أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-09-12
1163
التاريخ: 2023-09-12
1077
التاريخ: 2024-05-07
628
التاريخ: 2024-08-22
280
|
وجوب الزكاة ومحلها وشرائط قبولها
قال تعالى : {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177] قيل : لما حوّلت القبلة وكثر الخوض في أمرها حتّى كأنه لا يراعى في طاعة الله إلّا التوجّه للصلاة ، نزلت. والخطاب للمسلمين وغيرهم ، أي ليس البرّ كلّه أو البرّ العظيم الذي يحسن أن تذهلوا بشأنه عن غيره أمر القبلة.
وقيل الخطاب لأهل الكتاب فإنّهم أكثروا الخوض على الباطل ، أي ليس البرّ ما عليه النصارى من التوجّه إلى المشرق ، ولا ما عليه اليهود من التوجّه إلى المغرب ، وهو أنسب بالكلام ، وأقوى في المقام مع عموم الخطاب ، والتعريض بفعل الطائفتين.
ولكنّ البرّ (برّ) من آمن على حذف المضاف أو يراد بالبرّ البارّ لأنه مصدر ، أو ذا البرّ لأنه اسم أو كما قالت «فإنما هي إقبال وإدبار» [1] والأنسب على الأوّل وهو أحسن الوجوه لموافقته لقوله (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا) أن يكون التقدير : فعل من آمن كما نفي هناك أن يكون البرّ فعلهم من التولية.
فإذا كان الخطاب لأهل الكتاب أو مطلقا أفاد أن ليس لهم في أعمالهم ما يمكن أن يظنوه من البرّ إلا التولية كما يقتضيه خوضهم ، ولذلك أتى به بعينه ، وهو على تقديره ليس بعظيم بل البرّ أو العظيم منه منحصر في فعل من آمن ، وحينئذ فيتوجه أن يراد به ما تضمنه الأوصاف من الايمان وغيره ، فحذفه لدلالة الأوصاف عليه على أبلغ وجه ويمكن أن يراد أعمّ مما تضمّنه الأوصاف وغيره ولو مبالغة.
ويمكن أيضا أن يراد به تولية الوجه شطر المسجد الحرام فلا يبعد أن يكون المراد بالاية ليس البرّ في أمر القبلة ما تفعلونه أنتم يا أهل الكتاب ، بل البرّ فيه فعل من آمن فلا يبعد أن يكون ذكر الأوصاف إشارة إلى أنّ محامد المسلمين ومبرّاتهم كثيرة ليست منحصرة في أمر القبلة مثلهم بحسب ما يشهد به خوضهم ، وترغيبا في الدخول فيما دخلوا ، وتنبيها على أنّ ذلك البرّ مرتبة بعد هذه المبرّات أو أنّ هذه شروط لكون هذا برّا كما قيل فتأمل.
(بِاللهِ) في المجمع [2] أي صدّق بالله ، ويدخل فيه جميع ما لا يتمّ معرفة الله سبحانه إلّا به كمعرفة حدوث العالم وإثبات المحدث وصفاته الواجبة والجائزة ، وما يستحيل عليه ، ومعرفة عدله وحكمته (وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ويدخل فيه البعث والحساب والثواب والعقاب (وَالْمَلائِكَةِ) بأنهم موجودون وعباد الله المكرمون : إياه يعبدون وبأمره يعملون (وَالْكِتابِ) جنس كتب الله أو القرآن بأنه حقّ منزل من عند الله (وَالنَّبِيِّينَ) بأنهم مبعوثون إلى الناس معصومون وما أتوا به حقّ.
(وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) الجارّ والمجرور في موضع الحال أي مع حبّ المال كما روي [3] عنه (عليه السلام) أنه لما سئل أيّ الصدقة أفضل؟ قال : هو أن تعطيه وأنت صحيح شحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ، أو الضمير لمن ، والإضافة إلى الفاعل ، ولم يذكر المفعول للظهور ، وهذا والأول في المعنى سواء.
ويمكن كونه إشارة إلى أن ذلك لا على جهة السفاهة ، وعدم معرفته بقدر المال والمصالح المتعلقة به ، فإنه على هذا الوجه لا يكون صفة مدح بل بمقتضى الايمان على محبة ومعرفة ، أو المفعول ما ذكره بعده وترك مفعول «آتى» للظهور ، فان حبّ هؤلاء انّما يقتضي عطاءهم وسبق الايمان قد يكفي في الإشعار بكون الإيتاء بل الحبّ لله أو في الله.
قيل : هو أحسن ما قيل ، لأن تأثير هذا أبلغ من تأثير حبّ المال فإنّ محبة إذا لم يقصد وجه الله لم يستحقّ شيئا من الثواب وإنما تأثيره في زيادة الثواب ، إذا قصد وجه الله ، وقاصده يستحق الثواب وإن لم يكن ذلك منه على حب المال فتأمل ، أو للايتاء.
(ذَوِي الْقُرْبى) قرابة المعطي كما روي [4] عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه سئل عن أفضل الصدقة فقال جهد المقلّ على ذي الرحم الكاشح ، وعنه (عليه السلام) أيضا صدقتك على المسكين صدقة ، وعلى ذوي رحمك اثنتان صدقة وصلة [5] وغير ذلك من الروايات في ذلك فإنّها كثيرة.
أو قرابة النبيّ (صلى الله عليه وآله) في قوله {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ} [الشورى: 23] وهو المرويّ عن أبى جعفر وأبى عبد الله (عليهما السلام) [6] ووجه التقديم على الوجهين الأفضلية.
(وَالْيَتامى) جمع يتيم وهو صغير لا أب له ، قيل العطف على القربى لا ذوي إذ لا يصحّ إيصال المال إلى الصغير ، والوجه أنّ المراد إيتاء اليتامى والإيصال إليهم على وجه شرعيّ وذلك ربما كان بالتسليم إلى الوليّ وربما كان بالتسليم إليهم كإطعامهم ، هذا وقيل المراد المحاويج من الصنفين ولم يقيد لعدم الالتباس ، وفيه نظر خصوصا في ذي القربى.
(وَالْمَساكِينَ) جمع المسكين وأصله الدائم السكون كالمشكير لدائم الشكر ، ويراد به المحتاج لأنه قد أسكنه الخلّة أو لأنه دائم السكون إلى الناس لحاجته.
(وَابْنَ السَّبِيلِ) المسافر المنقطع به سمّى به لملازمته السبيل ، وقيل الضيف لأن السبيل ترعف به.
(وَالسَّائِلِينَ) في تفسير القاضي : الّذين ألجأتهم الحاجة إلى السؤال ، وفي الكشاف : المستطعمين ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) للسائل حقّ وإن جاء على ظهر فرسه ، وقيل المساكين الّذين يسألون وما تقدم الّذين لا يسألون والتخصيص بسائلى الطعام كاشتراط الفقر أو إلجاء الحاجة موضع نظر.
(وَفِي الرِّقابِ) جمع رقبة وهي أصل العنق ويعبّر به عن جميع البدن ، ومنه تحرير رقبة وفكاك الرقاب من النّار ، قيل المراد في معاونة المكاتبين حتّى يفكوا رقابهم ، وقيل ابتياع الرقاب وإعتاقها ، وقيل الأعم منهما وقيل : بشرط تخصيص الثاني بالذين تحت الشدة وقيل في فك الأسارى وقيل : الأعم من الجميع.
(وَأَقامَ الصَّلاةَ) المفروضة أدّاها في ميقاتها بحدودها (وَآتَى الزَّكاةَ) قيل المقصود منه ومن قوله (وَآتَى الْمالَ) الزكاة المفروضة [7] ولكن الغرض من الأوّل بيان مصارفها ، وبالثاني أداؤها والحثّ عليها ، ولكون ذلك خلاف الظاهر قيل الأول محمول على وجوب حقوق في مال الإنسان غير الزكاة مما له سبب وجوب كالإنفاق على من يجب نفقته ، ومن يجب سدّ رمقه لخوف تلفه ، وما يلزمه من النذور والكفّارات ، وقيل يدخل فيه أيضا ما يخرجه الإنسان على وجه التّطوّع والقربة إلى الله ، لأنّ ذلك كلّه من البرّ ، وفي الكشاف والقاضي : احتمال أن يكون حثا على نوافل الصدقات [8].
(وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا) كأنه يعم النذر واليمين أيضا بل ما بينهم وبين الخلق من العقود والوعود كما ذكروا قيل : رفعه على المدح خبرا لمبتدء محذوف أي وهم الموفون كما أنّ (وَالصَّابِرِينَ) منصوب على المدح [9] أي أعنى بهم الصابرين.
وحينئذ فالواو للاستيناف ، فان العطف غير مناسب ، ويحتمل أن يكون والصابرين عطفا على محلّ (مَنْ آمَنَ) باعتبار كونه مضافا اليه ، فحمل على المعنى كالموفون على اللفظ ، أو الموفون على مجموع المضاف والمضاف إليه لاعتبار المضاف فيه إلّا أنه حذف وأعرب بإعرابه ، وكذا في الصابرين إلا أنه لم يعرب باعراب المضاف بل أبقى على إعرابه كما في {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 67] على قراءة الجرّ بتقدير عرض الآخرة.
وفي الكشاف : الموفون عطف على من آمن واخرج الصابرين منصوبا على الاختصاص والمدح إظهارا لفضل الصبر المذكور ، على سائر الأعمال ، وقرئ والصابرون والموفين.
(وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ) الفقر والشدة (وَالضَّرَّاءِ) في البدن كالمرض والزمانة (وَحِينَ الْبَأْسِ) وقت القتال وجهاد العدوّ ، ومنه ما روي عن على (عليه السلام) كنا إذا احمرّ البأس اتّقينا برسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يكن أحد منّا أقرب إلى العدو ، يريد إذا اشتدّ الحرب.
(أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا) في الدّين أو واتّباع الحقّ وطلب البرّ أو أعم (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) عن الكذب وغيره من المعاصي ، أو عن الكفر وسائر المعاصي أو والرذائل كما في تفسير القاضي ، أو عن نار جهنّم وسائر العقوبات ، فربّما كان فيه بل في أولئك الّذين صدقوا أيضا دلالة على وجوب ما تقدّم اللهم إلّا أن يحمل الحصر على المبالغة ، أو على أنه بالإضافة إلى أهل الكتاب.
ولعل هذه الدلالة هي مستند المجمع ، وفي هذه الآية دلالة على وجوب إعطاء مال الزكاة المفروضة بلا خلاف فتأمل.
أمّا الحثّ والترغيب وكثرة الفوائد فيها فلا خفاء فيه حتى قيل الآية جامعة للكمالات الإنسانية بأسرها دالّة عليها صريحا أو ضمنا فإنّها بكثرتها وتشعّبها منحصرة في ثلاثة أشياء : صحّة الاعتقاد وحسن المعاشرة وتهذيب النفس ، وقد أشير إلى الأوّل بقوله (مَنْ آمَنَ) إلى (وَالنَّبِيِّينَ) وإلى الثاني بقوله و (آتَى الْمالَ) إلى (وَفِي الرِّقابِ) وإلى الثالث بقوله (وَأَقامَ الصَّلاةَ) إلى آخرها ؛ ولذلك وصف المستجمع لها بالصدق نظرا إلى إيمانه واعتقاده ، وبالتقوى باعتبار معاشرته للخلق ومعاملته مع الحقّ ، وإليه أشار (عليه السلام) بقوله من عمل بهذه الآية فقد استكمل الايمان[10].
واستدل أصحابنا بهذه الآية على أنّ المعنىّ بها أمير المؤمنين (عليه السلام) لأنّه لا خلاف بين الأمّة أنّه كان جامعا لهذه الخصال ، فهو مراد بها قطعا ، ولا قطع على كون غيره جامعا ولهذا قال الزّجاج والفراء انها مخصوصة بالأنبياء المعصومين ، لأن هذه الأشياء لا يؤديها بكلّيتها على حق الواجب فيها إلّا الأنبياء كذا في المجمع [11] فلعلّ المراد أنه (عليه السلام) هو المعنيّ بها من امة النبيّ (صلى الله عليه وآله) قطعا فافهم.
{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ * الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6-7] الزكاة المفروضة ، وفيه دلالة على أن الكفّار مخاطبون بالفروع ، وأن الزكاة واجبة عليهم وإن لم تصحّ منهم حال الكفر ، وسقط عنهم بالإسلام للإجماع والأخبار [12] فإنّ الظاهر كما هو المشهور أنّ تعليق الحكم بالوصف يشعر بالعلية ، فيستفاد أن لعدم إتيانها تأثيرا في ثبوت الويل لهم.
وقيل معناه لا يطهرون أنفسهم من الشرك بقول «لا إله إلا الله» فإنها زكاة الأنفس وطهارتها من نجاسة الشرك عن عطا عن ابن عباس ، وقال الفراء الزكاة هنا أنّ قريشا كانت تطعم الحاجّ وتسقيهم ، فحرّموا ذلك على من آمن بمحمّد (صلى الله عليه وآله) وقيل معناه لا يقرّون بالزكاة ولا يرون إيتائها عن الحسن وقتادة.
(وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ) حال مشعرة بأنّ امتناعهم عن الزكاة لاستغراقهم في طلب الدنيا وإنكارهم للآخرة ، وكأنّ من قال بدلالة الآية على كفر مستحلّها قال من ههنا ، باعتبار القول الأخير بل على الأول أيضا ، لأنّ من المعلوم أن تركهم لها كان على جهة الاستحلال كما هو شأن المشرك.
ويفهم من الجملة الحالية أيضا مع العلّية لكن فيه أن غاية ما يلزم أن يكون علة ترك المشركين بها الكفر أما مطلقا فلا ، وربّما أيّده الحصر في الحالية وكذا كونها مقيدة فليتأمل.
نعم في الروايات ما يدلّ على أن مانع الزكاة غير مؤمن ولا مسلم ، فليتدبر.
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34-35]
(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ) الكنز في الأصل مصدر بمعنى جمع الشيء بعضه إلى بعض ثمّ قيل لذلك الشيء ، ويقال للمال المدفون كثيرا ، والمراد هنا الأوّل.
(الذَّهَبَ) سمّي به لأنه يذهب ولا يبقى (وَالْفِضَّةَ) فضّة لأنّها تنفض وتتفرّق، فلا يبقى وحسبك بالاسمين دلالة على فنائهما.
(وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ) توحيد الضمير مؤنثا إما لأنّ كل واحد منهما جملة واحدة ، وعدة كثيرة ، فالمجموع كذلك ، أو لأنها للكنوز والأموال المدلولة أو للفضّة اقتصارا بها لقربها ، وفهم حكم الذهب بالطريق الأولى أو هو كقوله «فانّى وقيّار بها لغريب» [13] أي وقيار كذلك.
وقيل إنّ الذهب جمع واحده ذهبة [14] فهو مؤنث ، وإن كان الجمع الذي ليس بينه وبين واحدة إلّا الهاء يذكر ويؤنث ، فلما اجتمعا في التأنيث وجعلا كالشيء الواحد ردّ الضمير إليهما بلفظ التأنيث ، وقد يكتفي بتأنيث الفضة أيضا إذا جمعا فتأمل.
(فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) أي فيقال فيهم ذلك وفي الكشاف : يجوز أن يكون الذين يكنزون إشارة إلى الكثير من الأحبار والرهبان ، للدلالة على خصلتين مذمومتين فيهم أخذ البراطيل وكنز الأموال والضّنّ بها عن الإنفاق في سبيل الخير ويجوز أن يراد المسلمون الكانزون غير المنفقين ، ويقرن بينهم وبين المرتشين من اليهود والنصارى تغليظا ، ودلالة على أنّ من يأخذ منهم السحت ومن لا يعطى منكم طيب ماله سواء في استحقاق البشارة بالعذاب الأليم.
وهذا يقتضي تعلّق البشارة بالأحبار والرهبان و «الّذين» جميعا ، وكأنه على نصب «الّذين» عطفا على اسم إنّ ، والظاهر رفعه على الاستيناف ، وان يعمّ المسلمين وغيرهم على كلّ حال ، ورجوع البشارة إلى الّذين لا غير ، لأنّ أنّ باعتبار «كثيرا» قد وجد الخبر وتمّ ، فان جاز مع ذلك فعلى بعد وتكلّف.
(يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ) في القاموس حمى الشمس والنار حميا وحميا اشتدّ حرّهما ، وأحماها الله ، وكأنّه قد ضمّن معنى الإيقاد أي يوم يشدّ في حرّ النار وتوقد عليها ، ولو قال يوم تحمى أي الكنوز مثلا من حمى الميسم وأحميته لم يعط هذا المعنى وإنّما ذكّر الفعل مع أنّ الأحماء للنار لأنّه أسند إلى الجار والمجرور ويوم ظرف لعذاب أو صفة له ، قيل أو لأليم ظرفا أو صفة أو لهما ويمكن كونه ظرفا لبشّره على بعد (فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ) وجّه تخصيص تلك الأعضاء بوجوه وقيل معناه يكوون على جميع البدن ، لأنّ الجبهة كناية عن الأعضاء المقاديم ، والجنوب عن الايمان والشمائل والظهور عن المآخير.
(هذا ما كَنَزْتُمْ) على إرادة القول ، وهذا إشارة إلى ما يكوى به.
(لِأَنْفُسِكُمْ) أي كنزتموه لتنتفع به نفوسكم وتلتذّ ، وها هي تتضرّر به وتتعذّب.
(فَذُوقُوا) وبال (ما كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) أو وبال كونكم كانزين أو هذا إشارة إلى الكيّ والعذاب ، وجعل ما كنزوا مبالغة في سببيّته له ، حتّى كأنّه هو فافهم.
وقرئ «يكنزون» بضمّ النّون [15] والآية ظاهرة في تحريم الكنز وعدم الإنفاق ، وقيل نسخت بالزكاة ، وفيه أنّه لا منافاة على أنّ الأصل عدم النسخ فيحتاج الى دليل وقيل ثابتة ، وإنّما عني بترك الإنفاق في سبيل الله منع الزكاة.
عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) [16] ما ادّى زكوته فليس بكنز وإن كان باطنا ، وما بلغ أن يزكّى فلم يزكّ فهو كنز ، وإن كان ظاهرا. وعنه (عليه السلام) [17] ما من عبد له مال لا يؤدى زكوته إلّا جمع يوم القيامة صفائح يحمى عليها في نار جهنّم فتكوى بها جبينه وجبناه وظهره ، حتّى يقضي الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ممّا تعدّون ثمّ يرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار. أورده مسلم في الصحيح.
فتكون الآية حينئذ إشارة إجمالا إلى وجوب الزكاة في الذهب والفضة ، والبيان موكولا إلى السنّة المطهّرة فبدلائل اختصاص وجوبها بما تجب فيه تخصّ عمومات في الآية.
وروى محمّد بن يعقوب [18] عن محمّد بن يحيى عن أحمد بن محمّد عن محمّد بن سنان عن معاذ بن كثير قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول موسّع على شيعتنا أن ينفقوا مما في أيديهم بالمعروف ، فاذا قام قائمنا حرم على كلّ ذي كنز كنزه حتّى يأتيه فيستعين به على عدوّه ، وهو قول الله عزوجل في كتابه (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ).
وربما كان في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) كذلك مع الاحتياج أو الضرورة إليه : عنه (عليه السلام) من ترك صفراء أو بيضاء كوى بها [19] وأنه توفّى رجل فوجد في مئزره دينار ، فقال كيّة وتوفّى آخر فوجد في مئزره ديناران فقال كيّتان [20] ، فإما كان
هذا قبل فرض الزكاة كما في الكشاف أو كانت الدنانير مما لم يزكّ ، وقد وجبت فيه أو وجب الإنفاق بها أو منها فلم ينفق. والله أعلم.
{قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ (53) وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 53-54]
(قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً) نصب على الحال أي طائعين أو مكرهين (لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ) قيل : الأمر في معنى الخبر أي لن تتقبل منكم أنفقتم طوعا أو كرها وفائدته المبالغة في تساوي الانفاقين في عدم القبول كأنهم أمروا بأن يمتحنوا ينفقوا وينظروا هل تتقبل منهم.
(إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ) تعليل لردّ إنفاقهم على طريق الاستيناف وما بعده بيان وتقرير له.
(وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ) بالتاء والياء (مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ) أي ما منعهم من ذلك شيء إلّا كفرهم ، وقرئ «يقبل» على أن الفعل لله وكذلك في منعهم ، وأنّهم كفروا في موضع نصب كما أنه على الأول في موضع رفع وقيل على الأوّل يجوز ان يكون التقدير وما منعهم الله منه الا لأنّهم كفروا.
(وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى) متثاقلون (وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) إن قلت كيف ذلك وقد جعلهم الله طائعين في قوله طوعا والكره ضدّ الطوع؟ قلت : لم يجعلهم طائعين في الواقع بل على سبيل الفرض ، كأنّ المنافقين كانوا يدّعون الطوع في ذلك ويظهرون توقع القبول ، فنفى القبول أولا ولو كانوا طائعين ، ثم ردّ عليهم في دعوى الطوع.
وفي الكشاف [21] : قلت : المراد بطوعهم أنهم يبذلونه من غير إلزام من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أو من رؤسائهم وما طوعهم ذلك إلّا عن كراهة واضطرار لا عن رغبة واختيار.
واعلم أنّ الظاهر من الفسق ما هو أعمّ من الكفر ولا ينافي ذلك تعليل عدم قبول إنفاقهم به لجواز التعليل بما يعمهم وغيرهم كأن يعلل عدم قبول شهادتهم به من غير فرق فإنه قد لا يقبل إنفاق غير الكافر أيضا كشهادته مع الفسق ، ولا ينافيه ما بعده أما أولا فلان ذلك تعليل للإنفاق المفروض لهم طوعا أو كرها فالمعلول هنا أعمّ ، وأما ثانيا فلان ما بعده حصر للمانع في أمور منها كفر ومنها غير كفر فلا يبعد أن يكون غير الكفر أيضا مانعا كالكفر.
بل يقال لو لا أنّ غير الكفر مانع أيضا لم يصح استثناؤه كالكفر ، فإنه لا ريب في كون الكفر بنفسه مانعا وعلة لعدم القبول كما هو مقتضاه على تقدير كون الفسق عبارة عن الكفر ، فعلى التقديرين يلزم كون غير الكفر أيضا مانعا من القبول.
اللهم إلا أن يعطف لا يأتون على ما منعهم أو يجعل استينافا أو يكون المراد استثناء المجموع لأنه أقوى من الكفر وحده ، وإيراد غير الكفر معه على طريق التأييد والتقوية ، ولا ينافي ذلك كون الكفر كافيا في المنع وعلّة تامة في الجملة.
لكنه موضع تأمل إذ الظاهر أنّ عدم الإتيان بالصلاة إلا كسلانا وعدم الإنفاق إلا كارها مانعان حتّى صرح بعض من حمل الفسق على الكفر بفهم منع الكسل والكره عن ذلك فليتأمل.
وبالجملة فما قيل من ان المراد بالفسق هنا الكفر فيه نظر ، وكذا في تأييد ما بعده إيّاه ، وتفسير المجمع الفسق بالتّمرد عن طاعة الله وتفسير الكشاف بالتمرد والعتوّ ، إن أرادا ما يكون كفرا فتفسير بالأخص وإلّا فلا سند فيه لذلك ، بل للأعم هذا.
وفي الآية دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفروع ، في المجمع لأنه سبحانه ذمّهم على ترك الصلاة والزكاة ولو لا وجوبهما عليهم لم يذمّوا على تركهما [22] وهذا يشعر منه بحمله الإنفاق على إيتاء الزكاة لكن يستقيم على الأعم الظاهر أيضا ، وذمّوا على الكسل والكره أيضا فإنّ الذمّ هنا على عدم الخلو من أحد الأمرين فهما قبيحان مذمومان كما لا يخفى.
ثمّ الظاهر أن الوقف إنفاق فيستفاد عدم قبوله من الكافر أو الفاسق لكن الظاهر أنّ المراد بعدم القبول عدم حصول الثواب والتقرب إلى الله ، فلا تنافي ما يظهر من كلام الأصحاب من صحّة وقفهما ولزوم حكمه ، نعم ظاهر الأصحاب ترتب الثواب على وقف الفاسق ونحوه فليتأمل.
وقد يستفاد عدم قبول كل ما يتقرب به إلى الله وتقع عبادة سواء الإنفاق وغيره لعدم قائل بالفرق كما صرح به جماعة وأما عدم الصحة فهو الظاهر في كلّ ما يستلزم صحته حصول الثواب كالعبادات المحضة نحو الصلاة والصيام ، فلا تبرئ بها الذمة أيضا وأما غيره فلا ، فلا يقدح في ذلك أخذ حاكم الشرع الزكاة منهم قهرا مع الامتناع وحصول براءة الذمة من المال حينئذ كما هو ظاهر الأصحاب ، فإنّ الظاهر أنّ هنا أمرين حق ماليّ كالدين وتأدية شرعية ، فلم يتوقف الأول على الثاني ، مراعاة لجانب ذي الحق كما هو مقتضى الأصل ، وأما جبر تارك الصلاة عليها مع العلم بفسقه مثلا فلعلّه حفظا لأحكام الشرع من الخلل ، وسدا لباب الجرأة على الخلاف ، فلا يقدح بطلانها فافهم.
وقد تقدم القول بإشعار الآية بأن إتيان الصلاة كسلانا يقتضي عدم قبولها وكذا الإنفاق كرها ، وقد أشرنا إلى أنّ الاشعار ينبغي أن يكون بعدم الإتيان إلا كذلك ، ولا إشكال في ذلك على ما فصلنا ، وإن كان خلاف ظاهر جمع من الأصحاب ، خصوصا في الصلاة.
نعم لا يبعد فهم وجوب إتيان الصلاة غير كاسل فقد روى في الصحيح [23] عن أبي جعفر (عليه السلام) ولا تقم إلى الصلاة متكاسلا ولا متناعسا ولا متثاقلا ، فإنها من خلال النفاق ، فان الله نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى : يعنى سكر النوم ، وقال للمنافقين {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142] وكذا وجوب كون الإنفاق على طيبة النفس والرضا لا كارها ، وعلى كون الكره مانعا من القبول فما يأخذه الحاكم قهر الايثاب عليه نعم يمكن براءة الذمة كما تقدم.
{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: 24-25] [24] معلوم أي مقرر عندهم معلوم لهم ، وقيل أى مقدر شرعا فحمل على الزكوات والصدقات الموظّفة ، والسائل المستعطى ، وأما المحروم [25] فقد روى عن ابى جعفر وابى عبد الله (عليهما السلام) انه المحارف الذي ليس بعقله بأس ولم يبسط له في الرزق ، وكأنه المعنىّ بما نقل عن ابن عباس ومجاهد أنه المحارف وقيل المتعفّف لأنّه يظنّ غنيّا فيحرم الصدقة ، وقيل من لا سهم له في الغنيمة ، وفي المجمع : والأصل [26] أن المحروم الممنوع الرزق بترك السؤال ، أو ذهاب المال أو خراب الضيعة أو سقوط السهم من الغنيمة ، لأن الإنسان يصير فقيرا بهذه الوجوه ، وأورده في التبيان [27] قولا.
ثمّ فيهما أنّ المراد حقّ ما يلزمهم لزوم الديون من الزكاة وغير ذلك ، أو ما ألزموه أنفسهم من مكارم الأخلاق ، والذي في رواياتنا هو هذا الأخير لكن في بعضهم أن هذا الإلزام واجب وانه على قدر السعة.
ففي الموثق [28] عن ابى عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل : ولكن الله عزوجل فرض في أموال الأغنياء حقوقا غير الزكاة فقال عزوجل (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) فالحق المعلوم غير الزكاة وهو شيء يفرضه الرجل على نفسه في ماله يجب عليهم أن يفرضه على قدر طاقته وسعة ماله فيؤدي الذي فرض على نفسه إن شاء في كلّ جمعة وإن شاء في كل شهر.
وفي الصحيح [29] عن ابى بصير عن أبى عبد الله (عليه السلام) وانّ عليكم في أموالكم غير الزكاة فقلت أصلحك الله وعلينا في أموالنا غير الزكاة فقال سبحان الله اما تسمع الله عزوجل يقول في كتابه (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) قال قلت : ما ذا الحقّ المعلوم الذي علينا؟ قال هو الشيء يعلمه الرجل في ماله يعطيه في اليوم أو في الجمعة أو في الشهر قل أو كثر ، غير أنه يدوم عليه.
وفي الموثق [30] أيضا عن إسماعيل بن جابر عن أبى عبد الله (عليه السلام) في قول الله عزوجل (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) أهو سوى الزكاة فقال هو الرجل يؤتيه الله الثروة من المال فيخرج منه الالف والألفين والثلاثة آلاف والأقل والأكثر ، فيصل به رحمه ويحمل الكلّ عن قومه.
وفي طريق [31] آخر عن ابي جعفر (عليه السلام) أن رجلا جاء إلى أبي على بن الحسين (عليه السلام) فقال له : أخبرني عن قول الله عزوجل (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) ما هذا الحق المعلوم؟ فقال له علىّ بن الحسين (عليه السلام) الحق المعلوم الشيء يخرجه من ماله ليس من الزكاة ولا من الصدقة المفروضتين فقال فما هو فقال هو الشيء يخرجه الرجل من ماله إن شاء أكثر وإن شاء أقل على قدر ما يملك ، فقال له الرجل فما يصنع به قال يصل به رحما ويقوى به ضعيفا ويحمل به كلّا أو يصل به أخا له في الله أو لنائبة تنوبه ، فقال الرجل الله يعلم حيث يجعل رسالته.
والالتزام إما أن يراد به بالوجه الشرعي كالنذر ونحوه فيجب على تقدير وجوبه ويستحب على الاستحباب أو مجرّد أن يقرر ذلك على نفسه عازما عليه بحيث لا يتخلف كما هو الأظهر ، وحينئذ فربما استحب النذر كما إذا كان معينا على ذلك كأن يخاف من نفسه التخلف بدون النذر ويأمن معه ، وربما وجب مع ظن التخلف بدونه وظنّ عدمه معه على تقدير وجوب الالتزام فليتأمل فيه.
وفي سورة الذاريات في أحوال المتقين بيانا لكونهم محسنين {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات: 19] وصرّح جماعة من المفسرين باتحاد المقصود من الآيتين وربما أيّد ذلك استحباب الالتزام ويمكن أن يستفاد من سياق كل منهما الدوام كما تقدّم في الروايتين الأوّلتين ، فكأنّ حقهم ثابت فيها لا يزول ، فلا يبعد استحباب الوصية أو وجوبها ، ومن عموم الأموال يستفاد إعارة الكتب والمواعين ونحوها.
وبالجملة يستفاد إعانتهم بكلّ ما في يدك من الأموال مع احتمال الوجوب فلا تغفل.
[1] انظر تعاليقنا على مسالك الافهام ج 2 من ص 3 الى ص 6 والقصيدة للخنساء ترثى بها صخرا.
[2] المجمع ج 1 ص 363.
[3] انظر البخاري بشرح فتح الباري ج 4 ص 27 باب فضل صدقة الشحيح والنسائي ج 5 ص 68 والكشاف ج 1 ص 218 والجامع الصغير بشرح فيض القدير ج 2 ص 36 الرقم 1258 عن أبي هريرة أخرجه عن أحمد والبخاري ومسلم وابى داود والنسائي مع زيادة وتفاوت.
[4] رواه بلفظ المصنف في المجمع ج 1 ص 263 ورواه مع تفاوت في الفقيه ط النجف ج 2 ص 38 بالرقم 165 والتهذيب ج 4 ص 106 بالرقم 301 والكافي ج 1 ص 164 والكشاف ج 1 ص 219 وفي الكاف الشاف ذيله تخريجه واللسان والنهاية كلمة (ك ش ح) والمستدرك ج 1 ص 536 عن الجعفريات وكتاب الغايات وانظر الوسائل وأيضا ج 6 من ص 286 الى ص 287 الباب 20 من أبواب الصدقة.
ثم الكشح ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف بكسر الخاء وهو ما بين السرة إلى المتن قال ابن سيدة على ما في اللسان والكاشح العدو الباطن العداوة كأنها يطويها في كشحه أو كأنه يوليك كشحه ويعرض عنك بوجهه وفي المقاييس ج 5 ص 184 وقال قوم بل الكاشح الذي يتباعد عنك من قولك كشح القوم عن الماء إذا تفرقوا.
[5] أخرجه الكشاف كما في المتن وفي الكاف الشاف تخريجه ويستفاد منه ان اللفظ في بعض المصادر الصدقة على المسكين حسنة وأخرجه في الجامع الصغير عن أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم عن سليمان بن عامر بالرقم 5145 ج 4 ص 237 فيض القدير بلفظ المصنف الصدقة على المسكين صدقة وهي على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة الرحم.
[6] المجمع ج 1 ص 263.
[7] في هامش الأصل : لما روى : ليس في المال حق سوى الزكاة وفي الحديث نسخت الزكاة كل صدقة. راجع الكشاف ج 1 ص 22 وفي الكاف الشاف ذيله تخريجه.
[8] الكشاف ج 1 ص 220 والبيضاوي ج 1 ص 213 ط مصطفى محمد.
[9] انظر في ذلك المجمع ج 1 ص 262 ففيه في هذا البحث مطالب مفيدة وانظر أيضا الكشاف ج 1 ص 22 والبيضاوي ج 1 ص 213 وروح المعاني ج 2 ص 41 والبيان الأتم انما هو في المجمع ثم في حواشي الكازروني على البيضاوي في الطبعة المشار إليها أيضا مطالب مفيدة مضافا الى ما في شرح أعراب الكلمة يطول لنا الكلام بنقلها فراجع أصل الكتاب.
[10] أخرجه البيضاوي ج 1 ص 213 ط مصطفى محمد.
[11] انظر المجمع ج 1 ص 264.
[12] انظر تعاليقنا على مسالك الافهام ج 2 من ص 14 الى ص 16 في حديث «الإسلام يجب ما قبله».
[13] البيت لضابئ بن الحرث البرجمي قاله حين حبسه عثمان لما هجا بنى نهشل وصدره «ومن يك أمسى بالمدينة رحله» أنشده في الكشاف عند تفسير الآية ج 2 ص 268 وج 1 ص 629 عند تفسير الآية 36 من سورة المائدة والسر في توحيد الضمير في ليفتدوا به. وقيار اسم فرسه وقيل جمله وقيل غلامه.
والبيت من شواهد سيبويه ج 1 ص 38 وأنشده ابن الأنباري ص 94 الشاهد بالرقم 46 في المسئلة 13 من مسائل الخلاف والاشمونى بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ج 1 ص 501 الشاهد بالرقم 274 والكامل للمبرد ط مصطفى البابى الحلبي ص 276.
وكلام أهل الأدب في إفراد كلمة لغريب طويل من شاء فليراجع المصادر التي سردناها وكذا المغني في العطف على المحل من الباب الرابع وفيما إذا دار الأمر بين كون المحذوف أولا أو ثانيا من الباب الخامس.
[14] وهذا القسم من الكلمة مما تضمن معنى الجمع دالا على الجنس وله مفرد مميز عنه بالتاء أو ياء النسبة كتفاح وسفرجل وبطيخ وتمر وحنظل ومفردها تفاحة وسفرجلة وبطيخة وتمره وحنظلة ومثل عرب وترك وروم ويهود ومفردها عربي وتركي ورومي ويهودي يسمى في اصطلاح أهل الأدب باسم الجنس الجمعى وبذلك يظهر معنى قول السيوطي في شرح الألفية : ثم الكلم على الصحيح اسم جنس جمعى.
[15] نقله الالوسى ج 10 ص 79 فهو من باب ضرب وقعد ونقله ابن خالويه في شواذ القرآن ص 52 عن يحيى بن يعمر وابى السمال.
[16] الكشاف ج 2 ص 266 وفي الكاف الشاف تخريجه وتراه في الجامع الصغير ج 5 ص 29 فيض القدير الرقم 6341 بلفظ كل مال ادى زكوته عن البيهقي ومثله في أمالي الشيخ نقله في الوسائل ج 6 ص 16 الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة المسلسل 11447.
[17] انظر صحيح مسلم بشرح النووي ج 7 ص 67 واللفظ فيه ما من صاحب كنز لا يؤدى زكوته الى أخر ما نقله المصنف وللحديث تتمة نقل المصنف مورد الحاجة.
[18] انظر نور الثقلين ج 2 ص 213 الرقم 129.
[19] الكشاف ج 2 ص 267 وفي الكافي الشاف تخريجه وانظر في تفسير الآية تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي مد ظله من ص 260 الى ص 277 ج 10 ففيها مباحث مفيدة جدا.
[20] الكشاف ج 2 ص 267 وفي الكاف الشاف ذيله تخريجه.
[21] الكشاف ج 2 ص 280.
[22] المجمع ج 3 ص 38.
[23] انظر نور الثقلين ج 1 ص 400 وكذا العياشي ج 1 ص 242 الرقم 134 عن زرارة عن ابى جعفر وفي الكافي الباب الأول من باب الخشوع في الصلاة بوجه ابسط وهو في مرآت العقول ج 3 ص 119 وفي الوسائل الباب 1 من أبواب أفعال الصلاة ج 4 ص 677 المسلسل 7083 وما نقل المصنف شطر من الحديث وبهذا المضمون أحاديث أخر أيضا.
[24] الآية 24 و 25 من سورة المعارج واما الآية 19 من سورة الذاريات فاللفظ فيها وفي أموالهم حق للسائل والمحروم وسيشير المصنف قدسسره بتفاوت الآيتين في اللفظ وان كان المقصود فيهما على ما ذكره المفسرون واحدا.
[25] الوسائل ج 6 ص 30 المسلسل 11496 الباب 7 من أبواب ما تجب فيه الزكاة.
[26] انظر المجمع ج 5 ص 155.
[27] التبيان ج 2 ص 618 و 715 ط إيران.
[28] الوسائل ج 6 ص 27 الباب 7 من أبواب ما تجب فيه الزكاة المسلسل 11490 والحديث طويل نقل المصنف بعضه مما كان يحتاج إليه في المقام ومثله مع ادنى تغيير في المجمع ج 5 ص 356.
[29] الوسائل ج 6 ص 28 المسلسل 11491 والحديث طويل أخذ المصنف مورد الحاجة ويظهر من تعبير المصنف عن الحديث بالصحيح اعتماده بابى بصير وان كنا في حقه من المتوقفين كما أشرنا في تعاليقنا على مسالك الافهام.
[30] الوسائل ج 6 ص 29 المسلسل 11493.
[31] الوسائل ج 6 ص 29 المسلسل 11494 ـ الباب 7 من أبواب من تجب عليه الزكاة.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|