أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-8-2016
6291
التاريخ: 19-7-2016
2013
التاريخ: 19-7-2016
8347
التاريخ: 19-7-2016
31012
|
ويقال له الاشتراك _أيضاً_ والبحث فيه سيكون في المسائل التالية:
أولاً: تعريفه:
في اللغة: من الفعل اشترك يشترك، والمصدر اشتراك، والمشترك اسم المفعول.
وفي الاصطلاح: عرف بعدة تعريفات قريبة من بعض:
أ _ عرفه الجرجاني رحمه الله بقوله: (المشترك ما وضع لمعنى كثير بوضع كثير)(1).
ب _ وقال عنه ابن فارس رحمه الله: (تسمى الأشياء الكثيرة بالاسم الواحد نحو: (عين الماء) و (عين المال) و (عين السحاب))(2).
جـ _ وقال السيوطي رحمه الله: (وقد حدَّه أهل الأصول بأنه اللفظ الواحد الدال على معنيين مختلفين فأكثر دلالة على السواء عند أهل تلك اللغة)(3).
ص177
د _ ويمكن أن يعرف بتعريف مختصر فيقال: هو ما اتحد لفظه، واختلف معناه.
ثانياً: الخلاف في وقوعه: اختلف الناس في اللفظ المشترك، هل له وجود في اللغة؟ فأثبته قوم، ونفاه آخرون، ولكل منهم أدلته.
وقد نقل هذا الاختلاف جمع من أهل العلم، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية حيث قال بعد أن ذكر حد المشترك: (فمن الناس من ينازع في وجود معنى هذا في اللغة الواحدة التي تستند إلى وضع واحد، ويقول: إنما يقع هذا في وضعين كما يسمى هذا ابنه باسْمٍ، ويسمي آخر ابنه بذلك الاسم)(4).
ونصه هذا يوحي بأنه قائل بوقوع المشترك، وهذا ما يؤكده قوله في موضع آخر: أن (الأسماء المتفقة اللفظ قد يكون معناها متبايناً وهي المشتركة اشتراكاً لفظياً، كلفظ سهيل المقول على الكوكب وعلى الرجل)(5).
وقال السيوطي رحمه الله: (واختلف الناس فيه؛ فالأكثرون على أنه ممكن الوقوع؛ لجواز أن يقع إما من واضِعَيْن؛ بأن يضع أحدهما لفظاً لمعنىً، ثم يضعه الآخر لمعنىً آخر، ويشتهر ذلك اللفظ بين الطائفتين في إفادته المعنيين، وهذا على أن اللغات غير توقيفية.
وإما من واضع واحد؛ لغرض الإبهام على السامع؛ حيث يكون التصريح سبباً للمفسدة، كما روي عن أبي بكر وقد سأله رجل عن النبي (ص) وقت
ص178
ذهابهما إلى الغار: من هذا؟ قال: هذا رجل يهديني السبيل.
والأكثرون _أيضاً_ على أنه واقع؛ لنقل أهل اللغة ذلك في كثير من الألفاظ.
ومن الناس من أوجب وقوعه _ قال: لأن المعاني غير متناهيةٍ والألفاظ متناهية، فإذا وزع لزم الاشتراك.
وذهب بعضهم إلى أن الاشتراك أغلب، قال: لأن الحروف بأسرها مشتركة بشهادة النحاة، والأفعال الماضية مشتركة بين الخبر والدعاء، والمضارع كذلك، وهو _أيضاً_ مشترك بين الحال والمستقبل، والأسماء كثير فيها الاشتراك؛ فإذا ضممناها إلى قسمي الحروف والأفعال كان الاشتراك أغلب.
ورد بأن أغلب الألفاظ الأسماء، والاشتراك فيها قليل بالاستقراء، ولا خلاف أن الاشتراك على خلاف الأصل)(6).
والمتأمل للخلاف في المشترك يجد أنه ما كان ينبغي أن يتوسع فيه، ويشقق القول؛ لأنهم جميعاً متفقون على وجود ألفاظ في اللغة قد استعملتها العرب في الدلالة على معان مختلفة بغض النظر عن كيفية وجودها مثل لفظ (العين) فهي بلفظها قد استعملت لمعان كثيرة، وكذلك غيرها من الألفاظ التي سيأتي ذكر لبعضها.
وهذا الاستعمال كافٍ في إثبات المشترك؛ لذلك فإن الذي عليه أكثر المتقدمين من اللغويين _ هو القول بالاشتراك.
أما نقل الكلام إلى الحديث عن النشأة الأولى للمشترك، وهل يكون أصلاً
ص179
في الوضع أو لا؟ وما يترتب على ذلك من أن المخاطبة باللفظ المشترك لا تفيد فهم المقصود على التمام، وما كان كذلك يكون منشأً للمفاسد _ فهو خروج من الواقع اللغوي، وخوض في مسألة نشأة اللغة التي لم يتوصل فيها إلى رأي علمي قاطع.
ثالثاً: أمثلة من المشترك: أورد السيوطي رحمه الله في المزهر أمثلة كثيرة من المشترك(7)، ومنها:
1_ العم: أخو الأب، والعم: الجمع الكثير، قال الراجز:
يا عامر بن مالك يا عمَّا أفنيت عماً وجبرت عمَّا
فالعم الأول: أراد به عمه، والعم الثاني: أراد أفنيت قوماً، وجبرت آخرين.
2_ النوى: يطلق على الدار، والنية، والبُعْد.
3_ الأرض: وتطلق على الأرض المعروفة، وعلى كل ما سفل، وعلى أسفل قوائم الدابة، وعلى النّفضة، والرِّعدة، وغيرها.
4_ الهلال: هلال السماء، وهلال الصيد، وهلال النعل وهو الذؤابة، والهلال: الحية إذا سلخت، والهلال: باقي الماء في الحوض، والهلال: الجمل الذي أكثر الضِّراب حتى هزل.
5_ العين: وتطلق على معان كثيرة جداً، تكاد تكون أكثر ما في هذا الباب؛
ص180
فتطلق على: النقد من الدراهم والدنانير، وعلى مطر أيام لا يقلع يقال: أصاب أرض بني فلان عين، وعلى عين الماء، وعين البركة، والعين التي تصيب الإنسان، وعلى فم القربة، وعلى عين الشمس، وعلى الجاسوس، وعلى الباصرة.
6_ الخال: يطلق على أخي الأم، والمكان الخالي، والعصر الماضي، والدابة، والخيلاء، والشامة في الوجه، والسحاب، والظن، والتوهم، والرجل المتكبر، والرجل الجواد.
رابعاً: لطائف من المشترك: هناك أبيات من الشعر تضمنت ألفاظاً من المشترك.
قال السيوطي: (قال أبو الطيب اللغوي: أخبرني محمد بن يحيى، قال: أنشدني أبو الفضل جعفر بن سليمان النوفلي عن الحِرْمازي للخليل ثلاثة أبيات على قافية واحدة يستوي لفظها، ويختلف معناها:
يا ويحَ قلبي من دواعي الهوى إذ رَحل الجيرانُ عند الغُروبْ
أتبعتُهم طَرْفي وقد أزمعوا ودمعُ عينيَّ كفيض الغُروبْ
كانوا وفيهم طَفْلَةٌ حرَّة تفترُّ عن مثل أقاحي الغُروبْ
فالغروب الأول غروب الشمس، والثاني جمع غَرْب: وهو الدَّلْو العظيمة المملوءة، والثالث جمع غرب: وهي الوِهَاد المنخفضة.
وأنشد سلامة الأنباري في شرح المقامات:
لقد رأيت هذرياً جَلْسا يقود من بطن قديد جَلْسا
ثم رقى من بعد ذاك جَلْسا يشرب فيه لبناً وجَلْسا
مع رفقةٍ لا يشربون جَلْسا ولا يؤمون لهم جَلْسا
ص181
جَلْس الأول: رجل طويل، والثاني: جبل عالٍ، والثالث: جبل، والرابع: عسل، والخامس: خمر، والسادس: نجد)(8).
ومن لطائف المشترك أنه داخل عند البلاغيين في علم البديع في باب الجناس التام، كما في الأبيات السابقة، وهو داخل _كذلك_ في باب التورية.
خامساً: العلاقة بين المشترك والمتواطئ: مر الحديث عن المشترك، وأنه ما اتحد لفظه، واختلف معناه.
والمشترك يوافق المتواطئ في شقه الأول من جهة كونه لفظاً واحداً يطلق على معان، ويخالفه في شقه الثاني وهو كون هذه المعاني مرتبطة بمعنى عام.
ولمزيد من إيضاح العلاقة والفرق بين المشترك والمتواطئ هذا عرض يسير لتعريف المتواطئ، وبيان الفرق الدقيق بينه وبين المشترك .
فالاسم المتواطئ يُعرف بأنه: هو الاسم الواحد الذي يقال من أول ما وضع له على أشياء كثيرة، ويدل على معنى واحد يعمها(9).
ويعرفه الجرجاني بقوله: (المتواطئ: هو الكلي الذي يكون حصول معناه، وصدقه على أفراده الذهنية والخارجية على السوية كالإنسان والشمس؛ فإن
ص182
الإنسان له أفراد في الخارج، وصدقه عليها بالسوية، والشمس لها أفراد في الذهن وصدقه عليها _أيضاً_ بالسوية)(10).
وقال في محاورته لابن المرحل(11) _ رحمهما الله _ عندما بين جواز إطلاق لفظ (المتواطئ) و (المشترك) على اللفظ الواحد، ولكن من جهتين مختلفتين، فتساءل ابن المرحل كيف يكون هذا؟
ص183
ولعل التمييز بين المتواطئ والمشترك قد لاح، وهو أن الأسماء المتواطئة تشترك في اللفظ والمعنى.
أما المشتركة فإنها متفقة اللفظ مختلفة المعنى ولزيادة الإيضاح ولأجل أن يُميز بين المشترك والمتواطئ فهذان مثالان على ذلك، الأول: العين تطلق على عدة معان مختلفة، فهذا مثال للمشترك، وقد مرت أمثلة عديدة من ذلك.
والمثال الثاني: لفظ (الوجود) فهو يطلق على وجود الخالق وعلى وجود المخلوق، فمعنى الوجود _بمفهومه العام_ واحد ولكنه يختلف من جهة
ص184
إضافته فهذا مثال للمتواطئ.
وبناءاً على ذلك يمكن أن يقال: إن المشترك ما اتحد لفظه واختلف معناه، والمتواطئ هو ما اتحد لفظه ومعناه، ولكنه يختلف باختلاف السياق والإضافة.
ص185
________________
(1) التعريفات ص215.
(2) الصاحبي ص59.
(3) المزهر 1/ 369.
(4) مجموع الفتاوى 20/ 227.
(5) مجموع الفتاوى 20/ 234.
(6) المزهر 1/ 369_370، وانظر الصاحبي ص59_60، وفقه اللغة د. وافي ص145_148.
(7) انظر المزهر 1/ 370_386، وانظر معجم الألفاظ المشتركة في اللغة العربية لعبدالحليم محمد قنبس.
(8) المزهر 1/ 376_377.
(9) البحث الصوتي والدلالي عند الفيلسوف الفارابي لرجاء الرفاعي رسالة ماجستير على الآلة الكاتبة ص184، وانظر الدراسات اللغوية ص165.
(10) التعريفات ص199.
(11) من كبار فقهاء الشافعية ت738.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|