أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-1-2023
1959
التاريخ: 2024-07-14
451
التاريخ: 2024-07-16
517
التاريخ: 2024-07-20
511
|
الإنسان عبد مطيع لإحساسه وشعوره ، وليس في استطاعته أن ينعزل عنه أو يتجاهله . كيف ؟ وهل ينفصل الشيء عن ذاته وهويته ؟ . والمحرك الأول لهذا الشعور هو المصلحة ، أي طلب اللذة ، وطرد الألم ، وهي المثل الأعلى للإنسان ، واليها يستند الدور الحاسم فيما يفعل أو يترك .
أما القرابة فليست بشيء يحرك الإنسان إذا لم تحقق له شيئا من اللذة ، أو تبتعد به عن الألم ، فحب الإنسان لقريب من أرحامه يقاس بهذه المصلحة ، وعلى نسبتها يضعف الحب أو يقوى ، وأوضح مثال على ذلك ان حزن القريب وأسفه على فقيد من أقاربه يأتي على مقدار نفعه منه في حياته - غالبا - ويصبح القريب من ألد الأعداء إذا تسبب في آلام قريبه ، أو أفسد عليه لذته وراحته . . فكم من والدة قضت على حياة وليدها لتشبع شهوتها وتتمتع بلذتها ؟ . وكم من ولد استعجل ميراثه من أبيه فأودى بحياته ؟ . وقتل قابيل هابيل ، وهما أول أخوين انبثقا من نطفة واحدة ، وتكوّنا في رحم واحد . . وألقى أولاد إسرائيل يوسف في غيابة الجب ، ولم تأخذهم به رأفة على رغم القربى وصلة الدم .
ولذا قال علي أمير المؤمنين (عليه السلام) : « القرابة إلى المودة أحوج من المودة إلى القرابة » حتى المودة والصداقة مصدرها اللذة الروحية ، ولكن كثيرا ما يذهل الإنسان عن نفسه ، ويسهو عن واقعه ، فيشرح بمنطق القرابة ما يفعله بوحي من مصلحته .
وليس من الضروري أن تكون هذه المصلحة التي تحرك الإنسان شخصيته ، فإن المخلص الواعي يؤمن قولا وعملا بأن مصلحته فرع عن مصلحة الجماعة ، فيألم لألمها ، ويفرح لفرحها ، ويرى الخير ، كل الخير ، في احقاق الحق وإقامة العدل . . أما غير المخلص فلا يرى هما غير همه ، ولا حياة غير حياته ، تماما كما فعل أبناء إسرائيل بيوسف ، ليتمتعوا وحدهم بعطف أبيهم . . ولكن اللَّه سبحانه عاقبهم بالحرمان ، وباؤوا بغضب على غضب من اللَّه ونبيه يعقوب ، وظفر يوسف بالعز والكرامة ، ووقفوا بين يديه أذلاء يعترفون بالذنب ، ويطلبون العفو والصفح بقولهم : {تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ} [يوسف : 91].
{لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ} [يوسف : 7] . ألقى أبناء إسرائيل يوسف في الجب ، لا لشيء إلا لأن أباه فضله عليهم بالعطف والحنان ، وحاربت قريش محمدا ، وبالغت في إيذائه ، وهو قرشي مثلهم ، لأن اللَّه فضله عليهم ، وعلى الناس أجمعين ، ونصر اللَّه يوسف على إخوته ، وكذلك نصر محمدا (صلى الله عليه واله)على عشيرته ، وفي ذلك عبر وعظات لمن أراد معرفة الحقائق ، ويعتبر بها .
{إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [يوسف : 8] . معنى هذه الآية وما بعدها ظاهر ، ومع هذا نعقب على كل آية بما يناسبها . . لما رأى أبناء إسرائيل ميل أبيهم إلى يوسف وأخيه غلى الحقد والحسد في قلوبهم ، وقال بعضهم لبعض : ما الذي حمل هذا الشيخ على أن يؤثر هذين الصبيين علينا ، ونحن أكبر سنا ، وأشد قوة ، وأكثر نفعا وخدمة ؟ . إن هذا هو الحيف والضلال . . وكان يوسف وأخوه بنيامين من أم ثانية اسمها راحيل ، وكثيرا ما يكون تعدد الأمهات سببا للحقد والحسد بين بني العلَّات .
( اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ ) . تآمروا على قتله ، لا لشيء باعترافهم إلا ليحتكروا عطف أبيهم من دونه . . وهذا هو منطق الاحتكار والمحتكر . . اقتل وشرد . . حتى الأقارب والأرحام حرصا على الأرباح والمكاسب .
( وتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ ) . قال كثير من المفسرين : ان المراد بالصلاح هنا صلاح الدين ، وانهم يتوبون إلى اللَّه بعد فعلتهم الشنعاء . ولكن ظاهر السياق يدل على ان المراد بالصلاح صلاح شأنهم مع أبيهم ، وان يتفرغ لهم وحدهم .
( قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ ) . السيارة هم المسافرون . وعن سفر التكوين من التوراة ان الذي أشار عليهم بهذا هو أخوهم روبين ، وانه قد كان في نيته أن يخرج يوسف من الجب بعد ذهاب إخوته .
( قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ ) . نحبه ونريد له الخير . . وهكذا الغادر الماكر في كل زمان ومكان ، ذئب في جلد حمل ( أَرْسِلْهُ
مَعَنا غَداً يَرْتَعْ ويَلْعَبْ وإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ ) . لقد علموا ان أباهم يحب يوسف ، ويحب أن يتنعم ويفرح ، وعلموا أيضا شدة حرصه عليه ، فدخلوا إلى نفسه من أبوابها . .
يوسف يلعب ، وهم يحرسونه من كل مكروه . . حاميها حراميها . ( قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ ) . اعتذر إليهم بأنه لا يطيق فراق يوسف . فضاعف هذا العذر من حقدهم على يوسف . وأيضا اعتذر بأنه يخاف عليه من الذئب ، وعقّب الرازي على هذا العذر بقوله : « وكأنه قد لقنهم الحجة ، وفي الأمثال : ان البلاء موكل بالمنطق » .
( قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ ونَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ ) . أي عاجزون لا نصلح لشيء : واغتر الشيخ بقولهم وأرسل معهم يوسف ، وكانوا من القوم الخاسرين ( فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ ) ونفذوا ما أجمعوا عليه ، وهم يحسبون انهم قد أصابوا ما يريدون . . ولكن يوسف فوّض أمره إلى اللَّه فوقاه سيئات مكرهم ( وأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وهُمْ لا يَشْعُرُونَ ) .
فألقى اللَّه في روع يوسف انك ناج من محنتك هذه ، وانك سوف تخبرهم بصنيعهم هذا دون أن يعرفوا من أنت .
_____________________
1- قرأت في الصحف ان امرأة كانت مع عشيقها ، وطفلها الصغير نائم بالقرب منها ، ولما بكى أماتته خنقا ، وقرأت أيضا ان فتاة قتلت أبويها بالسم ، ولما سئلت قالت : أريد ان يخلو البيت لي ولعشيقي . وهكذا يرحل الدين والضمير والرحم إذا جاءت الشهوات .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|