أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-5-2020
1854
التاريخ: 28-9-2016
2707
التاريخ: 15-5-2020
3499
التاريخ: 28-9-2016
4186
|
ان الذّنوب تنقسم إلى ما بين العبد و بين اللّه و إلى ما يتعلق بحقوق العباد ، و الأول إما مغفور و إما مرجوّ المغفرة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «الذّنوب ثلاثة : فذنب مغفور و ذنب غير مغفور و ذنب نرجو لصاحبه و نخاف عليه ، قيل : يا أمير المؤمنين فبيّنها لنا ، قال : نعم.
أما الذّنب المغفور فعبد عاقبة اللّه على ذنبه في الدّنيا و اللّه تعالى أحلم و أكرم من أن يعاقب عبده مرتين.
و أما الذّنب الذي لا يغفره اللّه فظلم العباد بعضهم لبعض إن اللّه إذا برز للخليقة أقسم قسما على نفسه فقال : و عزتي و جلالي لا يجوزني ظلم ظالم و لو كفا بكف و لو مسحة بكفّ و لو نطحة ما بين القرناء إلى الجماء(1) فيقتص للعباد بعضهم من بعض حتى لا يبقى لأحد مظلمة ثم يبعثهم اللّه للحساب.
و أمّا الذّنب الثالث فذنب ستره اللّه على خلقه و رزقه التوبة منه فأصبح خائفا من ذنبه راجيا لربّه فنحن له كما هو لنفسه و نرجو له الرّحمة و نخاف عليه العقاب»(2).
و لعله (عليه السلام) اراد بالتوبة المشكوك في شروطها لما عرفت أن التوبة الجامعة للشرايط مقبولة فاذا كانت مقبولة فالذنب لا محالة مغفور.
و بقسمة ثانية تنقسم الذّنوب إلى صغاير و كباير قال اللّه تعالى : {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } [النساء : 31] , و قال تعالى : {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} [النجم : 32] و قال النبي (صلى الله عليه واله) : «الصّلاة الخمس و الجمعة إلى الجمعة تكفر ما بينهن إن اجتنب الكبائر»(3).
و قد كثرت الأقوال في تعيين الكباير و اختلفت الرّوايات فيها فعن الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى : {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء : 31] , قال : «الكباير التي أوجب اللّه عليها النار»(4).
و عنه (عليه السلام) «أنه سئل عن الكباير فقال : هن في كتاب علي (عليه السلام) سبع : الكفر باللّه ، و قتل النفس ، و عقوق الوالدين ، و اكل الربا بعد البينة ، و اكل مال اليتيم ظلما ، و الفرار من الزّحف ، و التعرب بعد الهجرة ، قيل له : فأكل درهم من مال اليتيم ظلما أكبر أم ترك الصّلاة؟ , قال : ترك الصّلاة قيل : فما عددت ترك الصّلاة في الكباير ، فقال : أي شيء أول ما قلت لك؟ , قال : الكفر ، قال فانّ تارك الصّلاة كافر يعني من غير علّة»(5).
و عن الكاظم (عليه السلام) «انه سئل عن الكباير كم هي و ما هي؟ , فكتب : الكباير من اجتنب ما وعد اللّه عليه النار كفر اللّه عنه سيّئآته إذا كان مؤمنا ، و السّبع الموجبات(6) , قتل نفس الحرام ، و عقوق الوالدين و أكل الربا ، و التعرب بعد الهجرة(7) , و قذف المحصنة ، و أكل مال اليتيم ، و الفرار من الزحف(8)»(9).
و عن الجواد (عليه السلام) قال: «سمعت أبي يقول سمعت أبي موسى بن جعفر (عليه السلام) يقول : دخل عمرو بن عبيد على أبي عبد اللّه (عليه السلام) فلما سلم و جلس تلا هذه الآية : {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} [النجم : 32] , ثم أمسك فقال له أبو عبد اللّه (عليه السلام) ما أسكتك؟ , قال : احبّ أن أعرف الكباير من كتاب اللّه ، فقال : نعم يا عمرو أكبر الكباير الاشراك باللّه يقول اللّه : {مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} [المائدة : 72] , و بعده الاياس من روح اللّه لأنّ اللّه يقول : {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف : 87] , ثمّ الأمن من مكر اللّه لأن اللّه تعالى يقول : { فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} [الأعراف: 99] , و منها عقوق الوالدين لأن اللّه تعالى جعل العاق جبّارا(10) شقيا ، و قتل النفس التي حرم اللّه إلّا بالحقّ لأنّ اللّه يقول : {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} [النساء : 93] , و قذف المحصنة لأنّ اللّه تعالى يقول : {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور: 23] و أكل مال اليتيم لأنّ اللّه تعالى يقول: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا } [النساء : 10] , و الفرار من الزّحف لأنّ اللّه يقول : {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } [الأنفال : 16] , و أكل الربا لأن اللّه يقول : {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ } [البقرة: 275] , و السّحر لأنّ اللّه يقول : {وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة : 102] , و الزّنا لأنّ اللّه يقول : {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} [الفرقان : 68، 69] , و اليمين الغموس(11) , الفاجرة لأنّ اللّه يقول : {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ} [آل عمران: 77] و الغلول(12) , لأنّ اللّه يقول : {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] و منع الزّكاة المفروضة لانّ اللّه تعالى يقول : {فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ } [التوبة: 35] و شهادة الزّور و كتمان الشهادة لأن اللّه يقول : {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة : 283] , و شرب الخمر لأن اللّه نهى عنها(13) , كما نهى عن عبادة الأوثان ، و ترك الصّلاة متعمّدا أو شيئا ممّا فرض اللّه ، لأن رسول اللّه (صلى الله عليه واله) قال : من ترك الصّلاة متعمدا فقد برأ من ذمّة اللّه و ذّمة رسوله ، و نقض العهد و قطيعة الرّحم لان اللّه يقول : {لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد : 25].
قال فخرج عمرو و له صراخ من بكائه يقول: هلك من قال برأيه و نازعكم في الفضل و العلم»(14).
إن قيل كيف ورد الشرع بما لم يبين حدّه؟ , قلنا إن كلّ ما لا يتعلق به حكم في الدّنيا جاز أن يتطرق إليه الابهام و الكبيرة على الخصوص لا حكم لها في الدّنيا من حيث إنّها كبيرة ، فان موجبات الحدود معلومة بأسبابها و إنما حكم الكبيرة أن اجتنابها يكفر الصّغاير و أن الصّلاة الخمس لا يكفرها ، و هذا أمر يتعلق بالآخرة و الابهام أليق به حتّى يكون النّاس على و جل و حذر فلا يتجرؤون على الصغاير اعتمادا على الصّلوات الخمس و اجتناب الكباير.
ثم اجتناب الكبيرة إنما يكفر الصّغيرة إذا اجتنبها مع القدرة و الارادة ، كمن يتمكن من امرأة و من مواقعتها فيكف نفسه عن الوقاع و يقتصر على نظر و لمس فان مجاهدته نفسه في الكف عن الوقاع أشدّ تأثيرا في تنوير قلبه من اقدامه على النظر في إظلامه فهذا معنى تكفيره ، فان كان امتناعه لعجز أو خوف أو نحو ذلك فلا يصلح للتكفير و كذلك من لا يشتهي الخمر بطبعه و لو ابيح له لما شربه فاجتنابه لا يكفر عنه الصغاير التي هي من مقدماته كسماع الملاهي و الاوتار.
______________________
1- كبش أجم لا قرن له و الانثى جماء 54 ، و قرناء خلاف جماء.
2- الكافي : ج 2 , ص 443.
3- احياء علوم الدين : ج 4 , ص 17.
4- الكافي : ج 2 , ص 276.
5- الكافي : ج 2 , ص 278.
6- الموجبات بفتح الجيم أي التي اوجب اللّه عليه النار، و يحتمل كسرها أي التي توجب النار كذا كذا في الوافي.
7- التعرب بعد الهجرة هو ان يعود الى البادية و يقيم مع الاعراب بعد أن كان مجاجرا و كان من رجع بعد الهجرة الى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد كذا قال ابن الاثير في نهايته ولا يبعد تعميمه لكل من تعلم آداب الشرع و سننه ثم تركها و اعرض عنها و لم يعمل بها. كذا في الوافى
8- المحصنة بفتح الصاد : المعروفة بالعفة ، و الزحف المشي الى العدو للمحاربة. الوافي
9- الكافي : ج 2 , ص 276.
10- حيث قال سبحانه عن عيسى( عليه السلام): { وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا } [مريم: 32] , أي عاقا لها.
11- قال في محجة البيضاء : و هي التي يحق بها باطلا أو يبطل بها حقا ، و سميت غموسا لانها تغمس صاحبها في النار.
و قال في الوافي : الغموس الفاجرة أي الكاذبة سميت غموسا لانها تغمس صاحبها في الاثم.
12- الغلول الخيانة في المغنم و السرقة من الغنيمة قبل القسمة سميت غلولا لان الايدي فيها مغلولة أي ممنوعة كذا في النهاية الاثيرية.
13- في قوله تعالى : {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة : 90].
14- الكافي : ج 2 , ص 285.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|