أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-11-2016
878
التاريخ: 13-11-2016
1607
التاريخ: 13-11-2016
935
التاريخ: 14-11-2016
978
|
لا يطعن عدم ذكر ملكة سبأ في النقوش ولا بين الأسماء التي ذكرناها آنفًا في صحة وجودها؛ فلقد ورد ذكرها في التوراة والتلمود والقرآن الكريم، ففي التوراة ورد في الإصحاح العاشر من سفر الملوك الأول، الآيات من 1–14 ما خلاصته أن ملكة سبأ سمعت بخبر سليمان، فأتت إلى أورشليم بموكب عظيم، بجمال حاملة أطيابًا وذهبًا كثيرًا وحجارة كريمة، وامتحنته بمسائل، فأخبرها بكل كلامها، وأنها لما رأت حكمة سليمان والبيت الذي بناه، وطعام مائدته، ومجلس عبيده … إلخ. قالت إنها لم تصدق الأخبار حتى أبصرت بعينيها، وأنها رأت ضعف ما سمعت، وقدست إله إسرائيل، وأن الملك سليمان أعطاها كل مشتهاها الذي طلبت، فانصرفت وذهبت إلى أرضها هي وعبيدها، وفي الكتب الدينية اليهودية كالتلمود والترجوم تفصيلات وشروح مما ورد في التوراة. أما القرآن الكريم فقد ورد فيه ذكر سبأ في موضعين، الأول في سورة النمل الآيات من 24–44 وفيه تفصيل لزيارة ملكة سبأ لسليمان، والموضع الثاني في سورة سبأ الآيات من 15–19 وفيه ذكر لسد مأرب وسيل العرم وتفرق القبائل، وهذا الموضع الثاني سنعود إليه عند الكلام عن سد مأرب. أما قصة ملكة سبأ الواردة في سورة النمل، فخلاصتها أن سليمان عليه السلام تفقد الطير فلم يجد الهدهد، فلما جاء الهدهد قال لسليمان أنه جاء من سبأ، وأنه وجد امرأة تملكهم تسجد هي وقومها للشمس، وأن سليمان بعث معه بكتاب ألقاه للملكة يطلب فيه ألا تعلو الملكة عليه وأن تأتي إليه مسلمة، وأن الملكة جمعت قومها وشاورتهم في الأمر، فقالوا أنهم قوم أولو قوة وأنهم رهن أوامرها، وأنها أرسلت بعد ذلك إلى سليمان بهدية تصانعه بها، فلما وصلت الهدية «أو الرشوة» سليمان لم يقبلها وأظهر أنه أغنى منها، ثم هدد بأن يرسل إلى بلادها جنودًا لا قِبَل لهم بها، وأنها على أثر هذا التهديد جاءت إلى سليمان الذي شيد لها صرحًا ممردًا من قوارير ووضع فيه عرشها، وأنها بعد أن رأت ما رأت، قالت: رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
ويمكننا أن نستنتج من الآيات القرآنية التي وردت في ملكة سبأ ما يأتي:
(1) أن رسول سليمان عرف أخبار دولة جديدة على جانب من الغنى كانت تملكها امرأة.
(2) أن أهل هذه الدولة كانوا يعبدون الشمس (وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللهِ).
(3) أن دولة سبأ كان نظام الحكم فيها غير استبدادي بل شبه شورى، بدليل ما ورد في الآية 23: (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ)، ولم يقل تحكمهم، والحكم يفيد الحكم المطلق، والملك يفيد ولاية العرش فحسب، وبدليل ما ورد في الآية 32: (قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ).
(4) أن ملكة سبا تخوفت من سليمان وأرادت مسالمته بإرسال هدية إليه كأنما هي ترشوه.
(5) أن سليمان رفض الهدية «أو الرشوة» وهدد بغزو سبأ.
(6) أن الملكة أذعنت وجاءت إلى سليمان الذي أعد لها قصرًا وعرشًا أحاطه بما يأخذ بروعتها، وأنها في آخر الأمر آمنت بسليمان وأسلمت معه.
ويمكن أن نستنتج من ثنايا النصوص:
(1) أن دولة سبأ إبان هذه الفترة كانت ضعيفة النفوذ، بدليل أن الملكة تخوفت من سليمان وملك سليمان لم يكن يتجاوز القرن الغربي للهلال الخصيب إلا قليلًا، وقد حدى هذا ببعض المؤرخين إلى القول بأن هذه الملكة لم تكن تحكم بلاد سبأ الأصلية إنما كانت تحكم إحدى المقاطعات الشمالية الواقعة على الطريق التجاري الذي كان يطرقه المعينيون والسبئيون، وأن إمارتها هذه كانت على مقربة من فلسطين مقر حكم سليمان.
(2) كما يمكن أن يُستنتج أيضًا أنها كانت تحكم في منتصف القرن العاشر قبل الميلاد؛ لأنها كانت تعاصر سليمان، وكان سليمان يحكم حوالي سنة 950ق.م.
(3) أنها كانت من المكارب الأُول الذين كانوا يجمعون بين الرئاسة الزمنية والرئاسة الدينية.
ولم يرد في العهد القديم أو القرآن الكريم ذكر لاسم هذه الملكة، ولكن المفسرين وبعض المؤرخين من العرب وبعض شراح التوراة، قالوا: إنها هي بلقيس بنت شرحبيل، أو بنت الهدهاد، معتمدين في ذلك على بعض الإسرائيليات، والواقع أنه كانت هناك ملكة تُسمى بلقيس، هي إحدى ملكات الطبقة الثانية من ملوك حمير المعروفة عند العرب بالتبابعة، حكمت في النصف الأول من القرن الرابع للميلاد، وكانت ذكراها لا تزال تعمر أذهان بعض الناس، فحسبوها الملكة المعنية في القرآن. وقد يكون من المناسب هنا، أن نشير إلى ما يذكره مؤرخو العرب، عن الطريقة التي تولت بها بلقيس الحكم، إذ يقولون إن أحد التبابعة المسمى مالك، كان فاحشًا فاسقًا خبيثًا، لا يبلغه عن بنت ذات جمال إلا أحضرها وفضحها، حتى أتى بنت عمه بلقيس في قصرها، وكانت أعدت له رجلين وأمرتهما بقتله إذا دخل عليها، ولما قتلاه أحضرت وزراءه وأصدقتهم الخبر، وفوضت لهم أن يختاروا رجلًا يملكونه، فقالوا: لا نرضى بغيرك، وملكوها لما رأوا من شهامتها وإبائها، وذلك على رغم كراهية العرب لتولية النساء الحكم. وقبل أن نختم الكلام عن ملكة سبأ، نرى أن نشير إلى أن بعض المفسرين وغيرهم من المؤرخين، يشيرون إلى أن سليمان تزوج من ملكة سبأ، وأنجب منها ولدًا، وللأحباش أسطورة انفردوا بها في هذا الصدد؛ إذ يعتبرون أن بيتهم المالك يرجع في أصله إلى ذلك الولد الذي أنجبه سليمان من سبأ، وهذا هو السر في أن نجاشي الحبشة كان يُلقب بالأسد الهابط من سبط يهوذا.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|