المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علم الفيزياء
عدد المواضيع في هذا القسم 11404 موضوعاً
الفيزياء الكلاسيكية
الفيزياء الحديثة
الفيزياء والعلوم الأخرى
مواضيع عامة في الفيزياء

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ربنا وآتنا ما وعدتنا على‏ رسلك}
2024-04-28
ان الذي يؤمن بالله يغفر له ويكفر عنه
2024-04-28
معنى الخزي
2024-04-28
شروط المعجزة
2024-04-28
أنواع المعجزة
2024-04-28
شطب العلامة التجارية لعدم الاستعمال
2024-04-28

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


حلم كلاوزر، وهورن، وشيموني  
  
3436   02:28 مساءاً   التاريخ: 20-6-2016
المؤلف : ب . جوردان
الكتاب أو المصدر : التعالق اكبر لغز في الفيزياء
الجزء والصفحة : ص 145
القسم : علم الفيزياء / الفيزياء العامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-7-2017 1330
التاريخ: 16-7-2017 1484
التاريخ: 19-8-2019 1478
التاريخ: 18-11-2020 1391

حلم كلاوزر، وهورن، وشيموني

"من أسباب اضطراب فهمنا لميكانيكا الكم مشكلة القياس ومشكلة اللا موضع ...، ويبدو لي من غير المحتمل حل أي مشكلة منهما بون حل الأخرى، وبون توافق عميق بين نظرية المكان - الزمان وميكانيكا الكم إحداهما مع الأخرى".أبنر شيموني

‏ينتمي أبنر شيموني Abner Shimony ‏إلي أسرة يهودية أفرادها من الحاخامات، وكان أسلافه من بين العائلات القليلة جدا التي استمرت إقامتها في القدس لعدة أجيال، وكان جده لأبيه رئيس الشوخيت Shochet ‏(المشرف علي الذبح علي الطريقة اليهودية) بالقدس. وولد أبنر في كولومبس، بولاية أوهايو عام ١٩٢٨، ونشأ في ممفيس بولاية تينيسي. ومنذ سنواته الأولي، أبدي شغفا عارما بالتعليم، أثناء دراسته التحق بجامعة ييل Yale لدراسة الفلسفة والرياضيات من عام ١٩٤٤ ‏حتي ١٩٤٨ ‏، حتي حصل علي درجة البكالوريوس. وقرأ كثيرا في الفلسفة وخاصة أعمال ألفرد نورث هوايتهيد، وتشارلز بيرس، وكيرت جودل. وأثناء وجوده في ييل أصبح مهتما أيضا بأصول الرياضيات.

‏وواصل شيموني دراساته في جامعة شيكاغو، ونال شهادة الماجستير في الفلسفة، ثم ذهب إلي ييل يستكمل عمله بدراسة الدكتوراه، التي حصل عليها في عام 1953. وفي جامعة شيكاغو، درس الفلسفة مع شخصية محورية شهيرة من حلقة فيينا Vienna Circle - وهو منتدي فلسفي للنخبة الأوروبية - وهو رودولف كارناب Rudolph Carnap ‏، الذي أصبح فيما بعد مستشاره غير الرسمي عندما كتب أبنر أطروحته للدكتوراه في جامعة ييل حول المنطق الحثي inductive logic. ويبدو أن كارناب كان في حيرة من حقيقة أنه رغم اهتمام أبنر بالمنطق الرياضي والفيزياء النظرية فقد كان يعتبر نفسه ميتارفيزيقيا،. إلا أن هذا كان مجالا مناسبا لاهتمامه، نظرا لأنه كان يود أن يصنع مجده من خلال الفيزياء والفلسفة معا ، ما إن يفحص بدقة الأوجه الميتافيزيقية لمفهوم التعالق، والتي ستغدو الفكرة المهيمنة عليه وسعيه الدائب في عمله في غضون ‏سنوات قليلة.

‏وفي برنستون، التقي أبنر مع فيلسوف آخر له صلات وثيقة بحلقة فيينا: الرجل الأسطوري كيرت جوديل Kurt Godel. وكان أبنر معجبا بالعقل المتميز الذي أنتج فرضيات عدم الاكمال الشهيرة وأثبت الحقائق الصعبة حول افتراض التواصل (الديمومة). وبعد ذلك بفترة وجيزة قرر أبنر بأنه ليس حقيقة بالشخص المهتم بأسس الرياضيات فاتجه إلي الفيزياء والفلسفة وانهمك بشدة في الأصول الفلسفية للفيزياء، ولذلك قام بدراسة الفيزياء ونال شهادة الدكتوراه في عام ١٩٦٢ ‏. وجاءت أطروحته في فرع الميكانيكا الإحصائي، وجذبت نظرية الكم انتباه شيموني، وتأثرت أفكاره بآراء يوجين ‏فيجنر وجون أرشيبالد هويلر.

‏وكان شيموني علي الدوام يبذل جهدا كبيرا ليوحد بدقة بين اهتماماته الفلسفية والفيزيائية. وجاءت نظرته للفيزياء من خلال وجهة نظر أصولية ورياضية وفلسفية، وهو ما أتاح له امتلاك منظور شامل للنظام المعرفي وموقعه خلال مساعي الإنسان. وفي عام 1960‏، قبل حصوله علي رسالته الثانية في الدكتوراه، التحق بكلية الفلسفة في mit‏(معهد ماساشوستس للتكنولوجيا) ليدرس مقررات من فلسفة ميكانيكا الكم. وبدأ يصنع له اسما في هذا المجال، وبعد أن نال شهادته الثانية للدكتوراه من برنستون، التحق بكلية في جامعة بوسطن لتدريس الفيزياء والفلسفة.

‏ومن وجهة نظر أبنر، لم يكن يتوقع هذه البداية لانطلاق حياة مهنية في مدرسة لها اعتبارها مثل MIT، ليعمل بها في وظيفة ثابتة، ثم ينتقل إلي مدرسة غير مرموقة في وضعية أدني إلي حد ما (رغم هذا ، نال بها وظيفة ثابتة بسرعة كبيرة). لكن أبنر فعل ذلك لأنه كان يريد أن يتبع قلبه. فقد كان في  MIT ‏وما يزال بها قسم ممتاز للفيزياء، وهذا المعهد، بالفعل، يتباهى بأنه يعمل به عدد من الحاصلين علي جائزة نوبل في الفيزياء، لكن أبنر كان يعمل بقسم الفلسفة، واشتاق للتدريس وجراء البحوث في كل من الفيزياء والفلسفة؛ ولذلك استقال من وظيفته الثابتة في MIT ‏لينتقل إلي منصب مشترك بين قسمي الفيزياء والفلسفة بجامعة بوسطن. وأتاح له عمله الجديد متابعة اهتماماته. ويدين فهمنا إلي حد كبير لظاهرة التعالق المعقدة - من وجهتي النظر الفيزيائية والفلسفية معا- لهذا الانتقال الذي قام به شيموني إلي جامعة بوسطن.

‏وفي 1963‏، كتب أبنر ورقة مهمة عن عملية القياس في ميكانيكا الكم، وبعدها بعام، كتب جون بل ورقته التي كانت تتحدي فهمنا للعالم.

‏كانت المرة الأولي التي يلتقي فيها أبنر شموني بمفهوم التعالق في عام 1957‏، ففي تلك السنة، أعطاه مشرفه الجديد في برنستون آرثر وايتمان Arthur Wightman ‏، نسخة من ورقة EPR  وطلب منه علي سبيل التدريب ما إذا كان يستطيع أن يكتشف وجود خطأ في تناول الورقة، وقام شيموني بدراسة ورقة EPR، ولم يجد بها أي خطأ . وبمجرد أن ذاعت شهرة فرضية جون بل عقب ذلك بعدة سنوات بين الفيزيائيين، تعين علي وايتمان أن يوافق علي أن: أينشتين لم يخطئ. فما فعله أينشتين كان للتدليل على عدم اكتمال ميكانيكا الكم من خلال تضافر ثلاث مقدمات منطقية: صحة تنبؤات إحصائية معينة لميكانيكا الكم، والمعيار الكافي علي وجود عنصر من الواقع، وافتراض الموضع. وأوضح لنا أينشتين وزميلاه أننا إذا تمسكنا باعتقادنا بأنه أيا كان ما يحدث في موضع معين فإنه لا يمكن أن يؤثر في اللحظة نفسها فيما يحدث في موضع بعيد عنه، لذلك فإن بعض الظواهر التي تتنبأ بها ميكانيكا الكم، لابد أن تتناقض مع هذه الافتراضات. علي أن فرضية جون بل، التي تجاهلها الفيزيائيون في البداية، ‏هي التي جلبت هذا التناقض إلي السطح علي نحو أمكن من خلاله - علي الأقل من حيث المبدأ - اختباره فيزيائيا . وتمثل ما أوضحه جون بل في أنه حتي إذا كانت جميع المقدمات المنطقية لورقة EPR  ‏صحيحة، بما يعني أنه ينبغي استكمال ميكانيكا الكم بالمتغيرات الخافية، فإنه لا توجد نظرية تستخدم متغيرات خافية للموضع (وهذا ، بالطبع، ما كانت ترغب فيه ورقة EPR) ستتفق مع جميع التنبؤات الإحصائية لميكانيكا الكم، وهذا التعارض يجعل بالإمكان إبراء تجربة حاسمة، علي الأقل من حيث المبدأ . وكان جوهر هذه الفكرة قد تبلور فعليا في ذهن أبنر شيموني.

‏ذات يوم، في عام ١٩٩٨ ‏، وجد أبنر شيموني علي عتبة بابه أول طالب سيدرس الدكتوراه تحت إشرافه بوصفه أستاذا بقسم الفيزياء بجامعة بوسطن، وكان هذا الطالب هو مايكل هورن، الذي وفد إلي بوسطن بعد حصوله علي بكالوريوس في الفيزياء من جامعة المسيسيبي، وكان متحمسا للعمل مع شيموني.

‏ولد مايكل هورن في جلفبورت  Gulfportبولاية المسيسيبي عام ١٩٤٣ ‏وأثناء دراسته بالمدرسة الثانوية، أطلق الاتحاد السوفيتي أول سفينة إلي الفضاء، وهي سبوتنيك، وهذه الواقعة التي كان لها تأثير هائل في تطور العلوم في أمريكا ، شأنها شأن كثير جدا من أوجه حياتنا، كانت ذات تأثير حاسم أيضا في اختيار مايكل هورن لمسار حياته المهنية.

 ‏ومع الاندفاع المحموم كرد فعل لإحراز الروس هذا السبق في الفضاء، دعت الولايات المتحدة إلي عقد مجلس للعلماء أسمته لجنة دراسة علوم الفيزياء: Physical Sciences Study Committee  التي اجتمعت في MIT لإيجاد وسائل لزيادة قدرات أمريكا التنافسية مع الاتحاد السوفيتي في مجال العلوم، وخاصة الفيزياء. واستهدفت البرامج تحقيق الولايات المتحدة التفوق في مناهج تعليم العلوم المضبوطة، وفي جزء من توصياتها ، انتدبت اللجنة علماء الفيزياء لتأليف الكتب العلمية التي تساعد علي تهيئة الطلاب في الولايات المتحدة لدراسة الفيزياء والعلوم الأخرى، وقد وجد مايك هورن Mike Horne ‏أحد الكتب المعدة بإشراف اللجنة في مكتبة بيع بالمسيسيبي وأتي علي قراءته باهتمام بالغ.

‏وكان مؤلف الكتاب أي.ب. كوهين LB.Cohen مؤرخا للعلوم في هارفارد تحت عنوان: The New Physics. وتناول الكتاب نيوتن وفيزيائه "الجديدة" في القرن الثامن عشر. وفي رأي مايك أنه كتاب جميل، وبلغ اقتناعه به حدا أفضي إلي طلبه سلسلة الكتب كلها بسعر 95‏سنتا للكتاب الواحد. واتضح بجلاء مدي نجاح النخبة علي الأقل مع مايكل هورن: اعتمادا علي ما اكتشفه في هذه الكتب، فقد قرر خلال عامه قبل الأخير بالمدرسة الثانوية أن يصبح فيزيائيا، وحينما التحق بالجامعة في المسيسيبي، تخصص في الفيزياء.

‏وكان مايك علي دراية بمراكز الفيزياء الكبرى بالولايات المتحدة، وكان حلمه أن يستكمل دراسات ما بعد التخرج في واحد منها . وبينما كان ما يزال طالبا بجامعة المسيسيبي، تمكن مايك هورن من قراءة الكتاب الشهير الذي وضعه ماخ Mach ‏عن الميكانيكا . وكانت مقدمة الترجمة الإنجليزية في طبعة دوفر قد كتبها أستاذ للفيزياء بجامعة بوسطن هوروبرت كوهين. وحاز الكتاب إعجاب مايك وكذلك مقدمة ا‏لكتاب، وتمني لو التقي ذات يوم بروبرت كوهين، لذلك ما أن تقدم بطلب التحاق بجامعة بوسطن، سأل في رسالته عما إذا كان البروفيسور كوهين مستعرا بالعمل بها . وبعد عدة سنوات، بعد أن صنع مايك هورن اسمه كرائد في أسس الفيزياء، أفضي إليه روبرت كوهين بأن حقيقة أنه قد سأل عنه، جعلت الأمر مختلفا في الواقع. وكان واضحا أن كوهين قد أستراح لهذا الإطراء، حتي إنه حث باقي أعضاء قسم الفيزياء بجامعة بوسطن علي قبول هورن في برنامج عام 1965.

‏جذبت أسس الفيزياء اهتمام مايكل هورن بمجرد أن غدا مهتما بالعلوم نفسا . لذلك فور قبوله دارسا في جامعة بوسطن، قام بتنفيذ أعمال الدراسة الخاصة بالعامين الأولين، وبدأ في التو يعمل مع البروفيسور تشارلز ويليس في مجال خاص بأسس الفيزياء الإحصائية. وكان ويليس مهتما بمسألة استنتاج قواعد لميكانيكا الإحصائية من الميكانيكا، وكذلك بالمسائل المماثلة. وبعد إجراء بحوث مع ويليس لبعض الوقت، توجه هورن ببعض الأسئلة أدت بويليس للاعتقاد بأن طالبه سيستفيد من الحديث مع فيلسوف الفيزياء بجامعة بوسطن أبنر شيموني، ولذلك أرسله ليلتقي به.

‏وقد أعطي شيموني الورقتين اللتين كتبهما جون بل إلي هورن، وكانتا قد وصلتا إليه مؤخرا من أحد أصدقائه. وأدرك أبنر أن الورقتين علي جانب عظيم من الأهمية، ومن المحتمل أن يهملهما أغلب العاملين بالفيزياء. ولثقته بأن أمامه طالبا له عقلية مرتبة وذا اهتمام كبير بأسس نظرية الكم، فقد سلمه أبنر الورقتين قائلا: "اقرأ هاتين الورقتين وانظر ما إذا كنا نستطيع التوسع فيهما واقتراح إجراء تجربة حقيقية لاختبار ما يطرحه جون بل هنا". وعاد هورن إلي منزله وبدأ يتأمل أفكارهما الغامضة وإن كانت عميقة، والتي غابت عن انتباه الكثير من الفيزيائيين. فما كان ما يطرحه جون بل في ورقته هو أمر بالغ الأهمية. كان جون بل يعتقد أن التزام أينشتين بالموضع من المحتمل أن تدحضه التجربة (رغم ما كان يبدو من أنه يتمني أن تنتصر وجهة نظر أينشتين). هل كان من الممكن تصميم تجربة فعلية يمكن من خلالها اختبار ما إذا كانت فكرة واقعية الموضع لأينشتين صحيحة، أو الأرجح أن تكون ميكانيكا الكم - بمضامينها عن اللا موضع - هي الصحيحة بدلا منها؟ وقد تكون تجربة علي هذا النحو علي جانب ‏هائل من القيمة للفيزياء.

‏ولد جون إف كلاوزر John F. Glauser عام ١٩٤٢ ‏في كاليفورنيا، حيث كان أبوه وعمه وكذلك عدد آخر من أفراد أسرته قد التحقوا بمعهد كالتك (معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا) وحصلوا علي شهادات منه. وحاز أبوه فرنسيس كلاوزر، درجة الدكتوراه في الفيزياء من كالتك، وكثيرا ما دارت بالمنزل مناقشات عميقة حول الفيزياء. وقد جرت هذه النقاشات منذ كان جون بالمدرسة الثانوية، لذلك فقد أضحي منغمسا في تراث من النقاش حول معني ميكانيكا الكم وأسرارها . وقد شدد عليه والده ألا يتقبل بسهولة ما يقوله الناس له، لكن يتعين عليه أن يتفحص البيانات التجريبية، وكان هذا هو المبدأ ‏المرشد للحياة المهنية لجون كلاوزر.

‏‏التحق جون بمعهد كالتك، وهناك، أثناء دراسته للفيزياء، كان يطرح الأسئلة وكان كلاوزر متحمسا لدروس عالم الفيزياء الأمريكي الشهير ريتشارد فينمان، الذي كان يعمل بقسم الفيزياء التابع للمعهد، ودائما كانت تدور من حوله الروايات والأساطير داخل أسوار المعهد. وكان أول لقاء جاد لجون بميكانيكا الكم حين شهد محاضرات ‏ ‏فينمان، التي تم تجميعها بعد ذلك في سلسلة كتب شهيرة صدرت تحت عنوان " "Feynman's Lectures on physics. وقد اختص الجزء الثالث منها بنظرية الكم، ‏وفي بداية هذا الكتاب أورد فينمان دعواه، وفحواها أن نتيجة تجربة يانج للشق المزدوج تنطوي علي اللغز الجوهري والوحيد لميكانيكا الكم.

‏وسرعان ما أدرك كلاوزر إلي أين تتجه العناصر الرئيسية في أسس ميكانيكا الكم، وبعد عدة سنوات، حينما قرر أن يختبر متباينة جون بل وتناقض EPR‏، ، ذكر هذه الرغبة لأستاذه السابق، وطبقا لما ذكره كلاوزر: "طردني فينمان إلي خارج مكتبه".

‏وبعد استكمال دراسته في كالتك، أجري جون كلاوزر مشروع التخرج في الفيزياء التجريبية بجامعة كولومبيا . وكان هناك في نهاية ستينيات القرن العشرين، يعمل تحت إشراف باتريك تاديوس Patrick taddeus ‏في الكشف عن الإشعاع علي خلفية الميكروويف، التي استخدمها فيما بعد علماء الكوزمولوجي لدعم نظرية الانفجار العظيم. لكن برغم أهمية المسألة، انجذب كلاوزر إلي مجال مختلف في الفيزياء: أسس نظرية الكم.

‏وفي عام ١٩٦٧ ‏كان كلاوزر يطالع بعض مجلات الفيزياء العويصة في معهد جودارد Goddard lnstitute ‏لدراسات الفضاء، ولاحظ مقالا أثار شغفه. كان كاتبه هو جون بل. وقرأ كلاوزر المقال، وفي الحال أدرك شيئا لم يلاحظه علماء الفيزياء الآخرون: كان مقال جون بل ينطوي علي إمكانيات لمضامين هائلة تتعلق بأسس ميكانيكا الكم. فقد أعاد جون بل للحياة تناقض EPR‏ ‏القديم وكشف عن عناصره الأساسية. أكثر من هذا ، عرض جون بل - ملتزما بالموضوعية في فرضيته - وسيلة للاختبار التجريبي للجوهر العميق لميكانيكا الكم، ولم تكن فرضية جون بل مفاجئة تماما لكلاوزر نظرا لأنه كان مطلعا علي أبحاث دافيد بوهم وتوسيعها لفكرة الورقة EPR‏ ‏في بحثه الذي نشره عام 1957، وكذلك علي أبحاث دي برولي. ولأنه تربي علي الشك، حاول كاه وزر البحث عن أي خلل في حجج جون بل. وأنفق زمنا طويلا يسعي لإيجاد مثال مضاد، محاولا تفنيد فرضية جون بل المميزة. لكن بعد أسابيع أمضاها في البحث والتمحيص بات كلاوزر مقتنعا بأن الفرضية لا تشوبها شائبة، وأن جون بل علي صواب. وحان الوقت في ذلك الحين للاستفادة من الفرضية، واختبار الأسس الدقيقة لعالم الكوانتم.

‏كانت ورقة جون بل واضحة لكلاوزر بكل جوانبها فيما عدا النواحي التجرينية لتنبؤات الفرضية، التي دفعت كلاوزر، المتسم بالحذر، إلي اتخاذ قراره بأن يجتهد في دراسة الأدبيات الفيزيائية باحثا عن التجارب التي ربما أغفلها جون بل، والتي قد تلقي الضوء علي القضية التي تناولتها الفرضية. الشيء الوحيد الذي استطاع كلوزر أن يجده، مع هذا، كان تجربة ووWu وشاكنوف عن الانبعاث البوزيتروني (انطلاق اثنين من الفوتونات عالية الطاقة كنتيجة لتدمير الإلكترون والبوزيترون أحدهما للآخر) التي أجريت عام ١٩٤٩، والتي لم تتناول بشكل كامل مسالة الارتباط. ولم توفر ورقة جون بل من خلال سطورها جميعا وسيلة واضحة للتجريبيين عن كيفية إجراء تجربة. ونظرا لأن جون بل كان علي نحو واضح عالما نظرياً، افترض - كما يفعل النظريون غالبا - تجهيزات تجريبية مثالية: أي جهازا مثاليا لا وجود له بالمعمل، وكذلك تحضيرا مثاليا للجسيمات الدقيقة ذات الصلة. كان الوقت قد حان ليتقدم شخص آخر ضليع في الفيزياء النظرية والتجريبية علي حد سواء ويبدأ من حيث انتهي جون بل، ويقوم بتصميم تجربة واقعية.

‏ذهب كلاوزر إلي كولومبيا ليتحدث مع مدام وو ويسألها عن التجارب التي أجرتها علي البوزيترون. وكما أوضح بوهم وأهارونوف في عام 1957‏، فإن زوج الفوتونات الناتجين بهذه الطريقة يتعالقان. وسأل مدام وو عما إذا كانت تمد !جرت قياسات لمعاملات الارتباط بين الفوتونات في تجاوبها . فقالت إنها لم تفعل ذلك. وكان كلاوزر يعتقد بأنها لو كانت قد أجرت هذه القياسات لأمكنه الحصول منها علي النتائج التجريبية التي يحتاج إليها ليختبر متباينة جون بل. (لم تستطع وو إجراء مثل هذه القياسات ‏لأن الفوتونات عالية الطاقة الناجمة عن الإبادة البوزيترونية لا تقدم معلومات كافية عن معامل ارتباط الاستقطاب لكل زوج علي حدة من أجل اختبار متباينة جون بل، كما كان كل من هورن، وشيعوني، وكلاوزر علي وشك اكتشاف ذلك كل منهم مستقلا عن الآخر) وطلبت وو من جون كلاوزر الذهاب إلي طالبها المتخرج لن كاسدايLen kasday ليتناقش معه، والذي كان يعيد إجراء تجاربها علي البوزيترون التي أجرتها منذ عقود . وفي النهاية فإن تجربة كاسداي- وو الجديدة (التي أجريت بالاشتراك مع أولمان j.ullman )

‏أمكنها قياس معاملات الارتباط هذه واستخدمت بعدها في اختبار متباينة جون بل. وأدت النتائج، التي نشرت في عام 1957، إلي إضافة أدلة جديدة لصالح ميكانيكا الكم. رغم أنه لقياس معاملات الارتباط، تعين على كاسداي ووو إدخال فروض قوية إضافية لم يتمكنا من اختبارها، مما أضعف من نتائجهما . لكن ذلك تحقق بعد سنوات في المستقبل. أما في ذلك الحين، فقد أدرك كلاوزر أن نتائج وو وشاكنوف عديمة الجدوى في اختبار متباينة جون بل، وكان عليه أن يسعي لتطوير إجراء جديد.

‏لم يكن أمام كلاوزر سوي أن يواصل العمل بمفرده، متجاهلا تقريبا ما كان مفروضا عليه أن يقوم به في مجال أطروحته العلمية حول الإشعاع علي خلفية الميكروويف. إلا أن رد فعل زملائه الفيزيائيين لم يكن مشجعا، فقد كان يبدو عدم الاقتناع علي من تحدث معهم بأن متباينات بون بل تستحق الإثبات تجريبيا . وانقسم الفيزيائيون بين من يعتقد أن مثل هذه التجارب لا يمكن أن تسفر عن نتائج، ومن يعتقد أن بوهر قد انتصر فعليا في جداله مع أينشتين منذ 30 عاما مضت، وأن أي محاولات جديدة للتوفيق بين اعتراضات أينشتين وردود بوهر ليست إلا تبديدا للوقت. كان كلاوزر قد عقد العزم. وبإعادة تمحيص نتاج تجربة وو- شاكنوف القديمة، استنتج كلاوزر أنه يلزم شيء .آخر خارج نتائج تجربتهما من أجل اختبار ميكانيكا الكم في مقابل نظريات المتغيرات الخافية بالطريقة التي تقترحها نظرية جون بل. وثابر في عمله علي حل المسألة، وفي عام ١٩٦٩ ‏توصل أخيرا إلي اختراق، وكنتيجة له أرسل ملخصا ورقة ليتم عرضها في مؤتمر للفيزياء، تقترح كيفيا إجراء تجربة تختبر متباينة جون بل. ونشر الملخص الذي قدمه كلاوزر في نشرة اجتماع واشنطن للجمعية الفيزيائية الأمريكية في ربيع ١٩٦٩.

‏وعودة إلي بوسطن، فقد أمضي أبنر شيموني ومايك هورن وقتا طويلا في أواخر عام ١٩٦٨ ‏وأوائل ١٩٦٩ ‏، يعملان بدأب في تصميم ما اعتقدا أنها واحدة من أهم التجارب التي يمكن أن يتوصل إليها الفيزيائيون. واتخذا مسارا يماثل إلي حد كبير ما سار فيه كلاوزر في نيويورك. ويقول مايك هورن مستعيدا الأحداث: "أول خطوة قمت بها بعد أن حصلت علي تفويض من أبنر كان أن تفحصت نتائج تجربة وو وشاكنوف" . وأدرك مايك أن تجربة وو وشاكنوف من التدمير البوزيتروني، لابد أن لها صلة ما بالموضوع الذي تناولته فرضية جون بل؟ لأن زوج الفوتونات المنبعث عن الإلكترون والبوزيترون - أثنا ء التدمير المتبادل بينهما - يتعين عليهما أن يتعالقا ، إذن فقد كانت المسألة أن لدي زوج الفوتونات طاقة عالية جدا . ونتيجة لاستقطابهما غدا قياسهما أكثر صعوبة مقارنة بفوتونات الضوء المرئي. ولعرض معادلات ارتباط الاستقطاب، قامت وو وشاكنوف بتفريق أزوا ج الفوتونات بعيدا عن الإلكترونات (´´تفريق كومبتون Compton Scattering). وطبقا لمعادلات ميكانيكا الكم، فإن معاملات الارتباط بين اتجاهات الاستقطاب للفوتونات تكون ضعيفة التحول من خلال تأثير كومبتون إلي معاملات ارتباط الاتجاهات في فضاء الجسيمات الدقيقة المتفرقة: بمعني: أعلي - أسفل، لليمين - لليسار، أو إلي أي موضع فيما بينهما . وانتاب الشك مايك، كما انتاب كلاوزر من قبل، من أن هذا التحول بالغ الضعف ويتعذر تماما الإفادة منه في تجربة لإثبات فرضية جون بل، وللبرهنة علي ذلك مرة ولي الأبد، قام مايك بتصميم نموذج رياضي محدد للمتغيرات الخافية يتفق تماما مع متطلبات الموضع والواقع في ورقة EPR ‏إلا أنه أسفر عن التوصل إلي النتائج نفسها تماما المماثلة للتنبؤات الكمية لتفريق كومبتون المشترك.

‏وهكذا ، فإن النتائج التجريبية لتجربة وو - شاكنوف أو أي تحسينات مستقبلية علي تجربتهما باستخدام تشتت (تفريق) كومبتون - لا يمكن استخدامها للتمييز بين البديلين: متغيرات الموضع الخافية (حسب اقتراح أينشتين) في مقابل ميكانيكا الكم. إذن لابد أن شيئا ما جديدا تماما يتعين تصميمه.

‏وعرض مايك علي أبنر نموذجه المحدد لمتغيرات الموضع الخافية، وقرر الاثنان أن فوتونات الضوء المرئي هي اللازمة لإجراء التجربة. ويلزم وجود صفائح لعملية الاستقطاب ومناشير من الكالسيت، وبعض الأجهزة البصرية الأخرى، وذلك لتحليل اتجاه الاستقطاب لفوتونات الضوء المرئي. والجهاز التالي يوضح ذلك.

وتوجه أبنر إلي عدد من التجريبيين طالبا النصيحة في مثل هذه التجارب، وعلم أخيرا من جوزيف شنايدر Joseph Snider ، وهو زميل دراسة قديم في برنستون، وعمل بعدها في هارفارد - أن تجربة لقياس معامل الارتباط الضوئي من النوع المطلوب قد أجريت بالفعل في بيركلي علي يد كارل كوشير ويوجين كومنز Eugene Commins. وسرعان ما اكتشف أبنر ومايك أن تجربة كوشير وكومنز تستخدم زاويتي استقطاب فقط هما الصفر والزاوية 90- لذلك لا يمكن استخدام نتائجهما لاختبار متباينة جون بل، لأن الزوايا المحصورة بين هاتين الزاويتين هي المطلوبة لتحدد نتيجة الاختبار. ومن الناحية التقنية، من أجل إجراء الاختبار بالغ الحساسية اللازم للفصل بين البديلين في فرضية جون بل (نظرية الكم في مقابل المتغيرات الخافية)، لابد من إجراء التجربة باستخدام مجال واسع من هذه الزوايا كالمبين بالشكال التالي:

وكما نري من الشكل أعلاه، فإن الفرق بين نظرية الكم ونظريات المتغيرات الخافية فرق محدود جدا . ولا يستطيع أي باحث أن يكتشف أيا منهما هو الصحيح إلا من خلال التمحيص بالغ الدقة لما يحدث مع أزواج الفوتونات كلما تغيرت مقادير الزوايا بينهما . وعمل مايك وأبنر في تصميم التجربة الفعلية بكل مستلزماتها حتي يمكن لنتائجها أن تحدد البديل الصحيح بين البديلين: أينشتين أم ميكانيكا الكم.

‏وأمكنهما بسرعة إدخال تعديلات علي تجربة كوشير - كومنز تتيح للفيزيائي اختبار متباينة جون بل في ظل شروط مثالية. وكل ما كان علي التجريبي أن يفعله هو قياس اتجاه استقطاب كل فوتون لزوج متعالق علي المحاور المناسبة، وهو ما يختلف عن تجربة كوشير وكومنز. وهنا برزت مشكلة تتمثل في حقيقة أن عددا محدودا من أزواج الفوتونات، هي التي تستجيب للشرط المثالي للانبعاث عند الزاوية التي قياسها 180 ‏درجة. لذلك وفي المرحلة التالية، خفف هورن وشيموني من هذا الافتراض غير الواقعي والصارم، وسمحا بتجميع أزواج الفوتونات بزوايا يختلف قياسها عن 180. وبهذا الإجراء، مع هذا ، فمازالت الحاجة ماسة إلي حسابات بالغة التعقيد لتحليل النتائج التجريبية. وبمساعدة ريتشارد هولت Richard Holt ، وهو أحد طلاب فرانك ببكين Frank Pipkin في جامعة هارفارد، والذي كان مهتما بالتجربة، تمكن مايك هورن من حساب التنبؤات الكمية - الميكانيكية لمعاملات ارتباط الاستقطاب في هذه ‏الحالة الواقعية، والمثير في الأمر، أن هذه الحسابات اتفقت مع الحسابات التي أجريت بعد عامين من ذلك علي يد أبنر شيموني مستخدما القواعد الكمية - الميكانيكية لإضافة كمية الحركة الزاوية.

‏وذكر لي شيموني: "كانت هذه بوضوح أفضل أوراقي في الفيزياء" وهو يصف لي هذه الورقة التي كتبها مع مايك حول تصميم تجربة لاختبار متباينات جون بل - خلال نتائج معملية فعلية من أجل اكتشاف ما إذا كانت الطبيعة تتصرف علي نحو يتفق مع وجود متغيرات خافية للموضع أو طبقا لقواعد ميكانيكا الكم. والمفترض في التجربة التي قدماها أن تستخدم فرضية جون بل السحرية لتحديد أي احتمال من الاثنين هو الحقيقي: إصرار أينشتين علي أن ميكانيكا الكم نظرية غير كاملة، أو كفاح بوهر لإثبات أنها نظرية كاملة. ولتقرير صحة نظرية الكم كان علي التجربة أيضا أن تكشف ما إذا كان ثمة احتمال لـ "فعل للأشباح عن بعد" الأمر الذي كان يخشاه أينشتين، بمعني، تعالق اللا موضع. وبدون معرفة مسبقة منهما ، كانت أفكارهما أنئذ قد تعالقت فعليا مع أفكار فيزيائي أخر، هو جون كلاوزر، الذي كان منهمكا في بحث المسألة نفسها لكنه فقط يبعد عنهما مائتي ميل.

‏وأثناء إجراء تجهيزاتهما، تحدث هورن وشيموني مع كثير من الخبراء، وقال شيموني "اكنا مصدر إزعاج". سألا التجريبيين عن التقنيات المختلفة التي تتيح لهما اختبار النظرية، وتعين عليهما البحث عن جهاز يمكنه بث أزواج فوتونات منخفضة الطاقة وتستطيع أن تتعالق مع بعضها البعض، ويحدد وسيلة لقياس استقطابها ، ويقيس التنبؤات الكمية الميكانيكية لمعاملات ارتباط هذه الاستقطابات، ويوضح أن معاملات الارتباط المقاسة قد انتهكت متباينة جون بل. وبعد شهور طويلة من العمل، توصلا في نهاية المطاف إلي تصميم، وغدت الورقة كاملة تقريبا . وراودهما الأمل في‏ ‏‏تقديمها أثناء اجتماع الربيع للجمعية الأمريكية للفيزياء في واشنطن العاصمة، أنهما تأخرا عن الموعد النهائي لتقديم الورقة. ويقول شيموني: "كنت أفكر، وما أهمية ذلك؟" وأضاف: "من غيرنا ، سيعمل في مثل هذه الموضوعات الغامضة؟ وهكذا أخذنا وجهتنا إلي المؤتمر، وأعددنا ترتيبات لإرسال الورقة مباشرة إلي إحدى المجلات. ثم حصلت علي محاضر جلسات المؤتمر، وتوقفت أمام الأخبار السيئة. لقد توصل شخص أخر إلي الفكرة نفسها تماما". وكان هذا الشخص هو جون كلاوزر.

 ‏اتصل أبنر هاتفيا بمايك صباح يوم سبت، وقال ´´لقد سبقنا شخص أخر". والتقي الاثنان يوم الاثنين التالي بقسم الفيزياء في جامعة بوسطن، وطلبا النصيحة من فيزيائيين أخرين: "ماذا نفعل؟ ثمة شخص أخر سبقنا إلي ما فعلناه ...". جاءت معظم الإجابات: "تظاهرا بأنكما لم تعلما شيئا عن هذا ، وما عليكما إلا إرسال الورقة إلي إحدى المجلات". إلا أن ذلك بدا لهما غير مناسب. وفي النهاية قرر أبنر أن يتصل هاتفيا بمشرفه السابق علي رسالة الدكتوراه في برنستون والحائز علي جائزة نوبل يوجين فيجنر الذي اقترح عليه: "عليك الاتصال بالرجل، وتحدث معه في الموضوع". وهو ما فعله أبنر. اتصل هاتفيا بجون كلاوزر في نيويورك.

‏لولا الأمانة والاستقامة، لكان لهذه المكالمة التليفونية عواقب غير سارة. إذ يميل العلماء لأن يكونوا حيوانات تتشبث بما تملك، تتأكلهم الغيرة علي ما ينافسون عليه. ونظرا لأن كلاوزر كان قد نشر فعلا ملخص ورقة تشابه إلي حد بعيد تلك الورقة التي انهمك فيها هورن وشيموني بجد بالغ، فربما كان لن يستجيب بصورة طيبة للقادمين الجدد للمشروع نفسه.

‏علي أن كثيرا من الناس عندما يجدون أنفسهم في موقف مشابه قد يرددون: "هذا مشروع بحثي أنا، وقد فات أوان فكرتك التي حصلت عليها!" ويغلق الهاتف. لكن جون كلاوزر لم يكن من هؤلاء الناس. وكان مفاجأة عظيمة لأبنر ومايك، هذا الرد الإيجابي لكلاوزر. وقال لي مايك هورن وهو يسترجع تلك اللحظة المصيرية: "كان يهتز طربا وهو يسمع أننا نعمل بالموضوع نفسه. موضوع كان يبدو أنه ما من أحد أخر يهتم به".

‏بالفعل، كان لدي شيموني وهورن سلاح سري تحت تصرفهما ، الأمر الذي جعل كلاوزر يقبل راضيا بالتعاون معهما . كان الاثنان قد نالا من قبل موافقة فيزيائي أبدي استعداده لإجراء التجربة في معمله. وهذا الشخص هو ريتشارد هولت، الذي كان يعمل حينذاك بجامعة هارفرد . وبالإضافة إلي أمانته فقد كان سعيدا حين وجد روحين أخريين مهتمتين بالمجال نفسه المفعم بالأسرار والذي جلب لبه، وأدرك كلاوزر أنهما استطاعا البدء في التجربة، وأراد أن تكون المشاركة فيها فعالة. وللمصادفة، فقد جاء ‏تصميم كلاوزر للتجربة يحتوي علي الشروط المثالية نفسها التي وضعها أصلا هورن وشيموني - التقيد بأزواج الفوتونات التي تفصل بينها زاوية قياسها 180 درجة - وبدأوا في عملية الحذف بالتعاون مع هولت.

‏وفكر جون كلاوزر أنه لو كان بمفرده، لأصبح عليه أن يتولى البحث عن وسائل لإجراء التجربة التي يسعي إليها، أما الآن فهناك مايك هورن، وأبنر شيموني، وريتشارد هولت، علي استعداد للتقدم للأمام. ولم يضطر للتفكير ولو لدقيقة. واحدة. لقد عقد العزم علي الاشتراك معهم.

‏وشرع الأربعة: شيموني، وهورن، وكلاوزر، وهولت، في تعاون بالغ .الفائدة في تناول المسالمة، وفي .غضون فترة قصيرة كتبوا ورقة مبدعة تعرض تفصيليا كيفية إجراء تجربة محسنة لتصل إلي إجابة محددة علي تساؤل جون بل: ما هو الجواب الصحيح، واقعية الموضع لأينشتين، التي يقول إن ما يحدث هنا لا يؤثر فيما يحدث في مكان آخر، أو ميكانيكا الكم: التي تبيح حدوث تعالق لا صلة له بالموضع؟

‏  وفي عام ١٩٦٩، نشرت ورقة كلاوزر - هورن - شيموني -هولت (CHS H) ‏ في مجلة Physical Review Letters ‏، وتضمنت تعديلا نظريا مهما علي اشتقاق جون بل الرائد للمتباينة التي وضعها . وبالإضافة إلي وجود متغير خاف يحدد موضعيا (مكانياً) نتيجة أي قياس، فقد افترض جون بل شرطا ملزما استعاره من ميكانيكا الكم وهو: إذا كان قد تم قياس المقدار الملاحظ نفسه في كلا الجسيمين، لذا يتعين بالضرورة أن ‏تكون النتائج مرتبطة ارتباطا صارما . وقد احتوى اشتقاق بل في المتباينة بصورة أساسية علي هذا الشرط. إلا أن كلاوزر وهورن وشيموني وهولت تخلصوا من هذا الشرط الذي افترضه جون بل، وبالتالي أدخلوا تحسينا علي المتباينة. واحتوت باقي الورقة على توسعات في تصميم تجربة كارل كوشير ويوجين كومنز في بيركلي حيث كان ينبعث منها زوج من الفوتونات يمكن قياس معامل الارتباط بين اتجاهي استقطابهما ، والتي أجرياها في عام ١٩٧٦ ‏، دون أن يعلما شيئا عن فرضية جون بل.

‏كان كوشير وكومنز قد استخدما طريقة الشلال الذري atomic cascade method لإنتاج الفوتونات المترابطة، واتفقت معهما ورقة CHSH‏ علي أن هذه هي الطريقة الملائمة لتجربتهم. في هذه الحالة يتم إثارة ذرة لينبعث منها زوج من الفوتونات وهي تنحل إلي مستويين لأدني: ويحدث التعالق بين الفوتونين. وكان مصدر الفوتونين هو تيار من ذرات الكالسيوم ينبعث من فرن ساخن. ويتم تسليط إشعاع قوي للأشعة فوق البنفسجية علي تيار الذرات. ويتسبب هذا الإشعاع في إثارة إلكترونات ذرات الكالسيوم إلي مستوي أعلي، وما أن تهبط سرعة أخري، ينطلق منها أزواج من الفوتونات المرتبطة. ويطلق علي هذه العملية الشلال الذري لأنه من خلالها يهبط شلال إلكتروني من مستوي أعلي، مارا بمستوي متوسط، ليصل في الختام إلي مستوي نهائي، وينطلق منه فوتون عند كل مستوي يصل إليه. ونظرا لأن المستوي الابتدائي والمستوي النهائي كليهما حالتان إجمالي كمية الحركة الزاوية في كل منهما تساوي الصفر، كما أن كمية الحركة الزاوية تخضع لقانون حفظ كمية الحركة - إذن تكون كمية الحركة الزاوية لزوج الفوتونات المنبعث تساوي صفرا . وهذه حالة من حالات التماثل عالي المستوي والارتباط الاستقطابي القوي بين الفوتونين. والشكل التالي يوضح فكرة شلال ذري:

‏وتضمنت ورقة CHSH في ختامها ملحوظة تقر بأن تلك الورقة تعرض إضافة لأفكار جون كلاوزر التي تقدم بها في اجتماع الربيع إلي الجمعية الأمريكية للفيزياء لعام ١٩٦٩. وهكذا فإن الحال الذي كان ينطوي علي احتمالات تنافسية أسفر في النهاية عن تعاون عظيم الأهمية، وأوجد تعالقا بين حيوات أربعة من الفيزيائيين. وبعد عدة سنوات يستعيد جون كلاوزر ذكرياته قائلا: "أثناء عملية كتابة هذه الورقة أنشأ أبنر ومايك، وأنا ، علاقة صداقة دامت طويلا أسفرت عن التعاون الذي أعقبها لمرات عديدة".

‏وبعد حصول كلاوزر علي شهادة الدكتوراه من جامعة كولومبيا، انتقل إلي جامعة كاليفورنيا في بيركلي ليستأنف عمله بها مع الفيزيائي الشهير تشارلز تاونس Charles Townes الحائز علي جائزة نوبل لمشاركته في اكتشاف أشعة الليزر- وكان المشروع البحثي لما بعد الدكتوراه لكلاوزر في مجال علم الفلك الإشعاعي. لكن - كما حددت من قبل - كان اهتمامه محدودا بكل ما هو خارج أسس ميكانيكا الكم. والآن، بعد عمله الفذ في اختبار متباينة جون بل، ولنجاحه في ورقته المشتركة CHSH ، لم يطق صبرا بالعمل في مجال آخر. كان كلاوزر علي استعداد لإجراء التجارب الفعلية. كانت ورقة CHSH ‏هي برنامج العمل لهذه التجربة التاريخية. ولحسن حظ جون، كان جيني كومنز Gene Comins ما يزال في بيركلي. ولذلك اتصل كلاوزر بشارلز تاونس وسأله إن كان لا يجد مانعا إن أمضي هو - كلاوزر - بعض الوقت بعيدا عن علم ‏الفلك الإشعاعي في محاولة لإجراء تجربة CHSH. وكانت موافقة تاونس مفاجأة له، علاوة علي أنه اقترح علي كلاوزر أن يقضي نصف الوقت في المشروع. كان جيني كومنز سعيدا أيضا بالتعاون في مشروع يعتمد علي تجربته السابقة مع كوشر، وبالتالي قدم إلي كلوزر طالبه المتخرج ستيوارت فريدمان Stuart Freedman ليساعده في إجراء التجربة. وبعد عودته إلي بوسطن، ذهب أبنر ومايك يفتشان عنه.

‏شرع كلاوزر وفريدمان يعدان الأجهزة اللازمة للتجربة. وكان كلاوزر يدفع فريدمان للعمل بجد أكثر وسرعة أكبر. كان يعلم أنه في حال عودته إلي هارفارد، سيجد ريتشارد هولت، شريكه في ورقة CHSH يجهز تجربته الخاصة. وكان فريدمان، البالغ من العمر 25عاما ، طالب دراسات عليا لا يهتم كثيرا بأسس ميكانيكا الكم، لكنه كان يعتقد أنها بالتأكيد تجربة بالغة الإثارة. كان كلاوزر في لهفة شديدة لإنهاء التجربة: وكان يعلم أن هولت وبيبكين في هارفاد يشقان طريقهما بقوة، وهو يريد أن يكون أول من يختبر صحة نظرية الكم. كان يراهن في أعماقه ضد نظرية الكم، معتقدا أن ثمة فرصة طيبة لإثبات صحة مقولة أينشتين عن المتغيرات الخافية وأن ميكانيكا الكم ستنهار بسبب تعالق الفوتونات.

‏في وقت سابق، حين كان كلاوزر. لا يزال يعمل منفردا علي ورقته في تصميم التجربة، كتب إلي جون بل، وبوهم، ودي برولي، يسالهم عما إذا كانت لديهم معرفة بتجارب مشابهة، وعن مدي اعتقادهم بأهمية تجربة من هذا النوع. وجاءت ردود الجميع تنفي علمهم بإجراء تجارب مماثلة في الماضي وبأنهم يعتقدون أن تصميم التجربة الذي أجراه كلاوزر قد يستحق الجهد . وكان جون بل - بالأخص - متحمسا . فقد كانت المرة الأولي التي يكتب له فيها أي شخص ردا علي ورقته أو فرضيته. وكتب جون بل إلي كلوزر قائلا :

‏"في ضوء النجاح الذي أحرزته ميكانيكا الكم بوجه عام، فإنه من العسير جدا بالنسبة إلي الشك في نتيجة تجربة كهذه. ومع ذلك، لعلي أفضل إجراء هذه التجارب، التي تعتمد مباشرة علي مفاهيمها الحاسمة، واستخراج نتائجها في عمل غير مسبوق. ‏أكثر من هذا ، ثمة دائما فرصة ضئيلة لنتيجة غير متوقعة، قد تكون سببا في هز العالم".

‏وكما سنري، هناك أيضا عملية معقدة تسمي مقايضة التعالق  Entanglement Swapping ، وفيها يتبادل جسيمان متعالقان رفيقيهما . بمعني ما ، فإن هذا ما حدث لهؤلاء الأشخاص في هذه الدراما العلمية العظيمة التي جرت أحداثها عبر الولايات المتحدة في عام ١٩٦٩ ‏، فقد تعالق شيموني وهورن مع هولت، الذي كان ماضيا في طريقه لإجراء تجربة تستند علي مواصفاتهما . وعندما اطلعا علي البحث الذي يقوم به كلاوزر، استخدما حقيقة أن هولت كان علي وشك إجراء تجربتهما . ونتيجة لذلك، فقد تعالق كلاوزر معهم. وابتكر العلماء الأربعة ورقة CHSH‏ الرائعة التي تقترح تجربة مهمة، أما ريتشارد هولت فقد فك تعالقه مع الآخرين ومضي لإجراء تجربته الخاصة. وربما كان هذا هو السبب أنه حين استعاد ذكري العلاقات بينهم عقب ذلك بسنوات عديدة، ذكر كلاوزر كلا من هورن وشيموني فقط، لكن لم يذكر هولت.

‏وتواصل العمل علي إجراء التجارب التي سبق تقديمها . وبدافع حماس جون بل ودعم وتعاون أصدقائه الجدد في بوسطن، أصبحت العوامل كلها مشجعة لكلاوزر في بحوثه. هل سيتم انتهاك متباينات جون بل في البرهنة علي نظرية الكم، أو سينتصر أينشتين وزميلاه وتصبح واقعية الموضع هي الحل؟ ولاعتقاد كلاوزر في أينشتين وواقعية الموضع دخل في رهان مع ياكير أهارونوف من جامعة Technion بحيفا ، بنسبة اثنين إلي واحد ضد نظرية الكم أما شيموني فقد التزم الحياد، وانتظر ليري أي نظرية هي الصحيحة. كان هورن يعتقد أن ميكانيكا الكم سوف تنتصر. واعتمد في ذلك علي حقيقة أن نظرية الكم حققت نجاحا كبيرا في الماضي: فلم يحدث أبدا أن أخفقت في التوصل إلي تنبؤات بالغة الدقة في كثير من المواقف المختلفة.

‏وأنشأ كلاوزر وفريدمان مصدرا للفوتونات يتم من خلاله إثارة ذرات الكالسيوم إلي حالات أعلي. وفي العادة، ما أن يهبط الإلكترون في ذرة الكالسيوم ليعود إلي مستواه المعتاد، ينطلق منه فوتون وحيد . غير أن ثمة احتمالا ضئيلا أن يسفر ذلك عن ‏انطلاق فوتونين، أحدهما أخضر اللون والثاني بنفسجي. وكل من الفوتون الأخضر والبنفسجي الناتجان بهذه الطريقة يرتبطان أحدهما بالآخر. والشكل التالي يوضح تصميم التجربة التي استخدمها كلاوزر وفريدمان. ويتم من خلالها توجيه أزواج الفوتونات الناجمة عن الشلال الذري إلي المستقطبP1 والمستقطب P2 الموضوعين بزوايا مختلفة، ثم يتم الكشف عن الفوتونات التي مرت علي المستقطبين بواسطة كشافين D2, D1، وفي نهاية المطاف تصل إلي عداد التزامن(CC) Coincidence Counter ليسجل النتائج

‏كانت الإشارة الضوئية المستخدمة في التجربة ضعيفة، وكان ثمة شلالات زائفة عديدة ينتج عنها فوتونات غير مرتبطة. وفي واقع الأمر، كان من بين كل مليون زوج من الفوتونات يتم الكشف فقط عن زوج واحد في تزامن. وأخيرا، كان يطلق علي هذا الخلل ´´فتحة الكشف[detection loophole ، وكان يتعين حل هذه المشكلة. وبسبب هذا الحساب المحدود، أمضي كلاوز وفريدمان أكثر من 2000 ‏ساعة من العمل التجريبي للحصول علي نتيجة ذات مغزي. إلا أن نتائجهم الأخيرة جاءت داعما قويا لنظرية الكم، ولم تكن في صف نظريتي واقعية الموضع والمتغيرات الخافية لأينشتين. وكانت نتائج كلاوزر وفريدمان ذات دلالة بارزة إحصائيا . ووجهت ميكانيكا .الكم ضربة للمتغيرات ‏الخافية من خلال أكثر من خمسة انحرافات معيارية. بمعني، اتفقت قيمة s المقاسة (المقدار المستخدم في متباينة جون بل لم مع تنبؤات ميكانيكا الكم وكانت أكبر من الحد ٢، المسموح به في المتباينة، بمقدار خمسة أضعاف قيمة الانحراف المعياري للبيانات التجريبية.

‏وقد وفرت تجربة كلاوزر - فريدمان أول تأكيد حاسم بأن ميكانيكا الكم ليست موضعية من الناحية الأساسية. ولقيت واقعية أينشتين حتفها - إذ باتت ميكانيكا الكم لا تتضمن أي "متغيرات خافية". وأتاحت التجربة حصول فريدمان علي شهادة الدكتوراه. ونشر كلاوزر وفريدمان نتائج تجربتهما عام ١٩٧٢. والشكل التالي يوضح النتائج التي حصلا عليها .

‏ورغم أن جون كلاوزر كان لا يعمل حينذاك في علم الفلك الإشعاعي مع تشارلز تاونس الشهير، فقد نجح في البقاء ببيركلي عضوا في مجموعة الأشعة الذرية atomic - beams التي يرأسها هاوارد شوجارت، وأتاح له هذا أن يواصل عمله. وقرر كلاوزر، التجريبي المثابر دائما ، أن يعيد تمحيص نتائج منافسيه ويحاول تكرارها . وانتابته الحيرة من نتائجهما المضادة، وأراد أن يكتشف أسباب عدم الاتفاق معهما . وأجري تعديلات ثانوية فقط علي تجهيزات التجربة التي استخدمها هولت وبابكين واستخدم نظيرا أخر للزئبق هو الزئبق ٢ ،٢ ‏لإنتاج الشلال الذري. ومرة أخري جاءت نتائجه، التي سجلها في عام ١٩٧٩ ‏، في اتفاق مع نظرية الكم ومضادة لنظريات المتغيرات الخافية الموضعية.

‏وفي العام نفسه، في جامعة تكساس إيه أند ام، أجري إد. اس. فراي Eds. Fry  وراندال طومسون Randal C. Thompson ‏تجربة باستخدام الزئبق 2000، لكنهما أدخلا تحسينات كبيرة علي تصميمات التجربة. ونظرا لأن فراي وطومسون استخدما أشعة ليزر في إثارة الذرات، فقد جات الإشارة الضوئية الناتجة أكبر كثيرا في قوتها مقارنة بالإشارات التي تحققت علي يد التجريبيين الذين أجروا أبحاثا مشابهة قبلهم. واستطاع فراي وطومسون الحصول علي نتائجهما في80 ‏دقيقة فقط هي زمن التجربة. وجاءت هذه النتائج لتدعم ميكانيكا الكم وتناقض افتراضات المتغيرات الخافية.

‏وفي عام ١٩٧٨، كان أبنر شيموني بجامعة جنيف في سويسرا . وخلال تلك السنة، كتب أبنر وجون كلاوزر ورقة مشتركة حول التعالق، وقاما بتنقيح النقاط التي احتوت عليها الورقة عبر الهاتف الدولي، حيث استعرضت الورقة كل ما كان معلوما وقت ذاك بشان هذه الظاهرة المحيرة. وناقشت الورق بعمق كل النتائج التجريبية الخاصة بالتعالق التي تحققت حتي تلك السنة وخلصت من ذلك إلي أنها ظاهرة حقيقية. وفضلا عن التجارب التي أوردتها ا‏لورقة، كانت هناك نتائج عن فرضية جون بل أجري تجاربها ثلاث مجموعات أخري خلال سبعينيات القرن العشرين.

‏من هذه المجموعات، واحدة قادها فاراتشي. Faraci  G من جامعة كاتانيا Catania  بإيطاليا . وهذه المجموعة، التي نشرت نتائجها عام ١٩٧٤، استخدمت فوتونات عالية الطاقة (أشعة جاما) ناتجة عن تدمير بوزيتروني (أي عندما يدمر الكترون وبوزيترون بعضهما البعض). وكانت كل من تجربة هورن – شيموني، وتجربة كلاوزر تشترطان عدم إجراء تجربة جون بل باستخدام أزواج من الفوتونات ناجمة عن التدمير البوزيتروني، بيد أن مجموعة كاتانيا استطاعت الاستفادة من بيانات ناجمة عن هذا النوع من التجارب بإضافة فروض تكنيكية مشابهة لفرض كاسدا، وأولمان، ووو. وكانت الشكوك حول هذا الفرض هي المسئولة عن الإهمال النسبي لهذه النتائج التجريبية.

‏كما استخدمت مجموعة أخري -تألفت من كاسداي، وأولمان، ووو، بجامعة كولومبيا ، وصدرت ورقتها عام 1975 - الفوتونات الناجمة عن التدمير البوزيتروني. وفي عام ١٩٧٢، استخدم كل من "لاميهي - راشتي Lamehi - Rachti ، وميتيج Mittig من مركز صقلية للبحوث النووية Sicily Nuclear Research Center أزواجا مرتبطة من البروتونات في الحالة الأدنى. واتفقت نتائج هذه المجموعات مع نظرية الكم وعارضت بديلها نظرية المتغيرات الخافية.

‏وفي أعقاب النجاحات التي أثبتت صحة نظرية الكم، أجريت أيضا تعديلات علي معالجات نظرية أخري وهذا أمر معتاد في العلوم: ما أن تتقدم النظرية، لا تبتعد التجارب خلفها كثيرا ، وعندما تتقدم التجارب، تعقبها النظرية التي تشرحها . وحين يتقدم شخص إلي الأمام، لا يكون الآخر وراءه بمسافة بعيدة، وبمجرد أن يلحق به يغدو عاملا في تقويته ودعمه. فقد ساعد كل من جون بل، وكلاوزر وهورن في بث القوة للمجالات النظرية في اختبار صحة واقعية الموضع لأينشتين. وبرهنوا علي صحة متباينة قابلة للاختبار، باستخدام افتراض نظرية عشوائية (محكومة بالاحتمال) بدلا من نظرية المتغيرات الخافية الحتمية. وهذه التطورات المتقدمة المتوازية في الفيزياء الأساسية ظلت تتمحور حول فرضية جون بل المتميزة، وجرتها إلي دائرة المناقشة، فقد لبث كل من كلاوزر، وهورن، وشيموني طوال أعوام طويلة يتبادلون الرأي في دأب مع جون بل.

‏بينما أدت كل التجارب التي أجريت في سبعينيات .القرن العشرين لإثبات مؤكد لنظرية الكم، فيما عدا نظرية واحدة فسوف تتبقي لعالم أخر، علي الجانب الآخر من كوكبنا، حيث سيقدم اختبارا أفضل لمتباينة جون بل مستخدما كلا من تكنولوجيا الليزر مع تصميم أدخل علي تحسينات كبيرة ليخلق منفذا خطيرا وبالتالي يزود، بإثبات أكثر اكتمالا بالطبيعة الغامضة غير الموضعية للكون.

‏ومن أجل التوصل حقا إلي اختبار مزاعم أينشتين في معارضة ميكانيكا الكم، يحتاج أي عالم أيضا إلي أن يضع في الاعتبار احتمالا - وأن بدا بعيدا وخياليا بأنه، ربما، حدث تبادل علي نحو ما للإشارات بين أجهزة تحليل الاستقطاب في أطراف المعمل. وهذه المسألة سيتناولها الان أسبكت.

‏على أن حلما ظل يراود أبنر تمثل في أن يستمع ذات مرة إلي محاضرة يلقيها ألان أسبكت Alain Aspect ، يتساءل فيما أسبكت عما إذا كان ثمة حساب (نظام للعد - خوارزم) - إجراء إلي لاتخاذ قرار - يخص حالة معينة لجسيمين ويقرر إمكانية تعالقهما من عدمه. ووجه أبنر هذا السؤال عبر واين ميرفولد Wayne Myrfold ، وهو خبير في حوسبة ميكانيكا الكم، وكان قد نال في التو الموافقة علي قبول أطروحته للدكتوراه من قسم الفلسفة بجامعة بوسطن. وفي غضون أسبوعين، توصل ميرفولد إلي حل المشكلة. وجاء رده علي سؤال أسبكت عن حلم شيموني بأنه من غير الممكن رياضيا أن يوجد خوارزم كهذا.




هو مجموعة نظريات فيزيائية ظهرت في القرن العشرين، الهدف منها تفسير عدة ظواهر تختص بالجسيمات والذرة ، وقد قامت هذه النظريات بدمج الخاصية الموجية بالخاصية الجسيمية، مكونة ما يعرف بازدواجية الموجة والجسيم. ونظرا لأهميّة الكم في بناء ميكانيكا الكم ، يعود سبب تسميتها ، وهو ما يعرف بأنه مصطلح فيزيائي ، استخدم لوصف الكمية الأصغر من الطاقة التي يمكن أن يتم تبادلها فيما بين الجسيمات.



جاءت تسمية كلمة ليزر LASER من الأحرف الأولى لفكرة عمل الليزر والمتمثلة في الجملة التالية: Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation وتعني تضخيم الضوء Light Amplification بواسطة الانبعاث المحفز Stimulated Emission للإشعاع الكهرومغناطيسي.Radiation وقد تنبأ بوجود الليزر العالم البرت انشتاين في 1917 حيث وضع الأساس النظري لعملية الانبعاث المحفز .stimulated emission



الفيزياء النووية هي أحد أقسام علم الفيزياء الذي يهتم بدراسة نواة الذرة التي تحوي البروتونات والنيوترونات والترابط فيما بينهما, بالإضافة إلى تفسير وتصنيف خصائص النواة.يظن الكثير أن الفيزياء النووية ظهرت مع بداية الفيزياء الحديثة ولكن في الحقيقة أنها ظهرت منذ اكتشاف الذرة و لكنها بدأت تتضح أكثر مع بداية ظهور عصر الفيزياء الحديثة. أصبحت الفيزياء النووية في هذه الأيام ضرورة من ضروريات العالم المتطور.




لأعضاء مدوّنة الكفيل السيد الصافي يؤكّد على تفعيل القصة والرواية المجسّدة للمبادئ الإسلامية والموجدة لحلول المشاكل المجتمعية
قسم الشؤون الفكرية يناقش سبل تعزيز التعاون المشترك مع المؤسّسات الأكاديمية في نيجيريا
ضمن برنامج عُرفاء المنصّة قسم التطوير يقيم ورشة في (فنّ الٕالقاء) لمنتسبي العتبة العباسية
وفد نيجيري يُشيد بمشروع المجمع العلمي لحفظ القرآن الكريم