحدة الجزاء التأديبي . إذ قضـت الفقرة ( ب) من المادة السادسة منه بأنه ( لا يجوز فرض أكثر من عقوبة واحدة من أجل ذنب واحد . كما أستقر مجلس الأنضباط العام في أحكامه على أنه لا يجوز فرض أكثر من عقوبة عن فعل واحد ، ولا يجوز فرض عقوبة ثانية عن فعل سبق أن عوقب الموظف بسببه (34) . أما قانون انضباط موظفي الدولة رقم (14) لسنة 1991م فقد أورد هذه العقوبات في الفصل الثالث المادة الثامنة حيث جاء فيها ( العقوبات التي يجوز فرضها على الموظف هي : أولاً : لفت النظر ، ثانياً : قطع الراتب ...  الخ ) دون تقسيمها إلى عقوبات أنظباطية وتأديبية . وقد حدد هذا القانون السلطات الأنضباطيه إذ أوردت المادة (11) منه :

 أولاً : للوزير فرض أي من العقوبات المنصوص عليها في المادة الثامنة من هذا القانون علـى الموظف المخالف لأحكامه .

 ثانياً : لرئيس الدائرة أو الموظف المخول فرض أي من العقوبات التالية على الموظف المخالف لأحكام هذا القانون .

أ ـ لفت النظر ، ب ـ الإنذار ، ج ـ قطع الراتب لمدة لا تتجاوز خمسة أيـام ، د ـ التوبيخ .

ثالثاً : لجان الانضباط ومجلس الأنضباط العام .

رابعاً : الرئاسة أو مجلس الوزراء .                      

الفرع الرابع : حق الإدارة في إنهاء هذا العقد .

إلى جانب النهاية الطبيعية للعقود الإدارية عموماً ، توجد أسباب أخرى تنهي العقد ، ولما كان عقد استئجار خدمات الأشخاص من هذه العقود فإنه ينتهي نهاية طبيعية ، شانه شان سائر العقود الإدارية ، أو أن ينتهي لأسباب أخرى ومنها أما لإرادة طرفي العقد ، وأما لنص القانون على ذلك ، أو أن ينتهي بإرادة الإدارة وحدها وهو ما يسمى ( الإنهاء الإداري ) وأخيراً قد ينتهي هذا العقد بحكم قضائي ، والذي يهمنا في دراستنا هو الإنهاء الإداري أو حق الإدارة في إنهاء العقد المذكور . إن المقصود بالإنهاء الإداري هو قيام الإدارة بوضع نهاية للعلاقة التعاقدية بينها وبين المتعاقد معها قبل انتهاء الفترة المحددة لتنفيذ العقد . وحول الأساس القانوني لسلطة الإدارة في إنهاء العقد الإداري ، فقد اختلف الفقه الفرنسي حول ذلك ، حيث ذهب البعض إلى أن سلطة الإدارة في إنهاء العقد بالإرادة المنفردة ، إنما يقوم على أساس ضرورات الصالح العام ومقتضيات سير المرافق العامة بانتظام واطراد ، ومن ثم فاللإدارة أن تفسخ عقودها إذا اقتضى الصالح العام ذلك ، أو أن الإدارة ترى بان تلك العقود لا تحقق الأهداف المرجوة من ورائها أو أصبحت لا تفي باحتياجات المرفق العام (35) . ويأخذ البعض الأخر بمعيار مزدوج لتحديد أساس سلطة الإدارة يتمثل في تحقيق الصالح العام وتطبيق فكرة السلطة العامة التي تتمتع بها الإدارة (36) .

    أما الفقه المصري فذهب اغلبه إلى أن الإدارة تملك جزاءات تستطيع توقيعها على المتعاقد معها في حالة إهماله أو إخلاله بالتزاماته ومنها إلغاء العقد أو الحق في إنهاء العقد بإرادتها المنفردة إذا اقتضى الصالح العام ذلك وحتى لو لم ينص العقد على ذلك ودون أن يقع خطأ من جانب المتعاقد ، أي أن لها الحق في إنهاء العقد سواء وقع خطأ من المتعاقد أم لم يقع خطأ منه ودون اللجوء إلى القضاء لتقريره (37) . ويقابل سلطه الإدارة في إنهاء العقد دون صدور خطأ من المتعاقد معها ، حقه في التعويض عما لحقه من ضرر نتيجة لهذا التصرف . قد يتضمن العقد النص على حق الإدارة في إنهائه لارتكاب المتعاقد معها مخالفةً معينةً أو بسبب صدور خطأ من المتعاقد ، ومتى تحقق ذلك استعملت الإدارة سلطتها في إنهاء العقد (38) . وقد يعطي القانون للإدارة الحق في إنهاء العقد . إذ تضمنت المادة (75 ) من اللائحة التنفيذية لقانون المناقصات المصري الحالي (( يجوز للجنة الإدارية فسخ العقد أو تنفيذه على حساب المتعاقد إذا أخل بأي شرط من شروطه ...) . وكذلك نصت المادة (77 ) على أنه (( إذا توفى المتعاقد جاز للجهة الإدارية فسخ العقد مع رد التأمين 0000 )) . أما القضاء المصري فأن أحكامه منها ما يقرر أن الأساس القانوني لسلطة إنهاء العقد ، أو حق الإدارة في إنهاء العقد إنما يقوم على فكرة السلطة العامة مثل ذلك حكم المحكمة الإدارية العليا حين قررت ( للإدارة أن تتحلل من تعاقدها وتعمل سلطتها العامة بإنهاء العقد مع تعويض المتعاقد عما أصابه من ضرر ) (39) . ومن أحكامه ما يقرر أن الأساس القانوني لسلطة الإنهاء يقوم على أساس فكرة احتياج المرفق العام وفي حكم لمحكمة القضاء الإداري تقول فيه ( و تتمتع الإدارة بامتيازات تخرج عن مبدأ المساواة بين المتعاقدين ، فمنها حق الإدارة في إنهاء العقد بناءً على سلطتها التقديرية متى قررت إن الصالح العام يقتضي إنهاء العقد في حالة عدم النص على ذلك في صلب العقد حتى ولم يقع خطأ من جانب المتعاقد معها ، فان سلطتها التقديرية في ذلك مناطها عدم الانحراف بالسلطة ، لان السلطة المخولة للإدارة في هذا الصدد تقوم أساساً على فكرة المرفق العام ... ) (40) . ومن الفقه الإداري العراقي ، يرى الدكتور شاب توما منصور : بان للإدارة حق إنهاء العقد سواء أخل المتعاقد بالتزاماته أم لم يرتكب أي خطأ مع الإدارة إثناء تنفيذ العقد ، إذ إن المتفق عليه في الفقه والقضاء الإداريين أن الإدارة لها حق إنهاء العقود الإدارية بإرادتها المنفردة إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك (41) . إن المصلحة العامة تتطلب أن يكون للإدارة حق في إنهاء العقد ، ( وأن حق الإدارة الثابت في فسخ العقد الإداري سواء نص عليه في العقد أو لم ينص عليه ينبع من كونها إحدى الجهات المنفذة لسلطة الدولة وسيادتها ) (42) . كما إن للإدارة الحق في إنهاء العقد من جانبها نتيجة لتغير الظروف التي سوغت التعاقد ، واصبح العقد عديم الفائدة وغير صالح بسبب هذا التغير إذ لم يعد يحقق المصلحة العامة ، فللإدارة أن تصدر قراراً ادارياً بالفسخ مع تعويض المتعاقد إن أصابه ضرر (43) . أما القضاء العراقي فقد ذهب في قرار لمحكمة التمييز الى إقرار حق الإدارة في إنهاء العقد المبرم بينها وبين المتعاقد معها ، حيث جاء في القرار ( لدى التدقيق والمداولة وجد ان الحكم المميز صحيح وموافق للقانون ذلك ان المدعي كان قد تعاقد مع المدعى عليه إضافة لوظيفته ( عميد الكلية ) على تدريس إحدى المواد المنهجية المقررة في كلية (م ) وخلال مباشرته بعمله قدمت شكاوى ضده من قبل الطلبة واللجنة الاتحادية للطلبة حول طريقة تدريسه الخاطئة وقد رفع رئيس دائرة الشؤون الإدارية والمالية مذكرة إلى عميد الكلية التي أحالها بدوره إلى رئيس قسم بحوث العمليات ، حيث رفع مذكرة يطلب فيها اتخاذ القرار المناسب بالنظر لأهمية الموضوع ، وقد اجتمع مجلس الكلية واتخذ قراراً بإنهاء عقد المدعي بسبب عدم التزامه بالمنهاج الدراسي والكتاب المنهجي المقرر . واكثر الشكاوى الواردة هذه من الطلاب وانه بناءً على اعتراض المدعي على هذا القرار لدى رئاسة مجلس الأمناء فقد أيد المجلس القرار المذكور عملاً بأحكام المادة الثامنة من العقد المبرم بين الطرفين التي تنص على انه ( يحق للطرف الأول إنهاء هذا العقد من جانبه في إحدى الحالات : ـ

أ ـ إذا لم يثبت الطرف الثاني كفاءه ومقدرة عند أداء العمل المناط به وفي هذه الحالة لا يستحق الطرف الثاني اية تعويضات أو مستحقات مما تصبح معه الاعتراضات التمييزية لا أساس لها من القانون فقرر ردها وتصديـق الحكم المميز ) (44) .

وقد كان الحكم المميز ينص على ( إذا كان العقد المبرم بين الطرفين يعطي الحق لعميد الكلية في إنهاء العقد من جانبه إذا لم يثبت الطرف الثاني كفاءه ومقدره علمية في أداء العمل المناط به ، وعدم استحقاقه التعويض فيتعين القضاء برد دعوى التعويض ) .

______________

[1] - د : عزيزة الشريف ـ دراسات في نظرية العقد الإداري ـ دار النهضة العربية ، ص 128 ؛ د : سليمان الطماوي ـ الأسس العامة في العقود الإدارية ، القاهرة طبعة 1984 ، ص 408 ؛ د : فاروق احمد خماس ، محمد عبد الله الدليمي ـ الوجيز في النظرية العامة للعقود الإدارية ـ جامعة الموصل ، 1992 ، ص 113 .

2- حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في 2 مارس سنة 1968 ، السنة 13 ، ص 625 .

3- د : أحمد عثمان عياد ـ مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية ـ القاهرة ، 1973م ، ص 285 . 

4- د : محمد كامل ليلة ـ نظرية التنفيذ المباشر ـ القاهرة ، سنة 1962 ، ص 20 .

5- د : حسين درويش ـ السلطات المخولة لجهة الإدارة في العقد الإداري ، مكتبة الانجلو المصرية ـ 1961 ، ص 34 . 

6- د : محمود حلمي ـ العقد الإداري ـ ط 2 ـ 1977 ، ص 67 .

7- د : حسين درويش ـ السلطات المخولة لجهة الإدارة في العقد الإداري ـ مرجع سابق ، ص 43 . 

8- د : عزيزة الشريف ـ دراسات في نظرية العقد الإداري ـ دار النهضة العربية ، ص 139 ـ 140 .

9- د : سليمان الطماوي ـ الاسس العامة للعقود الإدارية ـ القاهرة ـ 1984  ، ص 413 ، هامش رقم (1) .

10-G – JEZE, les prineipes  generaux de  droit  aministratif  ,  paris  , 1934 , p 331 .

11- د : فاروق أحمد خماس ـ محمد عبد الله الدليمي ـ الوجيز في النظرية العامة للعقود الإدارية ـ الموصل ـ 1992 ، ص 114 ـ 115 .

12- د : حسين درويش ـ السلطات المخولة لجهة الإدارة في العقد الإداري ـ مرجع سابق ، ص 48 ـ 49.

13- Jeze : Le  regime juridigued du Contrat  a dministratif , R – D – P – 1945 , P 256  et  257 .   

د : الطماوي ـ الاسس العامة في العقود الإدارية ـ 1984 ، مرجع سـابق ، ص 416 . د : عزيزة الشريف ـ دراسات في نظرية العقد الإداري ، مرجع سابق ، ص 142 .

14- د : احمد عثمان عياد ـ مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية ، مرجع سابق ، ص 195 . الأستاذ : خالد مرصوص الحمداني ـ سلطة الادارة في تعديل عقودها الإدارية بإرادتها المنفردة ـ رسالة ماجستير ، بغداد ، 1987 ، ص 66 .

15- د : عزيزة الشريف ـ دراسات في نظرية العقد الإداري ـ مرجع سابق ، ص 142 ـ 143 .  

16- Saroit Badaoui , Droit de I administration de modifier ses  contrats   1962   p – 59 .  

17- د : علي الفحام ـ سلطة الإدارة في تعديل العقد الإداري ـ القاهرة ـ 1976، ص 117 .

18- د : سليمان الطماوي ـ الأسس العامة للعقود الإدارية ـ ط 1965 ، مرجع سابق ، ص 450 .

19- د : حسين درويش عبد العال ـ النظرية العامة في العقود الإدارية ـ الجزء الثاني ط1 ، 1958 ، ص 86 ؛ والدكتور طعيمة الجرف ـ القانون الإداري ، مكتبة القاهرة الحديثة ، 1973 ، ص 535 ـ537.

20- الأستاذ حسين درويش ـ السلطات المخولة لجهة الإدارة في العقد الإداري ـ مكتبة الأنجلو المصرية ، 1961م ، ص 49 ـ50 ؛ والأستاذ خالد مرصوص الحمداني ـ سلطة الإدارة في تعديل عقودها الإدارية بإرادتها المنفردة ـ رسالة ماجستير ، بغداد ، 1987م  ص 73 .

21- د : عزيزة الشريف ـ دراسات في نظرية العقد الإداري ـ مرجع سابق ، ص 147 .

22- د : احمد عثمان عياد ـ مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية ـ مرجع سـابق ، ص 200 .

23- الأستاذ خالد مرصوص الحمداني ـ سلطة الإدارة في تعديل عقودها الإدارية بإرادتها المنفردة ـ مرجع سابق ، ص 91 ـ 92 .

24- د : فاروق احمد خماس ، الأستاذ محمد عبد الله الدليمي ـ الوجيز في النظرية العامة للعقود الادارية ـ    مرجع سابق ، ص 123 .

25- د : فاروق احمد خماس ، الأستاذ محمد عبد الله الدليمي ، المرجع نفسه ، ص 124 . د : شاب توما منصور ـ القانون الإداري ـ بغداد ، 1971م ، ص 414 ؛ الأستاذ خالد مرصوص الحمداني ـ سلطة الإدارة في تعديل عقودها الإدارية ـ مرجــع سابق ، ص 98 .

 

26- الأستاذ خالد مرصوص الحمداني ـ سلطة الإدارة في تعديل عقودها الإدارية ـ المرجع نفسه ، ص 105 ؛ د : فاروق احمد خماس ، الأستاذ محمد عبد الله الدليمي ـ الوجيز في النظرية العامة للعقود الإدارية ـ مرجع سابق ، ص 125 ، هامش (30) .

27- د : عزيزة الشريف ـ دراسات في نظرية العقد الإداري ، مرجع سابق ، ص 150 .

28- د : حسين درويش ـ السلطات المخولة لجهة الإدارة في العقد الإداري، مرجع سابق ، ص 85 ـ 86.

29- د : حسين درويش ، المرجع نفسه ، ص 87 . 

30- د : احمد سلامة بدر ـ العقود الإدارية وعقد البوت ـ مرجع ســــــــابق ، ص 176 ـ 177 .

31- د : احمد سلامة بدر ـ العقود الإدارية ـ مرجع سابق ، ص 179 وما بعدهـــــا ؛ د : سليمان الطماوي ـ الأسس العامة في العقود الإدارية ، مرجع ســابق ، ص 450 ؛ د : حسين درويش ـ السلطات المخولات للإدارة في العقد الإداري ، مرجع سابق ، ص 101 ؛ د : محمود حلمي ـ العقد الإداري ـ مرجع سابق ، ص 82 وما بعدها .

32- د : محمود خلف الجبوري ـ العقود الإدارية ، بغداد ، 1989 ، ص 113 ـ 114 .

33- انظر في ذلك : د : محمد جودت الملط ـ المسؤولية التأديبية للموظف العام ، رسالة دكتوراه ، القاهرة ، بلا ، ص 303  د : عبد الوهاب البنداري ـ المرجع في القانون التأديبي مقارناً بالقانون الجنائي ـ القاهرة ، 1970 ـ 1971 ، ص 45 وما بعدها .

     ومن الفقه العراقي : د : شاب توما منصور ـ القانون الإداري ـ مرجع سابق ، ص 367 ؛ د : عبد القادر عبد الحافظ الشيخلي ـ مشكلة الجزاء المقنع في تأديب الموظف العام ، مجلة العدالة ، العدد الثالث ، السنة الخامسة ، 1979 ، ص 873 .  

34- أنظر القرار 38/ 1973 في 27/ 3/ 1973 مجلة العدالة ، العدد الثالث السنة الأولى 1975 ص 804 .

د : عبد القادر عبد الحافظ الشيخلي : مشكلة ازدواج الجزاء التأديبي مجلة العدالة ، العدد الرابع ، السنة الخامسة / 1979 ص 1094 . 

35- Pequignot  (G) : Des contrats Administratif , op – cit  . P. 510.

36 -  Laubad ere, Traite des contrats  administratif  op,cit .p140 .  

37- د : حسين درويش ـ السلطات المخولة لجهة الإدارة في العقد الإداري ـ مرجع سابق ، ص 181 ؛ د : ماجد راغب الحلو ـ القانون الإداري ـ الاسكندرية ـ 1983 ، ص 545 ؛ د : السيد محمد مدني ـ القانون الإداري الليبي ـ القاهرة ـ 1964 ـ 1965 ، ص 452 ؛ د : عبد المجيد فياض ـ نظرية الجزاءات في العقد الإداري ـ دراسة مقارنة ـ دار الفكر العربي ، ط1 ، 1975 ، ص 273 .

38- د : أحمد سلامة بدر ـ العقود الإدارية وعقود البوت ـ القاهرة ، 2003م ، ص 339 ـ 340 .

39- حكمها الصادر في 20 نيسان سنة 1957 ، مجموعة المبادئ السنة الثانية ، ص 937 .

40 - حكم محكمة القضاء الإداري المصرية الصادر في 25/6/1961 ، مجموعة المبادئ الصادرة عن المكتب الفني في 15 عاماً من سنة 1946 ـ 1961 ، ص 1964 .

41- د : شاب توما منصور ـ القانون الإداري ـ مرجع سابق ، ص 418 .

42 - د : محمود خلف الجبوري ـ العقود الإدارية ـ مرجع سابق ، ص 234 .

43- الأستاذ عبد الرحمن العلام ـ موقف القضاء المدني ازاء العقود الادارية ـ بغداد ـ 1962  ، ص 24 .

44 - قرار محكمة التمييز برقم 521 / مدنية أولى / 90 بتاريخ 20/3/1991 ـ الأستاذ إبراهيم المشاهدي ـ المختار من قضاء محكمة التمييز ، الجزء الثالث ، بغداد ، 2000 ، ص 34ـ 35 .

 

 

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






قسم الشؤون الفكرية يقيم برنامج (صنّاع المحتوى الهادف) لوفدٍ من محافظة ذي قار
الهيأة العليا لإحياء التراث تنظّم ورشة عن تحقيق المخطوطات الناقصة
قسم شؤون المعارف يقيم ندوة علمية حول دور الجنوب في حركة الجهاد ضد الإنكليز
وفد جامعة الكفيل يزور دار المسنين في النجف الأشرف