أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-6-2020
1038
التاريخ: 25-8-2016
712
التاريخ: 25-8-2016
556
التاريخ: 25-8-2016
631
|
الأقل والأكثر [يكون].. تارة استقلالي بحيث لا يكون امتثال الأقل - ولو مع وجوب الأكثر - منوطا بضميمته بالأكثر، واخرى ارتباطي وهو ما كان امتثال الأقل في ظرف وجوب الأكثر منوطا بانضمام [الأكثر إليه]. ولا إشكال في جريان البراءة عن الأكثر عند دوران الواجب بين الأقل والأكثر في الفرض الأول، لانحلال الخطاب بمثله إلى خطابات مستقلة بنحو [يكون] لكل منها امتثال وعصيان مستقل، فمع العلم بوجوب الأقل حينئذ والشك في وجوب الأكثر لا قصور له عند العقل في جريان البراءة في مثله عن الأكثر والاكتفاء بالخطاب المعلوم توجهه بالأقل. نعم قد يشكل ذلك في باب الدين - الذي هو من صغريات الأقل والأكثر [الاستقلاليين] عند التمكن [من] الفحص بالرجوع إلى الدفتر أو غيره - بأن الظاهر عدم بنائهم على البراءة عن الأكثر بل للدائن إلزامه على الرجوع إلى دفتره فيجرون البراءة عنه بعد الفحص. ولكن ذلك المقدار ليس مخالفا لقاعدة البراءة عن الأكثر وإنما هو مخالف لقاعدة عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية. ولعل وجهه التعدي عما ورد من التسبيك في تعيين نصاب الذهب والفضة. وربما تعدى بعضهم إلى الفحص عن بلوغ المال إلى حد الاستطاعة وأمثال ذلك في الماليات المرددة بين الأقل والأكثر، ومنها ما نحن فيه. و[بقية] الكلام في صحة التعدي عن مورد النص الوارد في [التسبيك] إلى أمثاله في الماليات وعدم صحته في محله، وله مقام آخر. وبالجملة لا إشكال في البراءة عن الأكثر خصوصا بعد الفحص في الموضوعات فضلا عن الأحكام الكلية، وإنما الكلام في جريانها ولو بعد الفحص في الشبهات الحكمية في الأقل والأكثر [الارتباطيين] فصار ذلك معركة الآراء وميدانا للجدال بين الأعلام. وتوضيح هذه العويصة يحتاج إلى تقديم مقدمة رافعة للغواشي عن الأوهام فنقول:
إن محل الكلام في المقام إنما هو في صورة كون الأقل بنفس ذاته وبحصته المعينة محفوظا في ضمن الأكثر بنحو يكون نسبة الأقل إلى الأكثر كنسبة الضعيف أو القصير المحفوظين بنفسهما وذاتهما بحصتهما المخصوصة في ضمن الشديد أو الطويل، وإلا فلو كان المحفوظ في ضمن الأكثر حصة من الذات [المباينة] مع الحصة الاخرى المحفوظة في ضمن غيره - كالمتواطيء المردد بين كون الواجب في ضمن الأكثر حصة من الطبيعي في ضمن فرد مباين مع حصة اخرى في ضمن فرد آخر منه كما هو الشأن في الدوران بين كون الواجب هو الطبيعي أو فردا منه كالانسان بالنسبة إلى زيد أو عمرو مثلا - فهو خارج عن الأقل والأكثر وعن محط بحثنا فعلا، وداخل في عنوان آخر من الدوران بين التعيين والتخيير. وربما يصار إلى الاحتياط في هذا العنوان مع البناء [على] البراءة في الأقل والأكثر وسيجئ توضيحه عن قريب إن شاء الله.
وحيث ظهر ذلك نقول أيضا: إن لازم بحث الأقل والأكثر عدم أخذ حد الأقل في الواجب. كيف! ولو اخذ فيه الحد المزبور [تخرج] المسألة أيضا عن عنوان البحث المزبور و[تدخل] في عنوان المتباينين كباب القصر والإتمام، ولذا اشتهر أن باب الأقل والأكثر إنما اخذ الأقل فيه لا بشرط عن الزايد، وإلا فلو اخذ بشرط لا يدخل في المتباينين. لا يقال: إن لازم وجوب الأقل كون حد القلة مأخوذا في الواجب، وإلا يلزم جواز تعدي الوجوب عن حد القلة إلى غيره، وليس كذلك، لأنه يقال: إن عدم تعدي الوجوب عن حد القلة إنما هو لقصور الوجوب، لقصور مقتضيه عن التعدي، وذلك لا يقتضي إلا تحديد الوجوب بحد لا يتعدى عن الأقل، وذلك المقدار لا يقتضي أخذ حد القلة في موضوع الوجوب، إذ الحد المأخوذ من ناحية الحكم يستحيل أخذه في الموضوع، بل الموضوع هو نفس الذات التوأم مع القلة لا بشرطها و[لا] لا بشرطها. ومن هذا البيان أيضا ظهر فساد توهم الاحتياط عقلا في الأقل والأكثر ببيان: العلم الإجمالي بوجوب أحد الحدين من الأقل والأكثر، وفي مثله العقل يلزم بالاحتياط. وتوضيح الفساد مبني على أخذ حد القلة في الواجب، ولقد عرفت ما فيه. فإن قلت: إن المراد من حد القلة المأخوذ في الواجب هو الحد الذاتي الثابت للأفعال بوجودها الخارجي. غاية الأمر كان مأخوذا بنحو اللابشرطية عن انضمام [الغير إليه]، ولازم وجوب الأقل المزبور دخول الحد الذاتي بنحو اللابشرطية عن انضمام الغير إليه في الأقل الواجب، ومرجعه إلى وجوب الأقل بحده الذاتي بنحو لو انضم إليه شيء لكان خارجا عنه. وحينئذ لازم العلم الإجمالي المزبور العلم بوجوب أحد الحدين فيوجب الاحتياط.
قلت: كيف يمكن الالتزام بما افيد والأفعال الخارجية بحدودها لا [تكاد تتصف] بالأقلية إلا بطرو اعتبار وحدة بين المتكثرات؟ وفي هذا الاعتبار الأقل مأخوذ في الأكثر بلا حد [كالضعيف] في ضمن الشديد، فأخذ حد القلة في الواجب حينئذ مساوق أخذ عدم الضميمة إلى الغير فيه، نظير حد الضعيف في قبال الشديد، وهو مساوق أخذ الأقل بحده الذاتي بشرط لا عن الانضمام. ولقد عرفت أن مثله داخل في المتباينين المستلزم [للاحتياط] بتكرار وجوده في ضمن القلة تارة، وفي ضمن الكثرة اخرى، كما لا يخفى. وبالجملة نقول إن المصير إلى الاحتياط عقلا في باب الأقل والأكثر بتقريب أخذ حد القلة طرفا للعلم الإجمالي بالواجب في غير محله. مضافا إلى اقتضاء الاحتياط في مثله [تكرار] العمل في ضمن الأقل تارة وفي ضمن الأكثر اخرى، لا القناعة باتيان الأكثر، وهو خلاف مرام القائل بالاحتياط في المقام. وأضعف من ذلك توهم كون الوجوب في المقام مرددا بين الطويل والقصير، فيشبه [دوران] الأمر بين وجوب واحد من طرف [و] وجوبين في طرف آخر، وفي مثله لابد من الاحتياط. وفيه: أنه وإن كان من [قبيل] الطويل والقصير، ولكن من المعلوم أنه ليس المقام إلا من الدوران بين كون [هذا] الوجوب قصيرا وبين كون هذا الوجوب طويلا، ففي الحقيقة لا شبهة في أصل الوجوب الشخصي بمرتبة منه وإنما الشك في حده المردد بين الطويل [و] القصير، ومثل ذلك لا يدخل في دوران الأمر بين وجوب واحد في طرف ووجوبين آخرين في طرف. وفي مثله لا يأبى العقل عن إجراء البراءة عن الزائد المشكوك كما لا يخفى. وأضعف مما ذكر توهم أن وجوب الأقل في فرض وجوب الأكثر غيري وأن البراءة عن الأكثر [تقتضي] البراءة عن الأقل أيضا، لتبعية الأقل بوجوبه الغيري للأكثر براءة واشتغالا، فعليه [لا] يبقى للأقل إلا احتمال وجوبه نفسا، فهو أيضا تحت البراءة، ولازمه الأول إلى المخالفة القطعية، والعقل يأبى عن ذلك وحينئذ لا محيص في مقام الفرار عن المخالفة القطعية إلا بالاحتياط بإتيان الأكثر. وتوهم أن العلم في المقام منحل إلى علم تفصيلي بوجوب الأقل وشك بدوي مدفوع بأن العلم التفصيلي بوجوب الأقل المردد بين النفسي والغيري معلول العلم الإجمالي بوجوب نفسي بينهما، وبديهي أن العلم التفصيلي المتأخر رتبة كالمتأخر زمانا غير صالح لحل العلم - على ما شرحناه في بحث الانحلال - فقهرا يؤثر العلم الإجمالي في الرتبة السابقة أثره. وتوضيح الضعف في هذا الوجه أيضا يظهر بالمراجعة إلى بحث وجوب الأجزاء في بحث مقدمة الواجب، وأن التحقيق فيها أيضا كون الأجزاء واجبة بعين وجوب الكل بلا مغايرة بينهما بالنفسية والغيرية، وحينئذ لا قصور في جريان قواعد الانحلال في المقام، فلا يبقى مجال توهم انتهاء الأمر إلى المخالفة القطعية بالبراءة عن الأكثر. وبالجملة لا مجال للمصير إلى الاحتياط بإتيان الأكثر بمثل هذه الوجوه. نعم هنا تقريب آخر منسوب إلى الفصول (1) وهو [أمتن] التقريبات وهو: أن الاشتغال بالأقل يقتضي الفراغ اليقيني عنه، وهو لا يحصل إلا بإتيان الأكثر، إذ لو ترك الأكثر واحتمل وجوبه لا يكاد يحصل الفراغ عن الأقل، بل الأقل حينئذ يبقى على وجوبه. نعم يحتمل الفراغ عنه باحتمال وجوبه نفسا، ولكن اشتغال الذمة اليقيني يقتضي الفراغ اليقيني، ولا يكفي فيه [احتمال] الفراغ، كما هو ظاهر.
ويمكن الفرار عن هذه الشبهة أيضا: بأن الأقل في ضمن الأكثر ليس إلا حصة معينة من الذات المحفوظة في ضمن الأكثر، وهذه الحصة بعينها هي الموجودة في فرض عدم وجدانه الأكثر أيضا، وليس حينئذ الفرق بين الأقل المنضم بالزائد وغيره إلا من حيث الوجدان لغيره وعدمه. ومن المعلوم أن ما يجئ في ذمة العبد هو نفس الحصة المعينة، غاية الأمر عند وجوب الأكثر كان وجوبه ملازما لوجوب الزايد، وحينئذ الخروج من عهدة الأقل ليس إلا بإتيانه [غيره]، المنوط بإتيان الزايد، لغرض عدم [تغيير] في خصوصيات الأقل بما هو أقل إلا [بترك] ما لا يلازمه في الوجود، فليس هم العقل حينئذ إلا [الفراغ] عما جاء [في] ذمته بإيجاده، بلا اهتمامه بإسقاط وجوبه زايدا عن الفراغ عنه بإيجاده، ولو من جهة ملازمته لإسقاط وجوب الزائد الذي هو تحت الشك وعدم البيان، كما هو ظاهر. ولقد شرحنا ذلك أيضا بأتم بيان في بحث البراءة عن قيد القربة في بحث الأوامر من مباحث الألفاظ فراجع (2). بقي في المقام توهم آخر وهو أن تنظير باب الأقل والأكثر بالكليات المشككة إنما هو في [صورة] عدم وجود خلل فيه بنحو غير قابل للتدارك، وإلا فلو احتمل فيه مثل ذلك - كصورة إيجاد مشكوك المانعية أو ترك مشكوك الشرطية كالترتيب والموالاة وأمثالهما [الممنوعة] عن تداركها مثلا - فلا شبهة في رجوع وجوب الأقل والأكثر إلى وجوب إتمام هذا الفرد الموجود أو إتمام فرد آخر مباين لهذا الفرد، فيكون المقام حينئذ نظير الكليات المتواطئة المرددة بين فردين متباينين، وقد [عرفت] في مثلها اقتضاء العلم الاحتياط بالتكرار. وتوضيح دفع هذا الوهم أيضا بأن يقال: إنه قبل حدوث هذا الخلل كان إتمام الفرد السابق من جهة البراءة عن المشكوك واجبا، وبعد طروه لا يكاد [ينقلب] وجوبه المعلوم أولا [إلى] وجوب آخر، وحينئذ كان وجوب الإتمام منجزا بالعلم السابق، فالعلم الحادث حينئذ متعلق بما تنجز أحد طرفيه سابقا بالعلم التفصيلي بوجوب الأقل. ومثل هذا العلم الإجمالي المتأخر غير صالح حينئذ للمنجزية كما لا يخفى. ولئن شئت قلت أيضا: إن مرجع وجوب التمام إلى وجوب تدارك الفائت في ضمن بقية الأجزاء. وهذا الوجوب من الأول تحت البراءة والرخصة العقلية في تفويته، فلا يكاد [يلزم] العقل [ثانيا] بإيجاده. ولازمه كون العلم الإجمالي الحادث قائما بما هو تحت الترخيص من الأول، ومثله غير صالح للتنجيز الموجب [لإلزامه] بإتيانه في ضمن بقية الأجزاء كما لا يخفى. فإن قلت: إن كون الفائت تحت البراءة ووجوب الإتيان بالبقية - الراجع إلى وجوب الإتمام - إنما هو من جهة انحلال العلم الأول بالعلم التفصيلي والشك البدوي، وهما ما دام وجودهما [مؤثرا] في البراءة ووجوب الاتمام، وهو ليس إلا قبل فوت محل التدارك، وأما بعد فوته فينقلب العلم السابق [إلى] العلم الإجمالي بين المتباينين لا الأقل والأكثر، وحينئذ حدوث هذا العلم الجديد إنما يكون مقارنا لزوال العلم السابق وشكه، فلا يكون العلم الزائل موجبا لتنجز معلومه حتى بعد زواله، فلا جرم قام العلم الإجمالي بالطرفين الصالحين للتنجز به، فلا مانع حينئذ عن تأثيره الموجب لتكرار العمل بالإتمام والإعادة. قلت: مرجع اقتضاء الشك البدوي [إلى البراءة] عن المشكوك أنه لو خالف لا يعاقب عليه، وهذا المعنى ملازم لاقتضاء الشك البدوي السابق الترخيص على تفويته الملازم للعلم الإجمالي المزبور.
وهكذا نقول: إن الانحلال السابق أيضا اقتضى حرمة تفويت البقية حتى في فرض المخالفة للمشكوك، ومرجع ذلك إلى تأثير العلم السابق وشكه البدوي [أثرهما] المقارن لزوالهما الملازم لعلم إجمالي آخر في رتبة زوالهما، ومعناه ترتب أثر كل من العلم التفصيلي والشك البدوي في رتبة متأخرة عن زوالهما [المتحدة] مع وجود العلم الإجمالي الحادث زمانا. وبعبارة أوضح: نتيجة العلم التفصيلي السابق والشك البدوي [هي] العقوبة على ترك البقية في ظرف المخالفة للمشكوك، وهكذا في رفع العقوبة عن المشكوك في ظرف مخالفته. وهذا عين ظرف زوال العلم السابق ووجود العلم الإجمالي الحادث، وحينئذ كيف يصلح مثل هذا العلم الإجمالي الحادث للتأثير في العقوبة على المشكوك في [الظرفين]؟ وحينئذ فما قرع سمعك بأن تأثير كل علم في ظرف وجوده في غاية المتانة، ولكن لا يقتضي ذلك وجود الأثر أيضا في ظرفه بل لا يزال يكون ظرف الأثر توأما مع زواله، وذلك لأن ظرف استحقاق العقوبة إنما هو في ظرف المخالفة للواجب أو الحرام، وفي هذا الظرف لا يبقى وجوب ولا حرمة، فيرتفع العلم بهما أيضا تبعا، ولازمه دائما وجود الأثر من استحقاق العقوبة في ظرف زوال الحكم وطريقه، الملازم لوجود العلم الإجمالي الحادث. وحينئذ: كيف يكون مثل هذا العلم مؤثرا في حرمة مخالفة ما رخص في تفويته في ظرفه؟ فتدبر. وكيف كان لا يبقى مجال دعوى تأثير العلم الإجمالي الحادث المذكور أثره من التكرار المزبور، إذ لم يتوهم أحد لزوم التكرار في الاحتياط في باب الأقل والأكثر. بل غاية آمال القائل بالاحتياط في هذا الباب هو لزوم الاقتصار بالأكثر لا التكرار [المسطور]، وذلك يكشف عن عدم اعتنائهم بمثل هذا العلم الإجمالي الحادث، ولا نظن له وجها غير ما بيناه.
وحينئذ لا يبقى مجال توهم الاحتياط بالتكرار في باب الأقل والأكثر، كما لا مجال لدعوى الاحتياط بالاقتصار بالأكثر لما عرفت من فساد وجوه توهمه، بل المحقق كون الأكثر تحت البراءة العقلية فضلا عن [نقليتها]، وجواز الاقتصار بالأقل. نعم لو بنينا على الاحتياط بلزوم الأكثر عقلا ففي جريان البراءة النقلية كلام آخر، ظاهر [جمع جريانها] مع التزامه بالاحتياط عقلا. ولكن يمكن أن يقال: إن مبنى الاحتياط بعدما كان منجزية العلم الإجمالي بأحد وجوبي الأقل والأكثر أو العلم التفصيلي بوجوب الأقل فلا مجال لجريان البراءة عن المشكوك إلا مع الالتزام بعدم علية العلم للموافقة القطعية، بل كان مقتضيا، وإلا فلا معنى لجريان البراءة النقلية مع علية العلم وتنجيزيته بالنسبة إلى الموافقة، وحيث تقدم سابقا في بحث العلم وغيره تنجيزية تأثيره حتى بالنسبة إلى الموافقة القطعية فلا يبقى مجال جريان البراءة في محتمل التنجز بالعلم، لأن الترخيص في محتمل المعصية كالترخيص في معلومها قبيح، وعليه لا محيص [من] جريان البراءة الشرعية في المقام إلا بإسقاط العلم المزبور في هذا الباب عن التأثير ولو بدعوى الانحلال، أو تقريب آخر على ما أسلفنا في وجه دفع شبهات الاحتياط في المقام فراجع. وعليه فلا اختصاص في جريان خصوص البراءة الشرعية بل العقل أيضا يحكم بقبح العقاب من ناحية المشكوك، وحينئذ لا يبقى مجال توهم التفكيك بين البراءة الشرعية والعقلية في المقام كما لا يخفى. ثم إن ذلك كله في صورة دوران الأمر بين الأقل والأكثر الراجع في الحقيقة إلى محفوظية الأقل بحدوده الخاصة - غير جهة قلته - في ضمن الأكثر، ومن هذه الجهة قلنا بشباهتها بالكليات المشككة [المحفوظ] ضعيفها في ضمن قويها.
وأما لو كان الواجب دائرا بين الطبيعي على الإطلاق [و] خصوص فرد فهو خارج عن هذا الباب، إذ إطلاق الطبيعة لفرد آخر في قبال خصوص هذا الفرد بحيث لا يكون بينهما جهة قلة وكثرة، بل يدور أمره بين حصة من الطبيعي [و] حصة اخرى [مشمولة] لإطلاقه، لا صرف الطبيعي المهمل المحفوظ في ضمن هذا الفرد. ولذا في طرف العقوبة أمره يدور بين ترك خصوص هذا الفرد [و] ترك الفردين، ولازمه العلم الإجمالي بحرمة ترك هذا الفرد مستقلا، أو ترك فرد آخر مباين معه ضمنا. وفي مثله يرجع الأمر إلى الدوران بين المتباينين كما لا يخفى. وحينئذ ففي كلية دوران الأمر بين التعيين والتخيير المرجع هو الاحتياط على خلاف باب الأقل والأكثر كما لا يخفى. ثم إنه لا يتوهم بأن باب الشك في الشرط من [قبيل] التعيين والتخيير بخيال أن الفاقد للشرط مباين مع الواجد وجودا. لأنه يقال: إن جهة التباين بينهما إنما [هي] من جهة فقدان حد القلة بوجدان التقييد، ووجد انه بفقدانه، مع حفظ سائر الحدود بشخصها في الأقل المحفوظ في ضمن الأكثر الواجد [للتقييد]. وأين هذا [و] باب التعيين والتخيير الراجع إلى الترديد بين الحصتين [المتباينتين] مرتبة ووجودا كما هو الشأن في أفراد الكليات المتواطئة كما هو ظاهر.
____________
(1) انظر الفصول: 50 و357.
(2) مقالات الاصول 1: 245.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|