أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2016
926
التاريخ: 14-11-2016
892
التاريخ: 2023-12-11
1068
التاريخ: 14-11-2016
976
|
يعد عهد المكرب ((كرب ايل وتار)) من اهم فترات العصر السبئي، ذلك انه كان اخر المكربين، فقد خلع لقب مكرب (الملك الكاهن) وتلقب بلقب ((ملك)) وبذلك تحولت الدولة الثيوقراطية الى حكومة دنيوية. ومن ناحية أخرى خلف لنا هذا الملك العظيم نقشا هاما عثر عليه في صرواح اعتمد عليه المؤرخون في محاولتهم تدوين تاريخ دولة سبا، فقد ضمنه ((كرب ايل وتار)) كل اعماله الحربية وجهوده الدينية والدنيوية.
يبدا النص(1) بتوجيه الشكر للالهة (الموقاه والعثتر وهوابس التي انعمت على المكرب ((كرب ايل وتار)) صاحب هذا النقش، فوحدت صفوفه وباركت ارضه ووهبتها الامطار، وساعدته على بناء السدود وحفر القنوات، وعلى ذلك فقد نحر لها الذبائح وقدم لها القرابين.
يتحدث النص، بعد شكر الالهة عن اهم الاعمال الحربية التي قام بها صاحبه، الذي اغار على كثير من البلاد المجاورة. وانتصر على ((ساد)) و((اروي)) واحرق منهم وقتل منهم ثلاثة الاف واسر ثمانية، وضاعف عليهم الجزية التي يدفعونها ومن بينها البقر والماعز كما انتصر المكرب على ((ذبحان ذوقشر)) وعلى ((شرجب)) واحرق مدنهم، كما استولى على جبل ((مة)) و((وادي صبر)) وجعلهما وقفا للإله ((الموقاه))، ولبني قومه من السبئيين.
اما في مجال العلاقات الخارجية، فيروي لنا النص ان مملكتي حضرموت وقتبان، كانتا حليفتين لدولة سبا، فلما تقدم ملك دويلة اوسان واستولى عليهما، اضطر ((كرب ايل وتار)) الى الانضمام الى حلفائه ومساعدتهم، فقامت الحرب بين سبا واوسان وقد استطاع مكرب سبا اخضاع اوسان وهزيمتها بعد ان قتل من رعاياها الفا واسر خمسة الاف واحرق كثيرا من مدنها، ثم ضمها الى سبا، وعاد الى مملكتي حضرموت وقتبان ما كان. لهما من أملاك في اوسان.
لم يكتف ((كرب ايل وتار)) بما احرزه من انتصارات في معاركه السابقة فارسل عدة حملات الى كل من ((نشان))، و((سبل)) و((هرم)) و((فنن)) والى ((نجران)) فكتب لها نصرا مؤزرا، وغنمت جيوشه مغانم كثيرة من بينها اكثر من ستين الف راس من الماشية. يتحدث الوجه الاخر من النقش عن اهم التحصينات التي أقامها ((كر ايل وتار)) للدفاع عن مدن مملكته، وعن خزانات المياه التي اصحها او شيدها، فضلا عن حدائق النخيل التي غرسها(2).
تميزت فترة العصر السبئي الثاني ((650 – 115 ق.م) باتخاذ ملوك سبا لقب ((ملك)) والتجرد من الصفة الدينية، وقد حدث هذا التحول في عهد ((كرب ايل وتار)) الذي تخلى عن لقب مكرب في أواخر عهده واتخذ لقب ((ملك سبا)) بعد ان نقل عاصمة ملكة من صرواح الى مدينة مارب(3) واتخذ من ((قصر سلحين)) دارا للمملكة(4).
كما قام الملك ((كرب ايل وتار)) بتنظيم طريقة جمع الضرائب فجعل تحصيلها من اهم الواجبات التي كانت تناط برؤساء القبائل، فضلا عن مسئوليتهم عن بناء السدود وحفر القنوات وكل ما من شانه الارتقاء بالنواحي الزراعية(5).
اهتم خلفاء الملك ((كرب ايل وتار)) بتحصين مدينة مارب العاصمة الجديدة لمملكة سبا، وانشاء المعابد الدينية فيها فقام ((سمه على ذريح الذي خلف ((كرب ايل وتار)) بإقامة وتعلية جدار معبد الاله ((الموقاه)) في محرم بلقيس في مارب وامر بترميم ابراجه(6).
اما الملك ((يكرب ملك وتار)) فوجه اهتمامه نحو اصدار القوانين الضريبية التي ترجع الى عهد ((يكرب ملك وتارش وهي عبارة عن وثيقة تبيح لشعب سبا وقبيلة ((بهبلج)) حق استغلال ارضه زراعية في مقابل ضريبة معينة تدفع للدولة، الى جانب واجبات عسكرية تفرض عليهم في أيام السلم والحرب.
على الرغم من تخلي ملوك سبا عن الألقاب ذات الصبغة الدينية، الا ان علاقاتهم بالإله كانت على جانب من التوقير والاحترام، فيحدثنا النقش الذي سجله ((يثع كرب)) كاهن الالهة عن شروط الصلح التي وضعت بين سبا وقتبان على عهد الملك ((يثع امربين)) في وثيقة دونت في مارب، ثم وضعت في معبد الاله ((الموقاه)) تمجيدا لاله سبا الكبير(7).
كذلك اهتم الملك ((نشا كرب يهامن)) بترميم تماثيل الالهة ((عثتر ذي ذب)) بعد ان أصابها بعض التلف، كما خصص للالهة الشمس الفائقة التي عرفت باسم ((تنف ربه ذي غفران)) أربعة وعشرين وثنا، ملتمسا منها ابعاد الضر عنه وعن اهل بيته ومملكته.
وقدم الملك ((ابوه كرب بن اسلم)) تمثالين من البرونز للاله الموقاه تعبيرا عن شكره العميق لمساعدة الاله في التصدي لهجمات الاعراب الذين اغاروا على جماعة من السبئيين ونجاحه في استرداد ما غنموه من اسلاب واسرى، وذلك طبقا للنقش الذي عثر عليه في منطقة مارب ويعد من اقدم النصوص التي تشير الى غارات الاعراب على اهل سبا وعلى قوافلهم التجارية(8).
كان من اهم أسباب زوال مملكة سبا، تصدع سد مارب الذي كان يعتبر السبب الرئيسي في رخائهم وتقدم بلادهم، ذلك انهم بغوا في الأرض واكثروا فيها الفساد من كثرة النعم ونسوا ان الله عز وجل واهب النعم والخير الكثير فاراد الله ان يذيقهم وبال امرهم ليكونوا عبرة لغيرهم. ومثلا لمن يأتي من بعدهم، فتهدم السد بأمر الله وفاض السيل العرم وحل الخراب بأراضي المملكة، قال الله تبارك وتعالى في محكم آياته: {لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ } [سبأ: 15 - 17] (9).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) جواد علي: المرجع السابق، جـ2، ص286 – 288.
(2) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ2، ص289 – 295.
(3) مارب: كلمة ارامية الأصل مركبة من لفظين هما، ماء وراب أي الماء الكثير او السيل الكبير. وتقع مارب على بعد مائة كيلو متر شرقي صنعاء في العصر الحاضر. وكان يحيط بالمدينة كما يروى ياقوت سور قوي له أبراج حصينة.
انظر، ياقوت: معجم البلدان، جـ3، ص181.
جورجي زيدان، العرب قبل الإسلام، ص148، احمد فخري: دراسات في تاريخ الشرق القديم، ص165 – 166.
(4) hitti: history of the Arabs, p. 54 - 55.
(5) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ2، ص322.
(6) PHILBY: THE BAKGROUND OF ISLAM, P. 142.
(7) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ2، ص320.
(8) جواد علي: تاريخ العرب قبل الإسلام، جـ2، ص327 – 329.
(9) سورة سبا: الآيات 15 – 17.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|