أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-5-2016
3047
التاريخ: 10-12-2014
3393
التاريخ: 7-2-2019
2899
التاريخ: 5-7-2017
2902
|
1 - أجواء حجة الوداع
أ . أمر الله تعالى نبيه ( صلى الله عليه وآله ) بالحج ونزل عليه قوله تعالي : وَأَذِّنْ فِى النَّاسِ بِالحَجِّ يأْتُوك رِجَالاً وَعَلَى كلِّ ضَامِرٍ يأْتِينَ مِنْ كلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ . قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « فأمر المؤذنين أن يؤذنوا بأعلى أصواتهم : بأن رسول الله يحج في عامه هذا ، فعلم به من حضر المدينة وأهل العوالي والأعراب ، واجتمعوا لحج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
فكتب إلى من بلغه كتابه ممن دخل في الإسلام : أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يريد الحج ، يؤذنهم بذلك ليحج من أطاق الحج » . الكافي : 4 / 244 .
وأرسل النبي ( صلى الله عليه وآله ) رسُلَهُ يدعون الناس إلى الحج ، وبلغت دعوته أقاصي بلاد الإسلام ، فتجهز الناس للخروج معه ، وحضر إلى المدينة خلق كثير ، ووافاه في الطريق خلائق ، وكانوا مد البصر ، كلهم يريد أن يأتم برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ويعمل مثل عمله . البحار : 21 / 384 والصحيح من السيرة : 30 / 288 .
ب . في الحج أخبرهم أنه يوشك أن يدعى فيجيب ، وأنهم قد لا يرونه بعد عامهم هذا ، فسماها الناس حجة الوداع ، وأقرَّ هذا الاسم أهل البيت « عليهم السلام » .
ففي الكافي : 7 / 373 قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقف بمنى حين قضى مناسكها في حجة الوداع فقال : أيها الناس إسمعوا ما أقول لكم واعقلوه عني ، فإني لا أدرى لعلى لا ألقاكم في هذا الموقف بعد عامنا هذا ، ثم قال : أي يوم أعظم حرمة ؟ قالوا : هذا اليوم قال : فأي شهر أعظم حرمة ؟ قالوا : هذا الشهر ، قال : فأي بلد أعظم حرمة ؟ قالوا : هذا البلد ، قال : فإن دماء كم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه ، فيسألكم عن أعمالكم . ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم قال : اللهم اشهد . . » .
ج - - هدف النبي ( صلى الله عليه وآله ) من حجة الوداع : إتمام تبليغ الإسلام ، ومنه تبليغ مناسك الحج ، حيث قال لهم : خذوا عنى مناسك حجكم . حجوا كما رأيتموني أحج .
لكن الهدف الأهم عنده ( صلى الله عليه وآله ) التأكيد على خلافة على والأئمة من عترته « عليهم السلام » ، وتحذير الأمة من مخالفته فيهم بأن من يخالفه فيهم لا يوافيه على الحوض .
ولا ننس أن حجة الوداع كانت بعد شهرين من محاولة اغتياله ( صلى الله عليه وآله ) في رجوعه من تبوك . لقد استبطأت قريش موته لتأخذ دولته كما قال على ( عليه السلام ) ، فأعلن قرب وفاته ليطمئنهم بأنه مغادر عن قريب فليكفُّوا عن محاولة اغتياله ، أو إعلان الردة وإعادة العرب إلى وثنيتهم ، بحجة أن محمداً يريد بناء ملك لعترته « عليهم السلام » !
لكن قريشاً لم تقنع بتطمينه ( صلى الله عليه وآله ) ، فحاولت اغتياله في عودته من حجة الوداع !
د . خرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) من المدينة يوم الخميس السادس والعشرين من ذي القعدة « لأربع بقين منه » وبات في ذي الحليفة « مسجد الشجرة » . وفى اليوم التالي أحرم وتحرك بالمسلمين نحو مكة ، فوصلها لأربع مضين من ذي الحجة .
أما رجوعه إلى المدينة فكان في العشر الأخير من ذي الحجة ، ولم أجد من حدده .
وأما عدد الذين حضروا حجة الوداع فتفاوتت الرواية في عددهم بين سبعين ألفاً ، ومئة وأربع وعشرين ألفاً .
ه - . روى المسلمون عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أحاديث عديدة من حجة الوداع ، وأجزاءً من الخطب الست التي خطبها : عندما وصل إلى مكة ، ثم في عرفات ، ثم في منى عند جمرة العقبة يوم العيد وثاني العيد ، ثم في اليوم الثالث في مسجد الخيف ، ثم في عودته في غدير خم عند الجحفة .
وتضمنت توجيهاته ووصاياه لأمته ، وقد أخفى رواة الحكومة منها أكثر ما يتعلق بأهل البيت « عليهم السلام » وهو بضع عشرة مادة ، وسيأتي ذكر مضامينها .
و . عن جابر قال : « طاف رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ، ليراه الناس وليشرف عليهم ليسألوه ، فإن الناس غَشَوْهُ » .
أي أحاطوا به وزاحموه . تذكرة الفقهاء : 8 / 111 .
2 - صفة حج النبي « صلى الله عليه وآله » عند أهل البيت « عليهم السلام »
في الكافي : 4 / 244 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « لم يحج النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعد قدومه المدينة إلا واحدة ، وقد حج بمكة مع قومه حجات مستسراً في كلها . . . فخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في أربع بقين من ذي القعدة ، فلما انتهى إلى ذي الحليفة زالت الشمس فاغتسل ، ثم خرج حتى أتى المسجد الذي عند الشجرة فصلى فيه الظهر وعزم بالحج مفرداً » سألته : أليلاً أحرم رسول الله أم نهاراً ؟ فقال : نهاراً . قلت : أية ساعة ؟ قال : صلاة الظهر « وخرج حتى انتهى إلى البيداء عند الميل الأول ، فصُفَّ له سماطان فلبى بالحج مفرداً ، وساق الهدى ستاً وستين ، حتى انتهى إلى مكة في سلخ أربع من ذي الحجة ، فطاف بالبيت سبعة أشواط ، ثم صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم ( عليه السلام ) ، ثم عاد إلى الحجر فاستلمه ، وقد كان استلمه في أول طوافه .
ثم قال : إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله . فأبدأ بما بدأ الله تعالى به . وإن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شئ صنعه المشركون ، فأنزل الله عز وجل : إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيهِ أَنْ يطَّوَّفَ بِهِمَا . ثم أتى الصفا فصعد عليه ، واستقبل الركن اليماني فحمد الله وأثنى عليه ودعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسلاً ، ثم انحدر إلى المروة فوقف عليها كما وقف على الصفا ، ثم انحدر وعاد إلى الصفا فوقف عليها ، ثم انحدر إلى المروة حتى فرغ من سعيه . فلما فرغ من سعيه وهو على المروة أقبل على الناس بوجهه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : إن هذا جبرئيل وأومأ بيده إلى خلفه يأمرني أن آمر من لم يسق هدياً أن يحل ، ولو استقبلت من أمرى ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ، ولكني سقت الهدي ، ولا ينبغي لسائق الهدى أن يحل حتى يبلغ الهدى محله .
قال : فقال له رجل من القوم « عمر » : لنخرجن حجاجاً ورؤوسنا وشعورنا تقطر ! فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أما إنك لن تؤمن بهذا أبداً ! فقال له سراقة بن مالك بن جعشم الكناني : يا رسول الله علمنا ديننا كأنا خلقنا اليوم ، فهذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم لما يستقبل ؟ فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : بل هو للأبد إلى يوم القيامة ثم شبك أصابعه وقال : دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة .
قال : وقدم على ( عليه السلام ) من اليمن على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو بمكة ، فدخل على فاطمة سلام الله عليها وهى قد أحلت ، فوجد ريحاً طيبة ووجد عليها ثياباً مصبوغة فقال : ما هذا يا فاطمة ؟ فقالت أمرنا بهذا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
فخرج على ( عليه السلام ) إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مستفتياً فقال : يا رسول الله إني رأيت فاطمة قد أحلت وعليها ثياب مصبوغة ؟ فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أنا أمرت الناس بذلك فأنت يا علي بمَ أهللت ؟ قال : يا رسول الله إهلالاً كإهلال النبي ، فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : قُرَّ على إحرامك مثلي ، وأنت شريكي في هديي .
قال : ونزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بمكة بالبطحاء هو وأصحابه ، ولم ينزل الدور ، فلما كان يوم التروية عند زوال الشمس أمر الناس أن يغتسلوا ويهلوا بالحج ، وهو قول الله عز وجل الذي أنزل على نبيه ( صلى الله عليه وآله ) : فاتَّبِعُوا مِلَّةَ إبْرَاهيم .
فخرج النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه مُهِلِّين بالحج حتى أتى منى فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر ، ثم غدا والناس معه ، وكانت قريش تفيض من المزدلفة وهى جُمع ويمنعون الناس أن يفيضوا منها ، فأقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وقريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون ، فأنزل الله تعالى عليه : ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ ، يعنى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق في إفاضتهم منها ومن كان بعدهم ، فما رأت قريش أن قبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد مضت كأنه دخل في أنفسهم شئ للذي كانوا يرجون من الإفاضة من مكانهم ، حتى انتهى إلى نمرة ، وهى بطن عرنة بحيال الأراك ، فضربت قبته ، وضرب الناس أخبيتهم عندها .
فلما زالت الشمس خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومعه قريش ، وقد اغتسل وقطع التلبية ، حتى وقف بالمسجد فوعظ الناس وأمرهم ونهاهم ، ثم صلى الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، ثم مضى إلى الموقف فوقف به ، فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جانبها فنحاها ، ففعلوا مثل ذلك فقال : أيها الناس ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف ، ولكن هذا كله وأومأ بيده إلى الموقف ، فتفرق الناس . وفعل مثل ذلك بالمزدلفة ، فوقف الناس حتى وقع القرص قرص الشمس ، ثم أفاض وأمر الناس بالدعة حتى انتهى إلى المزدلفة ، وهو المشعر الحرام فصلى المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ، ثم أقام حتى صلى فيها الفجر ، وعجل ضعفاء بني هاشم بليل وأمرهم أن لا يرموا الجمرة جمرة العقبة حتى تطلع الشمس ، فلما أضاء له النهار أفاض ، حتى انتهى إلى منى فرمى جمرة العقبة .
وكان الهدى الذي جاء به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ستاً وستين وجاء على بأربع وثلاثين فنحر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ستة وستين ونحر على ( عليه السلام ) أربعة وثلاثين بدنة ، وأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يؤخذ من كل بدنة منها جذوة من لحم ، ثم تطرح في برمة ثم تطبخ ، فأكل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعلى وحَسَيا من مرقها ، ولم يعطيا الجزارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها وتصدق به ، وحلق ، وزار البيت ورجع إلى مني ، وأقام بها حتى كان اليوم الثالث من آخر أيام التشريق .
ثم رمى الجمار ونفر ، حتى انتهى إلى الأبطح ، فقالت له عايشة : يا رسول الله ترجع نساؤك بحجة وعمرة معاً وأرجع بحجة ؟ فأقام بالأبطح وبعث معها عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم ، فأهلت بعمرة ثم جاءت وطافت بالبيت وصلت ركعتين عند مقام إبراهيم ( عليه السلام ) وسعت بين الصفا والمروة ، ثم أتت النبي ( صلى الله عليه وآله ) فارتحل من يومه ، ولم يدخل المسجد الحرام ولم يطف بالبيت . ودخل من أعلى مكة من عقبة المدنيين ، وخرج من أسفل مكة من ذي طوي .
وذكر أنه حيث لبى قال : لبيك اللهم لبيك لبيك ، لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك . وكان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يكثر من ذي المعارج ، وكان يلبى كلما لقى راكباً ، أو علا أكمةً ، أو هبط وادياً ، ومن آخر الليل ، وفى إدبار الصلوات . فلما دخل مكة دخل من أعلاها من العقبة وخرج حين خرج من ذي طوي ، فلما انتهى إلى باب المسجد استقبل الكعبة ، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على أبيه إبراهيم ، ثم أتى الحجر فاستلمه ، فلما طاف بالبيت صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم ودخل زمزم فشرب منها ، ثم قال : اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كل داء وسقم . فجعل يقول ذلك وهو مستقبل الكعبة ثم قال لأصحابه : ليكن آخر عهدكم بالكعبة استلام الحجر ، فاستلمه ، ثم خرج إلى الصفا .
الذي كان على بُدْن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ناجية بن جندب الخزاعي الأسلمي . والذي حلق رأس النبي ( صلى الله عليه وآله ) في حجته معمر بن عبد الله بن حارثة . قال : ولما كان في حجة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو يحلقه قالت قريش : أي معمر ، أذن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في يدك وفى يدك الموسي ! فقال معمر : والله إني لأعده من الله فضلاً عظيماً عَلَي ، قال : وكان معمر هو الذي يرحل لرسول الله فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا معمر إن الرحل الليلة لمسترخٍ فقال معمر : بأبى أنت وأمي لقد شددته كما كنت أشده ، ولكن بعض من حسدنى مكاني منك يا رسول الله أراد أن تستبدل بي ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ما كنت لأفعل » .
وفى الكافي : 4 / 257 ، عن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) قال : « لما وقف ( صلى الله عليه وآله ) بعرفة وهمَّت الشمس أن تغيب ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا بلال قل للناس فلينصتوا ، فلما نصتوا قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : إن ربكم تطوَّل عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفع محسنكم في مسيئكم ، فأفيضوا مغفوراً لكم ، قال : وزاد غير الثمالي أنه قال : إلا أهل التبعات ، فإن الله عدل يأخذ للضعيف من القوي .
فلما كانت ليلة جمع لم يزل يناجى ربه ويسأله لأهل التبعات ، فلما وقف بجمع قال لبلال : قل للناس فلينصتوا ، فلما نصتوا قال : إن ربكم تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لمحسنكم وشفع محسنكم في مسيئكم ، فأفيضوا مغفوراً لكم ، وضمن لأهل التبعات من عنده الرضا » .
أقول : معناه أن الله تعالى ضمن لمن شملته المغفرة في عرفات أن يرْضِى عنه من له عليه حق ، فيعطيه حتى يسقط حقه عنه . ولا يمكن أن يكون هذا الحكم لكل من حج ، لأنه يحج أناسٌ مشهود لهم من النبي ( صلى الله عليه وآله ) بأنهم مجرمون من أهل النار .
3 - خطب النبي « صلى الله عليه وآله » في حجة الوداع
مع أن المسلمين اهتموا بحجة الوداع ورووا منها أحاديث كثيرةً ، لكن رواة السلطة القرشية نَتَّفُوا الأحاديث وجَزَّؤوها ، وخلطوا بين مضامينها !
وسبب ذلك أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) ركز فيها على مكانة عترته « عليهم السلام » ، وخصهم بكلام بليغ كثير ، فتعمدوا إهمال ذلك لأنه إدانة لنظام الخلافة القرشي الذي قام أساساً على إقصاء العترة « عليهم السلام » . فذنب أحاديث حجة الوداع أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنها تأمر بطاعة أهل بيته « عليهم السلام » ، وتحذر قريشاً والصحابة من معصيتهم !
وقد راجعتُ نصوص هذه الخطب في أكثر من مائة مصدر من مصادرهم فوجدت أنها تشكل منظومة كاملة في حقوق الإنسان واحترام حريته ودمه وملكيته وكرامته ، وفى مكانة القرآن والعترة !
واليك فهرساً بها ، وقد أفردنا بشارته ( صلى الله عليه وآله ) بالأئمة الإثنى عشر « عليهم السلام » :
1 - خطبة النبي « صلى الله عليه وآله » في عرفات
حسب رواية ابن شعبة الحراني « رحمه الله » في تحف العقول / 30 : « الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . أوصيكم عباد الله بتقوى الله وأحثكم على العمل بطاعته ، وأستفتح الله بالذي هو خير .
أما بعد : أيها الناس ! إسمعوا منى ما أبين لكم ، فإني لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا في موقفي هذا .
أيها الناس : إن دماءكم وأعراضكم عليكم حرام ، إلى أن تلقوا ربكم ، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا . ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد .
فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها . وإن ربا الجاهلية موضوع ، وإن أول ربا أبدأ به ربا العباس بن عبد المطلب . وإن دماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب .
وإن مآثر الجاهلية موضوعة غير السدانة والسقاية ، والعمد قَوَدٌ ، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر وفيه مائة بعير ، فمن ازداد فهو من الجاهلية .
أيها الناس : إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه ، ولكنه قد رضى بأن يطاع فيما سوى ذلك ، فيما تحتقرون من أعمالكم .
أيها الناس : إنما النسئ زيادة في الكفر ، يضل به الذين كفروا ، يحلونه عاماً ويحرمونه عاما ، ليواطؤوا عدة ما حرم الله . وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السماوات والأرض ، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض ، منها أربعة حرم ثلاثة متوالية ، وواحد فرد : ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب بين جمادى وشعبان . ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد .
أيها الناس : إن لنسائكم عليكم حقاً ، ولكم عليهن حقاً ، حقكم عليهن أن لا يوطئن أحداً فرشكم ، ولا يدخلن أحداً تكرهونه بيوتكم إلا بإذنكم ، وألا يأتين بفاحشة ، فإن فعلن فإن الله قد أذن لكم أن تعضلوهن وتهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح ، فإذا انتهين وأطعنكم فعليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف . أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكتاب الله ، فاتقوا الله في النساء ، واستوصوا بهن خيراً .
أيها الناس : إنما المؤمنون إخوة ، ولا يحل لمؤمن مال أخيه إلا عن طيب نفس منه . ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد ، فلا ترجعن كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي . ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد .
أيها الناس : إن ربكم واحد ، وإن أباكم واحد ، كلكم لآدم وآدم من تراب ،
إِنَّ أَكرَمَكمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكمْ . وليس لعربي على عجمي فضل إلا بالتقوي . ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال : فليبلغ الشاهد الغائب .
أيها الناس : إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث ، ولا تجوز لوارث وصية في أكثر من الثلث ، والولد للفراش وللعاهر الحجر .
من ادُّعى إلى غير أبيه ، ومن تولى غير مواليه ، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً . والسلام عليكم ورحمة الله » .
2 - من خطب النبي « صلى الله عليه وآله » في مني :
في تفسير علي بن إبراهيم : 1 / 171 : « وحج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حجة الوداع لتمام عشر حجج من مقدمه المدينة ، فكان من قوله بمنى أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أيها الناس : إسمعوا قولي واعقلوه عني ، فإني لا أدرى ألقاكم بعد عامي هذا .
ثم قال : هل تعلمون أي يوم أعظم حرمة ؟ قال الناس : هذا اليوم . قال : فأي شهر ؟ قال الناس : هذا . قال : وأي بلد أعظم حرمة ؟ قالوا : بلدنا هذا . قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، إلى يوم تلقون ربكم ، فيسألكم عن أعمالكم . ألا هل بلغت أيها الناس ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد . ثم قال : ألا وكل مأثرة أو بدعة كانت في الجاهلية ، أو دم أو مال فهو تحت قدمي هاتين ، ليس أحد أكرم من أحد إلا بالتقوي . ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد .
ثم قال : ألا وكل رباً كان في الجاهلية فهو موضوع ، وأول موضوع منه ربا العباس بن عبد المطلب . ألا وكل دم كان في الجاهلية فهو موضوع ، وأول موضوع دم ربيعة . ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد .
ثم قال : ألا وإن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم هذه ، ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم ، ألا وإنه إذا أطيع فقد عبد !
ألا أيها الناس : إن المسلم أخو المسلم حقاً ، لا يحل لامرئ مسلم دم امرئ مسلم وماله ، إلا ما أعطاه بطيبة نفس منه . وإني أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فإذا قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله . ألا هل بلغت أيها الناس ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد .
ثم قال : أيها الناس : إحفظوا قولي تنتفعوا به بعدى وافهموه تنعشوا ، ألا لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا ، فإن فعلتم ذلك ولتفعلن ! لتجدوني في كتيبة بين جبرئيل وميكائيل أضرب وجوهكم بالسيف ! ثم التفت عن يمينه فسكت ساعة ثم قال : إن شاء الله ، أو علي بن أبي طالب .
ثم قال : ألا وإني قد تركت فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ، ألا فمن اعتصم بهما فقد نجا ، ومن خالفهما فقد هلك . ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم . قال : اللهم اشهد .
ثم قال : ألا وإنه سيرد عَلَى الحوض منكم رجال فيدفعون عني ، فأقول : رب أصحابي ؟ فيقول : يا محمد إنهم أحدثوا بعدك وغيروا سنتك ! أقول : سحقاً سحقاً .
فلما كان آخر يوم من أيام التشريق أنزل الله : إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : نُعِيتْ إلى نفسي . ثم نادى الصلاة جامعة في مسجد الخَيف ، فاجتمع الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
نَضَّرَ اللهُ امرأً سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم يسمعها ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه . ثلاث لايغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لأئمة المسلمين ولزم جماعتهم ، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم . المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم ، وهم يد على من سواهم .
أيها الناس : إني تارك فيكم الثقلين . قالوا : يا رسول الله وما الثقلان ؟ قال : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، فإنه قد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا عَلَى الحوض كإصبعى هاتين وجمع بين سبابتيه ، ولا أقول كهاتين وجمع سبابته والوسطى فتَفْضُلُ هذه على هذه ! فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا يريد محمد أن يجعل الإمامة في أهل بيته ! فخرج أربعة نفر منهم إلى مكة ودخلوا الكعبة وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتاباً : إن مات محمد أو قتل أن لايردُّوا هذا الأمر في أهل بيته أبداً ! فأنزل الله على نبيه في ذلك : أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ . أَمْ يحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيهِمْ يكتُبُونَ . الزخرف : 79 - 80 .
وفى بصائر الدرجات / 433 : « عن جابر قال قال أبو جعفر ( عليه السلام ) دعا رسول الله أصحابه بمنى وقال : يا أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين ، أمَا إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا عَلَى الحوض .
ثم قال : أيها الناس ، إني تارك فيكم حرمات الله : كتاب الله ، وعترتي ، والكعبة البيت الحرام . ثم قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : أما كتاب الله فحرفوا ، وأما الكعبة فهدموا ، وأما العترة فقتلوا ، وكل ودايع الله فقد تَبَّروا » !
وفى الخصال / 486 ، بسنده عن عبد الله بن عمر قال : « نزلت هذه السورة : إذا جاء نصر الله والفتح ، على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في أوسط أيام التشريق ، فعرف أنه الوداع ، فركب راحلته العضباء فحمد الله وأثنى عليه . . إلى آخر رواية القمي » .
وفى الكافي : 1 / 403 : « قال سفيان الثوري « لصاحبه » : إذهب بنا إلى جعفر بن محمد ، قال فذهبت معه إليه فوجدناه قد ركب دابته ، فقال له سفيان : يا أبا عبد الله حدثنا بحديث خطبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في مسجد الخيف . قال : دعني حتى أذهب في حاجتي فإني قد ركبت فإذا جئت حدثتك . فقال : أسألك بقرابتك من رسول الله لما حدثتني . قال : فنزل فقال له سفيان : مر لي بدواة وقرطاس حتى أثبته ، فدعا به ثم قال أكتب : بسم الله الرحمن الرحيم . خطبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في مسجد الخيف : نضَّرَ الله عبداً سمع مقالتي فوعاها وبلغها من لم تبلغه . يا أيها الناس : ليبلغ الشاهد الغائب ، فرب حامل فقه ليس بفقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه : ثلاثٌ لايغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، والنصيحة لأئمة المسلمين ، واللزوم لجماعتهم ، فإن دعوتهم محيطة من ورائهم . المؤمنون إخوةٌ تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ، يسعى بذمتهم أدناهم . . .
فكتبه سفيان ثم عرضه عليه ، وركب أبو عبد الله وجئت أنا وسفيان ، فلما كنا في بعض الطريق قال لي : كما أنت ، حتى أنظر في هذا الحديث . قلت له : قد والله ألزم أبو عبد الله رقبتك شيئاً ، لا يذهب من رقبتك أبداً ! فقال : وأي شئ ذلك ؟ فقلت له : ثلاث لايغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله ، قد عرفناه . والنصيحة لأئمة المسلمين ، من هؤلاء الأئمة الذين يجب علينا نصيحتهم ؟ معاوية بن أبي سفيان ، ويزيد بن معاوية ، ومروان بن الحكم ، وكل من لا تجوز الصلاة خلفهم ؟ وقوله : واللزوم لجماعتهم ، فأي الجماعة ؟ مُرْجِئٌ يقول : من لم يصلِّ ولم يصُم ولم يغتسل من جنابة ، وهادم الكعبة وناكح أمه ، فهو على إيمان جبرئيل وميكائيل ؟ ! أو قدرى يقول لا يكون ما شاء الله عز وجل ويكون ما شاء إبليس ؟ أو حروري يتبرأ من علي بن أبي طالب ويشهد عليه بالكفر ؟ أو جهمي يقول إنما هي معرفة الله وحده ليس الإيمان شئ غيرها ؟ !
قال : ويحك وأي شئ يقولون ؟ ! فقلت : يقولون : إن علي بن أبي طالب والله الإمام الذي وجب علينا نصيحته . ولزوم جماعتهم : أهل بيته !
قال : فأخذ الكتاب فخرقه ، ثم قال : لاتخبر بها أحداً » ! . انتهي .
وفى الكافي : 2 / 74 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حجة الوداع فقال : يا أيها الناس والله ما من شئ يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار ، إلا وقد أمرتكم به ، وما من شئ يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة إلا وقد نهيتكم عنه . ألا وإن الروح الأمين نفث في روعى أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، ولا يحمل أحدكم استبطاء شئ من الرزق أن يطلبه بغير حله ، فإنه لا يدرك ما عند الله إلا بطاعته » . راجع في تفسير القمي : 2 / 303 ، خطبته ( صلى الله عليه وآله ) في مكة ، وقد أخذ بحلقة الكعبة . وفي : 2 / 447 ، خطبته ( صلى الله عليه وآله ) في مسجد الخيف .
3 - ومن مصادر السنيين
في سنن الدارمي : 2 / 47 : « حتى إذا زاغت يعنى الشمس « يوم عرفة » أمر بالقصواء فرُحِّلَتْ له ، فأتى بطن الوادي فخطب الناس ، وقال : إن دماءكم وأموالكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ، ألا إن كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة . . . فاتقوا الله في النساء ، فإنما أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله . .
أنتم مسؤولون عنى فما أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت . فقال بإصبعه السبابة فرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس : اللهم اشهد ، اللهم اشهد ، اللهم اشهد » .
وفى صحيح بخاري : 5 / 126 : عن أبي بكرة عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : « الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهراً ، منها أربعة حرم ، ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان . أي شهر هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال : أليس ذا الحجة ؟ قلنا : بلي . قال : فأي بلد هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ، قال : أليس البلدة ؟ قلنا : بلي . قال : فأي يوم هذا ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه ! قال : أليس يوم النحر ؟ قلنا : بلي . قال : فإن دماءكم وأموالكم - قال محمد وأحسبه قال وأعراضكم - عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ، وستلقون ربكم فسيسألكم عن أعمالكم . ألا فلا ترجعوا بعدى ضلالاً يضرب بعضكم رقاب بعض . ألا ليبلغ الشاهد الغائب ، فلعل بعض من يبلغه أن يكون أوعى له من بعض من سمعه » . وروته المصادر : « كفاراً » ورواها بخارى وقليل غيره « ضلالاً » ! أيضاً في صحيحه : 1 / 24 .
وفى صحيح مسلم : 4 / 41 : « حتى أتى عرفة . . فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرُحِّلت له ، فأتى بطن الوادي فخطب الناس . . . وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به : كتاب الله » . فحذف وصية النبي ( صلى الله عليه وآله ) بعترته !
وفى ابن ماجة : 2 / 1024 والحاكم : 1 / 77 : « خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا أيها الناس : إني فرط لكم على الحوض ، وإن سعته ما بين الكوفة إلى الحجر الأسود ، وآنيته كعدد النجوم ، وإني رأيت أناساً من أمتي « أصلها أصحابي » لما دنوا منى خرج عليهم رجل فمال بهم عني ، ثم أقبلت زمرة أخرى ففعل بهم كذلك فلم يفلت إلا كمثل همل النعم ! فقال أبو بكر : لعلى منهم يا نبي الله ؟ ! قال : لا » !
وواضحٌ أن الراوي تعمد ذكرأبى بكر ليخرجه من الصحابة المطرودين !
وفى ابن ماجة : 2 / 1016 ، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو على ناقته المخضرمة بعرفات . . « ألا وإني مستنقذ أناساً ، ومستنقَذٌ منى أناس ، فأقول : يا رب أصيحابي ! فيقول : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك » !
وفى سنن ابن ماجة : 2 / 1300 : « عن ابن عمر أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ويحكم أو ويلكم ! لا ترجعوا بعدى كفاراً . . » .
وفى سنن الترمذي : 2 / 62 ، عن أبي أمامة : « سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يخطب في حجة الوداع فقال : اتقوا الله ربكم ، وصلُّوا خَمْسَكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، وأطيعوا ذا أمركم ، تدخلوا جنة ربكم . قال : قلت لأبى أمامة : منذ كم سمعت هذا الحديث ؟ قال : سمعت وأنا ابن ثلاثين سنة » .
وفى مسند أحمد : 5 / 412 : « فقال . . . ألا وإني فرطكم على الحوض أنظركم وإني مكاثرٌ بكم الأمم ، فلا تسوِّدُوا وجهي ! ألا وقد رأيتموني وسمعتم منى وستسألون عنى فمن كذب على فليتبوأ مقعده من النار . ألا وإني مستنقذٌ رجالاً أو أناساً ، ومستنقَذٌ منى آخرون فأقول : يا رب أصحابي . . الخ . » !
وفى مجمع الزوائد : 3 / 265 ، عن الرقاشي قال : « كنت آخذاً بزمام ناقة رسول الله في وسط أيام التشريق أذود عنه الناس فقال . . » . وفيه : « ألا لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض . . . أيها الناس : إن النساء عندكم عوان ، أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله . . . لا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه . أيها الناس : إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا : كتاب الله فاعملوا به » . ولم يذكر الراوي أهل بيته « عليهم السلام » !
4 - بشارة النبي « صلى الله عليه وآله » في حجة الوداع بالأئمة الإثنى عشر بعده
كان من الواضح للمسلمين أن ولاية الأمر بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) لعترته « عليهم السلام » فقد أمره الله تعالى أن يبلغ الأمة ولايتهم ، على سنته تعالى في أنبيائه السابقين الذين ورَّث عترتهم الكتاب والحكم ، ذُرِّيةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ . « آل عمران : 34 » .
ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَينَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيرَاتِ بِإِذْنِ الله ذَلِك هُوَ الْفَضْلُ الْكبِيرُ . فاطر : 32 .
والذين اصطفاهم الله على وأبناؤه من فاطمة « عليهم السلام » ، والسابقون بالخيرات الأئمة المعصومون « عليهم السلام » منهم . والمقتصد : هو المؤمن بهم . والظالم لنفسه : من حسدهم وأنكرهم ! ولا يستقيم معنى الآية بتفسير آخر .
وقد بَلَّغَ النبي ( صلى الله عليه وآله ) طوال نبوته ولاية عترته بالتدريج والحكمة ، بالتلويح والتصريح ، لعلمه بحسد قريش لهم ، وقد روت مصادرهم أنه ( صلى الله عليه وآله ) بشر بالأئمة الإثنى عشر في خطب حجة الوداع ، لكنهم أبهموا وحذفوا منها ! ففي صحيح بخاري : 8 / 127 ، عن : « جابر بن سمرة قال : سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول : يكون اثنا عشر أميراً ، فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنه قال : كلهم من قريش » !
وفى مسلم : 6 / 3 : « لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثنى عشر خليفة ، ثم قال كلمة لم أفهمها ، فقلت لأبي : ما قال ؟ فقال : كلهم من قريش » !
ثم روى ثانية فيها : « ثم تكلم بشئ لم أفهمه » .
وثالثة فيها : « لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى إثنى عشر خليفة ، فقال كلمة صَمَّنِيها الناس ! فقلت لأبي : ما قال ؟ قال : كلهم من قريش » .
ولم يقل بخارى إن هذا الحديث من خطب حجة الوداع ! لكن عدداً من المصادر قالته ، كمسند أحمد : 5 / 93 و 96 و 99 : « عن جابر بن سمرة قال : خطبنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بعرفات » . وفي / 87 : « يقول في حجة الوداع » . وفي / 99 : « سمعت رسول الله يخطب بمني » . وهذا يعنى أنه ( صلى الله عليه وآله ) كرره في عرفات ومني ، ثم أعلنه صريحاً في غدير خم !
وأصل الحديث : اثنا عشر إماماً كلهم من أهل بيتي ، « ففي مسند أحمد : 5 / 100 و 107 » ، لكن السلطة لا تريد العترة فقال الراوي : « ثم قال كلمة لم أفهمها ، قلت لأبي : ما قال ؟ قال : قال كلهم من قريش » . وفى الحاكم : 3 / 617 : « وقال كلمة خفيت علي ، وكان أبى أدنى إليه مجلساً منى فقلت : ما قال ؟ فقال كلهم من قريش » .
وفى أحمد : 5 / 90 و 98 ، أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أخفاها وخفض بها صوته وهمس بها همساً !
وفى الحاكم : 3 / 618 : « ثم قال كلمة وخفض بها صوته ، فقلت لعمى وكان أمامي : ما قال يا عم ؟ قال : قال يا بني : كلهم من قريش » .
وفى الطبراني الكبير : 2 / 213 و 214 : « قال ( صلى الله عليه وآله ) : يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيماً لا يضرهم من خذلهم ، ثم همس رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بكلمة لم أسمعها ، فقلت لأبي : ما الكلمة التي همس بها النبي ؟ قال أبي : كلهم من قريش » .
وقالت روايات أخرى إن الذي ضيع الكلمة هم الناس ، وليس الراوي ولا النبي ( صلى الله عليه وآله ) ! فالناس المحرمون لربهم ، المنتظرون لكل كلمة تصدر من نبيهم ، صاروا عند الكلمة الحساسة مشاغبين ! يلغطون ، ويضجون ، ويكبرون ، ويتكلمون ويقومون ويقعدون !
ففي سنن أبي داود : 2 / 309 : « قال : فكبر الناس وضجوا ، ثم قال كلمة خفية ، قلت لأبي : يا أبة ما قال ؟ قال : كلهم من قريش » .
ومثله أحمد : 5 / 98 . وفيه : « ثم قال كلمة أصَمَّنِيها الناس ، فقلت لأبي : ما قال ؟ قال : كلهم من قريش » . وفى رواية مسلم المتقدمة : « صَمَّنيها الناس » .
وفى رواية أحمد : 5 / 93 : « وضج الناس . . ثم لغط القوم وتكلموا فلم أفهم قوله بعد كلهم » . وفى نفس الصفحة : « لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً ، ينصرون على من ناواهم عليه إلى اثنى عشر خليفة . قال فجعل الناس يقومون ويقعدون . . . » !
فهل سمعت بأمة يودعها نبيها ، ويبشرها بأن الله عز وجل حلَّ مشكلة القيادة فيها وعين اثنى عشر إماماً ربانياً ، ثم لم يحدد لها هؤلاء الأئمة ، لا بأسمائهم ولا بأسرتهم ! بل جعلهم ضائعين في عشرين قبيلة ! ولم يسأله أحد من أمته من هم ؟ !
إنها فضيحة وراءها قريش بكيدها وخططها ضد النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعترته !
إن زعمهم أن الأئمة الربانيين ضاعوا في قريش ، هو نفس كلامهم في السقيفة حيث قالوا إن قريشاً تأبى أن تجمع لبنى هاشم بين النبوة والخلافة ، فيجب أن تدور الخلافة بين بطون قريش العشرين ! وهم بتهمتهم للنبي ( صلى الله عليه وآله ) بأنه ضيع هوية الأئمة من بعده ، يتهمون ربهم سبحانه وتعالى وينسبون اليه أنه جعل في هذه الأمة اثنى عشر إماماً مجهولين في عشرين قبيلة ! وأشعل الصراع بين هذه القبائل على الخلافة ورئاسة الدولة ، خاصة وهم يتحاربون سنين على فرس وبعير !
فالصحيح أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) حددهم بعترته « عليهم السلام » وسماهم : علياً والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين « عليهم السلام » ، لكنهم تعمدوا تضييعهم !
وقد قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا ، كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم ، وأعطانا وحرمهم ، وأدخلنا وأخرجهم !
بنا يستعطى الهدي ، ويستجلى العمي . إن الأئمة من قريش ، غرسوا في هذا البطن من هاشم ، لا تصلح على سواهم ولا تصلح الولاة من غيرهم « نهج البلاغة : 1 / 82 و 2 / 27 » . وقال ( عليه السلام ) أيضاً : « والله ما تنقم منا قريش إلا أن الله اختارنا عليهم ، فأدخلناهم في حيزنا ، فكانوا كما قال الأول :
أدَمْتَ لعَمرى شُرْبَك المحضَ صابحاً * وأكلَك بالزُّبد المَقَشَّرة البُجْرَا
ونحن وهبناك العلاءَ ولم تكنْ * علياً وحُطْنَا حولك الجُرْدَ والسُّمْر .
هذا ، وقد تحير الشراح السنيون في الأئمة الإثنى عشر ، وحاولوا تطبيقهم على خلفائهم فلم يستطيعوا ! واعترف ابن العربي المالكي المتوفى سنة 543 في عارضة الأحوذي ، بأن تطبيق الحديث على خلفائهم لا يصح !
كما أخفوا أحاديث أن الأئمة من أهل البيت ( صلى الله عليه وآله ) ، وأحرقوها ، أو أنكروها .
قال ابن مسعود : « سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : الأئمة بعدى اثنا عشر ، تسعة من صلب الحسين ، والتاسع مهديهم » . كفاية الأثر / 33 .
وقد كتبنا رسالة خاصة في : « بشارة النبي ( صلى الله عليه وآله ) بالأئمة الإثنى عشر « عليهم السلام » » .
5 - تحذير النبي « صلى الله عليه وآله » لقريش والصحابة أن يطغوا بعده
سبب التحذير النبوي أن قريشاً لها موقع القيادة في العرب ، فقبائل العرب تَبَعٌ لها ، والخطر الذي يخشاه على أهل بيته إنما هو من قريش وحدها ، والتحريف الذي يخشاه على الإسلام ، والظلم على المسلمين ، إنما هو من قريش وحدها !
لذا قال لهم ( صلى الله عليه وآله ) : « يا معشر قريش لاتجيؤوا بالدنيا تحملونها على رقابكم ، وتجئ الناس بالآخرة ، فإني لا أغنى عنكم من الله شيئاً » .
وهذا نفس تحذيره ( صلى الله عليه وآله ) للصحابة من الصراع على السلطة كقوله : « ويحكم أو ويلكم لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض » . « ابن ماجة : 2 / 1300 » . وقوله ( صلى الله عليه وآله ) : « لا ترجعوا بعدى كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض بالسيف على الدنيا فإن فعلتم ذلك وَلَتَفْعَلُنَّ » . تفسير القمي : 1 / 1717 .
فأخبرهم أنهم سيفعلون ! واستعمل بلاغته ( صلى الله عليه وآله ) وكل موجبات الخوف والحذر ليقيم عليهم الحجة فلايقولون يوم القيامة : لماذا لم تحذرنا ؟ ! فالذين حذرهم صحابته فقط ! لا اليهود ، ولا الروم ، ولا القبائل العربية ، ولا حتى زعماء قريش بدون شركائهم
من الصحابة !
ذلك أن الخوف من الاقتتال بعده ليس من القبائل التي خضعت للإسلام طوعاً أو كرهاً ، فهي مهما كانت كبيرة وموحدة مثل هوازن وغطفان . . لاتطمح إلى قيادة هذه الدولة ، وإن طمحت فلا حظَّ لها في النجاح إلا بواسطة الصحابة !
واليهود انكسروا وأجلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) قسماً منهم من الجزيرة ، ولم تبق لهم قوة عسكرية تذكر ، ومكائدهم لاحظَّ لها في النجاح إلا بواسطة الصحابة ، الذين تعاهدوا معهم سراً ! سَنُطِيعُكمْ فِى بَعْضِ الأمر وَاللهُ يعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ . محمّد : 26 .
وزعماء قريش في مكة ، مع أنهم يملكون نحو ثلاثة آلاف مقاتل ، لكنهم لا طريق لهم إلى قيادة الدولة إلا بالصحابة القرشيين ! فلايستطيعون أن يدَّعوا حقاً في قيادة دولة النبي ( صلى الله عليه وآله ) التي كانوا أعداؤها ! لهذا كان تحذيره ( صلى الله عليه وآله ) من الصراع على السلطة بعده ، محصوراً بهؤلاء الصحابة المهاجرين ، ثم بالأنصار فقط !
لكنك تقرأ في مصادر السلطة عشرات الأحاديث في مدح قريش ، وأن القيادة لهم دون غيرهم ! ولا ترى من أحاديث تحذيره لهم إلا ما أفلت من الرقابة ، فقد حرفوها أو جعلوها تحذيراً لبنى هاشم بأن لا يطمعوا في الدنيا ، لأنه لايغنى عنهم من الله شيئاً ! صحيح بخاري : 6 / 17 .
أو جعلوها تحذيراً لفاطمة « عليها السلام » بأنها لو سرقت لقطع يدها ! « صحيح بخاري : 4 / 151 و 5 / 97 و 8 / 16 » . وتحذيراً لبنى عبد المطلب ، بنحو هذا !
ومما أفلت وكان حجة دامغة وما زال ، تحذير النبي ( صلى الله عليه وآله ) لصحابته في حجة الوداع رسمه ببلاغته النبوية لوحةً خالدة لاتنقصها إلا الأسماء ، أظهرت المصير الجهنمي الذي يمشى إليه هؤلاء الصحابة ! ورسم مجيئهم إلى حوض الكوثر يوم المحشر ، فيأتي النداء الإلهى بمنعه من الشفاعة لهم ومنعهم من ورود الحوض ، ثم يؤمر بهم إلى جهنم !
إنها صورة رهيبة نزل بها جبرئيل ( عليه السلام ) ليبلغها النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى الأمة في حجة الوداع ! تجسد الكارثة على صحابته ، جزاءً لهم على الكارثة التي سينزلونها في أمته بعده ! ولا ينجو من هؤلاء المجرمين إلا مثل « هَمَل النَّعم » كما في رواية بخاري ، أي الغنم المنفردة عن القطيع ! ومعناه أن قطيع الصحابة في النار ، ولا يفلت منهم إلا قلة مخالفون لرأى جمهورهم !
وهى حقيقةٌ مذهلةٌ ، صعبة التصديق على المسلم السنى المسكين ، الذي رباه أبواه على حب كل الصحابة ، وخير القرون ، والجيل الفريد ، والصحابة العدول ، وأصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم . . وزرعوا في ذهنه من صغره الصور المثالية لزيد وعمرو ، فإذا به يفاجأ بصورة مرعبة عنهم !
ولو كان المتكلم غير رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما تردد السنى في الحكم عليه بأنه عدو الإسلام ، يريد أن يكيد له بالطعن في صحابة رسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله ) !
ولو كان الراوي غير البخاري ، لما ترددوا في تضعيف حديثه واتهامه !
لكن المتكلم هو الرسول ( صلى الله عليه وآله ) يخبر عن وحى ربه عز وجل ، وعن حدث سوف يحدث لا محالة !
والراوي للكارثة البخاري الذي أعطوا كتابه درجة العصمة من الجلد إلى الجلد !
إنها جرعةٌ مُرَّةٌ مذهلة للسني المسكين ، الذي تعلَّم أن الحقيقة دائماً حلوة ، وأن الحق دائماً مفصلٌ على قامة الصحابة !
ولم يكتف النبي ( صلى الله عليه وآله ) بذلك ، حتى أوقف المسلمين في الجحفة وأخذ بيد على وأعلنه إماماً بعده ، وجعل له الولاية على أمته ، ونصب له خيمة وأمرهم أن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين ، ويباركوا له ولايته عليهم ، فهنؤوه وباركوا له وبخبخوا له ، وأمر نساءه أن يهنئنه فجئن إلى باب خيمته وهنأنه وباركن له !
ثم أراد النبي ( صلى الله عليه وآله ) قبيل وفاته ، أن يبعد هؤلاء الصحابة بعيداً عن المدينة ، فأرسلهم جميعاً في جيش أسامة إلى مؤتة قرب القدس ، وكان الجيش ثلاثة آلاف فيهم سبع مئة من قريش الطلقاء والمهاجرين . لكنهم اعترضوا على قيادة أسامة بن السبع عشرة سنة ، وسوفوا وتعللوا لمدة أسبوعين حتى توفى النبي ( صلى الله عليه وآله ) !
ثم أراد النبي ( صلى الله عليه وآله ) في مرض وفاته ، أن يؤكد عليهم الحجة بوثيقة مكتوبة ، فطلب منهم أن يأتوه بدواة وقرطاس ، ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً .
ولكنهم رفضوا ذلك بشدة ، ورفعوا في وجهه القرآن فقالوا له : حسبنا كتاب الله ! ومعناه : أيها الرسول لا نريد أن تكتب لنا أطيعوا بعدى علياً ، ثم أولاد ابنتي فاطمة حسناً ثم حسيناً ، ثم تسعة من ذرية الحسين !
وغضبوا ولغطوا وصاحوا بالحاضرين : لا تقربوا له دواة ولا قرطاساً !
فغضب النبي ( صلى الله عليه وآله ) وطردهم ، وقال لهم : قوموا عنى فما أنا فيه من اعترافكم بنبوتي خير مما تدعونني اليه لأن أصرَّ عليكم ، فتعلنوا الردة !
فاعجب لأمة تنقلب على نبيها في حياته !
6 - عقوبة المخالفين لوصية النبي « صلى الله عليه وآله » في عترته « عليهم السلام »
من الأساليب النبوية المبتكرة في خطب حجة الوداع ، أنه ( صلى الله عليه وآله ) بعد حديثه عن
أهل بيته « عليهم السلام » ، أعلن مبدأ : « لعن من ادعى إلى غير أبيه ، أو تولى غير مواليه » !
ففي مسند أحمد : 4 / 186 : « خطبنا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو على ناقته فقال : ألا إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي ، وأخذ وبرة من كاهل ناقته فقال : ولا ما يساوى هذه ، أو ما يزن هذه . لعن الله من ادُعى إلى غير أبيه ، أو تولى غير مواليه » ! وسيأتي في فصل جيش أسامة تفسير النبي ( صلى الله عليه وآله ) لهذه اللعنة بأنها على من ترك ولاية أهل بيته .
7 - قريش تكتب معاهدة لأخذ خلافة النبي « صلى الله عليه وآله » من بني هاشم
كانت قريش في حجة الوداع مستنفرة خوفاً من فرض النبي ( صلى الله عليه وآله ) خلافة عترته ! وكان المتآمرون لقتل النبي ( صلى الله عليه وآله ) في طريق تبوك موجودين معه في حجة الوداع ! وقد فرحوا لأنه ( صلى الله عليه وآله ) لم يستطع أن يكشف أسماءهم ، ولا أن يعاقبهم على مؤامرة تبوك ! واعتبروا ذلك انتصاراً بالحد الأدنى عليه ( صلى الله عليه وآله ) ! وكانوا يرون أنه ماضٍ في تركيز خلافة علي ، فقد أشاد به في طريق تبوك ، وفى المدينة بعد عودته ، وسحب سورة براءة من أبى بكر وبعثه بها ، لأن جبرئيل ( عليه السلام ) أمره بأنه لا يبلغ عنه إلا هو أو رجل منه ! ثم أشركه في أضاحيه لأنهما من ولد عبد المطلب ، وجعلها مئة ناقة على عدد نذر عبد المطلب عن أبيه عبد الله « عليهم السلام » .
ثم خص ابنته فاطمة « عليها السلام » بأضحية وقال لها قومي فاشهدى أضحيتك ، « المغني : 1 / 156 » بينما ذبح عن كل نسائه بقرة المغني : 3 / 501 .
وتواصلت أحاديثه في مدح على وفاطمة والحسن والحسين « عليهم السلام » ، فقال إن فاطمة سيدة نساء العالمين ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وإنهما إمامان قاما أو قعدا ، وإن علياً أسد الله وأسد رسوله ، وولى المؤمنين بعده .
ثم أكد على ميزانية « الخمس » التي شرعت من أول الهجرة لبنى هاشم خاصة لينزههم عن الزكوات التي هي أوساخ الناس ، وهذا أقصى الرفعة لهم !
ثم لم يرض بذلك حتى قرن عترته بالقرآن وأوصى بهما الأمة ، ثم بشر باثني عشر إماماً ربانيين من عترته ، أي أن إمامتهم من الله ! فماذا بقي لقبائل قريش ؟ !
ثم تراه يتعمد الحديث عن ظلم قريش ومحاصرتهم له ولبنى هاشم سنين في شعب أبى طالب ، فقد أعلن يوم التروية : « منزلنا غداً إن شاء الله تعالى بخيف بنى كنانة حيث تقاسموا على الكفر » . « صحيح بخاري : 2 / 158 » ثم كرره بعد عرفات ، « بخاري : 4 / 247 » . وكان أكد عليه يوم فتح مكة !
فلا حل عند قريش في مواجهة هذا الإصرار النبوي إلا مواصلة العمل لقتل محمد ! فإن لم يمكن فبالحيلولة بينه وبين إعلان على خليفة ، بالتشويش على كلامه وبالقول للناس إنه لم يقل ، وبالتهديد بإعلان الردة عندما يلزم ذلك !
وهو الأمر الذي يخاف منه النبي ( صلى الله عليه وآله ) كثيراً !
إن قراءة نصوص خطب النبي ( صلى الله عليه وآله ) في عرفات حتى برواية السلطة ، يكفى لمعرفة الجو الذي أوجدته قريش حول النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وكيف كانت تترقب كلماته لتشوش على ما لايناسبها وترفضه ، وتأخذ ما يناسبها وتضخمه !
فقد كان يوم عرفات أهدأ مكان وأنسبه لأن يوصل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما يريده إلى المحرمين الواقفين لربهم ، فركب ناقته ليشاهدوه ويسمعوه ، وكان صوته يصل إلى أكثرهم ، ودعا برجل جهوري الصوت فكان يلقى الجملة ويقول له : أُصرخ بها ، فيصرخ ويسمعها من لم يسمعها مباشرة .
لكن ما إن بشر أمته بالأئمة الإثنى عشر من عترته ، حتى ارتفعت الضجة واللغط « فضجوا وقاموا وقعدو وكبروا ولغطوا » وقال راوي قريش إن النبي قال : اثنا عشر إماماً ، ثم قال كلمة لم أفهمها فسألت عمر فقال : كلهم من قريش !
قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « إن العرب كرهت أمر محمد ( صلى الله عليه وآله ) وحسدته على ما آتاه الله من فضله واستطالت أيامه ! حتى قذفت زوجته ونفرت به ناقته ، مع عظيم إحسانه إليها وجسيم مننه عندها ! وأجمعت مذ كان حياً على صرف الأمر عن أهل بيته بعد موته » ! شرح النهج : 20 / 298 .
ولم تكتف قريش بأعمالها لعزل العترة ، فكتبت معاهدة بذلك في الكعبة !
ففي الكافي : 4 / 545 : عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « كنت دخلت مع أبي الكعبة فصلى على الرخامة الحمراء بين العمودين فقال : في هذا الموضع تعاقد القوم إن مات رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أو قتل ألايردوا هذا الأمر في أحد من أهل بيته أبداً ! قال قلت : ومن كان ؟ قال : كان الأول والثاني وأبو عبيدة بن الجراح وسالم بن الحبيبة » !
ففي تفسير القمي : 1 / 173 « فاجتمع قوم من أصحابه وقالوا يريد محمد أن يجعل الإمامة في أهل بيته ! فخرج أربعة نفر منهم إلى مكة ودخلوا الكعبة وتعاهدوا وتعاقدوا وكتبوا فيما بينهم كتاباً : إن مات محمد أو قتل أن لايردُّوا هذا الأمر في أهل بيته أبداً . » .
وفى الاستغاثة : 2 / 66 : « وكتبوا بينهم صحيفة بذلك ، ثم جعلوا أبا عبيدة بينهم أميناً على تلك الصحيفة ، وهى الصحيفة التي روت العامة أن أمير المؤمنين دخل على عمر وهو مسجى فقال : ما أبالي أن ألقى الله بصحيفة هذا المسجي ، وكان عمر كاتب الصحيفة فلما أودعوه الصحيفة خرجوا من الكعبة الشريفة ودخلوا المسجد ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فيه جالساً فنظر إلى أبى عبيدة فقال : هذا أمين هذه الأمة على باطلها ! يعنى أمين النفر الذين كتبوا الصحيفة ! فروت العامة أن رسول الله قال : أبو عبيدة أمين هذه الأمة » !
والمعنى أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قالها باستنكار ، وليس مدحاً لأبى عبيدة !
وعُرفت الصحيفة التي كتبوها في حجة الوداع بالصحيفة الملعونة الثانية ، والأولى صحيفة مقاطعة المشركين لبنى هاشم حتى يسلموهم النبي ( صلى الله عليه وآله ) !
وفى مختصر بصائر الدرجات / 19 : « عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال إنه بلغ رسول الله عن بطنين من قريش كلام تكلموا به فقالوا : يرى محمد أن لو قد قضى أن هذا الأمر يعود في أهل بيته من بعده ! فأعلم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ذلك فباح في مجمع من قريش بما كان يكتمه فقال : كيف أنتم معاشر قريش وقد كفرتم بعدى ثم رأيتموني في كتيبة من أصحابي أضرب وجوهكم ورقابكم بالسيف ؟ !
قال : فنزل جبرئيل فقال : يا محمد قل إن شاء الله أو يكون ذلك علي بن أبي طالب إن شاء الله . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : أو يكون ذلك علي بن أبي طالب إن شاء الله . فقال جبرئيل : واحدة لك واثنتان لعلي بن أبي طالب ، وموعدكم السلم ! قال أبان : جعلت فداك وأين السلم ؟ فقال : يا أبان السلم من ظهر الكوفة » .
وفى تفسير العياشي : 1 / 334 : « عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله : وَحَسِبُوا أَلا تَكونَ فِتْنَةٌ
قال : حيث كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بين أظهرهم . فَعَمُوا وَصَمُّوا : حيث قبض رسول الله ! ثُمَّ تَابَ اللهُ عَلَيهِمْ : حيث قام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) . قال : ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا . . إلى الساعة » !
وسيأتي أن أبي بن كعب « رحمه الله » كان يسميهم أصحاب العقدة !
8 - نتيجة حجة الوداع عند قريش وعند النبي « صلى الله عليه وآله »
كان زعماء قريش يتكلمون عن خلافة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وميله إلى ابن عمه وعترته وكأنهم لم يشموا رائحة الإسلام ! وكأن محمداً ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي يعطى الإمامة والخلافة من عنده ، فأعطاها لبنى هاشم تعصباً لهم وظلماً لقبائل قريش !
واعتبر القرشيون أن حجة الوداع مرَّت بسلام ، فقد تحدث النبي ( صلى الله عليه وآله ) كثيراً عن عترته ، والأئمة منهم إلى آخر الدهر . . الخ . لكن كانوا مرتاحين لأنه لم يطلب منهم أن يبايعوا علياً كبير أهل البيت بصفته الإمام الأول من أئمة العترة « عليهم السلام » .
أما النبي ( صلى الله عليه وآله ) فاعتبر أنه بلَّغَ رسالة ربه في عترته بأقصى ما يمكنه ، وأن قريشاً لا تتحمل أكثر من ذلك ! ولو طلب منها بيعة على بعده ، لطعنت في نبوته وقالت إنه ينطق عن الهوي ، ويريد إقامة ملك لبنى هاشم كملك كسرى وقيصر ، وقادت حركة ردة في العرب بتخويفهم من ملك بني هاشم بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لأنه ملك يبدأ بعلى وهو في الثلاثينات من عمره ، ثم يكون للحسن والحسين وهما دون العاشرة ، ثم لا يخرج من أبناء فاطمة إلى يوم القيامة ، وتكون بطون قريش محكومة لبنى هاشم ولا يكون لها شئ !
لذلك أراد النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يؤخر بقية تفسيره للولاية وإعلانه علياً ( عليه السلام ) خليفته إلى المدينة ، لكن جاءه الأمر الإلهى بأن يبلغ ذلك في طريق عودته من حجة الوداع عند غدير خم ، ووعده بعصمته من الناس وحفظ نبوته ، فصدع بأمر ربه .
ففي الكافي : 1 / 289 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « أمر الله عز وجل رسوله بولاية على وأنزل عليه : إِنَّمَا وَلِيكمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيؤْتُونَ الزَّكاةَ وفرض ولاية أولي الأمر فلم يدروا ما هي ؟ فأمر الله محمداً ( صلى الله عليه وآله ) أن يفسر لهم الولاية كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج .
فلما أتاه ذلك من الله ضاق بذلك صدر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وتخوف أن يرتدوا عن دينهم وأن يكذبوه ! فضاق صدره وراجع ربه عز وجل فأوحى الله عز وجل إليه : يا أَيهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيك مِنْ رَبِّك وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يعْصِمُك مِنَ النَّاسِ . . فصدع بأمر الله تعالى ذكره ، فقام بولاية على ( عليه السلام ) يوم غدير خم ، فنادى الصلاة جامعة ، وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب .
وقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخرى وكانت الولاية آخر الفرائض ، فأنزل الله عز وجل : الْيوْمَ أَكمَلْتُ لَكمْ دِينَكمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيكمْ نِعْمَتِي . قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : يقول الله عز وجل : لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة ، قد أكملت لكم الفرائض » .
وفى تفسير العياشي : 1 / 331 ، عن ابن عباس وجابر بن عبد الله قالا : « أمر الله تعالى نبيه محمداً ( صلى الله عليه وآله ) أن ينصب علياً ( عليه السلام ) علماً للناس ويخبرهم بولايته ، فتخوف رسول الله أن يقولوا حابى ابن عمه ، وأن يطعنوا في ذلك عليه ! فأوحى الله إليه : ياأَيهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيك مِنْ رَبِّك وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يعْصِمُك مِنَ النَّاسِ . . فقام رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بولايته يوم غدير خم » .
وفى إقبال الأعمال : 2 / 241 : « فخرجنا إلى مكة مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) في حجة الوداع ، فنزل جبرئيل فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول : أنصب علياً علماً للناس ! فبكى النبي ( صلى الله عليه وآله ) حتى اخضلت لحيته وقال : يا جبرئيل إن قومي حديثو عهد بالجاهلية ، ضربتهم على الدين طوعاً وكرهاً حتى انقادوا لي ، فكيف إذا حملت على رقابهم غيري ، قال : فصعد جبرئيل » .
أقول : نصَّ حديث الإمام الباقر ( عليه السلام ) على أن فريضة الولاية لأولى الأمر من أهل البيت « عليهم السلام » نزلت في المدينة قبل حجة الوداع ، فأمر الله نبيه ( صلى الله عليه وآله ) بتفسيرها للمسلمين ، لأن آية : يا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأمر مِنْكمْ . .
في سورة النساء ، وقد نزلت قبل حجة الوداع . وكانت أحاديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) في حق على والعترة « عليهم السلام » تفسيراً لها ، ومنها بشارته بالأئمة الإثنى عشر « عليهم السلام » في حجة الوداع .
ومعنى قوله ( عليه السلام ) : « وراجع ربه عز وجل فأوحى الله عز وجل إليه : يا أَيهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ . . أنه قال لجبرئيل إن قومي حديثو عهد بالإسلام وأخشى أن يرتدوا ! فسكت جبرئيل ففهم منه الرخصة بأن يواصل خطته التدريجية في التفسير ، حتى نزل جبرئيل ( عليه السلام ) في غدير خم بآية التبليغ ، وفيها تشديد على التبليغ ووعد بعصمته من ارتداد الناس عن نبوته ! فأمر حينئذ بإيقاف المسلمين وبلغهم أمر ربه .
|
|
للحفاظ على صحة العين.. تناول هذا النوع من المكسرات
|
|
|
|
|
COP29.. رئيس الإمارات يؤكد أهمية تسريع العمل المناخي
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يختتم دورته التطويرية الثانية للمؤسسات القرآنية
|
|
|