أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-10
300
التاريخ: 13/12/2022
1515
التاريخ: 2023-04-29
1184
التاريخ: 9-05-2015
2000
|
دور العلم والمعرفة في تكامل الإنسان[1]
أرشد القرآن الكريم إلى ضرورة تنمية العقل بالعلم والمعرفة الصحيحتين والنافعتين، لما لذلك من آثار وبركات عظيمة على تكامل الإنسان وتدرّجه في مدارج القرب من الله تعالى، ومن الآيات التي بيّنت هذه الآثار وشجّعت على العلم والمعرفة النافعتين، ما يأتي:
1- قوله تعالى: ﴿... يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾[2].
لا ريب في أنّ لازم رفعه تعالى درجة عبد من عباده، مزيد قربه منه تعالى، وهذا قرينة عقليّة على أنّ المراد بهؤلاء الذين أوتوا العلم: العلماء من المؤمنين، فتدلّ الآية على انقسام المؤمنين إلى طائفتين: مؤمن، ومؤمن عالم. والمؤمن العالم أفضل. وقد قال تعالى: ﴿... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾[3].
ويتبيّن بذلك أنّ ما ذُكِرَ مِنْ رَفع الدرجات في الآية مخصوص بالذين أوتوا العلم، ويبقى لسائر المؤمنين من الرفع، الرفع درجة واحدة، ويكون التقدير: يرفع الله الذين آمنوا منكم درجة، ويرفع الذين أوتوا العلم منكم درجات. وفي الآية من تعظيم أمر العلماء ورفع قدرهم ما لا يخفى. وتأكيد الحكم بتذييل الآية بقوله: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.
2- قوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾[4].
العلم وعدمه مطلقان، لكن المراد بهما، بحسب ما ينطبق على مورد الآية، العلم بالله وعدمه، فإنّ ذلك هو الذي يكمل به الإنسان وينتفع بحقيقة معنى الكلمة ويتضرّر بعدمه، وغيره من العلم، كالمال ينتفع به في الحياة الدنيا ويفنى بفنائها. وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾، أي ذوو العقول، وهو في مقام التعليل لعدم تساوي الفريقين، بأنّ أحد الفريقين يتذكّر حقائق الأمور، دون الفريق الآخر، فلا يستويان، بل يترجّح الذين يعلمون على غيرهم.
3- قوله تعالى: ﴿أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ﴾[5].
إنّ الحقّ يستقرّ في قلوب هؤلاء الذين استجابوا لربّهم، فتصير قلوبهم ألباباً وقلوباً حقيقيّة، لها آثارها وبركاتها، وهو التذكّر، والتبصّر. والاستفهام في الآية هو للإنكار ونفي التساوي بين من استقرّ في قلبه العلم بالحقّ، ومن جهل الحقّ. وفي توصيف الجاهل بالحقّ بالأعمى إيماء إلى أنّ العالم به، أي بالحقّ هو بصير، كما في قوله تعالى: ﴿... قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ﴾[6]، فالعلم بالحقّ بصيرة، والجهل به عمى. والتبصّر يفيد التذكّر، ولذا عدّه من خواص أولي العلم، بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ الذي هو في مقام التعليل لما سبقه، أي قوله تعالى: ﴿أَفَمَن يَعْلَمُ﴾، والمراد أنّهما لا يستويان، لأنّ لأولي العلم تذكُّراً ليس لأولي العمى والجهل. وقد وضع في موضع أولي العلم أولوا الألباب، فدلّ على دعوى أخرى تُفيد فائدة التعليل، كأنّه قيل لا يستويان، لأنّ لأحد الفريقين تذكّراً ليس للآخر، وإنّما اختصّ التذكّر بهم، لأنّ لهم ألباباً وقلوباً، وليس ذلك لغيرهم.
4- قوله تعالى: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾[7].
فالله سبحانه يشهد، وهو شاهد عدل على أنّه لا إله إلا هو، يشهد لذلك بكلامه، وهو قوله: ﴿شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ على ما هو ظاهر الآية الشريفة، فالآية في اشتمالها على شهادته تعالى للتوحيد نظيرة قوله تعالى: ﴿لَّكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا﴾[8]. والملائكة يشهدون بأنّه لا إله إلا هو، فإنّ الله يُخبِر في آيات مكّيّة نازلة قبل هذه الآيات، بأنّهم عباد مكرمون، لا يعصون ربّهم، ويعملون بأمره، ويُسبّحونه، وفي تسبيحهم شهادة أن لا إله غيره، قال تعالى: ﴿بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ﴾[9].
وقال تعالى: ﴿وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ﴾[10]. وأولوا العلم يشهدون أنّه لا إله إلا هو يشاهدون من آياته الآفاقيّة والأنفسيّة وقد ملأت مشاعرهم ورسخت في عقولهم.
وغيرها آيات كثيرة تُشير إلى عدم استواء مقام مَنْ يَعلَم مع مَنْ لا يَعلَم عند الله: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ﴾[11]، وإلى حرمان الجاهل نفسه، بفعل استغراقه في جهله، من نيل نعمة الهداية الربّانيّة: ﴿فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ﴾[12]، ﴿فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾[13].
[1] انظر: الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج3، ص114-115, ج11، ص341-342, ج17، ص243, ج19، 188-189.
[2] سورة المجادلة، الآية 11.
[3] سورة الزمر، الآية 9.
[4] سورة الزمر، الآية 9.
[5] سورة الرعد، الآية 19.
[6] سورة الأنعام، الآية 50.
[7] سورة آل عمران، الآية 18.
[8] سورة النساء، الآية 166.
[9] سورة الأنبياء، الآيتان 26-27.
[10] سورة الشورى، الآية 5.
[11] سورة الأنعام، الآية 50.
[12] سورة النجم، الآيتان 30-29.
[13] سورة النساء، الآية 78.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|