أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-07-2015
781
التاريخ: 3-07-2015
950
التاريخ: 25-10-2014
1049
التاريخ: 3-07-2015
3129
|
(و) يدلّ [وجوب الوجود] على نفي ( حلول الحوادث فيه ) أيضا اتّفق الجمهور على أنّ الواجب يمتنع أن يتّصف بالحادث أي الموجود بعد العدم خلافا للكراميّة (1).
أمّا اتّصافه بالسلوب والإضافات الحاصلة بعد ما لم يكن (2) ـ ككونه غير رازق لزيد الميّت ، رازقا لعمرو الموجود ـ وبالصفات الحقيقيّة المتغيّرة المتعلّقات ـ ككونه عالما بهذا الحادث ، قادرا عليه ـ فجائز.
واستدلّوا عليه بوجوه :
الأوّل : أنّه لو جاز اتّصافه بالحادث لجاز النقصان عليه ، وهو باطل بالإجماع.
ووجه اللزوم : أنّ ذلك الحادث إن كان من صفات الكمال كان الخلوّ عنه مع جواز الاتّصاف به نقصا بالاتّفاق ، وقد خلا عنه قبل حدوثه ، وإن لم يكن من صفات الكمال امتنع اتّصاف الواجب؛ للاتّفاق على أنّ كلّ ما يتّصف هو به يلزم أن يكون صفة كمال.
واعترض بأنّا لا نسلّم أنّ الخلوّ عن صفة الكمال نقص ، وإنّما يكون لو لم يكن حال الخلوّ متّصفا بكمال يكون زواله شرطا لحدوث هذا الكمال ، وذلك بأن يتّصف دائما بنوع كمال متعاقب أفراده بغير بداية ونهاية ، ويكون حصول كلّ لاحق مشروطا بزوال السابق على ما ذكره الحكماء في حركات الأفلاك ، فالخلوّ عن كلّ فرد يكون شرطا لحصول كمال ، بل الاستمرار كمالات غير متناهية ، فلا يكون نقصا.
وأجيب بأنّ ذات الواجب حينئذ لا يخلو عن الحوادث ، فهو حادث ؛ إذ لو كان قديما لزم وجود الحادث في الأزل ، وأنّه محال.
أقول : الملازمة ممنوعة.
الثاني ـ وهو المعتمد عند الحكماء ـ : أنّ الاتّصاف بالحادث تغيّر ، وهو على الله تعالى محال.
واعترض عليه أنّه إن أريد بالتغيّر مجرّد الانتقال من حال إلى حال ، فالكبرى نفس المتنازع فيه.
وإن أريد تغيّر في الواجبيّة ، أو تأثّر وانفعال عن الغير ، فالصغرى ممنوعة ؛ لجواز أن يكون الحادث معلول الذات بطريق الاختيار ، أو بطريق الإيجاب بأن يقتضي صفة كماليّة متلاحقة الأفراد ، مشروطا ابتداء كلّ بانقضاء الآخر ، كحركات الأفلاك عندهم.
الثالث : أنّه لو اتّصف بالحادث لزم جواز أزليّة الحادث بوصف الحادث ، وهو باطل ؛ ضرورة أنّ الحادث ما له أوّل ، والأزليّ ما لا أوّل له.
ووجه اللزوم أنّه يجوز الاتّصاف بذلك الحادث في الأزل ؛ إذ لو امتنع لاستحال انقلابه إلى الجواز ، وجواز الاتّصاف بالشيء في الأزل يقتضي جواز وجود ذلك الشيء في الأزل ، فيلزم جواز وجود الحادث في الأزل.
وجوابه : أنّ اللازم من استحالة الانقلاب جواز الاتّصاف في الأزل على أن يكون الأزل قيدا للجواز ، وهو لا يستلزم إلاّ أزليّة جواز الحادث لا جواز الاتّصاف في الأزل ـ على أن يكون الأزل قيدا للاتّصاف ـ ليلزم جواز أزليّة الحادث.
ولا خفاء في أنّ المحال جواز أزليّة الحادث بمعنى إمكان أن يوجد في الأزل لا أزليّة جوازه ، بمعنى أن يمكن في الأزل وجوده في الجملة.
وهذا كما يقال : إنّ قابليّة الإله لإيجاد العالم متحقّقة في الأزل ، بخلاف قابليّته تعالى لإيجاد العالم في الأزل أي يمكن في الأزل أن يوجده ، ولا يمكن أن يوجده في الأزل ، ومعنى الكلام أن يعتبر الحادث بشرط الحدوث ، وإلاّ فلا خفاء في إمكان وجوده في الأزل.
الرابع : أنّه لو جاز اتّصافه بالحادث لزم عدم خلوّه عن الحادث ، فيكون حادثا ؛ لما سبق من أنّ كلّ ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث.
أمّا الملازمة ، فلوجهين :
أحدهما : أنّ المتّصف بالحادث لا يخلو عنه وعن ضدّه ، وضدّ الحادث حادث ؛ لأنّه ينقطع عن الحادث ، ولا شيء من القديم كذلك ؛ لما تقرّر من أنّ ما ثبت قدمه امتنع عدمه.
وثانيهما : أنّه (3) لا يخلو عنه وعن قابليّته وهي حادثة ... من أنّ أزليّة القابليّة تستلزم جواز أزليّة قابليّة المقبول ، فيلزم جواز أزليّة الحادث ، وهو محال.
وكلا الوجهين ضعيف :
أمّا الأوّل ، فلأنّه إن أريد بالضدّ ما هو المتعارف ، فلا نسلّم أنّ لكلّ صفة ضدّا ، وأنّ الموصوف لا يخلو عن الضدّين ، وإن أريد مجرّد ما ينافيه وجوديّا كان أو عدميّا حتّى أنّ عدم كلّ شيء ضدّ له ويستحيل الخلوّ عنهما ، فلا نسلّم أنّ ضدّ الحادث حادث ؛ فإنّ القدم والحدوث إن جعلا من صفات الموجود خاصّة ، فعدم الحادث قبل وجوده ليس بقديم ولا حادث ، وإن أطلقا على المعدوم أيضا باعتبار كونه غير مسبوق بالوجود ، أو مسبوقا به ، فهو قديم ، وامتناع زوال القديم إنّما هو في الموجود ؛ لظهور زوال العدم الأزلي لكلّ حادث.
وأمّا الثاني ، فلأنّ القابلية اعتبار عقليّ معناه إمكان الاتّصاف ، ولو سلّم فأزليّتها إنّما تقتضي أزليّة جواز المقبول ـ أي إمكانه ـ لا جواز أزليّته ليلزم المحال ، وقد عرفت الفرق.
واحتجّ الخصم بوجوه :
الأوّل : الاتّفاق على أنّه تعالى متكلّم سميع بصير ، ولا يتصوّر هذه الأمور إلاّ بوجود المخاطب والمسموع والمبصر وهي حادثة ، فوجب حدوث هذه الصفات القائمة بذاته تعالى.
وأجيب بأنّ الحادث متعلّق تلك الصفات ، وأنّه إضافة يجوز تجدّدها.
الثاني : أنّ المصحّح للقيام به تعالى إمّا كونه صفة ، فيعمّ هذا المصحّح الحادث ، أو كونه صفة مع وصف القدم ، وهو كونه غير مسبوق بالعدم ، وأنّه [ سلب ] لا يصلح جزءا للمؤثّر في الصحّة ، فتعيّن الأوّل ، فيصحّ قيام الصفة الحادثة به.
والجواب منع الحصر ؛ لجواز أن يكون المصحّح حقيقة الصفة القديمة المخالفة لحقيقة الصفة الحادثة ، فلا يلزم اشتراك الصحّة.
ولو سلّم فيجوز أن يكون القدم شرطا أو الحدوث مانعا.
الثالث : أنّه تعالى صار خالقا للعالم بعد ما لم يكن وصار عالما ؛ لأنّه وجد بعد أن كان عالما بأنّه سيوجد ، فقد حدث فيه صفة الخالقيّة وصفة العلم.
وأجيب بأنّ التغيّر في الإضافات ؛ فإنّ العلم صفة حقيقيّة ، لها تعلّق بالمعلوم يتغيّر ذلك التعلّق بحسب تغيّره ، والخالقيّة من الصفات الإضافيّة ، أو من الحقيقيّة والمتغيّر تعلّقها بالمخلوق لا نفسها.
وقالت الكراميّة : أكثر العقلاء يوافقوننا في قيام الصفة الحادثة بذاته تعالى وإن أنكروه باللسان ؛ فإنّ الجبائيّة قالوا : إنّ الإرادة والكراهة حادثتان لا في محلّ ، لكنّ المريديّة والكارهيّة حادثتان في ذاته تعالى ، وكذا السامعيّة والمبصريّة تحدث بحدوث المسموع والمبصر.
وأبو الحسين يثبت علوما متعدّدة. والأشعريّة يثبتون النسخ ، وهو إمّا رفع الحكم القائم بذاته تعالى ، أو انتهاؤه ، وهما عدم بعد الوجود ، فيكونان حادثين.
والفلاسفة قالوا بوجود الإضافات مع عروض المعيّة والقبليّة المتّحدتين لذاته تعالى.
وأجيب بأنّ التغيّر في الإضافات وهو جائز كما ذكرنا آنفا ، وتحرير محلّ النزاع أنّ الصفات على ثلاثة أقسام :
حقيقيّة محضة كالحياة ، وحقيقيّة ذات إضافة كالعلم والقدرة ، وإضافيّة محضة كالمعيّة والقبليّة؛ وفي عدادها الصفات السلبيّة.
ولا يجوز بالنسبة إلى ذاته تعالى التغيّر في القسم الأوّل مطلقا. وأمّا القسم الثاني ، فإنّه لا يجوز التغيّر في نفسه ويجوز في تعلّقه.
أقول : الأدلّة المذكورة لو تمّت لدلّت على امتناع التغيّر في صفاته مطلقا أي من أيّ قسم كان ، وتخصيص الدعوى مع عموم الأدلّة خطأ.
__________________
(1) « إرشاد الطالبين » : 232 ـ 233 ؛ « النافع ليوم الحشر » : 21 ـ 22 ؛ « مفتاح الباب الحادي عشر » : 136.
(2) أي بعد ما لم يكن الاتّصاف.
(3) أي المتّصف بالحادث.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|