المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17808 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



آيات سورة هل اتى‏ (الإنسان)في حق علي عليه السلام  
  
2980   11:26 صباحاً   التاريخ: 7-12-2015
المؤلف : الشيخ ناصر مكارم الشيرازي
الكتاب أو المصدر : نفحات القران
الجزء والصفحة : ج9 , ص205- 212
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / سيرة النبي والائمة / سيرة الامام علي ـ عليه السلام /

تعتبر سورة «هل اتى‏» سنداً آخر من الأَسانيد المهمّة لفضيلة علي عليه السلام وآل النبيّ صلى الله عليه و آله، وأنّ التمعن في مضمون هذه السورة وعباراتها، وكذا شأن النزول الذي ذُكر لها يزيل الغموض عن الكثير من القضايا.

صحيح أنّ آيات هذه السورة تعرض بحثاً عاماً، إلّا أنّ سبعة عشر آية منها التي تبدء من الآية 5 : {إِنَّ الابرَارَ يَشرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كَافُورًا} وتستمر حتّى‏ الآية 22، تتحدث عن نفر على‏ أنّهم‏ «ابرار»، بَيدَ أنّ شأن النزول والروايات العديدة التي وردت في المصادر الإسلامية المعروفة، تكشف أنّ أتم وأكمل مصداق للأبرار في هذه الآية هم : علي، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام.

والجدير بالاهتمام أنّ في هذه الآيات السبعة عشر ذكرت أنواع نعم الجنّة، وأفضلها واسماها- سواءً المعنوية أو المادية- إذ أنّها تتحدث عن بساتين الجنّة، وعيون ماء الجنّة الطاهر، والملابس، والزينة، والطعام، والارائك والأسِرَّة، والوِلدان، وبالتالي النعم العظيمة والملك العظيم، والنعمة الوحيدة التي لم تجرِ الإشارة إليها في ما بين هذه النعم هي الأزواج وحور الجنّة حيث يقول بعض العارفين بأسرار القرآن : إنّ هذا الأمر بمثابة الاحترام لسيدة الإسلام فاطمة الزهراء عليها السلام.

وقليلًا ما تجتمع نعم الجنّة هذه وفي أقصى درجاتها في سورة من سور القرآن الكريم، وهذا يبرهن على‏ أنّ المراد من‏ «الأبرار» هنا ليسوا اناساً عاديين، بل أبرار ومطهرون وفي غاية العظمة والقرب من اللَّه.

وهذا الأمر جدير بالذكر أيضاً حيث ذكرت علامات لهؤلاء «الأبرار» إذا أنّها تكشف عن‏ منزلتهم، يقول تعالى : {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ويَخَافُونَ يَومًا كَانَ شَرُّهُ مُستَطِيراً* ويُطعِمُونَ الطَّعامَ عَلَى‏ حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَاسِيراً* انَّما نُطعِمُكُم لِوَجهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُوراً* انَّا نَخَافُ مِنْ رَّبِّنا يَوماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً} (الإنسان/ 7- 10).

أمّا شأن نزول هذه الآية : فيروي الزمخشري في تفسيره المعروف «الكشاف» عن ابن عباس : «إنّ الحسن والحسين عليهما السلام مرضا فعادهما رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في ناس معه، فقالوا : يا أبا الحسن، لو نذرت على‏ ولدك، فنذر علي وفاطمة وفضة إن بَرِئا ممّا بهما : أن يصوموا ثلاثة أيّام فشفيا وما معهم شي‏ء فاستقرض علي عليه السلام ثلاثة أصوع شعير فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على‏ عددهم فوضعوها بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم سائل فقال : «السلام عليكم‏ (1) أهل بيت محمّد» مسكين من مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم اللَّه من موائد الجنّة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلّا الماء، وأصبحوا صياماً فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم سائل يتيم فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة، ففعلوا مثل ذلك؛ فلما أصبحوا أخذ علي عليه السلام بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى‏ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فلما أبصرهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال : ما أشد ما يسوءني ما آرى‏ بكم، وقام فانطلق معهم فرأى‏ فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها فساءه ذلك، فنزل جبريل وقال : خذها يا محمد هنأك اللَّه في أهل بيتك فأقرأه السورة» (2).

ويروي القرطبي هذا المعنى‏ باختلاف قليل في تفسيره في ذيل آيات البحث، وينقل أيضاً شعراً عن السائلين وعن سيدة الإسلام في هذا المجال‏ (3).

ونقل «الفخر الرازي» أيضاً في تفسيره نفس هذه القصة عن الواحدي في كتاب «الوسيط»، والزمخشري في الكشاف، ولكنه يضيف في ذيلها : إنّ عبارة «إنّ الأبرار يشربون ...» جاءت بصيغة الجمع، وأنّها تشمل الأبرار جميعاً، ولا يمكن حصرها بشخص‏ واحد (علي بن أبي طالب عليه السلام)، وبالطبع لا يمكن انكار أنّ علياً عليه السلام داخل في عموم هذه الآيات، لكنها لا تختص به.

إلّا أن يقال : إنّ هذه السورة نزلت أثناء أداء علي عليه السلام العبادة خاصة، ولكن ثبت في اصول الفقه أنّ المعيار عموم اللفظ، لا خصوصية السبب‏ (4).

على‏ أنّ الفخر الرازي كأنّه نسي هذ الأمر وهو أنّ شأن النزول يقول : إنّ هذه الآيات نزلت بحق علي، وفاطمة، والحسن، والحسين عليهم السلام لا في علي بن أبي طالب خاصةً لتقع مشكلة صيغة الجمع.

أضف إلى‏ ذلك : أنّ المراد من شأن النزول ليس إلغاء «عمومية مفهوم الآية»، بل المراد هو أنّ هذه الآيات نزلت للمرة الاولى‏ بعد قيام هذه الاسرة بتلك العبادة والطاعة والايثار، وهذه فضيلة عظيمة ومنحة كبيرة أن تنزل هذه الآيات بعد أداء ذلك العمل.

وبتعبير آخر : إنّ علياً عليه السلام وأهل بيته المصداق السامي لهذه الآيات، بل يعدّون النموذج الكامل لها، لأنّ علة نزولها هو عملهم الطاهر، ومن أراد انكار هذه الفضيلة العظمى‏ إنّما يخادع نفسه.

وينقل «الآلوسي» أيضاً هذه القصة بكاملها في «روح المعاني» عن ابن عباس، ومن ثمّ يضيف : وهذا الخبر مشهور بين القوم.

ثمّ يسعى‏ وعلى‏ ديدنه إلى‏ التقليل منها أو إضعافها، ومن أجل هذا الغرض يضيف بعد بيانه الامور بشأن اسناد هذه الرواية : فاحتمال أصل النزول في الأمير «كرم اللَّه وجهه» وفاطمة (رض) قائم ولا جزم بنفي ولا إثبات لتعارض الأخبار ولا يكاد يسلم المرجح عن قيل وقال ... إذ دخولهما في الأبرار أمر جلي بل هو دخول أولى‏ فهما هما وماذا عسى‏ يقول امرؤ فيهما سوى‏ أنّ علياً مولى المؤمنين ووصي النبي صلى الله عليه و آله وفاطمة البضعة الأحمدية والجزء المحمدي وأمّا الحسنان فالروح والريحان وسيدا شباب الجنان وليس هذا من‏ الرفض بشي‏ء بل ما سواه عندي هو الغي‏ (5).

إلّا أننا نقول : لو تغافلنا عن منقبة بهذه الشهرة فإنّ سائر الفضائل يكون مصيرها هكذا، وسيأتي اليوم الذي ستوضح أفضلية علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. فلماذا نتجاهل هذه الرواية المعروفة التي نقلها كبار المحدثين والمفسرين والتي لا معارض لها، ونسد على‏ انفسنا طرق معرفة هؤلاء العظماء؟!

يروي «السيوطي» العالم السني المعروف في تفسير «الدر المنثور» عن ابن مردويه عن ابن عباس : إنّ الآية «ويطعمون الطعام على‏ حبّه ....» نزلت بحق علي وفاطمة عليهما السلام.

وأورد «الشبلنجي» أيضاً في «نور الابصار» قصة شأن النزول بكاملها (6)، وكذلك فريق آخر من كبار المفسّرين والمحدّثين.

هل أتى‏ في الشعر :

إنّ نزول هذه السورة بحق أهل البيت عليهم السلام جلي إلى‏ الحد الذي أشار الكثير من الشعراء المعروفين إلى‏ هذا المعنى‏ في شعرهم، منها هذه الأبيات التي نقلت عن إمام الشافعية «محمّد بن ادريس الشافعي» في العديد من الكتب :

إلى‏ مَ، إلى‏ مَ، وحتى‏ متى‏            اعــاتبُ فــي حبِّ هذا الفــتـــــى‏؟

وهلْ زُوجتْ فاطمٌ غيرهُ؟              وفي غيره هل أتى‏، هل اتى‏؟ (7)

ينقل «ابن البطريق» وهو من علماء القرن السادس الهجري في كتاب «عمدة عيون صحاح‏ الأخبار» عن تفسير ابن اسحاق الثعلبي، أنّه قال :

أنا مولى لفتى‏      انزل فيه هل أتى‏ (8)

ويقول «محمّد بن طلحة الشافعي» أيضاً (من علماء القرن السابع) في كتاب «مطالب السؤال» بحق آل النبي صلى الله عليه و آله :

هم العروة الوثقى‏ لمعتصم بها               مناقبهم جاءت بوحي وانزال‏

       

مناقبُ في الشورى‏ وسورة هل اتى‏         وفي سورة الاحزاب يعرِفُها التالي‏ (9)

المراد من مناقب تلك العترة في الآية : {قُلْ لَّا اسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ اجْراً الَّا المَوَدَّةَ فِى القُربَى‏}.

(الشورى/ 23)

والمراد من الآية {انَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ اهْلَ البَيتِ}. (الأحزاب/ 33) وقصة سورة هل اتى‏ معلومة أيضاً.

كما نقلت أشعار كثيرة اخرى‏ بهذا الصدد عن «طلائع» ابن رزيك (أبو الغارات) (10).

المشككون وسورة هل أتى‏!

إنَّ كل مطلع على‏ كتب الحديث والتفسير والتاريخ للأخوة أهل السنّة يعرف جيداً حيثما يكون الحديث عن منقبة لعلي بن أبي طالب عليه السلام وآل النبيّ صلى الله عليه و آله ينبري بعض المتعصبين من هنا وهناك ويثيرون الشبهات، ويسعون بشتى‏ الذرائع اثارة المؤاخذات على‏ سند ودلالة ومضمون ذلك الحديث، ويقللون من أهميّته، وإن كانت المؤاخذات ضعيفة وواهية، وكأنّهم قطعوا عهداً على‏ أنفسهم على‏ أنّ لا يتقبلوا أياً من هذه الفضائل، وإن تقبلوها فإنّها لا تتفق وحكمهم المسبق.

إنّ مطالعة كتب مثل تفسير «روح المعاني»، و «الفخر الرازي»، و «المنار»، ونحو ذلك شاهد على‏ هذا الكلام بأنّ حكمهم العقائدي المسبق يقف حائلًا في جميع الأحوال أمام‏ الاذعان لهذه الروايات، إلى‏ الحد الذي يصاب الإنسان بالدهشة أحياناً بسبب المؤاخذات الواهية التي أثاروها على‏ هذه الروايات.

بينما يتقبلون مناقب الآخرين برحابة صدر، وإن بدت عليها آثار الضعف، ومع هذا فقد افلتَ الكثير من الحالات من سيف انتقاداتهم وهي تكفي لإدراك الحقيقة.

على‏ أيّة حال من الواجب هنا الإشارة إلى‏ جانب مهم من تلك المؤاخذات :

1- إنّ هذه الفضيلة تصح في حالة نزول هذه السورة في المدينة وبعد ولادة الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام (والمشهور أنّ ولادة الإمام الحسن عليه السلام في السنّة الثالثة للهجرة، وولادة الإمام الحسين عليه السلام في ‏السنّة الرابعة للهجرة)، بينما يعتقد الكثيرون بأنَّ هذه السورة مكية، وعليه فإنّها لا تتفق وشأن النزول الآنف الذكر.

ولكن بناءً على‏ قول المفسر السني المعروف القرطبي، فإنّ المشهور أنّ العلماء يعتقدون بأنّ هذه السورة مدنية (وقال الجمهور مدنية) (11).

وانضمت طائفة كثيرة إلى‏ هذا الرأي أيضاً، منهم :

الحاكم الحسكاني إذ عدّ هذه السورة من السور المدنية حيث نزلت بعد سورة «الرحمن» وقبل سورة «الطلاق»، والجدير بالاهتمام أنّ العالم المذكور نقل ثمانية روايات بهذا الصدد جرى‏ التصريح فيها جميعاً بأنّ سورة «هل اتى‏» مدنية، وبعض هذه الروايات عن «ابن عباس»، وبعضها عن «عكرمة»، و «الحسن»، وبعضها عن آخرين.

وقد قال في كلامه : إنّ بعض أعداء أهل البيت اعترضوا على‏ سبب نزول هذه السورة، فقالوا : لقد اتفق علماء التفسير على‏ أنّ هذه السورة مكية في حين أن قصتها وقعت في المدينة.

ثمّ يضيف : كيف يسوغ له دعوى‏ الإجماع مع قول الأكثر أنّها مدنية (12).

ونقل في كتاب‏ «تاريخ القرآن» لأبي عبد اللَّه الزنجاني عن كتاب «نظم الدرر وتناسخ الآيات والسور»، عن جماعة من مشاهير أهل السنّة : إنّ سورة هل أتى‏ مدنية (13).

ويروي «السيوطي» المفسر السنّي المعروف أيضاً في‏ «الدر المنثور» المعنى‏ نفسه عن ابن عباس بطرق مختلفة.

وفي‏ «الاتقان للسيوطي» نقل أيضاً عن «البيقهي» في‏ «دلائل النبوة» عن عكرمة : إنّ سورة هل أتى‏ مدنية (14).

بالإضافة إلى‏ أنّ كافة الذين يرون أنّ شأن نزول هذه السورة في علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام،- وهم جماعة كثيرة جرت الإشارة إليهم آنفا- وكلّهم يشهدون على‏ كون السورة مدنية.

فضلًا عن جميع ذلك، على‏ فرض أنّ قسماً من هذه السورة مكي، والقسم المتعلق بنذر علي وأهل بيته مدني، فلا مانع من أن يكون قسم من السورة مكيّاً والآخر مدنيّاً.

من هنا، فإنّ مؤلف تفسير «روح البيان» (البرسوئي الحنفي) بعد ذكره عن طائفة من كبار العلماء أنّ سورة «هل اتى‏» مدنية، إشارة إلى‏ كلام الذين يرون أنّ بعض آياتها مكي والآخر مدني، فيقول : على‏ هذا الأساس يمكنك القول : (إنّ هذه السورة مكية وإن شئت قلت إنّها مدنية على‏ أنّ الآيات المدنية في هذه السورة أكثر من الآيات المكية، فالظاهر أنّها تسمى‏ مدنية لا مكية ونحن لا نشك في صحة القصة) (15).

من بين الامور التي اتخذها هذا المفسر وغيره من الواعين دليلًا على‏ كون هذه السورة مدنية هو مجي‏ء كلمة «أسير» فيها، ونحن نعلم أنّ لا وجود للأسير في مكة، وأنّ قضية الأسر والأسير كانت بعد نزول حكم الجهاد في المدينة.

يقول صاحب‏ «روح البيان» في هذا المجال : «دل على‏ ذلك أنّ الأسير إنّما كان في المدينة بعد آية القتال والأمر بالجهاد» (16).

والمدهش أنّ المتزمتين الذين ليسوا على‏ استعداد للتخلّي عن حكمهم المسبق بصدد الولاية والخلافة خلقوا التبريرات ل «الأسير» هنا، حيث بالإمكان أن تكشف عن الحقائق، فقد قالوا : إنّ المراد من الاسير اسير زوجة! أو أسير الديون، ونحو ذلك ... (17).

وينبغي التساؤل : لماذا نذهب وراء المجازيات، مع إمكانية تفسير الاسير بالمعنى الحقيقي؟

2- كيف يتسنى‏ حصر اللفظ العام للآية بأشخاص محددين؟

ولكن كما أسلفنا مراراً أنّ عمومية مفهوم الآيات لا يتعارض مع سبب النزول الخاص، وهذا يشاهد أيضاً في الكثير من آيات القرآن الكريم الاخرى‏، حيث يكون مفهوم الآية عاماً وشاملًا، إلّا أنّ سبب نزولها وهو مصداقها الكامل والسامي يكون مورداً خاصاً، والمثير للدهشة أنّ أحداً لم يتخذ عمومية مفهوم الآية في سائر الآيات الواردة في القرآن وسبب نزولها دليلًا على‏ معارضة سبب النزول، إلّا أنّ القضية هنا مختلفة!!

3- المؤاخذة الاخرى‏ التي يثيرها المشككون هي : كيف يتمكن الإنسان من البقاء طاوياً ثلاثة أيّام ويفطر بماء فقط؟

بيدَ أنّ هذه المؤاخذة عجيبة، لأننا كثيراً ما رأينا- وعلى‏ امتداد حياتنا- أشخاصاً يمسكون عن الطعام من أجل العلاج، فبعضهم قد يمسك ثلاثة أيّام وهذا يسير، وتارة يمسكون لمدّة عشرة أيّام أو عشرين يوماً بل وحتى أربعين يوماً، أي أنّهم وعلى‏ مدى اربعين يوماً لا يشربون سوى‏ الماء فقط، ولا يتناولون طعاماً أبداً (حتى عصير الفواكه والشاي)، وهذا الأمر- حسب اعتقاد الأطباء الذين يعالجون المرضى عن طريق الصيام أدى‏ إلى‏ علاج الكثير من أمراضهم، حتى أنّ طبيباً مشهوراً غير مسلم يدعى‏ «الكسي سوفورين» ألف كتاباً حول آثار الصيام لمدّة أربعين يوماً مع بيان دقيق لطرقه‏ (18).

واعتبر بعض الكتاب الصوم لأكثر من عشرين يوماً علاجاً لبعض الأمراض.

إنّ الاضراب عن الطعام ومنه «الاضراب عن الماء» متداول في عصرنا الراهن وأحياناً يتجاوز الأربعين يوماً.

ولكن لماذا يتعجب هؤلاء المشككون من الصوم لمدّة ثلاثة أيّام والامساك عن الطعام والافطار بالماء لوحده؟ أليس هدفهم هو تعطيل هذه الفضيلة العظمى بأي وسيلة متاحة؟

______________________________
(1) جاء نذر الحسن والحسين عليهما السلام في رواية الجعفي طبقاً لنقل تفسير القرطبي (تفسير القرطبي، ج 10، ص 6922).

(2) تفسير الكشاف، ج 4، ص 670 (ذيل آيات هذه السورة).

(3) تفسير القرطبي، ج 10، ص 6922.

(4) تفسير الكبير، ج 3، ص 244.

(5) تفسير روح المعاني، ج 29، ص 158.

(6) نور الابصار، ص 62.

(7) احقاق الحق، ج 3، ص 158؛ وعلي في الكتاب والسنة، ج 1، ص 447.

(8) عمدة عيون صحاح الاخبار؛ ص 349.

(9) مطالب السؤال، ص 8 (طبقا لنقل الغدير، ج 3، ص 109).

(10) يراجع كتاب علي في الكتاب والسنة، ج 1، ص 447.

(11) تفسير القرطبي، ج 10، ص 6909.

(12) شواهد التنزيل، ج 2، ص 310- 315.

(13) تاريخ القرآن، ص 55.

(14) تفسير الميزان، ج 20، ص 221.

(15) تفسير روح البيان، ج 10، ص 269.

(16) المصدر السابق.

(17) نقلت هذه الأقوال في البحر المحيط، ج 8، ص 395 عن بعض المفسرين، إلّا أنّ صاحب هذا الكتاب‏E

(أبو حيان الاندلسي) يرى‏ أنّه يعني الاسير من الكفار.

(18) ترجم هذا الكتاب إلى‏ العربية واسمه «التطبيب بالصوم».




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .