أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-11-2016
2676
التاريخ: 1-11-2016
7336
التاريخ: 1-11-2016
1148
التاريخ: 1-11-2016
3686
|
يمثل هذا العصر المرحلة التي استعاد فيها السومريون سيادتهم بعد انتهاء العصر الاكدي . وتبدأ هذه المرحلة بالعصر الجوتي ، وتنتهي بأسرة أور الثالثة . وفي بداية هذه المرحلة ، نجحت العناصر الجوتية في التدخل في جنوب العراق القديم ولكن ملوكهم فضلوا الاستقرار في شمال العراق ، واكتفوا بترك المدن السومرية لأصحابها نظير دفع لجزية . وقد استمروا في حكم البلاد متتبعين الاسس الحضارية السومرية والأكدية ، كما استعملوا اللغة السومرية ولقبوا انفسهم " ملوك الجوتي وأركان العالم الاربعة " . وقد سجلت قائمة الملوك السومرية أسماء 21 ملكا في تلك الفترة .
ويلاحظ على ملوك هذه المرحلة ، قصر مدة حكمهم ، مما ادى الى عدم الاستقرار الداخلي. وقد انتهزت بعض المدن السومرية هذا التفكك السياسي، وحاولت ان تستعيد مجدها القديم وان تسعى جاهدة للتحرر من حكم الجوتيين. وقد تحقق ذلك في أسرة لجش الثانية . وقد عثر على آثار في لجش لستة عشر ملكا : لوجال أشومجال (عاصر نرامسن وشاركليشاري) ، أورماما ، أوربابا ، اورجارما ، نماخنى ، اورنسسون ، جوديا (حوالي 2060 ق . م . ) أورننجرسو ، او جميه ، اورايا ، لوجاني ، خلالاما ، الامو ، الا ، ارادننار . ويعتبر عهد أوربابا هو عهد الحكم الذاتي لملوك لجش حيث أصبحت لهم الحرية في حكم مدينتهم . وفي عهد جوديا تحررت لجش من حكم الجوتيين . وقد كانت شخصية جوديا موضع احترام للصفات السياسية والدينية التي كان يتمتع بها . ويتميز عهد جوديا ، يعتبر أشرها أسطوانتين وعلى ترك مجموعة كبيرة من الآثار الفنية ، يعتبر أشهرها أسطوانتين طينيتين ، ومجموعة من التماثيل التي لاقت شهرة فنية كبيرة .
ولقد كتب جوديا على احد تماثيله قائمة بالعطايا التي تقدم له واستمر قائلا : " .... ان اي حاكم في المستقبل يعمل على الغاء هذه العطايا ، أو يقف عقبة في قرارات ننجرسو ، فإن قرابينه سوف لا تقدم أوامره لن يعمل بها (1) ... " . ومما تجدر الاشارة اليه ان هذه العطايا لم تكن تقدم للملك متاتا بل كانت تقدم الى تمثاله . ففي قوائم القرابين ، كان تمثال الملك هو الذي يشبه الاله . وكان هو الذي يستقبل العطايا . ويعتقد فرانكفورت في ان الانسان العراقي القديم قد نظر الى ان التمثال قد منح قوة ذاتية مستقلة عن الشخص الذي يمثلها . فجوديا Gudea على سيبل المثال ، وأرسل خطابا رسما يشير الى انه لابد يقول جوديا " ... وقال جوديا عندما كان يعطي التعليمات الى التمثال ، يا تمثال قل لمليكي ... " . وكون التمثال يخاطب كشيء مستقل ، يدل على امكانية وجوده كوسيط حقيقي بين الملك والاله . وكان يجرى التوسل بحالة جوديا أمام تمثال اله المدينة ، ويجرى تذكيره بالخدمات التي قدمت اليه . وكانت تلك المهمة تشبه تلك التي يقوم بها آلهة الاشخاص الذي علموا كوسطاء بين الانسان وبين الآلهة الكبيرة وظهروا على التماثيل وهو يضعون انفسهم تحت حماية الآلهة الاخرى ويتشفعون بالنيابة عنهم . وكان هؤلاء الاخيرين أقرب اليهم من الآلهة العظيمة حي كانوا يتصلون بهم عند الضرورة . وكان الاله الشخصي للملك يعتبر مسؤولا عن أية خطيئة يرتكبها الملك . وكان من التعبيرات التي استعملت في تلك المرحلة (الانسان يكون في ظل الهه الشخصي) . وهذا التعبير يعني ان حماية الاله قد امتدت الى هذا الشخص كما تمتد فوق اي من اتباعه. وفي هذا المجال يشير فرانكفورت
" .... ان ظل الانسان هو انسان
والناس هم ظل هذا الانسان
وهذا الانسان هو الملك
(وهو الذي) يشبه صورة الاله (2) ... "
ولقد كان من الاصول المرعية الا تهمل تماثيل الحكام . فكان كل حكام بطمع في ان ما بناه في حياته ، يحترم بعد مماته بواسطة خلفائه. وعلى هذا فإن الملك كان يمثل الحماية التي يعطيها الاله ، او أن الملك هو المنفذ للحماية الالهية.
أما فيما يختص باهتمام جوديا ببناء المعبد الرئيسي في لجش ، فقد بذل جهدا ملموسا في توفير ما يحتاجه من المواد الخام اللازمة لإقامة المعبد . ويشير الى ذلك نص " جوديا انسى لجش (3) " المنقوش على اسطوانة (1) .
هذا وقد كثرت الاشارات الى ملكية ننجرسو في نقوش جوديا بصفة خاصة . فعندما انتهى من اعادة تشييد المعبد ، جاء بالعطايا الى ووجه اليه الدعاء التالي :
" ... يا مليكي ، يا ننجرسو ،
لقد شيدت معبدك وانى لسعيد ان ادخلك فيه ... " .
ومن النماذج المعبرة عن الاتصال بين الآلهة والملك ، ان الآلهة امروا جوديا ان يعيد بناء انينو (4) Eninnu معبد ننجرسو وذلك بأن ظهر له ننجرسو في الحلم .
"..... وقد تحدث الاله ننجرسو عندما رأى جوديا ملكه في منتصف الليل ، الي جوديا بخصوص بناء بيته ، وفي انينو ذو القوى العظيمة .... " .
ولقد تصرف جوديا بناء على رغبات ننجرسو .
ومن أمثلة تأثير أو الاحلام ما قرره جوديا عندما سأل النصيحة من الالهة نانشى Nanshe ، يقول النص :
" ..... كان جوديا بقلبه المفحم ، يمعن النظر في الامر ....
اذهب اليها لابد ان اخبرها ،
ربما ستقف بجانبي في هذه الاشياء !
انا راع
ان امارة الرعية قد منحت الى
ولكن انا لم افهم المعنى لهذا الذي جاءني في منتصف الليل
انا لابد ان اقصى حلمي على امي (5) .... " .
ومر جوديا على معبدين في لجش حيث قدم القرابين، ثم كشف للإلهة نانشي عن رؤياه المفزعة.
ولقد فسرت الالهة نانشى الرؤيا ، واسدت نصيحة بأن يقوم جوديا بتكريم الاله ننجرسو بإعادة بناء معبده . ونصيحة نانشى هذه تكشف مرة اخرى عن الخوف الذي كان عنصرا قويا في الفكر العراقي القديم .
ولقد نفذ جوديا نصيحة الالهة عند عودته الى لجش ،فقدم الهدايا، واحرق الاعشاب الطيبة، وخاطب ننجرسو قائلا :
" ما ملكى ننجرسو ، يا سيد المياه المرتفعة
يا سيدي الموثوق به
يا بذرة من سلالة الجبل العظيم انليل
يا ننجرسو سوف ابنى لك بيتك
ولكن ليس لدى الاوامر المعينة يا محارب اعلن ماذا سيكون
ولكن يا ابن انليل سيد ننجرسو انا لم اعد بعد افهم جيدا .... "
وجاء الرد في الحلم
" .... الى النائم ، الى النائم للمرة الثانية
انه ظهر واقفا عند رأسه يربت عليه بسيفه.... " .
ولقد اظهر الاله نفسه في مجموعة من الالقاب المؤثرة والخيفة ثم وعد جوديا بعودة فيضان شهر دجلة عندما يبدأ العمل في المعبد .
" .... حينما ايها الراعي الموثوق بجوديا
يبدأ من اجلي العمل على انينو في معبدي الملكي
سوف استدعى ريحا رطبة في السماء
وسوف تحضرك من اعلى
وسوف تمد الامة يديها في ذلك الوقت
وسوف يصاحب الرخاء وضع اساس بيتي
كما ان كل الحقوق العظيمة سوف تتحمل من اجلك (6) ... . "
وفي حالة مقابلة الاخطار والكوارث ، كان على الملك ان يقوم بتأدية بعض الطقوس الدينية ، واستشارة الرجال العقلاء في تفسير بعض الاحلام ، او اللجوء الخلوة . وفي الحالة الاخيرة كان يترك للكهنة الاشراف على الطقوس الدينية بدلا منه . وكان لعرافين اثر كبير في تحديد الايام التي يمكن للملك فيها ان يؤدي بعض واجباته الملكية ، او تحمل التحذير للملك ، بخطورة القيام بأعمال فيها . ويتضح ذلك من النص التالي :
" ... اليوم خطير وراعى الشعب العظيم (الملك)
لن يأكل اللحم .... ولا الخبز....
انه لن يغير الملابس التي على جسمه،
كما أنه لن يقدم التضحية
ان الملك لن يركب عربته الحربية
انه لن يتكلم كحاكم
ان الكاهن المقدس لن ينطق بكلمة واحدة
ان الطبيب لن يعالج مريضا واحدا
ان هذا اليوم غير مناسب لتحقيق رغبات الانسان (7) .... " .
وبناء على نتائج التقوم الذي يتنبأ به العرافون ، كان يتقرر مصائر الامة ، والواجبات الملقاة على عاتق الملك لمقابلة تلك التحديات . وزيادة على ذلك ، كان الملك يستطيع ان يتصل بعالم الآلهة (بحكم وضعه المقدس) لمواجهة الاخطار التي كانت تهدد الدولة .
وتشير الادلة الاثرية في أطلال مدينة لجش ، الى نشاط جوديا في كافة الميادين سواء السياسية او الاقتصادية، ومن ذلك احضاره المواد التي احتاج اليها من عيلام وسوسة وما جان وملوحا Meluhha وجبال مارتو(8) (martu) وربما يدل ذلك على تحكم مدينة لجش في عهده في المدن والاقاليم المجاورة حتى عيلام وما جان. وفي المجال التجاري، حتى لبنان وآسيا الصغرى . وتشير الادلة النصية الى ذكر جبال خشب الارز وأمانوس كمصدر (لجذوع أخشاب الارز) التي أحضرها جوديا حاكم لجش لبناء معبد ننجرسو في لجش . كما توجد اشارة اخرى الى الاحجار التي استوردها من منطقة باسار Basar وتيدان Tidan، والتي اطلق، عليها جوديا لقب جبال أمورو Amuru. كما توجد اشارة ايضا الى ابلا Ibla وبلاد خاحوم (9) Kahum . وقد عمل جوديا على احياء الآداب السومرية، كما شيد معابد للآلهة. ويعتبر عهده بوجه عام عهد احياء الحيوية السومرية في وقت انهار يه النفوذ السامي في الشمال ، وتمكنت فيه لجش من الاعتماد على نفسها في التطور الذي وصلت اليه .
________
(1). Thureau-Dangin, F., Ibid. p. 105.
(2). Fran1dort, H., Op. Cit, P. 406.
(3). Leo-Oppenheim, A., Historical Documents, «Guflea Ensi of
Lagaah», (in) A.N.E.T., P. 268.
(4). Jacobsen, T., and Others, Op. Cit, P. 205.
(5). Fran1dort, H., Op. Cit, P. 256.
(6). Frankfort, H., Ibid. P. 257.
(7). Frankfort, H., Ibid. P. 261.
(8). Leo-Oppenheim, A., Op. Cit, PP. 268-269.
(9). Bottéro, J.; Relations with Mesopotamia, «Syria During the
Third Dynasty of Ur», (in) C.A.H., 3rd ed., Vol. 1, Part 2A,
Early History of the Middle East, Cambridge 1971, p. 559.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|