أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-08-2015
483
التاريخ: 9-08-2015
491
التاريخ: 10-08-2015
756
التاريخ: 9-08-2015
632
|
وفيه مسائل:
أ- تعريفه:
وهو «ما يكون المكلّف معه أقرب إلى فعل الطاعة وترك المعصية، ولا يبلغ الإلجاء، وليس له حظّ في التمكين». ويخرج بالأخير الآلة.
وهو واجب في الحكمة، وإلّا لزم مناقضة الحكيم غرضه، وهو باطل وإلّا لم يكن حكيماً، لأنّ العقلاء يعدّون نقض الغرض سفهاً، وهو عليه تعالى محال.
وأمّا بيان اللزوم فلأنّه تعالى أراد الطاعة من العبد، فإذا علم أنّه لا يختارها أو لا يكون أقرب إليها إلّا عند فعل يفعله به، ولا مشقّة عليه فيه ولا غضاضة، فإنّ الحكمة تقتضي وجوبه، وإلّا لكشف عن عدم إرادته، كمن أراد حضور شخص مائدته، وعلم أنّه لا يحضر إلّا بمراسلة أو ملاطفة، ولم يفعلهما، فإنّه يُعدّ ناقضاً لغرضه.
ب- في أقسامه: وهي ثلاثة:
1- يكون من فعله تعالى كإرسال الرسل، ونصب الأدلّة، وقد تقدّم بيان وجوبه.
2- من فعل المكلّف نفسه، ويجب في حكمته تعالى أنْ يعرفه به ويوجبه، فإنْ قصّر المكلف، فمن قبل نفسه، كمتابعة الرسل.
3- من فعل غيرهما، ويجب في الحكمة إيجابه على الغير، كتبليغ الرسالة، وأنْ تكون له في مقابلته نفع يعود إليه، لأنّ إيجابه عليه لمصلحة غيره مع عدم نفع يصل إليه ظلم، تعالى اللَّه عنه.
ثم إنّه لا يحسن تكليف من له اللطف، إلّا بعد العلم بأنّه نفع، إذْ لولاه للزم مناقضة الغرض.
ج- في أحكامه: وهي خمسة:
1- أنّه عام للمؤمن والكافر، ولا يلزم من حصوله للكافر عدم كفره، لأنّ اللطف لطف في نفسه، سواءً حصل الملطوف فيه أو لا، بل كونه لطفاً من حيث أنّه مقرّب إلى الطاعة مرجّح لوجوده، وعدم الترجيح هنا لعارض أقوى، وهو سوء اختيار العاصي.
2- أنّه إذا لم يفعل اللَّه اللطف، لم يحسن عقابه للمكلّف على ترك الملطوف فيه، لأنّه بذلك كالأمر بالمعصية، كما قال تعالى: «ولو أنّا أهلكناهم بعذابٍ من قبله لقالوا ربّنا لولا ارسلت إلينا رسولًا» قرّر أنّه لو منعهم الإرسال لكان لهم هذا السؤال، ولا يكون لهم ذلك إلّا مع قبح الإهلاك.
نعم لا يقبح الذم لأنّه مُسْتَحقّ على القبيح غير مختصٍّ به تعالى، بخلاف العقاب المختص، ولهذا لو بعث الانسان غيره على فعل القبيح ففعل، كان له ذمّه، كما يذمّ إبليس أهل النار، وإن كان هو المسؤول.
3- أنّه لا بدّ من مناسبة بين اللطف والملطوف فيه، أي: يكون حصوله داعياً إلى حصول الملطوف فيه، وإلّا لم يكن كونه لطفاً فيه أوْلى من كونه لطفاً لغيره من الأفعال، أو من كون غيره لطفاً، فيلزم الترجيح بلا مرجّح.
4- أنّه لا يبلغ إلى الإلجاء لمنافاته التكليف.
5- أنّه يدخله التخيير، أيْ: لا يجب أن يكون معيّناً بل يجوز أنْ يكون كلّ واحد من الفعلين مشتملًا على مصلحةٍ لطفيّة فيقوم مقام صاحبه، أمّا في حقّنا:
فكخصال الكفّارة الثلاث، وأمّا في حقّه تعالى: فكما يجوز أن ينصب لنا دليلًا تحصل به اللُطفيّة، ويحصل أيضاً لنا بدليلٍ آخر، وذلك بشرط حُسن كلٍّ من الفعلين وعدم اشتماله على وجه من وجوه القبح.
وخالف في هذا بعض المعتزلة، وقال: يجوز أنْ يكون القبيح كالظلم مِنّا لطفاً قائماً مقام أغراض اللَّه تعالى، مستدلّاً بأنّ وجه كون الألم من فعله تعالى لطفاً هو حصول المشقّة وتذكّر العقاب، وهو حاصل في الظلم، فكان جائزاً.
وفيه نظر: لأنّ كونه لطفاً جهة وجوب، والقبيح لا جهة وجوب له، بل اللطف بما هو في علم الملطوف، لا في نفس الظلم، كما أنّ العلم بحسن ذبح البهيمة لطف لنا، وإنْ لم يكن الذبح نفسه لطفاً.
د- في توابعه: وهي أقسام:
1- الامر بالمعروف الواجب واجبٌ عقلًا، وكذا النهي عن المنكر، للطفيّته، لأنّ المكلّف إذا علم أنّه إذا ترك الواجب أو فعل المعصية منع أو عوقب، كان ذلك مقرّباً إلى فعل الأوّل وترك الثاني، وكل لطف واجب. وجهة الوجوب عامّة فيكون واجباً على الأعيان.
وخالف السيد قدس سره(1) في المقامين، وقال: وجوبهما سمعيّ، وإلّا لوجَبا عليه تعالى، لأنّ الواجب العقليّ يعمّ، لكنّ اللازم باطل، وإلّا لوقع كلّ معروف وارتفع كلّ منكر إنْ فعلهما، وإنْ لم يفعل أخلّ بالواجب وهو محال.
وفيه نظر: لأنّه إذا كان المراد بالأمر والنهي الحمل والمنع المؤدّيين إلى الإلجاء فباطل، لمنافاته التكليف، وإلّا فلا يلزم الوقوع والإرتفاع المذكوران، لأنّ ذلك حينئذٍ يفيد التقريب.
وعلى الكفاية: لأنّ الغرض وقوع المعروف وارتفاع المنكر، فوجوبهما بعد حصوله من واحدٍ عبث.
وفيه نظر أيضاً: لأنّا نمنع حصر الغرض فيما ذكرتم، لجواز وجود غرض آخر مع ذلك، وهو حصول الثواب بالقصد إليه.
سلّمنا، لكن ليس الكلام فيهما بعد الوقوع، لأنّ الشرط كونهما مّما يتوقّعان، لاستحالة الأمر بالماضي والنهي، بل الكلام قبل الوقوع، وحينئذٍ لا عبث.
والوجوب هنا ليس مطلقاً، بل مشروط بعلم الآمر والناهي بالوجه، وإلّا لجاز الخلاف فيقع المنكر ويرتفع المعروف، وتجويز التأثير وإلّا لزم العبث، وعدم حصول مفسدة بذلك لغير مستحقٍّ لها وإلّا لحصل ما هو أعظم من المقصود رفعه. ثم الضابط في كيفيّة ذلك عدم الإنتقال إلى الأصعب، مع إنجاع الأسهل، سواءً كان بالقلب أو اللسان أو الجوارح. والأمر بالندب ندب.
2- الرِزق: وهو «ما ساغ- عقلًا وشرعاً- الانتفاع به، ولم يكن لأحدٍ المنع منه» ولا يشترط الملكيّة، لأنّ البهيمة مرزوقة وليست مالكة، ولا كونه مّما يصحّ تملّكه عرفاً، فإنّه قد يكون مالًا، وقد يكون جاهاً، وولداً، وعلماً، وحياةً وزوجةً، وصاحباً، مع عدم وصف أكثرها بالملكيّة، بل تكفي الإباحة، لكن مع الإنتفاع بالفعل، ولهذا قلنا: «ولم يكن لأحدٍ المنع منه» ليخرج طعام الضيافة قبل استهلاكه بالمضغ، فإنّه ليس برزق، لأنّ لصاحبه المنع من أكله.
وفي اشتراط السوغان إشارة إلى أنّ الحرام ليس رزقاً، وإلى أنّ الإنسان قد يأكل رزق غيره (وقال الأشعري الرزق ما أُكل فعلى قوله الحرام رزق ولا يأكل الإنسان رزق غيره)(2) وهو باطل.
ثم الرزق قد لا يجب عليه تعالى فعله إلّا مع الجدّ في طلبه، لاشتماله على اللطفيّة، فالاجتهاد في تحصيل المنافع الاخرويّة لخاطر أنّ المنافع الدنيويّة مع حقارتها لا تحصل إلّا بالكسب، فالأخرويّة مع جلالتها أوْلى.
وقد يمتنع منه تعالى، كما إذا اشتمل على مفسدة.
وطلبه ينقسم إلى الأحكام الخمسة بحسب ما يشتمل عليه من جهاتها، ومَنْعُ الصوفيّة من ذلك- لاختلاط الحرام بضدّه، ولا يتميّز، فيحرم التصرّف فيه والصدقة منه، ولمساعدة الظالم في إعطاء الباج(3) والتمغأ(4) ، ولقوله عليه السلام: «لو توكّلتم على اللَّه تعالى حقّ توكّله لرزقكم رزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطاناً»(5) - باطل، لأنّا نمنع اختلاط كلّ حلال، والبعض لا حرج فيه مع عدم العلم، والإعطاء ليس مقصوداً ولا مراداً، والتوكّل لا ينافي الطلب، والمكتسب حال طلبه متوكّل لإردافه بالغدوّ، مع أنّه لا نهي في الحديث عن الطلب، بل يفهم منه أنّكم لو عبدتم اللَّه لرزقكم كما يرزق الطير بتهيئة الأسباب، وإردافه بالغدوّ الذي هو الطلب.
ثم الذي يدلّ على قولنا: اندفاع الضرر به فيكون سائغاً، وقوله تعالى:
{وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] وقوله صلى الله عليه و آله : «سافروا تغنموا»(6).
3- السِعر: وهو «تقدير البدل فيما يباع به الشيء» وليس نفس البدل، لأنّه الثمن أو المثمن.
وهو: رخصٌ- أعني الحطّ عمّا جرت به العادة مع اتّحاد الوقت والمكان- وغلاءٌ، وهو ضدّه، واعتبر الاتّحاد في الطرفين، إذْ لا يقال: «الثلج رخيص» في الشتاء حين نزوله، و «غالٍ» في الصيف حال عدمه، بل يقال: «رخص» في الصيف لانحطاطه عن جاري عادته، وكذا الكلام في المكان.
ثم إنّهما إنْ اشتملا على وجه قبح فمنّا، وإلّا فمنه تعالى ومنّا، وما منه تعالى قد يشتمل على اللُّطْفيّة، وقد يكون ابتلاءً.
4- الأجل: وهو: «الوقت الذي علم اللَّه تعالى بطلان الحياة فيه» وقد يكون لطفاً لغير صاحبه.
ولا خلاف في أنّ من يموت حتف أنفه إنّه بأجله مات، وإنّما اختلف في من يموت بسببٍ خارجيّ، فقال أبو الهذيل(7): إنّه كالأوّل، وإ نّه لولا السبب لوجب موته، وإلّا لكان القاتل قاطعاً لحياته المعلوم له تعالى حصولها، وهو باطل، إذ لا قدرة على المحال ، ولزم انقلاب علمه تعالى جهلًا (إذ مع وجوب حياته) لأنّه قد علم أنّه يعيش، وبالقتل فاتت حياته، فيلزم الانقلاب.
وقال البغداديّون(8) من المعتزلة: إنّه لم يمت بأجله، فإنّه لو لم يقتل لوجب أنْ يعيش، وإلّا لكان من ذبح غنم غيره محسناً إلى صاحبها، واللازم باطل، لاستحقاقه الذمّ من العقلاء، وغرامة قيمتها شرعاً. وفيهما نظر:
أمّا الأوّل، فلأنّ المعلوم قد يكون مشروطاً، ولأنّ العلم تابع، فلا يكون خلاف المعلوم محالًا في نفسه، وإنْ كان محالًا بالنظر إلى العلم، وتحقيقه: أنّ العلم يستدعي المطابقة، ففرض وقوع العلم بأحد الطرفين، هو فرض وقوع ذلك الطرف، ولا شكّ أنّه يستحيل وقوع أحد الطرفين مع فرض وقوع نقيضه، لكن هذه الإستحالة ليست منافيةً للإمكان الذاتي لأنّها تابعة للفرض المذكور، وهي التي سمّاها المنطقيون: «الضروريّة بحسب المحمول».
وأمّا الثاني: فلأنّ ذمّه باعتبار تفويته العوض الكثير عليه تعالى، وفي هذا نظر، فإنّ العقلاء إنّما يذمّونه على الذبح، ولذلك يعلّلونه به. والأجود جواباً: أنّ الذمّ باعتبار تجويز الحياة، وبالإقدام على مال غيره، ولذلك يغرم القيمة.
وقال البصريّون: إنّه يجوز الأمران، لعدم دليل قاطع على أحد الطرفين، ثم من هؤلاء من قال: الذي يعلم منه البقاء لو لم يقتل فله أجلان. وقال الجبائيان وأبو الحسين: إنّ أجله هو الذي قتل فيه، فليس له أجل آخر لو لم يقتل، فما كان يجوز أنْ يعيش إليه، ليس بأجل له الآن حقيقي، بل تقديري.
_____________
(1) هو السيد المرتضى علي بن الحسين الموسوي المتوفى سنة( 436 ه)، كما أشار إلى ذلك المصنف في كتابه ارشاد الطالبين: 383 وانظر الذخيرة: 553- 554.
(2) ما بين القوسين أثبتناه من المطبوع.
(3) الباج: الضريبة التي يأخذها قطاع الطرق من التجار لتأمين التجارة.( المعجم الذهبي).
(4) تمغا بالفتح والغين المعجمة لفظ تركي، يأتي بمعنى الضرائب والرسول( المعجم الفارسي الكبير 1: 753) فإنه لمّا استولى كفار المغول على البلاد الإسلامية ولا سيّما على العراق كان من دأبهم استعمال بعض الألفاظ من لغاتهم في بعض شؤون دولتهم الغاشمة الكافرة كال( يأسا) وال( تمغأ) ونظائرهما ولمّا كان استعمال هذا اللفظ متداولًا في عصر المصنّف رحمه الله في ألسنة أهل زمانه وشائعاً في محاوراتهم لقرب عهدهم بهم ولذلك استعمله في كتابه مع علمه بأنّه ليس من اللغة العربيّة كما استعمله في كتابه« كنز العرفان» أيضاً، انظر ج 2: 10. حيث قال في تفسير آية:( 15) من سورة الملك: وفي الآية دلالة على جواز طلب الرزق خلافاً للصوفية حيث منعوا من ذلك لاشتماله على مساعدة الظلمة بإعطاء( التمغأ).( اقتبسناه من هامش المطبوع: 157).
(5) بحار الأنوار 71: 151 مع اختلاف يسير.
(6) بحار الأنوار 76: 221.
(7) شرح المقاصد 4: 314.
(8) شرح المقاصد 4: 314، والبغداديون هم جماعة، منهم أبو سهل بشر بن المعمر وأبو موسى عيسى بن صبيح وأبو عبداللَّه جعفر بن مبشر وأبو جعفر الإسكافي. التعليقات على كشف المراد( المطبوع ضمن كشف المراد): 613، للعلامة حسن زاده الآملي.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|