لم نجد في كتب المعاجم اللغوية إشارة الى مصطلح التحريض غير المتبوع بأثر كونه مصطلح مركب من أكثر من كلمة عليــه ســـنبين بيـــان معنــى كل كلمة بشكل منفرد.

اولاً معنى (التحريض) لغة : حرض : التحريض : قال الجوهري : التحريض على القتال الحث والإحماء عليــه (1) فيقال: حرّض على الأمــر بمعنــى حــث عليه ودفع إلى القيام به (2) وجاء في القرآن الكريم هذا المصطلح في موضعين مقرون بالتحريض على الجهاد في سبيل الله ، فالموضع الأول في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ أَن يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَرَيْنِ وَأَن يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بأنهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُون) (3) ، والموضع الثاني قوله تعالى : (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلِّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرّض الْمُؤْمِنِينَ عَسَى الله أن يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلا) (4) إذ أراد الله عز وجل بذلك الحـث والأمــر علـى إتيان الشيء، وهو القتال في هاتين الآيتين الكريمتين (5).

ثانياً - معنى (غير) لغة: غير من حروف المعاني، تكون نعتــــاً وتكون بمعنى لا . وقوله: (مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ) (6) ، المعنـــــى مـــــالكم غيـــــر مناصرين. وقد تكون بمعنى لا فتنصبها على الحال كقوله تعالى: (أنمـــا حــرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ومـا أهـل بـه لغيـر اللـه فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ أَن اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (7) كأنه تعالى قال: فمن اضطر خائفاً لا باغيا.

ثالثـــاً-معنــــى (المتبـــــوع) لغة : تبع اتباعاً: تطلب، والشيء أو الشخص سار وراءه، والإمام حذا حذوه، والصدق أخذ به وجعله منهجاً، و- التعليمات: عمل بما تشير إليه (8) وجاءت من باب طرب وسلمه إذا مشى خلفه أو مــر بــه فمضى معه وكذلك (أتبعه) وهـو افتعل وأتبعه على أفعل إذا كان قد سبقه فلحقه واتبع غيره يقال أتبعته الشيء فتبعه (9).

ماً - معنى (أثر) لغة أثر الأثر : بقية الشـــيء ، والجمــــع آثــــار . وخرجت في إثره وفي إثره أي بعده واثرته وتأثراته تتبعت إثره والأثر : ما بقي من رسم الشيء . والتأثير : إبقاء الأثر في الشيء ، وأثر فـي الشــيء تـرك فيـه أثراً، ويجوز أن يكون على ما يؤثر من العلم والإثرة والمأثرة، والمكرمة لأنهـا تؤثر أي تذكر (10) والأثر العلامة، والبقية تدل على الشيء، والعقــب (جــاء في إثره، أي جاء في عقبه)، وما خلفه السابقون، والخبــر المــــروي، و- السنة الباقية (11).

ويستخلص مما تقدم من تعريف لمصطلحات التحــــريض غيـــــر المتبوع بأثر في اللغـة بأنـه ((الحــث علـى أمـر ودفـع الآخرين للقيـام بـه، لا عمــل به ولم يلحقه فلم يقع شيء في عقبه)).

_____________

1- محمد حسين الحسيني الجلالي، تلخيص الذهب من لسان العرب ، المؤسسة الحديثة للكتاب ، ط1، ج 1، 2014 ، ص 405 .

2-  د. احمد سليم الحمصي. د. سعدي عبد اللطيف الرافد معجم الناشئة اللغوي، المؤسسة الحديثة للكتاب، بيروت، 2015، ص 211.

3-  سورة الأنفال - الآية 65.

4-  سورة النساء - الآية 84.

5-  العلامة محمد حسين الطبطبائي ، الميزان في تفسير القرآن ، ج 9، ط 1، مؤسسة دار المجتبى للمطبوعات ايران 2009 ، ص 124 - 125

6- سورة الصافات الآية 25.

7-  سورة البقرة الآية 173.

8-  د. احمد سليم الحمصي و د. سعدي عبد اللطيف ، مرجع سابق ، ص 106.

9-  محمد بن ابي بكر بن عبد القادر الرازي، مختار الصحاح ، دار الرسالة ، الكويت، 1983، ص74.

10-  محمد حسين الحسيني الجلالي ، ج 1، مرجع سابق ، ص30

11- مجد الدين يعقوب الفيروز أبادي القاموس المحيط، ج1، دار احياء التراث، بيروت، 2000، ص33. الرافد، مرجع سابق، ص12.