أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-1-2019
2981
التاريخ: 24-6-2018
29795
التاريخ: 15-6-2016
14988
التاريخ: 7-6-2016
37666
|
الاجتهاد لغة مأخوذة من الجُهد والجهد والطاقة أو المشقة (1). اما اصطلاحا فان الاجتهاد القضائي يعني كيفية علاج حالة واقعية وهي عدم وجود النص او غموضه او نقصانه (2). والاجتهاد القضائي يعد من صميم عمل القاضي سواء كان مدنياً ام ادارياً، لانه ليس بالاله الصماء التي تردد كلمات المشرع. لان العملية القضائية ليست سهلة ويسيرة دائماً، فالقاضي لا يكتفي بان يثبت الوقائع ثم يطبق حكم النص الجاهز، فهو يحتاج في كثير من الاحيان الى ان يستجلي معنى النص وقد يحتاج ان يبحث خارج حدوده (3). فقد لايجد القاضي نصا قانونياً يعالج الواقعة المعروضة امامه او قد يجد النص غامضا او ناقصاً (4). لان المشرع مهما توخى الدقة والكمال في عمله لايستطيع ان يحيط بكل شي او ان يضع الحلول اللازمة لجميع القضايا مسبقاً والتي تعرض على القضاء، فالقاضي لايجد مناصا من الاجتهاد كونه ملزماً بايجاد حلا للنزاع المعروض امامه. ويرتبط الاجتهاد مع السلطة التقديرية ارتباطاً عضوياً، من حيث ان القائم بهما في مجال العمل القضائي هو شخص واحد وهو قاضي الموضوع المطروح عليه النزاع كما ان ادوات السلطة التقديرية هي النشاط الذهني للقاضي ووقائع النزاع والقاعدة القانونية المفترض تطبيقها على هذه الوقائع وهي أدوات الاجتهاد القضائي نفسه. اما اوجه الاختلاف بينهما فهي ان الحرية الواسعة التي يتمتع بها القاضي بموجب سلطته التقديرية مستندة الى قاعدة قانونية موجودة وواضحة اي انها حرية مستندة الى تخويل صريح من المشرع (5). اذن فالفراغ الموجود في النص القانوني هو فراغ مقصود. في حين ان الاجتهاد القضائي لايستند الى تخويل من قاعدة قانونية صريحة، بل على العكس ان الاجتهاد القضائي لاينهض الا بوجود غموض في القاعدة القانونية او نقصها او عدم وجودها اصلاً. كما تختلف السلطة التقديرية عن الاجتهاد القضائي بحكم كونها تتعلق بوقائع الدعوى في انها لاتخضع لرقابة المحاكم العليا – من حيث المبدأ في الاقل – وذلك اذا ماتصرف القاضي في حدود هذه السلطة وعند اجتماع شروط التصرف بها (6). في حين ان الاجتهاد القضائي وبحكم كونه يتعلق بايجاد او تفسير او اكمال قواعد قانونية ناقصة فانه يخضع في مجمله لرقابة المحاكم العليا، حيث ان الاجتهاد القضائي يخضع في نهاية الأمر الى تدقيق وتمحيص هذه المحاكم وذلك لكي تتاكد من ان الاحكام الصادرة بناءً على اجتهاد هي مطابقة للأصول والقانون (7). فعندما تجد المحاكم العليا ان حكماً من الاحكام يخالف اجتهادها ولايأخذ برأيها في موضوع معين فانها تنقضه، على اعتبار هذا الحكم قد صدر مخالفاً للقانون. وعادة ما تلتزم المحاكم الدنيا باتباع اجتهاد المحاكم العليا بالرغم من عدم وجود الزام قانوني بذلك خشية ان تتعرض احكامها للنقض وهذا يؤدي في النتيجة النهائية الى وحدة الحلول القانونية. ولابد من الاشارة الى ان مجالات الاجتهاد لدى القاضي الاداري هي اوسع بكثير مما لدى القاضي المدني، فاذا كان القضاء المدني يعد قضاءً تطبيقياً لان القانون الخاص في جملته قانوناً مكتوباً يحتل التشريع مكان الصدارة بين مصادره الرسمية. فان القضاء الإداري يعد بحق قضاءً انشائيا(8). لان القاضي الإداري على عكس القاضي المدني – لايجد في الغالب سوى مجموعة من التشريعات المتعددة والمتشابكة التي يعتريها في كثير من الاحيان النقص وعدم الوضوح (9). كما ان هذه النصوص لايمكن ان تتسع في مجال القانون الاداري لاستيعاب النشاط الاداري المتسع والمتجدد على الدوام (10). وفي هذا يكمن دوره الخلاق في ابتداع القواعد القانونية وتطويرها لتطبق في مرونة وتناسب مع تنوع الوقائع التي تخلقها الحياة العملية في مواجهة النقص الواسع في التشريع (11). يضاف الى ذلك ان وجود بعض المبادئ التي تحكم النشاط الاداري مندمجة في مجموعات القوانين الاخرى كالقانون المدني والتجاري، لايعني انها حين تطبق في النطاق الاداري انها تستمد قوتها الملزمة من هذه النصوص، بل تستمد هذا الالزام من كونها مبادئ عامة لايفقد القاضي الاداري حيالها سلطاته التقديرية في ضوء احتياجات النشاط الاداري، وما يقضي به منطقة القانوني بالقياس الى هذه الاحتياجات (12). ولهذا قد يجد القاضي نفسه حراً طليقاً من النصوص حيث يجب عليه ان يقضي في النزاع المطروح امامه. لذلك قيل (من الخطأ القول) ان البحث القضائي لابد ان يقف عند حدود الشرعية ولايتعداها (13). وقد اعترف المشرع المصري بهذه الخاصية التي يتمتع بها القاضي الاداري بعبارات صريحة لا لبس فيها بقوله ((القانون الاداري يفترق عن القوانين الاخرى كالقانون المدني والتجاري في حين انه قانون تجد مضمونه مازال في مقتبل نشأته وطرقه غير معبدة، لذا يتميز القضاء الاداري بانه ليس مجرد قضاء تطبيقي كالقضاء المدني بل هو في الاغلب قضاء انشائي يبتدع الحلول المناسبة للروابط القانونية التي تنشأ بين الادارة في تسيير المرافق العامة وبين الافراد، وهي روابط تختلف بطبيعتها عن القانون الخاص)) (14).
__________________
1- انظر الاعلام- قاموس وتراجم خير الدين الزركلي، ط3، ج 6، ص152.
2- اما معنى الاجتهاد شرعاً فيتفق فقهاء الشريعة الاسلامية على ان الاجتهاد هو بذل طاقة عقلية للوصول الى نتيجة، وهم دون ذلك مختلفون- ينظر احمد ابراهيم عباس، نظرية الاجتهاد في الشريعة الاسلامية- دار الشرق 1983، ص8 وما بعدها.
3- ينظر د. محمد هشام القاسم، اثر الاجتهاد القضائي في تطوير القانون بحث منشور في مجلة القضاء والقانون- جامعة الكويت ع2، س1، ص11.
4- يقصد بالنص الغامض هو النص الذي يحمل اكثر من معنى. ينظر المصدر السابق ص15. السيد ابراهيم شحاتة في الاجتهاد القضائي- مجلة العلوم الادارية والاقتصادية، ع2، س2، سنة 1962، ص415.
5- ينظر د. وجدي راغب قهمي، مصدر سابق ص335.
6- ينظر د. نبيل اسماعيل عمر، مصدر سابق، ص497.
7- ينظر محمد هشام القاسم، مصدر سابق ص18.
8- يرى جانب من الفقه ان القضاء سواء كان مدنياً ام ادارياً فيه جانب تطبيقي وجانب انشائي وان ما يمييز الاخير عن الاول ان جانب الإنشاء فيه ظاهر وكبير بالمقارنة مع جانب الانشاء في القضاء المدني، لذلك ان الفارق الحقيقي هو في الدرجة وليس في الطبيعة. وهو فارق له مبرراته، والتي لاتسمة الى اي حال جعل طبيعة القضاء الاداري مقارنة لطبيعة القضاء المدني. ينظر ابراهيم شحاتة، المصدر السابق ص420.
ويبدو ان السيد ابراهيم شحاتة قد انفرد برايه في هذا الموضوع، حيث لم نجد مايؤيده في الفقه الفرنسي والعربي في ذلك.
9- ينظر د. عصام عبد الوهاب البرزنجي- السلطة التقديرية والرقابة القضائية، دار النهضة العربية 1971، ص132.
10- المصدر السابق، ص133.
1- ينظر حمدي ياسين عكاشة – القرار الاداري في قضاء مجلس الدولة – 1987، ص9.
12- ينظر د. طعيمة الجرف، القضاء مصدر انشائي للقانون الاداري، مجلة ادارة قضايا الحكومة، السنة السادسة، العدد 4، 1962، ص20.
13- ينظر د. عصام عبد الوهاب البرزنجي، المصدر السابق، ص133.
14- ينظر المذكرة الايضاحية في مشروع القانون رقم 195 لسنة 1955، مشار اليها في المصدر السابق، ص133.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|