أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
1714
التاريخ: 29-01-2015
1401
التاريخ: 11-10-2014
1464
التاريخ: 8-5-2022
1934
|
بالرغم من أنّ مفهوم الصادقين مفهوم واسع ، إلاّ أنّ المستفاد من الرّوايات الكثيرة أنّ المراد من هذا المفهوم هنا هم المعصومون فقط.
يروي سليم بن قيس الهلالي : إِنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) كان له يوماً كلام مع جمع من المسلمين ، ومن جملة ما قال : «فأنشدكم الله أتعلمون أن الله أنزل : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة : 119]. فقال سلمان : يا رسول الله أعامّة هي أم خاصّة؟ قال : أمّا المأمورون فالعامّة من المؤمنين أُمروا بذلك ، وأمّا الصادقون فخاصّة لأخي علي والأوصياء من بعده إِلى يوم القيامة»؟ قالوا : اللّهم نعم (1) .
ويروي نافع عن عبدالله بن عمر : إِنّ الله سبحانه أمر أوّلا المسلمين أن يخافوا الله ثمّ قال : (كونوا مع الصّادقين) يعني مع محمّد وأهل بيته (2) .
وبالرغم من أنّ بعض مفسّري أهل السنة ـ كصاحب المنار ـ قد نقلوا ذيل الرّواية أعلاه هكذا : مع محمّد وأصحابه ، ولكن مع ملاحظة أن مفهوم الآية عام وشامل لكل زمان ، وصحابة النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا في زمن خاص ، تبيّن لنا أنّ العبارة التي وردت في كتب الشيعة عن عبدالله بن عمر هي الأصح.
ونقل صاحب تفسير البرهان نظير هذا المضمون عن طرق العامّة ، وقال : إِنّ موفق بن أحمد بإسناده عن ابن عباس ، يروي في ذيل هذه الآية : هو علي بن أبي طالب. (3) ثمّ يقول : أورد ذلك أيضاً عبدالرزاق في كتاب رموز الكنوز (4) .
أمّا المطلب الأهم ، فهو أنّ الآية تأمر أوّلا بالتقوى ، ثمّ بالكون مع الصادقين ، فلو أنّ مفهوم الصادقين في الآية عامّاً وشاملا لكل المؤمنين الحقيقيين المستقيمين ، لكان اللازم أن يقال : وكونوا من الصادقين ، لا مع الصادقين. (فتأمل جيداً) .
إِنّ هذه بذاتها قرينة واضحة على أنّ (الصّادقين) في الآية هم فئة خاصّة.
ومن جهة أُخرى ، فليس المراد من الكون معهم أن يكون الإِنسان مجالساً ومعاشراً لهم ، بل المراد قطعاً هو اتباعهم والسير في خطاهم.
إِذا كان الشخص غير معصوم هل يمكن صدور أمر بدون قيد أو شرط باتباعه والسير في ركابه؟ أليس هذا بنفسه دليلا على أن هذه الفئة والمجموعة هم المعصومون؟
وعلى هذا ، فإنّ ما استفدناه من الرّوايات يمكن استفادته من الآية إِذا دققنا النظر فيها.
إِن الملفت للنظر هنا ، أنّ المفسّر المعروف الفخر الرازي ، المعروف بتعصبه وتشكيكه ، قد قبل هذه الحقيقة ـ وإِن كان أغلب مفسّري السنة سكتوا عنها عند مرورهم بهذه الآية ـ ويقول : إِنّ الله قد أمر المؤمنين بأن يكونوا مع الصادقين ، وعلى هذا فإنّ الآية تدل على أن من يجوز الخطأ عليهم يجب عليهم الإقتداء بالمعصوم حتى يبقوا مصونين عن الخطأ في ظلّه وعصمته ، وسيكون هذا الأمر في كل زمان ، ولا نملك أي دليل على اختصاص ذلك بعصر النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .
إِلاّ أنّه يضيف بعد ذلك : إِنّنا نقبل أنّ مفهوم الآية هو هذا ، ويجب أن يوجد معصوم في كل وقت ، إلاّ أنّنا نرى أن هذا المعصوم هو جميع الأُمّة ، لا أنّه فرد واحد! وبتعبير آخر : إِنّ هذه الآية دليل على حجية إِجماع المؤمنين ، وعدم خطأ مجموع الأُمّة (5) .
وبهذا الترتيب ، فإنّ الرازي قد طوى نصف الطريق جيداً ، إلاّ أنّه زاغ في النصف الثّاني ، ولو أنّه التفت إِلى النكتة التي وردت في متن الآية لأكمل النصف الثّاني أيضاً بسلامة ، وهي أنّه لو كان المقصود من الصادقين مجموع الأُمّة ، فإنّ الأتباع سيكونون جزء من ذلك المجموع وهو في الواقع اتباع الجزء للقدوة والإِمام ، وسيعني ذلك اتحاد التابع والمتبوع ، في حين نرى أنّ ظاهر الآية هو أن القدوة غير المقتدي ، والتابعين غير المتبوعين ، بل يفترقون عنهم. (دققوا ذلك) .
ونتيجة ذلك : إِنّ هذه الآية من الآيات التي تدل على وجود المعصوم في كل عصر وزمان.
ويبقى سؤال أخير ، وهو أنّ الصادقين جمع ، وهل يجب على هذا الأساس أن يكون في كل زمان معصومون متعددون؟
والجواب على هذا السؤال واضح أيضاً ، وهو أنّ الخطاب ليس مختصاً بأهل زمن وعصر معين ، بل إِنّ الآية تخاطب كل العصور والقرون ، ومن البديهي أن المخاطبين على مر العصور لا بد وأن سيكونوا مع جمع من الصادقين. وبتعبير آخر ، فإنّه لما كان في كل زمان معصوم ، فإنّنا إِذا أخذنا كل القرون والعصور بنظر الإِعتبار ، فإنّ الكلام سيكون عن جمع المعصومين لا عن شخص واحد.
والشاهد الناطق على هذا الموضوع هو أنّه لا يوجد في زمن النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أحد تجب طاعته غير شخص النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي الوقت نفسه فإنّ من المسلّم أنّ الآية تشمل المؤمنين في زمانه ، وعلى هذا الأساس سنفهم أن الجمع الوارد في الآية لا يراد منه الجمع في زمان واحد ، بل هو في مجموعة الأزمنة.
____________________
1- تفسير البرهان ، ج2 ، ص170 ؛وبحار الانوار ، ج31 ، ص413و414.
2- المصدر السابق .
3- تفسير مجمع البيان ، ذيل الآية مورد البحث ؛وبحار الانوار ، ج35 ، ص413و418.
4- تفسير البرهان ، ج 2 ، ص 170؛وبحار الانوار ، ج35 ، ص411.
5- تفسير الفخر الرازي ، ج 16 ، ص 220 ـ 221.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|