أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-5-2017
207
التاريخ: 9-1-2017
271
التاريخ: 17-11-2016
211
التاريخ: 17-11-2016
185
|
بعد وفاة يزيد بويع لابنه معاوية بالخلافة في الشام وكذلك لعبدالله بن الزبير بالحجاز والعراق واليمن ومصر وأكثر الشام(1) ، ولم تكن هناك بوادر للحرب الأهلية بين القبائل القيسية والكلبية في الشام بسبب قصر فترة خلافة معاوية ، فقد قيل في حكمه انه حكم عشرين يوماً(2) ، وقيل أربعين يوماً(3) وقيل مئة يوم(4) ، لكن على ما يبدو انه حكم أربعين يوماً لإجماع اغلب المؤرخين عليه .
توفي معاوية بن يزيد(5) من دون أن يرشح أو يعين له ولياً للعهد أو الخلافة وقد أشار الخليفة إلى سبب ذلك في خطبته عندما قال "... ، وان جدي معاوية نازع الأمر من كان أولى به فركب ردعه واستحسن خطاءه ولا أحب أن ألقى الله بتبعاتكم فشأنكم وأمركم ولوه من شئتم "(6) .
والذي يمكن أن نستكشفه من هذا النص هو ميل معاوية إلى أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنكاره الشديد على جده وأبيه(7) ، هذا فضلاً عن إن الحكم لم يكن لبني أمية وإنما الخلافة للإمام علي وأولاده ، وهذا رد اعتبار من البيت الأموي بحق أهل بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله) (8) ، إضافة إلى انه لم يعترف بأهله وأخوته في إدارة الخلافة(9) لذلك نجده يترك أمور السياسة وينشغل بأمور الدين حتى وصف بأنه رجل دين(10) ولقب الراجع إلى الله(11) ، وكان من نتيجة هذه الخطبة قتل عمر المقصوص مؤدب معاوية بن يزيد(12) .
بعد وفاة معاوية بن يزيد تضعضعت الأوضاع السياسية في الشام نتيجة اختلاف الأهواء فيها ، ليس بين الأمويين أنفسهم فقط وإنما بين القبائل العربية في من يكون خليفة للمسلمين فهنالك الفرقة الزبيرية والفرقة البحدلية هواهم لبني أمية والباقون لا يبالون لمن كان الأمر من بني أمية(13) .
استغل عبدالله بن الزبير هذا الوضع بعد أن عرف بعدم وجود منافس له فكتب إلى الضحاك بن قيس الفهري وكان صاغياً إليه وقد كاتبه فبعث إليه بعهده كتاباً من قبله يدعوه إلى طاعته(14) ، وبعث إلى النعمان بن بشير الأنصاري بعهده على حمص وكان النعمان مائلاً إليه ، وولي ناتل بن قيس الجذامي* في فلسطين بعد أن طرح عليه فكرة أن يكفيه قومه من فلسطين وكان ناتل عند عبدالله بن الزبير في الحجاز فقال له عبدالله : " ألا تكفيني قومك فخرج ناتل حتى أتى فلسطين "(15) .
يبدو إن عبدالله قد كاتب واخذ بيعة أمراء الأجناد في الشام في الوقت الذي لم يكن عندهم خليفة أو من ينوب عنه ولم تكن في أعناقهم بيعة للأمويين ولعل هذا السبب هو الذي جعل الضحاك لا يظهر بيعته أمام الأمويين أو أمام بني كلب في دمشق في الوقت الذي كان دور حسان بن مالك الكلبي يظهر إلى الساحة السياسية بالدعوة لابن أخته خالد بن يزيد بن معاوية(16) .
في الجهة المقابلة له وقف الحصين بن نمير السكوني الذي اخبر مروان بن الحكم بعد رجوعهما من مكة إلى الشام بأنه عرض البيعة على عبدالله بن الزبير فرفض ذلك، لذا فقد حذر الحصين مروان من احتمال مجيء ابن الزبير إلى الشام وخوفه منه ، ويبدو لنا ذلك من خلال نصيحته عندما قال له : "نراكم في اختلاط شديد فأقيموا أمركم قبل أن يدخل عليكم شامكم ، فتكون فتنة عمياء صماء"(17) ،وربما جاءت هذه النصيحة نتيجة حرص الحصين على بقاء الخلافة في الشام دون غيرها من الأمصار الإسلامية الأخرى وبالأخص الحجاز.
فكان أول من خالف فيها من الأمراء هو النعمان والي حمص الذي دعا إلى بيعة عبدالله بن الزبير(18) ، وثار زفر بن الحارث* على حسان بن بحدل الكلبي في قنسرين** وأخرجه منها وبايع لعبدالله بن الزبير وكان زفر سيد قيس في زمانه(19) وقال على المنبر : " الحمد لله الذي أقعدني مقعد الغادر الفاجر "(20) ، أما الضحاك فكان يدعو إلى بيعة ابن الزبير في دمشق سراً(21) لوجود بني أمية والقبائل الكلبية إلى جانبه(22) .
لذلك يبدو لنا إن الناس قد انقسمت أهواؤهم إلى قسمين احدهما لهم هوى في بني أمية وهم أتباع حسان بن مالك الكلبي والقسم الأخر لهم هوى في ابن الزبير وهم أتباع الضحاك بن قيس الفهري ، فما كان من حسان إلى إن قام خطيباً في أهل الأردن وأراد من خلال هذه الخطبة أن يكسب ود أهلها بعد أن وضح لهم أن ابن الزبير منافق وان قتلى أهل الحرة من أهل المدينة في النار(23) واستطاع من خلال هذه الكلمات أن يكسب بيعة أهل الأردن له على أن يجنبهما الغلامين*** من أبناء يزيد(24).
وهكذا لاحت في الأفق بوادر الحرب الأهلية في الشام لرغبة أهل الأردن من الأمويين والموالين لهم من القبائل العربية اليمانية بأن تكون الخلافة أموية في الشام ورغبة أمراء الأجناد في الشام بأن تكون الخلافة زبيرية في الحجاز. .
الأوضاع السياسية في الشام بعد وفاة معاوية بن يزيد:
لما مات معاوية بن يزيد مال أكثر الناس إلى عبدالله بن الزبير وقالوا هو رجل كامل السن وقد نصر عثمان) وهو ابن حواري رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمه بنت أبي بكر بن أبي قحافة وله فضل في نفسه ليس لغيره(25) .
فعندما ورد كتاب ابن الزبير إلى الضحاك بتوليته دمشق سارع أهلها بإعلان الطاعة والبيعة له فأخذها عليهم بينما انخزل حسان بن مالك الكلبي إلى فلسطين فأقام بها وكان يدعو إلى خالد بن يزيد(26) ، لذلك أرسل ابن الزبير ناتل بن قيس من اجل إخراجه منها ليسهل عليهم متابعته ومن ثم حربه فعندما جاء ناتل إلى فلسطين قال لحسان : " أما أن تخرج من بلاد قومي وأما أن ادخل عليك فأقاتلك "(27) ، فعندها أدرك حسان أن هوى أهل فلسطين في ابن الزبير أقوى من هوى بني أمية ، لذلك خرج منها متوجها نحو الأردن حيث ترك نائبه عليها روح بن زنباغ الجذامي الذي ثار عليه ناتل وأخرجه من فلسطين وبايع لابن الزبير(28) ، ولم يبق أمام الأمويين ومواليهم سوى الأردن لإعادة تنظيم صفوفهم ضد ابن الزبير .
فبعدما وصل حسان الكلبي إلى الأردن أدرك انه لابد من إنهاء أمر ابن الزبير فيها ، لذلك خطب فيهم خطبته فقال: "، ... ، أن الزبير في شقاق ونفاق وعصيان لخلفاء الله ومفارقة لجماعة المسلمين فانظروا رجلاً من بني حرب فبايعوه "(29) ، وفعلاً كانت استجابتهم له سريعة بسبب منزلته العظيمة فيهم ، فقال رجال بني أمية بعضهم لبعض : " أن الملك كان فينا أهل الأردن فأنتقل عنا إلى الحجاز ، لا نرضى بذلك ، هل لكم أن تأخذوا رجلاً منا فينظر في هذا الأمر "(30) .
والذي يبدو لنا أن أهل الأردن ولاسيما بني أمية والقبائل اليمانية الموالية لهم كانت تكره انتقال الخلافة إلى الحجاز ، لذلك كانوا شديدي الحرص على بقائها في الشام فوحدوا كل خلافاتهم في مؤتمرهم* بعد أن وجدوا أنفسهم أمام خطر يهددهم .
_____________
(1) (ت / 1410هـ ) ، ص57 .
(2) البلاذري ، انساب الاشراف ، ج4ف2ص62 .
(3) الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، ج5ص503 – ابن حبان ، الثقات ، ج2ص314 – ابن حزم ، جوامع السيرة وخمس رسائل أخرى ، ص358 – ابن العبري ، غريغوريوس الملطي ( ت666هـ ) ، تاريخ مختصر الدول ، ط2 ، المطبعة الكاثوليكية ، ( بيروت / 1958م ) ، ص111 – العاملي ، بهاء الدين محمد بن الحسين ( ت1030هـ ) ، توضيح القاصد ، مكتبة آية الله المرعشي للنشر ، ( قم / 1406هـ ) ، ص12 – الشيرازي، محمد طاهر القمي ، ( ت 1098هـ ) ، الأربعين في إمامة الإئمة الطاهرين ، تح مهدي الرجائي ، ط1 ، مطبعة الامير ، ( 1418هـ ) ، ص502 .
(4) الجرجاني ، عبدالقادر بن عبدالرحمن ( ت471هـ ) ، ديوان الحماسة ، تح د. محمد النتنجي ، ط1 ، دار الكتاب العربي ، ( بيروت / 1995م ) ، ص213 .
(5) البسوي ، يعقوب بن سفيان ( ت277هـ ) ، المعرفة والتاريخ ، تح د. أكرم ضياء العمري ، مطبعة الإرشاد ، ( بغداد / 1974م ) ، ص35 .
(6) المقدسي ، البدء والتاريخ ، ج5ص17 .
(7) الكركي ، علي بن الحسين ( ت940هـ ) ، رسائل الكركي ، تح محمد الحسون ، ط1 ، مطبعة الخيام ، مكتبة آية الله المرعشي ، ( قم / 1409هـ ) ، ج2ص227 .
(8) الراوي ، العراق في ظل الحكم الاموي ، ص124 .
(9) الطائي ، نجاح، هل قتل معاوياً علياً ، ط1 ، دار الهدى لإحياء التراث، ( لندن / 2004م) ، ص162 .
(10) أبي الفداء ، إسماعيل بن علي بن محمود ( ت732 ) ، المختصر في اخبار البشر ، تع محمود ايوّب ، ط1 ، دار الكتب العلمية ، ( بيروت / 1417هـ ) ، ج1ص268 .
(11) القلقشندي ، مآثر الأناقة في معالم الخلافة ، ص121 .
(12) أبن العبري ، تاريخ مختصر الدول ، ص111 .
(13) ابن عساكر ، تاريخ دمشق ، ج26ص203 .
(14) البلاذري ، انساب الاشراف ، ج5ص127 .
*ناتل بن قيس : ناتل بن قيس بن زيد بن حيان بن أمرى القيس الجذامي ، من التابعين كان سيد جذام بالشام ، شهد صفين مع معاوية . ينظر : المنقري ، وقعة صفين ، ص207 - الزركلي ، الاعلام ، ج7ص343 .
(15) البلاذري ، انساب الاشراف ، ج5ص128 .
(16) البلاذري ، انساب الاشراف ، ج5ص128 .
(17) الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، ج5ص530 .
(18) أبن عبد ربه ، العقد الفريد ، ج4ص385 – أبن عساكر ، تاريخ دمشق ، ج26ص203 –ج60ص225 .
*زفر بن الحارث : زفر بن الحارث بن عبد عمرو بن معاذ الكلابي أبو الهذيل ، أمير من التابعين بالجزيرة ، روى عن عائشة ومعاوية ، وروي عنه ثابت بن الحجاج . ينظر : الرازي ، الجرح والتعديل ، ج3ص607 – ابن ماكولا ، اكمال الكمال ، ج5ص181 - الزركلي ، الاعلام ، ج3ص45 .
**قنسرين : مدينة بينها وبين حلب مرحلة من جهة حمص . ينظر : ياقوت الحموي ، معجم البلدان ، ج4ص404 .
(19) الزركلي ، الاعلام ، ج3ص45 .
(20) الاصفهاني ، الاغاني ، ج19ص208 – القلقشندي ، صبح الاعشى ، ج1ص45 – احمد زكي صفوت ، جمهرة خطب العرب ، ج3ص353 .
(21)بن عبد ربه ، العقد الفريد ، ج4ص385 .
(22) ابن سعد ، الطبقات الكبير ، ج7ص44 .
(23) الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، ج5ص531 – ابن الاثير ، الكامل ، ج4ص146 .
***الغلامين ، خالد وعبدالله أبناء يزيد بن معاوية . ينظر : الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، ج5ص532 – ابن الاثير ، الكامل ، ج4ص146
(24) الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، ج5ص532 – ابن الاثير ، الكامل ، ج4ص146 – أبن ابي الحديد ، شرح نهج البلاغة ، ج6ص107 .
(25) البلاذري ، انساب الأشراف ، ج5ص128 .
(26) البلاذري ، انساب الأشراف ، ج4ق2ص65 .
(27) البلاذري ، انساب الأشراف ، ج5ص128 .
(28) الطبري ، تاريخ الرسل والملوك ، ج5ص531 – القلقشندي ، صبح الاعشى في صناعة الانشى ، ج1ص450 .
(29) أبن عبد ربه ، العقد الفريد ، ج4ص395 .
(30) ابن عبد ربه ، العقد الفريد ، ج4ص394 .
*مؤتمر الجابية : سيتم بيان ذلك في الصفحات الاتية .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|