أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2016
2760
التاريخ: 15-3-2018
2951
التاريخ: 29-6-2019
1733
التاريخ: 30-6-2019
1995
|
ان تحديد الأساس القانوني الذي تقوم عليه مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة محل خلاف الفقهاء لكون مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة جاءت استثناءً من القواعد العامة للمسؤولية(1). فمن الفقهاء من أقامها على أساس القصد الاحتمالي، ومنهم من أقامها على أساس القصد المتعدي، وأسندها البعض الآخر الى الخطأ غير العمدي ، وذهب جانب كبير من الفقه الى العمد المفترض قانوناً، كما ذهب اتجاه آخر الى الركن المعنوي المزدوج التكوين أساسا ً للمسؤولية ، وأخيرا ً يعتبر بعض الفقهاء النتيجة المحتملة ظرفاً مادياً للجريمة الأصلية وسيتم توضيح هذه الاتجاهات الفقهية تباعاً.
أولاً- القصد الاحتمالي أساس للمسؤولية
يذهب الرأي الغالب في الفقه والقضاء(2) الى ان اصل مسؤولية الشريك المساعد عن النتيجة المغايرة يعود أساسه الى القصد الاحتمالي(3)، إذ ان الشريك وان لم يكن قد تعمد الاشتراك في الجريمة التي تحققت فعلاً إلا انه قد تعمد الاشتراك في جريمة تعد الجريمة التي وقعت نتيجة محتملة لها(4). فالشريك يكون هنا قد تعمد بصورة غير مباشرة هذه الجريمة مما يعني قصد الشريك غير مباشر أو احتمالي، فالنتيجة الجديدة وان كانت لا تدخل في نطاق العمد المباشر للجاني إلا أنها تدخل في قصده الاحتمالي دون غيره.
ثانياً- الركن المعنوي المزدوج
يذهب فريق من الشراح(5).في تأسيس مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة على أساس القصد الجنائي المتجه الى الجريمة التي أراد الشريك الاشتراك فيها مضافاً إليها خطأ غير عمدي قد توافر بالنسبة للجريمة المحتملة وذلك القصد، وهذا الخطأ يجمع بينهما الشارع ويقيم عليهما ركناً مزدوج التكوين تعتمد عليه هذه في ضوء تحليل الركن المعنوي لدى الشريك في مثل هذه الأحوال. وقد أخذت تشريعات جنائية بهذا الاتجاه(6)، وقد تعرض للانتقاد أيضاً من حيث ان الإثم الجنائي لدى جاني واحد تجاه جريمة محتملة أما ان يتمثل في قصد وأما يتمثل في خطأ غير عمدي ولا يمكن لذات الإثم ان يجمع بين الصورتين معاً، ومن ناحية أخرى لا تثور مسألة الشريك عن النتيجة المحتملة، إلا إذا كانت هذه الأخيرة جريمة عمدية ارتكبها الفاعل الأصلي، وحينئذ يسأل عنها الشريك بهذا الوصف ويستحق العقوبة المقررة كما لو كان قد قصدها شخصياً، وإذا كانت العلاقة النفسية بين الشريك والنتيجة المحتملة مجرد خطأ غير عمدي لفرضت على الشريك عقوبة اخف من تلك التي تقرر للفاعل الذي قصد ارتكابها. وان المشرع عموماً لا يتطلب الأركان لإمكان المساءلة عن النتيجة المحتملة وجود قدر من الإهمال أو عدم الاحتياط(7).
ثالثاً- النتيجة المحتملة ظرفٌ ماديٌ للجريمة الأصلية
يذهب أنصار هذا الاتجاه(8).على اعتبار ان الجريمة المحتملة ظرفٌ ماديٌ للنتيجة الأصلية ، وبما ان الظروف المادية تعتبر جزء من ماديات الجريمة فان أثارها تسري على جميع المساهمين فيها فاعلين كانوا أم شركاء علموا بها أو لم يعلموا(9)، تكون مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة لنشاطه الإجرامي باعتبارها ظرفاً مادياً للجريمة إلا ان هذا الرأي لا يمكن التسليم به. وذلك لان الشريك يكون مسؤولاً عن النتيجة المحتملة حتى ولو لم ترتكب الجريمة الأصلية بالإضافة الى ذلك ان الظروف وقائع مستقلة عن الجريمة في حين ان الجريمة المحتملة جريمة قائمة بذاتها ومستقلة في عناصرها وأركانها ووصفها القانوني عن الجريمة التي وقعت وكانت محل للمساهمة هذا من جهة، ومن جهة أخرى إذا تم الأخذ بفكرة اعتبار النتيجة المحتملة ظرفاً مادياً لما كان يقتضي بورود نص لمسؤولية الشريك دون غيره من المساهمين الأصليين، إذ ان الظروف المادية تسري على جميع المساهمين في الجريمة ولو كان الأمر كذلك لما اشترط وجود علاقة سببية والاحتمال بالنسبة للنتيجة التي وقعت ولم تكن محل قصد الشريك، لان الظروف المادية تسري على جميع المساهمين دون الحاجة الى العلم بها(10).
رابعاً- المسؤولية الجنائية على أساس العمد المفترض
يعتقد بعض الفقهاء(11). ان مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة معينة على المسؤولية المفترضة أو الموضوعية، فالمشرع لا يعتد بالقصد الجنائي في حالة إسناد النتيجة المحتملة الى الشريك ولا يعتد أيضاً بالخطأ غير العمدي لدى الشريك، وإنما يكتفي بوجود علاقة سببية بين فعل الاشتراك والنتيجة التي حصلت على ان لا تكون تلك العلاقة بسبب تدخل فعل شاذ غير مألوف. أي ان لا تكون العلاقة قد انقطعت بسبب عدم الاحتمال أو عدم توقع العامل اللاحق المنحصر في الفعل العمدي للفاعل فان كان كذلك من شأنه ان يقطع السببية(12)، وان هذا الأساس يقوم على مسؤولية موضوعية ومادية مفترضة وليس المسؤولية الأدبية أو المعنوية ففي جميع صور المسؤولية الموضوعية يكتفي المشرع بتوافر الركن المعنوي للفعل المادي والذي يتكون من الإرادة والإدراك ينبني عليه مسؤولية الشخص عن النتيجة التي تنشأ عن إتيان هذا السلوك الإرادي، ولا يجوز الخلط في هذا الأساس القانوني بين الركن المعنوي للفعل والركن المعنوي للجريمة، فالركن المعنوي للفعل يتكون من الإرادة والإدراك، أما الركن المعنوي للجريمة يتكون من الإثم Colperolezza الذي هو عبارة عن عملية تقدير وتقييم لإرادة الشخص وعلاقته بالفعل والنتيجة. فالمسؤولية الموضوعية لا تعني انعدام الإرادة فان انعدام الإرادة للفعل شيء، وانعدام الإثم شيء آخر، فانعدام إرادة الفعل ينفي قيام الفعل والنتيجة لا يمكن مساءلته حتى عن المسؤولية الموضوعية، والتي تشترط مقدماً توافر الإرادة والإدراك في سلوك الشخص، ولكنها لا تعتد بتوافر الإثم وان انعدام الإثم للمساءلة فهو يعطـي مجالاً للمسؤولية الموضوعية التي تكتفي بتوافر قـدر من العلاقـة المعنوية فـي الركـن المعنوي للفعـل ولا تعتد بتوافر الركن المعنوي للجريمة الذي ينحصر في الإثم(13)، أي لا يمكن الأخذ بهذا الاتجاه كأساس لمسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة لتعارضه مع طبيعة النتيجة المحتملة حيث ينفي كل رابطة نفسية تربط الجاني بتلك النتيجة، ولتعارضه مع القواعد العامة لسياسة التجريم التي تفترض براءة المتهم وتقوم على مبدأ شخصية المسؤولية وتوافر الإثم(14).
خامساً- الخطأ غير العمدي
ان جانب من الفقه يبرر الخطأ غير العمدي أساساً لمسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة تعويلاً على تشابه فكرتي استطاعته التوقع التي يقوم على أساسها الخطأ غير العمدي ووجوب التوقع التي تقوم عليها مسؤولية الشريك(15).
ومن الصعوبة بمكان التسليم بهذا الرأي، لان للخطأ غير العمدي صورتين هما الخطأ الواعي والخطأ غير الواعي(16)، فإمكانية التوقع غير كافية لترتيب المسؤولية على النتيجة الإجرامية ما لم تكن النتيجة التي حصلت بسبب صورة من صور الخطأ (إهمال أو رعونة أو عدم انتباه أو عدم احتياط أو عدم مراعاة القوانين)(17)، كذلك فان مسؤولية الشريك هي مسؤولية عن جريمة عمدية وليس جريمة غير عمدية، فإذا كان المشرع ساكتاً عن بيان صورة الركن المعنوي في جريمة من الجرائم كان معنى ذلك انه تطلب العمد فيها، أما إذا اكتفى بالخطأ غير العمدي تعين ان ينص على ذلك صراحة فضلاً عن ذلك ان الشريك لا يمكن ان ينفي عن نفسه المسؤولية عن هذه النتيجة ولو لم يكن قد توقعها طالما إنها نتيجة محتملة لفعل الاشتراك بحسب المجرى العادي للأمور(18).
سادساً- القصد المتعدي كأساس للمسؤولية
تذهب طائفة من الفقهاء الى تحميل الشريك مسؤولية النتيجة المحتملة على أساس القصد المتعدي واعتبارها من الجرائم متعدية القصد(19)، فان الاعتداء الفاحش يمثل النتيجة نفسها التي تعدت حدود القصد قد وقع نتيجة لارتكاب الفعل أو الامتناع ومن ثم يمكن نسبته الى الفاعل على أساس اتصاله بسلوكه برابطة السببية المادية، وان هذه النتيجة الجسيمة التي تعدت قصد الجاني ما هي إلا نتيجة محتملة ترتبط برابطة السببية بين السلوك والنتيجة الجسيمة، فهي سببية مادية مع سلوك الجاني لا علاقة لإرادته في وقوع تلك النتيجة، ولديهم ان القصد ذات النتيجة المتعدية يقع بين القصد الجنائي، والخطأ غير العمدي، إذ لا يفترض قبول النتيجة المحتملة ولا يسعى الى تحقيق مثل هذه النتيجة وان المسؤولية الجنائية عن هذه النتيجة هو الخطأ غير العمدي أيا ً كان احتمال حدوثها. لان احتمال حدوث تلك النتيجة دون انصراف الإرادة الى تحقيقها لا يشكل إلا الخطأ غير العمدي، فلكي يتوفر القصد الجنائي يجب ان يكون على الأقل هناك توقع وقبول النتيجة المحتملة(20). ان ما جاء به هذا الاتجاه من كون النتيجة المحتملة من الجرائم المتعدية القصد وتقام مسؤولية الشريك تبعاً لذلك ينافي المنطق القانوني السليم في ان الجرائم المتعدية القصد تختلف عن الجريمة المغايرة في الجانب المادي والمعنوي لكل منهما وان أساس المسؤولية في الجريمة المغايرة ان قصد الشريك يختلف تبعاً لذلك عن أساس المسؤولية في الجريمة المتعدية(21). أما نحن فنرى.. ان الأساس القانوني لمسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة هي النصوص القانونية التي تقرر تلك المسؤولية والتي تتناقض مع المبادئ العامة في القانون، فان القواعد العامة تقرر لا يسأل جزائياً عن جريمة عمدية إلا إذا توافر لديه القصد الجنائي المتجه إليها ونلاحظ ان المادة (53) نصت (يعاقب المساهم في الجريمة فاعلاً أو شريكاً بعقوبة الجريمة التي وقعت فعلاً ولو كانت غير التي قصد ارتكابها متى كانت تلك الجريمة التي وقعت نتيجة محتملة للمساهمة التي حصلت)، تجعل الشريك مسؤولاً عمداً عن جريمة لم يتجه إليها قصده، الأمر الذي يجعل هذه النصوص وحدها هي الأساس في مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة وليس وفقاً للقواعد العامة في القانون، إذن مسؤولية الشريك عن النتيجة المحتملة مسؤولية استثنائية أساسها النص القانوني ولذلك فان وجودها أساسه النص القانوني فهي مرهونة به دون غيره.
__________________
[1]- د.سمير الشناوي، النظرية العامة للجريمة والعقوبة في قانون الجزاء الكويتي (دراسة مقارنة)، الكتاب الأول، الجريمة، بدون تحديد الناشر، 1988، ص137. و د.احمد فتحي سرور، مصدر سابق، ص361.
2- د.علي بدوي، مصدر سابق، ص358. و د.محمود محمود مصطفى، مصدر سابق، ص188. ود.هدى حامد قشقوش، مصدر سابق، ص104.
3- د.احمد عوض بلال، مصدر سابق، ص526.
4- د.علي احمد راشد، مصدر سابق، ص353-354. و د.محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات (القسم العام)، مصدر سابق، ص568. و د.محمود نجيب حسني، النظرية العامة للقصد الجنائي، دراسة تأصيلية مقارنة للركن المعنوي في الجرائم العمدية، دار دراسات قانونية، مجلة فصلية تصدر عن قسم الدراسات القانونية في بيت الحكمة، بغداد، العدد الثاني، السنة الأولى، 1999، ص55 وما بعدها. و مصطفى محمد عبد المحسن، القصد الاحتمالي في القانون الوضعي والنظام الإسلامي، رسالة دكتوراه مقدمة الى جامعة عين شمس، 1995، ص291.
5- د. مأمون سلامه، مصدر سابق، ص538. و د.عبد العظيم مرسي وزير، مصدر سابق، ص517. ود.محمد عيد غريب، مصدر سابق، ص853.
6- نصت المادة (56) عقوبات ألماني (إذا كان القانون يجعل توقيع العقوبة اشد معلقاً على ترتيب آثار على الفعل فلا تقع هذه العقوبة إلا إذا أحدثت هذه الآثار على نحو ويصف فيه مسلك الجاني بالنسبة لها بأنه على الأقل مشوب بالخطأ غير العمدي)، والمادة (29) عقوبات يوناني (يقرر القانون فيها تشديد عقوبة الفعل إذا أفضى الى نتيجة معينة فان هذه العقوبة توقع فقط إذا أمكن إسناد هذه النتيجة الى خطأ الفاعل)، والمادة (20) دنماركي (إذا كان توقيع العقوبة وتشديدها مشروطاً بكون الجريمة عمدية قد أفضت الى نتيجة غير مقصودة فان هذه العقوبة لا توقع إلا إذا أسندت النتيجة الى إهمال مرتكب الفعل أو كان قد اغفل في حدود إمكانياته توقعها بعد ان تحقق له خطر حدوثها)، وكذلك اخذ قانون العقوبات السوري والذي يقيم المسؤولية عن الجريمة المحتملة على أساس الخطر غير العمدي. انظر حسام سامي، مصدر سابق، ص328. و د.محمود نجيب حسني، المساهمة الجنائية في التشريعات العربية، مصدر سابق، ص437.
7- د.محمود محمود مصطفى، مصدر سابق، ص287. وعلي راشد، مصدر سابق، ص372. والسعيد مصطفى السعيد، مصدر سابق، ص217.
8- د. حسام سامي، مصدر سابق، ص325. و عوض محمد عوض، مصدر سابق، ص425. و محمود نجيب حسني، مصدر سابق، ص472. وعلي حسين خلف، مصدر سابق، ص776.
9- د.احمد عوض بلال، مصدر سابق، ص528.
10- عادل عازر، النظرية العامة في الظروف المشددة للجريمة، رسالة دكتوراه، المطبعة العالمية بالقاهرة، 1967، ص190-191. وفراس عبد المنعم عبد الله، القصد الجنائي الاحتمالي ، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه، 2001، ص100. و محمد عيد غريب، مصدر سابق، ص854.
11- د.علاء الدين راشد، مصدر سابق، ص399.
12- د. حسام محمد سامي، مصدر سابق، ص331.
13- د.مأمون محمد سلامه، قانون العقوبات، مصدر سابق، ص510 وما بعدها.
14- رفعت محمد علي رشوان، مصدر سابق، ص438. و د.محمد رشاد أبو عرام، مصدر سابق، ص426.
15- د.محمود نجيب حسني، مصدر سابق، ص438.
16- الخطأ الواعي: الصورة التي يتوقع الجاني فيها النتيجة بوصفها أثراً ممكناً لفعله وبحسب اعتماد على مهارته أو على ما يتخذه من احتياط أو بوسعه تجنبها والحيلولة دون حدوثها. الخطأ غير الواعي: الصورة التي لا يتوقع الجاني فيها حدوث النتيجة مع إنها متوقعة في ذاتها فهو يتفق مع الخطأ الواعي في عدم اتجاه الإرادة الى النتيجة غير المشروعة. انظر، د.توفيق الجمالي، مصدر سابق، ص442. و د.مأمون محمد سلامه، مصدر سابق، ص478.
17- انظر نص المادة (35) عقوبات عراقي.
18- د.حسن محمد ربيع، مصدر سابق، ص286-287.
19- د.سمير الشناوي، مصدر سابق، ص137 وما بعدها. و د.احمد فتحي سرور، مصدر سابق، ص580.
20- د.جلال ثروت، نظرية الجريمة المتعدية القصد في القانون المصري والمقارن، كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، 1964، ص198.
21- د.جلال ثروت، مصدر سابق، ص486. و فراس عبد المنعم عبد الله، مصدر سابق، ص99.
|
|
كل ما تود معرفته عن أهم فيتامين لسلامة الدماغ والأعصاب
|
|
|
|
|
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
|
|
|
|
|
جامعة الكفيل تناقش تحضيراتها لإطلاق مؤتمرها العلمي الدولي السادس
|
|
|