المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8127 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

Chemical Kinetics
21-9-2018
Universal Cellular Automaton
29-8-2021
أحمد بن صفوان
2024-05-28
تمثيل الشركة القابضة في شركة مساهِمة
26-6-2016
أنواع الغدد في الجسم
10-7-2016
الوصف النباتي للفول (الباقلاء)
10-4-2016


إستصحاب مجهولي التاريخ  
  
264   11:14 صباحاً   التاريخ: 8-9-2016
المؤلف : الشيخ محمد صنقور علي
الكتاب أو المصدر : المعجم الأصولي
الجزء والصفحة : ج1 ص 217.
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المصطلحات الاصولية / حرف الالف /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-9-2016 354
التاريخ: 10-9-2016 286
التاريخ: 10-9-2016 745
التاريخ: 10-9-2016 358

ومحلّ البحث هو ما لو كان موضوع الحكم الشرعي مركبا من جزءين محرزين فعلا إلاّ انّه وقع الشك في تقدم أحدهما بالنسبة للآخر وتأخر أحدهما بالنسبة للآخر مع افتراض الجهل بتاريخيهما.

ويمكن تصنيف هذا الفرض الى أقسام :

القسم الأول : هو ان يكون الأثر الشرعي مترتبا على الوجود المطلق المعبّر عنه بالوجود المحمولي والذي هو مفاد كان التامة ؛ ويتضح ذلك بملاحظة صوره الخمس :

الصورة الاولى : ما إذا كان الأثر الشرعي مركبا من جزءين وهو تقدم أحد شيئين على الآخر بمعنى انّ المعتبر هو وجود التقدّم بمفاد كان التامة المعبّر عنه بالوجود المحمولي والذي هو عبارة عن ثبوت الشيء ووجوده لا ثبوت شيء لشيء كما هو الحال في الوجود النعتي.

ومثال هذه الصورة : هو ما لو كان موضوع استحقاق الولد للميراث هو تقدّم موت الأب على موته على نحو يكون التقدّم المعتبر في الأثر الشرعي هو وجود التقدم بمفاد كان التامة ، ولمّا كنا محرزين لعدم التقدم حينما لم يكونا ميتين فإنّه يمكن استصحاب عدم التقدم أي عدم تحقق وجود التقدم لموت الأب المحرز سابقا وبه ينتفي استحقاق الولد للميراث. ولا يجري استصحاب عدم التقدم لموت الابن ، وذلك لافتراض عدم وجود أثر شرعي على تقدم موت الابن كما لو افترضنا ان الأب كان كافرا فتقدم موت الابن لا يوجب استحقاقه للميراث ، فلا معنى حينئذ لاستصحاب عدم التقدم لموت الابن.

الصورة الثانية : نفس الصورة الاولى إلاّ انّه يفترض فيها وجود أثر شرعي مترتب على تقدّم الجزء الثاني على الاول.

ومثاله : ما لو كان استحقاق الابن للميراث مترتب على وجود التقدم لموت الأب بالنسبة لموت الابن ، وكان استحقاق الأب للميراث مترتبا على وجود التقدّم لموت الابن بالنسبة لموت الأب. فلو كنا نعلم بعدم موتهما ثم أحرزنا ذلك ووقع الشك في التقدم بالنسبة للأول على الثاني وكذا العكس.

وهنا يجري استصحاب عدم التقدم لموت الابن على موت الاب وهذا ينتج عدم استحقاق الابن للميراث ، وكذلك يجري استصحاب عدم التقدم لموت الابن على موت الابن ، وهذا ينتج عدم استحقاق الأب للميراث ، وليس بين الاستصحابين تعارض لاحتمال ان موتهما تم في وقت واحد.

الصورة الثالثة : نفس الصورة الثانية إلاّ انّه يضاف عليها إحراز وجود التقدم لأحدهما إجمالا ، وهنا لا يأتي احتمال تزامن موتهما ، ولذلك يتعارض الاستصحابان للعلم الإجمالي بمنافاة أحدهما للواقع ، فإجراء أحد الاستصحابين دون الآخر ترجيح بلا مرجّح ، كما انّ إجراءهما معا يستلزم المخالفة القطعية للواقع ، فلا محيص عن سقوط كلا الاستصحابين عن الاعتبار.

الصورة الرابعة : نفس الصورة الاولى إلاّ انّه يفترض انّ للتقدّم بالنسبة للجزء الاول على الثاني أثرا شرعيا كما انّ للتأخر بالنسبة للأول على الثاني أثرا شرعيا آخر ، وهنا يجري استصحاب عدم التقدم كما يجري استصحاب عدم التأخر ، ولا تعارض بين الاستصحابين لاحتمال تزامن الجزءين في التحقق.

ومثال ذلك : ما لو كان استحقاق الوارث الوحيد لميراث المورّث مترتبا على تحقق التقدّم بالنسبة لإسلام الوارث على موت المورّث ، وكان تحقق التأخر لإسلام الوارث موضوعا لأثر شرعي آخر وهو استحقاق الإمام للميراث.

وهنا يجري استصحاب عدم التقدّم أي عدم تحقق التقدّم لإسلام الوارث على موت المورّث ، ويجري أيضا استصحاب عدم تحقق التأخر لإسلام الوارث فلا يكون للإمام ميراث المورّث ، وليس بين الاستصحابين تعارض لاحتمال انّ اسلام الوارث تزامن مع موت المورّث.

الصورة الخامسة : نفس الصورة الرابعة إلاّ انّه يفترض فيها وجود علم اجمالي بتحقق التقدم لأحدهما على الآخر ، وهنا يسقط كلا الاستصحابين عن الحجية ، إذ انّ إجراءهما معا مستوجب للمخالفة القطعية للواقع واجراء أحدهما المعين دون الآخر بلا مرجّح.

القسم الثاني : ان يكون الأثر الشرعي مترتبا على العدم المحمولي والذي هو مفاد ليس التامة النافية للوجود عن معروضها ، وذلك في مقابل ليس الناقصة والتي تصف معروضها بوصف عدمي ، فحينما يقال : ليس زيد ، فهذا معناه نفي الوجود عن زيد ، وأما حينما يقال : ليس زيد عالما فإنّ ليس في المثال لا تنفي الوجود عن زيد وانما هي متصدّية لوصفه بعدم الاتصاف بالعالميّة ، أي انّ وظيفتها هو ربط السلب بالموضوع ، وهذه هي المعبّر عنها بليس الناقصة ، والعدم المفاد بواسطتها هو العدم النعتي.

وكيف كان فالأثر الشرعي المفترض في هذا القسم مترتب على العدم المفاد بواسطة ليس التامة والذي هو العدم المحمولي النافي للوجود عن موضوعه.

ومثاله ما لو كان الأثر الشرعي مترتبا على عدم موت الأب حين موت الولد ، وهناك أثر آخر مترتب على عدم موت الولد حين موت الأب ، وهنا لو كان المكلف يعلم بعدم موتهما ثم علم بموتهما إلاّ انّه شك في انّ موت الأب هل تمّ حين عدم موت الولد أو انّ موت الولد تم حين عدم موت الأب ، وعندئذ يجري استصحاب عدم موت الأب حين موت الولد ويترتب على ذلك استحقاق الأب للميراث إلاّ انّ هذا الاستصحاب معارض باستصحاب عدم موت الولد حين موت الأب ويترتب على ذلك استحقاق الولد لميراث الأب ، وحينئذ يسقطان عن الحجية.

هذا هو مبنى الشيخ الانصاري رحمه الله  وجمع من الأعلام إلاّ ان صاحب الكفاية رحمه الله  لم يقبل بذلك وبنى على عدم جريان الاستصحاب في نفسه بقطع النظر عن التعارض ، وذلك لاحتمال عدم اتصال زمان الشك بزمان اليقين والحال انّه يعتبر في جريان الاستصحاب احراز اتصالهما ، وسيأتي ايضاح ذلك تحت عنوان اتصال زمان الشك بزمان اليقين.

وعلى أيّ تقدير فإن الشيخ الانصاري وصاحب الكفاية رحمهما الله يتفقان على عدم حجية الاستصحاب في الفرض المذكور ، والاختلاف بينهما انما هو في منشأ سقوط الاستصحاب عن الحجية ، فالشيخ الانصاري رحمه الله  يرى انّ المنشأ لذلك هو التعارض ، وهذا يعني جريان كل منهما ثم سقوطهما بالمعارضة ، أما صاحب الكفاية رحمه الله  فيرى انّ المنشأ لذلك هو عدم توفّر هذا الاستصحاب على أحد شرائط جريانه وهو إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين.

والثمرة التي تظهر بين القولين هو ما لو افترضنا انّ الأثر يترتب على الاستصحاب الاول دون الآخر بأن لا يكون بقاء المستصحب في الاستصحاب الآخر ذا أثر شرعي ، وعندها يجري الاستصحاب ذو الأثر الشرعي دون معارض بناء على مبنى الشيخ الأنصاري رحمه الله  ، أما بناء على مبنى صاحب الكفاية رحمه الله  فلا يجري الاستصحاب حتى في هذا الفرض لأنّ شبهة انفصال زمان الشك عن زمان اليقين لا يختلف الحال فيها بين الفرضين.

ومثال هذا الفرض هو ما لو كان الأثر الشرعي ـ وهو تنجّس الماء ـ مترتبا على عدم الكريّة حين الملاقاة ، فلو كنا نعلم بعدم الكرية وعدم الملاقاة ، ثم علمنا بحصول الكريّة وعلمنا كذلك بالملاقاة إلاّ اننا نشك في تقدم أحدهما على الآخر ، فهنا يمكن استصحاب عدم الكريّة الى حين الملاقاة ويترتب على ذلك الأثر الشرعي وهو تنجس الماء ، ولا يجري استصحاب عدم الملاقاة للنجس الى حين حصول الكرية لو افترضنا عدم وجود أثر شرعي لذلك ، وبهذا تتضح الثمرة بين المبنيين.

القسم الثالث : ان يكون موضوع الأثر الشرعي هو الوجود النعتي أي مفاد كان الناقصة ، ومنشأ التعبير عنه بالوجود النعتي هو انّ هذا الوجود يكون وصفا قائما بمعروضه كالعالمية بالإضافة لزيد فعلاقة العالمية بزيد علاقة العرض بمحلّه وهذا العرض هو المعبر عنه بالوجود النعتي إذا لوحظ قائما بمحلّه.

ومثال هذا القسم ما لو افترضنا ان موضوع استحقاق الابن للميراث هو اسلامه قبل موت الأب بمعنى لزوم اتصاف اسلامه بالتقدّم ، فلو كنا نعلم بعدم اسلامه وبعدم موت الأب ثم علمنا بتحققهما ، فهل يمكن استصحاب عدم اتصاف اسلام الولد بالتقدم أو لا؟

ذهب صاحب الكفاية رحمه الله  الى عدم جريان الاستصحاب بدعوى انّ اتصاف اسلام الولد بالتقدّم وعدم اتصافه بذلك ليس لهما حالة سابقة متيقنة حتى تستصحب ، إذ انّ اتصاف شيء بشيء أو بعدم ذلك الشيء مترتب على وجود المتصف به ولا يتعقل اتصافه بوجود شيء أو بعدم شيء حال عدمه ، وذلك لما قيل ان ثبوت شيء لشيء فرع وجود المثبت له فلا يوصف الانسان المعدوم بأنه قائم أو بأنه ليس بقائم.

ومن هنا لا يمكن اتصاف عدم الإسلام للابن المحرز سابقا بعدم التقدّم أو بالتقدّم ، وهذا هو المراد من عدم العلم باتصاف الحادث بالتقدّم أو بعدم التقدم.

إلاّ انه في مقابل هذه الدعوى ادعى السيد الخوئي رحمه الله  امكان استصحاب عدم التقدّم ، وذلك لأنّ اسلام الابن عند ما لم يكن موجودا كان غير متصف بالتقدم وهذا هو مبرّر استصحاب عدم التقدّم ، او دعوى انّ ثبوت شيء لشيء فرع ثبوت المثبت له وان كانت تامة إلاّ ان نفي شيء عن شيء لا يتوقف على وجود المنفي عنه ذلك الشيء ، فنحن وان كنا لا نتمكن من استصحاب الاتصاف بشيء أو بعدم شيء إلاّ انّه يمكن استصحاب عدم الاتصاف بالشيء ، إذ انّ ذلك كان محرزا عند ما لم يكن الموضوع موجودا.

وبتعبير آخر : انّ المستصحب في المقام هو عدم الربط والذي هو محرز سابقا عند ما لم يكن المعروض موجودا.

ومع اتضاح جريان الاستصحاب بنظر السيد الخوئي رحمه الله  نقول : انه لا مانع من استصحاب عدم اتصاف اسلام الولد بالتقدم على موت الاب ، ولا يعارضه استصحاب عدم اتصاف موت الأب بالتقدّم وذلك لاحتمال تزامن اسلام الولد مع موت الأب إلاّ ان يكون هناك علم اجمالي بتقدّم أحدهما على الآخر ، وقد بينّا ذلك في القسم الأول.

القسم الرابع : ان يكون موضوع الأثر الشرعي هو العدم ولكن بمفاد ليس الناقصة المعبّر عنه بالعدم النعتي ، والذي يكون فيه المعروض متصفا بعدم العرض ، أو قل يكون موضوع الحكم هو عدم العرض ومحلّه على ان يكون عدم العرض وصفا لمعروضه بنحو ربط السلب والقضية الموجبة معدولة المحمول ، كأن تقول : زيد ليس بقائم ، أي زيد متصف بعدم القيام.

ومثاله : ما لو كان موضوع الأثر الشرعي هو اتصاف اسلام الولد بعدم التأخر عن موت الأب، فلو كنا نعلم بعدم اسلام الولد وعدم موت الأب ثم علنا بإسلام الولد وموت الأب إلاّ انّا نشك في اتّصاف إسلام الولد بعدم التأخر عن موت الأب ، فهل يمكن استصحاب الاتصاف بعدم التأخر؟

ذهب صاحب الكفاية رحمه الله  الى عدم امكان جريان الاستصحاب ، وذلك لعدم العلم بالاتصاف بالتأخر أو عدمه. فنحن وان كنّا نحرز سابقا عدم الإسلام إلاّ انّ هذا لا يعني العلم بعدم الاتصاف ، وذلك لأنّ وصف الشيء بعدم الاتّصاف فرع وجود ذلك الشيء ، إذ انّ القضية المعدولة المحمول تعني ربط السلب بموضوعه ، وهذا يتوقف على وجود الموضوع حتى يمكن ربطه بالسلب ، نعم لو كان مفاد القضية هو سلب الربط عن الموضوع لما كان وجود الموضوع لازما ، أمّا مع افتراض انّ مفاد القضية هو ربط السلب فإنّه لا بدّ من وجود الموضع أولا ثم ربطه بالسلب ، ونحن لم يكن عندنا يقين إلاّ بعدم الموضوع وعندئذ لا يمكن وصفه لا بوصف وجودي ولا بوصف عدمي « ربط السلب ».

أما السيد الخوئي رحمه الله  فذهب الى امكان اجراء الاستصحاب وأفاد بأنّ الاتصاف بالعدم ـ بنحو ربط السلب والقضية الموجبة معدولة المحمول ـ وان لم يكن متيقنا فلا يمكن استصحابه إلاّ انّه يمكن استصحاب عدم الاتصاف اذ انّ عدم الاتصاف كان محرزا عند ما لم يكن الموضوع موجودا ، وواضح انّ عدم الاتّصاف ـ والذي هو بمعنى سلب الربط ـ لا يناط إحرازه بوجود الموضوع كما ذكرنا ذلك في القسم الثالث.

وبهذا يتضح إمكان استصحاب عدم اتّصاف اسلام الولد بالتأخر عن موت الأب والذي كان محرزا عند ما لم يكن اسلام الولد موجودا. وهذا الاستصحاب غير معارض باستصحاب عدم اتصاف موت الأب بالتأخر عن اسلام الولد ، وذلك لاحتمال تزامن موت الأب مع اسلام الولد إلاّ ان يكون هناك علم اجمالي بتأخر أحدهما عن الآخر ، كما ذكرنا نظير ذلك في القسم الاول.

 

 

 

 




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.