أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-5-2017
9628
التاريخ: 31-1-2016
12014
التاريخ: 11-1-2021
4695
التاريخ: 29-1-2016
4271
|
بماإن إجراءات التحري وجمع الأدلة في الجريمة الكمركية هي من اختصاص أعضاء الضبط القضائي الخاص من موظفي الكمارك الاّ ان إجراءات التحقيق الابتدائي، من اختصاص قاضي التحقيق والمحقق ولا يجوز لسواهما القيام به، الا في حالات استثنائية. وكقاعدة عامة، تعد الجريمة الكمركية من الجرائم الاقتصادية التي لم يخصها المشرع بأحكام خاصة في التحقيق أو التصرف فيه، ومن ثم فأن التحقيق والتصرف فيه يجري طبقاً لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية، إلا إن ذلك، لا يعني خلو قانون الكمارك من وجود نصوص خاصة تنظم التحقيق الكمركي. فقد أسندت المادة (187/ اولاً) من قانون الكمارك، لموظفي الكمارك الممنوحين صفة الضبط القضائي، وفقاً لما تقدم، وضباط شرطتها، صلاحية إجراء التحقيق الابتدائي، وهو الذي يهدف إلى التثبت من الوقائع التي كونت الجريمة وفقاً للإجراءات التي نص عليها القانون من اجل ترجيح الادلة، وللتوصل أما إلى إحالة المتهم إلى المحكمة المختصة إذا كانت الأدلة صحيحة وكافية او إخلاء سبيل المتهم وغلق التحقيق ان لم يثبت صدور الفعل الجنائي منه، او ان الأدلة غير كافية لتقديمه إلى محكمة الموضوع. وبمعنى اخر، فالتحقيق الابتدائي يعني مجموعة الإجراءات التي تباشرها سلطة التحقيق بالشكل المحدد قانوناً بغية جمع الأدلة وتدقيقها والكشف عن الحقيقة قبل مرحلة المحاكمة. وتعد هذه الإجراءات على قدر كبير من الأهمية في القضايا الكمركية لأن الأحكام التي تصدر فيها غالباً ما تبنى على ما تسفر عنه تلك الإجراءات من أدلة وقرائن. والقيام بهذا الإجراء التحقيقي أنيط بالمحقق، وفقاً لنص المادة (187/ أولاً) من قانون الكمارك، وهو الشخص الذي يتولى إجراء التحقيق في المخالفات والجرائم المرتكبة ضد أحكام قانون الكمارك لغرض إثبات وقوع الجريمة وكيفية ارتكابها ومعرفة الظروف المحيطة بها ومدى علاقة المتهم بها(1). وقد أحيطت إجراءات التحقيق الابتدائي، وكل ما يتعلق به بعدة مبادئ وقواعد عامة تكفل نزاهته، وحياده وتنأى عن ان تكون وسيلة للعبث بالحريات الفردية وحقوق الإنسان(2). والمحققون الكمركيون في المناطق الكمركية الثلاث والدوائر التابعة لها يعينون من قبل مدير عام الكمارك، وتمنح هذه الصلاحية لأي موظف يراه قادراً على أداء هذه المهمة ويخضع هؤلاء في أعمالهم إلى إشراف مدير الشؤون القانونية ومعاون المدير العام في المنطقة الكمركية فضلاً عن إشراف ومراقبة نائب المدعي العام، ومن المبادئ المسلم بها ان نمط العدالة إنما يتوقف على نوع الأشخاص الذين يطبقون القوانين اكثر مما يتوقف على ما يحويه القانون الذي يطبقونه. لذا فأنه يكون لزاماً ان لا يسلم التحقيق الا لمن هو قادر على استعماله وتؤهله صفاته ومعلوماته للقيام به على الوجه الأكمل. إن من هذه الصفات أن يكون المحقق ملماً بالقوانين الجنائية والكمركية وإجراءاتها لأنها تساعده على التفرقة بين الأفعال التي تعد جريمة (محظورة) والأفعال التي لا تدخل في نطاق الجرائم (المباحة) وتمكنه من اتباع الوسائل التي يجب أن يسلكها منذ وصول خبر وقوع الجريمة إلى حين ربطها بحكم واكتساب هذا الحكم، الدرجة القطعية، كما يتطلب الأمر أيضاً أن يكون ملماً بعلم النفس الجنائي لأن ذلك العلم يدرس السلوك الإجرامي ودوافعه، فضلاً عن انه يكسبه الخبرة والمهارة التي لابد منها لمزاولة عمله على أتم وجه. كما ان المحقق بحكم وظيفته يحتاج الى التفاهم مع المتهم والشاهد فإذا كان أحد هؤلاء أجنبياً وجب عليه ان يتفاهم معه بلغته الأصلية بالاستعانة بمترجم وذلك بعد تحليف المترجم اليمين بأن يترجم ما يقوله أحد هؤلاء بكل أمانة وإخلاص وبصدق(3). أن قانون الكمارك رقم 23 لسنة 1984 المعدل لم يتطرق إلى التحقيق في المخالفات والجرائم الكمركية وانما يجري وفق أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية وقانون المرافعات المدنية، وإذا ما رجعنا إلى قانون أصول المحاكمات الجزائية نجده يشترط استقدام المتهم بالذات لتدوين أقواله أو ممثل المتهم إذا كان هذا الأخير شخصاً معنوياً، وان يكون هذا الممثل مخولاً من المدير المفوض للشركة، صلاحية الحضور في التحقيق والخصومة والتبلغ بالأحكام. أن التحقيق في القضايا الكمركية هو في الحقيقة مهمة شاقة في بعض جرائم التهريب وخاصة تهريب السيارات ومعاملات الإدخال المؤقت الترانسيت لما يرافق ذلك من تخطيط مدروس للجريمة وارتباطه بجرائم أخرى كتزوير المستندات الرسمية والتلاعب والتحريف ونقل المواصفات وغيرها من الوسائل غير المشروعة لذلك يقتضي الحال على القائم بالتحقيق أن يكون فطناً يفهم ما يدور حوله له القابلية التي يستطيع بها التسلل في إحراج المتهم والشاهد للوصول للمعلومات التي يهدف إليها والتي تؤدي إلى الحقيقة، وذلك بتوجيه الأسئلة حسب اهميتها، ويستمع الى إفادة المتهم والشاهد بكل دقة وان لا يفوته أي كلمة في تدوين حرف واحد مما قاله من له علاقة بالدعوى. وعلى العموم، فإن المحقق الكمركي شأنه شأن المحقق العدلي ان يكون قوي الشخصية والإرادة ولا يتأثر بالمؤثرات الخارجية وأن يفرض احترامه على الذين يجري التحقيق معهم بأسلوبه ومعاملته وإذا تمكن المحقق من كسب ثقة المتهمين فأنه سوف يحصل على الحقيقة التي هي هدفه بأسهل الطرق وأقصرها وأن يتعامل معهم بمنطق العقل والابتعاد عن التعامل بالعاطفة لان مهمته لها مساس بحقوق المواطن والموازنة العامة(حقوق الخزينة) والتي لا يمكن التفريط بإحداها، وعلى كل حال فأن للمجهود الشخصي للمحقق اثر كبير في السير بالدعوى وما يحرزه من تقدم في انجازها على الوجه المطلوب وان يكون دقيقاً في اعماله وأن يأخذ الامور بتفاصيلها ووثائقها وليس بظواهرها(4). ويجوز اجراء التحقيق في الجريمة الكمركية من قبل مسؤول في مركز الشرطة استثناءاً ويجوز اجراء التحقيق من اية سلطة مخولة في التحقيق في الجرائم اذا صدر اليها امر من قاضي التحقيق اذا اعتقد ان إحالة المخبر الى القاضي أو المحقق تؤخر به الاجراءات مما يؤدي الى ضياع معالم الجريمة والا ضرار بسير التحقيق أو هروب المتهم، على ان تعرض الاوراق التحقيقية على القاضي حال فراغه منها ويكون للمسؤول في مركز الشرطة في هذه الاحوال سلطة محقق(5). وقد تتفاوت الجرائم الكمركية- من حيث الأهمية، فأهمية جريمة التهريب وخصوصيتها ومقتضيات سرعة حسم الدعوى والوقوف على حقيقة وجود التهريب فأن ذلك يتطلب وجود قاضي تحقيق مختص للنظر في هذه الجريمة يكون قريباً من الاماكن التي ترتكب فيها الجريمة للاشراف على التحقيق وجمع الادلة وتقدير توفرها والوصول الى الحقائق، لذلك نؤيد من يرى ضرورة تشكيل محاكم تحقيق مختصة بالتحقيق في جريمة التهريب الكمركي، قريبة من المكاتب الكمركية بالاستناد للصلاحية القانونية المناطة لوزير العدل بتشكيل مثل هذه المحاكم المنصوص عليها في المادة35/ثانياً من قانون التنظيم القضائي(6). كذلك نرى ضرورة تأهيل محققين مختصين في التحقيق في جريمة التهريب على غرار المحققين الموجودين في مراكز الشرطة على ان يكون تعيين هؤلاء المحققين بأمر من وزير العدل، ويكونوا حاصلين على شهادة البكالوريوس في القانون معترف بها، ويؤهلون لممارسة هذا العمل .
_________________________
1- انظر نجم عبد حسين، التحقيق في القضايا الكمركية، بحث منشور في مجلة الكمارك العدد الثاني عشر، السنة الثانية، كانون الأول، 1987، ص6.
2- د. فوزية عبد الستار، شرح قانون الإجراءات الجنائية، الجزء الأول، دار النهضة العربية، 1977، ص206.
3- نصت المادة (61/ج) من قانون أصول المحاكمات الجزائية على (إذا كان الشاهد لا يفهم اللغة التي يجري بها التحقيق أو كان أصم أو أبكم جاز تعيين مَن يُترجم أقواله أو إشاراته بعد تحليفه اليمين بأن يترجم بصدق وأمانة).
4- انظر تفصيلا نجم عبد حسين، المرجع السابق،ص7.
5- المادة (50) من قانون اصول المحاكمات الجزائية.
6- نصت المادة 35/ ثانيا من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 على ان لوزير العدل بناء على اقتراح من رئيس الاستئناف ان يخصص محكمة تحقيق لنوع أو انواع معينة من الجرائم انظر تأييد لذلك ناصر ذياب الشمري، المرجع السابق ص 40.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|