أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2016
6086
التاريخ: 18-11-2016
675
التاريخ: 18-11-2016
705
التاريخ: 18-11-2016
455
|
[جواب الشبهة]
ليس بخاف على أحد مدى الانعطافة الخطيرة التي حدثت في تأريخ الإسلام عقب انتهاء مؤتمر سقيفة بني ساعدة ، وما ترتب عليه من نتائج وقرارات خطيرة . والحق يقال إن هذا المؤتمر الذي ضم بين صفوفه ثلة كبيرة من وجوه الصحابة - من المهاجرين والأنصار - قد أغفل عند انعقاده الواجب الأعظم في إكرام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) صاحب الفضل الأكبر فيما وصل إليه الجميع - عندما ترك مسجى بين يدي أهل بيته وانشغلوا بما كان من غير الإنصاف أن ينسب إليه ( صلى الله عليه وآله ) من قصور لا عذر فيه في ترك الأمة حائرة به بعد موته .
أقول : ونتيجة لانشغالهم ذاك فقد حرموا من واجب إكرام الرسول ( صلى الله عليه وآله ) جلّه ، ففاتهم أعظمه ، وقصروا في تأديته ، وكان لأهل بيته وحدهم ذلك الدور كله ، فأوفوه ، ولم يألوا في ذلك جهدا .
وإذا كان المؤتمرون في السقيفة قد خرجوا إلى الملأ بقرار كان ثمرة مخاض عسير واعتراك صعب ، فإنه أوضح وبلا أدنى ريب تبعثر الآراء واختلافها ، بل وظروف خطرة كان من الممكن أن تودي بالجهد العظيم الذي بذله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومن معه من المؤمنين في إرساء دعائم هذا الدين وتثبيت أركانه ، وأوضحت - وذاك لا خفاء عليه - أن من غير المنطقي لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يرحل - مع أنه لم يفاجئه الموت - دون أن يدرك هذه الحقيقة التي ليس هو ببعيد عنها ، ولا يمكن أن يتغاضى عنها ، وهو الذي ما خرج في أمر جسيم إلا وخلف عنه من ينوبه في إدارة شؤون الأمة في فترة غيابه التي لا يلبث أن يعود منها بعد أيام معدودات ، فكيف بالرحيل الأبدي ؟ ! نعم إن هذا الأمر لا بد وإن يستوقف كل ذي لب وعقل مستنير .
كما أن الاستقراء المتأني لأحداث السقيفة قد أوضح وبقوة في أثناء المؤتمر وبعده وجود تيار قوي ومتماسك تبنته جملة من وجوه الصحابة ومتقدميها ، وعمدت إلى التذكير بوجوده والإجهار به ، ولو قادهم هذا الأمر إلى الاقتتال دون تنفيذه ، وذاك الأمر هو الإصرار على إيكال أمر الخلافة إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) دون غيره ، رغم ابتعاده (عليه السلام) عن ساحة الاعتراك وميدان التنازع في تلك السقيفة .
ولعل تمسك هذه الثلة من الصحابة بموقفها من بيعة الإمام دون غيره هو ما دفع بعض المؤرخين إلى الذهاب بأن التشيع كان وليد هذا المؤتمر ونتاج مخاضه ، وأن يليهم آخرون يتعبدون بهذا الرأي ويرتبون من خلاله تصوراتهم وأفكارهم ، فيتشعب ذلك إلى جملة واسعة من المتبنيات غير الواقعية والقائمة على أرض واسعة من الأوهام والاسترسال غير المنطقي .
ولعل هذه التصورات تعتمد في فهمها أساسا لمبدأ نشأة التشيع على ما رواه الطبري وغيره عن مجريات هذا المؤتمر وما ترتب عليه من نتائج ، دون أن تمد بصرها إلى أبعد من هذه النقطة اللامعة التي أعمتهم عن التأمل في أبعادها .
قال الطبري : اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا سعد بن عبادة ، فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : منا أمير ومنكم أمير ، فقال أبو بكر : منا الأمراء ومنكم الوزراء - إلى أن قال : - فبايعه عمر وبايعه الناس ، فقالت الأنصار - أو بعض الأنصار - : لا نبايع إلا عليا .
ثم قال ( أي الطبري ) : أتى عمر بن الخطاب منزل علي وفيه طلحة والزبير ورجال من المهاجرين ، فقال : والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن إلى البيعة : فخرج عليه الزبير مصلتا بالسيف فعثر ، فسقط السيف من يده ، فوثبوا عليه فأخذوه . وقال أيضا : وتخلف علي والزبير ، واخترط الزبير سيفه وقال : لا أغمده حتى يبايع علي . فبلغ ذلك أبا بكر وعمر فقالا : خذوا سيف الزبير ( 1 ) .
وقال اليعقوبي في تأريخه : ومالوا مع علي بن أبي طالب ، منهم : العباس بن عبد المطلب ، والفضل بن العباس ، والزبير بن العوام ، وخالد بن سعيد بن العاص ، والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والبراء ابن عازب ، وأبي بن كعب (2 ) .
وروى الزبير بن بكار في الموفقيات : إن عامة المهاجرين وجل الأنصار كانوا لا يشكون أن عليا هو صاحب الأمر .
وروى الجوهري في كتاب السقيفة : أن سلمان والزبير وبعض الأنصار كان هواهم أن يبايعوا عليا . وروى أيضا : أنه لما بويع أبو بكر واستقر أمره ، ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته، ولام بعضهم بعضا ، وهتفوا باسم الإمام علي ، ولكنه لم يوافقهم ( 3 ) .
وروى ابن قتيبة في الإمامة والسياسة : كان أبو ذر وقت أخذ البيعة غائبا عن هذه الأحداث ، فلما جاء قال : أصبتم قناعة ، وتركتم قرابة ، لو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيكم لما اختلف عليكم الاثنان .
وقال سلمان : أصبتم ذا السن ، وأخطأتم المعدن ، أما لو جعلتموه فيهم ما اختلف منكم اثنان ، ولأكلتموها رغدا .
وهكذا فمن خلال هذه النصوص المتقدمة وغيرها اعتقد ذاك البعض ... أن مبتدأ التشيع ونشأته كان في تلك اللحظات الحرجة في تأريخ الإسلام ، متناسين أن ما اعتمدوه في بناء تصوراتهم هو ما ينقضها ويثبت بطلانها ، فإن المتأمل في هذه النصوص يظهر له وبوضوح أن فكرة التشيع لعلي ليست وليدة هذا الظرف المعقد ، وثمرة اعتلاجه ، ونقيض تصوره ، بقدر ما تؤكد على أن هذه الفكرة كانت مختمرة في أذهانهم ومركوزة في عقولهم ولسنين طوال ، فلما رأت هذه الجماعة انصراف الأمر إلى جهة لم تكن في حساباتهم ولا في حدود تصوراتهم ، وانحساره عما كان معهودا به إليهم ، عمدوا إلى التمسك به بالاجتماع في بيت علي والإعلان صراحة عن موقفهم ومعتقدهم .
نعم إن من غير المتوقع والمعهود أن يجتمع رأي هذه الجماعة - التي تؤلف خلاصة غنية من متقدمي الصحابة - على هذا الأمر في تلك اللحظات المضطربة والمليئة بالمفاجئات ، وأن يترتب عليه موقف موحد ثابت ، فهذا الأمر يدل بوضوح على أنه ما كان وليد يومه ونتاج مخاضه .
ومما يؤكد ذلك ويقوي أركانه ما نقلته جميع مصادر الحديث المختلفة من نداءات رسول الله (صلى الله عليه وآله ) وتوصياته بحق علي وعترته وشيعته في أكثر من مناسبة ومكان ، وما كان يشير إليه ( صلى الله عليه وآله ) من فضل شيعة علي ومكانتهم ، والتأكيد على وجوب ملازمتهم ، وفي هذا دلالة لا تقبل النقض على أن التشيع ما كان وليد السقيفة أو ردة رافضة آنية لمجريات أحداثها ، بل إن هذا الوجود يمتد عمقا مع نشأة الإسلام واشتداد عوده في زمن النبي محمد ( صلى الله عليه وآله) وحياته المباركة المقدسة .
________________
( 1 ) تاريخ الطبري 2 : 443 - 444 .
( 2 ) تاريخ اليعقوبي 2 : 103 ط النجف .
( 3 ) أنظر ابن أبي الحديد ، شرح نهج البلاغة 6 : 43 - 44 .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
بالصور: معهد نور الإمام الحسين (ع) للمكفوفين وضعاف البصر التابع للعتبة الحسينية.. جهود كبيرة وخدمات متعددة
|
|
|