أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2016
473
التاريخ: 3-8-2016
568
التاريخ: 3-8-2016
998
التاريخ: 3-8-2016
632
|
فالغيري هو الذي يكون الغرض من ايجابه التوصل به إلى وجود واجب آخر، والنفسي ما لا يكون كذلك كالمعرفة بالله سبحانه والصلاة والصوم والحج ونحوها من العباديات والتوصليات .
ثم ان وجود هذين القسمين في الواجبات وان كان وجدانيا غير قابل للإنكار ولكن الظاهر هو كون الغرض من ذلك دفع ما يتوهم وروده من الاشكال من لزوم ترتب مثوبات وعقوبات كذلك على فعل واجب واحد له مقدمات عديدة نظرا إلى تخيل ان المثوبة والعقوبة تابعتان لفعل مطلق الواجب وتركه، إذ يستشكل حينئذ بانه على الملازمة من وجوب المقدمة ايضا يلزم ترتب مثوبات متعددة على فعل واجب واحد له مقدمات متعددة وعقوبات كذلك على تركه بما له من المقدمات، لأنه ترك واجبات متعددة، فمن اجل ذلك صاروا بصدد هذا التقسيم فقسموا الواجب إلى الغيرى والنفسي للتنبيه على انه ليس مطلق الواجب مما يترتب عليه فعل وتركا استحقاق المثوبة والعقوبة حتى يتوجه الاشكال المزبور وان الذي يترتب عليه ذلك انما هو خصوص الواجب النفسي واما الواجب الغيري فحيث انه كان وجوبه لأجل التوصل به إلى وجود واجب آخر فلا يكاد يترتب عليه فعلا أو تركا استحقاق المثوبة والعقوبة بوجه اصلا وحينئذ فلا ينافي القول بوجوب المقدمة شرعا وحدة المثوبة والعقوبة على فعل الواجب وتركه كي يكون مجال للأشكال المزبور هذا.
اقول: ولكن لا يخفى عليك ما في هذا الجواب والاشكال المزبور، حيث انه مبني على كون مدار استحقاق المثوبة والعقوبة على عنوان الاطاعة والمعصية بموافقة الامر النفسي ومخالفته، والا فبناء على كونهم من تبعات عنوان التسليم للمولى وعنوان الطغيان عليه بما انه ابراز للجرئة عليه والتمرد عن امره ونهيه الجامعين بين الانقياد والاطاعة والتجري والعصيان كما هو التحقيق على ما حققناه في مبحث التجري فلا مجال لهذا الجواب ولا موقع ايضا للأشكال المزبور، نظرا إلى امكان الحكم حينئذ بترتب المثوبة والعقوبة على موافقة الامر الغيري ومخالفته ايضا مع الالتزام بعدم تعدد المثوبة والعقوبة عند تعدد المقدمات بلحاظ كونهما تابعتين في الوحدة والتعدد لتعدد التسليم والطغيان ووحدتيهما التابعين لوحدة الغرض وتعدده، وذلك انما هو من جهة وضوح انه كما يتحقق عنوان التسليم والطغيان بموافقة الاوامر النفسية ومخالفتها كذلك يتحقق ايضا بموافقة الاوامر الغيرية ومخالفتها، ومن ذلك بمجرد كونه في صراط الاطاعة وشروعه في مقدمات المأمور به ترى انه يمدحونه العقلاء ويحكمون باستحقاقه الاجر والثواب من دون انتظار منهم في المدح وحكمهم باستحقاق الاجر والثواب إلى وقت اتيانه بما هو المطلوب النفسي للمولى كما لا يخفى، ومعلوم انه لا يكون له وجه الا ما ذكرنا من تحقق عنوان التسليم بموافقة الامر الغيرى ايضا كتحققه بموافقة الامر النفسي، والا لكان اللازم عدم الحكم باستحقاق الاجر والثواب فعلا الا بعد اتيانه بما هو المطلوب النفسي.
وهكذا الامر في طرف الطغيان فانه ايضا مما يتحقق بمجرد شروعه في مقدمات الحرام أو تركه لما هو مقدمة الواجب حيث انه يصدق عليه بانه ممن أبرز الجرئة على المولى وصار بصدد التمرد عن امره ونهيه، ومن اجل ذلك يصير موردا للتوبيخ والذم من العقلاء بل حالة منتظرة ايضا في ذلك إلى وقت فوت الواجب النفسي، كما فيمن رمى سهما لقتل مؤمن مع كون السهم يبلغ إليه بعد ساعة فانه من الحين يصير هذا الرمي موردا للذم عند العقلاء، كما هو واضح. وعلى ذلك نقول: بانه إذا كان مدار المئوية والعقوبة على عنوان التسليم والطغيان لا على عنوان الاطاعة والمعصية بموافقة الامر النفسي ومخالفته وكان التسليم ايضا يتحقق بموافقة الامر الغيري ومخالفته كتحققهما بموافقة الامر النفسي ومخالفته، فلا قصور في الحكم بترتب المثوبة والعقوبة على الواجبات الغيرية التوصلية ايضا بل وترتب القرب عليها ايضا فيما لو كان الاتيان بها بداعي امرها، ومن ذلك قلنا سابقا في مبحث قصد القربة باشتراك الواجبات التوصلية مع التعبدية من جهة المقربية نظرا إلى عدم انفكاك الامر بها عن القربة وعدم اتصاف المأتى به فيها بعنوان المأمور به الا بإتيانها عن دعوة أمرها، وان تمام الفرق بين التوصلي والتعبدي انما كان من جهة مدخلية حيث القرب في سقوط الامر وسقوط الغرض في العبادات وعدم مدخلية في التوصليات، من جهة سقوط امرها وحصول الغرض فيها بمحض حصول العمل وتحققه كيفما اتفق ولو لا عن داع قربي ، كما هو واضح. واما اشكال لزوم تعدد المثوبة والعقوبة في فعل واجب واحد له مقدمات وتركه بترك ما له من المقدمات، فغير وارد، من جهة ما عرفت من ان وحدة المثوبة والعقوبة تابعة وحدة التسليم والطغيان وتعددهما التابعين لوحدة الغرض وتعدده، فإذا لا يكون الغرض حينئذ الا واحدا لا يكون له الا تسليم واحد وطغيان كذلك، ومعه لا يكاد يترتب علبيه الا مثوبة واحدة وعقوبة كذلك وان كان له مقدمات عديدة لا تحصى، وعلى ذلك فالتسليم وان كان يتحقق بمجرد شروع العبد في المقدمة ويستحق عليه المثوبة، ولكنه لما كان الغرض واحدا فلا محالة يكون التسليم ايضا واحد ويمتد هذا التسليم الواحد إلى زمان الاتيان بذيها الذي هو المطلوب النفسي، كما انه كذلك ايضا في طرف الطغيان حيث انه يتحقق بمجرد الشروع في المقدمة ويمتد إلى زمان تحقق الحرام في الخارج، لا انه يتعدد التسليم والطغيان بتعدد المقدمات حتى يلزمه تعدد المثوبة والعقوبة ايضا كما هو واضح، كوضوح ان استحقاقه للمثوبة والعقوبة على التسليم والطغيان بشروعه في مقدمات الواجب أو الحرام ايضا انما يكون فيما إذا استمر على ذلك ولم يحصل له البداء بعد ذلك في العصيان أو الاطاعة، والا فلو حصل له البداء بعد ذلك وحصل منه الطغيان بترك الواجب يكون طغيانه ذلك بعكس التوبة من الحين رافع لما استحقه على تسليمه السابق بحيث كانه لم يفعل شيئا ولم يتحقق منه التسليم اصل مع صدور هذا الطغيان منه، كما انه في صورة العكس يكون الامر بالعكس. فإذا كان بصدد ترك الواجب أو فعل الحرام وأتى ببعض المقدمات ثم ندم واتى بالواجب أو ترك الحرام يكون تسليمه ذلك بإتيان الواجب وترك الحرام رافعا لما استحقه على طغيانه من الحين بحيث كأنه لم يتحقق منه الطغيان أبدا، نعم لو كان عدم حصول الواجب والمأمور به لا من جهة حصول البداء له وطغيانه بل من جهة عدم تمكنه منه خارجا لموت أو مرض أو غير ذلك مع كونه بصدد الامتثال واتيان المأمور به يدخل ذلك حينئذ في الانقياد فيستحق المثوبة حينئذ على انقياده، كما انه في فرض العكس يكون الامر بالعكس فيندرج في التجري، كما هو واضح .وعلى كل حال فعلى ما ذكرنا من تبعية المثوبة والعقوبة ودورانهما مدار عنوان التسليم والانقياد للمولى وتبعيتهما ايضا في الوحدة والتعدد مدار تعدد التسليم والطغيان ووحدتهما التابعين لوحدة الغرض وتعدده يظهر لك عدم المجال ايضا لما افيد في دفع الاشكال المزبور من تخصيص المثوبة والعقوبة بموافقة الامر النفسي ومخالفته، إذ نقول بانه لا وجه حينئذ لهذا التخصيص بعد صدق عنوان التسليم والطغيان على موافقة الامر الغيري ومخالفته ايضا وان مجرد وحدة المثوبة والعقوبة ايضا على فعل واجب واحد وتركه غير مقتض للالتزام بكونهما من تبعات خصوص موافقة الامر النفسي ومخالفته، بل يلتزم حينئذ بترتبهما ايضا على موافقة الامر الغيري ومخالفته لمكان تحقق عنوان التسليم والانقياد بذلك، ويدفع الاشكال المزبور من جهة وحدة التسليم والطغيان ووحدة الغرض بما ذكرناه من البيان ويقال بعدم استحقاقه على فعل واجب له مقدمات الا مثوبة واحدة ولا على تركه بترك ما له من المقدمات ما لا تحصى الا عقوبة واحدة، كما لا يخفى. وعلى ذلك فلو فرض انه يعطى على فعل كل مقدمة ثوابا مستقلا فلابد وان يكون ذلك من باب التفضل لا من باب الاستحقاق، كما انه من ذلك ايضا ما ورد في فضل زيارة مولانا ابي عبد الله الحسين روحي وارواح العالمين فداه بانه لكل قدم ثواب حج وعمرة، وان الامر بقصر الاقدام ايضا انما هو من جهة ان تكثر المقدمات فيزداد بذلك مقام التفضل عليه بإعطائه ذلك الاجر والثواب العظيم الذي وعد الله زائريه، نسأل الله سبحانه ان يكتبنا من زوار قبره الشريف ويحشرنا معه ولا يسلب عنا مجاورة قبر ابيه عليه السلام.
وكيف كان فمن التأمل فيما ذكرنا من قابلية الاوامر الغيرية لترتب المثوبة والعقوبة وقابليتها ايضا للمقربية بإتيان متعلقها بداعي امرها، يظهر لك اندفاع الاشكال المعروف على الطهارات الثلاث التي ثبت عباديتها من بين المقدمات، من تقريب انه كيف المجال لمقربيتها ولترتب المثوبة عليها مع ان الامر الغيري بما هو امر غيري من جهة توصليته لا اطاعة له ولا قرب في موافقته ولا مثوبة على امتثاله، إذ نقول بان ذلك كله مبني على تخصيص المثوبة والعقوبة والقرب والبعد بموافقة الامر النفسي ومخالفته والا فعلى ما ذكرنا من المدار في استحقاق المثوبة والعقوبة بكونه على عنوان التسليم للمولى وبالفارسي (فرمانبردارى از مولى وتن زير بار مولى دادن) فلا جرم يندفع تلك الاشكالات وذلك: اما اشكال ترتب المثوبة فمن جهة تحقق موضوعه وهو عنوان التسليم كما اوضحناه، واما اشكال المقربية فكذلك ايضا من جهة تحقق القرب حينئذ بإتيانها بداعي محبوبيتها ومراديتها للمولى ولو بإرادة غيرية. وعلى ذلك لا يحتاج في التفصي عن الاشكال إلى الجواب عنه تارة بما افيد في الكفاية من كشف رجحان نفسي في هذه الطهارات بدعوى ان مقربيتها حينئذ انما هي لكونها في نفسها امورا عبادية ومستحبات نفسية لا لكونها مطلوبات غيرية وان الاكتفاء بأمرها الغيري لمكان أنه لا يدعو ال إلى ما هو عبادة في نفسه، واخرى بكشف عنوان بسيط يكون هو المأمور به كما عن الشيخ بدعوى انه ربما لا تكون تلك الحركات و السكنات محصلة لما هو المقصود منها من العنوان الذي صارت بهذا العنوان مقدمة وموقوفا عليها، فلابد حينئذ في اتيانها بذلك العنوان من حيلة وهى قصد ذلك الامر المقدمي وذلك ايضا لا من جهة اقتضاء الامر الغيري لذلك بل من جهة الاشارة إلى ذلك العنوان نظرا إلى عدم دعوة هذا الامر الا إلى ما هو الموقوف عليه فالإتيان بالطهارات حينئذ بقصد امرها كان من جهة احراز العنوان الذي لأجله صارت تلك الحركات والسكنات مقدمة وموقوفا عليها، كي يورد عليه بما في الكفاية من امكان الاشارة الاجمالية حينئذ إلى ذلك العنوان البسيط بوجه آخر ولو بقصد امرها وصفا لا غاية وداعيا مع كون الداعي إليها شيئا آخر من شهوة أو غيرها، وعدم وفائه ايضا بدفع اشكال ترتب المثوبة بلحاظ ان قصد الامر لأجل احراز عنوان المقدمة لا لكون المأمور به مطلوبا على جهة التعبد به غير موجب لاستحقاق المثوبة عليه من جهة، وثالثة بغير ذلك مما هو مذكور في التقريرات وغيره. وبالجملة فهذه الاجوبة كلها كما ترى مبنية على عدم قابلية الاوامر الغيرية من جهة توصليتها للمقربية ولاستحقاق المثوبة على موافقتها، والا فعلى ما ذكرنا من قابليته كالأوامر النفسية لكلا الامرين لا يتوجه أصلا هذا الاشكال حتى يحتاج إلى تلك الاجوبة. نعم قد يتوجه هنا اشكال آخر على الطهارات ولو مع البناء على قابلية الامر الغيري كالنفسي للمقربية ولاستحقاق المثوبة على موافقته وذلك انما هو بتقريب ان الامر الغيري انما يتعلق بالمقدمة فارغا عن كونها مقدمة وموقوفا عليها، والمقدمة في مثل الوضوء والغسل بعد ان كانت عبادة لابد من عباديتها في رتبة سابقة على الامر حتى يتعلق بها الامر الغيري، وحينئذ فإذا كانت مقدميتها بما هي عبادة متوقفة خارجا على هذا الامر الغيري يلزم الدور وهو محال.
ولكن يدفع هذا الاشكال ايضا بما دفعنا به في مبحث قصد القربة عن كلية العبادات بالالتزام بأمرين يتعلق هذا الامر الغيري بذات الوضوء وذات الغسل باعتبار كونها مما لها الدخل في تحقق ذيها ومما يتوقف عليها وجود الواجب ولو بنحو الضمنية لأنها ايضا مما يلزم من عدمها العدم مع الكشف ايضا عن تعلق امر غيري آخر بوصفها وهو اتيانها بداعي امرها المتعلق بها، فإذا اتى المكلف حينئذ بالوضوء في الخارج بداعي امره الغيري يتحقق الوضوء القربى الذي جعل مقدمة للصلاة.
وعليه ايضا لا يحتاج في الجواب عنه إلى كشف رجحان نفسي في نفس هذه الطهارات كما صنعه في الكفاية كما لا يخفى. خصوصا مع ما يرد عليه على مسلكه من عدم اجداء تعدد الرتبة لمحذور اجتماع الحكمين المتماثلين احدهما الرجحان النفسي القائم بذات المقدمة في رتبة سابقة على الامر الغيري وثانيهما رجحانه الثابت في رتبة متأخرة عن الامر الغيري فتأمل. وكيف كان فقد يشكل على التقسيم المزبور بلزوم خروج اكثر الواجبات النفسية في الشرعيات بل العرفيات ايضا نظرا إلى غيريتها بحيث لب الارادة من جهة انتهائها بالأخرة إلى امر واحد هو غرض الاغراض الذي هو في الشرعيات تكميل العباد وقربهم إلى المبدء الاعلى وفى العرفيات استراحة النفس، كما يتضح ذلك في امرك بشراء اللحم المعلوم كونه لأجل الطبخ الذي هو لغرض الاكل الذي هو لرفع الجوع الذي هو لغرض استراحة النفس، وهكذا سائر الواجبات العرفية حيث انها من جهة انتهائه بالأخرة إلى استراحة النفس التي هي غرض الاغراض تكون الارادة المتعلقة بها ارادة غيرية.
وقد تصدى في الكفاية لدفع الاشكال، وقال ما حاصله: ان الفرق بينهما من جهة الداعي والباعث فإذا كان الداعي والباعث على طلب شيء وارادته المصلحة الكائنة في نفس العمل فالواجب نفسي وان كان فيه ايضا ملاك المقدمية، واما لو كان الداعي والباعث على طلبه المصلحة المقدمية فالواجب غيري وان كان فيه ايضا مصلحة مستقلة فانه يخرج حينئذ عن كونه نفسيا ويكون واجبا غيريا. ولكنه كما ترى فانه لو فرض تصوره في الشرعيات غير جار في الواجبات العرفية المتداولة بين انفسنا، وذلك من جهة وضوح ان الداعي والباعث في جميع الواجبات العرفية هو حيث مقدميتها ومن ذلك ترى انه لو أمرت عبدك بإتيان الماء فسألك عن انك لأى غرض أمرت بإتيان الماء تقول بانه لغرض الشرب ولو سأل عن ذلك ايضا تقول بانه اريد الشرب لغرض رفع العطش وهو لغرض استراحة النفس التي هي غرض الاغراض، وحينئذ فإذا كان لب الارادة في جميع الواجبات العرفية غيريا يتوجه الاشكال المزبور بانه كيف الحال لهذا التقسيم. وقد اجيب ايضا عن الاشكال بان حقيقة الارادة التشريعية بعد ما كانت عبارة عن ارادة الفعل من الغير يكون الواجب النفسي عبارة عم كان مرادا من المكلف لا لأجل مراد آخر منه، والواجب الغيري ما كان مرادا لأجل مراد آخر منه ايضا، فإذا اراد شراء اللحم من زيد لغرض الطبخ فان كان طبخه ايضا مرادا منه يكون ذلك واجبا غيريا وان لم يكن طبخه مرادا منه يكون واجبا نفسيا، وعليه فمثل الصلاة والصوم والحج ونحوها مما لم يرد من المكلف مصالحها يكون من الواجب النفسي، فيرتفع حينئذ الاشكال المزبور، ولكن فيه ان الارادة التشريعية ليست الا عبارة عن ارادة وجود العمل بما انه فعل اختياري للمكلف وان اضافة نشؤ كونه منه انما هو من جهة اقتضاء توجيه التكليف بالإيجاد إليه، وذلك ايضا بلحاظ انه من جهة كونه فعل الاختياري غير قابل للتحقق الا من قبله والا فلا يكون المراد بالإرادة التشريعية الا نفس فعل الغير، وعليه نقول: بانه إذا لا يكون الامر بشراء اللحم من جهة مطلوبية الشراء نفسا مع قطع النظر عن الطبخ بل كان ذلك من جهة مقدميته لغرض الطبخ الذي هو لغرض الاكل فلا جرم لا تكون هذه الارادة الا غيرية، ومعه يتوجه الاشكال المزبور من لزوم خروج اكثر الواجبات النفسية كما لا يخفى.
وحينئذ فالأولى في الجواب انما هو بجعل التقسيم المزبور بلحاظ مقام التحميل ومرحلة البعث والا لزام لا بلحاظ لب الارادة وعليه يكون الواجب الغيري هو الذي امر به لأجل التوصل به إلى وجود واجب آخر ثبت وجوبه بتحميل مستقل، والواجب النفسي ما لا يكون كذلك، فيرتفع حينئذ الاشكال المزبور في الواجبات النفسية في مثل الصوم والصلاة والحج ونحوها في الشرعيات، ومثل شراء اللحم وسقى الماء في العرفيات، لأنه فيما لما لم يثبت تحميل وايجاب على ما يترتب عليها من الاغراض كان ايجابها ايجابا نفسيا بحسب مقام التحميل، وان كان غيريا بحسب لب الارادة على ما عرفت. ولا منافاة ايضا بين غيرية الشيء ومقدميته بحسب لب الارادة وبين نفسيته بحسب مرحلة التحميل والايجاب، إذ يمكن ان يكون الشيء مع كونه غيريا بحسب لب الارادة نفسيا بحسب مقام التحميل. ثم انه مما يشهد على ما ذكرنا ايضا من كون التقسيم بلحاظ مقام التحميل لا بلحاظ لب الارادة تعريفهم الواجب الغيري بما ذكرنا، بانه ما امر به لأجل التوصل إلى وجود واجب آخر لا ما امر به لأجل التوصل به إلى امر آخر ولو لم يرد تحميل بالنسبة إليه، كما هو واضح.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|