المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16652 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير آية (6) من سورة النساء  
  
10533   03:54 مساءً   التاريخ: 2-11-2016
المؤلف : اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .......
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف النون / سورة النساء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-2-2017 9307
التاريخ: 10-2-2017 5274
التاريخ: 10-2-2017 2993
التاريخ: 14-2-2017 5827


 

قال تعالى : {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء : 6] .

 

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

لما أمر الله بإيتاء الأيتام أموالهم ، ومنع من دفع المال إلى السفهاء ، بين هنا الحد الفاصل بين ما يحل من ذلك للولي ، وما لا يحل فقال : ﴿وابتلوا اليتامى﴾ : هذا خطاب لأولياء اليتامى ، أمرهم الله أن يختبروا عقول اليتامى في أفهامهم ، وصلاحهم في أديانهم ، وإصلاحهم في أموالهم ، وهو قول قتادة ، والحسن ، والسدي ، ومجاهد ، وابن عباس .

﴿حتى إذا بلغوا النكاح﴾ : معناه حتى يبلغوا الحد الذي يقدرون معه على المواقعة ، وينزلون ، وليس المراد بالبلوغ الاحتلام ، لأن في الناس من لا يحتلم ، أو يتأخر احتلامه ، وهو قول أكثر المفسرين . فمنهم من قال : إذا كمل عقله وأونس منه الرشد سلم إليه ماله ، وهو الأولى . ومنهم من قال : لا يسلم إليه ماله وإن كان عاقلا ، حتى يبلغ خمس عشرة سنة . قال أصحابنا : حد البلوغ أما كمال خمس عشرة سنة ، أو بلوغ النكاح ، أو الإنبات .

وقوله ﴿فإن آنستم منهم رشدا﴾ : معناه فإن وجدتم منهم رشدا ، أو عرفتموه ، واختلف في معنى قوله ﴿رشدا﴾ فقيل : عقلاً وديناً وصلاحاً ، عن قتادة ، والسدي . وقيل : صلاحاً في الدين وإصلاحا في المال ، عن الحسن ، وابن عباس . وقيل : عقلا ، عن مجاهد ، والشعبي ، قالا : لا يدفع إلى اليتيم ماله ، وإن أخذ بلحيته ، وإن كان شيخا حتى يؤنس منه رشد العقل . والأقوى أن يحمل على أن المراد به العقل ، وإصلاح المال على ما قاله ابن عباس ، والحسن وهو المروي عن الباقر ، للإجماع على أن يكون كذلك لا يجوز عليه الحجر في ماله ، وإن كان فاجرا في دينه ، فكذلك إذا بلغ ، وهو بهذه الصفة ، وجب تسليم ماله إليه ، وفيه أيضا دلالة على جواز الحجر على العاقل ، إذا كان مفسدا لماله ، من حيث أنه إذا جاز أن يمنع المال عند البلوغ إذا كان مفسدا له فكذلك يجوز الحجر عليه إذا كان مفسدا له بعد البلوغ وهو المشهور في أخبارنا .

وقوله ﴿فادفعوا إليهم أموالهم﴾ : خطاب لأولياء اليتيم ، وهو تعليق لجواز الدفع بالشرطين : البلوغ ، وإيناس الرشد ، فلا يجوز الدفع قبلهما . ﴿ولا تأكلوها إسرافا﴾ : أي بغير ما أباحه الله لكم . وقيل : معناه لا تأكلوا من مال اليتيم فوق ما تحتاجون إليه ، فإن لولي اليتيم أن يتناول من ماله قدر القوت إذا كان محتاجا على وجه الأجرة على عمله في مال اليتيم . وقيل : أن كل شيء من مال اليتيم فهو الأكل على وجه الإسراف . والأول أليق بمذهبنا ، فقد روى محمد بن مسلم عن أحدهما قال : سألته عن رجل بيده ماشية لابن أخ له يتيم في حجره أ يخلط أمرها بأمر ماشيته ! قال : إن كان يليط حياضها ويقوم على مهنتها ويرد نادتها فليشرب من ألبانها غير منهك للحلبات ولا مضر بالولد .

وقوله ﴿وبدارا أن يكبروا﴾أي ومبادرة لكبرهم معناه لا تبادروا بأكل مالهم كبرهم ورشدهم حذرا أن يبلغوا فيلزمكم تسليم المال إليهم . ﴿ومن كان غنيا فليستعفف﴾ : أي من كان غنيا من الأولياء فليستعفف بماله عن أكل مال اليتيم ولا يأخذ لنفسه منه لا قليلا ولا كثيرا يقال استعف عن الشيء وعف عنه إذا امتنع منه وتركه . 

﴿ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف﴾ : ومعناه من كان فقيرا فليأخذ من مال اليتيم قدر الحاجة والكفاية على جهة القرض ثم يرد عليه ما أخذ منه إذا وجد عن سعيد بن جبير ، ومجاهد ، وأبي العالية ، والزهري ، وعبيدة السلماني ، وهو مروي عن الباقر (عليه السلام) . وقيل : معناه يأخذ قدر ما يسد به جوعته ويستر عورته لا على جهة القرض ، عن عطاء بن أبي رباح ، وقتادة ، وجماعة . ولم يوجبوا أجرة المثل لأن أجرة المثل ربما كانت أكثر من قدر الحاجة والظاهر في روايات أصحابنا له أجرة المثل سواء كان قدر كفايته أو لم يكن . وسئل ابن عباس عن ولي يتيم له إبل ، هل له أن يصيب من ألبانها فقال : إن كنت تلوط حوضها ، وتهنأ جرباها ، أصبت من رسلها ، غير مضر بنسل ، ولا ناهك في الحلب . والرسل : اللبن . والنهك : المبالغة في الحلب .

﴿فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم﴾ : وهذا خطاب أيضا لأولياء اليتيم أي إذا دفعتم إلى اليتامى أموالهم بعد البلوغ فاحتاطوا لأنفسكم بالإشهاد عليهم كي لا يقع منهم جحود وتكونوا أبعد من التهمة فانظر إلى حسن نظر الله لليتامى وللأوصياء ، وكمال لطفه بهم ، ورحمته لهم ، وإنعامه عليهم ، وكذلك نظره ولطفه بجميع عباده في أمور معاشهم ومعادهم . ﴿وكفى بالله حسيبا﴾ : أي شاهدا على دفع المال إليهم وكفى بعلمه وثيقة . وقيل : محاسبا فاحذروا محاسبته في الآخرة ، كما تحذرون محاسبة اليتيم بعد البلوغ .

_________________

1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 20-22 .

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير  هذه الآية (1) :

 

{وابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ} . دلت هذه الآية على ان المال لا يعطى للصغير ، حتى يحصل له وصفان : البلوغ والرشد ، وقد أجمعت المذاهب الإسلامية على إن الاحتلام يدل على البلوغ ، سواء أحصل من الذكر ، أم الأنثى في أية سن ، وفي أية حال حصل في اليقظة ، أم في المنام ، واستدلوا بهذه الآية {وابْتَلُوا الْيَتامى} وبقوله تعالى : { وإِذا بَلَغَ الأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا - 59 النور } . . وثبت عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) انه قال : « رفع القلم عن ثلاثة ، عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ . . وقال : لا يتم بعد احتلام .

أما الرشد فيثبت بإعطاء اليتيم شيئا من ماله ، يتصرف فيه ، فإن أحسن وأصاب كان راشدا ، وسلَّم ماله إليه ، والا استمر الحجر عليه ، حتى ولو بلغ المائة عملا بظاهر الآية ، وقال أبو حنيفة : يسلم المال للسفيه بعد بلوغه 25 عاما ( وان لم يكن رشيدا ) - حاشية ابن عابدين ج 5 باب الحجر .

{ولا تَأْكُلُوها إِسْرافاً} . أي لا تتجاوزوا أيها الأولياء في أكلكم من مال القاصر الحد المباح لكم ، لأن الولي يجوز له أن يأكل من مال القاصر ، شريطة أن يكون فقيرا . كما يأتي .

{وبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا} . قد يبادر الولي ، ويستعجل ببعض التصرفات في أموال اليتيم مخافة أن يكبر ، وينتزع أمواله من الولي ، فنهى اللَّه سبحانه عن مثل هذا التصرف الذي تعود فائدته على الولي ، لا على القاصر ، ونبه إلى تحريمه وخطره .

{ومَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ ومَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} . لا يخلو الولي أن يكون واحدا من اثنين : إما غنيا ، وإما فقيرا ، فإن كان غنيا فعليه أن ينتزه عن أكل مال اليتيم ، ويقنع بما آتاه اللَّه من الغنى والرزق ، وان كان فقيرا جاز له أن يتناول منه بقدر حاجته الضرورية على أن لا يتجاوز ما يستحقه من أجر على خدمته ، وفي الحديث إن رجلا سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن يتيم في حجره : هل يأكل من ماله ؟ قال له : كل بالمعروف . وقيل : يأكل على سبيل القرض . . وظاهر الحديث يدحض هذا القول .

{فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً} . قال الإمامية والحنفية : لا يجب على الولي أن يشهد على تسليم المال للقاصر بعد بلوغه ورشده ، وحملوا الأمر بالإشهاد في هذه الآية على الاستحباب دون الوجوب نفيا للتهمة ، وتجنبا للخصومة .

وقال الشافعية والمالكية : بل الأمر هنا للوجوب ، لا للاستحباب أخذا بالظاهر .

____________________

1. تفسير الكاشف ، ج2 ، ص 256-257 .

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

قوله تعالى : { وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ } إلى قوله : { أَمْوالَهُمْ } الابتلاء الامتحان والمراد من بلوغ النكاح بلوغ أوانه ففيه مجاز عقلي والإيناس المشاهدة وفيه شوب من معنى الألفة فإن مادته الأنس ، والرشد خلاف الغي وهو الاهتداء إلى مقاصد الحياة ، ودفع مال اليتيم إليه كناية عن إعطائه إياه وإقباضه له كأن الولي يدفعه إليه ويبعده من نفسه فهو على ابتذاله كناية لطيفة.

وقوله : {حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ } ، متعلق بقوله : { وَابْتَلُوا } ، ففيه دلالة ما على الاستمرار بأن يشرع الولي في ابتلائه من أول ما يأخذ في التمييز ويصلح للابتلاء حتى ينتهي إلى أوان النكاح ويبلغ مبلغ الرجال ، ومن طبع هذا الحكم ذلك فإن إيناس الرشد لا يحصل بابتلاء الصبي في واقعة أو واقعتين بل يجب تكراره إلى أن يحصل الإيناس ويتمشى بالطبع في مدة مديدة حتى يبلغ الرهاق ثم النكاح .

وقوله : { فَإِنْ آنَسْتُمْ } إلخ تفريع على قوله :{ وَابْتَلُوا } والمعنى : وامتحنوهم فإن آنستم منهم الرشد فادفعوا إليهم أموالهم والكلام يؤذن بأن بلوغ النكاح بمنزلة المقتضي لدفع المال إلى اليتيم واستقلاله بالتصرف في مال نفسه والرشد شرط لنفوذ التصرف ، وقد فصل الإسلام النظر في أمر البلوغ من الإنسان فاكتفى في أمر العبادات وأمثال الحدود والديات بمجرد السن الشرعي الذي هو سن النكاح واشترط في نفوذ التصرفات المالية والأقارير ونحوها مما تفصيل بيانه في الفقه مع بلوغ النكاح الرشد ، وذلك من لطائف سلوكه في مرحلة التشريع فإن إهمال أمر الرشد وإلغاءه في التصرفات المالية ونحوها مما يختل به نظام الحياة الاجتماعية في قبيل الأيتام ويكون نفوذ تصرفاتهم وأقاريرهم مفضيا إلى غرور الأفراد الفاسدة إياهم وإخراج جميع وسائل الحياة من أيديهم بأدنى وسيلة بالكلمات المزيفة والمواعيد الكاذبة والمعاملات الغررية إلى ذلك فالرشد لا محيص من اشتراطه في هذا النوع من الأمور ، وأما أمثال العبادات فعدم الحاجة فيها إلى الاشتراط ظاهر ، وكذا أمثال الحدود والديات فإن إدراك قبح هذه الجنايات والمعاصي وفهم وجوب الكف عنها لا يحتاج فيه إلى الرشد بل الإنسان يقوى على تفهم ذلك قبله ولا يختلف حاله في ذلك قبل الرشد وبعده .

قوله تعالى : { وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا } اه الإسراف هو التعدي عن الاعتدال في العمل ، والبدار هو المبادرة إلى الشيء وقوله { وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا } في معنى حذر أن يكبروا فلا يدعوكم أن تأكلوا ، وحذف النفي أو ما في معناه قبل أن وأن قياسي على ما ذكره النحاة قال تعالى : { يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } : [ النساء : 176 ] أي لئلا تضلوا أو حذر أن تضلوا .

والتقابل الواقع بين الأكل إسرافا والأكل بدارا أن يكبروا يعطي أن الأكل إسرافا هو التعدي إلى أموالهم من غير حاجة ولا شائبة استحقاق بل إجحافا من غير مبالاة والأكل بدارا أن يأكل الولي منها مثل ما يعد أجرة لعمله فيها عادة غير أن اليتيم لو كبر أمكن أن يمنعه عن مثل هذا الأكل فالجميع ممنوع إلا أن يكون الولي فقيرا لا محيص له من أن يشتغل بالاكتساب لسد جوعة أو يعمل لليتيم ويسد حاجته الضرورية من ماله وهذا بالحقيقة يرجع إلى ما يأخذ العامل للتجارة والبناية ونحوهما وهو الذي ذكره بقوله : { مَنْ كانَ غَنِيًّا } أي لا يحتاج في معاشه إلى الأخذ من مال اليتيم { فَلْيَسْتَعْفِفْ } أي ليطلب طريق العفة وليلزمه فلا يأخذ من أموالهم { وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ } منها { بِالْمَعْرُوفِ } ، وذكر بعض المفسرين أن المعنى : { فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ } من مال نفسه لا من أموالهم وهو لا يلائم التفصيل بين الغني والفقير.

وأما قوله تعالى : { فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } فتشريع للاستشهاد عند الدفع تحكيما للأمر ورفعا لغائلة الخلاف والنزاع فمن الممكن أن يدعي اليتيم بعد الرشد وأخذ المال من الولي عليه ، ثم ذيل الجميع بقوله تعالى : {وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً} ربطا للحكم بمنشئه الأصلي الأولي أعني محتد كل حكم من أسمائه وصفاته تعالى فإنه تعالى لما كان حسيبا لم يكن ليخلي أحكام عباده من غير حساب دقيق وهو تشريعه المحكم ، وتتميما للتربية الدينية الإسلامية فإن الإسلام يأخذ في تربية الناس على أساس التوحيد إذ الإشهاد وإن كان رافعا غالبا للخلاف والنزاع لكن ربما تخلف عنه لانحراف من الشهود في عدالتهم أو غير ذلك من متفرقات العوامل لكن السبب المعنوي العالي القوي هو تقوى الله الذي كفى به حسيبا فلو جعل الولي والشهود واليتيم الذي دفع إليه المال هذا المعنى نصب أعينهم لم يقع هناك اختلاف ولا نزاع البتة .

فانظر إلى الآيتين كيف أبدعتا في البيان فقد بينتا أولا رءوس مسائل الولاية على أموال اليتامى والمحجور عليهم ومهماتها : من كيفية الأخذ والحفظ والإنماء والتصرف والرد ووقت الأخذ والدفع وتحكيم مبناه ببيان وجه المصلحة العامة في ذلك كله وهو أن المال لله جعله قياما للإنسان على ما تقدم بيانه .

وثانيا الأصل الأخلاقي الذي يربي الإنسان على وفق هذه الشرائع وهو الذي ذكره تعالى بقوله : {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً}.

وثالثا ببناء الجميع على أصل التوحيد الحاكم بوحدته في جميع الأحكام العملية والأخلاقية والباقي على حسن تأثيره في جميع الموارد لو فرض ضعف الأحكام العملية والدستورات الأخلاقية من حيث الأثر ، وهو الذي ذكره بقوله : { وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً } .

__________________________

1. تفسير الميزان ، ج4 ، ص 147-149 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير  هذه الآية (1) :

 

تعليم آخر في شأن اليتامى وأموالهم :

ها هنا تعليم آخر في شأن اليتامى وأموالهم، إِذ يقول سبحانه : (وابتلوا اليتامى حتى إِذا بلغوا النكاح) فإِذا بلغوا سن الرشد الذي آنستم فيه قدرتهم على إِدارة أموالهم والتصرف فيها بنحو معقول فأعطوهم أموالهم : (فإِن آنستم منهم رشداً فادفعوا إِليهم أموالهم) وها هنا نقاط لابدّ من الإِلتفات إِليها.

1ـ إنّه يستفاد من التعبير بـ «حتى» أنّه يجب اختبار اليتامى قبل بلوغ سنّ النكاح ، وأن يتمّ هذا الأمر بصورة مستمرة ومتكررة حتى يعرف بلوغهم حدّ النكاح ويتبيّن أنّهم بلغوا الحدّ اللازم من الرشد العقلي اللازم لإِدارة الأُمور المالية على الوجه الصحيح .

كما أنّه يستفاد ـ ضمناً ـ أنّ المراد من الإِختبار والإِبتلاء هو التربية التدريجية والمستمرة لليتامى ، وهذا يعني أن لا تتركوا اليتامى وتهملوهم حتى يبلغوا سن الرشد ثمّ تعمدوا إِلى إِعطائهم أموالهم، بل لابدّ أن تهيئوهم ـ قبل البلوغ ـ للحياة المستقلة وذلك بالبرامج التربوية العملية .

وأمّا أنّه كيف يمكن اختبار اليتيم فطريقه هو أن يعطى مقداراً من المال ، فيتّجر به ويشتري ويبيع مع نظارة الولي بنحو لا يسلب اليتيم إستقلاله فإِذا تبيّن أنّه قادر على الإِتجار والتعامل كما ينبغي ومن دون أن يغبن ، وجب تسليم أمواله إِليه وإِلاّ فلابدّ أن تستمر تربيته وإِعداده حتى يبلغ تلك الدرجة التي يستطيع فيها أن يستقل بإِدارة شؤونه وتدبير معيشته ، وأخذ زمام حياته المستقبلية بيده .

2ـ إِنّ التعبير بجملة (إذا بلغوا النكاح) إِشارة إِلى أن الرشد المطلوب هو أن يبلغ اليتيم إِلى درجه القدرة على الزواج، وواضح أن الذي يقدر على الزواج لابدّ أنّه يقدر على تشكيل عائلة ، ولا شك أنّ الإِنسان بدون امتلاكه لرأس مال لا يتوصل إِلى أهدافه، ولهذا فإِن بداية الحياة العائلية تتزامن مع بداية الحياة الإِقتصادية المستقلة.

وبعبارة أُخرى أنّ الثروة لا تعطى إِليهم إِلاّ عندما يصلون إِلى البلوغ الجسمي ، فيحتاجون إِلى المال بشدّة ويصلون إِلى البلوغ الفكري ، ويتمكنون من المحافظة على أموالهم في وقت واحد.

3ـ إِنّ التعبير بجملة (آنستم به رشداً) إِشارة إِلى أنّه يجب أن يتأكد من رشدهم، لأنّ الإِيناس بمعنى المشاهدة والرؤية وهذه المادة مشتقة من مادة «الإِنسان» الذي في معانيه ناظر العين وعدستها التي بها تبصر (والرؤية إِنّما تتمّ بالإِستعانة من إِنسان العين ـ في الحقيقة ـ ولهذا عبر عن المشاهدة بالإِيناس).

ثمّ أنّه سبحانه قال : (ولا تأكلوها إسرافاً وبداراً أن يكبروا) وهو تأكيد آخر للأولياء بأن لا يسلموا الأموال إِلى اليتامى قبل أن يكبروا بأن يحافظوا على أموال اليتامى ولا يتلفوها أبداً .

ثمّ أنه تعالى يردف هذا التأكيد بقوله : (ومن كان غنيّاً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف) وبهذا أذن الله تعالى للأولياء بأن يأخذوا لأنفسهم من أموال اليتامى لقاء ما يتحملون من أتعاب في حفظها ، وحراستها ، على أن يراعوا جانب العدل والإِنصاف فيما يأخذونه بعنوان الأُجرة ، هذا إِذا كان الولي فقيراً ، أما إِذا كان غنيّاً فلا يأخذ من مال اليتيم شيئاً أبداً .

وقد وردت في هذا الصدد كذلك روايات توضح وتبيّن ما أشير إِليه من مضمون الآية .

ومن هذه الأحاديث ما روي عن الإِمام الصّادق (عليه السلام) إِذ قال : «فذلك رجل يحبس نفسه عن المعيشة ، فلا بأس أن يأكل بالمعروف إِذا كان يصلح لهم فإن كان المال قليلا (ولا يستغرق ذلك وقتاً كبيراً) طبعاً فلا يأكل منه شيئاً» . (2)

ثمّ يقول سبحانه : (فإِذا دفعتم إِليهم أموالهم فاشهدوا عليهم) لكي لا يبقى أي مجال للإِتهام والتنازع ، وهذا هو آخر حكم في شأن الأولياء واليتامى جاء ذكره في هذه الآية.

واعلموا أنّ الحسيب الواقعي هو الله تعالى ، والأهم من ذلك هو أن حسابكم جميعاً عنده لا يخفى عليه شيء أبداً ولا يفوته صغير ولا كبير فإِذا بدرت منكم خيانة خفيت على الشهود فإِنّه سبحانه سيحصيها عليكم، وسوف يحاسبكم عليها ويؤاخذكم بها : (وكفى بالله حسيباً).

_______________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 34-35 .

2. أصول الكافي ، ج5 ، ص 130 ؛ وتفسير العياشي ، ج1 ، ص 221 .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .