أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2018
21618
التاريخ: 15-6-2016
3153
التاريخ: 10-4-2017
7896
التاريخ: 5-4-2017
5527
|
العقود التي تبرمها الإدارة سواء كانت إدارية أم مدنية و إن كانت تخضع لنظامين مختلفين فان الأحكام الضابطة للعقد بالمعنى الفني تكون واحد كضرورة توافر أركان العقد من رضا و محل و سبب , فالعقد الإداري كالعقد المدني يتضمن توافق ارادتين على إنشاء التزامات و حقوق, و توافق الارادتين يقتضي وجود إيجاب صادر من احد المتعاقدين يصادفه قبول من المتعاقد الآخر .و سنتناول الأركان على التوالي:-
أولا :-الرضا
يوجد الرضا بوجود ارادتين متوافقتين و يتم العقد بمجرد أن يتبادل الطرفان التعبير عن أرادتهما –الإيجاب و القبول –مع مراعاة ما يقرره القانون من أوضاع معينة يجب إتباعها (1). والرضا بالنسبة للإدارة كطرف في العقد يجب أن يكون صادرا من الجهة المختصة بالتعاقد وفقا للنظم المقررة من حيث الاختصاص والشكل (2). وإبرام العقود باسم الإدارة لا يملكه إلا أشخاص حددهم المشرع ووفقا للقواعد العامة لا يجوز لهؤلاء الأشخاص أن يحلوا غيرهم في ممارسة هذا الاختصاص كما لا يجوز تفويض غيرهم في ممارسته إلا في الحدود وبالقيود التي يضعها المشرع(3). ومن جانب آخر لا يكفي وجود الرضا من جانب ممثل الإدارة فحسب بل يقتضي أن يكون هذا الرضا سليما خاليا من عيوب الرضا كالغلط والتغرير والإكراه والغبن ,والقضاء الإداري يسلك مسلك القضاء المدني في إبطال العقود الإدارية التي يشوبها عيب من العيوب, و من أوضح الأمثلة على ذلك حكم مجلس الدولة الفرنسي في26 ابريل سنة 1950 الذي أبطل عقدا إداريا بسبب الوقوع في الغلط ((...حيث تعاقد احد ممثلي الشركات مع الإدارة بصفته الشخصية , في حين أن الإدارة قد قصدت التعاقد معه بصفته ممثلا للشركة..))(4). و لما كانت الإدارة طرفاً في العقد الإداري لم يعد البحث عن إرادة ممثل الإدارة أمرا مهما و ذلك لان إجراءات إبرام العقد الإداري كفيلة للتأكد من وجود الإرادة ومن التعبير عنها أو من سلامتها من العيوب (5).
ثانيا:- المحل
يقصد بمحل العقد, العملية القانونية التي يراد تحقيقها من حيث إنشاء حقوق والتزامات متقابلة للمتعاقدين فيشترط به أن يكون موجودا أو ممكنا , معينا أو قابلاً للتعين ومما يجوز التعامل به(6).والقضاء الإداري يطبق القواعد المدنية بهذا الشأن إلا ما تستلزمه طبيعة العقود الإدارية, فمحل العقد يحدده الطرفان غير أن الإدارة قد تعدله بإرادتها المنفردة استنادا إلى الامتيازات التي تتمتع بها في مواجهة المتعاقد(7). ومن أهم شروط صحة المحل شرط المشروعية وذلك بان يكون محل العقد مما يجوز التعامل به, فإذا كان غير مشروع فالعقد يعد باطلا لمخالفته للنظام العام ومن الأمثلة على ذلك حكم المحكمة الإدارية العليا في مصر سنة 1966 التي أبطلت عقدا إداريا أبرمته الإدارة مع احد الموردين لتوريد شوك وسكاكين وملاعق طبقا لعينة تحتوي على نسب عالية من المواد الضارة فقالت المحكمة في هذا الصدد ((..ومن حيث أن الثابت من التحليل إن من شان استعمال الأدوات محل العقد تعريض سلامة المستهلكين لخطر التسمم وهو أمر في ذاته مخالف للنظام العام, فان للنفس حرمة لا يجوز انتهاكها..)) (8). وكذلك الحال بالنسبة لشروط صحة المحل الأخرى فأنها تخضع للقواعد العامة الواردة في مجال القانون المدني بالإضافة إلى ما تقتضيه في بعض الأحيان طبيعة العقود الادارية0
ثالثا:- السبب
إذا وجد الرضا كركن في العقل و كان صحيحا سالما من العيوب وانصب هذا العقد على محل جائز و ممكن فانه لا يكفي لتمام العقد ما لم يكن له سبب مشروع,و السبب سواء أكان مباشراً أم غير مباشر يفترض وجوده في كل عقد, إداريا كان أم مدنيا و إذا خلا العقد منه اعتبر باطلا لتخلف ركن من أركان العقد0 والحقيقة انه من النادر أن ينعدم السبب في تصرفات الإدارة ,كما يندر أن تتعاقد الإدارة دون سبب أو بسبب باطل وذلك لان الدوافع التي تبعث الإدارة على التعاقد تتمثل دائما بتحقيق المصلحة العامة و في ضرورات سير المرافق العامة(9). وأحكام القضاء الإداري الخاصة بركن السبب في العقد الإداري قليلة جدا و أول حكم يشير بصراحة إلى ركن السبب هو حكم مجلس الدولة الفرنسي في 29 يناير سنة 1947 في قضية (Michaux) وتتعلق هذه القضية بعقد تطوع ابرمه احد الفرنسيين بقصد القتال في جبهة معينة ولكنه جند في وحدة عسكرية غير مقاتلة و عندما طالب الشخص بإلغاء عقد التطوع لفقدان ركن السبب رفض المجلس الدعوى و اعتبر أن إلحاقه في وحدة عسكرية غير مقاتلة أمر لاحق لإبرام العقد (10). و بطلان السبب في العقود الإدارية يمكن أن يتمسك به الطرفان في أية مرحلة من مراحل الدعوى و لمحكمة الموضوع إبطال العقد من تلقاء نفسها متى ما وجدت أن للعقد سببا غير مشروع و ذلك لمخالفته للنظام العام .
رابعا :- الشكلية
الأصل في العقود أنها تتم بالتراضي و لا يشترط أن يفرغ العقد في شكل معين إلا إذا نص عليه القانون و العقود الإدارية تخضع للقواعد العامة في القانون المدني بهذا الصدد فلو وهب شخص قطعة ارض إلى جهة إدارية معينة وجب اتباع الشكلية المقررة لعقود بيع العقار التي تتمثل بالتسجيل لدى دائرة التسجيل العقاري ,ولكن الملاحظ أن العقود الإدارية تمر بمراحل متعددة كإجراءات المزايدة و المناقصة و قرار الإرساء و تقتضي أن يكون العقد المبرم مكتوبا (11). نخلص مما تقدم الى أن العقد الإداري كالعقد المدني من حيث وجوب توافر أركان العقد جميعا حتى يمكن أن ينتج أثرا قانونيا و رأينا أن قواعد القانون المدني هو المرجع في ذلك و هذا يعود إلى الأحكام الضابطة للعقد التي تستلزمها العدالة ولا يختلف في تطبيقها بين روابط القانون الخاص و العام, ومن جانب آخر فان بطلان العقود الإدارية أوسع نطاقا من العقود المدنية و ذلك لتعلق العقود الإدارية بالصالح العام .
__________________________________________
1- د.محمود حلمي ,العقد الإداري ,دار الفكر العربي, الطبعة الثانية , 1977 ص6.
2- د. عزيزة الشريف , دراسات في نظرية العقد الإداري, دار النهضة العربية ص15
3- د.سليمان الطماوي ,المصدر السابق,ص324.
4- د.الطماوي ,المصدر السابق, ص350.
5- د. محمود حلمي, المصدر السابق ص7.
6- المصدر نفسه, ص8.
7- د. عزيزة الشريف, المصدر السابق ص17.
8- القضية 1303 في 31 ديسمبر سنة1966 , مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الادارية العليا, السنة الثاني عشر, القاهرة, ص502
9- د. عزيزة الشريف ,المصدر السابق ,ص16.
10- د.سليمان الطماوي ,المصدر السابق , ص360 .
11- المصدر نفسه ,ص336.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|