أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-08
252
التاريخ: 20-9-2016
281
التاريخ: 2024-09-08
236
التاريخ: 20-9-2016
363
|
ويقع الكلام في هذه القاعدة من جهات :
[جهات البحث] :
الجهة الأولى : في بيان مفهوم الكافر :
وتوضيح المراد منه فنقول المستفاد من اللغة ان الكافر عبارة عن الانكار وعبارة عن الستر وبهذا الاعتبار يقال ويطلق عنوان الكافر على من ينكر الالوهية والرسالة واما من حيث النصوص الواردة في المقام فهي مختلفة وعلى طوائف: الطائفة الأولى: ما يدل على ان الإسلام متقوم بالصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية: منها ما رواه أبو حمزة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الإسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية «1» ومنها ما رواه عجلان أبي صالح قال :
قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام اوقفني على حدود الايمان فقال شهادة أن لا إله إلّا اللّه وانّ محمدا رسول اللّه والاقرار بما جاء به من عند اللّه وصلاة الخمس واداء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت وولاية وليّنا وعداوة عدوّنا والدخول مع الصادقين «2» ومنها ما رواه فضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الإسلام على خمس على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم يناد بشيء كما نودي بالولاية فأخذ الناس باربع وتركوا هذه يعني الولاية «3» ومنها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الإسلام على خمسة أشياء على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية قال زرارة فقلت وايّ شيء من ذلك أفضل فقال الولاية افضل لأنها مفتاحهنّ والوالي هو الدليل عليهن «4».
عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الإسلام على خمس: الولاية والصلاة والزكاة وصوم شهر رمضان والحج «5» ومنها ما رواه فضيل عن أبي جعفر عليه السّلام قال: بني الإسلام على خمس: الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية ولم ينادي بشيء ما نودي بالولاية يوم الغدير «6» ومنها ما رواه عيسى بن السريّ قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام حدثني عما بنيت عليه دعائم الإسلام اذا أنا أخذت بها زكي عملي ولم يضرّني جهل ما جهلت بعده فقال: شهادة أن لا إله الّا اللّه وانّ محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والاقرار بما جاء به من عند اللّه وحق في الأموال من الزكاة والولاية التي أمر اللّه عزّ وجلّ بها ولاية آل محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال: من مات ولا يعرف امامه مات ميتة جاهلية، قال اللّه عزّ وجلّ : {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء: 59] فكان علي عليه السّلام ثم صار من بعده حسن ثم من بعده حسين ثم من بعده علي بن الحسين ثم من بعده محمد بن علي ثم هكذا يكون الأمر ان الأرض لا تصلح الّا بامام ومن مات لا يعرف امامه مات ميتة جاهلية وأحوج ما يكون أحدكم الى معرفته اذا بلغت نفسه هاهنا قال واهوى بيده الى صدره يقول حينئذ لقد كنت على أمر حسن «7» ومنها ما رواه أبو بصير قال: سمعته يسأل أبا عبد اللّه عليه السّلام فقال له جعلت فداك أخبرني عن الدين الذي افترض اللّه عزّ وجلّ على العباد ما لا يسعهم جهله ولا يقبل منهم غيره ما هو؟ فقال أعد عليّ فأعاد عليه فقال شهادة أن لا إله الّا اللّه وانّ محمدا رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت من استطاع اليه سبيلا وصوم شهر رمضان ثم سكت قليلا ثم قال والولاية مرتين ثم قال هذا الذي فرض اللّه على العباد ولا يسأل الربّ العباد يوم القيام فيقول ألا زدتني على ما افترضت عليك ولكن من زاد زاده اللّه ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم سنّ سننا حسنة جميلة ينبغي للناس الأخذ بها «8» ومنها ما رواه عمرو بن حريث قال: دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام وهو في منزل أخيه عبد اللّه بن محمد فقلت له: جعلت فداك ما حوّلك الى هذا المنزل قال: طلب النزهة فقلت: جعلت فداك الا أقصّ عليك ديني فقال: بلى قلت أدين اللّه بشهادة أن لا إله الّا اللّه وحده لا شريك له وانّ محمدا عبده ورسوله {وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [الحج: 7] , {وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ } [الأنبياء: 73] وصوم شهر رمضان وحج البيت والولاية لعلي أمير المؤمنين بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم والولاية للحسن والحسين والولاية لعلي بن الحسين والولاية لمحمد بن علي ولك من بعده صلوات اللّه عليهم أجمعين وانكم ائمتي عليه أحيا وعليه أموت وأدين اللّه به فقال: يا عمرو هذا واللّه دين اللّه ودين آبائي الذي أدين اللّه به في السرّ والعلانية فاتّق اللّه وكفّ لسانك الّا من خير ولا تقل أني هديت نفسي بل اللّه هداك فادّ شكر ما أنعم اللّه عزّ وجلّ به عليك ولا تكن ممن اذا أقبل طعن في عينه واذا أدبر طعن في قفاه ولا تحمل الناس على كاهلك فانك أو شك ان حملت الناس على كاهلك أن يصدعوا شعب كاهلك «9».
الطائفة الثانية: ما يدل على ان من صدق وشهد بالتوحيد والرسالة يكون مسلما ويجري عليه أحكام الإسلام: منها ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أخبرني عن الإسلام والايمان أ هما مختلفان فقال ان الايمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الايمان فقلت فصفهما لي فقال الإسلام بشهادة أن لا إله الّا اللّه والتصديق برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس والايمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به والايمان أرفع من الإسلام بدرجة ان الايمان يشارك الإسلام في الظاهر والإسلام لا يشارك الايمان في الباطن وان اجتمعا في القول والصفة «10» فان المستفاد من هذه الطائفة ان من شهد بالتوحيد وصدّق رسالة رسول الإسلام تجري عليه أحكام الإسلام وهو مسلم.
الطائفة الثالثة : ما يدل على كفر من لا يكون شيعيا اثنى عشريا: منها ما رواه المفضل بن عمر قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام وعليّ ابنه في حجره وهو يقبّله ويمص لسانه ويضعه على عاتقه ويضمّه إليه ويقول بأبي أنت ما أطيب ريحك واطهر خلقك وأبين فضلك الى أن قال قلت هو صاحب هذا الأمر من بعدك قال : نعم من اطاعه رشد ومن عصاه كفر «11» ومنها ما رواه أبو حمزة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: منّا الامام المفروض طاعته من جحده مات يهوديا أو نصرانيا الحديث «12» ومنها ما رواه المفضل بن عمر عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : قال أبو جعفر عليه السّلام ان اللّه جعل عليا عليه السّلام علما بينه وبين خلقه ليس بينه وبينهم علم غيره فمن تبعه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا ومن شك فيه كان مشركا «13» ومنها ما رواه محمد بن حسان عن محمد بن جعفر عن أبيه عليه السّلام قال: عليّ عليه السّلام باب هدى من خالفه كان كافرا ومن أنكره دخل النار «14» ومنها ما رواه مروان بن مسلم قال: قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السّلام الامام علم فيما بين اللّه عزّ وجلّ وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن انكره كان كافرا «15» ومنها ما رواه سدير قال: قال أبو جعفر عليه السّلام في حديث ان العلم الذي وضعه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عند علي عليه السّلام من عرفه كان مؤمنا ومن جحده كان كافرا ثم كان من بعده الحسن عليه السّلام بتلك المنزلة الحديث «16» ومنها ما رواه صفوان الجمّال عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لمّا نزلت الولاية لعلي عليه السّلام قال رجل من جانب الناس فقال: لقد عقد هذا الرسول لهذا الرجل عقدة لا يحلها الّا كافر الى أن قال: فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم هذا جبرئيل عليه السّلام «17» ومنها ما رواه يحيى بن القاسم عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم قال ائمة بعدي اثنا عشر أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم القائم الى أن قال المقر بهم مؤمن والمنكر لهم كافر «18» ومنها ما رواه موسى بن عبد ربه عن الحسين بن علي عليهما السّلام عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم في حديث قال: من زعم انه يحبّ النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولا يحبّ الوصي فقد كذب ومن زعم انه يعرف النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ولا يعرف الوصي فقد كفر «19» ومنها ما رواه أبو خالد الكابلي عن علي بن الحسين عليهما السّلام قال: قلت له:
كم الائمة بعدك قال ثمانية لان الائمة بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم اثنا عشر الى أن قال: ومن ابغضنا وردّنا أو ردّ واحدا منّا فهو كافر باللّه وبآياته «20» ومنها ما رواه ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: ثلاثة {َلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 174] من ادّعى امامة من اللّه له ومن جحد اماما من اللّه ومن زعم انّ لهما في الإسلام نصيبا «21» ومنها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث قال: من اصبح من هذه الأمة لا امام له من اللّه أصبح تائها متحيرا ضالا ان مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق «22» ومنها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قلت له: أ رأيت من جحد اماما منكم ما حاله فقال من جحد اماما من الائمة وبرئ منه ومن دينه فهو كافر (و مرتد) عن الإسلام لان الامام من اللّه ودينه دين اللّه ومن برئ من دين اللّه فدمه مباح في تلك الحالة الا أن يرجع أو يتوب الى اللّه مما قال «23» ومنها ما رواه أحمد بن محمد بن مطهر قال: كتب بعض أصحابنا الى أبي محمد عليه السّلام يسأله عمّن وقف على أبي الحسن موسى عليه السّلام فكتب لا تترحم على عمّك وتبرأ منه انا الى اللّه منه برئ فلا تتولهم ولا تعد مرضاهم ولا تشهد جنائزهم {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا } [التوبة: 84] من جحد اماما من اللّه أو زاد اماما ليست امامته من اللّه كان كمن قال: {إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ} [المائدة: 73] ان الجاحد امر آخرنا جاحد أمر أوّلنا الحديث «24» ومنها ما رواه أبو سلمة عن عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال: من عرفنا كان مؤمنا ومن أنكرنا كان كافرا ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا «25» ومنها ما رواه الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من مات ولا يعرف امامه مات ميتة جاهلية قال: نعم قلت جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف امامه قال: جاهلية كفر ونفاق وضلال «26» ومنها ما رواه أبو حمزة قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول انّ عليا عليه السّلام باب فتحه اللّه عزّ وجلّ فمن دخله كان مؤمنا ومن خرج منه كان كافرا ومن لم يدخله فيه ولم يخرج منه كان في الطبقة الذين قال اللّه تبارك وتعالى: فيهم المشيئة «27» ومنها ما رواه ابن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السّلام في قول اللّه عزّ وجلّ : {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50] قال يعني من اتخذ دينه رأيه بغير امام من ائمة الهدى «28» ومنها ما رواه الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السّلام قال: ان اللّه عزّ وجلّ نصب عليا عليه السّلام علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا ومن نصب معه شيئا كان مشركا ومن جاء بولايته دخل الجنة «29» ومنها ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: كل من دان اللّه بعبادة يجهد فيها نفسه ولا امام له من اللّه فسعيه غير مقبول وهو ضال متحيّر واللّه شانئ لا عماله ومثله كمثل شاة ضلّت عن راعيها وقطيعها فهجمت ذاهبة وجائية يومها فلمّا جنّها الليل بصرت بقطيع مع غير راعيها فحنت إليها واغترت بها فباتت معها في ربضتها فلمّا أن ساق الراعي قطيعة انكرت راعيها وقطيعها فهجمت متحيرة تطلب راعيها وقطيعها فبصرت بغنم مع راعيها فحنت اليها واغترّت بها فصاح بها الراعي الحقي براعيك وقطيعك فانك تائهة متحيرة عن راعيك وقطيعك فهجمت ذعرة متحيرة نادة لا راعي لها يرشدها الى مرعاها أو يردها فبينا هي كذلك اذا اغتنم الذئب ضيعتها فأكلها وكذلك واللّه يا محمد من اصبح من هذه الامة لا امام له من اللّه جلّ وعزّ ظاهرا عادلا اصبح ضالا وان مات على هذه الحال مات ميتة كفر ونفاق واعلم يا محمد ان ائمة الجور واتباعهم لمعزولون عن دين اللّه قد ضلوا وأضلوا فاعمالهم التي يعملونها {كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ } [إبراهيم: 18] «30» ومنها ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: اني اخالط الناس فيكثر عجبي من أقوام لا يتولونكم ويتولون فلانا وفلانا لهم امانة وصدق ووفاء واقوام يتولونكم ليس لهم تلك الامانة ولا الوفاء والصدق؟ قال: فاستوى أبو عبد اللّه عليه السّلام جالسا فاقبل عليّ كالغضبان ثم قال لا دين لمن دان اللّه بولاية امام جائر ليس من اللّه ولا عتب على من دان بولاية امام عادل من اللّه قلت لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء قال: نعم لا دين لأولئك ولا عتب على هؤلاء ثم قال: ألا تسمع لقول اللّه عزّ وجلّ {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ } [البقرة: 257] يعني من ظلمات الذنوب الى نور التوبة والمغفرة لولايتهم كل امام عادل من اللّه وقال { وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: 257] انما عني بهذا انهم كانوا على نور الإسلام فلمّا ان تولوا كل امام جائر ليس من اللّه عزّ وجلّ خرجوا بولايتهم ايّاه من نور الإسلام الى ظلمات الكفر فاوجب اللّه لهم النار مع الكفار ف {أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 257] «31» ومنها ما رواه الفضيل بن يسار قال: ابتدأنا أبو عبد اللّه عليه السّلام يوما وقال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من مات وليس عليه امام فميتته ميتة جاهلية فقلت قال ذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال: اي واللّه قد قال قلت: فكل من مات وليس له امام فميتته ميتة جاهلية قال: نعم «32» ومنها ما رواه الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم من مات لا يعرف امامه مات ميتة جاهلية؟ قال: نعم قلت جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف امامه قال:
جاهلية كفر ونفاق وضلال «33» ومنها ما رواه المفضل بن عمر قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام من دان اللّه بغير سماع عن صادق الزمه اللّه البتة الى العناء ومن ادّعى سماعا من غير الباب الذي فتحه اللّه فهو مشرك وذلك الباب المأمون على سرّ اللّه المكنون «34» ولا اشكال في انه لا بد من التصرف في الطائفة الاولى إذ من الضروري ان مجرد ترك الصلاة وبقية الفرائض المذكورة في تلك الطائفة لا يكون موجبا للكفر وعليه لا بد من العمل بالقواعد بالنسبة الى الطائفة الثانية والثالثة: فنقول مقتضى القاعدة تقديم الطائفة الثالثة على الثانية والالتزام بكفر غير الامامي الاثني عشري والوجه في ذلك ان الطائفة الثالثة دلالتها على اسلام من يشهد بالشهادتين بالاطلاق أي أعم من يكون ملتزما بالولاية أم لا والمطلق قابل لان يقيد بالمقيد والشاهد عليه انه لا يمكن العمل بالاطلاق تلك الطائفة والا يلزم القول باسلام من يلتزم بالتوحيد والرسالة ولكن يكون منكرا للمعاد وهل يمكن القول به؟! وان أبيت عن قابلية الطائفة الثانية للتقييد نقول الترجيح بالاحدثية مع الطائفة الثالثة فان جملة من أحاديث الطائفة الثالثة أحدث منها ما رواه المفضل بن عمر ومنها ما رواه أحمد بن محمد بن مطهر ومنها ما رواه عبد العزيز بن مسلم عن الرضا عليه السّلام في حديث طويل قال ولم يمض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم حتى بيّن لامّته معالم دينهم واوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحق واقام لهم عليا عليه السّلام علما واماما وما ترك شيئا تحتاج اليه الامة الا بيّنه فمن زعم انّ اللّه عزّ وجل لم يكمل دينه فقد ردّ كتاب اللّه عزّ وجلّ ومن ردّ كتاب اللّه فهو كافر «35» ومنها ما رواه ابن أبي نصر والمرجح الوحيد في باب الترجيح كون الحديث أحدث ويؤيد المدعى دعوى الاجماع على كفر من انكر الولاية فانه نقل عن الشيخ نوبخت في كتاب فص الياقوت دافعوا النص كفرة عند جمهور أصحابنا وعن ابن ادريس في السرائر أن المخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا.
الجهة الثانية: في الوجوه التي يمكن الاستدلال بها على نجاسة [أنواع] الكافر أو استدل بها والكافر انواع ونبحث في كل نوع على استقلاله فنقول :
النوع الأول الملحد :
قال في الحدائق وقد حكى جماعة دعوى الاجماع على نجاسة مطلق الكافر.
و فيه انه قد ثبت في محله عدم اعتبار الاجماع المنقول بل لا اعتبار بالمحصل منه الا أن يكون كاشفا عن رأي المعصوم عليه السّلام فهذا الوجه لا اعتبار به.
و ربما يقال بانه اذا ثبت كون المشرك نجسا يثبت نجاسة الملحد بالأولوية وفيه اولا ان نجاسة المشرك أول الكلام ولا بد من البحث فيها وثانيا ان الاولوية ممنوعة إذ يمكن ان يقال انّ هتك المشرك بالنسبة الى ذاته تعالى اشد من هتك المنكر فان مقامه اجل وارفع من ان يكون له شريك.
ان قلت يستفاد من بعض النصوص ان الكفر اشد من الشرك منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث قال: الكفر اعظم من الشرك فمن اختار على اللّه عزّ وجلّ وأبى الطاعة واقام على الكبائر فهو كافر ومن نصب دينا غير دين المؤمنين فهو مشرك «36» ومنها ما رواه زرارة أيضا عن أبي جعفر عليه السّلام انه قال في حديث الكفر أقدم من الشرك ثم ذكر كفر ابليس ثم قال فمن اجترى على اللّه فابى الطاعة واقام على الكبائر فهو كافر يعني مستخف كافر «37».
قلت: لا يبعد ان المستفاد من هذه النصوص ان من اعتقد باللّه ولكن قام في مقام التجري والطغيان وعصيان المولى يكون اخبث عن الذي يجعل له شريكا وبعبارة اخرى انه قائل بذاته تعالى ولكن يهتك المولى ولا يعتني بشأنه تعالى هذا من ناحية ومن ناحية اخرى اذا فرض انه وصلت النوبة الى الشك يكون مقتضى القاعدة الحكم بالطهارة لقاعدتها واستصحاب عدم نجاسته في وعاء الشرع فان كل حكم وضعي محكوم بالعدم إذ في كل مورد مسبوق بالعدم فاذا شك في انقلاب الحالة السابقة وصيرورته موضوعا للحكم الفلاني يكون مقتضى الاستصحاب عدمه.
النوع الثاني: من الكافر المشرك :
قال سيدنا الاستاد قدّس سرّه في المقام لا اشكال ولا شك في نجاسة المشركين بل نجاستهم من الضروريات عند الشيعة ولا نعهد فيها مخالفا من الاصحاب نعم ذهب العامة الى طهارتهم ولم يلتزم منهم بنجاستهم الا القليل واستدل بقوله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } [التوبة: 28] بتقريب ان النجس بالفتح كالنجس بالكسر فيستفاد من الآية الشريفة ان المشركين عين النجاسة قال المفسر الكبير في مجمع البيان في ذيل الآية: معناه ان الكافرين انجاس { فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا } الخ ... وقال الطريحي في مادة نجس وفي الآية دلالة على ان المشركين انجاس نجاسة عينية لا حكمية وهو مذهب اصحابنا وبه قال ابن عباس: قال ابن عباس اعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير وروايات اهل البيت على نجاستهم مشهورة وخالف في ذلك باقي الفقهاء وقالوا معنى كونهم نجسا أنهم لا يغتسلون من الجنابة ولا يجتنبون النجاسات الى آخر كلامه قدّس سرّه وفي المقام وجوه من الاشكال الوارد على الاستدلال بها على المدعى :
[ الإشكالات الواردة على الاستدلال بالآية ودفعها ] :
الوجه الأول: ان المصدر لا يحمل على الذات فلا بد من تقدير (ذو) فيكفي كونهم انجاس بالعرض أي ان المشرك ذو نجاسة ويرد عليه انه لا مانع من حمل المصدر على مصداقه كما لو اشير الى الضرب ويقال هذا ضرب وقس عليه بقية الموارد.
وبعبارة واضحة المدعى في المقام ان المشرك عين النجاسة فلا مانع عن الحمل ولا نحتاج الى القول بانه مبالغة كقوله زيد عدل ولا الى القول بتقدير لفظ (ذو) ولتوضيح المدعى نقول الذي لا يمكن الالتزام به ان يحمل المعنى الحدثي على الذات إذ لا يعقل اتحاد الضدين واما اذا فرضنا ان المصدر أي ما يسمى بالمصدر لا يكون معنى حدثيا كما انه كذلك في المقام فلا مانع عن الحمل وان شئت فقل ما يسمى بالمصدر يحمل على مصداقه بلا فرق بين أن يكون مصداقه من الجوامد أو من المشتقات ولذا لا اشكال في صحة كلام الاصحاب حيث يقولون النجاسات عشرة فان النجاسات حملت على الذوات الخارجية وانما نعبر في كلامنا بما يسمى بالمصدر من باب ان المصدر يعتبر وجوده في جميع افراد المشتقات وما يسمى بالمصدر لا يكون كذلك ولا يعقل ان يكون مصدرا مثلا المصدر في مادة ضرب عبارة عن الضاد والراء والباء على نحو الابهام الا من ناحية ترتيب الحروف وصفوة القول ان المصدر بما هو كذلك يعتبر وجوده في جميع المشتقات.
الوجه الثاني: ان الآية على فرض دلالتها على المدعى لا تدل على نجاسة مطلق الكافر بل تختص بالكافر المشرك والجواب عن الوجه المذكور ان الكلام في نجاسة المشرك.
الوجه الثالث: أنه لا دليل على ارادة النجاسة المعهودة من الآية فان النجاسة في اللغة بمعنى القذارة وبعبارة واضحة الأحكام الشرعية صدرت عن مصادرها بالتدريج ولا شاهد على كون المراد من النجاسة في الآية النجاسة الشرعية وان أبيت عن الجزم بما ذكر فلا أقل من الاحتمال واذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال.
و يرد عليه أنه لا دليل على كون الآية نازلة في أول البعثة وقيل أنها نزلت في السنة التاسعة من الهجرة فالآية نازلة بعد سنين متعددة ويضاف الى ما ذكر ان الدليل دال على انّ الماء جعل طهورا ورافعا للنجاسة في أوائل البعثة لاحظ ما روى عن موسى بن جعفر عليهما السّلام: الاحتجاج عن موسى بن جعفر عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عن أبيه عن علي بن أبي طالب عليه السّلام في حديث طويل مع يهودي يخبره عن فضائل الانبياء ويأتيه امير المؤمنين عليه السّلام بما لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بما هو افضل مما اوتي الانبياء .. الى أن قال وكانت الامم السالفة اذا أصابهم اذى من نجاسة قرضوه من اجسادهم وقد جعلت الماء لأمتك طهورا فهذه من الآصار التي كانت عليهم فرفعتها عن أمّتك الحديث «38» فان المستفاد من هذه الرواية ان اللّه سبحانه منّ على رسوله الأكرم بان رفع عن امته وجوب القراض وجعل الماء طهورا ورافعا للنجاسة ولاحظ ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم: الماء يطهر ولا يطهر «39» ولاحظ ما رواه مسعدة بن اليسع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قال علي عليه السّلام: الماء يطهر ولا يطهر «40» ولاحظ ما روي أن أمير المؤمنين عليه السّلام كان يقول عند النظر الى الماء: الحمد للّه الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا «41» ولاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: لا صلاة الا بطهور ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة احجار بذلك جرت السنة من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأما البول فانه لا بد من غسله «42».
فانه يستفاد من هذه النصوص ان النجاسة والطهارة كانتا مجعولتين في زمن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو قريب من زمانه اضف الى ذلك كله ان مقتضى الاستصحاب القهقري الذي يكون من الاصول اللفظية كون النجاسة بالمعنى الشرعي منها في لسان الشارع كانت في زمان رسول الإسلام متحدة مع ما كانت في لسان الائمة ومخازن الوحي، إن قلت هب ان مقتضى الاستصحاب بالتقريب المذكور كون المراد المعنى الشرعي لكن مقتضى الاستصحاب أيضا بقاء اللفظ على معناه اللغوي في زمن الرسول صلّى اللّه عليه وآله وسلّم.
قلت هذا الاستصحاب من الاصول العملية والاستصحاب القهقري الجاري في الالفاظ من الامارات والأصل العملي لا يقاوم الاصل اللفظي وان شئت قلت الأصل الفقاهي لا يعارض الدليل الاجتهادي وبتعبير آخر الاصل العملي لا يقاوم الامارة.
إن قلت الحق ان الاستصحاب امارة فلا وجه للترجيح قلت ان الاستصحاب وإن كان امارة على المسلك الحق لكن امارة حيث لا امارة وعلى الجملة ان الاستصحاب لا يقاوم الدليل اللفظي بلا كلام ولا ريب.
ان قلت مع ذلك لا يمكن حمل النجاسة على النجاسة الشرعية بل يلزم حملها على النجاسة المعنوية والخباثة الذاتية إذ لا اشكال في جواز ادخال النجاسات العينية كالدم والعذرة والبول وغيرها في المسجد ما دام لا يوجب تلوث المسجد فيكون المراد من النجاسة في الآية الخباثة فان المشرك حيث انه خبيث ورجس وقائل بالشريك له تعالى لا يناسب دخوله في مهبط الوحي ومخزن التوحيد والوحدانية.
قلت: التقريب المذكور غير تام فان المذكور في الآية ان المشركين { نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ } والمستفاد منها ان المشرك موظف أن لا يدخل المسجد الحرام وهذه الآية تدل على ان الكفار مكلفون بالفروع كما أنهم مكلفون بالاصول ولا تنافي بين هذه الآية وجواز ادخال النجاسة العينية في المسجد الحرام .
وبعبارة واضحة: لا دلالة في الآية على النهي عن ادخال الموحد المشرك الى المسجد كي ينقض بل المستفاد من الآية ان المشرك بنفسه منهي عن دخول المسجد الحرام فالنتيجة ان المستفاد من الآية الشريفة نجاسة المشرك وهذه هي الدعوى في المقام فلاحظ.
النوع الثالث : الغلاة :
فنقول ان كان المراد من الغالي من يعتقد ان أمير المؤمنين عليه السّلام هو الرب وهو اللّه فلا اشكال في كونه كافرا لأنه لا يعتقد باللّه وهل يمكن الجزم بنجاسته وكونه من الاعيان النجسة فلو قلنا بتمامية الدليل على نجاسة الكافر يتم الامر أو قلنا بانه يستفاد من نجاسة المشرك نجاسة الغالي بالأولوية يتم الامر أيضا لكن في كلا التقريبين اشكال واما حديث محمد بن عيسى قال: قرأنا في كتاب الدهقان وخط الرجل في القزويني الى ان قال: وتوقوا مشاورته ولا يجعلوا له السبيل الحديث «43» فمضافا الى الاشكال في السند يحتمل أن يكون النهي عن المشاورة لا عن المساورة كي يقال بان النهي عن مساورته دليل على نجاسته وان كان في الجزم بالتقريب أيضا اشكال ولا يمكن الجزم به.
و إن كان المراد من الغالي من يعتقد ان اللّه تعالى فوض الامور الى أمير المؤمنين عليه السّلام وهو بنفسه انعزل عن التصرف في العالم يكون من مصاديق المفوضة ويقع الكلام فيهم ان شاء اللّه تعالى.
و ان كان المراد من الغالي كون علي عليه السّلام وأولاده المعصومين أقرب الموجودين الى ساحة القدس الربوبي وانهم أبواب اللّه فهذا ليس موجبا لفساد العقيدة والشيعي الاثني عشري قائل بهذه العقيدة ونسأل اللّه أن يثبّتنا على الاعتقاد المذكور في الدنيا والآخرة وحشرنا مع الأنوار الطاهرة ومظاهر الصفات الربوبية وقد ورد في دعاء ايام شهر رجب انه: لا فرق بينك وبينها الّا أنهم عبادك وخلقك الى آخر الدعاء.
النوع الرابع : الخارجي :
وعن جامع المقاصد أنه لا كلام في نجاسته وعن جملة من الاجلة دعوى الاجماع عليه.
أقول: ان كان المراد من الخارجي الطائفة الملعونة التي خرجت على أمير المؤمنين عليه السّلام واعتقدت كفره ومثلهم الطائفة التي خرجت على أبي الشهداء شهيد كربلاء فلا اشكال في كونهم مصاديق الناصب ويقع البحث فيه ان شاء اللّه تعالى ويدل على كونه مشركا ما نقل عن الباقر عليه السّلام بالنسبة الى احد الخوارج «مشرك واللّه مشرك» «44» واما ان كان المراد من الخارجي من يعارض امام زمانه لأجل الدنيا وزخرفها فلا يكون مثله ناصبيا وان كان مرتكبا لأشد المعاصي وحيث انجر الكلام الى هنا نقول لا اشكال في انّ الثلاثة الاوّلين من النواصب لعنة اللّه عليهم وعلى اتباعهم وكيف لا يكون الامر كذلك والحال انهم هجموا على بيت الزهراء عليها السّلام واحرقوا الباب وضربوا بنت الرسول واسقطوا ما في بطنها وجرّوا ولي اللّه وهتكوا وارادوا قتله ونشكو الامر الى اللّه وهو الحاكم في يوم الحساب بل إنهم اعداء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وهل يمكن أن يكون شخص يحب الرسول ويضرب بضعته وكيف يمكن أن يحبه ويتجاسر عليه بقوله ان الرجل ليهجر والبحث في هذا المجال طويل.
النوع الخامس : المنكر لرسالة نبي الإسلام :
فانه لا شبهة في ان المنكر للرسالة كافر بمقتضى النصوص والاجماع والضرورة بل كون الشخص مسلما مع كونه منكرا للرسالة أو شاكا فيها مرجعه الى الخلف المحال ويلحق به منكر الضروري اذا رجع الى انكار الرسالة ويظهر من جملة من النصوص ان انكار حكم من أحكام الشريعة يوجب الكفر منها ما رواه داود بن كثير الرقي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام سنن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كفرائض اللّه عزّ وجلّ فقال ان اللّه عزّ وجلّ فرض فرائض موجبات على العباد فمن ترك فريضة من الموجبات فلم يعمل بها وجحدها كان كافرا وأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم بأمور كلّها حسنة فليس من ترك بعض ما أمر اللّه عزّ وجلّ به عباده من الطاعة بكافر ولكنه تارك للفضل منقوص من الخير «45» ومنها ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول كل شيء يجرّه الاقرار والتسليم فهو الايمان وكل شيء يجرّه الانكار والجحود فهو الكفر «46» ومنها ما رواه أبو الصباح الكناني عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قيل لأمير المؤمنين عليه السّلام من شهد أن لا إله الّا اللّه وانّ محمدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم كان مؤمنا قال فأين فرائض اللّه الى أن قال ثم قال فما بال من جحد الفرائض كان كافرا «47» ومنها ما رواه عبد الرحيم القصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث انه كتب اليه مع عبد الملك بن أعين سألت رحمك اللّه عن الايمان والايمان هو الاقرار الى أن قال والإسلام قبل الايمان وهو يشارك الايمان فاذا أتى العبد بكبيرة من كبائر المعاصي أو بصغيرة من صغائر المعاصي التي نهى اللّه عنها كان خارجا من الايمان ساقطا عنه اسم الايمان وثابتا عليه اسم الإسلام فان تاب واستغفر عاد الى الايمان ولا يخرجه الى الكفر الّا الجحود والاستحلال ان يقول للحلال هذا حرام وللحرام هذا حلال ودان بذلك فعندها يكون خارجا من الإسلام والايمان وداخلا في الكفر الحديث «48» ومقتضى الاطلاق عدم الفرق بين الضروري وغير الضروري نعم لا يبعد ان يستفاد منها الجحود والانكار فلا يشمل ما اذا كان عن عذر ولكن مقتضى اطلاق هذه النصوص عدم الفرق بين كونه تكذيبا للنبي أم لا واما نجاسة هذا القسم فمبني على القول بنجاسة مطلق الكافر.
و أما منكر المعاد فقد استدل سيدنا الاستاد بجملة من الآيات منها قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: 59] ومنها قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] والانصاف ان هذه الآيات لا تدل على كفر منكر المعاد نعم لا اشكال في وجوب الاعتقاد بالمعاد ويستحق المنكر العقاب كما تدل عليه الآية الشريفة في سورة المدّثر {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} [المدثر: 46] بل يمكن أن يقال ان العقل حاكم بالمعاد ويوم الجزاء والّا بأيّ نحو يمكن الزام البشر بالطاعة وترك العصيان ولكن مع ذلك كله لم نجد دليلا على كون منكر المعاد كافرا لكن كيف لا يجزم العارف بالشريعة بكون المعاد من أصول الدين فانه لو ادعى أحد أنه مورد التسالم ومورد السيرة والارتكاز لا يكون مجازفا في قوله ولا اشكال في ان انكار المعاد إنكار لرسالة الرسول فلاحظ.
النوع السادس: الناصبي :
و قد نفى الخلاف عن نجاسته في بعض الكلمات بل قيل انه ادعى عليه الاجماع في كلام جمع من الاصحاب وتدل على نجاسته جملة من النصوص منها ما رواه عبد اللّه بن أبي يعفور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال وايّاك ان تغتسل من غسالة الحمام ففيها تجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم فإن اللّه تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب وان الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه «49» ومنها ما رواه خالد القلانسي قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام ألقى الذمّي فيصافحني قال امسحها بالتراب وبالحائط قلت فالناصب قال اغسلها «50» وفي المقام وجوه من الاشكال:
الوجه الأول: أن المذكور في الحديث ان الناصب أنجس من الكلب ولا تتصور الاشدية في النجاسة الخبثية فيكون المراد من الحديث الأمر المعنوي.
و فيه انه لا مانع من الاشدية فيها ولذا نرى الفرق في التطهير بين النجاسات مثلا يشترط في التطهير من البول التعدد اذا كان بالماء القليل وفي الكلب التعفير وفي الخنزير سبع مرات بالماء.
الوجه الثاني: أنه قد جعل الناصب في عداد ولد الزنا لاحظ ما أرسله علي بن الحكم عن رجل عن أبي الحسن عليه السّلام في حديث انه قال لا تغتسل من غسالة ماء الحمّام فانّه يغتسل فيه من الزنا ويغتسل فيه ولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرّهم «51» والحال أن ولد الزنا لا يكون نجسا كما ان الاغتسال من الزنا لا يوجب النجاسة.
و فيه انّه يكفي للاستدلال حديث ابن أبي يعفور ونفرض عدم امكان الأخذ بما ذكر مضافا الى ضعف السند اضف الى ذلك ان المستفاد من هذه الطائفة الخباثة المعنوية ولا نضايق ان نلتزم بكلا الأمرين بالنسبة الى الناصب لعنه اللّه.
الوجه الثالث: ان النصب صار شايعا في دولة بني امية حتى ان معاوية جعل لعن ولي اللّه أمير المؤمنين عليه السّلام من الأذكار المستحبة ولم يظهر من الائمة ما يدل على نجاسة الناصب بل كان المتعارف معاملة الطهارة معه وحمل المعاشرة في هذه المدة الطويلة على التقية بعيد.
و فيه أنه لا نرى بعدا فيه والميزان ما يصل إلينا من الأحكام وقد وصل إلينا الدليل على نجاسة الناصبي ولا يمكن رفع اليد عن الدليل المعتبر بهذه الوجوه المذكورة وامثالها ولا مانع من الالتزام بكون الناصبي من الأعيان النجسة ومع ذلك يمكن أن يقال أن حكم الشارع بعدم الاجتناب عنه بلحاظ ملاك في نظره وصفوة القول ان الوظيفة الشرعية والعقلية التسليم في قبال ما وصل إلينا من الأحكام ولا مجال للقيل والقال فيها.
النوع السابع : المجسمة :
قال سيدنا الاستاد قدّس سرّه ما ملخص كلامه في هذا المقام على ما في تقريره الشريف هم على قسمين فقسم منهم يعتقد ان اللّه كبقية الاجسام له يد ورجل ورأس فالقائل بلوازم قوله ان التزم بها فلا اشكال في أنه كافر وقسم منهم يعتقد أنّ اللّه جسم لا كبقية الاجسام ويلتزم بالاوصاف التي تناسب ذلك الصقع وهذا الاعتقاد وان كان خلاف الواقع لكن لا يوجب الكفر الّا أن يرجع الى تكذيب النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأكثر المسلمين لقصور باعهم يعتقدون ان اللّه جسم جالس على عرشه ولذا يتوجهون اليه توجه الجسم الى جسم مثله لا بنحو التوجه القلبي وقد ورد في الخبر أنه «شيء بخلاف الأشياء» «52».
أقول: ما كنّا نترقب من سيدنا الاستاد قدّس سرّه مع كونه مشارا اليه بالبنان في الميادين العلمية ان يصدر عنه هذا القول لاحظ ما رواه سماعة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام عن الإسلام والايمان أ هما مختلفان فقال انّ الايمان يشارك الإسلام والإسلام لا يشارك الايمان فقلت فصفهما لي فقال الإسلام شهادة أن لا إله الّا اللّه والتصديق برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس والايمان الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به والايمان أرفع من الإسلام بدرجة ان الايمان يشارك الإسلام في الظاهر والإسلام لا يشارك الايمان في الباطن وان اجتمعا في القول والصفة «53» فان المستفاد من هذه الرواية ان قوام الإسلام بشهادة أنه لا آله الّا اللّه هذا من ناحية ومن ناحية اخرى ثبت عندهم انّ لفظ اللّه علم لذات واجب الوجود وهو الذات المستجمع لجميع الصفات الكمالية فاذا لم يكن كذلك يكون الشخص خارجا عن دائرة الإسلام وبعبارة اخرى نسأل الاستاد بانّ الجسمية بايّ معنى كان أعم من أن يكون المراد بها الجسم الطبيعي أو التعليمي نقص أم لا لا سبيل الى الثاني وعلى الأول يكون المتصف به ناقصا.
وأمّا أكثر المسلمين معتقدون بهذه العقيدة فلا نسلم وننكر هذه الجهة أشد الانكار وانّما يتوجهون عند التوسل الى الفوق لا من جهة أنه تعالى جالس على عرشه بل التوجه الى الفوق عند الدعاء والتوسل أمر رائج ودائر بين جميع الموحدين وهو المتعارف عند الشيعة عند التوسل والدعاء وقد امر من ناحية الشرع برفع الرأس أو اليد عند الدعاء والتوسل في بعض الموارد وهذا ظاهر واضح نعم ذلك الصوفي الضال المضل يقول في اشعاره:
ديد موسى يك شبانى را براه كاو همى گفت اى خدا واى اله
تو كجائى تا شوم من شاكرت چارقت دوزم كنم شـــانه سرت .
الى آخر اشعاره الكفرية ولا غرو في صدور هذه الترهات والاباطيل عن مثله فان من يكون قائلا بوحدة الموجود وأمثال هذه العقيدة الكفرية يناسب أن يصدر عنه ما يكون مناسبا ومناسخا مع الابالسة الملاعين اعاذنا اللّه عن الاعتقاد بعقائدهم.
و أما حديث الكافي فالمستفاد منه أنّه تعالى شيء لا كالأشياء والمراد بالشيء الوجود ولا اشكال في انّ اللّه تعالى موجود والّا يلزم ان يكون معدوما نستجير به تعالى نعم بعد اثبات كونه موجودا يقع الكلام في الفارق بينه وبين خلقه.
أقول : «الى موضع الاسرار قلت لها قفي».
و أما كلام ملّا صدرى في شرح اصول الكافي فهو أنه لا مانع عن الالتزام بكونه جسما الهيا فان الجسم على أقسام قسم منه الجسم الخارجي المادي ومنها جسم مثالي وهو الصورة الحاصلة للإنسان من الأجسام الخارجية فانها جسم بلا مادة ومنها جسم عقلي وهو الكلي المتحقق في الذهن وهو أيضا لا مادة له ومنها غير ذلك والجامع لهذه الأقسام الأربعة هو الجسم الذي له ابعاد ثلاثة من العمق والطول والعرض، أقول: يا أهل المروة والانصاف هل يمكن أن يصدق العارف الموحد هذه المقالة وهل يكون واحد منهم يعتقد بانه تعالى ذو عرض وطول وعمق ولا أدري بايّة مناسبة لقب هذا الشخص بصدر المتالهين وان كان ذوق التأله يقتضي الالتزام بهذه المقالة فلا نريد هذا الذوق وكيف يمكن أن توجد هذه الابعاد بلا مادة وبعبارة واضحة قد حقق عندهم أن العرض موجود في نفسه لغيره في قبال الوجود لا في نفسه وكيف لا يكون مثله مركبا وكيف لا يكون محتاجا ويضاف الى ذلك أن هذه الأبعاد كل واحد منها ماهيّة فتكون مشتركة مع بقية الأبعاد ويلزم التميز أي يكون الجامع بين الكل هو الجنس والمائز هو الفصل ولا يكون ما به الامتياز عين ما به الافتراق إذ لا تشكيك في الماهية ويؤيد المدعى بعض النصوص منها ما رواه ياسر الخادم قال سمعت أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السّلام يقول من شبّه اللّه بخلقه فهو مشرك ومن نسب اليه ما نهى عنه فهو كافر «54» ومنها ما رواه عبد السلام بن صالح الهروي عن الرضا عليه السّلام في حديث قال: من وصف اللّه بوجه كالوجوه فقد كفر «55» ومنها ما رواه داود بن القاسم قال: سمعت علي بن موسى الرضا عليه السّلام يقول من شبّه اللّه بخلقه فهو مشرك ومن وصفه بالمكان فهو كافر ومن نسب اليه ما نهى عنه فهو كاذب الحديث «56» ومنها ما رواه محمد بن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: من شبّه اللّه بخلقه فهو مشرك ومن أنكر قدرته فهو كافر «57».
النوع الثامن : المجبرة :
قال سيدنا الاستاد في هذا المقام تارة يراد بالمجبرة الذين قائلون بالجبر ويلتزمون بلوازمه وهذا يوجب الكفر والنجاسة إذا الالتزام بالجبر يستلزم انهدام الشرائع فان الجبر لا يتصور فيه الاختيار كي يصحّ التكليف ومع عدم صحة التكليف لا مجال لإرسال الرسل وانزال الكتب وأما ان كان المراد بالجبر ان افعال العباد خارجة عن تحت اختيارهم ولكن يرون صحة التكليف فلا يكون هذا موجبا للكفر وبعبارة اخرى مجرد الاعتقاد بالجبر لا يوجب الكفر ولا يوجب النجاسة.
أقول: المستفاد من حديث سماعة وغيره ان قوام الإسلام بالاعتقاد بوجود اللّه الذي يكون جامعا لجميع الصفات الكمالية ومع انتفائه لا يتحقق الإسلام وكيف يكون الشخص المعتقد بان اللّه يكلف عباده بما لا يكون مقدورا لهم ويعذبهم بالعصيان.
وببيان واضح الذي يعتقد أن موجد العالم غير حكيم لا يكون معتقد باللّه فإن مجرد الاعتقاد بوجود موجود مؤثر كائنا من كان لا أثر له ويؤيد المدعى بعض النصوص منها ما رواه يزيد بن عمر الشامي عن الرضا عليه السّلام في حديث قال: من زعم انّ اللّه يفعل افعالنا ثمّ يعذّبنا عليها فقد قال بالجبر ومن زعم ان اللّه فوّض أمر الخلق والرزق الى حججه فقد قال بالتفويض والقائل بالجبر كافر والقائل بالتفويض مشرك «58» ومنها ما رواه الحسين بن خالد عن الرضا عليه السّلام في حديث قال من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك ونحن منه براء في الدنيا والآخرة «59» ومنها ما رواه حريز بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال الناس في القدر على ثلاثة أوجه رجل زعم ان اللّه أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم اللّه في حكمه فهو كافر ورجل يزعم ان الأمر مفوّض اليهم فهذا قد وهن اللّه في سلطانه فهو كافر الحديث «60» ونقل عن بعض أنه قال حمار الاشعري أفهم منه اذ حماره لما يصل الى الماء يدري بان دخول الماء اختياري له ولا يدخل والاشعري لا يفهم بان فعله اختياري له اعاذنا اللّه من الزلل وصفوة القول انه ان كان الاعتقاد بانه للعالم خالق على نحو الاطلاق يكفي لكون الشخص موحدا، يكون الراعي الذي رآه موسى بن عمران في مقام التصور موحدا وهل يرضى سيدنا الاستاد به وهل يمكن ان يصدر من نبي اللّه موسى عليه السّلام ما نسب اليه بقوله :
هيچ آدابى وترتيبى مجو هرچه مىخواهد دل تنگت بگو .
النوع التاسع : المفوضة :
قال الطريحي قدّس سرّه في مادة فوض: المفوضة قوم قالوا ان اللّه خلق محمدا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وفوض اليه خلق الدنيا فهو الخلاق لما فيها وقيل فوض ذلك الى علي عليه السّلام وقال سيدنا الاستاد قدّس سرّه ان المفوّضة اذا التزموا بلازم كلامهم يكون كفرا وشركا ويوجب اعتقادهم نجاستهم اما اذا لم يلتزموا بلازم كلامهم فلا يوجب كفرهم.
أقول: ان فرض انّ اعتقادهم يستلزم الاعتقاد بكون الباري تعالى ذا شريك كيف لا يكون اعتقادهم مضرا مثلا لو فرض ان شخصا يعتقد بانّ اللّه جسم من الأجسام ولا يتوجه باعتقاده ويكون غافلا هل يكون مثله مسلما مع ان قوام الإسلام بكون الشخص معتقدا بوجود ذات مستجمع لجميع الصفات الكمالية وهو اللّه جلّ جلاله.
اذا عرفت ما تقدم اعلم انه ان كان المراد من التفويض انعزال الخالق عن الخلق واستقلال المخلوق بعد خلقته عن الخالق يكون الاعتقاد المذكور كفرا والحادا اعاذنا اللّه من الزلل والزلات.
توضيح المدعى انّ المفوضة حيث رأوا ان كلام الاشاعرة والمجبرة الذين يقولون بعدم كون افعال العباد اختيارية ويستلزم اعتقادهم نسبة الظلم الى ساحة القدس الربوبي سلكوا مسلكا آخر كي لا يقعوا في محذور الجبر والتزموا باختيارية افعال المكلّفين وقالوا الحادث بعد حدوثه لا يحتاج الى المؤثر فلا يرتبط الفعل الصادر من العبد بساحة القدس الربوبي وزعموا أنّهم سلكوا طريق الحق بخلاف الاشاعرة.
و يردّ عليهم انّ ما ذهبوا إليه أكثر اشكالا وأسوأ من مذهب الاشاعرة.
إذ يرد على هذا المسلك اولا انّ الوجود الامكاني لا يعقل ان يصير واجبا ولا يمكن تعلق القدرة به وبعبارة اخرى الممكن كما انه يكون في الحدوث محتاجا الى مؤثر يكون كذلك بقاء.
و ثانيا: انّ ما ذهب إليه مستلزم للشرك فانّ زيدا بعد وجوده يكون شريكا مع الباري تعالى وهذا الشرك أشد فسادا من الشرك الذي التزم به الثنوية القائلون بتعدد الإله وكونه اثنين أحدهما يزدان وهو خالق الخيرات ثانيهما أهرمن وهو خالق الشرور ولكن المفوضة قائلون بالتعدد الى ما لا نهاية له.
و ثالثا: انّ حكم الامثال واحد ومن هذه الجهة لا يكون فرق بين الاناسي والحيوانات.
و رابعا: أنّه كيف لا يكون الممكن بعد حدوثه غير محتاج الى المؤثر والحال أنّه نرى فناء الاشياء وممات الاحياء ومن الواضح انّ الواجب لا يمكن انعدامه.
و خامسا: انّه يلزم ابطال الشرائع والأديان إذ على هذا المسلك لا يتصور المعاد كي يحاسب العبد فانّ الواجب لا يفنى ويدل بعض النصوص على كونهم مشركين قال القمي رحمه اللّه في تفسيره في رواية ابي الجارود قوله: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ } [الأعراف: 29، 30] قال خلقهم حين خلقهم مؤمنا كافرا وشقيّا وسعيدا وكذلك يعودون يوم القيامة مهتد وضال يقول {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأعراف: 30] وهم القدرية الذين يقولون لا قدر ويزعمون انهم قادرون على الهدى والضلالة وذلك اليهم ان شاءوا اهتدوا ان شاءوا ضلّوا وهم مجوس هذه الامة الحديث «61».
و بالمناسبة نذكر ما افاده المعتزلي شارح نهج البلاغة ابن أبي الحديد قال في أول كتابه الحمد للّه الذي قدم المفضول على الفاضل فانه يسئل التقديم الذي اشار إليه تقديم تكويني أو تقديم تشريعي أما على الأول فهو يناقض مسلك التفويض وانّ ما يرجع الى العباد لا يرتبط بساحة قدسه وأما على الثاني فيسئل أيضا أنه ايّ دليل دل على تقديم المفضول على الفاضل يا ليته لم تلده والدته كي لا يصدر عنه هذا الأمر الباطل فانّ البراهين الواضحة قائمة على انّ الحق يدور مدار علي بن ابي طالب أرواحنا فداه ولا مجال لقياس الأولين عليه.
فالنتيجة انّ القائل بهذا المذهب كافر مشرك وطبعا يكون نجسا.
و إن كان المراد من التفويض ما أفاده الطريحي أي الباري تعالى فوض أمر الخلق الى محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو علي عليه السّلام يكون أيضا فاسدا فان القول المذكور مخالف مع القرآن والنصوص فان المستفاد من الكتاب والسنة ان الامور كلها بيده وبقدرة الباري تعالى وهذا القول يستلزم الشرك فان مرجعه الى ان ذاته تعالى منعزل ويكون الامر بيده عبيده ويكون هذا شركا ولا حول ولا قوة الّا باللّه.
ازمة الامور طرا بيده والكل مستمدة من مدده .
فتحصل مما تقدم أنه لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين وهذا مسلك في قبال المسلكين الباطلين وتدل عليه جملة من النصوص الواردة عن مخزن الوحي «62» ومن تلك النصوص ما ارسله محمد بن يحيى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين قال: قلت وما أمر بين أمرين قال مثل ذلك رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية فليس حيث لم يقبل منك فتركته كنت أنت الذي أمرته بالمعصية «63».
و يمكن تصور الحال في ضمن امثلة: الأول أنه لو فرضنا ان شخصا يربط آلة قتالة بيد المرتعش بلا ارادة ذلك المرتعش وبعد ذلك صادفت الآلة شخصا ثالثا وقتل لا ينسب القتل الى المرتعش بل ينسب الى ذلك الرابط والقائل بالجبر يعتقد ان الفعل منسوب الى الباري والمكلف يصدر عنه الفعل بلا اختيار.
الثاني: ان يعطي شخص آلة قتالة لغيره مع العلم بانه يقتل بالآلة شخصا ثالثا ولا يمكنه بعد الاعطاء ان يأخذ الآلة منه وقتل الآخذ شخصا يكون القتل مستندا الى الأخذ ولا يرتبط بالمعطي والقول بالتفويض يستلزم الالتزام به.
الثالث: ان يعطي شخص آلة قتالة للثالث مع العلم بانه يقتل ثالثا ولكن اختيار الآخذ بيد المعطي أي ما دام يمده يختار واذا قطع امداده عنه يعجز فاذا قتل الآخذ شخصا ثالثا يصدق ان الآخذ قاتل لكن أيضا يصدق ان المعطي كان معينا له في القتل والامامية ذهبوا الى هذا المذهب وهذا اعتقادهم ويمكن الاستدلال على المدعى ببعض الآيات الشريفة منها قوله تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: 30] ومنها قوله تعالى : {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا } [الكهف: 23، 24] فان المستفاد من الآيتين الشريفتين انّ العبد إذا فعل فعلا يكون سبب فعله ارادته وارادة اللّه ولتوضيح الأمر نمثل مثالا آخر وهو أنه لو كان شخص معلقا في مكان في طرفه اليمين جملة من المأكولات المفيدة للمزاج وفي يساره جملة من المأكولات المضرة وكان حبل مشدودا ببدنه ولكن زمام اختياره بيد شخص آخر بحيث في كل يمكنه أن يجره ويمنعه عمّا يريده فنسأل أن الشخص المربوط بالحبل هل يكون مختارا في الأكل أو مجبورا لا اشكال في أنه إذا أكل من الطرف الأيمن أو الأيسر يكون مختارا ولكن مع الوصف يكون اختياره بيد ذلك الشخص الثاني فالحق انه لا جبر ويكون الفعل الصادر من العبد باختياره وارادته والوجدان أصدق شاهد عليه :
اين كه گوئى اين كنم يا آن كنم اين دليل اختيار است اى صنم .
والحق أيضا ان الممكن كائنا ما كان في كل آن ولحظة يحتاج الى الواجب ولا يعقل غنائه عنه والّا يلزم الخلف المحال وإن شئت فقل انّ اضافة الواجب الى الممكن اضافة اشراقية الى المضاف اليه عين الفقر لا شيء له الفقر ومثاله في الممكن اضافة الانسان الى الصورة الحاصلة في النفس فان قوام تلك الصورة بتوجه المتصور بحيث اذا غفل في آن لا تبقى تلك الصورة :
اگر نازى كند برهم فرو ريزند قالبها .
ولتوضيح المراد والمرام ننبّه على نكتة مفيدة للمقام ولما يأتي عن قريب ان شاء اللّه تعالى وهو ان صدق عنوان المشتق على الذات متوقف على واجديّة ذلك الذات لمبدا ذلك المشتق والّا يكون الصدق مستحيلا فاذا كان الذات غير المبدأ لا بد أن يكون واجدا له ويمكن أن يكون خاليا عنه فعند خلوه لا يصدق عليه وأما اذا كان الذات نفس ذلك المبدأ لا يعقل انفكاكه عنه مثلا الجدار الأبيض يصدق عليه عنوان الابيض لكن هذا الصدق ببركة كون البياض فيه واما نفس البياض فهو بنفسه أبيض ولنا أن نقول تركب الذات والمبدأ ربما يكون تركبا اتحاديا وقد يكون انضماميا.
النوع العاشر : القائلون بوحدة الوجود :
ولا بد في حكمهم التفصيل بان يقال ان كان المراد بوحدة الوجود ان حقيقة الوجود واحدة ولها مراتب وهو مفهوم واضح وأما كنهه في غاية الخفاء وهو الأصل في العالم انّ الوجود عندنا أصل دليل من خالفنا عليل لا مانع من الالتزام به بان يقال قسم من الوجود واجب وقسم منه ممكن والممكن على أقسام قسم منه رسول مكرم وقسم منه شيطان رجيم وهذا لا يوجب الكفر وهذا يسمى عندهم بالتوحيد العامي.
الفهلويون الوجود عندهم حقيقة ذات تشكك تعمّ .
وأما ان قيل ان الموجود واحد في الخارج وله اطوار فانه في السماء سماء وفي الأرض أرض وفي الخالق خالق وفي المخلوق مخلوق وهكذا وهو المسمى عندهم بتوحيد خاص الخاص فيكون كفرا والحادا ومكابرة مع الوجدان والبرهان امّا منافاته مع الوجدان فهو واضح عند من يكون له الوجدان وامّا منافاته مع البرهان فهو أنه كيف تجتمع الوحدة مع التعدد وكيف يتصور كون الواحد علة ومعلولا والالتزام بهذا المسلك يهدم جميع الأديان والشرائع وقائله كافر بلا اشكال والظاهر أنه لا شبهة في نجاسته إذ لازم هذا القول الهتك الأكثر من الشرك بالنسبة الى ذات الالوهية وغاية الجسارة الى ساحته المقدسة اعاذنا اللّه من القول الباطل وإن كان المراد من وحدة الوجود ان الوجود واحد والموجود متكثر وبعبارة اخرى الموجود الحقيقي واحد وهو ذات الباري وبقية الموجودات موجودات انتسابي واطلاق الموجود عليها كإطلاق اللابن على بايع اللبن والتامر على بايع التمر والوجه في الالتزام بالمسلك المذكور المسمى عندهم بالتوحيد الخاصي انهم يرون حقائق الأشياء في العالم ماهيات ومن ناحية اخرى لا يعقل اصالة الماهية والوجود كليهما فلزمهم أن يقولوا ان الموجود واحد وهو وجود الباري وبقية الموجودات ماهيات لها انتساب الى الوجود والظاهر ان الالتزام بهذا القول لا يوجب الكفر لكن اصل المطلب خلاف التحقيق إذ قد ثبت في الفلسفة ان الأصيل هو الوجود وإن كان المراد بوحدة الوجود التوحيد أخص الخواص أي الوجود والموجود في عين الكثرة واحدا فان كان مرجعه الى القول الأول فقد تقدم حكمه وإن كان المراد أمرا آخر فلا بد من تعقله أولا ثم ترتيب الحكم عليه وَاللّٰهُ الْمُسْتَعٰانُ وعليه التوكّل والتكلان.
النوع الحادي عشر : الكتابي :
فانّ مقتضى الأصل فيه هي الطهارة بمقتضى قاعدتها في أنّ كل شي شك في طهارته ونجاسته يحكم بطهارته بلا فرق بين أن تكون الشبهة حكمية أو موضوعية وهل يمكن اثبات الطهارة في مورد الشبهة الحكمية بالاستصحاب إذ يشك في انّ الشارع هل حكم بنجاسة الشيء الفلاني أم لا؟ يكون مقتضى الاستصحاب عدم اعتبار النجاسة.
الذي يختلج بالبال أن يقال يشكل اثباتها بالاستصحاب إذ كما ان مقتضى الاستصحاب عدم اعتبار النجاسة كذلك يكون مقتضى الاستصحاب عدم اثبات الطهارة وبعبارة اخرى اذا فرضنا أنّ الموضوع لا بد أن يكون محكوما بحكم واقعي في وعاء الشرع فيشك في كون ذلك الحكم هي النجاسة أو الطهارة فلا أثر لاستصحاب عدم جعل النجاسة إذ اثبات الطهارة بالأصل المذكور يرجع الى المثبت الذي لا نقول به مضافا الى كونه معارضا باستصحاب عدم جعل الطهارة فلا مناص عن التوسل بذيل عناية أصالة الطهارة الجارية في جميع الأشياء.
وبعبارة واضحة جريان الاستصحاب أو أصل الطهارة متقوّم بالشك في الحكم الواقعي وان شئت قلت انه لا يمكن خلو الواقعة عن الحكم المشترك بين الجاهل والعالم والّا يلزم التصويب المجمع على بطلانه والدور المحال بحكم العقل.
و مما ذكر يظهر الاشكال في جريان استصحاب عدم الحرمة والوجوب في موارد الشك في أصل الحكم التكليفي فلو شك في حرمة شرب التتن لا مجال للتوسل باستصحاب عدم الحرمة إذ يعارضه استصحاب عدم الحلية وهذا أمر مهم ونكتة ينبغي التحفظ عليها وبهذا الاعتبار نقول لا مجال للقول بانّ البراءة الجارية في الشبهات الحكمية لا زالت محكومة بالاستصحاب إذ الحق على ما تقدم دائما يكون الاستصحاب الجاري في الحكم الاقتضائي معارضا باستصحاب عدم جعل الحكم الترخيصي ولعلّ ما افدته لم يسبقني اليه سابق وله الشكر على ما أنعم والحمد للّه على ما ألهم.
إذا عرفت ما تقدم نقول لا بد من ملاحظة الادلة فلو قام دليل على نجاسة الكتابي نأخذ به والّا نحكم بطهارته بمقتضى اصالة الطهارة.
و ما يمكن أن يقال أو قيل في تقريب نجاسته وجوه :
الوجه الأول: الاجماع المدعى في المقام ويرد عليه الايراد العام الجاري في الاجماعات المنقولة والمحصلة والحاصل أنه لو ثبت اجماع كاشف عن رأي المعصوم عليه السّلام فهو والّا فلا أثر له.
الوجه الثاني: قوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة: 30، 31] بتقريب انّ المستفاد من الآية الشريفة انّ اليهود والنصارى مشركون هذا من حيث الصغرى واما من حيث الكبرى فقد تقدم ان المشرك نجس هذا بالنسبة الى اليهود والنصارى وأما المجوس فعلى فرض كونهم أهل الكتاب كما يظهر من بعض الروايات «64» فهم مشركون بلا اشكال إذ هم قائلون بتعدد الاله ويقولون بان يزدان خالق النور والخير واهريمن خالق الظلمة والشر وفي المقام اشكالات في الاستدلال بالآية الشريفة بالتقريب المذكور.
الاشكال الأول: أن النجس بالمعنى الشرعي أمر حادث ولم يكن المراد منه في الصدر الاول المعنى الشرعي وقد تقدم الكلام حول هذه الجهة وذكرنا ان الأمر ليس كذلك مضافا الى أنّ مقتضى الاستصحاب القهقري أنّه كان في الصدر الأول بهذا المعنى الشرعي عندنا.
الاشكال الثاني: أنه قوبل بين الكفر والشرك في الآية الشريفة والتقسيم قاطع للشركة فلا جامع ويرد عليه انّ المستفاد من الآية الشريفة أنّ المشرك نوع من أنواع الكافر وأيضا يستفاد منها أنّ الكتابي مشرك في نظر الشارع وبعبارة اخرى ان الكتابي مشرك بالحكومة والتنزيل فاذا اعتبر الشارع النصراني مشركا في وعاء الشرع يترتب عليه حكم المشرك.
الاشكال الثالث: انّ الشرك له مراتب ولا يكون كل شرك مساو مع غيره بل مراتب الشرك كثيرة ولا يخلو منه الا الاوحدي من الناس كمولى الموحدين أرواحنا فداه وعليه لا يمكن اثبات أنّ الكتابي مشرك بحد شرك المشركين.
و يرد عليه أنّه لو استفيد من الدليل ان الكتابي مشرك يترتب عليه حكمه بلا اشكال كما أنه يترتب حكم الخمر على الفقاع بعد قوله عليه السّلام الفقاع خمر وبعبارة اخرى مقتضى اطلاق التنزيل ان المنزل في رتبة المنزل عليه.
الاشكال الرابع : وهو العمدة أنه لا دليل لدينا حكم فيه بان الكتابي مشرك بل غاية ما يستفاد من الآية الشريفة أنه اسند اليهم الشرك ويمكن أن يكون الاسناد مجازا.
و بعبارة واضحة ليس الشارع الأقدس في مقام التشريع وجعل الحكم بل مجرد الاسناد ولعلّ الاسناد اسناد مجازي ولا مجال لإجراء اصالة الحقيقة إذ اصالة الحقيقة أصل عقلائي لا اصل تعبدي أي لو شك في أنّ المتكلّم استعمل اللفظ في المعنى الحقيقي أو المجازي يجري الاصل وأما لو علمنا بالمراد وشك في أنّ الاستعمال حقيقي أو مجازي لا طريق الى الاحراز فهذا الوجه كالوجوه السابقة في عدم وفائه بإثبات المطلوب.
إن قلت يستفاد من الجملات المتقدمة على هذه الجملة انّ اليهود والنصارى من المشركين إذ قد صرح في الآية أنهم {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا } [التوبة: 31] وهذا نص في كونهم مشركين فلا يتوقف الاستدلال بالتوسل الى ذيل الآية كي يرد فيه الاشكال المتقدم.
قلت: يستفاد من روايات كثيرة أنهم لم يتخذوهم أربابا بل اطاعوهم في كل ما أمروهم به والمفسرون ذهبوا الى هذا المذهب ويستفاد هذا المعنى من الآية الشريفة قال اللّه تبارك وتعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا } [التوبة: 31] فيعلم أنّ المراد من الجملة السابقة انّ اطاعتهم سميت باتخاذهم أربابا والمناسبة تقتضي هذا المعنى ولذا يقال في العرف كأن فلانا ربّه فانه يطيعه في ما أمره به وينهاه عنه ومن الروايات التي تدل على المدعى ما رواه أبو بصير قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قول اللّه عزّ وجلّ : {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } [التوبة: 31] فقال أما واللّه ما دعوهم الى عبادة انفسهم ولو دعوهم الى عبادة أنفسهم لما اجابوهم ولكن احلّوا لهم حراما وحرّموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون «65».
و ما رواه أبو بصير أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في قول اللّه عزّ وجلّ: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } [التوبة: 31] فقال : واللّه ما صاموا لهم ولا صلوا لهم ولكن احلوا لهم حراما وحرّموا عليهم حلالا فاتبعوهم «66» فان المدعى يستفاد من الحديثين بالصراحة.
الوجه الثالث: جملة من النصوص فلا بد ملاحظتها واستخراج النتيجة منها فنقول من تلك النصوص ما رواه محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر عليه السّلام عن آنية أهل الذمّة والمجوس فقال لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم التي يشربون فيها الخمر «67» بتقريب انّ النهي عن الأكل في آنيتهم يدل على نجاستهم.
و يردّ عليه انّ النهي ظاهر في التحريم ولا وجه لحمل النهي في الحديث لأجل النجاسة ومقتضى الاطلاق حرمة الأكل في آنيتهم ولو بعد غسلها وعلى الجملة الجزم بالتقريب المذكور مشكل فان قام الدليل على الجواز بعد الغسل فهو والّا نلتزم بالحرمة.
ومما يؤيد ما ذكرنا أنه على القول بعدم تنجس المتنجس كما هو الحق لا وجه لحرمة الأكل في آنيتهم من باب النجاسة ويضاف الى ذلك كله ان مقتضى الاطلاق حرمة الأكل حتى في صورة كون المأكول جافا وكذلك الآنية فيكون وجه التحريم آمرا آخر فلاحظ.
ومنها ما رواه عبد اللّه بن يحيى الكاهلي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن قوم مسلمين يأكلون وحضرهم رجل مجوسي أ يدعونه الى طعامهم فقال امّا أنا فلا أؤاكل المجوسي وأكره أن أحرّم عليكم شيئا تصنعونه في بلادكم «68» والتقريب هو التقريب والاشكال هو الاشكال مضافا الى أنّ المستفاد عدم التحريم .
ويضاف الى ما ذكر النقاش في توثيق الكاهلي إذ قيل في حقه كان وجها عند أبي الحسن عليه السّلام ووصّى به علي بن يقطين فقال اضمن لي الكاهلي وعياله أضمن لك الجنة فانه لم يوثق صريحا ومجرد هذه العناية من الامام عليه السّلام بالنسبة اليه لا تكون دليلا على كونه ثقة إذ يمكن أنّ الشخص غير ثقة في أقواله وفي عين الحال لا يكون فاسقا إذ يمكن أن يكون قاصرا بالاضافة الى أنّ الامام إذا لم يعمل على طبق علمه بالمغيّبات ويرى شخصا مخلصا في أفعاله وفي ولائه وترويجه للدين يكون راضيا عنه ويدعو له ويمكن أن يوصي الثالث به وعلى الجملة يشكل الجزم بوثاقة شخص ما لم يوثق صريحا ويضاف الى ما ذكر انّ الحديث وارد في المجوسي والمجوسي مشرك وقد تقدّم انّ المشرك نجس ومنها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في رجل صافح رجلا مجوسيا قال يغسل يده ولا يتوضّأ «69» بتقريب انّ الأمر بالغسل ارشاد الى النجاسة وفيه انّ الحديث وارد في المجوسي والكلام في غيره مضافا الى أنّ مقتضى اطلاق الحديث عدم الفرق بين كون المصافحة مع الرطوبة المسرية أو بدونها وكيف يلتزم بالرواية مع اليبوسة والحال انّه دل الدليل على انّ كل يابس ذكي لاحظ ما رواه عبد اللّه بن بكير قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام الرجل يبول ولا يكون عنده الماء فيمسح ذكره بالحائط قال : كلّ شيء يابس ذكي «70» ومنها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن موسى عليه السّلام قال: سألته عن مؤاكلة المجوسي في قصعة واحدة وأرقد معه في فراش واحد واصافحه قال: لا «71» والحديث وارد في المجوسي والكلام في غيره ومنها ما رواه هارون بن خارجة قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أنّي اخالط المجوس فآكل من طعامهم قال: لا «72» والحديث وارد في المجوسي مضافا الى أنّه لا دلالة في الحديث على النجاسة ومنها ما رواه أبو بصير عن أحدهما عليهما السّلام في مصافحة المسلم اليهودي والنصراني قال: من وراء الثوب فان صافحك بيده فغسل يدك «73» والظاهر أنّه يستفاد من الحديث نجاسة اليهودي والنصراني وحيث انه علم من الخارج انّ كل يابس ذكي ترفع اليد عن اطلاق الحديث ويقيد بصورة وجود الرطوبة المسرية ومنها ما رواه علي بن جعفر أنه سأل أخاه موسى بن جعفر عليه السّلام عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمّام قال: اذا علم أنه نصرانيّ اغتسل بغير ماء الحمّام الا أنّ يغتسل وحده على الحوض فيغسله ثم يغتسل وسأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أ يتوضأ منه للصلاة قال لا الا أن يضطر إليه «74» بتقريب انّ المستفاد من الخبر أنّ الكتابي نجس فيوجب نجاسة ما في الحوض فلا يجوز الغسل.
و يمكن أن يقال انّ الحديث يدل على طهارة الكتابي فان المستفاد من ذيل الحديث جواز الوضوء بالماء الذي أدخل الكتابي يده فيه غاية الأمر في صورة الاضطرار والحال أنه لو لم يجز لا تصل النوبة الى الاضطرار إذ تصل النوبة الى التيمم.
و منها ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال: سألته عن فراش اليهودي والنصراني ينام عليه قال لا بأس ولا يصلي في ثيابهما وقال لا يأكل المسلم مع المجوسي في قصعة واحدة ولا يقعده على فراشه ولا مسجده ولا يصافحه قال: وسألته عن رجل اشترى ثوبا من السوق للبس لا يدري لمن كان هل تصح الصلاة فيه قال: ان اشتراه من مسلم فليصل فيه وإن اشتراه من نصراني فلا يصلي فيه حتى يغسله «75» والحديث غير دال على نجاسة الكتابي إذ المنع عن الصلاة في ثيابهم يمكن أن يكون بلحاظ النجاسة العرضية مضافا الى أنه تدل جملة من الروايات على الجواز منها ما رواه معاوية بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الثياب السابريّة يعملها المجوس وهم أخباث وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا أغسلها وأصلّي فيها قال نعم قال معاوية فقطعت له قميصا وخطته وفتلت له ازرارا ورداء من السابري ثمّ بعثت بها اليه في يوم جمعة حين ارتفع النهار فكأنه عرف ما أريد فخرج بها الى الجمعة «76» ومنها ما رواه المعلى بن خنيس قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول لا بأس بالصلاة في الثياب التي يعملها المجوس والنصارى واليهود «77» ومنها ما رواه أبو علي البزاز عن أبيه قال: سألت جعفر بن محمد عليه السّلام عن الثوب يعمله أهل الكتاب اصلّي فيه قبل أن يغسل قال: لا بأس وأن يغسل احبّ إليّ «78» ويستفاد عدم نجاستهم من جملة من النصوص منها ما رواه ابراهيم بن أبي محمود قال: قلت للرضا عليه السّلام الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة قال: لا بأس تغسل يديها «79» فان هذا الحديث احدث من النصوص الدالة على النجاسة وحيث انّ المرجح الوحيد الاحدثية يكون الترجيح مع ما يدل على الطهارة ويؤيد المدعى جملة اخرى من النصوص منها ما رواه عيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مؤاكلة اليهودي والنصرانيّ والمجوسيّ فقال اذا كان من طعامك وتوضّأ فلا بأس «80» وان أبيت عن الترجيح تصل النوبة الى التعارض والتساقط والمرجع بعد التساقط قاعدة الطهارة.
بقي شيء وهو أنّ المستفاد من حديث ابن مسلم نجاسة المجوسي ويستفاد من حديث عيص المتقدم آنفا طهارته وحيث انّ حديث عيص أحدث فان ذلك الحديث مروي عن الباقر عليه السّلام وهذا الحديث مروي عن الصادق عليه السّلام فيقدم بالأحدثية فان الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن هذا كله بالنسبة الى الأمم السابقة.
وأمّا غير الامامية الاثنى عشرية من بقية أصناف هذه الامة فان قلنا بانّ الولاية مقومة للإسلام يحكم على من لا يكون اثنى عشريا بالكفر ولكن لا شبهة في عدم وجوب الاجتناب عنهم بل يجوز مساورتهم وأكل ذبائحهم والتزويج معهم على ما هو المقرر في بابه والحمد للّه أولا وآخرا وظاهرا وباطنا والصلاة على محمّد وآله الطاهرين المعصومين واللعن الدائم على أعدائهم الى يوم الدين آمين يا رب العالمين.
وحيث انه انجر الكلام الى بحث انحصار المرجح في باب التعارض في الاحدثية رأينا ان المناسب ان نذيل البحث بهذه الجهة ونبيّن ما هو الحق في ذلك البحث وان باحثنا وكتبنا لكن لأهمية المطلب وكونه مورد الابتلاء في الأبحاث الفقهية ينبغي التعرض لها وبيان ما هو الحق عندنا بحسب ما يختلج ببالنا.
[مرجحات باب التعارض] :
فنقول مقتضى القاعدة الأولية في الخبرين المتعارضين الذين لا يكونان قابلين للجمع هو التساقط والرجوع الى الدليل الاجتهادي الفوق ان كان والّا فالى الأصل العملي وفي المقام طوائف من النصوص تدل على كيفية علاج المتعارضين في الروايات ولا بد من ملاحظة تلك الطوائف واستنتاج النتيجة منها.
الطائفة الأولى: ما يستفاد منها وجوب التوقف منها حديث عمر بن حنظلة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث الى أن قال: فان كان الخبران عنكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم قال: ينظر فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامة فيؤخذ به ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة قلت: جعلت فداك أ رأيت ان كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم بأيّ الخبرين يؤخذ فقال: ما خالف العامة ففيه الرشاد فقلت جعلت فداك فان وافقهما الخبران جميعا قال: ينظر الى ما هم اليه اميل حكّامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر قلت: وإن وافق حكّامهم الخبرين جميعا قال: إذا كان ذلك فأرجئه حتى تلقى امامك فانّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات «81».
فان المستفاد من هذه الرواية انه اذا لم يكن مرجح لأحد الطرفين تصل النوبة الى التوقف الى ان يصل المكلف الى الامام عليه السّلام ويسئله عن الحكم.
وهذه الرواية مخدوشة سندا فان ابن حنظلة لم يوثق قال الحر قدّس سرّه في ترجمة الرجل لم ينص الاصحاب عليه بتوثيق ولا جرح ولكن حققنا توثيقه من محل آخر.
قاله الشهيد الثاني في شرح الدراية وقد تقدم في أحاديث التوقيت قول الصادق عليه السّلام اذا لا يكذب علينا وليكن هذا بذكرك ينفعك فيما يأتي وعلى الجملة لا اعتبار بالحديث سندا مضافا الى ان المستفاد منه حكم زمان الحضور أي الزمان الذي يمكن الوصول الى حضور الامام عليه السّلام والكلام في حكم زماننا الذي لا يمكن الوصول الى الامام عليه السّلام ومنها ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه كيف يصنع قال يرجئه حتى يلقى من يخبره فهو في سعة حتى يلقاه «82» والمستفاد من هذه الرواية اختصاص الحكم بزمان يمكن الوصول الى الواقع لا مثل زماننا الذي لا يمكن.
و منها ما رواه سماعة بن مهران قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام قلت يرد علينا حديثان واحد يأمرنا الأخذ به والآخر ينهانا عنه قال لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى صاحبك فتسئله عنه قال قلت لا بد من ان نعمل بأحدهما قال خذ بما فيه خلاف العامة «83» والمرسل لا اعتبار به مضافا الى أن الحكم خاص بزمان الحضور الذي يمكن الوصول الى الامام عليه السّلام ومنها ما رواه في السرائر نقلا من كتاب مسائل الرجال لعلي بن محمد عليه السّلام ان محمد بن علي بن عيسى كتب اليه يسأله عن العلم المنقول إلينا عن آبائك واجدادك عليهم السّلام قد اختلف علينا فيه فكيف العمل به على اختلافه أو الرد إليك فيما اختلف فيه فكتب عليه السّلام ما علمتم انه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردّوه إلينا «84».
والمستفاد من هذه الرواية ارجاع الأمور اليهم وعدم الأخذ بأحد الطرفين عند المعارضة وهذا الاطلاق قابل لان يقيد بما يدل على الأخذ بالطرف الذي يكون فيه الترجيح.
الطائفة الثانية: ما يدل على التخيير منها ما روى عن الحسن بن الجهم عن الرضا عليه السّلام انه قال قلت للرضا عليه السّلام تجيئنا الأحاديث عنكم مختلفة قال ما جاءك عنه (عنا) فقسه على كتاب اللّه عزّ وجلّ واحاديثنا فان كان يشبهها فهو منّا وإن لم يشبهها فليس منّا قلت يجيئنا الرّجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين فلا نعلم ايّهما الحق فقال اذا لم تعلم فموسّع عليك بايّهما أخذت «85»
و المرسل لا اعتبار به ومنها ما رواه الحارث بن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:
اذا سمعت من أصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسّع عليك حتى ترى القائم فترده عليه «86» والمرسل لا اعتبار به مضافا الى أن المستفاد من الحديث حجية قول الثقة ولا يرتبط بما نحن بصدده ومنها مرفوعة العلامة الى زرارة بن أعين قال:
سألت الباقر عليه السّلام فقلت جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان فبأيّهما آخذ قال عليه السّلام يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر فقلت يا سيدي أنهما معا مشهوران مرويّان مأثوران عنكم فقال عليه السّلام خذ بقول أعدلهما عندك واوثقهما في نفسك انّهما معا عدلان مرضيان موثقان فقال عليه السّلام انظر ما وافق منهما مذهب العامة اتركه وخذ بما خالفهم قلت ربما كانا معا موافقين لهم أو مخالفين فكيف اصنع فقال عليه السّلام اذا فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط فقلت انّهما معا موافقان للاحتياط أو مخالفان له فكيف اصنع فقال عليه السّلام اذا فتخيّر احدهما فتأخذ به وتدع الآخر «87» والمرفوعة لا اعتبار بها ومنها ما أرسله الكليني في ديباجة كتاب الكافي فأعلم يا أخي ارشدك اللّه أنه لا يسع أحدا تمييز شيء ممّا اختلف الرواية فيه عن العلماء عليهم السّلام برأيه الّا على ما اطلعه العالم عليه السّلام بقوله اعرضوها على كتاب اللّه فما وافق كتاب اللّه جلّ وعزّ اقبلوه (فخذوه) وما خالف كتاب اللّه عزّ وجلّ فردوه وقوله عليه السّلام دعوا ما وافق القوم فان الرشد في خلافهم وقوله عليه السّلام خذوا بالمجمع عليه فان المجمع عليه لا ريب فيه ونحن لا نعرف من جميع ذلك الّا اقلّه ولا نجد شيئا أحوط ولا اوسع من ردّ علم ذلك كله الى العالم عليه السّلام وقبول ما وسّع من الأمر فيه بقوله بأيّما أخذتم من باب التسليم وسعكم «88» والمرسل لا اعتبار به.
ومنها ما رواه ابن مهزيار: جواز اتيان النافلة على البعير من أبواب القبلة قوله فروى بعضهم ان صلهما في المحمل وروى بعضهم لا تصلهما الّا على الأرض فأعلمني كيف تصنع أنت لاقتدى بك في ذلك فوقّع عليه السّلام موسّع عليك بأيّة عملت «89» ولا يستفاد المدعى من هذه الرواية بل المستفاد منها التخيير بالنسبة الى النافلة ومنها مكاتبة محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري الى صاحب الزمان عليه السّلام الى أن قال عليه السّلام في الجواب عن ذلك حديثان اما احدهما فاذا انتقل من حالة الى اخرى فعليه التكبير وامّا الآخر فانه روى انه اذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبّر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير وكذلك التشهد الأول يجري هذا المجرى وبايّهما اخذت من باب التسليم كان صوابا «90» ويرد عليه أولا أنه حكم وارد في مورد خاص وثانيا ان غاية ما في الباب هو الاطلاق ومقتضى القاعدة تقييد المطلق بالمقيد فاذا قام دليل على الترجيح يقيد الاطلاق به ومنها ما في الفقه الرضوي: ففي فقه الرضا عليه السّلام والنفساء تدع الصلاة اكثره مثل ايّام حيضها الى ان قال: وقد روى ثمانية عشر يوما وروى ثلاثة وعشرون يوما وبأيّ هذه الأحاديث أخذ من جهة التسليم جاز «91» والحديث غير معتد به فالنتيجة انه لا دليل على التخيير ولو سلم تمامية الدليل عليه فهل يكون ابتدائيا أو استمراريا وقد ذكر للاستمرار وجهان الوجه الأول استصحاب التخيير.
و يرد عليه أن الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.
الوجه الثاني: اطلاق دليل التخيير والظاهر ان هذا الوجه لا بأس به الّا أن يبتلي المكلف بالعلم الإجمالي بالخلاف مع الواقع فلا بد من العمل على طبق القواعد والحاصل انا لا نرى مانعا عن الأخذ بالاطلاق في حد نفسه.
الطائفة الثالثة: ما يدل على الاحتياط والدليل عليه مرفوعة العلامة وتقدم ان المرفوعة لا اعتبار بها.
الطائفة الرابعة: ما يدل على تقديم ما يكون مخالفا مع العامّة منها ما رواه الحسين بن السريّ قال: قال أبو عبد اللّه عليه السّلام اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم «92» والحديث مرسل ولا اعتبار بالمرسل مضافا الى ما في السند من الاشكال غير ما ذكر.
و منها ما رواه الحسن بن الجهم قال: قلت للعبد الصالح عليه السّلام هل يسعنا فيما ورد علينا منكم الّا التسليم لكم فقال لا واللّه لا يسعكم الّا التسليم لنا فقلت فيروى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام شيء ويروى عنه خلافه فبايهما نأخذ فقال خذ بما خالف القوم وما وافق القوم فاجتنبه «93» وهذه الرواية مخدوشة سندا بابي البركات فان الرجل لم يوثق صريحا نعم قال الحر قدّس سرّه في تذكرة المتبحّرين الشيخ أبو البركات علي بن الحسين الجوزي الحلي عالم صالح محدث يروي عن أبي جعفر بن بابويه «94».
ويمكن النقاش في دلالة هذه العبارة على التوثيق من وجوه :
الوجه الأول: ان ديدن الرجالي بالنسبة الى من يراه ثقة التعبير بالوثاقة ولا يكتفون بقولهم صالح أو دين لاحظ ما افاده الحر بنفسه في ترجمة علي بن عبد العالي قال: كان فاضلا عالما متبحرا محققا مدققا جامعا كاملا ثقة زاهدا عابدا ورعا جليل القدر عظيم الشأن فريدا في عصره «95».
إن قلت اذا لم يكن محرز الوثاقة كيف يكون صالحا وكيف يصدق عليه عنوان الصلاح.
قلت: اذا كان الأمر كذلك فما الوجه في قوله ثقة في ترجمة علي بن عبد العالي مع تصريحه بكونه ورعا مضافا الى أنه اذا كان الشخص ظاهر الصلاح يحضر الجماعة للصلاة ويزور الأئمة عليهم السّلام ويبكي في مجالس التعزية يصح أن يقال في حقه صالح وهذا العرف ببابك والذي يدل على صحة هذه المقالة انه لو قيل في حق شخص أنه صالح هل يكون هذه الجملة شهادة على عدالته ؟
الوجه الثاني: ان الحر قدّس سرّه قال في الفائدة الثانية عشرة من فوائده في الخاتمة من الوسائل: انما نذكر هنا من يستفاد من وجوده في السند قرينة على صحة النقل وثبوته واعتماده وذلك أقسام وقد يجتمع منها اثنان فصاعدا منها من نص علماؤنا على ثقته مع صحة عقيدته ومنها من نصوا على مدحه وجلالته وإن لم يوثقوه مع كونه من اصحابنا الى آخر كلامه.
فيمكن ان يكون توثيقه من باب كون الموثق ممدوحا فيمكن ان يكون قوله صالح مستندا الى فعل فرض كونه شهادة بالصلاح فشهادته على الوثاقة لا أثر له مع هذا الاحتمال.
الوجه الثالث: أنه قابل في كلامه بين التوثيق والمدح والتقسيم قاطع للشركة فمجرد المدح بقوله صالح لا يدل على توثيقه.
الوجه الرابع: أنه قال في جملة كلام له ومنها من وقع الاختلاف في توثيقه وتضعيفه فان كان توثيقه ارجح فوجوده في السند قرينة والّا فاذكره لينظر في الترجيح.
فانه يظهر من هذه العبارة أنه يجتهد في تشخيص الوثاقة ومن الظاهر أنّ اجتهاد الشاهد لا أثر له.
الطائفة الخامسة: ما يدل على الترجيح بموافقة الكتاب منها ما رواه الحسن ابن الجهم والمرسل لا اعتبار به.
ومنها ما رواه أحمد بن الحسن الميثمي أنه سأل الرضا عليه السّلام يوما وقد اجتمع عنده قوم من أصحابه ... (الى أن قال) فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب اللّه فما كان في كتاب اللّه موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب الحديث «96» والسند مخدوش.
الطائفة السادسة: ما يدل على تقديم موافق الكتاب أولا وبمخالفة القوم ثانيا لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال: قال الصادق عليه السّلام اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب اللّه فما وافق كتاب اللّه فخذوه وما خالف كتاب اللّه فردوه فان لم تجدوهما في كتاب اللّه فاعرضوهما على أخبار العامّة فما وافق اخبارهم فذروه وما خالف اخبارهم فخذوه «97» والسند مخدوش بأبي البركات.
[الترجيح بالأحدثية وبيان لسيدنا الأستاد والمناقشة فيه] :
الطائفة السابعة: ما يدل على تقديم الأحدث لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: قلت له ما بال اقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم لا يتهمون بالكذب فيجيء منكم خلافه قال ان الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن «98» وأورد عليه سيدنا الاستاد قدّس سرّه بان ضرورة المذهب قائمة على عدم جواز نسخ القرآن أو السنة بالخبر الظني فلا بد من رفع اليد عن الحديث وبعبارة اخرى الكلام في الخبر الظني لا في الخبر القطعي صدورا كما أنه لا اشكال في تخصيص الكتاب أو السنة بالخبر الظني والكلام في النسخ.
والجواب أنه لم يفرض في الحديث كونه مقطوع الصدور بل مطلق من هذه الجهة ولأجل الضرورة المدعاة نرفع اليد عن الاطلاق مضافا الى أن الميزان باطلاق الجواب لا بخصوص السؤال ومقتضى اطلاق الجواب جواز النسخ على الاطلاق أي أعم من ان يكون كلا الخبرين عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أو كلاهما عن غيره من الائمة عليهم سلام اللّه أو بالاختلاف وعلى جميع التقادير مقتضى الاطلاق عدم الفرق بين مقطوع الصدور أو مظنونه وبمقتضى الضرورة المدعاة نرفع اليد عن الاطلاق بمقدار قضاء الضرورة فلا اشكال ولاحظ ما رواه منصور بن حازم قال :
قلت لأبي عبد اللّه ما بالي اسألك عن المسألة فتجيبني فيها بالجواب ثم يجيئك غيري فتجيبه فيها بجواب آخر فقال انا نجيب الناس على الزيادة والنقصان قال: قلت فاخبرني عن اصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم صدقوا على محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أم كذبوا قال بل صدقوا قال قلت فما بالهم اختلفوا فقال أما تعلم ان الرجل كان يأتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فيسأله عن المسألة فيجيبه فيها بالجواب ثم يجيبه بعد ذلك ما ينسخ ذلك الجواب فنسخت الأحاديث بعضها بعضا «99» فانه يستفاد من هذه الرواية بوضوح أن الأحاديث ينسخ بعضها بعضا وبعبارة واضحة الامام عليه السّلام في ذيل الحديث اعطى قاعدة كلية وميزانا كليا لعلاج التعارض وهو الأخذ بالأحدث.
إن قلت لفظ الأحاديث الواقع في الذيل بلحاظ العهد الذكري يختص بالأخبار النبوية.
قلت: على فرض تسليم المدعى يفهم المدعى من الحديث أيضا إذ طبق عليه السّلام هذه الكلية على المتعارضين الصادرين عنهم مضافا الى أن دعوى العهد جزافية ولا دليل عليها وتؤيد المدعى جملة من النصوص منها ما رواه الحسين بن المختار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: أ رأيتك لو حدثتك بحديث العام ثم جئتني من قابل فحدثتك بخلافه بايّهما كنت تأخذ قال كنت آخذ بالأخير فقال لي رحمك اللّه «100» ومنها ما رواه الكليني قال وفي حديث آخر: خذوا بالأحدث «101» ومنها ما رواه أبو عمرو الكناني قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السّلام يا أبا عمرو أ رأيت لو حدثتك بحديث أو أفتيتك بفتيا ثم جئتني بعد ذلك فسألتني عنه فأخبرتك بخلاف ما كنت أخبرتك أو أفتيتك بخلاف ذلك بأيّهما كنت تأخذ قلت: بأحدثهما وأدع الآخر فقال قد أصبت يا أبا عمرو أبى اللّه ألا أن يعبد سرا أما واللّه لئن فعلتم ذلك أنه لخير لي ولكم أبى اللّه عزّ وجلّ لنا في دينه الّا التقية «102» فان هذه النصوص وإن كانت غير تامة سندا لكن لا اشكال في كونها مؤيدة للمدعى .
[القائلون بالأحدثية ] :
ولا يخفى أنّي لا أكون متفردا في هذه الدعوى فان جملة من الاساطين صرحوا بأن مقتضى النص الأخذ بالأحدث منهم صاحب الحدائق قال:
الرابع يستفاد من الروايات الأخيرة أن من جملة الطرق المرجحة عند التعارض الأخذ بالأخير «103» وقال: قد ورد عنهم عليهم السّلام أنه اذا أتى حديث عن أولهم وحديث عن آخرهم أو عن واحد منهم ثم أتى عنه بعد ذلك ما ينافيه أنه يؤخذ بالأخير في الموضعين «104» ومنهم الصدوق قال ولو صحّ الخبران جميعا لكان الواجب الأخذ بقول الأخير كما أمر به الصادق عليه السّلام «105» ومنهم النراقي قال: ولا شك ان الايجاب المتأخر مناف للتحليل المتقدم فيحصل التعارض وتترجّح أخبار الوجوب بمعاضدة الشهرة القديمة والجديدة وموافقة الآية الكريمة «106» ومخالفة الطائفة العامة وبالاحدثية التي هي أيضا من المرجحات المنصوصة «107» وقال في جملة كلام له: الا أنها مترجحة بالاكثريّة والاصحيّة والموافقة للأصل وبعضها بالأحدثية التي هي من المرجحات المنصوصة «108».
_________________
(1) الكافي: ج 2 باب دعائم الإسلام ص 18 الحديث 1.
(2) نفس المصدر الحديث 2.
(3) نفس المصدر الحديث 3.
(4) نفس المصدر الحديث 5.
(5) الكافي: ج 2 باب دعائم الإسلام الحديث 7.
(6) نفس المصدر الحديث 8.
(7) الكافي: ج 2 باب دعائم الإسلام الحديث 9.
(8) الكافي: ج 2 باب دعائم الإسلام الحديث 11.
(9) الكافي: ج 2 باب دعائم الإسلام الحديث 14.
(10) الكافي: ج 2 ص 25 باب ان الايمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الايمان الحديث 1.
(11) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث 2.
(12) نفس المصدر الحديث 11.
(13) نفس المصدر الحديث 13.
(14) نفس المصدر الحديث 14.
(15) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث 18.
(16) نفس المصدر الحديث 19.
(17) نفس المصدر الحديث 25.
(18) نفس المصدر الحديث 27.
(19) نفس المصدر الحديث 28.
(20) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث 29.
(21) نفس المصدر الحديث 34.
(22) نفس المصدر الحديث 37.
(23) نفس المصدر الحديث 38.
(24) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث 40.
(25) نفس الحديث الحديث 43.
(26) نفس المصدر الحديث 47.
(27) نفس المصدر الحديث 49.
(28) الكافي: ج 1 ص 374 باب فيمن دان اللّه عزّ وجلّ بغير امام من اللّه جلّ جلاله الحديث 1.
(29) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث 48.
(30) الكافي ج 1 ص 374 باب فيمن دان اللّه عزّ وجلّ بغير امام من اللّه جلّ جلاله الحديث 2.
(31) الكافي: ج 1 ص 375 باب فيمن دان اللّه عزّ وجلّ بغير امام من اللّه جل جلاله الحديث 3.
(32) الكافي: ج 1 ص 376 باب من مات وليس له امام الحديث 1.
(33) نفس المصدر ص 377 الحديث 3.
(34) نفس المصدر الحديث 4.
(35) الوسائل الباب 10 من أبواب حدّ المرتد الحديث 46.
(36) الوسائل الباب 2 من أبواب مقدمات العبادات الحديث 3.
(37) نفس المصدر الحديث 4.
(38) تفسير برهان: ج 1 ص 264.
(39) الوسائل الباب 1 من أبواب الماء المطلق الحديث 6.
(40) نفس المصدر الحديث 7.
(41) نفس المصدر الحديث 8.
(42) الوسائل الباب 9 من أبواب احكام الخلوة الحديث 1.
(43) تنقيح المقال للمامقاني باب الفاء في ترجمة فارس بن حاتم.
(44) مصباح الفقيه: ج 7 ص 285 و286.
(45) الوسائل الباب 2 من أبواب مقدمات العبادات الحديث 2.
(46) نفس المصدر الحديث 1.
(47) الوسائل الباب 2 من أبواب مقدمات العبادات الحديث 13.
(48) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث 50.
(49) الوسائل الباب 11 من أبواب الماء المضاف الحديث 5.
(50) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث 4.
(51) الوسائل الباب 11 من أبواب الماء المضاف الحديث 3.
(52) الكافي: ج 1 ص 81 ذيل حديث 5.
(53) الكافي: ج 2 ص 25 باب ان الايمان يشارك الإسلام الحديث 1.
(54) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث 1.
(55) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث 3.
(56) نفس المصدر الحديث 16.
(57) نفس المصدر الحديث 17.
(58) الوسائل الباب 10 من أبواب حد المرتد الحديث 4.
(59) نفس المصدر الحديث 5.
(60) نفس المصدر الحديث 10.
(61) بحار الأنوار: ج 5 ص 9 الحديث 13.
(62) الكافي: ج 1 ص 155 كتاب التوحيد باب الجبر والقدر.
(63) نفس المصدر الحديث 13.
(64) الوسائل الباب 49 من أبواب جهاد العدو الحديث 1- 3- 5- 7- 8- 9.
(65) الوسائل الباب 10 من أبواب صفات القاضي الحديث 1.
(66) نفس المصدر الحديث 3.
(67) الوسائل الباب 14 من أبواب، النجاسات الحديث 1.
(68) نفس المصدر الحديث 2.
(69) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث 3.
(70) الوسائل الباب 31 من أبواب أحكام الخلوة الحديث 5.
(71) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث 6.
(72) نفس المصدر الحديث 7.
(73) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث 5.
(74) نفس المصدر الحديث 9.
(75) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث 10.
(76) الوسائل الباب 73 من أبواب النجاسات الحديث 1.
(77) نفس المصدر الحديث 2.
(78) نفس المصدر الحديث 5.
(79) الوسائل الباب 14 من أبواب النجاسات الحديث 11.
(80) الوسائل الباب 54 من أبواب النجاسات الحديث 1.
(81) الوسائل: الباب 9 من أبواب صفات القاضى الحديث 1.
(82) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 5.
(83) جامع الأحاديث ج 1 ص 266 الحديث 32.
(84) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 36.
(85) جامع الأحاديث ج 1 ص 260 الحديث 20.
(86) نفس المصدر الحديث 21.
(87) جامع الأحاديث ج 1 ص 255 الحديث 2.
(88) جامع الأحاديث ج 1 ص 255 الحديث 3.
(89) نفس المصدر ص 269 ذيل الحديث 42.
(90) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 39.
(91) المستدرك الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 12.
(92) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 30.
(93) نفس المصدر، الحديث 31.
(94) معجم رجال الحديث ج 11 ص 275 الرقم 8069.
(95) معجم رجال الحديث ج 12 ص 73 الرقم 8246.
(96) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 21.
(97) نفس المصدر الحديث 29.
(98) نفس المصدر الحديث 4.
(99) الكافى: ج 1 ص 65 الحديث 3.
(100) الوسائل الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 7.
(101) نفس المصدر الحديث 9.
(102) نفس المصدر الحديث 17.
(103) الحدائق ج 1 ص 105.
(104) نفس المصدر: ج 11 ص 451.
(105) الفقيه: ج 4 ص 151.
(106) الانفال: 41.
(107) مستند الشيعة: ج 10 ص 118.
(108) نفس المصدر: ص 278.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|