أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-19
![]()
التاريخ: 25-9-2016
![]()
التاريخ: 2023-12-15
![]()
التاريخ: 2023-12-16
![]() |
لا يحسب من عبادة اللّه و لا يعد من طاعة اللّه بحيث يترتب عليه الأجر في الآخرة إلا ما يراد التقرب إلى اللّه و الدار الآخرة، أي يراد به وجه اللّه من حيث هو، من دون غرض آخر من الأغراض الدنيوية ، أو يراد به التوصل إلى ثوابه ، أو الخلاص من عقابه ، فمن أراد بعبادته محض وجه اللّه ، و اخلصها له لكونه أهلا للعبادة ، و لمحبته له لما عرفه بجلاله و جماله و عظمته و لطف فعاله ، فاحبه و اشتاق إليه ، و لا يريد سواه ، و لا يبتهج بغير حبه و انسه و الاستغراق في لجة شهوده ، فيفرح بعبادته و توجيه قلبه إليه بطاعته.
فجزاؤه أن يحبه اللّه و يجتبيه ، و يقربه إلى نفسه و بدنه قربا معنويا و دنوا روحانيا ، كما قال في حق بعض من هذا صفته : {وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ} [ص : 25] , و إلى هذه المرتبة أشار أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله : «إلهي ما عبدتك خوفا من نارك و لا طمعا في جنتك ، و لكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك».
وأما من غرضه نيل الثواب و الخلاص من العقاب ، نظرا إلى انه لم يعرف من اللّه سوى كونه إلها صانعا للعالم قادرا قاهرا عالما ، و ان له جنة ينعم بها المطيعين ، و نارا يعذب بها العاصين ، فعبده ليفوز بجنته أو يتخلص من ناره : فجزاؤه بمقتضى نيته ان يدخله جنته ، و ينجيه من ناره ، لأن جزاء الأعمال على حسب النيات ، كما أخبر اللّه - تعالى- عنه في غير موضع من كتابه ، فان لكل امرئ ما نوى ، و لا تصغ إلى قول من ذهب إلى بطلان العبادة إذا قصد بفعلها الثواب أو الخلاص من العقاب زعما منه أن هذا القصد مناف للاخلاص الذي هو إرادة وجه اللّه وحده ، و ان من قصد ذلك إنما قصد جلب النفع إلى نفسه ، و دفع الضرر عنها لا وجه اللّه - سبحانه- ، فان هذا قول من لا معرفة له بحقائق التكاليف و مراتب الناس فيها ، بل ولا معرفة له بمعنى النية و حقيقتها ، فان حقيقة النية عبارة عن انبعاث النفس و ميلها و توجهها إلى ما فيه غرضها و مطلبها ، إما عاجلا او آجلا ، لا مجرد قول الناوى عند العبادة : افعل كذا قربة إلى اللّه ، و مجرد تصور هذا القول بخاطره و ملاحظته بقلبه و إن لم يكن لنفسه انبعاث إلى التقرب ، هيهات هيهات! إنما هذا تحريك لسان و حديث نفس ، و ما ذلك الا كقول الشبعان : اشتهى هذا الطعام ، قاصدا حصول الاشتهاء ، و هذا الانبعاث إذا لم يكن حاصلا للنفس لا يمكنها اختراعه و اكتسابه بمجرد القول و التصور، و أكثر الناس تتعذر منهم العبادة ابتغاء لوجه اللّه و تقربا إليه ، لانهم لا يعرفون من اللّه - تعالى- الا المرجو و المخوف ، فغاية مرتبتهم ان يتذكروا النار و يحذروا أنفسهم عقابها ، و يتذكروا الجنة و يرغبوا أنفسهم ثوابها و خصوصا من كان ملتفتا إلى الدنيا ، فانه قلما تنبعث له داعية إلى فعل الخيرات لينال بها ثواب الآخرة ، فضلا عن عبادته على نية إجلال اللّه - تعالى- لاستحقاقه الطاعة و العبودية ، فانه قل من يفهمها فضلا عمن يتعاطاها ، فلو كلف بها لكان تكليفا بما لا يطاق ، وليس معنى الإخلاص في العبادة الا عدم كونها مشوبة بشوائب الدنيا و الحظوظ العاجلة للنفس ، كمدح الناس ، و نيل المال ، و الخلاص من النفقة لعتق العبد و نحو ذلك ، و ظاهر انه لا تنافيه إرادة الجنة و الخلاص من النار بما وعد في الآخرة ، و ان كان من جنس المألوف في الدنيا ، و لو كان مثل هذه النيات مفسدة للعبادات لكان الترغيب و الترهيب و الوعد و الوعيد عبثا ، اذ كل ما وعد به الجنة و اوعد عليه النار مما رغب و وعد به و رهب و اوعد عليه ، و ما ورد في الترغيب و الترهيب و الوعد و الوعيد من الآيات و الاخبار أكثر من ان يحصى ، قال اللّه سبحانه :{ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء : 90] , ثم كيف يمكن للعبد الضعيف الذليل المهين الذي لا يملك لنفسه نفعا و لا ضرا و لا موتا و لا حياتا و لا شيئا مما ينفعه و يؤذيه ، أن يستغني عن جلب النفع لنفسه أو دفع الضرر عنها من مولاه.
ومن تأمل يجد أن القائل ببطلان العبادة بإحدى النيتين ترجع نيته الصحيحة في عبادته إلى أحداهما و هو لا يشعر به.
ومما يدل صريحا على ما ذكرناه قول الصادق (عليه السّلام) : «العباد ثلاثة : قوم عبدوا اللّه عز و جل , خوفا فتلك عبادة العبيد.
وقوم عبدوا اللّه تبارك و تعالى طلب الثواب ، فتلك عبادة الاجراء ، و قوم عبدوا اللّه - عز و جل- حبا له ، فتلك عبادة الاحرار، و هي أفضل العبادة» .
وهذا يدل على ان العبادة على الوجهين الأولين لا تخلو من فضل أيضا ، فضلا عن أن تكون صحيحة.
نعم لا ريب في أن العبادة على الوجه الأخير لا نسبة لمنزلتها و درجتها إلى درجة العبادة على الوجهين الأولين ، فان من تنعم بلقاء اللّه و النظر إلى وجهه الكريم ، يسخر ممن يلتفت الى وجه الحور العين كما يسخر المتنعم بالنظر إلى وجه الحور العين بالملتفت الى الصور المصنوعة من الطين ، و كما يسخر المتنعم بالنظر إلى وجوه النساء الجميلة بالخنفساء التي تعرض عن النظر إلى وجوههن و تلتفت إلى صاحبتها و تألف بها ، بل هذه أمثلة أوردناها من باب الاضطرار، إذ التفاوت بين جمال الحضرة الربوبية و جمال الحور العين او النسوان الجميلة أعظم كثيرا من التفاوت بين جمال الحور العين و الصور المصنوعة من الطين و بين جمال النسوان الجميلة و الخنفساء ، كيف و التفاوت في الثاني متناه و في الأول غير متناه ، وأي نسبة للمتناهي إلى غير المتناهي.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|