أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-9-2016
792
التاريخ: 23-9-2016
1004
التاريخ: 23-9-2016
814
التاريخ: 22-6-2017
2569
|
[قال الفيض الكاشاني :] في الحج و زيارة المشاهد قال اللّه تعالى : {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران : 97] وقال النبي (صلى الله عليه واله): «من مات و لم يحج فليمت إن شاء يهوديا و إن شاء نصرانيا»(1).
وقال الصادق (عليه السلام): «من مات و لم يحج حجة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة يجحف(2) , به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا»(3) و الاخبار في فضل الحج و العمرة أكثر من أن تحصى و هي مذكورة في مواضعها مع كيفية أعمالها.
و أما بيان السرّ فيها فاعلم أنه لا وصول الى اللّه تعالى إلا بالتنزه عن الشهوات و الكف عن اللذات و الاقتصار على الضّروريات فيها و التجرد للّه تعالى في جميع الحركات و السّكنات ، و لأجل هذا انفرد الرّهابين(4) , في الملل السالفة عن الخلق و انحازوا إلى قلل الجبال و آثروا التوحش عن الخلق لطلب الانس باللّه فتركوا اللّذات الحاضرة و ألزموا أنفسهم المجاهدات الشّاقة طمعا في الاخرة و أثنى اللّه تعالى عليهم في كتابه فقال : {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ} [الحديد : 27] , و قال : {ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة : 82].
فلما اندرس ذلك و أقبل الخلق على اتباع الشهوات و هجروا التجرد لعبادة اللّه و فتروا عنها بعث اللّه تعالى محمدا (صلى الله عليه واله) لاحياء طريق الاخرة و تجديد سنة المرسلين في سلوكها فسأله أهل الملل عن الرهبانية و السّياحة في دينه فقال (صلى الله عليه واله): ابدلنا بها الجهاد و التكبير على كل شرف قيل : يعني الحج ، و سئل عن السّائحين ، فقال : هم الصائمون.
فأنعم اللّه على هذه الامة بأن جعل الحجّ رهبانية لهم ، فشرف البيت العتيق بالاضافة إلى نفسه ، و نصبه مقصدا لعباده ، و جعل ما حواليه حرما لبيته ، و تفخيما لأمره ، و جعل عرفات كالميدان على فناء حرمه ، و أكد حرمة الموضع بتحريم صيده و قطع شجره و وضعه على مثال حضرة الملوك يقصده الزوار من كل فج عميق ، و من كلّ أوب سحيق(5) , شعثاء غبراء متواضعين لربّ البيت و مستكينين له خضوعا لجلاله و استكانة لعزته مع الاعتراف بتنزّهه عن أن يحويه بيت أو يكتنفه بلد ، ليكون ذلك ابلغ في رقهم و عبودّيتهم و أتم في اذعانهم و انقيادهم.
و لذلك وظف عليهم فيها أعمالا لا تأنس بها النفوس ، و لا تهتدي الى معانيها العقول كرمي الجمار بالأحجار ، و التردّد بين الصّفا و المروة على سبيل التكرار ، و بمثل هذه الأعمال يظهر كمال الرق و العبودية ، فان الزكاة إرفاق و وجهه معلوم و للعقل اليه ميل و الصّوم كسر للشهوة التي هي عدو اللّه و تفرغ للعبادة بالكف عن الشواغل ، و الركوع و السّجود في الصّلاة تواضع للّه تعالى بأفعال هي هيئآت التواضع و للنفوس انس بتعظيم اللّه.
فاما ترددات السّعي و رمي الجمار فلاحظ للنفس و لا انس للطبع فيها و لا اهتداء للعقل إلى معانيها ، فلا يكون للاقدام عليها باعث إلّا الأمر المجرّد و قصد الامتثال للأمر من حيث انه امر واجب الاتباع فقط ، و فيه عزل العقل عن تصرّفه و صرف النفس و الطبع عن محلّ انسه ، فان كل ما أدرك العقل معناه مال الطبع اليه ميلا ما ، فيكون ذلك الميل معينا للأمر و باعثا معه فلا يكاد يظهر به كمال الرق و الانقياد.
ولذلك قال النبي (صلى الله عليه واله) في الحجّ على الخصوص : لبّيك بحجة حقّا و تعبّدا و رقا و لم يقل ذلك في صلاة و غيرها ، و إذا اقتضت حكمة اللّه تعالى ربط نجاة الخلق بأن تكون أعمالهم على خلاف هوى طباعهم و أن يكون زمامهم بيد الشرع فيتردّدون في أعمالهم على سنن الانقياد على مقتضى الاستبعاد ، كان مالا يهتدى إلى معانيه أبلغ أنواع التعبّدات في تزكية النفوس و صرفها عن مقتضى الطبع و الاخلاق إلى مقتضى الاسترقاق.
و إذا تفطنت لهذا فهمت أن تعجب النفوس عن هذه الافعال العجيبة مصدره الذّهول عن أسرار التعبّدات ، و قد ظهر ممّا ذكر أن قاصد البيت قاصد إلى اللّه وزاير له فبالحريّ أن يفوز بلقاء اللّه في ميعاده المضروب له و التشوق إلى لقاء اللّه مسوق إلى أسباب اللقاء فليجعل عزمه خالصا لوجه اللّه ، بعيدا عن شوايب الرياء و غيره.
__________________
1- العوالي : ج 2 , ص 235.
2- أجحف به الفاقة : أفقرته الحاجة. ق.
3- الدعائم : ج 1 , ص 288 , و ثواب الاعمال : ص 281.
4- الراهب جمع رهابين. المنجد.
5- جاء و امن كل أوب معناه من كل مرجع أي من كل فج و سحق المكان فهو سحيق مثل بعد بالضم فهو بعيد و زنا و معنى كذا عن المصباح.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|