أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-8-2016
767
التاريخ: 2-9-2016
617
التاريخ: 10-8-2016
767
التاريخ: 5-9-2016
793
|
اعلم : بان كل من قنن قانونا أو اسس فنا من الفنون لابد وان يلاحظ في نظره اولا في مقام تأسيس الفن غرضا ومقصدا خاصا، ثم يجمع شتاتا من القواعد والمسائل الخاصة التي هي عبارة عن مجموع القضية من الموضوع والمحمول أو المحمولات المنتسبة إلى الموضوعات مما كانت وافية بذلك الغرض والمقصد المخصوص، كما عليه ايضا قد جرى ديدن ارباب الفنون من الصدر الاول، حيث انه قد جرى ديدنهم على تدوين شتات من القواعد الخاصة مما كانت وافية بغرض مخصوص ومقصد خاص لهم وجعلهم اياها فنا خاص وموسومة باسم مخصوص كالصرف والنحو والهيئة والهندسة والفقه والاصول وغير ذلك. ومن المعلوم ايضا - كما عرفت انه لا يكاد يجمع من القضايا والقواعد في كل فن الا ما كانت منها محصلة لذلك الغرض والمقصد الخاص ومرتبطة به، دون غيرها من القضايا التي لا يكون لها دخل في ذلك الغرض ولا مرتبطة به، فمن كان غرضه مثلا هو صيانة الفكر عن الخطأ كما في علم المنطق أو صيانة الكلام عن الغلط لابد له من تدوين القضايا والقواعد التي لها دخل في الغرض المزبور دون غيرها من القضايا الغير المرتبطة به، وعلى ذلك ربما امكن اشتراك العلمين أو ازيد في بعض المسائل بان كان مسألة واحدة من مسائل العلمين باعتبارين كما سنبينه (ان شاء الله تعالى).
وعلى كل حال فحقيقة كل فن وعلم عبارة عن نفس تلك القواعد والواقعية والكبريات النفس الامرية المحفوظة في مرتبة ذاتها والمعروضة للعلم تارة وللجهل اخرى، لا صورها التصورية أو التصديقية، فكان لعلم النحو والصرف واقع محفوظ في نفس الامر وهى القواعد الخاصة وان لم يكن له محصل في العالم اصلا، وبهذا الاعتبار ايضا يقال بان المسألة الكذائية من اجزاء فن دون فن آخر، فكانت اسامى هذه الفنون كالنحو والصرف والفقه والكلام وغيرها حاكيات عن نفس تلك القواعد الواقعية بأجمعها مع قطع النظر عن ادراكها ومحصلها، ومن ذلك صح اضافة العلم إليها تارة والجهل اخرى كما في قولك فلان عالم بالنحو والصرف وفلان جاهل بهما، فلو انه كان العلم والفن عبارة عن العلم بتلك القواعد لما كان مجال لإضافة العلم إليها تارة والجهل اخرى، كما لا يخفى. وعلى ذلك فما في بعض التعابير من التعبير عن تلك الفنون بالعلم بها - كقولهم في مقام التعريف: بأن النحو علم بكذا، وان الصرف علم بكذا - لا يخلو عن مسامحة واضحة، الا إذا كان ذلك منهم باعتبار وجوده الإدراكي الذي هو في الحقيقة احدى مراتب وجود الشيء، كما انه يمكن ان يكون التعبير بالصناعة ايضا باعتبار استنباط مسائل ذلك الفن، ولكن حق التعبير في مقام شرح عناوين العلوم هو التعبير عنها بما عرفت بكونه عبارة عن القواعد الخاصة التي لها دخل في الغرض الذى دعى إلى تدوينه، كالاقتدار على التكلم الصحيح مثلا في علم النحو. ومن ذلك البيان ظهر ايضا حال اضافة الموضوع إلى العلم فانه على ما ذكرنا لابد وان يراد من العلم في اطلاقه على العناوين الخاصة واضافة الموضوع الخاص إليه نفس القواعد الواقعية والا فلا معنى لإضافة الموضوع إلى التصديق بها لان معروض التصديق هو النفس ومتعلقه نفس القواعد فلا مجال بعد لإضافة الموضوع الخاص إليه. كما انه في اضافة الغاية إليه ايضا لابد وان يراد من العلم هذ المعنى فيما لو اريد من الغرض والغاية ما يترتب على نفس القواعد الواقعية لا الاغراض المترتبة على تحصيل العلم بها لان ذلك لا يكون تحت ضبط بل يختلف باختلاف الاغراض الداعية إلى تحصيلها، فقد لا يكون غرض المحصل لعلم النحو مثلا حفظ كلامه عن الخطأ والغلط بل كان غرضه شيئا آخر.
تذكار فيه ارشاد: اعلم بان المراد من الغرض والغاية في كل شيء هو المقصد الأصلي الذي دعى إلى تحصيل مقدماته للتوصل بها إليه، ومن ذلك لابد من ترتبه عليها، وعليه فكما انه لابد في كل فن من غرض وغاية في نظر الجاعل له كذلك لابد وان يكون ذلك الغرض والغاية مترتبا على قواعد ذلك العلم والفن، وهذا بحسب اصل الكبرى مما لا اشكال فيه، نعم انما الكلام في صغرى الغرض الداعي إلى جعل العلم وتمهيد قواعده وانه أي شيء؟ وفى مثله نقول بانه لو جعلنا الغرض في كل علم عبارة عن تصحيح الاعمال القابلة للصدور من فاعلها قولا أو فعلا أو استنباطا، وبعبارة اخرى، حيث اتصاف ذوات الاعمال القابلة للصدور من فاعلها بالصحة قولا أو فعلا أو استنباطا كاتصاف الكلام هيئة بالصحة في النحو، ومادة في الصرف، وافعال المكلفين في الفقه، ونحو ذلك، فلازمه هو كون التصحيح المزبور مترتبا على نفس القواعد الواقعية بلا دخل لشيء آخر فيه اصلا، إذ القواعد المزبورة حينئذ من مبادى اتصاف هذه الامور بالصحة في قبال مبادى ايجاد هذه الامور الصحيحة خارجا فارغا عن اصل اتصافها بها فتكون من قبيل المقدمة المنحصرة لتصحيح الامور المزبورة من دون مدخلية لشيء آخر فيه، من جهة انه بمجرد جعل القواعد يترتب عليها الاتصاف بالصحة الذي هو الغرض من العلم والفن وان لم يتحقق بعد في الخارج اصلا، فان مبادى الوجود غير مرتبط بمبادئ اتصاف الشيء بالصحة، هذا إذا جعلنا الاغراض من العلوم المتداولة عبارة عن تصحيح الاعمال القابلة للصدور من فاعلها قولا أو فعلا أو استنباطا أو غيرها، ولقد عرفت في مثله ترتب العنوان المزبور بقول مطلق على نفس القواعد الواقعية بلا مدخلية الشيء آخر فيه. واما لو جعلنا الاغراض عبارة عن وجود الاعمال الصحيحة في الخارج كحفظ الكلام هيئة في النحو ومادة في الصرف وحفظ فعل المكلف في الفقه وحفظ استنباط الاحكام في القواعد الاصولية بل وحفظ استنباط حقائق الاشياء ومعرفتها في مثل قواعد العلوم الفلسفية والرياضية وهكذا، فلا جرم ما يترتب على القواعد حينئذ لما لا يكون الا الحفظ من جهة، لا الحفظ على الاطلاق، من جهة وضوح استحالة ترتبة حينئذ على نفس القواعد الواقعية، بل ولا على العلم بها ايضا لمكان مدخلية ارادة العالم والمحصل لها في ذلك ايضا، فلابد وان يكون الغرض والمقصد الأصلي الذي هو مورد ارادته النفسية عبارة عما يترتب على هذه القواعد وليس هو الا الحفظ من جهة الراجع إلى سد باب عدمه من قبلها، لا الحفظ بقول مطلق، من جهة ان ذلك مما يستحيل تمشى الارادة التوصلية بالنسبة إليه لأنها لا تكاد تتعلق الا بما يترتب على ذيها، بل ومثل هذا المعنى جار في كل امر كان لإرادة الغير مدخل في تحققه كما في الملكية في البيع مثلا ونحوها، فانها من جهة اناطتها في التحقق على ايجاب البائع وقبول المشترى لا يكاد تمشى الارادة والقصد الجدى من البائع في ايجابه إلى حصول الملكية في الخارج بقول مطلق، بل ما هو المتمشي من قبله لا يكون الا التوصل إلى وجود الملكية من ناحية ايجابه الراجع إلى سد باب عدمها من قبله، لا السد بقول مطلق، كما كان ذلك هو الشأن ايضا في كلية الخطابات الشرعية والاحكام التكليفية المتعلقة بأفعال المكلفين حيث انه لا يكون الغرض والمقصود من الايجاب والخطاب ايضا فيها الا حفظ وجود المرام من ناحية ايجابه وخطابه لا الحفظ على الاطلاق، فان ذلك مما لا يكاد ترتبه على مجرد ايجابه وخطابه، نظرا إلى مدخلية اختيار المكلف والمأمور وارادته ايضا، كما هو ظاهر. وحينئذ ففى المقام أيضا بعد ان كان تحقق الكلام الصحيح والاستنباط الصحيح منوطا بإرادة المتكلم والمستنبط المحصل للقواعد فيستحيل كونه هو الغرض والمقصد الأصلي من العلم، فلابد حينئذ من جعل الغرض والمقصد الأصلي عبارة عما يترتب على الامور المزبورة وهو لا يكون الا الحفظ من جهة لا الحفظ على الاطلاق. وعلى ذلك فلا مجال لما قد يتوهم من الاشكال في أصل الغرض والغاية للعلم وانكاره ونفى كون تمايز العلوم بتمايز الاغراض من جهة ما يرى من تخلفه كثيرا لانه كثيرا يتعلم الشخص قواعد النحو والصرف ومع ذلك لا يتحقق عنوان الحفظ المزبور من جهة تكلمه غلطا على غير القواعد ولو عن تعمد منه في ذلك، مع ان الغرض مما لابد منه ومن ترتبه البتة، إذ فيه ان غاية ذلك انما هو نفى كون عنوان الحفظ عن الخطأ في المقال مثلا غرضا لعلم النحو مثلا، لا نفى اصل الغرض والغاية للعلم كلية، كيف وقد عرفت بانه مما لابد منه في كل فن ليكون هو الداعي والباعث على تمهيد قواعده، على انه نقول بعدم اضرار ذلك ايضا في كون الحفظ المزبور هو الغرض الداعي على جعل قواعد العلم، وذلك لما عرفت بان الغرض في امثال هذه النتائج التي فيها مدخلية لإرادة الغير ليس الا الحفظ من جهة الراجع إلى سد باب عدمه من ناحية تلك القواعد لا الحفظ على الاطلاق حتى من ناحية غيرها، ومثل ذلك ايضا كما عرفت مما لا يكاد تخلفه على كل حال، حيث انه بمجرد تمهيد القواعد يترتب عليه الحفظ من جهة، ولو لم يكن لها محصل في العالم اصلا أو كان لها محصل ولكنه لم يتحقق في الخارج من جهة تعمد المحصل لها على التكلم غلطا على خلاف قواعد النحو والصرف، كما هو ظاهر، خصوصا مع امكان جعل الغرض والمقصد الأصلي من كل علم عبارة عن تصحيح الاعمال القابلة للصدور من فاعلها قولا أو فعلا أو استنباطا الذي هو مترتب لا محالة بقول مطلق على نفس القواعد بلا دخل لشيء آخر فيه. وعلى كل حال فسواء جعلنا الغرض في العلوم عبارة عن تصحيح الاعمال القابلة للصدور من فاعلها أو عنوان الحفظ على ما شرحناه، فلا ينبغي الاشكال في عدم كون دخل القواعد فيه من باب دخل المؤثر في المتأثر بنحو كان بينهما المؤثرية والمتاثرية، بل وانما هو من باب دخل طرف الاضافة وما تقوم بها لنفس الاضافة والمضاف بوصف كونه مضافا، فان عنوان الحفظ المزبور والصحة المسطورة انما هو منتزع من تطبيق من يطبق القواعد المعهودة من كل علم على ما ينسب إليه الحفظ المزبور والصحة المسطورة، فالقواعد الواقعية في الحقيقة منطبقة على مواردها ومن هذا الانطباق ينتزع العنوانان، والا فالمؤثر في وجود الاعمال الصحيحة خارجا انما هو إرادة الفاعل لإيجاد الاعمال الصحيحة، وعلى ذلك فكانت القواعد الواقعية طرا طرفا لهذه الاضافة، وكان للحفظ المزبور ايضا جهات عديدة تترتب كل جهة على قاعدة من تلك القواعد بلحاظ مطابقتها معها، كما في صحة الصلاة مثلا وحفظها، حيث ان صحتها انما هي بلحاظ مطابقتها بأجزائها وشرائطها لتلك القواعد المجعولة في باب الصلاة الراجعة بعضها إلى اجزائها وبعضها إلى شرائطها وموانعها، فمن مطابقتها بجهاتها الراجعة إلى اجزائه وشرائطها لمجموع تلك القواعد ينتزع عنها عنوان الصحة، كما ان من عدم مطابقته لمجموعها ينتزع عنها عنوان الفساد، وهكذا الكلام في عنوان حفظ لكلام عن الغلط الذي جعل غرض العلم النحو، حيث انه كان لعنوان الحفظ المزبور جهات عديدة واضافات متعددة إلى كل قاعدة من قواعد الفن اضافة خاصة، وكان انتزاع عنوان الحفظ المسطور من مطابقة الكلام لمجموع تلك القواعد الواقعية، وحينئذ فإذا كانت القواعد الواقعية على شتاته طرفا للإضافة بالنسبة إلى الغرض فلا جرم لا يكاد يكون دخلها في الغرض الا بنحو دخل طرف الاضافة في المضاف بوصف كونه مضافا، لا دخلا تأثيريا، كما هو واضح. نعم لو حصلت تلك القواعد وبلغت إلى مرحلة الوجود الإدراكي ربما تصير في مثله سببا لحصول الغرض تارة وشرطا له أخرى، فانه لو كانت القواعد من القواعد الفكرية كقواعد المنطق فم يترتب عليها حينئذ من صحة الفكر وصونه عن الخطأ كان قهريا، بخلاف مالو كانت من غيرها كقواعد النحو والصرف فان ما يترتب عليها حينئذ انما كان مجرد الاقتدار على التكلم الصحيح والاستنباط الصحيح والا فنفس التكلم الصحيح وتحققه في الخارج منوط بإرادة المحصل لها. ثم إن ذلك ايضا في مرحلة تحصل تلك القواعد ذهنا، والا فمع قطع النظر عن ذلك فكما عرفت لا سببية ولا مسببية بينهما بل لا يكون بينهما إلا مجرد الاضافة. وعلى ذلك نقول بانه إذا لم يكن دخل القواعد الواقعية في الغرض الا من قبيل دخل طرف الاضافة كما شرحناه، لا من قبيل المؤثرية والمتأثرية فلا يبقى مجال كشف جامع وحداني بين الشتات المتفرقة بالبرهان المعروف بمحض وحدانية الغرض القائم بها، بخيال ان الغرض إذا كان واحدا فلابد بمقتضى برهان - امتناع تأثر الواحد بما هو واحد عن المتعدد بما هو كذلك - من كشف جامع وحداني بين تلك الشتات ليكون تأثيرها في ذاك الغرض الوحداني باعتبار ذاك الجامع الساري المحفوظ في ضمنها، إذ نقول بان ما افيد لوتم فإنما هو في فرض كون النسبة بين الغرض والقواعد من قبيل المؤثرية، والا فعلى فرض كونها من قبيل طرف الاضافة فلا مجال لجريان البرهان المزبور، كي يلتجأ بذلك إلى تخريج جامع وحداني بين قواعد العلم فيجعل ذلك الجامع المستخرج من بين الشتات المتفرقة عند عدم جامع صوري بينها هو الموضوع للعلم والفن.
وثانيا على فرض كون دخلها في الغرض بنحو المؤثرية نمنع ايضا اقتضاء البرهان المزبور في المقام لتخريج الجامع الوحداني بينها بمحض وحدة الغرض القائم بها، وذلك لوضوح ان مجرد وحدة الغرض وجودا ولو مع اختلاف الجهات فيه غير موجب للزوم وحدة سنخية بين الشتات المختلفة من جهة انه من الممكن حينئذ ان تكون تلك القواعد على شتاتها كل واحدة منها مؤثرة بخصوصيتها في جهة خاصة من ذلك الغرض دون جهة اخرى ولا برهان يقتضى استحالة مثل ذلك، نعم لو كان الغرض بسيطا محضا غير ذي جهات امكن بمقتضى البرهان المزبور المصير إلى تخريج جامع وحداني بين شتات القواعد، ولكن على ذلك لا يختص الجامع المزبور بين موضوعات المسائل، بل لابد حينئذ من انتزاع الجامع بين المحمولات بل وبين المحمولات والموضوعات ايضا. ولكنه أنى ينتهى الامر في امثال المقام إلى ذلك كي يصار لأجله إلى كشف جهة جامعة بين الموضوعات المختلفة عند عدم جامع صوري بينها من باب الاتفاق، وجعلها موضوعا للعلم، ويصار بذلك ايضا إلى كون تميز العلوم بعضها عن الآخر بتمايز موضوعاتها، كيف وان غالب العلوم لا يكون فيها جامع صوري بل ولا معنوي بين موضوعات مسائلها كما في كثير من مسائل الفقه لمكان كون النسبة بين بعضها والبعض الآخر من قبيل الوجود والعدم كما في الصلاة بالقياس إلى الصوم، فان من المعلوم انه لا جامع متصور بينهما ولو معنويا بعد كون الصوم عبارة عن نفس الترك ومجرد ان لا يفعل بشهادة صحة الصوم فيما لو تبيت في الليل ونام إلى الغروب بخلاف الصلاة التي هي من الامور الوجودية فأي جامع متصور حينئذ بين الوجود والعدم. بل وكذلك الامر بالنسبة إلى نفس الصلاة التى هي مركبة من مقولات متعددة متبائنة كالفعل والاضافة ونحوها، وهكذا غيرها من مسائل الفقه المغايرة بعضها مع البعض الآخر موضوعا ومحمولا مع معلومية عدم تصور جامع قريب بينها. وهكذا الكلام في الكلمة والكلام في علم النحو نظرا إلى وضوح تقوم الثاني بنسبة معنوية خارجة عن سنخ القول واللفظ فلا يمكن حينئذ دعوى كون الجامع بينهما هو ما يتلفظ به من اللفظ والقول، مع فرض تقوم الكلام بأمر معنوي خارج عن سنخ اللفظ.
وهكذا التصور والتصديق والفصاحة والبلاغة. وكذا الكلام في علم الاصول فان من البداهة انه لا جامع متصور فيها من جهة ان عمدة مسائلها انما هي حجية الامارات الملحوظ فيها جهة الإراءة والكاشفية عن الواقع والاصول الملحوظ فيه جهة عدم الارائة عن الواقع والسترة عنه، ولا جامع بين الإراءة واللاإراءة عن الواقع في طرفي النقيض. وحينئذ فاين الموضوع الوحداني في هذه العلوم يمتاز به بعضها عن البعض الآخر كي يبقى مجال القول بكون ميز العلوم بقول مطلق بتمايز موضوعاتها، خصوص بعد ما يرى من تعريفهم اياه بانه ما يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية، فانه فيم ذكرنا من العلوم لا يتصور موضوع وحداني فيها حتى يكون البحث عن عوارضه الذاتية، لانه إذا نظرنا إلى موضوعات مسائلها المعروضة للعوارض المبحوث عنها في العلم نرى بانها لا تكون الا عبارة عن المتكثرات بلا جامع ذاتي بينها، واما الجامع العرضي فهو وان كان متصورا فيها ولكنه لا يكون مثل هذا الجامع العرضي الانتزاعي معروضا لعارض حتى يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية، كما هو ظاهر. نعم قد يكون لبعض العلوم موضوع وحداني سار في موضوعات مسائله بنحو تكون الخصوصيات المأخوذة في مسائله على فرضها من قبيل الجهات التعليلية لطرو العرض على ذات الموضوع المزبور مستقلا، نظير الفاعلية والمفعولية بالإضافة إلى عروض الرفع والنصب على ذات الكلمة، كما في كثير من العلوم العقلية من الفلسفية والرياضية كعلم الحساب المبحوث فيه عن الاعراض الطارية عن ذات العدد ككون العدد منطقا أو اصم وكالجمع والتفريق والضرب واعمال الكسور، وكعلم الهندسة المتعرض للوازم المقدار العارضة عليه غالبا بنفسه كمبحث الاشكال والنظريات من الهندسة ونحو ذلك، فانه في امثال هذه العلوم امكن دعوى وجود موضوع وحداني للعلم مبحوث فيه عن عوارضه الذاتية فامكن من هذه الجهة دعوى كون امتيازها عن غيرها بميز موضوعاتها المتخالفة بنحو التباين أو العموم والخصوص خصوصا بعد كون غاياتها غالبا من سنخ واحد بملاحظة كونها عبارة عن استنباط حقائق الاشياء بلوازمها. ولكن مثل هذه الجهة لا توجب جرى جميع العلوم على منوال واحد حتى مثل العلوم الادبية والنقلية التي هي في تمام المعاكسة مع العلوم العقلية، لأنها كما عرفت علاوة عن عدم تصور الموضوع الوحداني لها كانت غاياتها ايضا في كمال الامتياز عن الآخر من حيث الاختلاف بحسب السنخ كما في حفظ الكلام عن الغلط في علم النحو، حيث انه سنخ غير مرتبط بحفظ الفكر عن الخط الذي هو الغرض في علم المنطق، وهكذا حفظ فعل المكلف وحفظ الاستنباط وغير ذلك. بل ولئن تدبرت ترى بان الامر كذلك في العلوم العقلية ايضا حيث ان غاياتها ايضا مختلفة بحسب السنخ وان كان في بدو النظر يرى كونها من سنخ واحد. وعلى ذلك فكان الحري الحقيق ان يقال في وجه تمايز العلوم بان ميزها انما هو من جهة الاغراض الداعية على تدوينها، لا انه من جهة تمايز موضوعاتها، وان وحدة العلم وتعدده انما هو بلحاظ وحدة الغرض وتعدده، وعليه فمتى كان الغرض والمهم واحدا كانت القواعد الدخلية في ترتب ذلك الغرض بأجمعها من مسائل علم واحد وكانت تفرد بالتدوين وان كانت متعددة موضوع ومحمولا، كما انه لو كان الغرض والمهم متعددا يكون تكثر العلوم حسب تكثر الاغراض وعليه فلو اراد من هو بصدد تدوين العلم والفن في علم العربية وكان غرضه الاطلاع على جميع خصوصيات الفاظ العرب مما يرجع إلى مادة اللفظ وهيئته، فعند ذلك لابد بمقتضى ما ذكرنا من جعل العلوم العربية كلها علما واحدا وان يفردها بالتدوين ايضا، وان كان لغرضه ذلك جهات متعددة راجعة بعضها إلى مادة الكلمة وبعضها إلى هيئتها وبعضها إلى هيئة الكلام، إذ حينئذ يكون البحث في كل جهة من تلك الجهات في الحقيقة بابا من ذلك العلم لا علما مستقلا، كما انه لو تعلق غرضه بالتكلم الصحيح من حيث خصوص الاعراب والبناء لابد وان يجعل النحو علما برأسه في قبال الصرف ونحوه من العلوم العربية، وليس له جعل العلوم العربية كلها علما واحدا، وهكذا الكلام في غيره من العلوم. فحينئذ لابد من ملاحظة سعة دائرة الغرض وضيقها في وحدة العلم وتعدده، وعليه ايضا ربما تكون المسألة الواحدة مع وحدتها باعتبار دخلها في مهمين أو ازيد من مسائل علمين أو اكثر، فمن جهة وفائه بهذا الغرض تكون من مسائل هذا العلم، كما انه من جهة اخرى تكون من مسائل علم آخر، كما انه ربما تكون المسائل المتعددة مع اختلافها وشتاتها بلحاظ دخلها في غرض واحد ومهم فارد من مسائل علم واحد.
وحينئذ فصح لنا بعد البيان المزبور دعوى ان تمايز العلوم بقول مطلق بتمايز الاغراض الداعية على تدوينها لا بتمايز موضوعاتها. ولئن أبيت من ذلك فلك ان تجعل العلوم صنفين صنف منها لا يكون امتيازها الا بأغراضها كم في العلوم الادبية والنقلية، وصنف منها يكون امتيازها بتمايز موضوعاتها كما في كثير من العلوم العقلية من الفلسفية والرياضية، بناء على ما تقدم من امكان دعوى وجود موضوع وحداني فيها سار في موضوعات مسائلها بنحو كانت الخصوصيات المأخوذة فيها على فرضها من قبيل الجهات التعليلية لطرو العرض على ذات ذلك الموضوع الوحداني، لأجرى الجميع حتى الادبية والنقلية على منوال واحد والقول بان ميز العلوم كلية بميز موضوعاتها. وعليه ايضا لابد من التفرقة والتفصيل في العلوم ايضا في وجه نسبة موضوع العلم إلى موضوعات مسائله بجعل النسبة بينها في مثل العلوم الرياضية بنحو الاتحاد ومن قبيل نسبة الكلي إلى افراده والطبيعي ومصاديقه، وفى مثل العلوم الادبية والنقلية بنحو العينية ومن قبيل نسبة الكل إلى اجزائه، لا جري جميع العلوم في ذلك على منوال واحد والقول بان النسبة بين موضوع العلم وموضوعات المسائل بقول مطلق على نحو الاتحاد كما في الكلي وافراده والطبيعي ومصاديقه، كما افاده في الكفاية. كيف وقد عرفت بانه في كثير من العلوم كالعلوم الادبية والنقلية وغيرها لا يكون الموضوع فيها الا عبارة عن نفس موضوعات المسائل على شتاتها واختلافها، بملاحظة عدم تصور موضوع وحداني فيها ولو معنويا بحيث يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية. واما تلك الجهة من الوحدة الاعتبارية الطارية عليها من قبل وحدة الغرض القائم بالمجموع فهى كما عرفت غير مجدية فيما هو المقصود والمهم، لان موضوع العلم كما عرفوه عبارة: عم يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية، ومثل هذه الجهة من الوحدة الاعتبارية الطارية لا تكاد تكون معروضة لعرض ولا مبحوثا عنها في العلم عن عوارضها الذاتية، كما هو ظاهر.
في شرح العرض الذاتي:
وحيث اتضح لك ما شرحناه في شرح موضوع العلم فلنعطف الكلام إلى بيان العوارض الذاتية الواقعة في كلماتهم في تعريفهم موضوع العلوم بانه: ما يبحث في العلم عن عوارضه الذاتية، حيث انه قد اختلف كلماتهم في مقام شرح المراد من العرض الذاتي، فنقول وعليه التكلان: ان توضيح المرام في المقام يحتاج إلى تمهيد مقدمة، وهى ان الاوصاف المنسوبة إلى الشيء تارة يكون انتزاعها عن نفس ذات الشيء بلا جهة خارجية في البين زائدة عن ذات الموصوف كما في الابيضية والاسودية المنتزعين عن البياض والسواد وكالموجودية المنتزعة عن الوجود، واخرى يكون انتزاعها عن جهة خارجة عن ذات الموصوف. وعلى الاخير فتارة يكون اتصاف الموصوف بالوصف من جهة اقتضاء ذاته كما في توصيف العقل بالمدركية والانسان بقوة الضحك والتعجب، واخرى يكون ذلك باقتضاء امر خارجي على نحو السببية والعلية المعبر عنه باصطلاح الاصول بالمقتضى أو على نحو الشرطية بلا اقتضاء لذلك في نفسه كما في حركة اليد لحركة المفتاح وكالمجاورة في عروض الحرارة من النار للماء. وعلى الاخير فتارة لا يكون ذلك الامر الخارجي بنفسه معروضا لذلك العرض اصلا بل وانما كان شأنه مجرد السببية لعروض الوصف والعرض على الشيء كما في نحو المجاورة للنار الموجبة لعروض الحرارة على الماء مستقلا، ومثله كلية الجهات التعليلية الموجودة لعروض الوصف على شيء واتصافه به كالفاعلية والمفعولية ونحوهما في عروض الرفع والنصب على ذات الكلمة، واخرى بعكس ذلك بان كان الامر الخارجي - وهو الواسطة بنفسه معروضا للعرض. وعلى الاخير فتارة يكون ذو الواسطة ايضا معروضا للعرض المزبور ولو ضمنا كما في خواص النوع فانه في مثل ذلك يكون العرض المزبور عارضا للجنس ايضا غايته بنحو الضمنية لا الاستقلالية، ومن ذلك ايضا كلية الاعراض الثابتة للعناوين بخصوصيات تقيدية نظير الوجوب العارض للصلاة بخصوصية عنوانها، وهكذا غيرها، فان مثل ذلك ملازم لعروض العرض وهو الوجوب لفعل المكلف الذي هو بمنزلة الجنس ولو ضمنا لا استقلالا، واخرى يكون تمام المعروض للعرض والوصف حقيقة هو الواسطة بلا عروضه لذى الواسطة اصلا ولو بنحو الضمنية، كما في الخواص المترتبة العارضة على الفصول بالنسبة إلى جنسها، كالمدركية للكليات وللأمور الغربية، حيث ان تمام المعروض لها حينئذ انما هي جهة الفصلية خاصة دون جهة الجنسية ولو بنحو الضمنية. وذلك ايضا تارة على نحو يكون الوصف قابلا للحمل على ذي الواسطة ولو بتبع حمل الواسطة عليه كما في المثال المتقدم في الخواص العارضة على الفصول بالنسبة إلى الجنس، حيث ان مثل المدركية وان لم تكن بالدقة حقيقة عارضة على الجنس بل كان تمام المعروض لها هي جهة الفصلية التى هي اجنبية عن جهة الجنسية مع ما كان بينهما من الاتحاد في الوجود وعدم تحصله الا بالفصل، ولكنه بملاحظة قابلية الفصل الذي هو الواسطة للحمل على الجنس صح بهذا الاعتبار حمل خواصه عليه ايضا في مثل قولك: بعض الحيوان مدرك الكليات، ومن ذلك ايضا حمل الضحك والتعجب على الحيوان بناء على كونها من خواص فصله، حيث ان صحة حملها على الحيوان في قولك بعض الحيوان ضاحك أو متعجب، انما هو بتبع حمل فصله عليه، والا فلا يكون جهة الجنسية والحيوانية معروضة لهما ولو على وجه الضمنية بوجه اصلا، واخرى على نحو لا يكون قابلا للحمل على ذي الواسطة نظرا إلى عدم قابلية الواسطة المعروضة للوصف للحمل على ذيها، وذلك كم في السرعة والبطؤ العارضين على الحركة العارضة للجسم، وكالاستقامة والانحناء العارضين للخط القائم بالجنس، فان الوصف في الامثلة المزبورة علاوة عن عدم عروضه على ذي الواسطة لا يكون قابلا للحمل عليه ايضا نظرا إلى عدم صحة حمل الواسطة عليه، حيث لا يقال الجسم حركة أو خط، فكما لا يصح القول حينئذ بان الجسم حركة أو خط لا يصح القول ايضا بانه سرعة أو بطؤ. وحيثما عرفت هذه فنقول: انه لا اشكال حسب ما يستفاد من كلماتهم في شرح الاعراض الذاتية في دخول ما عدا الثلاثة الاخيرة في الاعراض الذاتية فان تخصيص العرض الذاتي بما كان المقتضى للعروض فيه هو نفس ذات الشيء بلا واسطة لا في الثبوت ولا في المعروض أو تعميمه بما يعم ذلك وما يحتاج إلى الواسطة في الثبوت بالمعنى الذي ذكرناه دون الواسطة في العروض، مع انه بعيد غايته، ينافي ما هو المصرح به في كلماتهم من عموم المراد من العرض الذاتي لما يحتاج إلى الواسطة في العروض ايضا بنحو الجهة التعليلية الموجبة لعروض الوصف على نفس الذات مستقلا واتصافها به حقيقة كالمجاورة للنار بالنسبة إلى عروض الحرارة للماء وكالفاعلية والمفعولية الموجبة لعروض الرفع على ذات الكلمة. وحينئذ فلا اشكال في دخول ذلك ايضا في المراد من العرض الذاتي المبحوث عنه في العلم. كما لا اشكال ايضا في خروج القسم الاخير من الاقسام الثلاثة الاخيرة عن العرض الذاتي ودخوله في الاعراض الغريبة وهو ما كان تمام المعروض له مستقلا هو الواسطة دون ذيها مع عدم قابلية للحمل على ذي الواسطة ايضا، كما مثلنا به في مثال السرعة والبطؤ العارضين للحركة العارضة على الجسم، والانحناء والاستقامة العارضين على الخط القائم بالجنس، فان مثل هذه العوارض كما عرفت مع عدم عروضها على ذي الواسطة لا تكون قابلة للحمل عليه ايضا. نعم انما الكلام والاشكال في القسمين الاولين من الاقسام الثلاثة الاخيرة في كونهما من الاعراض الذاتية أو الغريبة، وهما صورة كون العروض على الواسطة مستقلا وعلى ذيها ضمنا، كالأعراض الثابتة للعناوين بخصوصيات تقييدية وكالعوارض الثابتة للنوع بالقياس إلى الجنس، وصورة كون العروض حقيقة وبالدقة على الواسطة دون ذيها ولو على نحو الضمنية مع قابلية حمل الوصف على ذي الواسطة ولو بتبع حمل الواسطة عليه، كما مثلنا له بالخواص المرتبة العارضة على الفصول بالنسبة إلى الجنس كالمدركية للكليات.
ومبنى الاشكال فيهما انما هو من جهة عدم تنقيح المراد من العرض الذاتي وان المدار في كون شيء عرضا ذاتيا هل على مجرد اتحاد معروض العارض مع ذي الواسطة وصحة حمل العرض عليه بالحمل الشايع الصناعي ولولا يكون ذو الواسطة الذي يحمل عليه العرض معروضا له حقيقة بل كان تمام المعروض له هو الواسطة، أو انه لابد من كون العرض ثابتا له حقيقة وبالدقة وعلى نحو الاستقلال؟ فعلى الاول يدخل القسمان الاولان من الاقسام الثلاثة الاخيرة ايضا في العرض الذاتي، بخلافه على الثاني فانه يدخلان حينئذ في الاعراض الغريبة. ولكن الذي يظهر من جماعة كصاحب الاسفار وغيره دخولهما في الاعراض الغريبة حيث قال فيما حكى عنه في مقام تميز الاعراض الغربية عن الذاتية ما مضمونه: ان كل عرض ثابت لنوع متخصص الاستعداد من غير ناحية هذا العرض فهو من الاعراض الغريبة المبحوث عنها في علم آخر يكون هذا النوع موضوعه وكل عرض ثابت لشيء بنحو يكون هذا العرض موجبا لتخصصه كالبحث عن استقامة الخط وانحنائه فهو من الاعراض الذاتية.
ونحوه كلام غيره: بان الاعراض الثابتة لعناوين خاصة بخصوصيات منوعة لابد وان يبحث عنها في علم يكون هذا العنوان الخاص موضوعه ولا يبحث في علم آخر يكون موضوعه عنوانا اعم من ذلك بنحو العموم والخصوص أو الاطلاق والتقييد ونحو ذلك. فان مقتضى كلامهم هو عدم الاكتفاء في العرض الذاتي على مجرد عروض العارض على الشيء ولو ضمنا كما في الاعراض الثابتة للنوع العارضة على الجنس ايضا بنحو الضمنية، ولازمه الاشكال في الاكتفاء بصرف صحة حمل العارض على الشيء بالحمل الحقيقي وصرف اتحاد معروض العرض وهى الواسطة وجودا مع ذيها مع كون تمام المعروض للعرض مستقلا هي الواسطة بطريق اولى، فانه إذا كان الاعراض الثابتة للنوع والمقيد والخاص بالنسبة إلى جنسه ومطلقه وعامه من الاعراض الغريبة مع صدق العروض فيها على الجنس والمطلق والعام بنحو الضمنية فكونها من الاعراض الغريبة في صورة عدم صدق العروض على ذي الواسطة ولو ضمنا انما كان بطريق اولى.
وعليه يمكن ان يقال بدخول مثل هذه العوارض الثابتة للعناوين بجهات تقييدية كالأعراض الثابتة للنوع والمقيد بالنسبة إلى جنسه ومطلقه والاعراض الثابتة للفصل بالقياس إلى جنسه في الاعراض الغريبة، وان تمام المدار في العرض الذاتي للشيء هو كونه ثابتا له دقة وعلى نحو استقلال ولو بجعل الخصوصيات المأخوذة فيه من الجهات التعليلية كما عرفت في مثل الفاعلية لعروض الرفع على ذات الكلمة - لا من الجهات التقييدية الموجبة لتخصص الموضوع بخصوصية منوعة، من غير فرق بين ان يكون ثبوت العرض والوصف له بلا واسطة امر خارجي أو معها، ولا بين كون الامر الخارجي الذي هو الواسطة مساويا أو اعم أو اخص.
كما ان المدار في العرض الغريب انما هو على صحة سلب العارض حقيقة في مقام العروض وعلى نحو الاستقلال عن ذي الواسطة، كان تمام المعروض للعرض هو خصوص الواسطة ام لا بل كان ذوها ايضا معروضا له على نحو الضمنية، كما في موارد كون الواسطة من الجهات التقييدية، من غير فرق فيه ايضا بين كون الواسطة التي هي من الجهات التقييدية مساوية أو اعم أو اخص. فعلى جميع التقادير مهما كان العرض قائما حقيقة بالواسطة كان نسبته إلى ذي الواسطة من الاعراض الغريبة.
وحينئذ فعلى كان تقدير لا مجال للقول بالتفصيل بين كون الواسطة مساوية وبين كونها اعم أو اخص بل لابد من ملاحظة كون الواسطة من الجهات التعليلية الموجبة لعروض الشيء على شيء أو من الجهات التقييدية الموجبة لصحة سلب العروض على نحو الاستقلال عن الجامع بينها، فعلى الاول يكون العرض المنسوب إلى الشيء من الاعراض الذاتية وعلى الثاني يكون من الاعراض الغريبة لذلك الشيء.
وبذلك ربما ظهر ايضا دفع ما ربما يتوهم من الاشكال: بان موضوع المسائل بالقياس إلى موضوع العلم انما كان من قبيل النوع والجنس والمقيد والمطلق فعلى القول بكون العرض الثابت للنوع بالنسبة إلى جنسه عرضا غريبا يلزم كونها من الاعراض الغريبة لا الذاتية مع انه ليس كذلك قطعا.
إذ نقول: بانه كذلك فيما لو كانت الخصوصيات المأخوذة في موضوعات المسائل من قبيل الجهات التقييدية الداخلة في المعروض كي تكون المسألة بذلك بالنسبة إلى موضوع العلم من قبيل النوع بالنسبة إلى جنسه، ولكنه ليس الامر كذلك بل وانما كانت الخصوصيات المأخوذة فيها من قبيل الجهات التعليلية نظير الفاعلية والمفعولية الموجبة لطرو الرفع والنصب على ذات الكلمة، ومعه فيخرج موضوع المسائل عن النوعية. ثم ان ذلك ايضا في صورة تخريج موضوع وحداني للعلم والا فمع عدم تخريج الموضوع الوحداني - كما في العلوم العربية والنقلية وغيرها كما عرفت - فلا يضر ايضا جهة كون الخصوصية المأخوذة في موضوع المسألة من الجهات التقييدية في كون العرض عرضا ذاتيا، إذ حينئذ ليس هناك موضوع وحداني للعلم كي يجئ الاشكال المزبور، وانما كان الموضوع فيه عبارة عن نفس موضوعات المسائل على شتاتها واختلافها، وفي مثله لابد من ملاحظة شخص المحمول في كل قضية قضية بالنسبة إلى شخص الموضوع في تلك القضية في ثبوته حقيقة وبالدقة على الاستقلال لشخص ذاك الموضوع ام لا، وعليه فلا يشكل علينا في مثل الوجوب العارض للصلاة التي هي فعل المكلف بخصوصية عنوانها، بل وانما الاشكال على القول بتخريج الموضوع الوحداني بين موضوعات المسائل وجعل موضوع الفقه عبارة عن نفس فعل المكلف، فانه عليه يكون نسبة الفعل إلى عنوان الصلاة من قبيل نسبة الجنس إلى نوعه فيتوجه الاشكال حينئذ من جهة عدم كون الموضوع الذي هو فعل المكلف مستقلا في مقام المعروضية للوجوب، من جهة ما هو المفروض من كون معروض تلك الاحكام انما هو فعل المكلف بما هو متخصص بخصوصية عنوان الصلاتية والحجية والغصبية ونحوها، وان جهة الصلوتية والحجية ايضا كانت تحت الحكم. ومن ذلك ظهر انه لا يجديه ايضا ضم حيثية الاقتضاء والتخيير، إذ نقول: بانه ان اريد بذلك اقتضاء الفعل مستقلا ففساده واضح من جهة بداهة مدخلية خصوصية عنوان الصلاتية والحجية والغصبية ونحوها لعروض الوجوب أو الحرمة، وان اريد به اقتضائه ولو بنحو الضمنية فغير مثمر، إذ يعود حينئذ الاشكال المزبور من لزوم كون العرض بالنسبة إلى الجامع في ضمن العناوين الخاصة وهو ذات فعل المكلف من العوارض الغريبة. واما الالتزام بكفاية مجرد كون الشيء معروضا للعرض ولو لا بنحو الاستقلال بل بنحو الضمنية في كونه عرض ذاتيا له، فمع انه مناف لما هو المصرح به في كلماتهم من كون مثله من العرض الغريب، يلزمه ادخال مسائل العلوم السافلة في العلوم العالية التي يكون موضوعها من قبيل الجنس والمطلق بالنسبة إلى موضوع علم السافل، كما في علم الهندسة الذي يكون الموضوع فيه وهو المقدار من قبيل الجنس للجسم التعليمي الذي هو موضوع علم المجسمات. فمن ذلك لابد من جعل العنوان المزبور من العناوين المشيرة إلى العناوين الخاصة التي هي موضوعات المسائل، ومعه فيخرج عن الوحدة وينطبق على ما ذكرناه.
في تعريف علم الاصول وبيان موضوعه ثم انه بعد ما اتضح ما ذكرناه نقول: بأن فن الاصول بعد ان كان عبارة عن جملة من القواعد خاصة الوافية بغرض مخصوص كان من جملة العلوم، وان موضوعه ايضا عبارة عن نفس موضوعات مسائله على اختلافها وشتاتها، من دون احتياج إلى اتعاب النفس في تخريج الموضوع الوحداني له، خصوصا بعد ما يرى من عدم الطريق إلى كشف الجامع الوحداني المعنوي بينها بعد فرض كون الغرض ذا جهات عديدة، بل وعدم امكانه ايضا مع رجوع مسائل الاصول إلى صنفين: صنف لو حظ فيها الحكاية والكشف عن الواقع وهو الامارات، وصنف لو حظ فيه عدم الارائة وحيث السترة للواقع وهو الاصول، من جهة ما عرفت من عدم تصور جامع ذاتي بين هذين الصنفين باعتبار رجوعه إلى الجامع بين النقيضين.
كعدم الاحتياج ايضا إلى اتعاب النفس بجعل الموضوع فيه عبارة عن عناوين متعددة: تارة الادلة الاربعة فارغا عن دليليتها كما عن القوانين، واخرى ذوات الادلة الاربعة كما عن الفصول (قدس سره) كي يورد على الاول بلزوم خروج كثير من مهمات المسائل الاصولية كمبحث حجية الكتاب وحجية الخبر الواحد، وعلى الثاني بلزوم خروج مباحث الالفاظ طرا كالبحث عن ان الامر للوجوب والبحث عن العموم والخصوص والمطلق والمقيد والمفهوم والمنطوق ايضا، بل وخروج مبحث حجية خبر الواحد ايضا، نظرا إلى عدم كون البحث المزبور عن كون الامر حقيقة في الوجوب والنهى في الحرمة وعن العموم والخصوص عن الاوامر والعمومات الواردة في الكتاب والسنة، وعدم كون البحث عن حجية خبر الواحد بحثا عن حال السنة الواقعية التي هو قول المعصوم وفعله وتقريره. وارجاعه إلى البحث عن ثبوت السنة بخبر الواحد كثبوتها بالمتواتر غير مفيد، من جهة ان البحث عن ثبوته حقيقة ليس من عوارضها واما تعبدا فمن عوارض مشكوكها لا من عوارض السنة الواقعية. كما انه لا وجه ايضا لإتعاب النفس في تخريج الجامع الوحداني بين مسائله ببعض التكلفات. ولئن ابيت الا من لزوم جامع في البين بين المسائل ولو بنحو المشيرية لكان الاولى هو ان يقال: بانه القواعد الخاصة الواقعة في طريق استكشاف الوظائف الكلية العلمية شرعية كانت ام عقلية، لان ذلك هو المناسب ايضا لما هو الغرض الباعث على تدوينها، وهو استنباط الاحكام والوظائف الفعلية. ومن ذلك البيان ظهر الحال في تعريفه ايضا وانه لا وجه لما هو المعروف من تعريفه: بانه العلم بالقواعد الممهدة لاستنباط الاحكام الشرعية، وذلك لما فيه من الخلل من جهات: تارة من جهة اخذ العلم في تعريفه مع ان العلم والفن كما عرفت عبارة عن نفس القواعد الواقعية الوافية بغرض مخصوص دون العلم والتصديق بها، بشهادة صحة اضافة العلم إليها تارة والجهل اخرى في قولك فلان عالم بالأصول وفلان جاهل به. واخرى من جهة لفظ الاستنباط الظاهر في ارادة وقوع القواعد واسطة لا ثبات الواقع وسببا للعلم به، فانه حينئذ يلزمه خروج الاصول العلمية كالاستصحاب واصالة البراءة ونحوها عن مسائل الاصول مع انها من اهم مسائله، من جهة ان مضمون هذه الامور لا يكون الا احكاما ظاهرية منطبقة على مواردها، وقضية الاستنباط فيها انما كان عبارة عن مقام تطبيقه على مواردها بعد الفحص عن الدليل الاجتهادي واليأس عنه، واين ذلك ومقام وقوعه طريقا وواسطة لا ثبات الحكم الشرعي. نعم ونفس تلك القواعد تكون مضامينها احكام كلية ظاهرية مستنبطة من الامارات الحاكية عن الواقع كالأحكام الفرعية، ولكن ذلك غير مرتبط بمقام تطبيقها على الموارد في مقام العمل، بل ويلزمه ايضا خروج الامارات كخبر الواحد ونحوه بناء على القول بكون مفاد دليل الحجية فيها هو تنزيل المؤذي وجعل المماثل في الظاهر، فانه على هذا القول ايضا يلزم خروج الامارات عن مسائل الاصول بلحاظ عدم وقوعها في مقام تشكيل القياس وسطا لا ثبات الحكم الشرعي، نعم بناء على القول بتتميم الكشف كما هو المختار يدخل مبحث الأمارة في التعريف المزبور لوقوعه حينئذ وسطا لا ثبات الحكم الشرعي، حيث تقع وسطا في القياس، فيقال: ان هذا مما قام على وجوبه خبر الواحد وكل ما هو كذلك فهو منكشف - بحكم الشارع بكونه كاشفا فهذ منكشف، فتكون حينئذ من القواعد الممهدة لاستنباط الاحكام الشرعية.
وثالثة من حيث التقييد بالشرعية، إذ يخرج حينئذ كثير من المسائل الاصولية ايضا كالبراءة والاشتغال العقليين ومسألة الظن في حال الانسداد على تقرير الحكومة، كما هو ظاهر. ومن ذلك البيان ظهر الحال في غيره من التعاريف الاخر التي افادوها في المقام في ميزان كون المسألة اصولية، ككونها مما يتعلق بالعمل مع الواسطة في قبال المسائل الفقهية التي تعلقها بالعمل كان بلا واسطة. وذلك لخروج المسائل العملية الاصولية ايضا على هذ الميزان بلحاظ تعلقها بالعمل بلا واسطة بانطباقها على مواردها.
وبالجملة نقول: بان القواعد المبحوث عنها في الاصول حيثما كانت على صنفين: صنف منها لو حظ فيها جهة الكشف والحكاية عن الواقع كشفا تاما أو ناقصا وكان شأنها الوقوع في طريق استنباط الاحكام كالإمارات، وصنف آخر منها لو حظ فيها حيث السترة وعدم الكشف والحكاية عن الواقع وكان مما ينتهي إليها الفقيه في مقام العمل عند تحيره وجهله بالواقع كالقواعد العملية من نحو الاستصحاب وغيره، وكان الصنفان كل واحد منهما دخيلا في الغرض الخاص الداعي على تدوين العلم وجمع قواعده، فلا جرم كان الحرى الحقيق هو تعريفه بما ذكرنا: بانه القواعد الخاصة التي تعمل في استخراج الاحكام الكلية الالهية أو الوظائف العملية الفعلية عقلية كانت ام شرعية، ولو بجعل نتيجتها كبرى القياس في استنتاج الحكم الشرعي الواقعي (كما في قولك: هذا ما اخبر العادل بوجوبه واقعا وكلما كان كذلك فهو واجب كذلك) أو الحكم الشرعي الظاهري (كقولك بعد اثبات حجية الاستصحاب: هذا مما علم بوجوبه أو حرمته سابقا وشك لاحقا في وجوبه أو حرمته وكلما كان كذلك فهو واجب في الظاهر ولا ينقض اليقين به بالشك فيه) أو حكما عقليا (كقولك: هذا مما لم يرد عليه نص ولا بيان وكلما كان كذلك فهو مما لا حرج في فعله وتركه أو يجب فيه الاحتياط أو يتخير بين الامرين) نعم على هذا التعريف ينبغى التقييد بعدم اختصاصها بباب دون باب من ابواب الفقه ليخرج مثل قاعدة الطهارة عن التعريف المزبور وتدخل في مسائل الفقه بلحاظ عدم سريانها في جميع ابواب الفقه. ولعله إليه ايضا يرجع سائر التعاريف كتعريف الشيخ (قدس سره) المسألة الاصولية بما يكون امر تطبيقه مخصوصا بالمجتهد ولا يشترك فيه المقلد، قبال المسألة الفقهية التي يكون تطبيقها على الموارد مشتركا بين المجتهد والمقلد. فلا يرد عليه حينئذ بمثل قاعدة الطهارة التي هي من المسائل الفقهية في الشبهات الحكمية ومسألة الشرط المخالف للكتاب والسنة التي هي ايضا من المسائل الفقهية، بتقريب انهما مع كونهما من المسائل الفقهية لا شبهة في ان تطبيقها على مواردها لا يكون الا من وظائف المجتهد خاصة، بملاحظة اشتراط الاول بالفحص والثاني بمعرفة الكتاب والسنة لكى يتميز بها كون الشرط مخالفا للكتاب والسنة أو غير مخالف لهما، ولا سبيل في ذلك للعامي الذى لا يعرف ظواهر الكتاب والسنة. وهكذا غيره من التعاريف الاخر كتعريفه: بانه صناعة يقتدر بها على استنباط الاحكام الفرعية ونحوه، فان هذه التعاريف جميعها راجعة إلى امر واحد ولكل منها جهة مناسبة مع تلك القواعد فكل إلى ذاك الجمال يشير وحينئذ فلا ينبغى النقص والابرام من جهة الطرد والعكس في مثل هذه التعاريف. نعم بقى في المقام اشكال يرد على ما ذكرنا من التعريف بل وعلى غيره من التعاريف الاخر ايضا فينبغي التعرض له ولدفعه، ومحصل الاشكال: هوان ميزان كون المسألة اصولية - على ما عرف من وقوع نتيجتها كبرى القياس - ان كان على وقوعها في طريق الاستنباط المزبور بلا واسطة فيلزمه خروج مباحث الالفاظ طرا - كمبحث الامر والنهى والعام والخاص والمطلق والمقيد والمفهوم والمنطوق ونحوها مما شأنها اثبات الوضع والظهور - من مسائل الاصول، من جهة وضوح ان نتيجة هذه المباحث لا تكون ال تعيين الظهور واثبات كون الشيء ظاهرا في كذا، كظهور هيأة الامر في الوجوب وظهور النهي في الحرمة مثلا والعام والخاص والمطلق والمقيد في كذا وكذا، ومن المعلوم حينئذ ان مثل هذه لا يكاد يقع في طريق استنباط الحكم الشرعي بتشكيل قياس واحد بل يحتاج في مقام انتاج الحكم الشرعي إلى تشكيل قياسين يكون نتيجة احدهما صغرى لكبري القياس الآخر، بان نقول في القياس الاول: هذا امر وكل امر ظاهر في الوجوب فهذا ظاهر في الوجوب، ثم نجعل هذه النتيجة صغرى لكبري في قياس آخر، ونقول في القياس الثاني: هذا ظاهر وكل ظاهر يجب التعبد به والعمل على طبقه بمقتضى ما دل على وجوب الاخذ بكل ظاهر. وهذا بخلافه في مسألة حجية خبر الواحد ونحوها فانه فيها لا يحتاج الا إلى تشكيل قياس واحد بقولك: هذا مما اخبر العادل بوجوبه أو حرمته وكلما كان كذلك يجب الاخذ به والتعبد بمضمونه فهذا يجب الاخذ به والتعبد بمضمونه. وان كان ميزان كون المسألة اصولية على وقوعها في طريق الاستنباط ولو مع الواسطة، فعليه وان اندفع الاشكال المتقدم الا انه عليه بلزوم دخول مسائل كثيرة من العلوم الادبية - كالصرف والنحو واللغة ومسائل علم الرجال - في المسائل الاصولية، بملاحظة وقوع نتيجته بالأخرة في طريق الاستنباط، وهذا كما ترى، مع ان ديدنهم على اخراج مسائل المشتق ونحوها عن المسائل من حيث جعلهم اول المباحث مباحث الامر والنهى، فيبقى حينئذ سؤال الفرق بين هذه المسألة وبين مسألة الامر والنهى والعام والخاص.... الخ.
وحاصل الدفع هو انا نختار الشق الثاني ومع ذلك نلتزم بخروج الامور المزبورة عن مسائل الاصول، وذلك اما اولا فلوضوح ان المهم والمقصود في العلوم الادبية كالنحو والصرف ليس هو اثبات الظهور للكلمة والكلام بل وانما المهم فيها انما هو اثبات كون الفاعل مرفوع والمفعول منصوبا في ظرف الفراغ عن فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول، واين ذلك ومثل مباحث الامر والنهي والعام والخاص المتكلفة لإحراز الظهور في الكلمة والكلام؟ وثانيا على فرض ان المقصود في العلوم الادبية ايضا احراز الظهور في شيء كظهور المرفوع في الفاعلية والمنصوب في المفعولية، نقول بان غاية ما يقتضيه ذلك حينئذ انما هو وقوع نتيجتها في طريق استنباط موضوعات الاحكام لانفسها، والمسائل الاصولية انما كانت عبارة عن القواعد الواقعة في طريق استنباط نفس الاحكام الشرعية العملية فيخرج حينئذ ايضا مسائل العلوم الادبية كالنحو والصرف بل اللغة ايضا. وتوهم استلزامه لخروج مثل مباحث العام والخاص ايضا مدفوع بانها وان لم تكن واقعة في طريق استنباط ذات الحكم الشرعي الا انها باعتبار تكفلها لا ثبات كيفية تعلق الحكم بموضوعه كانت داخلة في مسائل الاصول، كما هو الشأن ايضا في مبحث المفهوم والمنطوق حيث ان دخوله باعتبار تكفله لبيان اناطة سنخ الحكم بشيء الذي هو في الحقيقة من انحاء وجود الحكم وثبوته، وهذا بخلاف المسائل الادبية فأنها ممحضة لا ثبات موضوع الحكم بلا نظر فيها إلى كيفية تعلق الحكم اصلا. ومن ذلك البيان ظهر وجه خروج المشتقات ايضا عن مسائل الاصول، حيث ان خروجها ايضا انما هو بلحاظ عدم تكلفها الا لإحراز موضوع الحكم وانه خصوص المتلبس الفعلي أو الاعم، لا نفسه لا بذاته ولا بكيفية تعلقه بموضوعه. نعم يبقى الاشكال حينئذ في خروج مسائل علم الرجال عن مسائل الاصول مع انها كمبحث دلالة الالفاظ واقعة في طريق استنباط الحكم الشرعي ولو بالواسطة من كون السند موثوقا به في شمول دليل التعبد له، ويمكن الاعتذار عنه بان عدم تدوينهم اياها في الاصول حينئذ انما هو من جهة كثرة مسائلها الموجبة لأفرادها بالتدوين وجعلها علما مخصوصا موسوما باسم مخصوص مستقلا عن الاصول، فتدبر.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|