أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-10-2015
3533
التاريخ: 30-01-2015
3749
التاريخ: 23-2-2019
2978
التاريخ: 25-01-2015
3282
|
بما أنا نستقبل ولادة سيد الشهداء والمظلومين أمير المؤمنين عليه السلام ، فالبحث في هذا الموضوع أهم من غيره .
مظلوم لا يوجد في العالم أكثر منه ظلامة ، ولا سوف يوجد !
قال عليه السلام ذات مرة : لقد ظلمتُ عددَ المَدَر والمطر والوبر . ووصفه المعصومون عليهم السلام بأنه أول المظلومين ![1]
وهي كلمة يصعب فهمها ، فإن تصور معاني هذا الحد من الظلم الذي وقع على أمير المؤمنين عليه السلام لا يمكن إلا للمتعمقين في غور الحكمة . . وهو مظلوم من مبغضيه ومن محبيه أيضاً ! فلو دققنا في الأمر لوجدنا أنا ظالمون له أيضاً !
وبذلك يتضح قوله عليه السلام : عدد المدر والمطر والحصى !
يوجد حديث متفق عليه بين الشيعة وأغلب السنة ، إذا فهمناه عرفنا مدى مظلومية أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو قول النبي صلى الله عليه وآله : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأت الباب .
وفي لفظ آخر : أنا دار الحكمة وعلي بابها .[2]
وفي تعبير الدار نكتة ، وفي تعبير المدينة نكتة أخرى في فهم الحكمة ، فإن فهم الحكمة وتعريفها من المشكلات العلمية ، وعندما يتعمق الباحث لمعرفة معناها بالطريقة التحليلية العقلية يصل إلى قوله تعالى : وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً ( سورة الإسراء : 85 ) فيعرف بذلك حدود الحقيقة التي يمكن أن يفهمها . ثم يصل إلى قوله تعالى مخاطباً خاتم أنبيائه : قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ . ( سورة النساء : 77 ) .
فأي دنياً هذه التي يقول الله تعالى إن متاعها قليل ؟ إنها الدنيا التي زين الله سماءها بزينة الكواكب ، والتي تشمل كل تلك المجرات والشموس والنجوم ، وبعضها أكبر من حجم الأرض بملايين المرات ، والتي لا نعرف سعتها طولاً ولا عرضاً ، ولا ابتداءها ولا انتهاءها !
هذه الدنيا بسعتها المذهلة ، وأمدها من الأزل إلى الأبد ، قليلة ، ومتاعها قليل ! !
ونفس الذي يقول عن متاعها إنه قليل ، وعن علم الناس في الدنيا إنه قليل ، هو عز وجل يقول : يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ . ( سورة البقرة : 269 )
فمن يؤتَ الحكمة فهذا كثير . . مطلقَ الحكمة ، وليس الحكمة المطلقة !
أما متاع الدنيا بقول مطلق ، فهو قليل قليل !
هذه قيمة الحكمة ، إنها بمطلق وجودها كثير ، والدنيا بوجودها المطلق قليل ! وبهذا نفهم أن مدينة الحكمة في الحديث النبوي ليست مطلق الحكمة بل هي الحكمة المطلقة جمعت في هذه المدينة !
وبهذا يتضح لنا من هو علي ومدى ظلامته عليه السلام !
لكن وضوح ذلك مخصوص بالفقهاء الكمَّل ، وفضلاء البشر الذين يدركون أن عالم المادة من البدو إلى الختم محكوم بالقلة ، ومطلق الحكمة محكوم بالكثرة .
إن صاحب الحكمة المطلقة هو الشخص الذي لم يبق أمامه نقطة إبهام في الوجود إلا واتضحت ، والذي تبلغ إحاطته العلمية بالوجود مبلغاً يرى فيه كل الأشياء كما هي في الواقع ، فهو من ناحية نظرية عالمٌ عقلاني يضاهي آدم العيني بصورته لا بمادته ! وهو من ناحية عملية إنسانٌ متخلق بأخلاق الله تعالى حتى يكون هو اسم الله الأعظم علماً وعملاً !
هذا هو معنى : أنا مدينة الحكمة ، بل لابد لمعرفة معنى الحكمة أن نعرف أيضاً أن كل عالم الوجود إنما هو مقدمة ، وذو المقدمة هو بعثة الأنبياء عليهم السلام .
ثم إن بعثة الأنبياء عليهم السلام مقدمة أيضاً ، وذو المقدمة هو بعثة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله ثم إن بعثة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله مقدمة ، وذو المقدمة له مبدأٌ واحدٌ ومنتهىً واحد ومبدؤه الحكمة ، ومنتهاه الحكمة ! وبرهان ذلك قوله تعالى : يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . ( سورة الجمعة : 1 )
فالعزيز الحكيم هو المبدأ ، أما المنتهى فهو تعليمهم الحكمة في ختام قوله تعالى : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ . ( سورة الجمعة : 2 )
فمهمة النبي صلى الله عليه وآله لا تتم بتلاوته الكتاب الإلهي على الناس ، ولا بتزكيتهم ولا بتعليمهم الكتاب ، بل بتعليمهم الحكمة ! فهي التمام ، وبعدها لا كلام !
وبهذا تنفتح نافذة لفهم الحديث المتفق عليه : ( أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ) ترى من هو هذا الإنسان ، وماذا في قلبه ، حتى صار باب مدينة الحكمة ؟ !
والآن حيث اتضح معنى الحكمة إلى حد ، فإنها تنقسم إلى عشرة أجزاء ، ومدينة الحكمة تشمل هذه الأجزاء العشرة ، تسعة أجزاء يختص بها شخص واحد هو علي بن أبي طالب عليه السلام ، بشهادة النبي صلى الله عليه وآله ، وجزء واحد يشترك فيه الناس ، أي كل البشرية من ابتدائها إلى انتهائها وعلي أعلمهم بهذا الجزء ![3]
والآن يستطيع الفقيه المتبحر بالفقه الأكبر أن يفهم معنى :
السلام عليك يا أول مظلوم !
فإن الظلم الذي وقع على علي عليه السلام ، لا يمكن تصوره إلا إذا عرفنا من هو علي ، وأي ظلم وقع على البشرية بظلمه صلوات الله عليه ؟ !
إن مسألة علم علي وحكمته وظلامته ، مسألة عميقة والرواية فيها كثيرة ، لكن أين الدراية ؟ ! إني أتحسر ، وأتمنى لو أوفق لأعمل لشهر على الأقل في بحث حديث : أنا مدينة الحكمة وعلي بابها ، فمن أراد الحكمة فليأت الباب !
وأكتفي هنا بصحيح واحد فقط ، رواه علي بن إبراهيم ، عن أبيه إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من عنده علم الكتاب علي بن أبي طالب .[4]
أما سند الحديث فهو مضافاً إلى اشتماله على بعض أصحاب الإجماع مثل ابن أبي عمير رحمه الله ، ففيه شيوخ الحديث وأساطين الوثاقة والصحة : علي بن إبراهيم ، وأبوه إبراهيم بن هاشم ، وعمر بن أذينة ، رحمهم الله . ومن ميزات هذا الحديث الشريف قلة وسائطه ، فهم ثلاثة وسائط من علي بن إبراهيم شيخ القميين إلى الإمام الصادق عليه السلام .
عنده علم الكتاب . . فالعلم هنا مضاف إلى الكتاب ، الكتاب المكنون الذي : لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ . ( سورة الواقعة : 79 ) والذي قال عنه الله تعالى : وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شئ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِين . ( سورة النحل : 89 ) .
وكلمة ( شئ ) مفهوم لا يوجد أعم منه ، وهي لفظ مطلق ، مُصَدَّرٌ بكل ! فلا يخرج عن دائرة هذا التعميم مخلوق من الأزل إلى الأبد !
وعلم هذا الكتاب كله ، في صدر علي بن أبي طالب عليه السلام !
وهنا سؤال : ما هو الفرق بين قوله تعالى : قُلْ كَفَى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ . ( سورة الرعد : 43 ) ، وقوله عن نبي الله سليمان ووصيه ، عندما طلب سليمان أن يحضروا له عرش بلقيس من اليمن :
قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلا أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ . قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ . ( سورة النمل : 40 )
فسليمان ووصيه صلى الله عليه وآله عندهما : عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ . و ( مِن ) هنا تبعيضية ، ومن هذا البعض الذي كان عنده تعلَّم منطق الطير ، وتسخير الجن وتسخير الريح غدوها شهر ورواحها شهر ! !
وقد سئل الإمام الصادق عليه السلام عن نسبة علم من عنده علم من الكتاب إلى علم من عنده علم الكتاب فقال : ( قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر ) أي المحيط ! فهذا هو الفرق بين علم سليمان ووصيه وبين علم أمير المؤمنين عليه السلام ! ومعناه : انتبهوا واعرفوا علياً وعرفوه للناس هكذا ، ولا تظلموه !
إن مسؤولية كل واحد منكم ثقيلة .[5]
وإذا أردتم أن تعرفوا لماذا صار علي عليه السلام في هذا المقام العظيم ، فاختص بتسعة أجزاء من الحكمة الربانية من دون جميع الناس من الأولين والآخرين ، ما عدا سيد المرسلين صلى الله عليه وآله ، وشارك الناس في الجزء الذي عندهم منها ، فاقرؤوا هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله : ما أخلص عبد لله عز وجل أربعين صباحاً إلا جرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه .[6]
ومعنى أخلص لله تعالى أربعين صباحاً : لم يقل شيئاً إلا لله تعالى ، ولم ير شيئاً إلا لله تعالى ، ولم يقف إلا لله تعالى ، ولم يفكر إلا لله تعالى . . فعند ذلك تجري ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه !
وبهذا نعرف أي إخلاص لله تعالى كان في شخصية علي عليه السلام ، بحيث جرت كل حكمة الوجود دفعة واحدة على قلبه المقدس ! !
هكذا كان علي ابن أبي طالب عليه السلام . وقد ذهب من الدنيا ولم يعرفه أحد !
لا يعرف منه أهل الدنيا إلا أنه كبير ، لا أكثر ، أما أهل السماء فيعرفون أنه جليل جليل ، أما ما هي هذه الجلالة ففيها بحث مفصل .
أما عظمة علي عليه السلام فلا يعرفها أهل الأرض ولا أهل السماء ! وشاهدها بيان الإمام المعصوم عليه السلام : كبير في الأرض ، جليل في السماء ، عظيم عند الله سبحانه وتعالى !
إن عظمة علي يعرفها فقط المليك المقتدر عز وجل ، هناك حيث يكون كل هذا العالم حقيراً أمام شخصيته العظيمة صلوات الله عليه !
اللهم صل وسلم على سيد الشهداء والمظلومين ، وولي الأوصياء ، وإمام الصديقين ، زين المؤمنين ، ويعسوب المسلمين ، أمير المؤمنين ، عدد ما فيه الذكر ، صلاة دائمة ، بدوام ملكك وسلطانك .
[1] في المناقب لابن شهرآشوب : 1 / 382 : ( روى إبراهيم بإسناده عن المسيب بن نجية قال : بينما علي يخطب وأعرابي يقول وامظلمتاه فقال عليه السلام : أدْنُ ، فدنا ، فقال : لقد ظُلِمْتُ عددَ المدر والمطر والوبر ) . وفي الكافي : 4 / 569 : ( باب ما يقال عند قبر أمير المؤمنين عليه السلام : ( عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن أورمة ، عمن حدثه ، عن الصادق أبي الحسن الثالث عليه السلام قال يقول : السلام عليك يا ولي الله ، أنت أول مظلوم ، وأول من غصب حقه ، صبرت واحتسبت حتى أتاك اليقين . . . ) . ونحوه في الكافي : 4 / 570 ، وكامل الزيارات ص 95 ، وص 103 ، ومصباح المتهجد ص 745 ، وغيرها .
[2] قال المناوي في فيض القدير : 3 / 60 : ( 2704 - ( أنا دار الحكمة ) وفي رواية أنا مدينة الحكمة ( وعلي بابها ) أي علي بن أبي طالب هو الباب الذي يُدخل منه إلى الحكمة ، فناهيك بهذه المرتبة ما أسناها وهذه المنقبة ما أعلاها ، ومن زعم أن المراد بقوله وعلي بابها أنه مرتفع من العلو وهو الارتفاع ، فقد تمحل لغرضه الفاسد بما لا يجزيه ولا يسمنه ولا يغنيه ! أخرج أبو نعيم عن ترجمان القرآن مرفوعاً : ما أنزل الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي رأسها وأميرها .
وأخرج عن ابن مسعود قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فسئل عن علي كرم الله وجهه فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً .
وعنه أيضاً : أنزل القرآن على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله بطن وظهر ، وأما علي فعنده منه علم الظاهر والباطن .
وأخرج أيضاً عن سيد المرسلين وإمام المتقين : أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب .
وأخرج أيضاً : علي راية الهدى .
وأخرج أيضاً : يا علي إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي ، وأنزلت عليه هذه الآية : ( لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) .
وأخرج عن ابن عباس : كنا نتحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى علي كرم الله وجهه سبعين عهداً لم يعهده إلى غيره ، والأخبار في هذا الباب لا تكاد تحصى . . .
2705 - أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب ، فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة الجامعة لمعاني الديانات كلها ، ولا بد للمدينة من باب ، فأخبر أن بابها هو علي كرم الله وجهه ، فمن أخذ طريقه دخل المدينة ، ومن أخطأه أخطأ طريق الهدى !
وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمخالف والمعادي والمحالف ، أخرج الكلاباذي أن رجلاً سأل معاوية عن مسألة فقال : سل علياً هو أعلم مني ، فقال : أريد جوابك ! قال : ويحك كرهت رجلاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يَغِرُّهُ بالعلم غَرّاً ؟ !
وقد كان أكابر الصحب يعترفون له بذلك وكان عمر يسأله عما أشكل عليه ، جاءه رجل فسأله فقال : هاهنا علي فاسأله ، فقال : أريد أسمع منك يا أمير المؤمنين ! قال : فلا أقام الله رجليك ! ومحى اسمه من الديوان .
وصح عنه من طرق أنه كان يتعوذ من قوم ليس هو فيهم ، حتى أمسكه عنده ، ولم يوله شيئاً من البعوث لمشاورته في المشكل .
وأخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان قال : ذكر لعطاء أكان أحد من الصحب أفقه من علي ؟ قال لا والله .
قال الحرالي : قد علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي ، ومن جهل ذلك فقد ضل عن الباب الذي من ورائه يرفع الله عنه القلوب الحجاب ، حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء ) . انتهى كلام المناوي .
أقول : حديث أنا مدينة العلم ، ومدينة الحكمة ، وعلي بابها . . . مستفيض في مصادر الطرفين ، وقد أنكره ابن تيمية تعصباً ، وحاول أتباعه تضعيفه ، ورد عليهم عدد من علماء السنة وأثبتوا صحته ، ونقلوا تصحيح عدد كبير من أئمتهم له . وألف الحافظ الصديق المغربي كتاباً في تصحيحه باسم ( فتح الملك العلي في إثبات أنا مدينة العلم وعلي بابها ) . وألف ابن يحيى الشافعي كتاب ( دفع الإرتياب عن حديث الباب ) . فهو في مصادرهم ومصادرنا متواتر ، ولا اعتبار بمن شذ وحاول تضعيفه .
[3] في ينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي : 1 / 215 : ( ابن المغازلي وموفق الخوارزمي : أخرجا بسنديهما ، عن علقمة ، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وآله فسئل عن علم علي فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءً واحداً ، وهو أعلم بالعشر الباقي . ( أيضاً أخرجه موفق بن أحمد عن ابن مسعود ) . وعن حلية الأولياء وابن شهرآشوب في المناقب : 1 / 312 ، والصراط المستقيم : 1 / 226 .
وقال الأميني في الغدير : 3 / 96 : ( وقوله صلى الله عليه وآله : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً . حلية الأولياء : 1 / 65 ، أسنى المطالب ص 14 ) .
وقال ابن الصديق المغربي في فتح الملك العلي ص 68 : ( قال أبو نعيم في الحلية ، ثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا أبو الحسين بن أبي مقاتل ، ثنا محمد بن عبد الله بن عتبة ، ثنا محمد بن علي الوهبي الكوفي ، ثنا أحمد بن عمران بن سلمه وكان ثقة عدلاً مرضياً ، ثنا سفيان الثوري ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وآله فسئل عن علي فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء ، فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً . اه .
وقال في هامشه : أحمد بن عمران ذكره الذهبي في الميزان وقال : لا يدرى من هو ؟ ثم ضعفه بهذا الحديث ، وتعقبه الحافظ في اللسان بما تقدم في السند من قول الوهبي أنه كان ثقة عدلاً مرضياً ، قال : وفي هذا مخالف لما ذكره الذهبي .
قلت : لو وثقه الناس كلهم لقال الذهبي في حديثه إنه كذب ، كما فعل في عدة أحاديث أخرجها الحاكم بسند الشيخين ، وادعى هو دفعاً بالصدر وبدون دليل أنها موضوعة وما علتها في نظره إلا كونها في فضل علي بن أبي طالب ! فالله المستعان ) .
[4] في تفسير القمي رحمه الله : 1 / 367 : ( حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين عليه السلام . وسئل عن الذي عنده علمٌ من الكتاب أعلم أم الذي عنده علم الكتاب ؟ فقال : ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب عند الذي عنده علم الكتاب إلا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر !
قال أمير المؤمنين عليه السلام : ألا إن العلم الذي هبط به آدم من السماء إلى الأرض وجميع ما فضلت به النبيون إلى خاتم النبيين ، في عترة خاتم النبيين صلى الله عليه وآله .
[5] في بصائر الدرجات ص 232 : ( حدثنا أبو القاسم ، قال حدثنا محمد بن يحيى العطار قال حدثنا محمد بن الحسن الصفار ، قال حدثني يعقوب بن يزيد ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن عبد الله بن بكير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال كنت عنده فذكروا سليمان وما أعطي من العلم ، وما أوتي من الملك ، فقال لي : وما أعطي سليمان بن داود ؟ إنما كان عنده حرف واحد من الاسم الأعظم ، وصاحبكم الذي قال الله : قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب . كان والله عند علي عليه السلام علم الكتاب ) .
وفي الكافي : 1 / 257 : ( أحمد بن محمد ، عن محمد بن الحسن ، عن عباد بن سليمان ، عن محمد بن سليمان عن أبيه ، عن سدير قال : كنت أنا وأبو بصير ويحيى البزاز وداود بن كثير في مجلس أبي عبد الله عليه السلام إذ خرج إلينا وهو مغضب ، فلما أخذ مجلسه قال : يا عجباً لأقوام يزعمون أنا نعلم الغيب ، ما يعلم الغيب إلا الله عز وجل ، لقد هممت بضرب جاريتي فلانة ، فهربت مني فما علمت في أي بيوت الدار هي !
قال سدير : فلما أن قام من مجلسه وصار في منزله دخلت أنا وأبو بصير وميسر وقلنا له : جعلنا فداك سمعناك وأنت تقول كذا وكذا ، في أمر جاريتك ، ونحن نعلم أنك تعلم علماً كثيراً ، ولا ننسبك إلى علم الغيب . قال فقال : يا سدير : ألم تقرأ القرآن ؟ قلت : بلى ، قال : فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل : قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك ؟ قال قلت : جعلت فداك قد قرأته ، قال : فهل عرفت الرجل ؟ وهل علمت ما كان عنده من علم الكتاب ؟ قال قلت : أخبرني به ؟ قال : قدر قطرة من الماء في البحر الأخضر ، فما يكون ذلك من علم الكتاب ؟ ! قال : قلت جعلت : فداك ما أقل هذا ؟ ! فقال : يا سدير : ما أكثر هذا ، أن ينسبه الله عز وجل إلى العلم الذي أخبرك به . يا سدير فهل وجدت فيما قرأت من كتاب الله عز وجل أيضاً : قل كفى بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب ؟ قال قلت : قد قرأته جعلت فداك . قال : أفمن عنده علم الكتاب كله أفهم أم من عنده علم الكتاب بعضه ؟
قلت : لا ، بل من عنده علم الكتاب كله ، قال : فأومأ بيده إلى صدره وقال : علم الكتاب والله كله عندنا ، علم الكتاب والله كله عندنا ) . انتهى .
[6] الحديث الشريف في عيون أخبار الرضا : 1 / 74 ، وهو الكافي : 2 / 16 : عن أبي جعفر عليه السلام قال : ما أخلص العبد الإيمان بالله عز وجل أربعين يوماً أو قال : ما أجمل عبد ذكر الله عز وجل أربعين يوماً ، إلا زهَّده الله عز وجل في الدنيا ، وبصره داءها ودواءها ، فأثبت الحكمة في قلبه ، وأنطق بها لسانه ) .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|