المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



أمية بن أبي عائذ الهذلي  
  
7955   12:50 صباحاً   التاريخ: 29-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج1، ص453-458
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /

هو أميّة بن أبي عائذ العمريّ أحد بني عمرو بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل، من أهل بادية الحجاز قريبا من مكّة.

ولا نعلم من أخبار أميّة إلاّ أنه كان من مدّاحي بني أميّة وأنه مدح عبد العزيز وعبد الملك ابني مروان: ذهب إلى مصر ومدح عبد العزيز ثم طال مقامه عنده (1)، إذ نال عنده حظوة كبيرة. ثم إنّ أميّة تشوّق إلى البادية وإلى أهله فأذن له عبد العزيز بالرجوع إلى الحجاز. ولعلّ أميّة مدح عبد الملك بن مروان بعد رجوعه من مصر.

ولا نعرف متى عاد أمية بن أبي عائذ الهذليّ من مصر، ولا متى كانت وفاته (2).

أمية بن أبي عائذ الهذليّ شاعر متين السّبك بدويّ النفس جاهليّ المنهج في قول الشّعر. و قد كان يفتخر بأنه كان يحبّر الكلام (يتخيّره) و يجعله (عربيّا) صريحا (خالصا لا عجمة فيه، واضح المعنى) . و كان يكره الشّعراء المحدثين الذين يلفّقون كلاما ليس على المنهاج القويم أو القديم. و مما يلفت النّظر أنه استعمل كلمة «محدثون» ، لمّا وصف القصيدة التي مدح بها عبد العزيز بن مروان فقال عنها:

محبّرة من صريح الكلا... م، لا كما لفّق المحدثونا

و الابيات التي أثبتها الأصفهانيّ لأميّة بن أبي عائذ الهذليّ تدور على المديح و الادب في الدّرجة الأولى، و فيها شيء من وصف البادية و وصف الناقة.

المختار من شعره:

لمّا وفد أميّة بن أبي عائد الهذليّ على عبد العزيز بن مروان في مصر أنشده قصيدة منها في الاغاني (20:115-116) :

ألا إنّ قلبي مع الظاعنينا... حزين، فمن ذا يعزّي الحزينا (3)

فيا لك من روعة يوم بانوا... بمن كنت أحسب ألاّ يبينا (4)

إلى سيّد الناس عبد العزي‍ـ...ـز أعملت للسّير حرفا أمونا (5)

صهابيّة كعلاة القيو... ن من ضرب جوهرها يخلصونا (6)

إذا أزبدت من تباري المطـ...ـيّ خلت بها خبلا أو جنونا (7)

تؤمّ النّواعش و الفرقديـ...ـ‍ن تنضّ للقصد منها الجبينا (8)

إلى معدن الخير عبد العزي‍ـ...ـز تبلّغنا ظلّعا قد حفينا (9)

ترى الأدم العيس تحت المسو... ح يرعدن من عرق الأين جونا (10)

تسير بمدحي عبد العزي‍ـ...ـز كبان مكّة و المنجدونا (11)

محبّرة من صريح الكلا... م، لا كما لفّق المحدثونا (12)

و كان امرأ سيّدا ماجدا يصفّي العتيق و ينفي الهجينا (13)

و قال أمية بن أبي عائذ في مصر يتشوّق إلى أهله، و كان والي مصر عبد العزيز بن مروان قد رغب اليه بالبقاء في مصر:

متى راكب من أهل مصر وأهله... بمكّة من مصر العشيّة راجع (14)

بلى، إنّها قد تقطع الخرق ضمّر... تباري السّرى و المسعفون الزعازع (15)

متى ما تجزها، يا ابن مروان، تعترف... بلاد سليمى، و هي خوصاء ظلّع (16)

و باتت تؤمّ الدار من كل جانب... لتخرج، و استدّت عليها المصارع (17)

فلمّا رأت أن لا خروج، و إنّما... لها من هواها ما تجنّ الأضالع (18)

تمطّت بمجد سبطريّ و طالعت... و ما ذا من اللّوح اليماني تطالع (19)

-و له في وصف الناقة بالسرعة، و هي أبيات تغنّى (غ 20:116) :

تمرّ كجندلة المنجنيـ...‍ـق يرمي بها السّور يوم القتال (20)

فما ذا تخطرف من قلّة... و من حدب و آكام توال (21)

و من سيرها العنق المسبطرْ...رِ، و العجرفيّة بعد الكلال (22)

________________

1) راجع الاغاني (طبعة الساسي)20:116، السطر 8. و كانت ولاية عبد العزيز بن مروان على مصر من سنة 65 إلى 86 ه‍.

2) في الاعلام للزركلي (1:362) : كانت وفاة أمية بن أبي عاذ الهذلي سنة 75 ه‍(695 م) .

3) الظاعنون جمع ظاعن: الذي ينتقل عن الحي إلى مكان آخر (المقصود: الظاعنات!) . يعزي: يسلي، ينسي الحزين حزنه.

4) روعة: فزعة، خوف و حزن يستوليان على النفس. بانوا: بعدوا، فارقوا، سافروا. بمن كنت أحسب ألا تبينا: بالفتاة (التي أحبها) و التي كنت واثقا بأنها لن تتركني.

5) أعمل: أجهد، ساق سوقا شديدا. الحرف: الناقة الضامرة (أو المهزولة من كثر السفر) . أمون: وثيقة الخلق (بفتح الخاء) ، متينة البنيان، شديدة الاعضاء.

6) صهابية: لونها مائل إلى الحمرة. العلاة: السندان (الذي يطرق عليه الحداد الحديد) . القيون جمع قين: الحداد. ضرب: نوع، جنس. جوهر الشيء: ما بنيت عليه جبلته (طبيعته المميزة له من كل ما عداه) . يخلصون: يصهرون بالنار حتى يفرقوا بين المعادن (بين الذهب و النحاس مثلا) . و المعنى: هذه الناقة حمراء اللون لها رأس كالعلاة (السندان) : كبير، كناية عن عظم جسمها و قوتها. من ضرب جوهرها يخلصونا يفرقون بين المعدن و بين خبثه، اي الرواسب الغريبة عنه (؟) .

7) ازبدت: ظهر الزبد على فمها (أو على صدرها) ، كناية عن سرعتها و طول المسافة التي قطعتها. تباري: مباراة، سباق، منافسة. المطي جمع مطية: الحيوان الذي يستعمل للركوب (و هنا النياق) . خلت: ظننت. الخبل: فساد العقل، الجنون.

8) (كأنها لسرعتها و جنونها في سيرها) تؤم: تقصد (كأنها مسافرة إلى) النواعش: بنات نعش (مجموعة الكواكب التي تدور حول القطب الشمالي) . الفرقدان: نجم القطب الشمالي (و الملموح من قول الشاعر أن نجم القطب الشمالي نجم مزدوج: نجمان يريان لبعدهما نجما واحدا) .

9) المعدن: الاصل: المكان الذي ينبع منه الخير. تبلغنا: تصل بنا اليه النياق ظلعا (قد أصبحت تعرج -بفتح التاء و الراء-من مشقة السفر: من صعوبة الطريق و طولها) قد حفينا (قد ذهب الجلد من باطن أخفافها: الجزء الذي يمس الأرض من قوائمها) .

10) الأدم العيس: العيس (الابل البيض يخالط بياضها شقرة) ، الأدم (التي يكون البياض فيها شديد الوضوح. -راجع القاموس 4:73، الاسطر 15-18) . المسوح جمع مسح (بكسر الميم) : بلاس (حصير) ، ثوب أسود من جلد (تراكم الغبار الأسود على الابل البيض، من طول الطريق و صعوبتها، حتى أصبحت كأنها تلبس ثوبا أسود) . أرعدت (بالبناء للمجهول) الابل: أصابتها الرعدة أو الارتجاف (من البرد و المرض) . الاين: التعب. الجون: السود. -ان الابل البيض قد أصبحت من تكاثف الغبار عليها (كناية عن طول الطريق و صعوبتها) سود الألوان كأنها تلبس مسوحا (ثيابا سودا) .

11) ركبان مكة: المسافرون إلى مكة (المقصود: إلى تهامة، أي الأرض المنخفضة على ساحل البحر الأحمر) . المنجدون: المسافرون إلى نجد (الهضبة المرتفعة شرق الحجاز) . -ان المسافرين إلى تهامة و إلى نجد (جميع العرب، جميع الناس) يحملون قصائدي في مديح عبد العزيز بن مروان من مكان إلى آخر (لجودتها) .

12) محبرة: (قصائدي) محبرة: جميلة كالحبر (بكسر الحاء و فتح الباء: الثياب من الحرير) و التي فيها عناية و تأنق. صريح الكلام: الكلام العربي الخالص في عروبته الواضح في معناه. لا كما لفق المحدثون: ليست كالكلام الهجين (الممزوج بألفاظ و تعابير ليست عربية قد جمع بعضه إلى بعض على غير منهاج عربي فجاءت معانيه غامضة) . المحدثون: الجدد، الشبان (غير البارعين في اللغة و الشعر) .

13) -و عبد العزيز رجل (عارف بجيد الكلام) يصفي العتيق (يتخير الشعر الكريم الاصيل) و ينفي (يرد، يرمي، يبعد) الهجينا (الكلام الممزوج المخلوط بكلام غير عربي صرف) . -ان عبد العزيز يفضل شعري على شعر غيري.

14) راكب من أهل مصر: زائر لمصر قد طال مكثه فيها حتى أصبح كأنه من أهلها. أهله بمكة: زوجه و أقاربه يسكنون مكة. العشية: آخر النهار (في آخر عمره: قد أصبح كبيرا جدا في السن فيريد أن يرى أهله قبل أن يموت) .

15) الخرق: الفلاة المقفرة الواسعة. الضمر جمع ضامر و ضامرة: الناقة النحيلة (السريعة القادرة على قطع المسافات الطوال) . المباراة: المعارضة و سير الناس جنبا إلى جنب (بخلاف ما يفهم من كلمة المعارضة اليوم) . السرى: السفر ليلا. هذه النياق تباري السرى: تسافر ليلا و نهارا من غير راحة (مع أن العادة أن السفر في الصحراء يكون ليلا فقط ثم ترتاح النياق في النهار) . و المسعفون (المساعدون، المرافقون في السفر: أصدقاء المسافر و معينوه) . الزعازع جمع زعزاعة: كتيبة كثيرة الخيل.

16) ابن مروان: عبد العزيز. -إذا جازت (قطعت) نياقنا الخرق (الفلاة الواسعة) . تعترف (تعرف) بلاد سليمى. خوصاء: غائرة العينين (من التعب و النحول) . ظلع جمع ظالع و ظالعة: مائلة على شق (جنب) واحد تعرج (بفتح التاء و الراء) من التعب أيضا.

17) المصارع جمع مصراع (بكسر الميم) : أحد قسمي الباب (السبيل، الطريق) . -حاولت أن أخرج من مصر إلى الحجاز بكل سبيل فوجدت السبل كلها مسدودة (كان عبد العزيز بن مروان محبا للشاعر و حريصا على أن يبقيه عنده) .

18) لما استحال على النوق (علي أنا) أن تغادر مصر و أيقنت أنها يجب أن تكتفي بالحب الذي تكنه في قلبها للحجاز...

19) تمطت: أسرعت في السير. المجد: العطاء الكثير. السبطري (في القاموس 2:44، سبطر بكسر السين و فتح الباء و سكون الطاء) : الطويل، الممتد. طالع فلان الشيء مطالعة: اطلع عليه، تطلع إلى وروده (وصول رسالة مثلا) و استشرفه (حاول رؤيته من بعيد) . -. . . اكتفيت بأن أتمتع بالعطاء الكثير الذي يغدقه علي عبد العزيز و بالرسائل التي ترد إلي من أهلي. اللوح: كل صفيحة عريضة خشبا كانت أو عظما إذا كتب عليها (القاموس 1:247، السطر 20) . اليماني: نسيج حرير من صنع اليمن. -و ما ذا تغني الرسالة (عن رؤية الاهل و الوطن) و لو كانت مكتوبة على نسيج من الحرير؟

20) الجندلة: (في القاموس 3:352) : الجندل: ما يقله (يستطيع حمله) الرجل من الحجارة، حجر متوسط الحجم. المنجنيق: آلة من آلات الحرب تقذف (بالبناء للمجهول) بها الحجارة على الاعداء. يرمي بها السور: تقذف من وراء السور (و تكون أكثر سرعة لأنها تكون -مع شدة دفعها بالمنجنيق-منحدرة أو ساقطة من أعلى إلى أسفل) . -يصف ناقته بالسرعة.

21) خطرف: أسرع في مشيته (بكسر الميم) ، جعل الخطوة الواحدة بقدر خطوتين. القلة: (بضم القاف) : الجبل أو رأس الجبل. الحدب: المرتفع من الأرض. آكام: تلال. توال: متوالية، متتابعة. -تقفز هذه الناقة في سيرها فوق الآكام و فوق قلل الجبال لا يعوقها شيء و هي مندفعة في جريها بسرعة عظيمة.

22) العنق: سير مسبطر (ممتد، واسع ما بين الخطوات) . العجرفية: قلة مبالاة لسرعته (القاموس 3:172) . الكلال: التعب. -تستمر في سيرها السريع و هي مرتاحة لا تشكو تعبا مهما طالت طريقها.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.