أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-01-2015
3361
التاريخ: 9-4-2016
3851
التاريخ: 5-5-2016
3031
التاريخ: 1-5-2016
3374
|
مالك فهو سيف من سيوف الله تعالى وعلم من أعلام الجهاد في الإسلام قد وهب حياته لله تعالى وأخلص لدينه كأعظم ما يكون الإخلاص ؛ وقد وقف بحزم وإخلاص إلى جانب إمام المتّقين وسيّد الموحّدين الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) يحميه ويذبّ عنه في أحلك الظروف وأشدّها محنة وبلاء وقد أدلى الإمام (عليه السلام) بعظيم منزلته وجهاده تجاهه قائلا : لقد كان لي كما كنت لرسول الله (صلى الله عليه واله) ؛ وقد انتخبه الإمام لولاية مصر بعد عزل قيس عنها وذلك لسموّ شخصيّته وحزمه الجبّار وقدرته الفائقة وإحاطته التامّة بالشؤون السياسية والإدارية وقد زوّده برسالة تضمّنت الإشادة بمكانة مالك وحكت كريم صفاته وقد جاء فيها : من عبد الله عليّ أمير المؤمنين إلى القوم الّذين غضبوا لله حين عصي في أرضه وذهب بحقّه فضرب الجور سرادقه على البرّ والفاجر والمقيم والظّاعن فلا معروف يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه.
أشاد الإمام (عليه السلام) بهذه الكلمات بالجهود الجبّارة التي بذلها الجيش المصري لحماية الإسلام في أيام محنته حينما توالت عليه الأحداث الرهيبة أيام حكومة عثمان فهبّ الجيش المصري للاطاحة بحكومته ؛ ثمّ أخذ الإمام في الثناء على مالك : أمّا بعد فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيّام الخوف ولا ينكل عن الأعداء ساعات الرّوع أشدّ على الفجّار من حريق النّار وهو مالك بن الحارث أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا أمره فيما طابق الحقّ فإنّه سيف من سيوف الله لا كليل الظّبة ولا نابى الضّريبة , فإن أمركم أن تنفروا فانفروا وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا فإنّه لا يقدم ولا يحجم ولا يؤخّر ولا يقدّم إلاّ عن أمري ؛ وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدّة شكيمته على عدوّكم .
وهذه الكلمات وسام شرف لمالك فقد حكت بعض قيمه ومثله والتي منها :
1 ـ ألمّت بشجاعة مالك وقوّة بأسه وصلابة عزيمته وأنّه لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عند الروع.
2 ـ إنّ مالك أشدّ من النار على المارقين والمنحرفين عن الحقّ الذين لا يرجون لله وقارا.
3 ـ إنّ مالك من سيوف الله الواقعيّين الذين لم يلوّثوا بجريمة ولا باقتراف منكر.
4 ـ أمر الإمام بهذه الرسالة الشعب المصري بإطاعة مالك والانصياع لأوامره فإنّه لا يقدم على شيء ولا يعمل عملا إلاّ بعد أخذ رأي الإمام (عليه السلام) .
وزوده (عليه السلام) برسالة ثانية عرضت إلى الأحداث المؤسفة التي عاناها الإمام (عليه السلام) بعد وفاة أخيه وابن عمّه الرسول (صلى الله عليه واله) : قال : أمّا بعد فإنّ الله سبحانه بعث محمّدا (صلى الله عليه واله) نذيرا للعالمين ومهيمنا على المرسلين.
فلمّا مضى (عليه السلام) تنازع المسلمون الأمر من بعده , فو الله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده (صلى الله عليه واله) عن أهل بيته ولا أنّهم منحّوه عنّي من بعده! فما راعني إلاّ انثيال النّاس على فلان يبايعونه فأمسكت يدي حتّى رأيت راجعة النّاس قد رجعت عن الإسلام يدعون إلى محق دين محمّد (صلى الله عليه واله) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم الّتي إنّما هي متاع أيّام قلائل يزول منها ما كان كما يزول السّراب أو كما يتقشّع السّحاب ؛ فنهضت في تلك الأحداث حتّى زاح الباطل وزهق واطمأنّ الدّين وتنهنه.
عرض الإمام في هذا المقطع إلى الخلافة التي هي من حقّه وهو أولى بها من غيره وما كان يدور في خلده أنّها تنصرف عنه إلى غيره ولم يدخل مع القوم الذين انتزعوه تراثه وحقّه في ميدان الصراع المسلّح وذلك خشية على الإسلام من أن تشيع فيه الردّة وينقلب المسلمون على أعقابهم فصبر على ضياع حقّه وفي العين قذى وفي الحلق شجى كما يقول في خطبته الشقشقية ومن بنود هذه الرسالة قوله :
إنّي والله! لو لقيتهم واحدا وهم طلاع الأرض كلّها ما باليت ولا استوحشت وإنّي من ضلالهم الّذي هم فيه والهدى الّذي أنا عليه لعلى بصيرة من نفسي ويقين من ربّي وإنّي إلى لقاء الله لمشتاق وحسن ثوابه لمنتظر راج ؛ ولكنّني آسى أن يلي أمر هذه الأمّة سفهاؤها وفجّارها فيتّخذوا مال الله دولا وعباده خولا والصّالحين حربا والفاسقين حزبا فإنّ منهم الّذي قد شرب فيكم الحرام وجلد حدّا في الإسلام وإنّ منهم من لم يسلم حتّى رضخت له على الإسلام الرّضائخ فلو لا ذلك ما أكثرت تأليبكم وتأنيبكم وجمعكم وتحريضكم ولتركتكم إذ أبيتم وونيتم .
ألا ترون إلى أطرافكم قد انتقصت وإلى أمصاركم قد افتتحت وإلى ممالككم تزوى وإلى بلادكم تغزى! انفروا رحمكم الله إلى قتال عدوّكم ولا تثّاقلوا إلى الأرض فتقرّوا بالخسف وتبوؤوا بالذّلّ ويكون نصيبكم الأخسّ وإنّ أخا الحرب الأرق ومن نام لم ينم عنه والسّلام .
حكت هذه الكلمات عن يقين الإمام (عليه السلام) بأنّه على ثقة وبصيرة من أمره وأنّه على اتّصال وثيق بالله تعالى لا يستوحش من الذين فارقوه وحاربوه ونابذوه فإنّهم على ضلال يا له من ضلال كما أعرب (عليه السلام) عن زهده في السلطة وأنّه لو لا يخاف من أن يحكم المسلمين من لا دين له فيتّخذ مال الله دولا وعباده خولا لما تصدّى إلى الحكم ولم يقم له أي وزن لأنّ السلطة عنده ليست مغنما وإنّما هي من سبل الاصلاح الاجتماعي فليس فيها إلاّ التعب والجهد والعناء , ثمّ دعا الإمام الشعب المصري إلى جهاد المارقين عن الإسلام وهم الحزب الأموي وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان الذي أفنى حياته في محاربة الله ورسوله.
العهد الذهبي وهو أروع عهد حافل بحقوق الإنسان وقضاياه المصيرية لم يقنّن مثله ولم يوضع في جميع المحافل الدولية نظيره قد صاغه رائد العدالة الاجتماعية في الإسلام الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) , قد ختم الإمام (عليه السلام) هذا العهد الشريف بهذه الكلمات القيّمة بقوله : والواجب عليك أن تتذكّر ما مضى لمن تقدّمك من حكومة عادلة أو سنّة فاضلة أو أثر عن نبيّنا (صلى الله عليه واله) أو فريضة في كتاب الله فتقتدي بما شاهدته ممّا عملنا به فيها وتجتهد لنفسك في اتّباع ما عهدت إليك في عهدي هذا واستوثقت به من الحجّة لنفسي عليك لكيلا تكون لك علّة عند تسرّع نفسك إلى هواها , وأنا أسأل الله بسعة رحمته وعظيم قدرته على إعطاء كلّ رغبة أن يوفّقني وإيّاك لما فيه رضاه من الإقامة على العذر الواضح إليه وإلى خلقه مع حسن الثّناء في العباد وجميل الأثر في البلاد وتمام النّعمة وتضعيف الكرامة وأن يختم لي ولك بالسّعادة والشّهادة وإنّا إلى الله راغبون , والسّلام على رسول الله (صلى الله عليه واله) الطّيّبين الطّاهرين وسلّم تسليما كثيرا والسّلام.
أرأيتم هذه الآداب العلوية الحافلة بجميع مقوّمات السموّ والكرامة وما تعتزّ به الإنسانية في جميع أدوارها .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|