أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
146
التاريخ: 11-9-2016
130
التاريخ: 11-9-2016
148
التاريخ: 11-9-2016
128
|
والمقصود من السيرة العقلائيّة اجمالا هو تعارف العقلاء على سلوك معيّن في شأن من الشئون بحيث لا يشذّ عن هذا السلوك منهم أحد إلاّ وكان معرضا للنقد والتوبيخ ، وهذا لا يتّفق إلاّ في عند ما يكون السلوك مستندا الى نكتة عقلائيّة ولو لم تكن متبلورة بل كانت مركوزة في جبلتهم.
وهناك نوع آخر للسيرة العقلائيّة ذكره السيّد الصدر رحمه الله وهو تعارف العقلاء على سلوك معيّن إلاّ انّ الخروج عن مقتضاه لا يستوجب توبيخ العقلاء ، وذلك يعبّر عن عدم نشوء هذا السلوك عن نكتة عقلائيّة ولو لم تكن متبلورة ، بمعنى انّه ناشئ اتفاقا ولأغراض شخصيّة إلاّ انّها خلقت حالة عامة تستوجب استظهار أو حدس صدور ذلك السلوك عن كلّ أحد.
ويمكن التمثيل لهذا النوع من السيرة بتعارف العقلاء والذين هم في موقع المولويّة على اعتبار قول اللغوي حجة على عبيدهم بمعنى اعتبار قول اللغوي هو المعبّر عن مراداتهم فيما يصدر عنهم من أوامر ، وهذا النحو من السلوك انّما نشأ عن أغراض شخصيّة تتّصل بكلّ واحد من أفراد العقلاء اللذين هم في موقع المولويّة ، إذ انّهم ولغرض التحفظ على أغراضهم يصيغون أوامرهم بألفاظ متناسبة مع قول اللغوي ، وهذا هو الذي دعاهم للأمر باعتماد قول اللغوي في مقام التعرّف على مقاصدهم.
ومن الواضح انّه لو شذّ أحد عن هذه الطريقة واتخذ وسيلة اخرى للتحفظ على أغراضه مع عبيده لم يكن ذلك موجبا لتوبيخ العقلاء له ولومه على الخروج عن الطريقة المألوفة.
وفي كلا القسمين لا بدّ لإثبات صلاحيّة السيرة العقلائيّة للدليليّة على الحكم الشرعي من امضاء الشارع لهذه السيرة ، ولكي يثبت امضاء الشارع للسيرة لا بدّ من تنقيح أمرين :
الأمر الاول : هو معاصرة السيرة لزمن المعصوم عليه السلام ، إذ مع عدم احراز ذلك لا تكون ثمّة وسيلة لإثبات الإمضاء ، وذلك لأنّه غالبا ما يكون الإمضاء بواسطة السكوت وعدم الردع ، وهذا ما يستبطن معايشة المعصوم للسيرة وعندها يمكن الاستدلال بالسكوت وعدم الردع على التقرير والامضاء.
وهكذا لو كان الإمضاء بواسطة التصريح فإنّه لا يتعقل إلاّ مع معاصرة المعصوم عليه السلام للسيرة إلاّ انّه عندئذ يكون التصريح بالإمضاء أحد أمارات معاصرة المعصوم عليه السلام للسيرة ، نعم لو لم يكن لبيان الامام عليه السلام المناسب للإمضاء دلالة على وجود السيرة فإنّ معاصرة السيرة لا يثبت بذلك إلاّ انّه يمكن إثبات مناسبة ما عليه السيرة الفعليّة لنظر الشارع بذلك ، والحجيّة حينئذ لكلام المعصوم عليه السلام دون السيرة ، وهو خروج عن الفرض.
وبهذا يتنقح اعتبار معاصرة المعصوم عليه السلام للسيرة التي يكون لها الدليليّة والكاشفيّة عن الحكم الشرعي.
الأمر الثاني : أن يكون عدم الردع للسيرة المعاصرة للمعصوم عليه السلام كاشفا عن الامضاء، وهذا لا يكون إلاّ إذا كان عدم الردع موجبا لامتداد السيرة للشئون الشرعيّة ، وعندها تكون أغراض الشريعة معرضا للخطر لو لم تكن متناسبة مع مقتضى السيرة ، ففي مثل هذا الفرض يكون عدم الردع معبّرا عن الإمضاء.
وهناك فرض آخر يكون معه عدم الردع معبّرا عن الإمضاء وهو ما لو كانت السيرة من الاستحكام والاستيثاق بحيث يحتمل امتدادها للشئون الشرعيّة ، وحينئذ يكون من الحكمة الردع عنها لو لم تكن متناسبة مع نظر الشارع ، إذ انّ عدم الردع حينئذ ينافي الحكمة المقتضية للتحفّظ على الأغراض عن أن تكون في معرض الخطر.
على انّه لا بدّ من التنبيه على أمر يتّضح بالتأمّل فيما ذكرناه وهو انّه قد تكون السيرة منافية لنظر الشارع إلاّ انّ امتدادها للشئون الشرعيّة لا يمثل خطرا على الاغراض الشرعيّة ، وفي مثل هذا الفرض لا يكون عدم الردع معبّرا عن الإمضاء.
ومثال ذلك ما لو كان نظر الشارع هو التخيير في حالات التزاحم بين دفع المفسدة وجلب المصلحة المتساويين في الأهميّة وكانت السيرة جارية على تقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة في حالات التساوي في الأهميّة ، فإنّ عدم الردع عن هذه السيرة لا يشكّل خطرا على غرض الشارع بعد افتراض انّ نظره في مثل هذا الفرض هو التخيير.
ثمّ انّ هذين القسمين للسيرة هما اللذان لو ثبت امضاؤهما لكانا صالحين للكشف عن الحكم الشرعي أو الحجّة الشرعيّة ، وهناك قسمان آخران للسيرة ليس لهما هذه الصلاحيّة.
القسم الأوّل : هو السيرة العقلائيّة التي تنقّح موضوعات الأحكام الشرعيّة الثابتة بأدلتها ، وهي على نحوين :
النحو الأول : السيرة التي ينخلق بها موضوع الحكم الشرعي ويتحدّد بواسطتها كيفيّة امتثاله والخروج عن عهدته ، ومثال ذلك حكم الشارع بوجوب الإنفاق على الزوجة بالمعروف ، فلو قامت السيرة على انّ الإنفاق بالمعروف لا يتمّ إلاّ بمستوى معين من النفقة فإنّ هذه السيرة تقتضي صيرورة موضوع الوجوب هو خصوص المقدار المحدّد من قبلها وانّ المقدار الأقل ممّا حددته السيرة لا يكون من النفقة بالمعروف ، وحينئذ لا يكون لأحد الإنفاق بمستوى أقل وان كان يرى عدم تماميّة ما عليه السيرة ،كما انّ وجود سيرة سابقة على غير ما هي عليه فعلا لا يصحّح إلغاء السيرة الفعليّة ، إذ انّ تحديد الموضوعات خاضع للظروف المزامنة لامتثال التكليف ، وبطبيعة الحال انّ ذلك مختصّ بالموضوعات التي يخضع تبلورها للظروف والملابسات الخارجيّة.
النحو الثاني : السيرة التي يكون لها دور الكشف عن تحقّق موضوع الحكم الشرعي خارجا ، ومثاله ما لو كانت سيرة العقلاء جارية على عدم الإقدام على المعاملة الغبنيّة وانّهم يجرون في معاملاتهم على أساس التحفّظ على مالية ما عندهم من أموال فحينئذ نستكشف من هذه السيرة وجود شرط ضمني في كلّ معاملة وهو التقارب بين مالية العوضين ، فلو اتّفق ان كانت المعاملة غبنيّة فإنّ للمغبون خيار الغبن باعتبار انّ عدم الغبن شرط ضمني في العقد كشفت عنه السيرة العقلائيّة.
وتلاحظون انّ السيرة هنا كشفت عن تحقّق موضوع الحكم الشرعي والذي هو وجود شرط ضمني بعدم الغبن ، ومن هنا ترتب الحكم الشرعي والذي هو ثبوت الخيار.
والفرق العملي بين النحو الاول والثاني هو انّ النحو الثاني من السيرة لا يتنقّح بها موضوع الحكم الشرعي لو أقدم المتعاقدان على المعاملة مع البناء على الالتزام بمقتضاها ولو اتّفق الغبن، وذلك لأنّ السيرة في النحو الثاني انّما تكشف عن وجود شرط ضمني مثلا فلو ألغى المتعاملان هذا الشرط فلا كاشفيّة للسيرة حينئذ عن وجود الشرط ، وهذا بخلاف النحو الاول من السيرة فإنّها لا تخضع لإرادة أحد من العقلاء بل انّها موجبة لانخلاق موضوع الحكم الشرعي ، فليس دورها الكشف بل انّ دورها الإيجاد للموضوع.
وبما ذكرناه يتّضح انّ هذا القسم من السيرة بنحويه لا تناط فاعليته بمعاصرة السيرة للمعصوم عليه السلام بل انّه لو كانت السيرة في زمن المعصوم عليه السلام على خلاف ما عليه السيرة الفعليّة فإنّ ذلك لا يؤثر على ما هي الوظيفة المناطة بهذا القسم من السير ، وهي تنقيح موضوع الحكم الشرعي.
القسم الثاني : هي السيرة العقلائيّة التي تساهم في فهم الدليل وتكشف عن حدود مدلوله ، إذ لا ريب انّ للمتبنّيات العقلائيّة والمرتكزات العرفيّة دورا في تبلور الظهور للأدلّة اللفظيّة ، وانّ الظهور لا يتحدّد بالمداليل اللغويّة فحسب بل انّ المتبنيات العقلائيّة تشكّل قرائن لبيّة متّصلة يتحدّد بواسطتها ما هو المراد الجدّي من الأدلة اللفظيّة.
وهذا القسم من السير منوط باحراز معاصرتها للمعصوم عليه السلام ، إذ انّ الظهور المعتمد للأدلّة اللفظيّة انّما هو الظهور المزامن لعصر صدور النصّ ، نعم يمكن الاستفادة من السيرة الفعليّة لإثبات أحد أمرين :
الأمر الأول : عدم امكان التمسّك بالمدلول اللغوي للدليل بقطع النظر عمّا هو مقتضى السيرة ، وذلك لأنّ السيرة الفعليّة توجب احتمال اكتناف الدليل بقرينة متّصلة مانعة عن ظهور الدليل فيما يناسب المدلول اللغوي ، وهذا الاحتمال لا نافي له ، فإمّا ان ننتهي الى القول باجمال الدليل وامّا ان نتمسّك بالدليل بالمقدار الذي تقتضيه السيرة.
الأمر الثاني : انّ هذه السيرة تساهم في الكشف عن انّ المستظهر من الدليل في عصر النصّ هو عينه الظهور الفعلي للدليل والمناسب لما تقتضيه السيرة ، وذلك لأنّ احراز السيرة الفعليّة موجب لإحراز الظهور الفعلي وعندئذ نتمسّك بأصالة عدم النقل المعبّر عنها بأصالة الثبات في اللغة ، فإنّ هذا الأصل لا يختصّ بالمدلول اللغوي ، بمعنى انّ هذا الأصل لا يثبت بقاء المدلول اللغوي وعدم تبدّله بتمادي الزمن فحسب بل يتّسع ليشمل حالات الشك في تبدّل الظهور المرتبط بالقرائن اللبيّة والمرتكزات العقلائيّة.
فإن كان الظهور المرتبط بالقرائن اللبيّة محرزا فعلا وشككنا في انّ هذا الظهور هل هو عينه الذي كان في زمن صدور النصّ أو انّه تبدّل بتمادي الأزمنة فإنّ بالإمكان التمسّك بأصالة عدم النقل ـ والمعبّر عنه بالاستصحاب القهقرائي ـ لإثبات معاصرة هذا الظهور لعصر النص.
هذا بعض ما استفدناه من كلمات السيد الصدر رحمه الله.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
وفد كلية الزراعة في جامعة كربلاء يشيد بمشروع الحزام الأخضر
|
|
|