أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-04-2015
3698
التاريخ: 27-09-2015
1608
التاريخ: 15-11-2014
5178
التاريخ: 27-09-2015
2030
|
أ ـ نماذج من التفسير لأغراضٍ سياسيّة :
1 ـ أحتجّ أبو بكر على الأنصار يوم السقيفة بقوله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } [التوبة : 119].
وفسّر (الصادقين) في هذه الآية بالمهاجرين بقرينة قوله تعالى :
{لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } [الحشر : 8] (1) .
إذ من الواضح أنّ هذا اللّون من التفسير لم يُقصد منه إلاّ الغرض السياسي مع ابتعاده عن الغرض القرآني الأصيل.
2 ـ عن علي بن أبي طالب ، قال : صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً ، فدعانا وسقانا الخمر ، فأخذت الخمر منّا ، وحضرت الصلاة ، فقدّموني فقرأت : قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون! قال : فأنزل الله تعالى :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ...} [النساء : 43] (2) .
ولا يشكّ أيُّ مسلمٍ يعرف القليل عن شخصيّة الإمام علي (عليه السلام) بوضع هذا الحديث على لسانه؛ حيث إنّ الإمام علي (عليه السلام) تربّى في حِجْر الرسول منذ أن كان طفلاً ، وتخلّق بأخلاقه ، فكيف يمكن أن نتصوّر وقوع هذا الشيء منه ، خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار نزول بعض الآيات القرآنية في ذمّ الخمر قبل هذا الوقت ، وإذا لاحظنا وجود بعض النصوص التي تذكر نزول الآية في شخصٍ آخر من كبار الصحابة ، ممّن كان قد اعتاد شرب الخمر في الجاهلية ، عرفنا الهدف السياسي فيها.
ب ـ نماذج من التفسير لأغراض شخصيّة :
1ـ عن عمر بن الخطّاب ، قال : (قال رسول الله يوم أُحد : اللّهم العن أبا سفيان ، اللّهم العن الحرث بن هشام ، اللّهم العن صفوان بن أُميّة ؛ فنزلت : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ ...} [آل عمران : 128] فتاب عليهم فأسلموا فحسن إسلامهم) (3) .
ومن الواضح أنّ هذا الحديث وُضع لصالح الأُمويّين على لسان عمر بن الخطّاب ، إذ لا يتّفق هذا الحديث مع الواقع التاريخي المعروف عن هؤلاء الأشخاص بعد إسلامهم في حياة النبي (صلّى الله عليه وآله) وبعدها.
ولكن يبدو أنّ التزوير غير مُتْقن؛ لأنّه يفرض صدور التوبة من الله قبل إسلامهم!
2 ـ عن أبي بكرٍ قال : (كنتُ عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأُنزلت عليه هذه الآية :
{... مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} [النساء : 123].
قلتُ : يا رسول الله بأبي أنت وأمّي ، أيّنا لم يعمل سوءاً وأنّا لمجزون بما عملنا ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أمّا أنت يا أبا بكر والمؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا حتّى تلقوا الله وليس لكم ذنوب ، وأمّا الآخرون فيجمع لهم حتّى يجزوا به يوم القيامة) (4) .
فهذا الحديث بالرّغم من مخالفته لظهور كثيرٍ من الآيات القرآنية والأحاديث النبويّة ، يحاول أن يُبرئ موتى المسلمين ـ كما ترى ـ من التَبِعات الأُخرويّة لأعمالهم ، ليبقوا أولياء على كلِّ حالٍ في نظر الناس.
3 ـ روى مسلم عن ابن عبّاس في رواية باذان : بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خالد بن الوليد في سريّةٍ إلى حيٍّ من أحياء العرب ، وكان معه عمّار بن ياسر ، فسار خالد حتّى إذا دنا من القوم ، عرس لكي يصبحهم ، فأتاهم النذير ، فهربوا عن رجلٍ قد كان أسلم ، فأمر أهله أن يتأهبوا للمسير ، ثمّ انطلق حتّى أتى عسكر خالد ، ودخل على عمّار ، فقال يا أبا اليقظان إنّي منكم وإنّ قومي لمّا سمعوا بكم هربوا وأقمتُ لإسلامي ، أفنافعي ذلك ، أو أهرب كما هرب قومي؟
فقال : أقم فإنّ ذلك نافعك ، وانصرف الرجل إلى أهله وأمرهم بالمقام.
وأصبح خالد فغار على القوم ، فلم يجد غير ذلك الرجل ، فأخذه وأخذ ماله. فأتاه عمّار فقال : أخل سبيل الرجل فإنّه مسلم ، وقد كنت آمنته فأمرته بالمقام ، فقال خالد أنت تجير عليّ وأنا الأمير ، فقال : نعم أنا أجير عليك وأنت الأمير؛ فكان في ذلك بينهما كلام ، فانصرفوا إلى النبي (صلّى الله عليه وآله) فأخبروه خبر الرجل ، فآمنه النبي (صلّى الله عليه وآله) وأجاز أمان عمّار ، ونهاه أن يجير بعد ذلك على أميرٍ بغير إذنه.
قال واستبّ عمّار وخالد بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فأغلظ عمّار لخالد ، فغضب خالد وقال : يا رسول الله أتدع هذا العبد يشتمني ، فو الله لولا أنت ما شتمني ، وكان عمّار مولىً لهاشم بن المغيرة؛ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : يا خالد كفّ عن عمّار ، فإنّه من يسبّ عمّاراً يسبّه الله ، ومن يبغض عمّاراً يبغضه الله. فقام عمّار فتبعه خالد فأخذ بثوبه ، وسأله أن يرضى عنه ، فرضي عنه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء : 59] وأمر بطاعة أُولي الأمر(5) .
والتلفيق في هذه الرواية واضحٌ لما فيها من التناقض في الأحكام والمواقف ، بالشكل الذي لا ينسجم مع أوضاع أبطالها الثلاثة : رسول الله وعمّار وخالد؛ فلماذا يحتاج هذا الرجل المسلم إلى أن يجيره شخصٌ من السّرية ، ليكون آمناً ولا يكفيه إسلامه في ذلك حتّى يقع النزاع بين عمّار وخالد فيمن يجير؟!
وكيف يسبّ عمّار خالداً بعد أن حقّق عمّار هدفه في الحصول على أمانٍ للرجل من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وبعد نهي رسول الله له ـ كما تفرض الرواية ـ بمخالفة أمير السّرية؟!
ثمّ كيف ينتصر النبيُّ لعمّارٍ على خالد ، والرواية تُظهر عماراً كظالمٍ لخالد؟!
ثمّ كيف يترضّى خالدٌ عماراً بعد ظلم عمارٍ له ، وبعد أن تكشّف خالد عن نفسيّةٍ جاهليّةٍ تأبى عليه هذا الذل؟!
وبعد كلّ هذا ، ألا يجوز لنا أن نحكم بتزوير هذه الرواية لمصلحة خالد بن الوليد على حساب الصحابي المجاهد المناهِض للظلم عمّار بن ياسر؟
______________________
(1) ذكر هذه الواقعة الزركشي في كتابه : البرهان في علوم القرآن 1 : 156. ولسنا على يقينٍ من صحّة صدور هذا التفسير عن شخص أبي بكر ، ولكنّ الرواية ـ مع ذلك ـ تدل على لونٍ من ألوان الوضع السياسي في عصرٍ متأخرٍ عن أبي بكر.
(2) الترمذي 11 : 157.
(3) الترمذي 11 : 131.
(4) الترمذي 11 : 169 ـ 170.
(5) الواحدي ، أسباب النزول : 118.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|