أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-11-2014
2230
التاريخ: 15-10-2014
7920
التاريخ: 14-10-2014
1960
التاريخ: 14-10-2014
4250
|
هو أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري (ت 427هـ) .
قال ابن خلكان : كان أوحد زمانه في علم التفسير وصنف التفسير الكبير الذي فاق غيره من التفاسير (1) . وقال ابن كثير : كان كثير الحديث واسع السماع . وذكره الفارسي في تاريخ نيشابور وأثنى عليه وقال : هو صحيح النقل موثوق به (2) . وقال ابن عماد : كان حافظاً واعظاً ، رأساً في التفسير والعربية ، متين الديانة (3) . وقال القفطي : الثعلبي، المقري ، المفسر والواعظ ، الأديب ، الثقة ، الحافظ ، صاحب التصانيف الجليلة ، العالم بوجوه الإعراب والقراءات . له التفسير الكبير والعرائس في قصص الأنبياء ونحو ذلك . سمع منه الواحدي التفسير وأخذ عنه (4) .
ألقى الثعلبي ضوءاً على تفسيره وأبان عن منهجه وطريقته التي سلكها فيه ، فذكر اختلافه لدى العلماء منذ الصغر ، واجتهاده في الاقتباس من علومهم ولا سيما علم التفسير الذي هو أساس الدين ورأس العلوم الشرعية .. وذكر مواصلته ظلام الليل بضوء الصباح بعزم أكيد وجهد جهيد ، حتى رزقه الله ما عرف به الحق من الباطل والفاضل من المفضول ، والحديث من القديم ، والبدعة من السنة ، والحجة من الشبهة .. وظهر له أن المصنفين في تفسير القرآن فرق وعلى طرائق مختلفة :
فرقة أهل البدع والأهواء .. (5)
وفرقة ألفوا فأحسنوا ، لكنهم خلطوا أباطيل المبتدعين بأقاويل السلف الصالحين ..
وفرقة اقتصروا على مجرد النقل والرواية وتركوا النقد والدراية ..
وفرقة حذفت الأسانيد ونقلت من الصحف والدفاتر وحررت على هوى الخواطر وذكرت الغث والسمين والواهي والمتين ..
وفرقة حازوا قصب السبق في جودة التصنيف والحذق ، غير أنهم طولوا وأطنبوا ..
وفرقة جردت التفسير عن التعرض للأحكام وبيان الحلال والحرام ، والحل عن غوامض المشكلات والرد على أهل الزيغ والشبهات ..
ثم بين أنه لم يعثر في كتب من تقدمه جامع شامل مهذب معتمد عليه ، هذا مع شدة رغبة الناس الى إخراج كتاب في تفسير القرآن جامع كامل يغني اللبيب ويروي الأديب ويشفي الأريب .. قال : ثم استخرت الله تعالى في تصنيف كتاب شامل كامل مهذب ملخص مفهوم منظوم ، مستخرج من زهاء مائة كتاب مجموعات مسموعات سوى ما التقطه من التعليقات والأجزاء المتفرقات ، وتلقاه عن أقوام من المشايخ الأثبات ، وهم قريب من ثلاث مائة شيخ .. قال : فنسقته بأبلغ ما قدرت عليه من الإيجاز والترتيب .
قال : وخرجت فيه الكلام على أربعة عشر نحواً : البسائط والمقدمات ، والعدد و الترتيلات ، والقصص والروايات ، والوجوه والقراءات ، والعلل والاحتجاجات ، والعربية واللغات ، والإعراب والموازنات ، والتفسير والتأويلات ، والمعاني والجهات ، والغوامض والمشكلات ، والأحكام والفقهيات ، والحكم والإشارات ، والفضائل والكرامات ، والأخبار والمتعلقات .. أدرجتها ضمن الكتاب ، بحذف الأبواب . وسميته : الكشف والبيان عن تفسير القرآن ..
أما المصادر التي اعتمدها الثعلبي فذكرها مع أسانيده إليها حسب التالي :
التفاسير المأثورة عن ابن عباس وعكرمة والكلبي ومجاهد والحسن البصري وأبي العالية والربيع والقرظي ومقاتل بن حيان ومقاتل بن سليمان وابن جريج وسفيان الثوري ووكيع وشبل بن عباد وورقاء وزيد بن أسلم و روح بن عبادة و الفراتي محمد ابن يوسف وقبيصة بن عقبة وسعيد بن منصور والنهدي : أبو حذيفة موسى بن مسعود وابن وهب وعبد الحميد بن حميد الكشي و محمد بن أيوب الرازي وعبد الرحمان بن كيسان هو أبو بكر الأصم (6) وتفسير أبي حمزة الثمالي وتفسير المسيب بن شريك ..
تلك مصادره من كتب تقدمته . وانضم إليها مصادر ممن عاصره ، وهي :
تفسير عبد الله بن حامد ، قرأه عليه . تفسير أبي عمرو الفراتي الملقب بالبستاني ، أجاز له بجميعه لفظاً وخطاً . تفسير أبي بكر بن فورك ، أملى عليه صدراً . تفسير أبي القاسم بن حبيب ، سمعه غير مرة . تفسير جبريل (7) قرأه كله على مصنفه . تفسير الصيدلاني أبي الحسن محمد بن القاسم الفقيه . سمع بعضه من مصنفه وأجاز له بالباقي ، ويعرف بتفسير النبي ، حيث جمع فيه المرويات عنه (صلى الله عليه واله وسلم) . وتفسير ابن المبارك الدينوري بالإسناد إليه . وتفسير السلمي أبي عبد الرحمان محمد بن الحسن السلمي ، المسمى بـ " حقائق التفسير على لسان أهل الإشارة " . قرأه كله على مصنفه فأقر له به . وكتاب عروة . وكتاب مالك (8) .
ومن كتب المعاني : معاني القرآن للفراء . ومعاني القرآن للكسائي ، ولأبي عبيد القاسم ابن سلام والزجاج وكتاب النظم للجرجاني وكتاب الغرائب لأبي عبيد معمر بن المثنى التيمي ، والغريب للأخفش .. كل ذلك بالأسانيد العالية ..
وهذا من ميزات هذا الكتاب ، قد حفظ لنا ميراثاً علمياً ضخماً ، تداركه قبل أن يندثر ، فضمن له البقاء في ذمة الخلود .. وجعلها كلمة باقية في عقبه ..
والحق أن هذا التفسير يمتاز بأمور قلما تجمعها سائر التفاسير المعتبرة .. وبذلك أصبح من يومه مرجعاً فخماً لمن كتب بعده وحتى اليوم هو من مراجع التفسير المفضلة ..
إنه حذف الأسانيد اكتفاءً بذكرها في المقدمة من غير حاجة الى الإعادة والتكرار .
كما تعرض لشتى المسائل اللغوية والأدبية بتحليل واستشهاد شعري قويم . وهكذا عند التعرض للمسائل الفقهية ، يردها بتوسع واستقصاء للأقوال ومسائل الخلاف ..
خذ لذلك مثلاً تفسيره للآية 11 من سورة النساء ، إنه يفيض في الكلام عن تركة الميت ، ويذكر جملة الورثة والسهام المحددة ، ويذكر من فرضه الربع ، ومن فرضه الثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس . وهكذا يتعرض لنصيب الجد والجدة والجدات . ثم يتكلم عن نظام الميراث في الجاهلية ، عن علم واسع ..
أما المسائل الأدبية فحدث عنها ولا حرج .. مثلاً تجده عند الآية 90 من سورة البقرة يخوض في مسائل النحو والكلام عن نعم وبئس بتفصيل فائق .. كما نجده يحلل لفظة " ينعق " ( الآية 173 من البقرة ) تحليلاً دقيقاً ويصرفها علي وجوه بأسلوب متين .
كما أنه لا يتوانى عن ذكر فضائل آل البيت (عليهم السلام ) عند كل مناسبة ، ولا سيما عند التعرض لآيات نزلت بشأن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بكل جهد وإخلاص . .وهكذا يتطرق الكتاب لنواح علمية أخرى لا يكاد يجدها المراجع في سائر التفاسير . ومن ثم كان هذا التفسير ولا يزال مرجعاً عاماً للتفسير ، حيث أريد الوقوف على آراء السلف وأقوالهم ونظرات المفسرين القدامى وأهل التاريخ والحديث بصورة مستوعبة .
فقد امتاز هذا التفسير بتوسعة في اللغة والأدب ووجوه القراءات والإحاطة بكلام السلف والإجادة في نقلها وبسطها ، حيث كان مفسرنا كثير الشيوخ كثير الحديث صحيح النقل موثوقاً به (9) غير انه لم يتحر الصحة فيما ينقله من تفاسير السلف ، ومن ثم وقع فيما وقع فيه كثير من المفسرين المكثرين من النقل . وقد جر على نفسه وعلى تفسيره بسبب هذه الكثرة من النقل ما جره أكثر المفسرين القدامى المعتمدين على النقل والأثر .
ومن امتيازات هذا التفسير أيضاً اعتماده على روايات الشيعة أكثر من غيره .. وتبعه على ذلك البغوي والواحدي ممن تأخر عنه وأخذ منه .. فكانوا موضع عتاب الجهلاء ..
هذا ، ومع ذلك فنرى ابن تيمية قد تهافت في ظاهر كلامه عن هذا التفسير ..
هو عند ما يسال عن أي التفاسير أقرب الى الكتاب والسنة : الزمخشري أم القرطبي أم البغوي أم غير هؤلاء ؟
يقول : أما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير الطبري ، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة ، وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين . أما التفاسير الثلاثة المسؤول عنها ، فأسلمها من البدعة والأحاديث الضعيفة ، البغوي . لكنه مختصر من تفسير الثعلبي ، وحذف منه الأحاديث الموضوعة والبدع التي فيه ..
وأما الواحدي – في تفاسيره الثلاثة : البسيط والوسيط والوجيز – فإنه تلميذ الثعلبي ، وهو أخبر منه بالعربية . لكن الثعلبي فيه سلامة من البدع (10) ! وإن ذكرها تقليداً لغيره .. (11) .
إذ لم يعرف من هذا الكلام أن تفسير الثعلبي هل هو خلو من البدع أم تتواجد فيه ؟!
ولعله أراد سلامة الثعلبي ذاته من الابتداع ، وإن لم يسلم تفسيره من البدع التي ذكرها فيه عفواً وعن متابعة للآخرين وليس عن اعتقاد بها ..
وهذا التفسير طبع أخيراً وبعد انتظار طويل ، بتحقيق ابن عاشور ومراجعة الأستاذ الساعدي في عشر مجلدات ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت : 1422 هـ . / 2002م.
________________________
1- وفيات الأعيان ، ج1 ، ص79-80 .
2- البداية والنهاية ، ج12 ، ص43.
3- شذرات الذهب لابن عمادة ، ج2 ، ص230.
4- انباء الرواة للقفطي ، ج1 ، ص154 ، رقم 59.
5- وسماهم كما سمى سائر الفرق . وقد تركناهم لمراجع التفسير ذاته .
6- المعتزلي صاحب المقالات في الأصول . كان من أفصح الناس و أورعهم وأفقههم وله تفسير عجيب . ذكره عبد الجبار الهمداني في طبقاتهم (لسان الميزان لابن حجر ، ج3 ، ص427 ، رقم 1685).
7- لعله جبريل بن محمد بن إسماعيل أبو القاسم الهمذاني صاحب المسند سمع أبا القاسم عبد الله بن محمد البغوي مصنف المعجم الكبير للصحابة وغيره من أعلام زمانه . توفي سنة 384 هـ . (الوافي بالوفيات للصفدي ، ج11 ، ص 36 ، رقم 2730 ؛ سير أعلام النبلاء ، ج16 ، ص503 ، رقم 373.
8- ولله دره ، لولا انه استقصي هذه الكتب واجتنى ثمارها اليانعة ، لضاعت أكثرها مع الأبد ولما عرفنا منها شيئاً .. وهذا من ميزة هذا التفسير الجليل ..
9- التفسير والمفسرون ، ج1 ، ص 228-235.
10- يقصد من البدع – حسب زعمه – تأويلات المعتزلة .
11- راجع : فتاوي ابن تيمية ، ج2 ، ص193 ؛ مقدمة في أصول التفسير ، ص56-57.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|