المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علم الفيزياء
عدد المواضيع في هذا القسم 11414 موضوعاً
الفيزياء الكلاسيكية
الفيزياء الحديثة
الفيزياء والعلوم الأخرى
مواضيع عامة في الفيزياء

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
The exponential atmosphere
2024-05-17
تـطويـر هيـكـل فعـال للمـكافـآت والحـوافـز في المـصارف
2024-05-17
The ideal gas law
2024-05-17
Temperature and kinetic energy
2024-05-17
Compressibility of radiation
2024-05-17
إنـشاء نـظم الإسـناد الإداري للإستـراتيجيـة فـي المـصارف
2024-05-17

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


ثم يدخل أينشتين  
  
2386   03:55 مساءاً   التاريخ: 16-6-2016
المؤلف : أمير أكزيل
الكتاب أو المصدر : التعالق اكبر لغز في الفيزياء
الجزء والصفحة : ص 103
القسم : علم الفيزياء / الفيزياء العامة /

ثم يدخل أينشتين

‏العمليات الأولية التي تجعل تأسيس نظرية حقيقية للإشعاع تعتمد علي الكوانتم، تبدو غالبا أمرا لا مفر منه. ألبرت أينشتين

ولد ألبرت أينشتين في أولم Ulm جنوبي ألمانيا، في عام ١٨٧٩ ‏لعائلة يهودية من الطبقة الوسطي. وكان والده ‏وعمه يمتلكان شركة تعمل في مجال الكيمياء الكهربية، كانت تمني بالخسائر دائما . ونتيجة لذلك؟ انتقلت الأسرة إلي ميونيخ، ثم إلي مكانين اخرين شمالي إيطاليا، وفي النهاية عادت إلي ألمانيا ، وأتم أينشتين تعليمه في سويسرا، وكما هو معروف حصل علي وظيفة في بداية عمله كخبير فني في مكتب براءات الاختراع السويسري في برن Bern‏. وهناك، في العام 1905‏، أصدر ثلاث ورقات غيرت العالم، وتضمنت الورقات الثلاث شروحه للنظريات الثلاث التي طورها أثناء عمله وحيدا في مكتب براءات الاختراع: النظرية الخاصة للنسبية، ونظرية عن حركة البراونية Brownian Motion  بصياغة جديدة للديناميكا الحرارية الإحصائية، وثالثة نظرية عن التأثير الكهروضوئي.

‏أما حياة أينشتين وتطويره لنظريتي النسبية - فقد نالا حقهما من العروض المسهبة إلا أن أنشتين أثر تأثيراً بالغ الأهمية في نظرية الكم في بدايتها. عقب قراءته مباشرة لورقة بلانك عن الكوانتم عام 1900، شرع أينشتين يفكر مليا في طبيعة الضوء من وجهة نظر النظرية الجديدة. وطرح فرضية تقول بأن الضوء هو تيار من الجسيمات، أو الكمات.

‏ودرس أينشتين تأثير تفاعل الضوء مع المواد . وكان معلوما أن أشعة الضوء عندما تصطدم بفلز، تنبعث إلكترونات. ويمكن الكشف عن هذه الإلكترونات وقياس طاقاتها. وقد أمكن إثبات ذلك باستخدام عدد من التجارب أجراها الفيزيائي الأمريكي روبرت ميليكان ( ١٨٩٨ ‏- 1953‏) Robert Millikan ‏وكشف تحليل التأثير الكهروضوئي علي معادن مختلفة، باستخدام أشعة ضوئية ذات ترددات مختلفة عن الظواهر التالية: عند استخدام أشعة ضوئية منخفضة التردد حتي تصل إلي تردد معين يسمي تردد العتبةthreshold v0، يتألق سطح المعدن، ولا تنبعت إلكترونات ضوئية. واذا تجاوز التردد هذا الحد، تنبعت الإلكترونات الضوئية، ومع تغيير شدة الضوء لنفس التردد، يحدث تغير مماثل في عدد الإلكترونات الضوئية لكن تظل طاقتها ثابتة. وتتزايد طاقة الإلكترونات الضوئية فقط بزيادة التردد . أما تردد العتبة v0 ‏ فإنه يعتمد علي نوع الفلز المستخدم.

‏ولم تكن النظرية الكلاسيكية للضوء قد توصلت إلي تفسير الظاهرة السابقة. لماذا لا تتسبب شدة الضوء في زيادة طاقة الإلكترونات الضوئية؟ ولماذا يؤثر التردد في طاقة هذه الإلكترونات؟ ولماذا لا تنطلق إلكترونات ضوئية مع الترددات الأدنى من مستوى معين؟ وما فعله أينشتين في بحثه الذي بلغ أوجه في ورقة ‌1905 كان افتراضه أن الضوء يتكون من جسيمات - سميت فيما بعد فوتونات - وكذلك تطبيقه لفكرة الكوانتم التي طرحها بلانك علي هذه الفوتونات.

‏وفي رأي أينشتين أن الفوتونات عبارة عن حزم صغيرة منفصلة من الطاقة تنطلق في الفضاء. وتتحدد طاقاتها من خلال صيغة أينشتين الرياضية (E = hv حيث h ثابت بلانك، v تردد الضوء).

والعلاقة بين هذه الصيغة، ومعادلة  بلانك السابقة علاقة بسيطة، فإذا استعدنا ما قاله بلانك بأن مستويات الطاقة الوحيدة الممكنة لنظام انبعاث ضوئي (أي، شحنة متذبذبة) تحدد علي النحو التالي:

E = 0, hv, 2hv, 3hv, 4hv, ….

أو بصورة عامnhv ، حيث n عدد صحيح موجب.

‏ويتضح تماماً، أن أصغر مقدار من الطاقة يمكن انبعاثه من النظام هو الفرق بين أي قيمتين متجاورتين في صيغة بلانك، أي hv‏، ومن هنا جاءت صيغة أينشتين لطاقة أصغر كمية ممكنة من الضوء.

‏ونري من صيغة أينشتين أن شدة الضوء لا تؤدي إلي زيادة طاقة الفوتونات المنبعثة منه، بل تؤثر في زيادة عدد الفوتونات المنبعثة، أما طاقة كل فوتون فإنها تتحدد من خلال تردد الضوء (مضروبا في ثابت بلانك). ومن أجل فك ارتباط إلكترون من شبكة من الذرات في فلز، يلزم استخدام حد أدني من الطاقة، يرمز لها بالرمز w (وهو يقابل SالشغلR- أي الشغل اللازم لإزاحة إلكترون واحد). وعلي ذلك إذا بلغ التردد حدا أدني معينا ، فإن الطاقة التي يكتسبها الإلكترون تتجاوز العتبة w ، وينطلق الإلكترون. ويتحدد قانون أينشتين الذي يوضح التأثير الكهروضوئي من العلاقة :K = hv – w

‏حيث K ‏هي طاقة حركة الإلكترون المنطلق، وهذه الطاقة تساوي طاقة أينشتين (E = hv‏) مطروحا منها الحد الأدنى اللازم لإزاحة الإلكترون. وهذه الصيغة توضح تماما التأثير الكهروضوئى. وهذه النظرية الرائعة عن تفاعل الضوء مع المواد - وهي نظرية كمية عن تأثير معروف لكن أسيء فهمه في السابق - هي التي أتاحت لأينشتين نيل جائزة نوبل عام ١٩٢١ ‏. وقد بلغه نبأ حصوله علي الجائزة أثناء زيارة له إلي اليابان. والمثير أن أينشتين لم يحصل علي جائزة نوبل لعمله في النظرية النسبية الخاصة، أو النظرية النسبية العامة، وهاتان النظريتان بمثابة ثورة في العلم الحديث.

‏وهكذا كان أينشتين موجودا هناك حين ولدت نظرية الكم، وكان واحدا من أباء النظرية الجديدة. وكان يشعر بأنه قد فهم الطبيعة فهما تاما، كما اتضح من حقيقة أنه استطاع أن يقدم مثل هاتين النظريتين الثوريتين (الجذريتين): النظرية الخاصة في ‏النسبية في عام 1905‏والنظرية العامة في النسبية في عام ١٩١٦ ‏- اللتان تفسران ظواهر كثيرة في عالم الأجسام الكبيرة والسريعة. وعلي الرغم من أنه كان أستاذا لا يباري في فيزياء عالم الأجسام الكبيرة، وقدم إسهامات جليلة لنظرية الكم التي تبحث في الجسيمات الدقيقة - فإن فلسفة أينشتين اصطدمت مع التفسيرات المتطورة لميكانيكا الكم؟ فلم يستطع أن يتخلى عن اعتقاده بأن الله لا يلعب النرد، وهو يقصد بذلك أن الصدفة لا مكان لها في قوانين الطبيعة. وكان يعتقد أن ميكانيكا الكم علي حق في أن تضفي الاحتمالات علي النواتج الممكنة لأي تجربة، لكنه كان يري أن حاجتنا للجوء إلي الاحتمالات هي نتيجة لجهلنا لمستوي أعمق في النظرية، التي توصف بأنها الفيزياء اليقينية (الحتمية) deterministic physics (بمعني، الخالية من التركيب الاحتمالي). وذلك هو معني ما ينسب دائما إلي مقولته عن الله والنرد.

‏وكانت نظرية الكم، ومازالت، تعتمد علي الاحتمالات أكثر من اعتمادها علي التنبؤات المضبوطة. وكما يذكر مبدأ عدم التحدد لهايزنبرج: يستحيل معرفة كلا من كمية حركة الجسيم وموضعه - فبمعرفة أحدهما بدقة معينة، فإن الآخر، بالضرورة، يمكن معرفته بدرجة ليست يقينية. لكن العشوائية، والتغير، والتشوش، وعدم التحدد في النظرية الفيزيائية الجديدة تتجاوز ما يتضح جليا من مبدأ عدم التحدد. وعلينا أن نتذكر أن الجسيمات والفوتونات هي معا موجية وجسيمية وأن كلا منها لها دالة موجية. ما هي هذه الدالة (الموجية)؟ إنها شيء ما يفضي مباشرة إلي الاحتمالات، نظراً لأن مربع سعة الموجة التي تصاحب أي جسيم هي، في الواقع، توزيع احتمالي (القاعدة التي تحدد احتمالات النواتج المختلفة) لموضع جسيم. وللحصول علي التوزيع الاحتمالي لناتج قياس الكميات الأخرى موضع الملاحظة (مثل كمية الحركة)، يتعين علي الفيزيائي أن يجري عملية حسابية تستخدم كلا من الدالة الموجية والمؤثر الذي يمثل الكمية موضع الملاحظة.

‏علي أن نظرية الكم هي نظرية احتمالية في جوهرها، حتي في مستوياتها الأساسية. ولا يمكن التهرب من الاحتمالات بصرف النظر عما نفعله، فثمة حد أدني لعدم التحدد ‏فيما يخص النتائج، ولا يمكن الإقلال منه علي الإطلاق، طبقا للنظرية، أيا كان الجهد ‏الذي نبذله. وبالتالي فإن نظرية الكم تختلف تماما عن النظريات الأخرى التي تستخدم الاحتمالات. ففي علم الاقتصاد، علي سبيل المثال، لا توجد نظرية تقول علي نحو مطلق أننا لا نستطيع أن نعرف بعض المتغيرات إلي مستوي محدد من الدقة نرغب فيه. هنا ، تمثل الاحتمالات افتقارنا إلي المعرفة، وليس خاصية أساسية في الطبيعة. وكان أينشتين من كبار موجهي الانتقاد لنظرية الكم لأنه لم يكن يحب أن يعتقد أن الطبيعة تعمل علي نحو احتمالي. الله يقضي بكل شيء، وهو لا يلعب النرد . ولذلك كان أينشتين يعتقد أن ثمة شيئا ما غائبا عن نظرية الكم، ربما بعض المتغيرات، فإذا استطعنا العثور علي قيم هذه المتغيرات - لذهب إلي غير رجعة: عدم التحدد، والعشوائية و(زهر النرد). وبزيادة هذه المتغيرات، يمكن استكمال النظرية وبالتالي تغدو مثل نظرية نيوتن، التي تتحدد من خلالها تماما قيم المتغيرات والمقادير والتنبؤ بها بدقة هائلة.

‏وعلاوة علي كراهيته للعشوائية والاحتمالات في نظرية عن الطبيعة، كانت لدي أينشتين بعض الأفكار بعضها SتخمينيR، والأخرى كانت كذلك لدي أغلب الناس. وتشمل هذه الأفكار تلك المتعلقة بالواقعية والموضع. كان من رأي أينشتين أن لأي مظهر من مظاهر الواقع شيئا ما واقعيا (حقيقيا) يجب أن تتضمنه أي نظرية جيدة عن الطبيعة. فإذا حدث شيء ما في مكان ما ، وأمكننا التنبؤ بأنه سيحدث دون التسبب في اضطراب النظام، إذن فإن ما يحدث هو عنصر من عناصر الواقع. واذا وضع جسيم ‏في نقطة معينة، واستطعنا التنبؤ بأنه سيكون هناك دون التسبب في اضطرابه، إذن فإنه عنصر للواقعية. وذا دار جسيم بسرعة في اتجاه معين، وأمكننا التنبؤ أنه سيدور في هذا الاتجاه دون التسبب في اضطرابه إذن فهو عنصر من عناصر الواقع. أما ‏الموضع فهو الفكرة الحدسية بأن شيئا يحدث في مكان معين لا ينبغي أن يتأثر قط بما يمكن أن يحدث في موقع بعيد عنه، بطبيعة الحال فيما عد، بث إشارة للموقع الآخر (بسرعة أقل من أو تساوي سرعة الضوء، كما تنص علي ذلك النظرية النسبية الخاصة)، ويمكن أن تتسبب في حدوث اختلاف هناك.

‏وطوال حياة أينشتين، تمسك لأقصي حد بهذه المبادئ الثلاثة التي كان يعتقد أنه يتعين أن تكون جزءا من أي وصف جيد للطبيعة:

١ ‏- ينبغي وصف المستوي الأساسي للطبيعة من حيث المبدأ من خلال نظرية يقينية (حتمية)، حتي لو كانت الفجوات في المعرفة البشرية بشأن الشروط الأولية والحدية قد تضطر البشر إلي الاستعانة بالاحتمالات في إجراء التنبؤات حول نتائج ما هو موضع الملاحظة.

٢ ‏- ينبغي للنظرية أن تشمل كل عناصر الواقع.

٣ ‏- ينبغي للنظرية أن تكون موضعية: ما يحدث هنا يعتمد علي عناصر من الواقع موضعها هنا، وأيا كان ما يحدث هناك، فهو يعتمد علي عناصر من الواقع موضعها هناك.

‏وقد وجد أينشتين والمشاركون معه أن هذه الأفكار، التي تبدو طبيعية تماما لهم، تشير إلي أن نظرية الكم نظرية غير كاملة ، وهي النظرية التي ساعد أينشتين نفسه في ظهورها . وكما سوف نري، اتضح في النهاية أن المبادئ المذكورة أعلاه لا تتوافق مع نظرية الكم، لكن ذلك لم يتبين إلا في ستينيات القرن العشرين فحسب. كما أن الأدلة التجريبية المتزايدة التي تجمعت منذ سبعينيات القرن العشرين تقدم المزيد من دعم ‏صواب نظرية الكم.

‏في ربيع عام 1910‏، طرح رجل الصناعة البلجيكي إرنست سولفاي Ernest Solvay ‏ فكرة تنظيم مؤتمر علمي. وكان انبثاق هذه الفكرة قد سلك إلي حد ما طريقا غير مباشر وعجيبا . كان سولفاي قد طور أسلوبا لتصنيع الصودا وأسفر ذلك عن  ‏ثرائه البالغ. ومنحه هذا قدرا عاليا من الثقة في قدراته الخاصة. ونظرا لأنه كان مهتما بالعلوم، فقد ‏شرع يشتغل في الفيزياء كهاو مبتدئ. وابتدع سولفاي نظرية في الجاذبية الأرضية والمادة، كانت بعيدة عن الواقع أو العلم. لكن نظرا لثرائه الفاحش، فقد وجد من بين الناس من يستمع إليه، حتي لوكان بمقدورهم أن يعرفوا أن نظرياته تافهة. وقال له العالم الألماني والتر نيرست Walther Nerst - إنه يمكن جذب مستمعين لنظرياته إذا نظم مؤتمرا لكبار الفيزيائيين في ذلك العصر، وعرض عليهم نظرياته. وراقت له الفكرة، ومن هنا ولدت فكرة مؤتمرات سولفاي Solvay Conferences.

وعقد مؤتمر سولفاي للمرة الأولي بفندق متروبول في بروكسل في أواخر أكتوبر عام 1911. وأرسلت الدعوات إلي أشهر الفيزيائيين، ومنهم أينشتين، وبلانك، ومدام ‏كوري، ولورنتز وأخرين، ووافق جميع المدعوين وحضروا إلي ما أصبح اجتماعا تاريخيا. واستمر المؤتمر يعقد بعد ذلك لمدة عقدين. وكانت جلساته فيما تلا ذلك ساحات قتال الخلاف المحتدم حول نظرية الكم. وهنا في بروكسل، في المؤتمرات التالية، تجادل بوهر وأينشتين حول المضامين الفلسفية والفيزيائية لميكانيكا الكم.

‏وكان أينشتين معجبا ببوهر منذ إصدار بوهر لورقته الأولي عام ١٩١٣حول نظرية الكم للذرات. وفي أبريل ١٩٢٠ ‏، ذهب بوهر إلي برلين ليلقي سلسلة من المحاضرات. وكان أينشتين يشغل موقعا في تلك المدينة بالأكاديمية البروسية للعلوم. والتقي الرجلان، وأمضي بوهر بعض الوقت مع أسرة أينشتين في منزلهم. وكان قد أحضر لهم بعض الهدايا: زبدة دانمركية ممتازة وغيرها من المواد الغذائية. واستمتع أينشتين وبوهر بنقاشات خلابة حول الإشعاع والنظرية الذرية. وبعد رحيل بوهر، كتب إليه أينشتين: من النادر في حياتي أن يهبني شخص هذا القدر من السعادة لمجرد وجوده مثلما كان منك. وأنا الآن أدرس إصداراتك العظيمة - وما لم أكن مشغولا في مكان أخر- فمن دواعي سعادتي أن أري أمامي وجهك الطفولي البشوش، مبتسما وشارحاً).

          ‏وبمرور الأعوام، نضجت علاقتهما لتغدو منافسة ودية بحثا عن الحقيقة في الطبيعة. فقد كان بوهر، الشارح المتشدد لنظرية الكم، يدافع عن أوجهها غير المألوفة، في حين أن أينشتين، الواقعي، ظل دائما يدفع في اتجاه نظرية أكثر SطبيعيةR، وهذا الأمر، للأسف، لم يتحقق علي يديه أو على يدي أي شخص أخر.

‏وقد بدأ الجدال يتخذ منحي جادا بين أينشتين وبوهر حول تفسير ميكانيكا الكم خلال مؤتمر سولفاي الخامس في أكتوبر ١٩٢٧‏. وكان بالمؤتمر كل مؤسسي نظرية كم: بلانك، وأينشتين، وبوهر، ودي برولي، وهايزنبرج، وشرودنجر، وديراك. وفي الاجتماعات.. تحدث أينشتين بالكاد عن أي شيء دون أن يقدم ولو اعتراضا بسيطا للتفسير الاحتمالي... ثم التزم الصمت). لكنه في غرفة الطعام بالفندق كان مفعما بالحيوية. واستنادا إلي قصة رواها للمرة الأولي أوتو شتيرن  Otto Stren: Sتقدم اينشتين لتناول طعام الإفطار وعبر من توجساته حول نظرية الكم الجديدة. وطوال الوقت كان يبتدع بعض التجارب الجميلة (الفكرية)، التي يفهم منها عدم فاعلية ‏النظرية. ولم يستجب باولي وهايزنبرج، اللذان كانا هناك، لما كان يقول .. وجاء الرد (أه، جميل، سيكون كل شيء علي ما يرام، كل شيء سيكون علي ما يرام). أما بوهر، من الجانب الآخر، فقد اهتم بما يقول، وفي المساء، مع تناول العشاء كنا جميعا معه وأوضح بوهر الموضوع بالتفصيل).

‏وكان هايزنبرج من المشاركين المهمين في من مؤتمر عام ١٩٢٧ ‏، الذي وصف الجدال أيضا: تركزت المناقشات سريعا في شكل مبارزة ثنائية بين أينشتين وبوهر علي مسألة إلي أي مدي يمكن اعتبار النظرية الذرية في شكلها الحالي حلا نهائيا للصعوبات التي نوقشت طيلة عدة عقود، ولقد عقدنا كلنا اجتماعا أثناء تناول الإفطار بالفندق، وبدأ أينشتين يقدم وصفا لتجربة مثالية، كان يعتقد أنها تكشف عن التناقضات الداخلية لتفسير كوبنهاجن.

‏وانهمك بوهر طوال اليوم ليجد جوابا عن تساؤلات أينشتين، وفي نهاية فترة ما بعد الظهيرة رأي أن يشرح معالجته لزملائه علماء الكوانتم. وفي وقت العشاء، راح يعرض علي أينشتين إجابته عن اعتراضه الذي أثاره في الصباح. ورغم أن أينشتين لم يقدم أي اعتراض وجيه علي هذه المعالجة، فقد ظل في قرارة نفسه غير مقتنع. واستنادا إلي هايزنبرج، فإن الصديق الحميم لأينشتين وهو بول إيهرنفست، Paul Ehrenfest (1880 ‏- 1933) ‏قال له: اعتراني الخجل منك. لقد وضعت نفسك في نفس موقف خصومك أثناء محاولاتهم التافهة لدحض نظريتك عن النسبية´´.

‏واشتدت الجدالات لصالح نظرية الكم وضدها في مؤتمر سولفاي التالي، الذي جرت وقائعه في عام 1930. وكان موضوع الاجتماع هو المغناطيسية، لكن ذلك لم يمنع المشاركين من مواصلة جدالهم الساخن حول نظرية الكم خارج الجلسات المقررة، في الممرات، وعلي موائد الإفطار والعشاء في الفندق. ذات مرة، أثناء الإفطار، قال أينشتين لبوهر إنه وجد مثالا مضادا لمبدأ عدم التحدد في الطاقة والزمن. كان أينشتين قد وضع تصورا لجهاز معقد، يدل علي البراعة، عبارة عن صندوق به فتحة في أحد جدرانه، عليها باب متحرك، تتحكم فيه ساعة داخل الصندوق. يتم ملء الصندوق بالإشعاع ويقدر وزنه. يفتح الباب لجزء من الثانية، ليسمح بخروج فوتون واحد، ثم يزن الصندوق مرة أخري. ومن الفرق في الوزن، يمكن حساب طاقة الفوتون باستخدام صيغة أينشتين E = mc2‏. وكما يقول أينشتين يمكن لنا من حيث المبدأ بأي مستوي من الدقة تحديد قيمة كل من طاقة الفوتون وزمن مروره، وهو ما يدحض مبدأ عدم التحديد (الذي يقول، في هذا السياق، إنه لا يمكن معرفة كل من زمن المرور والطاقة بدرجة عالية من الدقة). والشكل التالي يوضح جهاز أينشتين:

‏وكما ذكر بيزpais ( ١٩٩١ ‏) ، فإن المشاركين بالمؤتمر وجدوا بوهر في حالة ذهول. لم يستطع أن يجد مخرجا لتحدي أينشتين لنظرية الكم. وظل طوال المساء يعاني من تعاسة شديدة، ينتقل من شخص إلي أخر محاولا إقناعهم بأن استنتاج أينشتين لا يمكن أن يكون صحيحا : لكن كيف: كان أينشتين علي حق، قال بوهر: لابد أنها نهاية الفيزياء. ورغم محاولاته المستميتة، لم يستطع أن يدحض أطروحة أينشتين البارعة. علي أن ليون روزنفيلد Leon Rosenfeld (1904-1974) - أحد الفيزيائيين الذين كانوا بالمؤتمر- قال: Sلن أنسي أبدا منظر الغريمين وهما يغادران النادي: أينشتين بطوله المهيب، يمشي باتزان تعلو وجهه ابتسامة ساخرة خفيفة، بينما بوهر يهرول بجواره، بالغ الاستثارة .. بيد أن صبح اليوم الثاني أشرق بانتصار بوهرR.

‏وفي النهاية اكتشف بوهر خللا في معالجة أينشتين: فقد أخفق أينشتين في أن يضع في الاعتبار حقيقة أن وزن الصندوق لم يتغير مع تغير موضعه في مجال الجاذبية الأرضية. إن عدم الدقة في حساب إزاحة الصندوق يؤدي إلي عدم اليقين في حساب كتلة - وبالتالي طاقة - الفوتون. فمع تحريك الصندوق، تتحرك أيضا الساعة الموجودة بداخله. إذ تطلق دقاتها في ذلك الحين في مجال للجاذبية الأرضية يختلف قليلا عما كان في البداية. ومعدل دقات الساعة في الوضع الجديد يختلف عن معدلها قبل تحريكها من خلال عملية الوزن. ولذلك فثمة عدم يقين في حساب الزمن. وكان بوهر قادرا علي إثبات أن عدم التحدد في علاقة الطاقة والزمن يماثل تماما. ما تم حسابه في مبدأ عدم التحدد .

‏وجاء رد بوفر علي تحدي أينشتين مبهرا ، فقد استخدم هذا الرد النظرية العامة للنسبية التي اكتشفها أينشتين بنفسه في درء هجومه. إذ إن حقيقة تكتكات الساعة بمعدلات مختلفة اعتمادا علي مجال الجاذبية الأرضية هي من الأوجه المهمة للنسبية العامة. وهنا استخدم بوهر معالجة ماهرة في تطبيق النظرية النسبية للبرهنة علي مبدأ عدم التحدد في ميكانيكا الكم.

‏إلا أن الخلاف ظل يتصاعد. فما زال أينشتين، ثعلب الفيزياء الماكر، يطرح المزيد من المجادلات الأكثر مهارة ساعيا إلي الإطاحة بنظرية كان يري أن أسسها الأولية معتلة. وبصفته أحد واضعي أسسها، فقد كان يعرفها أكثر من أي شخص أخر، لذلك عرف كيف يوجه لكماته. وكلما كان أينشتين يوجه ضرباته، كان القلق والاستياء يستبدان ببوهر، وباهتياج شديد يبحث عن إجابة حتي يجدها. ربما كان يردد كلمة لنفسه مرارا وهو ذاهل في التفكير. فقد قال عنه زملاؤه الفيزيائيون أنه كان يري واقفا في حجرته، يتمتم: Sأينشتين ... أينشتين ...R، ويمشي إلي النافذة، متطلعا إلي ‏خارج، غارقا في التفكير.. مواصلا: Sأينشتين .. أينشتين...R.

‏وحضر أينشتين مؤتمر سولفاي لعام ١٩٣٣، واستمع إلي كلمة بوهر عن ميكانيكا الكم. وتابع معالجته باهتمام، لكنه لم يقدم أي تعليق عليها . وحين بدأت المناقشات، قادها في اتجاه يبحث عن معني ميكانيكا الكم. وحسب وصف روزنفيلد فإن أينشتين مازال يشعر بعدم الارتياح نفسه كما في السابق (استخدم كلمة Enbehaqen  ، حين ووجه بالنتائج الغريبة للنظرية). وفي هذه المناسبة بالتحديد طرح لأول مرة ما عرف بعد ذلك بأمضى أسلحته وأشدها فتكا لنظرية الكم. Sماذا تقول في الموقف التالي: توجه بالسؤال إلي روزنفيلد .. Sافترض أن جسيمين يتحركان في اتجاهين متقابلين، ولكل منهما كمية الحركة، الكبيرة جدا ، نفسها ، ولزمن بالغ الضالة تفاعلا مع بعضها بعض عند مرورهما بمواضع معلومة. ونفرض في ذلك الحين أن ملاحظا بإمكانه احتجاز أحد الجسيمين بعيدا عن منطقة التفاعل، وقام بتقدير كمية حركته، إذن، طبقا لشروط التجربة، يكون قادرا بوضوح علي حساب كمية حركة الجسيم الآخر. ومع ذلك، إذا اختار أن يحسب موضع الجسيم الأول، يصبح بمقدوره أن يحدد موضع الجسيم الثاني. وبالتأكيد فإن هذا استنتاج صحيح ومباشر من أسس ميكانيكا الكم، لكن أليس ذلك بالغ التناقض؟ كيف تتأثر الحالة النهائية للجسيم الثاني بسبب القياسات التي أجريت علي الجسيم الأول، بعد أن توقفت جميع التفاعلات الفيزيائية بينهما؟.

وأستوجب الأمر ها هنا مرور عامين قبل أن يطلق العنان أمام المجتمع العلمي لفكرة أينشتين المقنعة علي نحو هائل حول نظرية الكم، التي استخدم فيها التناقضات ‏الواضحة للنظرية لإثبات عدم صحتها . ولم يكن روزنفيلد - الذي شاركه أيتشتين تفكيره أثناء الاستماع إلي كلمة بوهر، يعتقد أن أينشتين يقصد بهذه التجربة الفكرية أكثر من مجرد تقديم شرح لأحد الملامح غير المألوفة لنظرية الكم. لكن شرارة فكرة أينشتين التي صاغها للمرة الأولي خلال محاضرة بوهر كان لها أن تتواصل وتترعرع لتأخذ شكلها النهائي بعد عامين.

‏وبمجرد أن اعتلي هتلر قمة السلطة، غادر ألبرت أينشتين ألمانيا . وفي عام1930‏، كان أينشتين قد أمضي أوقاتا كثيرة خارج البلاد: إذ كان في كالتك بكاليفورنيا، وبعدها في جامعة أوكسفورد. وفي عام ١٩٣٣ ‏، وافق أينشتين علي تولي العمل في معهد الدراسات المتطورة المنشأ حديثا في برنستون Institute For Advanced Study. وخطط أن يقضي جزءا من وقته هناك، والبعض الأخر في برلين، لكنه بعد انتصار هتلر، ألغي جميع ارتباطاته في ألمانيا وأقسم علي عدم العودة علي الإطلاق. وكان يمضي بعض الوقت في بلجيكا وانجلترا ، ثم غادر نهائيا إلي برنستون في أكتوبر ١٩٣٣ ‏.

‏واستقر أينشتين في عمله الجديد بمعهد الدراسات المتطورة. وخصصوا له مساعدا ، وهو فيزيائي أمريكي يبلغ من العمر ٢٤‏عاما يسمي ناثان روسين (1910-1995) Nathan Rosen ‏. وعادت علاقته بفيزيائي بالمعهد كان قد تعرف عليه في كالتك قبل ثلاث سنوات هو بوريس بودولسكي. كان علي أينشتين أن يقطع المحيط الأطلسي، علي بعد ألاف الأميال من أوروبا التي ولدت فيها نظرية الكم وتطورت، إلا أن النظرية غير مألوفة بمنطقها الغامض وفروضها ظلت تسيطر علي عقله.

          ‏وكان من عادة أينشتين أن يعمل بمفرده، ومن النادر أن يشاركه أحد في أوراقه. لكن في عام 1934، ذكر أن بودولسكي وروسين ساعداه في كتابة أخر انتقاداته لنظرية الكم. وشرح أينشتين فيما بعد كيف كتبت الورقة المشهورة حاليا باسم ورقة أينشتين، بودولسكي، وروسين (‏EPR) ، في رسالة موجهة إلي إيروين شرودنجر في العام التالي: لأسباب لغوية، كتب الورقة بودولسكي، بعد مناقشات مطولة. لكن ما كنت أريد حقيقة أن أقوله لم يتضح جيدا؛ وبدلا من ذلك، فالشيء الأساسي، ‏كان وكأنه، قد انطمر ولم يعرف بعد.  ورغم انطباع أينشتين الذي يفيد العكس، فإن رسالة المقال الثلاثي EPR ‏ الذي استخدم فيه مع زميليه مفهوم التعالق للتشكيك في مدي اكتمال نظرية الكم، قد ذاع صيتها بوضوح في كل أنحاء العالم. ففي زيوريخ، استشاط وولفجانج باولي غضبا (1900-1958) Wolfgang Pauli ، وهو أحد مؤسسي نظرية الكم ومكتشف Sمبدأ الاستبعادR للإلكترونات الذرية. وكتب رسالة طويلة إلي هايزنبرج، قال فيه: لقد عبر أينشتين مرة أخري عن موقفه علنا في مواجهة ميكانيكا الكم، وذلك في عدد 15‏مايو من Physical Review ‏(بالاشتراك مع بودولسكي وروسين . وبالمناسبة هي صحبة لا تنم عن خير). وكما هو معلوم تماما، ففي كل وقت يحدث فيه ذلك، يكون بمثابة كارثة. كان باولي منزعجا بسبب نشر ورقة EPR  في مجلة أمريكية، وانتابه القلق من أن ينقلب الرأي العام في أمريكا علي نظرية الكم. واقترح باولي علي ويرنر هايزنبرج - الذي كان مبدأ عدم التحدد الذي اكتشفه هو التكئة لهجوم ورقة EPR ‏- أن يقوم برد سريع.

‏لكن من كوبنهاجن، جاء الرد ألأكثر وضوحا، فقد بدا علي نيلز بوهر أنه تلقي ضربة صاعقة. كان مصدوما ، ومضطربا.، والغضب يسيطر عليه. وانسحب عائدا إلي منزله . واستنادا إلي ما قاله pais‏، كان روزنفيلد في زيارة لكوبنهاجن في ذلك الحين، وقال إنه في صباح اليوم التالي، ظهر بوهر بمكتبه مبتسما طوال الوقت. واستدار إلي روزنفيلد قائلا: بودولسكي، أوبودولسكي، يوبودولسك، سيوبودولسكي، أسيوبودولسكي، سيوبودولسكي. . .. وأوضح للفيزيائي المندهش أنه كان يتناغم مع بيت من الشعر في مسرحية هولبرج Ulysses von Ithaca ، وفيه يتكلم أحد الخدم فجأة كلاما غامضاً.

‏وذكر روزنفيلد أن بوهر هجر كل المشاريع التي كان يعمل فيها منذ نشر ورقة ، وكان يشعر أنه قد بات من الضروري إزالة سوء الفهم بأسرع ما يمكن. واقترح بوهر أر يستخدم هو ومساعدوه ‏المثال نفسه الذي استخدمه أينشتين لتبيان الطريق الصحيح للتفكير في المسألة. وبدأ بوهر، مستثاراً، يملي علي روزنفيلد الرد علي أينشتين.. لكن سرعان ما توقف مترددا لا، لن يجدي ذلك... يتعين علينا أن نفعل هذا ‏كله مرة أخري .. لابد أن نجعله تام الوضوح... وكما يقول روزنفيلد استمر الحال علي ما هو عليه لبعض الوقت. ومن أن إلي أخر، يستدير بوهر إلي روزنفيلد: ماذا يقصدون: هل فهمت ذلك؟ كان يدير الأفكار في رأسه، ولا يستقر له قرار. في آخر المطاف، قال إنه لا بد أن يؤجلها لليوم التالي.

‏وبعد عدة أسابيع تالية، غدا بوهر هادئا إلي حد أتاح له كتابة رده الدامغ علي ورقة أينشتين - بودولسكي - روسين. وبعد ثلاثة أشهر من العمل الشاق، أرسل بوهر رده علي أينشتين وزميليه إلي المجلة نفسها التي نشرت ورقة EPR ‏، . Physical Review. وجاء في جزء من رده  نحن مع حرية الاختيار التي تقدمها ورقة (EPR) ، وما يهمنا فحسب هو التمييز بين إجراءات تجريبية مختلفة تتيح عدم الالتباس في استخدام المفاهيم الكلاسيكية التكميلية.

‏إلا أن الفيزيائيين لم ينظروا جميعا إلي الوضع علي هذا النحو، فإن إيروين شرودنجر، الذي عارضت ورقة EPR ‏ نظريته، قال لأينشتين: إنك قبضت بإحكام علي ميكانيكا الكم الدوجماتية من حلقها علي رءوس الأشهاد. أما أغلب العلماء فانقسموا ما بين مقتنع برد بوهر علي ورقة EPR ‏، أو من اعتقدوا أن الاعتراض كان فلسفيا أكثر منه فيزيائيا، نظرا لأن النتائج التجريبية كانت فوق كل شك، وبالتالي كانت خارج اهتمامهم. وبعد ثلاثة عقود سوف تقوض فرضية جون بل وجهة النظر هذه.

ماذا تقول الورقة الثلاثية EPR؟

‏بحسب أينشتين، وبودولسكي، وروسين، فإن أي خاصية لنظام فيزيائي يمكن التنبؤ بها بدقة دون التسبب في اضطراب النظام هي عنصر من عناصر الواقع الفيزيائي.

‏أكثر من هذا ، تطرح ورقة EPR  ‏أن أي وصف كامل للنظام الفيزيائي تحت الدراسة ينبغي أن يشمل جميع عناصر الواقع الفيزيائي المصاحبة للنظام.

‏والآن فإن المثال الذي عرضه أينشتين (وهو بصورة أساسية المثال نفسه الذي ذكر؟ لروزنفيلد قبل عامين) عن الجسيمين المرتبطين معا ، يوضح أنه يمكن الحصول ‏‏على موضع وكمية حركة جسيم معين من خلال حساب القياسات المناسبة لجسيم أخر من التسبب في اضطراب لـ توأمه. وبالتالي فإن خصائص الجسيمين التوأمين هي عناصر من الواقع الفيزيائي. ونظرا لأن ميكانيكا الكم لا تسمح لهما معا بالدخول في توصيف الجسيم، لذا فإن النظرية غير كاملة.

‏وتعتبر ورقة EPR ‏(علاوة علي فرضية جون بل، التي جات تالية لها) من أهم الأوراق في العلوم خلال القرن العشري, إذ تقول: إذا استطعنا دون التسبب في اضطراب أي نظام بأي شكل من الأشكال، التنبؤ بدقة (بمعني أن الاحتمال يساوي الواحد الصحيح) بمقدار أي كمية فيزيائية، إذن فإنه يوجد عنصر من الواقع الفيزيائي ينطبق علي هذه الكمية- الفيزيائية. ويبدو لنا أن هذا المعيار، دون استنفاد كل الوسائل الممكنة في التعرف علي واقع فيزيائي، يزودنا علي الأقل بوسيلة واحدة منها ، طالما تتوفر لها فئة الشروط اللازمة لحدوثها.

‏لذلك، فإن ورقة EPR ‏ تعتمد علي تقديم وصف لحالات متعالقة. وهذه الحالات المتعالقة تتميز بالتعقيد، ذلك لأنها تستخدم كلا من موضع وكمية حركة جسيمين كانا قد تفاعلا في الماضي وبالتالي فهما مترابطان. واعتمد طرحهم في الورقة أساسا علي تقديم وصف للتعالق الكمي للموضع وكمية الحركة. وبعد تقديم هذا الوصف، تصل الورقة إلي الاستنتاج :

‏وهكذا ، بقياس إما A‏ أو B ‏نكون في وضع يسمح بالتنبؤ بدقة، وبدون ألتسبب في اضطراب النظام الثاني بأي شكل كان، إما بقيمة الكمية P ‏أو قيمة الكميةQ. وطبقا لمعيارنا عن الواقع، في الحالة الأولي ينبغي أن نضع في الاعتبار الكمية P ‏نجد أنها عنصر من عناصر الواقع، وفي الحالة الثانية تكون الكمية Q‏ هي أيضا عنصر من الواقع. لكن كما رأينا ، تنتمي الدالتان الموجيتان إلي الواقع نفسه. وأثبتنا من قبل أنه إما : (1) أن وصف الميكانيكا الكمية للواقع المعطي بالدالة الموجية ليس كاملا. أو ( ٢ ‏) عندما يكون المؤثران المطابقان للكميتين الفيزيائيتين غير قابلين للإبدال؛ ‏إذن لا يمكن أن يكور للكيتين الفيريائيتين وجود واقعي متزامن ...، ولذلك فنحن مضطرون إلي استنتاج أن الوصف الذي تقدمه ميكانيكا الكم للواقع الفيزيائي المعطي بالدالة الموجية ليس وصفا كاملا.

‏وكان وكأن ما فعله أينشتين وزميلاه يبدو أنه فرض بالغ المعقولية، وهو فرض الموضع، فما يحدث في مكان معين لا يوثر علي الفور فيما يحدث في مكان آخر. وتقول ورقة EPR ‏: إذا استطعنا - بدون أن نتسبب في اضطراب نظام بأي شكل كان - التنبؤ بدقة (أي أن الاحتمال يساوي الواحد الصحيح) بمقدار أي كمية فيزيائية، إذن فإنه يوجد عنصر من الواقع الفيزيائي مطابق لهذه الكمية الفيزيائية. ويتحقق هذا الشرط عندما يتم قياس موضع الجسيم الأول، وكذلك عندما يتم قياس كمية الحركة للجسيم نفسه. وفي الحالتين يمكننا التنبؤ بدقة بموضع (أو كمية حركة) الجسيم الآخر. ويتيح هذا الاستدلال وجود عنصر من الواقع الفيزيائي. والآن، نظرا لأن الجسيم الثاني لم يتأثر (حسب فرضهم) بما حدث للجسيم الأول، وعنصر الواقع - الموضع - لهذا الجسيم تم الاستدلال عليه في حالة واحدة، وكمية الحركة في الحالة الأخرى، وكل من الموضع وكمية الحركة هما من عناصر الواقع الفيزيائي للجسيم الثاني. وبالتالي فهذا تناقض حسب ورقة EPR. نحن لدينا جسيمان يرتبطان أحدهما بالآخر. ونجري قياسات علي الأول ولدينا معرفة بالآخر. ولذلك، فإن النظرية التي تتيح لنا فعل ذلك نظرية غير كاملة.

‏وفي رده، قال بوهر: إلا أن اتجاه الجدال في ورقتهم EPR ، مع ذلك، لا يبدو لي ملائما إزاء، الوضع الفعلي الذي يواجهنا في الفيزياء الذرية. وقال إن التناقض الذي تقول به ورقة EPR ‏لم يقدم تحديا عمليا في تطبيق نظرية الكم علي قضايا الفيزياء الحقيقية. وبدا أن معظم الفيزيائيين قد تقبلوا حججه.

‏وعاد أينشتين مجددا إلي المسألة التي عرضتها ورقة EPR ‏ في مقالات كتبها عامي 1948، ١٩٤٩ ‏، بيد أنه أمضي معظم الوقت المتبقي حتي وفاته في عام 1955 ‏، وهو يحاول - دون نجاح - تطوير نظرية موحدة في الفيزياء. ولم يحدث علي الإطلاق أن ‏توصل إلي تصديق أن الله يلعب النرد - وظل علي اعتقاده بأن نظرية الكم بما تنطوى عليه من خاصية احتمالية لا يمكن أن تكون كاملة. وكان يعتقد أن ثمة شيئا غائبا عن النظرية، ربما بعض متغيرات خافية قد تفسر عناصر الواقع علي نحو أفضل. وبقيت المشكلة المحيرة: جسيمان مرتبطان أحدهما بالآخر - توأمان نتجا عن العملية نفسها - يستمران إلي الأبد مرتبطين. والدالة الموجية لهما نمير قابلة للتحليل إلي مركبتين منفصلتين. أيا كان ما يحدث لجسيم منهما لابد وأن يؤثر علي الفور في الجسيم الاخر، أيا كان موضعه في الكون. وأطلق أينشتين علي ذلك اسم "فعل للأشباح من بعيد".

‏ولم ينس بوهر أبدا مجادلاته مع أينشتين، وظل يتحدث عنها حتي يوم وفاته عام ١٩٢٢ ‏. وخاض بوهر حربا ضروسا كي تجد نظرية الكم قبولا من عالم العلم. وصد كل هجوم علي النظرية، كما لو كان هجوما علي شخصه. واعتقد معظم الفيزيائيين أن بوهر قد توصل أخيرا إلي تسوية قضية نظرية الكم وورقة EPR ‏، إلا أنه بعد عقدين دبت الحياة في مجادلة أينشتين من جديد وتم تحسينها لكن، هذه المرة، علي يد فيزيائي آخر.




هو مجموعة نظريات فيزيائية ظهرت في القرن العشرين، الهدف منها تفسير عدة ظواهر تختص بالجسيمات والذرة ، وقد قامت هذه النظريات بدمج الخاصية الموجية بالخاصية الجسيمية، مكونة ما يعرف بازدواجية الموجة والجسيم. ونظرا لأهميّة الكم في بناء ميكانيكا الكم ، يعود سبب تسميتها ، وهو ما يعرف بأنه مصطلح فيزيائي ، استخدم لوصف الكمية الأصغر من الطاقة التي يمكن أن يتم تبادلها فيما بين الجسيمات.



جاءت تسمية كلمة ليزر LASER من الأحرف الأولى لفكرة عمل الليزر والمتمثلة في الجملة التالية: Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation وتعني تضخيم الضوء Light Amplification بواسطة الانبعاث المحفز Stimulated Emission للإشعاع الكهرومغناطيسي.Radiation وقد تنبأ بوجود الليزر العالم البرت انشتاين في 1917 حيث وضع الأساس النظري لعملية الانبعاث المحفز .stimulated emission



الفيزياء النووية هي أحد أقسام علم الفيزياء الذي يهتم بدراسة نواة الذرة التي تحوي البروتونات والنيوترونات والترابط فيما بينهما, بالإضافة إلى تفسير وتصنيف خصائص النواة.يظن الكثير أن الفيزياء النووية ظهرت مع بداية الفيزياء الحديثة ولكن في الحقيقة أنها ظهرت منذ اكتشاف الذرة و لكنها بدأت تتضح أكثر مع بداية ظهور عصر الفيزياء الحديثة. أصبحت الفيزياء النووية في هذه الأيام ضرورة من ضروريات العالم المتطور.




اختتام الأسبوع الثاني من الشهر الثالث للبرنامج المركزي لمنتسبي العتبة العباسية
راية قبة مرقد أبي الفضل العباس (عليه السلام) تتوسط جناح العتبة العباسية في معرض طهران
جامعة العميد وقسم الشؤون الفكرية يعقدان شراكة علمية حول مجلة (تسليم)
قسم الشؤون الفكريّة يفتتح باب التسجيل في دورات المواهب