يتبين أن الباحثين فيها قد استنفذوا طرق البحث الممكنة؛ من اعتماد على الأدلة النقلية والعقلية، والبحث في الواقع اللغوي بمختلف إمكاناته.
ومع ذلك لم يُتَوَصَّل إلى رأي قاطع في تلك المسألة.
وأكبر ما يؤخذ على من بحث تلك القضية هو التعصب لرأي أو نظرية دون غيرها.
ومن عيوب البحث فيها أن النقد قد يصل إلى درجة التهكم.
ص63
ولو حاول العلماء والباحثون في هذه المسألة أن يأخذوا من كل نظرية بجانب لربما كان للمشكلة صورةٌ أوضحُ وأقربُ للواقع.
ولنتأمل ذلك النقل الذي أورده السيوطي في المزهر حيث يقول: (وزعم الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني أن القَدْر الذي يدعو به الإنسان غيره إلى التواضع يَثْبُتُ توقيفاً، وما عدا ذلك يجوز أن يثبت بكل واحدٍ من الطريقين.
وقال القاضي أبو بكر: يجوز أن يثبت توقيفاً، ويجوز أن يثبت اصطلاحاً، ويجوز أن يثبت بعضه توقيفاً، وبعضه اصطلاحاً والكل ممكن)(1).
ففي هذا الرأي محاولة للتوفيق بين قولين هما أشهر الأقوال في المسألة وهما القول بالتوقيف والإلهام، والقول بالاصطلاح والمواضعة.
وههنا محاولة للتوفيق بينهما؛ إذ كل منهما يحتمل شيئاً من الصواب، ويَتَوَجَّهُ إليه اعتراض؛ فلو جمعنا النظريات، وأخذنا الجانب الإيجابي من كل منهما دون إغفال لنظرية أخرى لربما أمكن الوصول إلى تصور أفضل.
فمما لاشك فيه أن الله _تعالى_ علم آدم _عليه السلام_ الأسماء، ولو تركنا البحث والخلاف في معنى الأسماء، وتصورنا قدراً من اللغة تعلمه آدم وأولاده من بعده ثم ذريتهم، وأضفنا إلى ذلك أن الله _عز وجل_ قد وهب الإنسان قدرة على التعبير عما في نفسه؛ فذلك الجهاز المسمى بجهاز النطق، وذلك العقل المدبر المحرك للإنسان قادران على التعبير عما يستجد من أمور إما عن طريق التقليد والمحاكاة _كما نرى في محاولات الأطفال_ وإما عن طريق
ص64
الاصطلاح كما يحدث كلما جدَّ جديد في الحياة وُضع له الاصطلاح المناسب.
وبهذا يمكن الجمع بين النظريات جميعاً في تصور نشأة اللغة الإنسانية.
ص65
_____________________
(1) المزهر 1/ 20.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|