المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الفقه الاسلامي واصوله
عدد المواضيع في هذا القسم 8222 موضوعاً
المسائل الفقهية
علم اصول الفقه
القواعد الفقهية
المصطلحات الفقهية
الفقه المقارن

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



النقض أحد مبطلات العلية  
  
1061   11:59 صباحاً   التاريخ: 3-8-2016
المؤلف : محمّد مهدي النراقي
الكتاب أو المصدر : أنيس المجتهدين
الجزء والصفحة : ج1. ص.506
القسم : الفقه الاسلامي واصوله / علم اصول الفقه / المباحث العقلية /

النقض وهو وجود الوصف بدون الحكم ، ولا ريب في إبطاله لاطّرادها ـ أي كونها بحيث كلّما وجدت وجد الحكم ـ فإن كان قادحا في العلّيّة ، فالاطّراد من شروطها ، وإلاّ فلا.

وقد اختلف في قدحه وعدم قدحه لها على أقوال (1) ، ثالثها : أنّه يقدح في المستنبطة دون المنصوصة (2). رابعها : عكسه (3). وخامسها : أنّه لا يقدح حيث التخلّف لمانع أو انتفاء شرط ، ويقدح حيث التخلّف بدونهما (4).

والحقّ أنّه لا يقدح في المنصوصة مطلقا ، ويقدح في المستنبطة إلاّ إذا كان التخلّف لمانع أو انتفاء شرط.

أمّا الأوّل ، فلأنّ المنصوصة ليست بقاطعة لا في محلّ النقض ولا في غيره ، وإلاّ لم يثبت التخلّف ولا التعارض ؛ لتغاير المحلّين ، أو عدم التعارض بين القطعيّين ، والقطعيّ والظنّيّ ، فهي ظاهرة عامّة فيهما (5) ، فيثبت العلّيّة فيهما بظاهر عامّ ، فجاز تخصيصها بغير صورة النقض ؛ لأنّ كلّ دليل عامّ يجوز تخصيصه ، سواء كان المخصّص هو العلّة ، أو حكما آخر. وهذا لا يبطل حجّيّته فيما سواه ، وأمثلته كثيرة ، كمسألة العرايا (6) ، وعدم نقض الحجامة للوضوء ؛ مع أنّ كلّ خارج نجس علّة للنقض ، وضرب الدية على العاقلة ؛ مع أنّ مباشرة الجناية علّة للغرامة على المباشر ، وعدم مباشرتها علّة لعدمها ، وإيجاب صاع من التمر في لبن المصرّاة (7) ؛ مع أنّ تماثل الأجزاء علّة لإيجاب المثل ، وعدم إخراب بعض من شاقّ الله بيته ؛ مع أنّه تعالى جعل المشاقّة علّة لإخراب البيت في قوله : {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ... ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } [الحشر: 2] ، وقس عليها أمثالها.

ويتفرّع على ما ذكر (8) عدم بطلان علّيّة الجميع فيما سوى مادّة النقض ، ولولاه لبطل العامّ المخصوص مطلقا ؛ لعدم تعقّل المفرق (9) بين الحكم المخصّص والعلّة المخصّصة ، وبطلت العلل القاطعة ، كعلّة القصاص وهو القتل العدوان ، وعلّة الجلد وهو الزنى ، وعلّة القطع وهو السرقة ، وعلّة حرمة الأكل وهو الميتة ؛ للتخلّف في الوالد ، والمحصن ، ومال الابن والغريم ، والمضطرّ. ولزم إبطال أحد الدليلين : دليل الاعتبار ، ودليل الإهدار. والجمع بينهما أصوب.

ثمّ إنّا نعلم إجمالا أنّ التخلّف في العامّ مطلقا لمانع ، أو انتفاء شرطه في الواقع إلاّ أنّا لا نعلمه بعينه.

وأمّا الثاني ، فلأنّ التخلّف في المستنبطة ـ على فرض صحّتها ـ إذا لم يكن لمانع أو انتفاء شرط، فهو لعدم المقتضي ؛ لعدم تعقّل التخصيص فيها ، فهي ليست مقتضية ، فلا تكون علّة.

بخلاف ما لو كان بهما (10) ؛ فإنّه لا يبطل علّيّتها ؛ لأنّها مقتضية حينئذ إلاّ أنّ عدم تأثيرها في صورة النقض لعدم شرطه ـ أي رفع المانع ووجود الشرط ـ وهما ليسا جزءي العلّة ، فلا يبطل العلّيّة بارتفاعهما.

ثمّ التخلّف في المستنبطة إنّما يعلم بنصّ أو إجماع ، كما إذا قال الشافعي : الوضوء طهارة حكميّة فيشترط فيه النيّة ، فينتقض بإزالة النجاسة ؛ لأنّها طهارة حكميّة ولا تعتبر فيه النيّة إجماعا (11). هذا.

ولكلّ واحد من أصحاب المذاهب الخمسة حجج (12) ضعيفة تعلم اندفاعها بعد الاضطلاع بما تلوناه عليك من الحقّ الصريح ، من غير حاجة إلى التصريح.

وعلى ما اخترناه فالجواب عن النقض على نوعين :

أحدهما : ما يمنع تحقّقه. وثانيهما : ما يبيّن عدم إفساده للعلّيّة بعد تسليم تحقّقه.

أمّا الأوّل ، فعلى قسمين :

أوّلهما : منع وجود الوصف في صورة النقض ، وهو وارد وفاقا ، كما لو قال : لا زكاة في الحليّ ؛ لأنّه مال غير نام ، كثياب البذلة. فيقول المعترض : ينتقض بالحليّ المحظور ؛ لوجوب الزكاة فيه مع أنّه غير نام أيضا. فيقول المستدلّ : لا نسلّم أنّه غير نام.

ومنه ما لو قال الشافعي في جواب الناقض في مسألة الطهارة : لا نسلّم أنّ إزالة النجاسة طهارة حكمية. وهل للمعترض ـ حينئذ أو ابتداء ـ إقامة الدليل على وجوده؟

قيل : نعم ، إذ به يتحقّق انتقاض العلّة ، وهو قد انتصب لذلك ، فيجوز له أن يبيّن ما يتمّ به إبطال دليل الخصم (13).

وقيل : لا ، لأنّه انتقال من الاعتراض إلى الاستدلال ، ومن مسألة إلى اخرى قبل أن يتمّ الاستدلال عليها ؛ فإنّ المستدلّ كان بصدد إثبات الحكم في الفرع ، وحينئذ يكون بصدد إثبات عدم وجود الوصف في صورة النقض (14).

وقيل : إن لم يكن وجود الوصف في صورة النقض حكما شرعيّا ، فنعم ؛ لأنّه يكون تتميما لدليله لا انتقالا إلى مطلوب آخر ، وإلاّ فلا ؛ لكونه انتقالا (15).

وقيل : إن كان له طريق أولى في القدح ، فلا ، وإلاّ فنعم ؛ لأنّ الانتقال وغصب المنصب إنّما ينفيان الاستحسان ، فإذا وجد الأحسن لا يرتكبهما ، وإلاّ فلا منع (16).

والحقّ الأوّل ؛ لما ذكر. وما ذكر حجّة لباقي الأقوال لا يصلح لإثبات شيء.

وبهذا يظهر أنّ المستدلّ لو كان قد دلّ على وجود العلّة في محلّ التعليل بدليل موجود في محلّ النقض ، ونقض المعترض العلّة ، فمنع المستدلّ وجودها في محلّ النقض ، فقال المعترض : ما دللت به على وجودها ثمّة دلّ عليه هنا ، فينتقض دليلك ؛ لوجوده في محلّ النقض بدون مدلوله وهو وجود العلّة ، يسمع (17) هذا من المعترض ؛ لأنّ النقض في دليل العلّة نقض في العلّة ، وهو مقصوده. وما اشتهر بين الجدليّين من أنّه لا يسمع منه لأنّه انتقال من قدح العلّة إلى قدح دليلها (18) ، غير صحيح ؛ لأنّ الانتقال إذا توقّف المطلوب عليه لا منع فيه.

مثاله : إذا قال : من لم يبيّت صحّ صومه ؛ لأنّه أتى ما يسمّى صوما ، ودلّ على وجود الصوم بأنّه الإمساك مع النيّة وهو موجود. فانتقض المعترض بما لو نوى بعد الزوال. فقال المستدلّ : إنّه ليس بصوم. فقال المعترض : ما دللت به على وجود الصوم في محلّ التعليل ـ وهو ثبوت الإمساك مع النيّة في جزء من النهار ـ موجود في مادّة النقض. والخلاف إنّما إذا ادّعى انتقاض دليل العلّة بعينه. أمّا لو قال : يلزم إمّا انتقاض العلّة أو دليلها ، وعلى التقديرين لا يثبت العلّيّة ، لسمع وفاقا ؛ لعدم الانتقال حينئذ.

تذنيب:

قد يمكن للمستدلّ أن يذكر في استدلاله قيدا يخرج به محلّ النقض ، وهو قد يكون ظاهرا ، كما إذا قال : الوضوء طهارة عن حدث ، فيفتقر إلى النيّة كالتيمّم ، فلا يرد النقض بإزالة النجاسة.

وقد يكون خفيّا ، كما إذا قال : السلم عقد معاوضة ، فلا يشترط فيه التأجيل كالبيع ، فلا ينتقض بالكتابة ؛ لأنّها ليست معاوضة ، بل عقد إرفاق.

وقد يكون مقولا على معان بالتواطؤ ، أو الاشتراك ، لا يرد النقض ببعضها ويرد ببعضها الآخر. فيمكن للمستدلّ أن يقول : أردت ما لا يرد به النقض.

مثال الأوّل : كما إذا قال : الوضوء عبادة متكرّرة فيفتقر إلى النيّة كالصلاة. فلو قال المعترض: ينتقض بالحجّ ؛ فإنّه متكرّر على زيد وعمر (19). فللمستدلّ أن يقول : أردت بالمتكرّر المتكرّر في الأزمان ، لا في الأشخاص.

ومثال الثاني (20) : كما إذا قال : طلّقها ثلاثا في قرء واحد ، فلا يكون مبتدعا ، كما لو طلّقها ثلاثا برجعتين في قرء واحد. فلو قال المعترض : ينتقض بما لو طلّقها في الحيض. فللمستدلّ أن يقول : أردت بالقرء الطهر.

ثمّ القيد الذي يندفع به النقض إنّما هو الذي كان وصفا مناسبا. وحينئذ يكون علّة مستقلّة للحكم. ولو كان وصفا طرديّا فالحقّ أنّه لا يندفع به النقض ؛ لأنّ غاية ما في الباب أن يكون جزء العلّة، فإذا انتقض أحد أجزائها وبيّن عدم تأثيره ، فلا يكون المجموع مؤثّرا. هذا.

والحقّ أنّ ذكر القيد المذكور لا يلزم على المستدلّ في متن استدلاله ، خلافا لجماعة (21).

لنا : أنّه وفى بما سئل عنه وهو دليل العلّيّة ، والنقض معارضة في الحقيقة ، ونفي المعارض ليس جزءا للدليل.

وأيضا يمكن إيراده ـ وإن ذكره ـ بأن يقول المعترض : هذا وصف طردي والباقي منتقض.

وثانيهما (22) : منع عدم الحكم في صورة النقض ، كما إذا قال في الثيّب الصغيرة : ثيّب فلا يجوز إجبارها ، كالثيّب البالغة ، فقال المعترض : ينتقض بالثيّب المجنونة ؛ فإنّه يجوز إجبارها، فيمنع المستدلّ جواز إجبارها ، وهو وارد وفاقا. وهل يجوز للمعترض أن يدلّ على عدم الحكم؟ البحث فيه كما تقدّم في القسم الأوّل (23) خلافا ودليلا واختيارا.

وأمّا النوع الثاني ، فعلى ثلاثة أقسام :

الأوّل : إظهار المانع (24) ـ أي بيان وجود معارض يقتضي خلاف الحكم ـ كما إذا قيل : الربا يثبت في الحديد لكونه موزونا ، فينتقض بالرصاص ، فقيل : المانع البياض.

الثاني : بيان انتفاء الشرط ، كما قيل في المثال : الشرط السواد ، وهو منتف في محلّ النقض ، وهما في المستنبطة.

الثالث : بيان الاستثناء ـ أي تخصيصه بغير محلّ النقض ـ وهو في المنصوصة ، كما في مسألة العرايا وباقي الأمثلة المتقدّمة (25).

وقد أشرنا إلى أنّ التخصيص أيضا معلّل في الواقع بوجود مانع من مصلحة ، كما في العرايا وضرب الدية على العاقلة. أو دفع مفسدة ، كما في حلّ الميتة للمضطرّ. أو بانتفاء شرط ، كما إذا قيل : يحصل الملك في زمان الخيار لحصول سببه وهو البيع ، فينتقض ببيع الموقوف (26)، فيقال : هو مستثنى ؛ لانتفاء الشرط. ولمّا لم يكن المانع أو الشرط معلوما لنا بعينه ، فيلزم أن يقدّر بأن يقال : المصلحة في العرايا ـ مثلا ـ عموم الحاجة إلى الرطب والتمر وقد لا يكون عندهم ثمن آخر ، وفي ضرب الدية على العاقلة كون أوليائه يغنمون بكونه مقتولا ؛ لأنّ شرع الدية لمصلحتهم ، فليغرموا بكونه قاتلا ، ودفع المفسدة في أكل الميتة للمضطرّ هو رفع هلاك النفس ، والشرط المنفيّ في عدم جواز بيع الموقوف كون البائع مالكا للمبيع.

فائدة : كلّ إثبات ونفي عامّين ينتقضان بدعوى النفي عن صورة معيّنة أو مبهمة ، والإثبات فيهما ، وبالعكس.

والجواب : بيان ثبوت التخصيص (27).

______________

(1) راجع : تهذيب الوصول : 259 ، والمحصول 5 : 237 ، والإحكام في أصول الأحكام 4: 92.

(2) قاله العلاّمة في تهذيب الوصول : 259.

(3) حكاه الفخر الرازي في المحصول 5 : 237 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 259 ، والأسنوي في نهاية السؤل 4 : 145 و 146.

(4) نسبه الفخر الرازي إلى الأكثر في المحصول 5 : 237 ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 92 و 93 ، والعلاّمة في تهذيب الوصول : 259 ، والأسنوي في نهاية السؤل 4 : 152 و 153 ونسبه أيضا إلى البيضاوي.

(5) أي في المقيس والمقيس عليه.

(6) العريّة ـ والجمع العرايا ـ : النخلة التي يعريها صاحبها غيره ليأكل ثمرها. انظر لسان العرب 15 : 49 ـ 50 ، « ع. ر. ا ».

(7) المصرّاة من الشاء أو النوق : المحفّلة ، أي التي ترك حلبها أيّاما ليجتمع اللبن في ضرعها. انظر لسان العرب 14 : 458 ، « ص ر ى ».

(8) وهو عدم كون العلّة المنصوصة قاطعة.

(9) أي وجه واضح. وفي « ب » : « الفرق ».

(10) أي لو كان التخلّف بسبب مانع أو انتفاء شرط.

(11) راجع : المحصول 5 : 237 ـ 259 ، وتهذيب الوصول : 259 ، والإحكام في أصول الأحكام 4 : 92 ـ 96.

(12) راجع بداية المجتهد 1 : 8.

(13) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 93 و 94.

(14) قاله الفخر الرازي في المحصول 5 : 252.

(15) حكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 93.

(16) حكاه الفخر الرازي في المحصول 5 : 237 ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 93 و 94.

(17) جواب لـ « لو كان قد دلّ ... ».

(18) راجع المستصفى : 334.

(19) وجه النقض أنّ الحجّ عبادة ولا يحتاج إلى النيّة.

(20) أي الاشتراك اللفظي.

(21) منهم : الفخر الرازي في المحصول 5 : 252 و 253 ، والآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 4 : 95 ، والأسنوي في نهاية السؤل 4 : 172 و 173.

(22) أي ثاني القسمين وقد تقدّم في ص 508.

(23) في ص 506.

(24) أي إظهار المانع وانتفاء الشرط يجريان في الحكمة المستنبطة.

(25) في ص 507.

(26) أي الوقف.

(27) لمزيد الاطّلاع راجع : المحصول 5 : 237 ـ 259 ، والإحكام في أصول الأحكام 4 : 92 ـ 96 ، ونهاية السؤل 4 : 145 ـ 183.




قواعد تقع في طريق استفادة الأحكام الشرعية الإلهية وهذه القواعد هي أحكام عامّة فقهية تجري في أبواب مختلفة، و موضوعاتها و إن كانت أخصّ من المسائل الأصوليّة إلاّ أنّها أعمّ من المسائل الفقهيّة. فهي كالبرزخ بين الأصول و الفقه، حيث إنّها إمّا تختص بعدّة من أبواب الفقه لا جميعها، كقاعدة الطهارة الجارية في أبواب الطهارة و النّجاسة فقط، و قاعدة لاتعاد الجارية في أبواب الصلاة فحسب، و قاعدة ما يضمن و ما لا يضمن الجارية في أبواب المعاملات بالمعنى الأخصّ دون غيرها; و إمّا مختصة بموضوعات معيّنة خارجية و إن عمّت أبواب الفقه كلّها، كقاعدتي لا ضرر و لا حرج; فإنّهما و إن كانتا تجريان في جلّ أبواب الفقه أو كلّها، إلاّ أنّهما تدوران حول موضوعات خاصة، و هي الموضوعات الضرريّة و الحرجية وبرزت القواعد في الكتب الفقهية الا ان الاعلام فيما بعد جعلوها في مصنفات خاصة بها، واشتهرت عند الفرق الاسلامية ايضاً، (واما المنطلق في تأسيس القواعد الفقهية لدى الشيعة ، فهو أن الأئمة عليهم السلام وضعوا أصولا كلية وأمروا الفقهاء بالتفريع عليها " علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع " ويعتبر هذا الامر واضحا في الآثار الفقهية الامامية ، وقد تزايد الاهتمام بجمع القواعد الفقهية واستخراجها من التراث الفقهي وصياغتها بصورة مستقلة في القرن الثامن الهجري ، عندما صنف الشهيد الأول قدس سره كتاب القواعد والفوائد وقد سبق الشهيد الأول في هذا المضمار الفقيه يحيى بن سعيد الحلي )


آخر مرحلة يصل اليها طالب العلوم الدينية بعد سنوات من الجد والاجتهاد ولا ينالها الا ذو حظ عظيم، فلا يكتفي الطالب بالتحصيل ما لم تكن ملكة الاجتهاد عنده، وقد عرفه العلماء بتعاريف مختلفة منها: (فهو في الاصطلاح تحصيل الحجة على الأحكام الشرعية الفرعية عن ملكة واستعداد ، والمراد من تحصيل الحجة أعم من اقامتها على اثبات الاحكام أو على اسقاطها ، وتقييد الاحكام بالفرعية لإخراج تحصيل الحجة على الاحكام الأصولية الاعتقادية ، كوجوب الاعتقاد بالمبدء تعالى وصفاته والاعتقاد بالنبوة والإمامة والمعاد ، فتحصيل الدليل على تلك الأحكام كما يتمكن منه غالب العامة ولو بأقل مراتبه لا يسمى اجتهادا في الاصطلاح) (فالاجتهاد المطلق هو ما يقتدر به على استنباط الاحكام الفعلية من أمارة معتبرة أو أصل معتبر عقلا أو نقلا في المورد التي لم يظفر فيها بها) وهذه المرتبة تؤهل الفقيه للافتاء ورجوع الناس اليه في الاحكام الفقهية، فهو يعتبر متخصص بشكل دقيق فيها يتوصل الى ما لا يمكن ان يتوصل اليه غيره.


احد اهم العلوم الدينية التي ظهرت بوادر تأسيسه منذ زمن النبي والائمة (عليهم السلام)، اذ تتوقف عليه مسائل جمة، فهو قانون الانسان المؤمن في الحياة، والذي يحوي الاحكام الالهية كلها، يقول العلامة الحلي : (وأفضل العلم بعد المعرفة بالله تعالى علم الفقه ، فإنّه الناظم لأُمور المعاش والمعاد ، وبه يتم كمال نوع الإنسان ، وهو الكاسب لكيفيّة شرع الله تعالى ، وبه يحصل المعرفة بأوامر الله تعالى ونواهيه الّتي هي سبب النجاة ، وبها يستحق الثواب ، فهو أفضل من غيره) وقال المقداد السيوري: (فان علم الفقه لا يخفى بلوغه الغاية شرفا وفضلا ، ولا يجهل احتياج الكل اليه وكفى بذلك نبلا) ومر هذا المعنى حسب الفترة الزمنية فـ(الفقه كان في الصدر الأول يستعمل في فهم أحكام الدين جميعها ، سواء كانت متعلقة بالإيمان والعقائد وما يتصل بها ، أم كانت أحكام الفروج والحدود والصلاة والصيام وبعد فترة تخصص استعماله فصار يعرف بأنه علم الأحكام من الصلاة والصيام والفروض والحدود وقد استقر تعريف الفقه - اصطلاحا كما يقول الشهيد - على ( العلم بالأحكام الشرعية العملية عن أدلتها التفصيلية لتحصيل السعادة الأخروية )) وتطور علم الفقه في المدرسة الشيعية تطوراً كبيراً اذ تعج المكتبات الدينية اليوم بمئات المصادر الفقهية وبأساليب مختلفة التنوع والعرض، كل ذلك خدمة لدين الاسلام وتراث الائمة الاطهار.