أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-9-2019
2856
التاريخ: 10-10-2016
2191
التاريخ: 10-10-2016
1555
التاريخ: 6-10-2016
1251
|
إن الطرق الكفيلة بعلاج المفاسد الأخلاقية تكاد تكون متشابهه في الاصول في جميع الموارد ، وتتلخص هذه الطرق بنحوين : علمي وعملي.
أ) الطريق العلمي
والمراد من الطريق العلمي هو أن الإنسان يفكر ويتدبر بالنتائج والآثار السلبية لطلب اللّذة واشباع الشهوة ويرى كيف إن الإنسان المستسلم لشهواته يعيش الذلّة والأسر وانهزام الشخصية والشعور بالدونية والحقارة والابتعاد عن الله تعالى ، وهذا المعنى نجده واضحاً على سلوك اتباع الشهوة وطلاب اللّذة الرخيصة وأنّهم كيف يعيشون الضعف والوهن في شخصيتهم الإنسانية وكرامتهم الاجتماعية.
وعلى هذا الأساس فإنّ التأمل في هذه الظاهرة النفسية والاجتماعية وكذلك التفكر في حال وسيرة «اولياء الله» واتباعهم المخلصين وكيف أنّهم وصلوا مقامات سامية من التكامل الإنساني والأخلاقي بسبب محاربتهم للشهوات وامتناعهم عن سلوك طريق الخطيئة وصمودهم أمام تحديات الشهوة ، مضافاً إلى ذلك فإنّ تقوية أركان العقل ودعائم الإيمان في قلب الإنسان يجعله قادراً على كبح جماع شهواته وغرائزه ، وفي هذا المجال قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «مَنْ كَمُلَ عَقْلُهُ استِهَانَ بِالشَّهَوَاتِ» ([1]).
وفي حديث له (عليه السلام) «مَنْ غَلَبَ شَهْوَتَهُ ظَهَرَ عَقْلُهُ» ([2]).
وكذلك قال (عليه السلام) «كُلَّمَا قَوِيَتِ الْحِكْمَةُ ضَعُفَتِ الشَّهْوَةُ» ([3]).
وفي حديث آخر يقول (عليه السلام) «اذْكُرْ مَعَ كُلِّ لَذَّةٍ زَوَالَهَا وَمَعَ كُلِّ نِعْمَةٍ انْتِقَالَهَا وَمَعَ كُلِّ بليَّةٍ كَشْفَها ، فَانَّ ذَلِكَ ابْقى لِلنِّعمَةِ ، وَانْفى لِلشَّهْوةِ ، وَاذْهَبُ لِلبَطَرِ ، وَاقرَبُ الَى الْفَرَجِ وَاجْدَرُ بِكَشفِ الغُمَّةِ وَدَرْكِ الْمَأمُولِ» ([4]).
وعليه فإنّ التفكر في العاقبة السيئة والآثار المخربة لاتباع الشهوات بإمكانه أنّ يصد الإنسان عن سلوك هذا الطريق ، ولذلك نجد أنّ الأنبياء والقادة الإلهيين بذلوا جهوداً كبيرة في هذا السبيل ليخلصوا الناس من التورط في الخطايا والذنوب وينقذوهم من أسر الشهوات والأهواء.
وفي حديث شريف عن رسول الله يقول «خَمْسٌ انْ ادْرَكْتَمُوهُنَّ فَتَعَوَّذُّوا بِاللهِ مِنْهُنَّ : لَمْ تَظْهَرِ الفَاحِشَةُ فِي قَومٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوهَا ، الّا ظَهَرَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالاوَجَاعُ الَّتي لَمْ تَكُنْ فِي اسْلافِهِم الَّذِينَ مَضَوُا ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكيَالَ وَالْميزانَ الّا أُخِذُوا بِالسِّنينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ وَجَوْرِ السُّلطانِ ، وَلَمْ يَمْنَعُوا الزَّكاةَ الَّا مُنِعُوا الْمَطَرَ مِنَ السَّماءِ ، وَلَوْلا البَهَائِمُ لمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ الّا سَلَّطَ اللهُ عَلَيهِمْ عَدُوَّهُم وَاخَذُوا بِعضَ مَا فِي ايْديهِمْ ، وَلَمْ يَحْكُمُوا بِغَيرِ مَا انْزَلَ اللهُ الّا جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأسَهُمْ بَيْنَهُمْ» ([5]).
ولا شكّ أنّ التأمل والتدبر في هذه المعطيات والنتائج الخطيرة لها تأثير مستمر أو مؤقت في منع الإنسان عن ممارسة الخطيئة لارتكاب الذنب.
ب) الطريق العملي
ومن جهة اخرى فإنّ الطريق العملي لعلاج حالة «عبادة الشهوة» له وجوه وانحاء مختلفة منها :
1 ـ إن أفضل الطرق العملية للنجاة من مستنقع الشهوة هو الاشباع الصحيح للغرائز البدنية والرغبات الجنسية بالخصوص ، لأنّه إذا تم اشباع هذه الرغبات الباطنية والميول البدنية من طرق سليمة وبأدوات صحيحة فإنّ بإمكانها أن تنقذ الإنسان من النتائج السلبية والمخربة المترتبة على اتباع الشهوات ، وبعبارة اخرى انه لا ينبغي للإنسان كبت هذه الغرائز والرغبات والتغافل عن ارضائها بل يجب أن يسير بها المسار الصحيح والبنّاء لتكون مفيدة ونافعة في حركة الحياة ، وفي غير هذه الصورة يمكنها أن تتبدل إلى سيل مدمر ومخرب يهلك الحرث والنسل ولا يبقى للإنسان أي أثر من آثار الخير والصلاح.
ولهذا السبب نرى أنّ الإسلام لم يهتم بالتسلية والترفية السليم والمعتدل فحسب بل عمل على حث الناس وترغيبهم في هذا الطريق لارضاء الغرائز ، ومن ذلك ما ورد في خطبة معروفة للإمام الجواد الّتي قرأها عند عقد زواجه حيث قال «امّا بَعْدُ فَقَدْ كَانَ مِنْ فَضْلِ اللهِ عَلَى الْانَامِ انْ اغْناهُم بِالْحَلالِ عَنِ الْحَرامِ» ([6]).
وفي هذا الحديث المعروف هناك إشارة إلى هذا المعنى أيضاً حيث تقول «لِلْمُؤمِنِ ثَلاثُ سَاعَاتٍ ، فَسَاعَةٌ يُنَاجِي فيهَا رَبَّهُ ، وَسَاعَةٌ يَرُمَّ مَعَاشَهُ ، وَساعَةٌ يُخَلّي بَيْنَ نَفْسِهِ وَبينَ لَذَّتِهَا فيمَا يَحِلُّ وَيَجْمُلُ» ([7]).
2 ـ ومن الطرق الاخرى للنجاة من قيود الشهوات هو أن يضع الإنسان لنفسه برنامجاً دقيقاً لحياته ، لأنّه كلما سعى لبرمجة أوقاته في اليوم والليلة «حتّى لو كان البرنامج يتضمّن جانب الترفية والرياضة البدنية» فإنه لا يكاد يجد برنامج للإنسياق وراء طلب اللّذة وفراغاً كافياً لسلوك طريق الشهوة.
3 ـ ومن العناصر الاخرى لعلاج هذه الظاهرة أو الوقاية منها هو إزالة عوامل التلوث بالخطيئة ، لأن إمكانية التلوث بالشهوات في البيئة الملوثة يكون أكثر ، أي لو كانت أسباب المعصية متوفرة وطرق الإنحراف مفتوحة ووجود الحرية النسبية في ارتكاب الذنوب واتباع الشهوات فإنّ النجاة من التلوث بالخطيئة ولا سيّما للشباب الّذين لا يمتلكون من المعرفة الدينية إلّا القليل سيكون أمراً عسيراً للغاية.
4 ـ احياء الشخصية المعنوية والإنسانية لأفراد المجتمع يعد من الطرق المهمة للعلاج أو الوقاية من التلوث بالشهوات ، لأنّه عند ما يدرك الإنسان قيمة وجوده واعتباره وشخصيته ويعلم بانه يمثل عصارة الخلقة والغاية العليا بعالم الكائنات وخليفة الله في الأرض فلا يبيع نفسه بسهولة ولا يسلمها إلى عناصر الشهوة وقوى الإنحراف.
يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في هذا المجال «مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ هَانَتْ عَلَيْهِ شَهْوَتُهُ» ([8]) وفي حديث آخر يقول (عليه السلام) «مَنْ عَرَفَ شَرَفَ مَعْنَاهُ صَانَهُ عَن دَنَائَةِ شَهْوَتِهِ ...» ([9]).
وآخر ما يقال في هذا المجال هو انه لا بدّ من الاهتمام بالطريق العملي ليس للتصدّي إلى الشهوات فحسب بل في جميع موارد مكافحة المفاسد الأخلاقية لدى الفرد والمجتمع ، بمعنى انه كلّما سلك الإنسان طريق مكافحة أهوائه الفاسدة وأخلاقه المنحرفة وسار في الطريق القويم فإنّ هذه القوى والعناصر السلبية ستخف وستندثر في وجوده ونفسه وسوف ينتقل الإنسان في هذا السلوك إلى أن يعيش الحالة النفسية السليمة ، ومن هذه الحالة ينتقل إلى العادة ، ومن العادة ينتقل إلى الملكة حيث تتحول هذه الحالة والعادة إلى ملكة راسخة في نفسه وتكون بمثابة الطبع الكامل له ، وعلى سبيل المثال إذا تحرّك الإنسان البخيل في علاج هذا المرض الأخلاقي نحو البذل والعطاء في دائرة الفعل والعمل ، فإنّ نار البخل ستضعف وتخبو تدريجياً في باطنه إلى أن تنطفىء تماماً.
فإذا تحرّك اتباع الشهوة أيضاً في هذا الطريق وسلكوا مسلك التصدي والمقاومة أمام طغيان الشهوات ، فإنّ هذه الشهوات والقوى المنحرفة الموجودة في باطنهم ستضعف وتخبو تدريجياً ويحل بدلها عنصر العقيدة ويعيش الإنسان حينئذٍ روح الطهارة والنقاء والانفتاح على الله والمعنويات السامية.
وهذا المعنى نجده واضحاً بكلام أمير المؤمنين (عليه السلام) «قَاوِمِ الشَّهْوَةَ بِالْقَمْعِ لَهَا تَظْفُرْ» ([10]).
[1] شرح غرر الحكم ، ح 8226.
[2] المصدر السابق ، ح 7953.
[3] المصدر السابق ، ح 7205.
[4] ميزان الحكمة ، ج 4 ، ص 3484 ، ح 21507.
[5] اصول الكافي ، ج 2 ، ص 373.
[6] بحار الأنوار ، ج 50 ، ص 76.
[7] نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الجملة 390.
[8] بحار الأنوار : ج 78 ، ص 71.
[9] غرر الحكم ، ح 9069.
[10] شرح غرر الحكم ، ج 4 ، ص 514 ، ح 6803 (بالفارسية).
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|