المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8127 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



ما هو المعروف من الإشكال في خصوص قضية سمرة  
  
534   11:51 صباحاً   التاريخ: 4-9-2016
المؤلف : ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : أنوَار الاُصُول
الجزء والصفحة : ج 3 ص 259
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية /

هو منافاة حكم النبي (صلى الله عليه وآله) بقلع الشجرة لسائر القواعد، لأنّ أقصى ما يستفاد من قاعدة «لا ضرر» هو لزوم استئذان سمرة من الأنصاري، وأمّا قلعها ورميها إليه فهو ينافي حقّ سمرة في بقاء شجرته في البستان.

وقد اُجيب عن هذا أو يمكن الجواب عنه بوجوه عديدة:

1 ـ سلّمنا ورود هذا الإشكال بهذه الفقرة من الحديث، لكنّه لا يمنع من الاستدلال بسائر الفقرات التي هى مورد للاستدلال بالحديث، لا تلك الفقرة.

ويرد عليه: ما مرّ كراراً من أنّ سقوط فقرة من الحديث عن الحجّية يوجب سريان الشكّ إلى غيرها عند العرف والعقلاء، وإن أبيت فاختبر نفسك في إسناد الأوقاف والوصايا وغيرهما إذا كان بعض فقراتها مخدوشاً وباطلا، فإنّه يوجب جريان الشكّ إلى سائر الفقرات.

هذا ـ مضافاً إلى وجود خصوصيّة في المقام، وهى ورود قوله (صلى الله عليه وآله): «فإنّه لا ضرر ولا ضرار» في ذيل قوله (صلى الله عليه وآله) : «إذهب فاقلعها وارم بها إليه» فهو بمنزلة الكبرى لذلك الذيل، وكيف يمكن التفكيك في الحجّية بين الصغرى والكبرى؟

2 ـ إنّ إصرار سمرة في عدم الاستئذان ولجاجته أوجب اسقاط احترام ماله.

وفيه: إنّه لا دليل على أنّ مجرّد لجاج أحد يوجب سقوط حرمة ماله من دون أن يدخل ذلك في عنوان من العناوين المعروفة عند الفقهاء.

3 ـ إنّ هذا حكم سلطاني والرسول(صلى الله عليه وآله) أصدره بما أنّه حاكم وولي أمر المسلمين.

وفيه: إنّه قد مرّ أنّ الأحكام السلطانيّة أحكام إجرائيّة تصدر من ناحية الحاكم الإسلامي وفقاً للأحكام الإلهيّة الكلّية، فما هو الحكم الإلهي الكلّي الذي لأجله صدر ذلك الحكم؟

اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ الحكم بقلع الشجرة صدر لإجراء حكم «لا ضرر ولا ضرار»، حيث إنّ ضرر دخول سمرة على الأنصاري بلا إذن منه كان منفيّاً في الشريعة، وكان طريق دفعه منحصراً بقلع شجرته، فالرسول(صلى الله عليه وآله)لأجل العمل بقاعدة «لا ضرر» وإجرائها أصدر الحكم بقلع الشجرة، بما أنّه حاكم.

4 ـ إنّ الرسول(صلى الله عليه وآله) أعمل في هذا الحكم ولايته على الأنفس والأموال: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [الأحزاب: 6] وقد حقّق في محلّه أنّها من مقاماته التي هى فوق مسألة الولاية على الحكومة.

وفيه: أنّه حسن في نفسه، ولكنّه لا يلائم استناده(صلى الله عليه وآله) في ذيل الحديث بقاعدة لا ضرر دون ولايته على الأنفس والأموال.

5 ـ ما جاء في بعض كلمات المحقّق النائيني(رحمه الله) وحاصله: أنّ الضرر وإن كان ينشأ من دخول سمرة على الأنصاري بلا استئذان منه، ولكن كان منشأ جواز دخوله هو إستحقاقه لكون النخلة باقية في البستان، فالضرر وإن نشأ عن الدخول، إلاّ أنّه كان معلولا لإستحقاق إبقاء النخلة، فرفع هذا الحكم إنّما كان برفع منشأه وهو إستحقاق الإبقاء، كإرتفاع وجوب المقدّمة برفع وجوب ذيها، فالقاعدة رافعة لاستحقاق بقاء النخلة، ولازمه جواز قلعه، فيصحّ حينئذ تعليل الحكم المزبور بالقاعدة (انتهى ملخّصاً)(1).

أقول: هذا موافق لظاهر رواية عبدالله بن بكير التي علّل فيها بنفي الضرر (كما أشار إليه المحقّق نفسه) حيث ورد فيها: «إذهب فاقلعها وارم بها إليه فإنّه لا ضرر ولا ضرار» فهو تامّ في محلّه.

6 ـ إنّه كان من باب النهي عن المنكر، نظير أمره(صلى الله عليه وآله) بتخريب مسجد الضرار، ونظير ما رواه أبو بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «مدّ الفرات عندكم على عهد علي(عليه السلام) فأقبل إليه الناس فقالوا يا أمير المؤمنين نحن نخاف الغرق، لأنّ في الفرات قد جاء من الماء ما لم ير مثله، وقد امتلأت جنبتاه فالله فالله، فركب أمير المؤمنين(عليه السلام)والناس معه وحوله يميناً وشمالا، فمرّ بمسجد سقيف فغمزه بعض شبّانهم، فالتفت إليه مغضباً، ثمّ أمر بهدم المحلّ الذي كانت الشبّان يتّخذونه لأفعالهم الفاسدة، وهدم كلّ كوّة وميزاب وبالوعة إلى طريق المسلمين، وقال: إنّ هذا أذى للمسلمين(2) (انتهى ملخّصاً).

فهو(عليه السلام) في هذا الحديث أعمل ولايته وحكم بالتخريب نهياً عن المنكر، ولا يخفى أنّ النهي عن المنكر له مراتب بعضها مختصّ بمنصب الحكومة.

وهذا الجواب قريب من الوجه الثالث، ولكنّه أيضاً لا يلائم ظاهر الاستناد بقاعدة «لا ضرر» وعدم الاستناد بعنوان النهي عن المنكر.

_______________________________

1. راجع رسالة المحقّق النائيني(رحمه الله) في لا ضرر (المطبوعة في منية الطالب: ج2 ص209 ـ 210).

2. سفينة البحار: مادّة فرات.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.