المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16450 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تخزين الفجل
2024-05-17
الموظف نفرحات.
2024-05-16
الفرعون أمنحتب الثالث.
2024-05-16
الموظف حوي.
2024-05-16
الموظف حقر نحح.
2024-05-16
قبر الموظف بنحت.
2024-05-16

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الاية (106-107) من سورة البقرة  
  
4275   01:50 مساءً   التاريخ: 30-11-2016
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الباء / سورة البقرة /


قال تعالى : {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَو نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَو مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 106، 107].

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

{ما ننسخ من آية} قد ذكرنا حقيقة النسخ عند المحققين وقيل معناه ما نرفع من آية أوحكم آية وقيل معناه ما نبدل من آية عن ابن عباس ومن قرأ{أو ننسها} فمعناه على وجهين فإن لفظ النسي المنقول منه أنسى على ضربين (أحدهما ) بمعنى النسيان الذي هو خلاف الذكر نحو قوله واذكر ربك إذا نسيت (والآخر ) بمعنى الترك نحو قوله نسوا الله فنسيهم أي تركوا طاعة الله فترك رحمتهم أوترك تخليصهم فالوجه الأول في الآية مروي عن قتادة وهو أن يكون محمولا على النسيان الذي هو مقابل الذكر ويجوز ذلك على الأمة بأن يؤمروا بترك قراءتها فينسونها على طول الأيام ولا يجوز ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لأنه يؤدي إلى التنفير كذا ذكره الشيخ أبو جعفر رحمه الله في تفسيره وقد جوز جماعة من المحققين ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قالوا أنه لا يؤدي إلى التنفير لتعلقه بالمصلحة ويجوز أيضا أن ينسيهم الله تعالى ذلك على الحقيقة وإن كانوا جمعا كثيرا وجما غفيرا بأن يفعل النسيان في قلوب الجميع وإن كان ذلك خارقا للعادة ويكون معجزا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) واستدل من حمل الآية على النسيان الذي هو خلاف الذكر وجوز كون النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) مرادا به بقوله سبحانه سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله أي إلا ما شاء الله أن تنساه قال وإلى هذا ذهب الحسن فقال إن نبيكم أقرىء القرآن ثم نسيه وأنكر الزجاج هذا القول فقال إن الله تعالى قد أنبأ النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في قوله ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره بأنه لا يشاء أن يذهب بما أوحي إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال أبو علي الفارسي هذا الذي احتج به على من ذهب إلى أن ننسها من النسيان لا يدل على فساد ما ذهبوا إليه وذلك أن قوله ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك إنما هو على ما لا يجوز عليه النسخ والتبديل من الأخبار وأقاصيص الأمم ونحو ذلك مما لا يجوز عليه التبديل والذي ينساه النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهوما يجوز أن ينسخ من الأوامر والنواهي الموقوفة على المصلحة وفي الأوقات التي يكون ذلك فيها أصلح ويدل على أن ننسها من النسيان الذي هو خلاف الذكر قراءة من قرأ أو تنسها وهو قراءة سعد بن أبي وقاص وقراءة من قرأ أو ننسكها وهو المروي عن سالم مولى أبي حذيفة وقراءة من قرأ أو تنسها وهو المروي عن  سعد بن مالك فالمفعول المراد المحذوف في قراءة من قرأ{أو ننسها} مظهر في قراءة من قرأ ننسكها ويبينه ما روي عن الضحاك أنه قرأ ننسها ويؤكد ذلك أيضا ما روي من قراءة ابن مسعود ما ننسك من آية أو ننسخها وبه قرأ الأعمش وروي عن مجاهد أنه قال قراءة أبي ما ننسخ من آية أو ننسك فهذا كله يثبت قراءة من جعل ننسها من النسيان ويؤكد ما روي عن قتادة أنه قال كانت الآية تنسخ بالآية وينسي الله نبيه من ذلك شيئا والوجه الثاني وهو أن المراد بالنسيان الترك في الآية مروي عن ابن عباس فعلى هذا يكون المراد بننسها نأمركم بتركها أي بترك العمل بها قال الزجاج إنما يقال في هذا نسيت إذا تركت ولا يقال فيه أنسيت تركت وإنما معنى{أو ننسها} أو نتركها أي نأمركم بتركها قال أبو علي من فسر أنسيت بتركت لا يكون مخطئا لأنك إذا أنسيت فقد نسيت ومن هذا قال علي بن عيسى إنما فسره المفسرون على ما يؤول إليه المعنى لأنه إذا أمر بتركها فقد تركها فإن قيل إذا كان نسخ الآية رفعها وتركها أن لا تنزل فما معنى ذلك ولم جمع بينهما قيل ليس معنى تركها ألا تنزل وقد غلط الزجاج في توهمه ذلك وإنما معناه إقرارها فلا ترفع كما قال ابن عباس نتركها فلا نبدلها وإضافة الترك إلى القديم سبحانه في نحو هذا اتساع كقوله تعالى وتركهم في ظلمات لا يبصرون وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض أي خليناهم وذاك وأما من قرأ أو ننساها على معنى التأخير فقيل فيه وجوه (أحدها) أن معناه أو نؤخرها فلا ننزلها وننزل بدلا منها مما يقوم مقامها في المصلحة أو يكون أصلح للعباد منها (وثانيها) أن معناه نؤخرها إلى وقت ثان ونأتي بدلا منها في الوقت المتقدم بما يقوم مقامها (وثالثها) أن يكون معنى التأخير أن ينزل القرآن فيعمل به ويتلى ثم يؤخر بعد ذلك بأن ينسخ فيرفع تلاوته البتة ويمحي فلا تنسأ ولا يعمل بتأويله مثل ما روي عن زر بن حبيش أن أبيا قال له كم تقرءون الأحزاب قال بضعا وسبعين آية قال قد قرأتها ونحن مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) أطول من سورة البقرة أورده أبو علي في كتاب الحجة (ورابعها ) أن يؤخر العمل بالتأويل لأنه نسخ ويترك خطه مثبتا وتلاوته قرآن يتلى وهوما حكي عن مجاهد يثبت خطها ويبدل حكمها والوجهان الأولان عليهما الاعتماد لأن الوجهين الأخيرين يرجع معناهما إلى معنى النسخ فلا يحسن إذ يكون في التقدير محصولة ما ننسخ من آية أو ننسخها وهذا لا يصح على أن الوجه الأول أيضا فيه ضعف لأنه لا فائدة في تأخير ما لم يعرفه العباد ولا علموه ولا سمعوه فالأقوى هو الوجه الثاني وقوله {نأت بخير منها أو مثلها} فيه قولان (أحدهما ) نأت بخير منها لكم في التسهيل والتيسير كالأمر بالقتال الذي سهل على المسلمين بقوله الآن خفف الله عنكم أو مثلها في السهولة كالعبادة بالتوجه إلى الكعبة بعد أن كان إلى بيت المقدس عن ابن عباس (والثاني ) نأت بخير منها في الوقت الثاني أي هي لكم في الوقت الثاني خير لكم من الأولى في الوقت الأول في باب المصلحة أو مثلها في ذلك عن الحسن وقوله{أ لم تعلم أن الله على كل شيء قدير} قيل هو خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقيل هو خطاب لجميع المكلفين والمراد أ لم تعلم أيها السامع أو أيها الإنسان إن الله تعالى قادر على آيات وسور مثل القرآن ينسخ بها ما أمر فيقوم في النفع مقام المنسوخ وعلى القول الأول معناه أ لم تعلم يا محمد أنه سبحانه قادر على نصرك والانتصار لك من أعدائك وقيل هو عام في كل شيء واستدل من زعم أنه لا يجوز نسخ القرآن بالسنة المعلومة بهذه الآية قال أضاف الإتيان بخير منها إلى نفسه والسنة لا تضاف إليه حقيقة ثم قال بعد ذلك {أ لم تعلم أن الله على كل شيء قدير} فلا بد من أن يكون أراد ما يختص سبحانه بالقدرة عليه من القرآن المعجز والصحيح أن القرآن يجوز أن ينسخ بالسنة المقطوع عليها ومعنى خير منها أي أصلح لنا منها في ديننا وأنفع لنا بأن نستحق به مزيد الثواب فأما إضافة ذلك إليه تعالى فصحيحة لأن السنة إنما هي بوحيه تعالى وأمره فإضافتها إليه كإضافة كلامه وآخر الآية إنما يدل على أنه قادر على أن ينسخ الآية بما هو أصلح وأنفع سواء كان ذلك بقرآن أوسنة وفي هذه الآية دلالة على أن القرآن محدث وأنه غير الله تعالى لأن القديم لا يصح نسخه ولأنه أثبت له مثلا والله سبحانه قادر عليه وما كان داخلا تحت القدرة فهو فعل والفعل لا يكون إلا محدثا .

{أ لم تعلم} استفهام تقرير وتثبيت ويؤول في المعنى إلى الإيجاب فكأنه يقول قد علمت حقيقة كما قال جرير : أ لستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح فلهذا خاطب به النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وقيل إن الآية وإن كانت خطابا للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فالمراد به أمته كقوله يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ومثله قول الكميت في مدح النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) :

لج بتفضيلك اللسان ولو *** أكثر فيك الضجاج واللجب

وقيل أفرطت بل قصدت ولو *** عنفني القائلون أو ثلبوا(2)

أنت المصفى المهذب المحض *** في النسبة إن نص قومك النسب

فأخرج كلامه مخرج الخطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأراد به أهل بيته لأن أحدا من المسلمين لا يعنف مادح النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ولا يكثر الضجاج واللجب في إطناب القول فيه فكأنه قال أ لم تعلم أيها الإنسان{أن الله له ملك السماوات والأرض} لأنه خلقهما وما فيهما وقوله{وما لكم من} قال إن الآية خطاب للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال أتي بضمير الجمع في الخطاب تفخيما لأمره وتعظيما لقدره ومن قال هي خطاب له وللمؤمنين أولهم خاصة فالمعنى أ لم تعلموا ما لكم أيها الناس{من دون الله} أي سوى الله{من ولي} يقوم بأمركم{ولا نصير} ناصر ينصركم .

____________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج1 ، ص339-343.

2- اللجب : كثرة أصوات الابطال . ثلبه : عابه ولامه.

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هاتين الآيتين (1) :

{ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَو نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَو مِثْلِها } . قال كثير من المفسرين : ان اليهود قالوا : ان محمدا يأمر أصحابه بأمر ، ثم ينهاهم عنه ، ويقول اليوم قولا ، وغدا يرجع عنه ، ولوكان ما يقوله وحيا لما كان فيه هذا التناقض ، فنزلت هذه الآية ردا عليهم .

والمراد آية من آي الذكر الحكيم ، لأن هذا المعنى هو المتبادر إلى الافهام هنا ، ونقل الشيخ المراغي في تفسيره عن أستاذه الشيخ محمد عبده ان المراد بالآية المعجزة الدالة على نبوة النبي ، وان المعنى ان اللَّه يعطي معجزة لنبي من الأنبياء ، ثم يتركها كلية ، ويعطي غيرها لنبي آخر . . وهذا المعنى صحيح في ذاته ، ولكن سياق الآية ينفيه ويعين ما ذهب إليه العلماء وجمهور المفسرين من ان المراد آية من القرآن .

ومعنى نسخ الآية القرآنية بقاؤها لفظا وتلاوة ، مع الغاء حكمها التي دلت عليه ، وعمل به آنا ما .

أما (ننسها) فان قرئت من غير همزة فهي من النسيان ، ويتعين أن يكون المعنى الترك لا الذهول ، أي نتركها على ما هي بلا تغيير وتبديل ، حيث يصح أن تقول : نسيت الشيء ، وأنت تريد تركه على حاله . . وان قرئت بالهمزة (ننسأها) فهومن الارجاء والتأخير ، أي نترك انزالها إلى وقت ثان ، ومهما يكن فان الآية بدليل وجود (ما) الشرطية لا تدل على وقوع النسخ بالفعل ، بل تدل على انه لو افترض وقوعه لأتى اللَّه بخير من المنسوخ .

{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهً عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ،{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ والأَرْضِ } . قيل : ان الخطاب في (تعلم ) للنبي ، والمراد به المسلمون الذين تضايقوا من اعتراض اليهود وغيرهم على النسخ . والحق انه خطاب لكل من يستبعد النسخ ، أو يؤلمه الاعتراض عليه ، والمعنى ان النسخ ليس بالغريب المستبعد ، لأنه لا يخرج عن كونه تكليفا للعباد ، ومحوحكم ، واثبات حكم مماثل أو أصلح مكانه . وبديهة ان اللَّه يملك كل شيء ، ويدبره ويجريه على ما يشاء من نسخ أو بقاء بلا نسخ . أما ذكر السماوات والأرض بالخصوص فهو اشعار بالعموم والشمول ، لأنهما يشتملان على جميع المخلوقات العلوية والسفلية .

{وما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا نَصِيرٍ} . أي لا تبالوا أيها المؤمنون بمن اعترض أو يعترض على النسخ ، أو على أي شيء في دينكم ، فليس باستطاعة مخلوق أن يضركم ، ما دام اللَّه هو المؤيد والمناصر . . واختصارا ان النسخ حق ، ولا مانع عنه من العقل ولا من الشرع خلافا للمنكرين والمعترضين .

________________
1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج1 ، ص170-171.

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

الآيتان في النسخ ومن المعلوم أن النسخ بالمعنى المعروف عند الفقهاء وهو الإبانة عن انتهاء أمد الحكم وانقضاء أجله اصطلاح متفرع على الآية مأخوذ منها ومن مصاديق ما يتحصل من الآية في معنى النسخ على ما هو ظاهر إطلاق الآية.

قوله تعالى: {ما ننسخ} ، النسخ هو الإزالة، يقال: نسخت الشمس الظل إذا أزالته وذهبت به، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} [الحج: 52] ، ومنه أيضا قولهم: نسخت الكتاب إذا نقل من نسخة إلى أخرى فكأن الكتاب أذهب به وأبدل مكانه ولذلك بدل لفظ النسخ من التبديل في قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [النحل: 101] ، وكيف كان فالنسخ لا يوجب زوال نفس الآية من الوجود وبطلان تحققها بل الحكم حيث علق بالوصف وهو الآية والعلامة مع ما يلحق بها من التعليل في الآية بقوله تعالى: أ لم تعلم، إلخ أفاد ذلك أن المراد بالنسخ هو إذهاب أثر الآية من حيث إنها آية، أعني إذهاب كون الشيء آية وعلامة مع حفظ أصله فبالنسخ يزول أثره من تكليف أو غيره مع بقاء أصله وهذا هو المستفاد من اقتران قوله: ننسها بقوله: ما ننسخ، و الإنساء إفعال من النسيان وهو الإذهاب عن العلم كما أن النسخ هو الإذهاب عن العين فيكون المعنى ما نذهب بآية عن العين أوعن العلم نأت بخير منها أو مثلها.

ثم إن كون الشيء آية يختلف باختلاف الأشياء والحيثيات والجهات، فالبعض من القرآن آية لله سبحانه باعتبار عجز البشر عن إتيان مثله، والأحكام والتكاليف الإلهية آيات له تعالى باعتبار حصول التقوى والقرب بها منه تعالى، والموجودات العينية آيات له تعالى باعتبار كشفها بوجودها عن وجود صانعها وبخصوصيات وجودها عن خصوصيات صفاته وأسمائه سبحانه، وأنبياء الله وأولياؤه تعالى آيات له تعالى باعتبار دعوتهم إليه بالقول والفعل وهكذا، ولذلك كانت الآية تقبل الشدة والضعف قال الله تعالى: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم: 18].

ومن جهة أخرى الآية ربما كانت في أنها آية ذات جهة واحدة وربما كانت ذات جهات كثيرة، ونسخها وإزالتها كما يتصور بجهته الواحدة كإهلاكها كذلك يتصور ببعض جهاتها دون بعض إذا كانت ذات جهات كثيرة، كالآية من القرآن تنسخ من حيث حكمها الشرعي وتبقى من حيث بلاغتها وإعجازها ونحو ذلك.

وهذا الذي استظهرناه من عموم معنى النسخ هو الذي يفيده عموم التعليل المستفاد من قوله تعالى: أ لم تعلم أن الله على كل شيء قدير، أ لم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض، وذلك أن الإنكار المتوهم في المقام أو الإنكار الواقع من اليهود على ما نقل في شأن نزول الآية بالنسبة إلى معنى النسخ يتعلق به من وجهين: أحدهما: من جهة أن الآية إذا كانت من عند الله تعالى كانت حافظة لمصلحة من المصالح الحقيقية لا تحفظها شيء دونها، فلو زالت الآية فاتت المصلحة ولن تقوم مقامها شيء تحفظ به تلك المصلحة، ويستدرك به ما فات منها من فائدة الخلقة ومصلحة العباد، وليس شأنه تعالى كشأن عباده ولا علمه كعلمهم بحيث يتغير بتغير العوامل الخارجية فيتعلق يوما علمه بمصلحة فيحكم بحكم ثم يتغير علمه غدا ويتعلق بمصلحة أخرى فاتت عنه بالأمس، فيتغير الحكم، ويقضي ببطلان ما حكم سابقا، وإتيان آخر لاحقا، فيطلع كل يوم حكم، ويظهر لون بعد لون، كما هو شأن العباد غير المحيطين بجهات الصلاح في الأشياء، فكانت أحكامهم وأوضاعهم تتغير بتغير العلوم بالمصالح والمفاسد زيادة ونقيصة وحدوثا وبقاء، ومرجع هذا الوجه إلى نفي عموم القدرة وإطلاقها.

وثانيهما: أن القدرة وإن كانت مطلقة إلا أن تحقق الإيجاد وفعلية الوجود يستحيل معه التغير، فإن الشيء لا يتغير عما وقع عليه بالضرورة وهذا مثل الإنسان في فعله الاختياري فإن الفعل اختياري للإنسان ما لم يصدر عنه فإذا صدر كان ضروري الثبوت غير اختياري له، ومرجع هذا الوجه إلى نفي إطلاق الملكية وعدم جواز بعض التصرفات بعد خروج الزمام ببعض آخر كما قالت اليهود: يد الله مغلولة: فأشار سبحانه إلى الجواب عن الأول بقوله: أ لم تعلم أن الله على كل شيء قدير أي فلا يعجز عن إقامة ما هو خير من الفائت أو إقامة ما هو مثل الفائت مقامه وأشار إلى الجواب عن الثاني بقوله: { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} ، أي أن ملك السموات والأرض لله سبحانه فله أن يتصرف في ملكه كيف يشاء وليس لغيره شيء من الملك حتى يوجب ذلك انسداد باب من أبواب تصرفه سبحانه، أو يكون مانعا دون تصرف من تصرفاته، فلا يملك شيء شيئا، لا ابتداء ولا بتمليكه تعالى، فإن التمليك الذي يملكه غيره ليس كتمليك بعضنا بعضا شيئا بنحو يبطل ملك الأول ويحصل ملك الثاني، بل هو مالك في عين ما يملك غيره ما يملك، فإذا نظرنا إلى حقيقة الأمر كان الملك المطلق والتصرف المطلق له وحدة، وإذا نظرنا إلى ما ملكنا بملكه من دون استقلال كان هو الولي لنا وإذا نظرنا إلى ما تفضل علينا من ظاهر الاستقلال – وهو في الحقيقة فقر في صورة الغنى، وتبعية في صورة الاستقلال - لم يمكن لنا أيضا أن ندبر أمورنا من دون إعانته ونصره كان هو النصير لنا.

وهذا الذي ذكرناه هو الذي يقتضيه الحصر الظاهر من قوله تعالى: "إن الله له ملك السموات والأرض فقوله تعالى: { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [البقرة: 106، 107] ، مرتب على ترتيب ما يتوهم من الاعتراضين، ومن الشاهد على كونهما اعتراضين اثنين الفصل بين الجملتين من غير وصل، وقوله تعالى: {  وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [البقرة: 106، 107] ، مشتمل على أمرين هما كالمتممين للجواب أي وإن لم تنظروا إلى ملكه المطلق بل نظرتم إلى ما عندكم من الملك الموهوب فحيث كان ملكا موهوبا من غير انفصال واستقلال فهو وحده وليكم، فله أن يتصرف فيكم وفي ما عندكم ما شاء من التصرف، وإن لم تنظروا إلى عدم استقلالكم في الملك بل نظرتم إلى ظاهر ما عندكم من الملك والاستقلال وانجمدتم على ذلك فحسب، فإنكم ترون أن ما عندكم من القدرة والملك والاستقلال لا تتم وحدها، ولا تجعل مقاصدكم مطيعة لكم خاضعة لقصودكم وإرادتكم وحدها بل لا بد معها من إعانة الله ونصره فهو النصير لكم فله أن يتصرف من هذا الطريق فله سبحانه التصرف في أمركم من أي سبيل سلكتم هذا، وقوله: وما لكم من دون الله، جيء فيه بالظاهر موضع المضمر نظرا إلى كون الجملة بمنزلة المستقل من الكلام لتمامية الجواب دونه.

فقد ظهر مما مر: أولا، أن النسخ لا يختص بالأحكام الشرعية بل يعم التكوينيات أيضا.

وثانيا: أن النسخ لا يتحقق من غير طرفين ناسخ ومنسوخ.

وثالثا: أن الناسخ يشتمل على ما في المنسوخ من كمال أو مصلحة.

ورابعا: أن الناسخ ينافي المنسوخ بحسب صورته وإنما يرتفع التناقض بينهما من جهة اشتمال كليهما على المصلحة المشتركة فإذا توفي نبي وبعث نبي آخر وهما آيتان من آيات الله تعالى أحدهما ناسخ للآخر كان ذلك جريانا على ما يقتضيه ناموس الطبيعة من الحياة والموت والرزق والأجل وما يقتضيه اختلاف مصالح العباد بحسب اختلاف الأعصار وتكامل الأفراد من الإنسان، وإذا نسخ حكم ديني بحكم ديني كان الجميع مشتملا على مصلحة الدين وكل من الحكمين أطبق على مصلحة الوقت، أصلح لحال المؤمنين كحكم العفو في أول الدعوة وليس للمسلمين بعد عدة ولا عدة.

وحكم الجهاد بعد ذلك حينما قوي الإسلام وأعد فيهم ما استطاعوا من قوة وركز الرعب في قلوب الكفار والمشركين.

والآيات المنسوخة مع ذلك لا تخلو من إيماء وتلويح إلى النسخ كما في قوله تعالى { فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} [البقرة: 109] ، المنسوخ بآية القتال وقوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] المنسوخ بآية الجلد فقوله: حتى يأتي الله بأمره وقوله: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] لا يخلو عن إشعار بأن الحكم موقت مؤجل سيلحقه نسخ.

وخامسا: أن النسبة التي بين الناسخ والمنسوخ غير النسبة التي بين العام والخاص وبين المطلق والمقيد وبين المجمل والمبين، فإن الرافع للتنافي بين الناسخ والمنسوخ بعد استقراره بينهما بحسب الظهور اللفظي هو الحكمة والمصلحة الموجودة بينهما، بخلاف الرافع للتنافي بين العام والخاص والمطلق والمقيد والمجمل والمبين فإنه قوة الظهور اللفظي الموجود في الخاص والمقيد والمبين، المفسر للعام بالتخصيص، وللمطلق بالتقييد، وللمجمل بالتبيين على ما بين في فن أصول الفقه، وكذلك في المحكم والمتشابه على ما سيجيء في قوله: { مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} [آل عمران: 7].

قوله تعالى: أو ننسها، قرىء بضم النون وكسر السين من الإنساء بمعنى الإذهاب عن العلم والذكر وقد مر توضيحه، وهو كلام مطلق أو عام غير مختص برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بل غير شامل له أصلا لقوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ } [الأعلى: 6، 7] ، وهي آية مكية وآية النسخ مدنية فلا يجوز عليه النسيان بعد قوله تعالى: فلا تنسى وأما اشتماله على الاستثناء بقوله: {إلا ما شاء الله} فهو على حد الاستثناء الواقع في قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108] ، جيء بها لإثبات بقاء القدرة مع الفعل على تغيير الأمر، ولوكان الاستثناء مسوقا لبيان الوقوع في الخارج لم يكن للامتنان بقوله: فلا تنسى معنى، إذ كل ذي ذكر وحفظ من الإنسان وسائر الحيوان كذلك يذكر وينسى وذكره ونسيانه كلاهما منه تعالى وبمشيته، وقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كذلك قبل هذا الإقراء الامتناني الموعود بقوله: {سنقرئك} يذكر بمشية الله وينسى بمشية الله تعالى فليس معنى الاستثناء إلا إثبات إطلاق القدرة أي سنقرئك فلا تنسى أبدا والله مع ذلك قادر على إنسائك هذا.

و قرىء قوله: {ننساها} بفتح النون والهمزة من نسيء نسيئا إذا أخر تأخيرا فيكون المعنى على هذا: ما ننسخ من آية بإزالتها أو نؤخرها بتأخير إظهارها نأت بخير منها أو مثلها ولا يوجب التصرف الإلهي بالتقديم والتأخير في آياته فوت كمال أو مصلحة، والدليل على أن المراد بيان أن التصرف الإلهي يكون دائما على الكمال والمصلحة هو قوله: { خَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } فإن الخيرية إنما يكون في كمال شيء موجود أو مصلحة حكم مجعول ففي ذلك يكون موجود مماثلا لآخر في الخيرية أو أزيد منه في ذلك فافهم.

__________________
1- الميزان ، الطباطبائي ، ج1 ، ص209-214.

 

تفسير الامثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هاتين الآيتين (1) :

الغرض من النّسخ :

الآية الاُولى تشير أيضاً إلى بعد آخر من أبعاد حملة التشكيك اليهودية ضد المسلمين.

كان هؤلاء القوم يخاطبون المسلمين أحياناً قائلين لهم إن الدين دين اليهود وأن القبلة قبلة اليهود، ولذلك فإن نبيّكم يصلي تجاه قبلتنا (بيت المقدس)، وحينما نزلت الآية 144 من هذه السّورة وتغيّرت بذلك جهة القبلة، من بيت المقدس إلى مكة، غيّر اليهود طريقة تشكيكهم، وقالوا: لو كانت القبلة الاُولى هي الصحيحة، فلم هذا التغيير؟ وإذا كانت القبلة الثانية هي الصحيحة، فكل أعمالكم السابقة ـ إذن ـ باطلة.

القرآن الكريم في هذه الآية يردّ على هذه المزاعم وينير قلوب المؤمنين(2). ويقول: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَة أَو نُنسِها نَأْتِ بِخَيْر مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} ... وليس مثل هذا التغيير على الله بعسير {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنْ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ}؟!

الآية التالية تؤكد مفهوم قدرة الله سبحانه وتعالى وحاكميته في السماوات والأرض وفي الأحكام، فهو البصير بمصالح عباده: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضِ} ، وفي هذه العبارة من الآية أيضاً تثبيت لقلوب المؤمنين، كي لا تتزلزل أمام حملات التشكيك هذه، وتستمر الآية في تعميق هذا التثبيت، مؤكدة أن المجموعة المؤمنة ينبغي أن تعتمد على الله وحده، وتستند إلى قوته وقدرته دون سواه، فليس في هذا الكون سند حقيقي سوى الله سبحانه: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَليٍّ وَلاَ نَصِير}.

________________________

1- الامثل ، الطباطبائي ، ج1 ، 272-273.

2ـ يحتمل أيضاً أن تشير الآية إلى نسخ أحكام إسلامية اُخرى، كما ذكر الفخر الرازي في تفسيره، وسيد قطب في ظلاله.

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



اختتام الأسبوع الثاني من الشهر الثالث للبرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسية
راية قبة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) تتوسط جناح العتبة العباسية في معرض طهران
جامعة العميد وقسم الشؤون الفكرية يعقدان شراكة علمية حول مجلة (تسليم)
قسم الشؤون الفكريّة يفتتح باب التسجيل في دورات المواهب