لا يمكن فهم تطور علم الأنواء الجوية المعاصر بعد الحرب العالمية الثانية إلا من خلال فروعة العديدة. فقد ظهرت على الساحة العلمية كتابات أنوائية يمكن تصنيفها ضمن مسارات محددة. يتضح أن الأنواء الجوية بفروعها المختلفة تتراوح بين الشكلي والتحليل البسيط للمعلومات إلى التطبيقي ومحاولة الاستفادة من نتائج الدراسات إلى تحليل الظواهر المعقدة في الأنواء الجوية. وان طرائق معالجة المعلومات يتراوح بين ألوصفي التقليدي إلى التحليل الشمولي الذي يعتمد الخرائط الطقسيه أساسا للعمل إلى استخدام الإحصاء والرياضيات في الكشف عن العلاقات بين العناصر والظواهر أو إيجاد قانون عام لها. وتدرس الأنواء الجوية ضمن أربعة مقاييس الأول صغير، حيث يبحث عن التفاصيل الدقيقة ضمن منطقة صغيرة كأن تكون حقلان أو مدينة أو غابة ، والثاني متوسط، حيث يمكن أن يدرس إقليما جغرافيا أو منطقة محددة. والثالث شمولي، ويشمل الغلاف الغازي بأبعاده الثلاث، والرابع كوني ويشمل منطقة واسعة من الكرة الراضية.

أن السبب في هذا التشعب في الدراسات الأنوائية يعود إلى أنه يمكن طرح أسئلة مختلفة عن الظاهرة الواحدة، وبذلك نحتاج إلى أساليب متعددة للإجابة عنها. فإذا أخذنا مثلا طقس العراق، فيمكن طرح أسئلة مختلفة عنه. حيث يمكن طرح الأسئلة الآتية: ما هي مميزات الطقس في العراق؟ ما هي مسببات هذا الطقس؟ ما هو الطقس القادم؟ هل هناك اختلافات واضحة في الطقس بين مناطق العراق؟ كيف يمكن للطقس أن يؤثر في الإنتاج الزراعي؟ هل يتطلب أنشاء المباني والمشاريع ضمن طقس العراق تدابير خاصة؟ هذه أمثلة عن العديد من الأسئلة التي يمكن أن تطرح. لذلك فهناك فروعات مختلفة من الطقس هي المسئولة عن الإجابة على هذه الأسئلة. وبذلك أصبحت الحاجة ملحة إلى تعدد فروع الأنواء الجوية. ولا بد من الإشارة إلى أننا لم تتعرض إلى دراسات الطقس التفصيلية لأنها تصبح من اختصاصات الانوائيين وليس الجغرافيين. وهذا استعراض لفروع الطقس الرئيسية وأساليب بحثها والمقاييس التي تبحث بها:

إن التطور العلمي واتساع موضوع الأنواء الجوية، والاكتشافات الكبيرة التي تحققت في هذا المجال تطلبت تنوعاً في المجالات التي تدرس الأنواء الجوية. لذلك ظهرت عدة فروع لهذا العلم وهي كالاتي:

1- أنواء الطبقة الحدية Boundary layer meteorology وهي دراسة العمليات التي تحدث في طبقة الهواء التي تقع مباشرة فوق سطح الأرض، وتسمى الطبقة الحدية. أي تأثير التسخين أو التبريد السطحي وتأثير الاحتكاك المسبب اضطرابات خلط الهواء ضمن طبقة الهواء. انتقال تدفقات الطاقة والمواد أو الزخم على مقياس زمني اقل من يوم والناتج من تحركات الاضطرابات. أنواء الطبقة الحدية يشمل جميع أنواع الدراسات التي تقع بين السطح وطبقة الهواء فوقه، بما فيها المحيطات والبحيرات وأراضي المدينة أو الريف.

2- الأنواء الحركية Dynamic meteorology وتركز بشكل أساسي على فيزياء الغلاف الغازي. تستعمل فكرة جزيء الهواء للتعرف على أصغر جزء في الغلاف الغازي. تستعمل قوانين حركة السوائل والحركية الحرارية، والحركة لدراسة الغلاف الغازي والعناصر الفيزيائية التي تعطي صفة حالة الغلاف الغازي هي درجة الحرارة، الكثافة، الضغط ، وغيرها .

3- الأنواء التطبيقية Applied meteorology: وتشمل التنبؤ الجوي Weather forecasting هو تطبيق العلم والتقنية للتنبؤ بحالة الغلاف الغازى للمستقبل ولمنطقة معينة. والتنبؤ الجوي الحالي يستعمل ما يجمع من معلومات في المحطات عن حالة الغلاف الغازي، وباستعمال فهمنا لعمليات الغلاف الغازي للتنبؤ بما سيكون عليه حالة الغلاف الغازي في المستقبل القريب. يستعمل التنبؤ بحالة الجو المستقبلية التغيير في الضغط الجوي، وحالة الطقس الحالية، وحالة السماء، ونموذج التنبؤ للتنبؤ بحالة الطقس المستقبلية. ومازال الجهد البشري مطلوباً لاختيار أفضل نموذج للاعتماد عليه في التنبؤ. فهناك الكثير مما يتطلب عمله من قبل الإنسان مثل حل المعادلات الكثيرة المتعلقة بحالة الغلاف الغازي، واستعمال التأثير عن بعد، وتصحيح أي أغلاط تحدث، وتصحيح مسار التنبؤ الناتج من اختلاف الوقت، وغيرها الكثير. والتنبؤ الجوي يستفاد منه عدد كبير من الناس مثل التحذيرات من الكوارث درجة الحرارة والأمطار المهمة للزراعة خروج الناس للتمتع بالعطل، استفادة شركات الكهرباء من درجة الحرارة، وغيرها الكثير.

ــ أنواء حركة الطيران Aviation meteorology تهتم بتأثير الطقس على حركة الطيران اليومية. فمن المهم بالنسبة للطيارين معرفة حالة الطقس على طول الطريق الذي يسلكه في رحلته لما للطقس من تأثير على الطائرة وحركتها. فالثلج المتكدس على أجنحة الطائرة يؤثر عليها بشكل مباشر، كما إن وجود عواصف رعدية من نوع معين يؤثر على مسار الطيران، بالإضافة إلى أن التيار النفاث يمكن استعماله في الطيران لتقليل الوقود المستهلك من قبل الطائرة. ا

ــ لأنواء الزراعية Agricultural meteorology تهتم بأثر الطقس والمناخ على توزيع النبات، وإنتاجية النبات، واستخدام المياه بشكل أفضل من قبل النبات، نمو النبات والحيوان، وكذلك تأثير النبات على الطقس والمناخ.

ــ الأنواء المائية Hydrometeorology يدرس دورة الماء في الطبيعة، الموازنة المائية، وكمية الأمطار الساقطة من عاصفة مطرية. الاهتمام بالتنبؤ بكمية الأمطار المتوقعة، الأمطار الغزيرة، الثلوج، مناطق الفيضانات معلومات هذا الفرع تتداخل مع معلومات المناخ والأنواء الجوية ذات المقياس المتوسط والشمولي.

ــ الأنواء النووية Nuclear meteorology يهتم بتوزيع المواد المشعة والغازات في الغلاف الغازي.

ــ الأنواء البحرية Maritime meteorology يهتم بالتنبؤ بحالة الهواء والأمواج لأغراض حركة السفن في البحار. وهناك مراكز بحرية لعدد من الدول توزع نشرات للحالة الجوية وحالة بحار العالم للاستفادة منها من قبل البحارة.

تدرس الأنواء الجوية ضمن عدد من المقاييس وهي

 1- المقياس الصغير Microscale: وهي دراسة الظواهر الطقسية التي هي بمقياس 1كم أو اقل. يدخل ضمن ذلك دراسة عاصفة رعدية منفردة، الغيوم، الاضطرابات المحلية التي تسببها الأبنية أو العوائق الصغيرة مثل التل المنفرد.

2- المقياس المتوسط Mesoscale مقياس الدراسة المتوسط يدرس الظواهر الطقسية التي حجمها يبدأ من نهاية المقياس الصغير إلى بداية المقياس الشمولي على المستوى الأفقي وبالنسبة للمستوى العمودي تبدأ من سطح الأرض وتشمل الطبقة الحدية والتروبوسفير والتروبوبوز والجزء الأسفل من الستراتوسفير. أما بالنسبة للوقت فتبدأ من اقل من يوم إلى نهاية فترة الظاهرة نفسها، والتي قد تستمر لأسابيع من المواضيع التي تدرس ضمن هذا المقياس هي العواصف الرعدية خط العواصف الجبهات، مناطق الأمطار في الأعاصير المدارية ومنخفضات العروض الوسطى، والطقس الناتج من التضاريس مثل الأمواج التي تكونها الجبال أو نسيم البر والبحر.

3- المقياس الشمولي Synoptic scale هو مقياس كبير والظاهرة ذات أصول حركية فيما يتعلق بالامتداد أو الوقت والظواهر التي يدرسها هذا المقياس هي المنخفضات الجوية للعروض الوسطى، تشكل الانبعاج والأخدود في الأمواج العليا، مناطق الجبهات، والتيار النفاث كل هذه المظاهر تظهر على خريطة الطقس اليومية لوقت معين. إن أدنى مقياس على المستوى الأفقي للظواهر ا لشمولية المدروسة هو المسافة بين محطات الرصد.

4 - المقياس الكوني Global scaler يدرس النمط الطقسي المتعلق بنقل الحرارة من المدار إلى القطب. وكذلك التذبذب الكبير جدا، حيث إن التذبذبات لها وقت زمني أطول من سنة مثل النينو، أو التذبذب الجنوبي، أو تذبذب المحيط الأطلسي. المقياس الكوني يدفع دراسات الطقس باتجاه الدراسات المناخية. فالتعريف التقليدي للمناخ يدفع باتجاه مقياس زمني طويل مع فهم أكثر إلى كيفية إن التذبذب الكوني يسبب كلا من الاضطرابات المناخية والطقسية في المقياسين الزمنين الشمولي والمتوسط.