أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-12-2014
3195
التاريخ: 14-11-2014
2736
التاريخ: 14-11-2014
1578
التاريخ: 30-03-2015
2405
|
هو : الشيخ الحسين بن محمد تقي النوري ، وُلد في قرية ( نور ) من ضواحي بلدة ( آمل ) في مقاطعة ( مازندران ) ، في 18 ، شوال سنة 1254، وهاجر إلى العراق سنة 1278 ؛ ليواصل دراسته العلمية في حوزة النجف الأشرف حتى سنة 1284 فرجع إلى إيران ، ولم يلبث أن عاد إلى العراق عام 1286 وتشرّف بزيارة بيت اللّه الحرام ، وبعد مدّة ارتحل إلى سامّراء ، حيث كان محطّ رحل زعيم الأُمّة الميرزا محمد حسن الشيرازي ، الذي توفّي سنة 1312 وبعده بمدة وفي سنة 1314 قفل محدّثنا النوري من سامراء ، ليأخذ من النجف الأشرف مقرّه الأخير ، حتى توفّاه اللّه سنة 1320هـ . ق .
كان محدّثنا النوري مولَعاً بجمع الأخبار وتتبّع الآثار ، وله في ذلك مواقف مشهودة ، ومصنّفاته في هذا الشأن معروفة .
غير أنّ شغفه بذلك ، ربّما حاد به عن منهج الإتقان في النقل والتحديث ، ممّا أوجب سلبَ الثقة به أحياناً و في بعض ما يرويه ، ولا سيّما عند أهل التحقيق وأرباب النظر من فقهائنا الأعلام والعلماء العظام .
يقول عنه الإمام الخميني ( قدَّس سرَّه ) : ( وهو ـ أي الشيخ النوري ـ شخص صالح متتبّع ، إلاّ أنّ اشتياقه بجمع الضعاف والغرائب و العجائب ، وما لا يقبله العقل السليم والرأي المستقيم ، أكثر من الكلام النافع ... ) (1) .
ويقول عنه العلاّمة البلاغي ـ شيخ العَلَمَين السيد الطباطبائي صاحب تفسير الميزان ، و الإمام الخوئي صاحب كتاب البيان ـ : ( وإنّ صاحب فصل الخطاب من المحدّثين المكثرين المجدّين في التتبّع للشواذّ ... ) (2) .
وتساهله هذا في جمع شوارد الأخبار ، قد حطّ من قيمة تتبّعاته الواسعة واضطلاعه بمعرفة أحاديث آل البيت ( عليهم السَّلام ) والتي كان مشغوفاً بها طيلة حياته العلميّة .
وقد غرّته ظواهر بعض النقول غير المعتمدة ، المأثورة عن طرق الفريقين ، ممّا حسبها تعني تحريفاً في كتاب اللّه العزيز الحميد ، فكان ذلك ممّا أثار رغبته في جمعها وترصيفها ، غير مكترث بضعف الأسانيد ، أو نكارة المتون ، على غِرار أهل الحشو في الحديث .
أضف إلى ذلك زعمه : أنّه لابدّ من تنويه الكتاب بشأن الولاية صريحاً ، التي هي أهم الفرائض متغافلاً عن تصريح الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) بأنّ ذلك قد تُرك إلى تبيين الرسول ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) كما في سائر الفرائض وغيره من أحاديث تنفي وجود أيّ تصريح في كتاب اللّه باسم الأئمّة ( عليهم السَّلام ) (3) .
لكن محدّثنا النوري لم يُعر سمعه لأمثال هذه الأحاديث المضيئة ، التي تنزّه ساحة قدس القرآن عن شبهة احتمال التحريف ، وذهب في غياهب أوهامه ، راكضاً وراء شوارد الأخبار وغرائب الآثار ، ناشداً عن وثائق تربطه بمزعومته الكاسدة .
وقد وصف الإمام البلاغي، مساعي المحدّث النوري هذه بأنّه جَهَد في جمع الروايات وكثّر أعداد مسانيدها بأعداد المراسيل وفي جملة ما أورده ما لا يتيسّـر احتمال صدقه ، ومنها ما يؤول إلى التنافي والتعارض ، وإنّ قسماً وافراً منها ترجع إلى عدة أنفار ، وقد وصف علماء الرجال كلاً منهم ، إمّا بأنّه ضعيف الحديث فاسد المذهب مجفوّ الرواية ، وإمّا بأنّه مضطرب الحديث والمذهب ، يُعرف حديثه وينكر و يروي عن الضعفاء ، وإمّا بأنّه كذّاب متّهم لا يستحل أن يُروى من تفسيره حديث و احد ، وربّما كان معروفاً بالوقف شديد العداوة للإمام علي بن موسى الرضا ( عليهما السَّلام ) ، و إمّا بأنّه كان غالياً كذّاباً ، و إمّا بأنّه ضعيف لا يلتفت إليه ولا يعوّل عليه و من الكذّابين ، وإمّا بأنّه فاسد الرواية يُرمى بالغلوّ .
قال ( رحمه الله ) : ومن الواضح أنّ أمثال هؤلاء لا تجدي كثرتهم شيئاً (4) .
وهكذا تشبّث محدّثنا النوري بكل حشيش ، ونسج منواله نسجَ العنكبوت .
أمّا كتابه الذي جمع فيه هذه الشوارد والغرائب ، وأسماه : ( فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب ربّ الأرباب ) ، فقد وضعه على مقدّمات ثلاث ، واثني عشر فصلاً ، وخاتمة .
ذكر في المقدّمة الأُولى ، ما ورد بشأن جمع القرآن و نظمه وتأليفه ، ممّا يشير ـ بزعمه ـ على ورود نقص أو تغيير في نصّه الكريم .
وفي الثانية : بيّن أنحاء التغيير الممكن حصوله في المصحف الشريف .
وفي الثالثة : في سرد أقوال العلماء في ذلك ، إثباتاً أو رفضاً .
أمّا الفصول الاثنا عشر ، فقد جعلها دلائل على وقوع التحريف ، بالترتيب التالي :
1 ـ قد وقع التحريف في كتب السالفين ، فلابدّ أن يقع مثله في الإسلام ، حيث تشابه الأحداث في الغابر والحاضر .
2 ـ إنّ أساليب جمع القرآن في عهد متأخر عن حياة الرسول ، لتستدعي بطبيعة الحال أن يقع تغيير في نصّه الشريف .
3 ـ محاولة علماء السنَّة توجيه روايات التحريف لديهم ، بالإنساء أو نسخ التلاوة غير سديدة .
4 ـ مغايرة مصحف الإمام أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) مع المصحف الحاضر .
5 ـ مغايرة مصحف الصحابي عبد اللّه بن مسعود مع المصحف الراهن .
6 ـ مغايرة مصحف الصحابي أُبيّ بن كعب مع المصحف الرائج .
7 ـ تلاعب عثمان بنصوص الآيات عند جمع المصاحف وتوحيدها .
8 ـ روايات عامّيّة رواها أهل الحشو من محدثي العامّة ، ناصّة على التحريف .
9 ـ إنّ أسامي أوصياء النبي ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) كانت مذكورةً في التوراة ـ على ما رواه كعب الأحبار اليهودي ـ فلابدّ أنّها كانت مذكورةً في القرآن ، لمسيس الحاجة إلى ذكرها في القرآن ، أكثر ممّا في كتب السالفين .
10 ـ إنّ اختلاف القراءات ، خير شاهد على التلاعب بنصوص الكتاب .
11 ـ روايات خاصّة ، تدل دلالة بالعموم على وقوع التحريف .
12 ـ روايات ناصّة على مواضع التحريف في الكتاب .
أمّا الخاتمة ، فجعلها ردّاً على دلائل القائلين بصيانة القرآن من التحريف .
أمّا الرّوايات الخاصة ، والتي استند إليها لإثبات التحريف ، سواء أكانت دالّة بالعموم على وقوع التحريف ، أم ناصّة على مواضع التحريف ، فهي تربو على الألف ومِئة حديث ، ( 1122 ) ، منها ( 61 ) رواية دالة بالعموم ، و( 1061 ) ناصة بالخصوص ، حسبما زعمه .
لكن أكثريّتها الساحقة نقلها من أُصول لا إسناد لها ولا اعتبار ، من كتب و رسائل ، إمّا مجهولة أو مبتورة أو هي موضوعة لا أساس لها رأساً .
والمنقول من هذه الكتب تربو على الثمانمِئة حديث ( 815 ) وبقي الباقي ( 307 ) ، وكثرة من هذا العدد ترجع إلى اختلاف القراءات ، ممّا لا مساس لها بمسألة التحريف ، وهي ( 107 ) روايات ، و البقية الباقية ( 200 ) رواية ، رواها من كتب معتمدة ، وهي صالحة للتأويل إلى وجه مقبول ، أو هي غير دالة على التحريف ، وإنّما أقحمها النوري إقحاماً في أدلة التحريف .
وقد عالجنا هذه الروايات بالذات في كتابنا ( صيانة القرآن من التحريف ) فراجع .
وقد تمّ تأليف ( فصل الخطاب ) على يد مؤلفه النوري سنة 1292 ، وطُبع سنة 1298 ، و قد وَجَدَ المحدّث النوري ـ منذ نشر كتابه ـ نفسه في وحشة العزلة و في ضوضاء من نفرة العلماء والطلبة في حوزة سامراء العلمية آنذاك ، وقد قامت ضدّه نعرات ، تتبعها شتائم و سبّات من نبهاء الأُمّة في جميع أرجاء البلاد الشيعيّة ، ونهض في وجهه أصحاب الأقلام من ذوي الحميّة على الإسلام ، ولا يزال في متناوش أهل الإيمان ، يسلقونه بألسنة حداد ، على ما جاء في وصف العلاّمة السيد هبة الدين الشهرستاني ، عن موضع هذا الكتاب ومؤلّفه و ناشره ، يوم كان طالباً شابّاً في حوزة سامراء .
يقول في رسالة بعثها تقريظاً على رسالة ( البرهان ) التي كتبها الميرزا مهدي البروجردي بقم المقدّسة 1373هـ .
يقول فيها : كم أنت شاكر مولاك إذ أولاك بنعمة هذا التأليف المنيف ، لعصمة المصحف الشريف عن وصمة التحريف ، تلك العقيدة الصحيحة التي آنستُ بها منذ الصغر أيّام مكوثي في سامرّاء ، مسقط رأسي ، حيث تمركز العلم والدين تحت لواء الإمام الشيرازي الكبير ، فكنت أراها تموج ثائرةً على نزيلها المحدّث النوري ، بشأن تأليفه كتاب ( فصل الخطاب ) فلا ندخل مجلساً في الحوزة العلمية إلاّ و نسمع الضجّة والعجّة ضدّ الكتاب و مؤلّفه وناشره ، يسلقونه بألسنة حداد .... (5) .
وهكذا هبّ أرباب القلم يسارعون في الردّ عليه ونقض كتابه بأقسى كلمات وأعنف تعابير لاذعة ، لم يدعوا لبثِّ آرائه ونشر عقائده مجالاً ولا قيد شعرة .
وممّن كتب في الردّ عليه من معاصريه ، الفقيه المحقّق الشيخ محمود بن أبي
القاسم الشهير بالمعرّب الطهراني ( المتوفّـى 1313هـ ) في رسالة قيّمة أسماها ( كشف الارتياب في عدم تحريف الكتاب ) فرغ منها في ( 17ج 2 ـ 1302هـ ) تقرب من أربعة آلاف بيت في 300 صفحة ، وفيها من الاستدلالات المتينة والبراهين القاطعة ، ما ألجأ الشيخ النوري إلى التراجع عن رأيه بعض الشيء ، وتأثّر كثيراً بهذا الكتاب .
وأيضاً كتب في الردّ عليه معاصره العلاّمة السيد محمد حسين الشهرستاني ( المتوفّـى 1315هـ ) في رسالة أسماها ( حفظ الكتاب الشريف عن شبهة القول بالتحريف ) ، و قد أحسن الكلام في الدلالة على صيانة القرآن عن التحريف و ردّ شبهات المخالف ببيان وافٍ شافٍ ، والرسالة في واقعها ردّ على فصل الخطاب ، ولكن في أُسلوب ظريف بعيد عن التعسّف و التحمّس المقيت (6) .
وهكذا كتب في الردّ عليه كلّ مَن كتب في شؤون القرآن أو في التفسير ، كالحجّة البلاغي ( المتوفّـى 1352هـ ) في مقدّمة تفسيره ( آلاء الرحمن ) قال تشنيعاً عليه : وإنّ صاحب فصل الخطاب من المحدّثين المكثرين المجدّين في التتبّع للشواذّ وإنّه ليعدّ هذا المنقول من ( دبستان المذاهب ) ضالّته المنشودة ، مع اعترافه بأنّه لم يجد لهذا المنقول أثراً في كتب الشيعة (7) .
______________________________________
1 ـ راجع : تعليقته الكريمة على كفاية الأُصول ( أنوار الهداية ) ، ج1 ، ص 245 .
2 ـ راجع : مقدمة تفسيره آلاء الرحمن ، ص 25 .
3 ـ راجع صحيحة أبي بصير( أصول الكافي : ج1 ، ص 286 ) .
4 ـ مقدّمة تفسيره ( آلاء الرحمن ) ، ج1 ، ص 26 .
5 ـ البرهان ، ص 143 ـ 144 .
6 ـ راجع البرهان : ص 142 .
7 ـ آلاء الرحمن : 1/ 25 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|