القسم الثاني: التطورات المالية والمصرفية المعاصرة

تشهد المصارف المعاصرة جملة من التغييرات في بيئتها وأنشطتها وعملياتها، يمكن ایجازها على النحو الآتي:

أولا) توسيع تشكيلة المنتجات والخدمات المصرفية

(أ) واصلت المصارف توسيع تشكيلة المنتجات والخدمات التي تقدمها للعملاء. وقد تعاظم هذا التوجه بسبب احتدام المنافسة بين المصارف ومع المنشأت المالية الأخرى، وتزايد وعي وثقافة العملاء من حيث المنتجات والخدمات المطلوبة في ضوء التطورات التكنولوجية المذهلة. كما أدى ذلك إلى إرتفاع التكاليف العاملة في المصارف وزيادة تعرضها لإحتمالات الفشل. غير أن لتوسيع تشكيلة الخدمات آثاره الإيجابية على الصناعة المصرفية لأنه أدى إلى إيجاد مصادر جديدة للإيرادات تتمثل في رسوم الخدمات والمحتمل إنها سوف تواصل نموها السريع قياساً بالمصادر التقليدية للإيرادات، والمتحققة من الفوائد من القروض والاستثمارات.

ب) الخدمات المصرفية المصاحبة للودائع بالتجزئة :

في مناخ تسوده المنافسة، أخذت المصارف تقدم مجموعة متنوعة من حسابات المعاملات تمتد من الخدمات التقليدية للشيكات ، إلى حسابات المعاملات وأوامر السحب التفاوضية (Negotiated Orders of Withdrawal Now)، "وأوامر السحب التفاوضية الفائقة" (Super، NOW, or SNOW)، وفي الحسابات الأخيرة ، تربط المصارف بين رسوم الخدمات المصرفية وبين الحد الأدنى من الرصيد المطلوب الإحتفاظ به في المصرف ولمدد محددة. ويستند الإيراد إلى أسلوب تحليل ربحية العميل (Customer Profitability Analysis, CPA) وتحاول المصارف هنا تخفيض التكاليف عن طريق إستخدام نظم التحويل الالكترونية (Electronic Fund Transfers, EFT) ، والمقاصة الالكترونية، بالإضافة إلى تحويل أوامر الدفع (رواتب...) للمصارف إلكترونياً.

من بين هذه الخدمات مثلا "الأمانة" (Trust)، بحيث صارت هذه الخدمة تتضمن تخطيط تقاعد (معاش) الأفراد، لأن هذا النشاط أخذ يدخل ضمن مسؤوليات القطاع الخاص مؤخراً، مع تناقص الدور الذي تلعبه الدولة فيه. على ذلك، غدت إدارات "الأمانة" في المصارف من أهم الوحدات المسؤولة عن إدارة وحماية موجودات الجمهور المخصصة للتقاعد والحصول على الارباح والفوائد الموزعة، إلى جانب إدارة الأعمال الأخرى مثل العقارات لصالح العملاء.

جـ) الخدمات المصرفية المصاحبة لودائع الجملة :

تشتمل الخدمات هنا على تشكيلة متنوعة تقدم إلى الأنواع الثلاثة من المودعين منشآت الأعمال الكبيرة، والاجهزة الحكومية، والمنشآت المالية. إذ تقدم المصارف الكبيرة اليوم سلة من الخدمات التقليدية وغير التقليدية، لمنشأت الاعمال الكبيرة تضم التحصيل والدفع والتحويل الإلكتروني للأموال وخدمات الرواتب والأجور، وخدمات الإستثمار، وخدمات التحويل الخارجي. وغالباً ما تكون إيرادات المصرف ضمنية متأتية من "الأرصدة المعوضة" (Compensatory Balances). كما تهتم المنشآت هذه بشراء شهادات الإيداع كجزء من إدارة النقدية فيها.

أضف لذلك الدخول غير المباشر للمصارف في "عمليات مصارف الإستثمار"  (Investment Banking) التي توسعت حتى في الدول التي كانت تمنع ذلك قانوناً، حيث استطاعت المصارف الضغط على السلطات التشريعية لتعديل مثل هذه القوانين بما يسمح للمصارف القيام بعمليات التغطية (Underwriting) وغيرها من وظائف مصارف الاستثمار.

أما بالنسبة للاجهزة الحكومية، فتقدم المصارف خدمات تحصيل الضرائب والإستقطاعات، وتسويق الدين العام، وغالباً ما تكون الإيرادات متأتية كذلك من استخدام الأرصدة المعوضة.

وتمتد الخدمات التي تقدمها المصارف للمنشات المالية، وبخاصة المصارف المراسلة لتشتمل على المقاصة والاستشارات الادارية والاستثمارية، و القروض المشتركة ،و حفظ الأوراق المالية والسبائك، والمعاملات في الأرصدة الفائضة، وخدمات التسويات والتحويل الإلكتروني للأموال، وغيرها.