أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-02-2015
1597
التاريخ: 22-04-2015
1444
التاريخ: 5-10-2014
1596
التاريخ: 5-10-2014
1848
|
يعني هذا النوع من الحكومة : « حكومة الشعب على الشعب » ، وهو في ظاهره يختلف عن الأنواع السابقة بأنّه يستند إلى إرادة الشعب ، ورأيه ، ويتحقّق بأن يكون الحاكم أو الرئيس منتخباً من جانبهم ، أو يكون موضع قبولهم على الأقلّ.
وهذا النمط ، وهو الذي تدّعيه أكثر الحكومات الحاضرة وخاصّةً في الغرب بل ، ويتبجّح به العالم الغربيّ ويفتخر به ويدّعي أنه السبيل الوحيد لضمان الحريات التي يتطلبها الإنسان ، طيلة حياته ، ويشتريها بأغلى ثمن ولكنّه ادعاء خال عن الحقيقة ، مجرد عن الواقع.
فإنّ الديمقراطيّة الدارجة في الغرب ديمقراطيّة ظاهريّة ، وحريّة صوريّة غير حقيقّية ، فالناخبون هناك ينتخبون نوّابهم وحكاّمهم مجبورين ومضطّرين في الواقع وإن كانوا مختارين في الظاهر.
فهم ينتخبون تحت تأثير الوسائل الإعلاميّة الفعّالة ، والمؤثرات الخفيّة والجليّة التي تدفع بالناخب الغربيّ إلى أن ينتخب ـ بصورة لا إرادية ـ ما تروّج له أجهزة الإعلام ، أو تسوّله دعايات اصحاب الشركات والمعامل الكبرى ، أو تدعو له الراقصات والمغنّيات والمغنون.
إنّ المرء يتصوّر ـ في بادئ الأمر ـ ، أنّ الغرب يمارس ديمقراطيّةً حقيقيّةً ، غير أنّ من يطالع الأوضاع وخلفياتها الخفيّة ، يرى صورةً عن الديمقراطيّة لا روح فيها ، وشكلاً من حرية الانتخاب لا واقع لها ، فالإنسان في تلك الديار مسيّر بفعل العوامل الدعائية التي تملكها شرذمة من أصحاب الثروة والنفوذ والمصالح ، فالإنسان الغربي يمارس ديمقراطيّةً كاذبةً ، لأنّه لا يختار إلاّ ـ تحت التأثير الإعلاميّ ـ من تريده تلك الشرذمة من أصحاب المصالح والنفوذ لا ما يريده هو في قرارة وجدانه ، أو يحكم به عقله ، وتقتضيه مصالحه.
وهل يستطيع أحد أن ينكر تأثير الأجهزة الإعلاميّة والدعائية في بذر فكرة خاصّة وإلقائها في أذهان الناس ، وتوجيههم الوجهة التي تريد ، ودفعهم إلى اختيار من تشاء ؟.
أم هل يمكن إنكار الدور المؤثر لوسائل الطّرب ، وللفنّ ، والحفلات الغنائيّة والموسيقيّة ؟ فكيف لا يؤثر في الأذهان ، جعل صورة المرشّح للرئاسة أو للنيابة على صدور الفتيات الشبه عاريات والراقصات أمام الجماهير ، أو ترديد اسم المرشّح في أناشيد المطربين والمطربات وفي أغاني المغنّين والمغنّيات ؟.
أم هل يمكن أن ينسى تأثير الوعود البرّاقة الكاذبة ، أو شراء الأصوات بالأموال الطائلة أو التحالفات العشائريّة ، وغير ذلك من الوسائل المتّبعة في الغرب وفي النظم الديمقراطية السائدة في عالمنا الحاضر ؟.
وليس من شكّ في أنّ انتخاب الإنسان المسيّر في اختياره ، المدفوع تلقائياً إلى انتخاب مرشّح شرذمة معينة ، لا قيمة له في ميزان العدل والحق ، ولا يمكن أن يسمى انتخاباً حرّاً واختياراً صحيحاً ، ولا يكون مثل هذا في الغرب إلاّ لأنّهم لا يشترطون في الانتخاب شرطاً من الاُمور المعنويّة عدا كونه منتخباً لأكثريّة الشعب فحسب. ولكن الإسلام يشترط في الناخب والمنتخب شروطاً كثيرةً عدا كونه مقبولاً للشعب ومرضيّاً عندهم ، ولا يأذن لأحد أن يتجاوز هذه الشروط أو يتغافلها ، بلغ الأمر ما بلغ.
إنّ النمط الديمقراطيّ للحكم ـ على ما يراه الغرب ومن تبعهم في الشرق ـ لا يهتمُّ إلاّ بكثرة الأصوات والتفوق في عدد الآراء لا غير.!!
يكتب ( فرانك كنت ) الكاتب السياسيّ في هذا الصدد قائلاً : ( انّ مسألة « ضرورة تحصيل أغلبيّة الأصوات » موضوع مهم جداً ، وفي سبيل تحصيلها لا يمكن أن يسمح أبداً بأن تتدخّل فيها مواضيع تافهة مثل قضية الأخلاق ، ومراعاة الحقّ ، والباطل ).
ويكتب هذا الكاتب نفسه أيضاً : ( إنّ أهمّ نقد وجّهه النائب « آشورست » إلى أحد زملائه الذي كان يخوض حملةً انتخابيةً في انتخابات ( 1920 م ) هو : أنّك لاتريد أن تتحايل على الناس ، يعني أنّك لا تريد في سبيل الوصول إلى المركز النيابيّ أن تسحق وجدانك ، إنّك يجب أن تتعلّم بأنّ على الرجل السياسيّ ـ في بعض الموارد ـ أن يتجاهل ضميره ، ويتناسى وجدانه ) (1)
ثمّ إنّ هذا النوع من نظام الحكم وإن لم يكن من مصاديق الاستعلاء المذموم في القرآن الكريم ، غير أنّ مجرد كونه شعبياً لا يكفي في شرعيّته وصحته ، بل لابدّ أن يكون ناشئاً من حاكميّة الله سبحانه ، إمّا بالنصّ ، أو موضع تأييده برعاية الضوابط والسنن التي نصّ عليها في الشريعة الإسلاميّة في مجال الحكم والحاكم. وبذلك تختلف صيغة الحكومة الإسلاميّة ـ التي سيأتي ذكرها ـ عن سائر الصيغ والأنماط الرائجة لنظام الحكم ، وإن كانت بعض هذه الصيغ موضع قبول الشعوب ورضاها.
إنّ الحاكميّة ـ حسب منطق العقل والدين ـ مخصوصة بالله سبحانه ومحض حقّ له دون سواه ، ولذلك ، لابدّ أن تكون حاكميّة غيره ناشئةً منه ، أو موضع تأييده سبحانه.
وبعد استجلاء هذه الحقيقة ، ينطرح هذا السؤال : ما هي إذن صيغة الحكومة الإسلاميّة ؟.
_______________________
(1) اقتبس من مقال لجون اف كندي الرئيس الأسبق للولايات المتّحدة.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|