المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام عليٌ (عليه السلام) بشّره رسول الله بالجنة
2024-05-04
معنى الـمُبطئ
2024-05-04
{فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}
2024-05-04
معنى الصد
2024-05-04
معنى الظليل
2024-05-04
معنى النقير
2024-05-04

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


شروط المسؤولية الجنائية عن جريمة الابتزاز الإلكتروني  
  
1629   01:40 صباحاً   التاريخ: 9/11/2022
المؤلف : طارق نامق محمد رضا
الكتاب أو المصدر : المسؤولية الجنائية عن الابتزاز الالكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي
الجزء والصفحة : ص123-132
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون العقوبات / قانون العقوبات الخاص /

لا يكفي لقيام المسؤولية الجنائية عن الابتزاز الإلكتروني بمجرد أن يقع فعل التهديد الذي يكون الجريمة ومن ثم نسبته إلى فاعل للقول بأن الفاعل أصبح من الناحية القانونية جديرة لكي يتحمل تبعة فعله، بل يشترط أن يتوافر في الفاعل صفتان أساسيتان هما الإدراك أو التمييز وحرية الاختيار أو الإرادة. فهذان العنصران هما الشرطان الأساسيان لقيام المسؤولية الجنائية اللذان إذا أنتفي أحد هذين العنصرين أدى ذلك إلى عدم قيام المسؤولية وانتفاعها عن مرتكب الفعل. وسنتناول هذين الشرطين تباعا

الفرع الأول: الإدراك :

الإدراك هو قدرة الإنسان للتمييز بين الأعمال المشروعة والأعمال الغير المشروعة وتقدير ما يترتب على عمله من نتائج (1)، أو هو قدرة الشخص على فهم ماهية وطبيعة الفعل المرتكب وتوقع الاثار المترتبة عليه (2).

وإن هذه المقدرة تنصرف إلى ماهية وطبيعة الفعل وتوقع النتائج والآثار التي تترتب على الفعل، كما تتعلق بعناصر وخصائص الفعل ، كما تنصرف هذه المقدرة أيضا إلى خطورة هذا الفعل على المصلحة أو الحق الذي يحميه القانون وما يتضمنه من اعتداء على ذلك الحق، أي إن هذه المقدرة على الفهم لا تنصرف إلى الوصف والتكييف القانوني للفعل أي العلم بحكم القانون عليه، وذلك لأن العلم بنصوص قانون العقوبات شيء مفترض في حق من أرتكب الفعل لذلك يستوي أن يكون الفاعل يعلم بوصف ذلك الفعل في القانون من عدمه (3).

والإدراك الذي يعول عليه هو الإدراك السليم الذي يخلو من العيوب التي قد تؤدي إلى انتقائه وانتقاء المسؤولية الجنائية تبعا له، كما يمكن حصر أسباب فقد الإدراك ب "الصغر دون سن التمييز والجنون والمرض العقلي والسكر أو تناول المواد المخدرة". إذ تنص المادة (60) من قانون العقوبات العراقي على أنه لا يسأل جزائية من كان وقت ارتكاب الجريمة فاقد الإدراك اوالإرادة الجنون أو عاهة في العقل أو بسبب كونه في حالة سكر أو تخدير نتجت عن مواد مسكرة أو مخدرة اعطيت له قسرا وعلى غير علم منه بها، أو لأي سبب أخر يقرر العلم أنه يفقد الإدراك) (4). فإذا كان المتهم أثناء ارتكاب الجريمة وقت ارتكاب الخطأ - مجنونة أو مصابا بعاهة في عقله أو كان في حالة سكر أو تخدير لإعطائه مواد مسكرة أو مخدرة من دون علمه أو قسرا عليه، وكان فاقد الإدراك أو الإرادة وقت اتيانه السلوك المهمل الذي نجمت عنه الجريمة غير العمدية امتنعت مسؤوليته الجنائية. وقد يسأل المتهم مسؤولية مخففة في حالة إذا لم يكن فاقد الإدراك أو الإرادة وقت ارتكاب الجريمة بصورة كاملة، وإنما أصيب بنقصهما أو بضعفهما، وهذه الحالة تعتبر حالة وسط بين المسؤولية التامة وعدم المسؤولية بحسب نص الفقرة الأخيرة من المادة (60) إذ نصت على أنه: "....أو لأي سبب أخر يقرر العلم أنه يفقد الإدراك أو المخدرة أو غيرها سوى نقص أو ضعف في الإدراك أو الإرادة وقت ارتكاب الجريمة عد ذلك عذرا مخففا".

ويمكن ملاحظة أن المشرع قد استعمل عبارة مرنة بحيث تتسع لتشمل كل ما يكشف عنه التقدم العلمي والطبي إذ أن كل ما يتوصل اليه العلم من أنه يفقد الإدراك يصلح أن يكون سببا الامتناع المسؤولية الجنائية (5). أما فيما يتعلق بانتفاء المسؤولية الفقد الإدراك الناشئ عن صغر السن فقد تناولته المادة (47/اولا) من قانون رعاية الأحداث رقم 76 لسنة 1983م حيث نصت على أن: أولا: لا تقام الدعوى الجزائية على من لم يكن وقت ارتكاب الجريمة قد أتم التاسعة من عمرہ (6). ويفهم من نص هذه المادة أن مرحلة امتناع المسؤولية الجنائية هي مرحلة الصغر التي تبدأ بالميلاد وتنتهي قبل إتمام التاسعة، إذ يفترض المشرع أن الصغير في هذه المرحلة يكون عديم التمييز فعدم بلوغ التاسعة بعد قرينة على عدم التمييز وتكون هذه القرينة القانونية قابلة لإثبات العكس وذلك حينما يتعارض العمر المثبت في الوثيقة الرسمية (هوية الأحوال المدنية) مع ظاهرالحال (7)  بالتالي مسؤوليته وينقص التمييز لدى الحدث الذي لم يتم الثامنة عشر من عمره فتنقص ويخضع للعقاب المخفف (8).

الفرع الثاني: حرية الاختيار:

وحرية الاختيار تعني: "القدرة على توجيه السلوك نحو فعل معين أو امتناع عن فعل معين دون وجود مؤثرات خارجية تعمل على تحريك الإرادة أو توجيهها بغير رغبة أو رضاء صاحبها"(9)، أو هي: "قدرة الإنسان على المفاضلة بين البواعث التي تدفعه إلى الجريمة وتلك التي تمنعه عنها وأن يسلك وفقاً لاختياره أي أنها قدرة الشخص على تكييف فعله وفقاً لمقتضيات القانون (10).

في حين يراها البعض أنها: "قدرة الإنسان على تحديد الوجهة التي تتخذها إرادته، ويكون ذلك فيما إذا كان بمقدوره دفع إرادته في وجهة بعينها من الوجهات المختلفة التي يمكن أن تتخذها" (11).

فلا تكفي مقدرة الإنسان العلم باختلاف الوجهات التي يمكن أن تتخذها إرادته وإنما يجب أن تكون المقدرة على انتقاء واختيار الوجهة التي يمكن أن تتخذها إرادته، ولذلك يفترض لوجودها أن يكون الفاعل يمتلك كامل الحرية في تصرفاته وغير مرغم عليها والوضع الجسدي والنفسي والعقلي للفاعل يساعده على اتخاذ القرارات التي يريدها(12). الا أن قدرة الإنسان وقابليته على توجيه إرادته الوجهة التي يختارها مقيدة وليست مطلقة، إذ ترد عليها مجموعة من المؤثرات والعوامل لا يملك الجاني السيطرة عليها فتؤثر تأثيراً كبيراً في حرية اختياره، والمجال الذي يتمتع الشخص بداخله هي بحرية التصرف هو الذي يحدد قواعد القانون والقواعد المستمدة من الخبرة الإنسانية العامة التي تحدد مقدار تحكم الإنسان في مجمل تصرفاته، فإذا انتفى أو ضاق هذا المجال وانساق الجاني تحت تأثير العوامل التي لا يملك السيطرة عليها، إلى الجريمة، تنتفي حرية الاختيار وبذلك تنتفي معها المسؤولية الجنائية(13). كما أن هذه العوامل نفسها هي التي تؤثر في قابلية وقدرة الإنسان على الإدراك وقد تؤدي إلى انتفائها أو انقاصها الأمر الذي يؤدي معه إلى انتفاء المسؤولية الجنائية أو تخفيفها، وهذه العوامل على نوعين أولهما: عوامل خارجية كالإكراه وحالة الضرورة وثانيهما: عوامل داخلية ترجع إلى العوامل النفسية أو العقلية (14).

وهذا ما سنوضحه بشيء من الايجاز، فيما يلي:

1-الإكراه:

تنص المادة (62) من قانون العقوبات العراقي على أن: "لا يسأل جزائياً من أكرهته على ارتكاب الجريمة قوة مادية أو معنوية لم يستطع دفعها"، فالإكراه بوجه عام هو: "قوة من شأنها أن تمحو إرادة الفاعل أو تقيدها إلى درجة كبيرة ولا يستطيع مقاومتها فيتصرف وفقاً لما يفرضه مصدر القوة  (15).

ويتبين من نص هذه المادة أن الإكراه على نوعين هما:- إكراه مادي ويقصد به: "قوة مادية يستحيل على الشخص مقاومتها تسيطر على اعضاء جسمه وتسخرها في عمل أو امتناع يعاقب عليه القانون"(16)، وإكراه معنوي ويراد به: "كل قوة معنوية توجه إلى الشخص لا يستطيع مقاومتها ومن شأنها أن تضعف الإرادة لديه إلى درجة يحرمها الاختيار وتؤدي به إلى ارتكاب الجريمة ويقع عادة بطريق التهديد بشر يحل بالجاني إذا لم يرتكب الجريمة (17) ، أو هو ضغط شخص على إرادة  شخص اخر لحمله على توجيهها إلى سلوك إجرامي" (18)

ويشترط في الإكراه لكي يكون مانعة للمسؤولية الجنائية توافر شرطين هما (19):

* أن يكون الإكراه من الجسامة بحيث يفقد معه الاختيار لدى الجاني بالشكل الذي يتعذر عليه استطاعة دفعه.

*ألا يكون في استطاعة الجاني توقع سبب الإكراه لكي يعمل على تلافيه.

ولقد نص المشرع على شرط عدم استطاعة الدفع ولم ينص على عدم التوقع إلا أنه تحصيل حاصل، فلو كان الإكراه مادية أم معنوية متوقعة كان بإمكان الجاني استطاعة دفعه. فعندما يرتكب المتهم إهمالا يترتب عليه وفاة أو إصابة أحد الأفراد نتيجة لوقوعه تحت تأثير قوة مادية أو معنوية لا يستطيع دفعها ولم يكن بإمكانه توقعها تمتنع مسؤوليته الجنائية، ومن ثم يمتنع توقع العقاب عليه  (20)

2- حالة الضرورة:

قررت هذا المانع المادة (63) من قانون العقوبات العراقي بقولها إنه: "لا يسأل جزائية من ارتكب جريمة الجأته اليها ضرورة وقاية نفسه أو غيره أو ماله أو مال غيره من خطر جسیم محدق لم يتسبب هو فيه عمدة ولم يكن في قدرته منعه بوسيلة أخرى وبشرط أن يكون الفعل المكون الجريمة متناسبة والخطر المراد اتقاؤه ولا يعتبر في حالة ضرورة من أوجب القانون عليه مواجهة ذلك الخطر.

وتعرف حالة الضرورة على أنها: "ظرف خارجي يحمل خطرا حا يتقابل امامه حقان الشخصين فيضحي بأحدهما في سبيل بقاء حق أخر(21)،كما عرفت على أنها: "مجموعة الظروف التي تهدد بخطر جسيم حال يقع على النفس أو على المال وتوحي إلى الفاعل في سبيل الخلاص منه بارتكاب جريمة معينة"(22).

فلكي يكون الإنسان في حالة ضرورة لابد أن توجد هناك ظروف تهدد نفسه أو ماله أو نفس الغير أو ماله بخطر جسیم محدق لا سبيل إلى دفعه الا بارتكاب جريمة، وهي تكون في اغلب الاحوال بفعل الطبيعة كالزوابع والفيضانات والبراكين وغير ذلك، أما إذا كانت تلك الظروف بفعل الإنسان فلا يكون من يتعرض لها في حالة ضرورة إذ يكون من الممكن له أن يتصور الوسيلة التي تمكنه من تلافي الخطر في ضوء الظروف المحيطة به (23).

فلا يفقد الإنسان في حالة الضرورة إدراكه وحرية اختياره؛ وإنما يضيق مجالها الذي لا يعد كافية لقيام المسؤولية الجنائية(24)؛ فمن يصيب أحد الأشخاص ويتسبب بكسر ساقه نتيجة الاندفاعه بسرعة من المبنى الذي نشبت فيه النيران لا يفقد حرية اختياره أو إدراكه وإنما تضيق لديه إلى الحد الذي لا تعد كافية لمسا علته جنائيا.

ولا تتحقق حالة الضرورة كأي مانع من موانع المسؤولية وتنتج أثارها إلا إذا توافرت لها مجموعة من الشروط بعضها تتعلق بالخطر المحدق بالمتهم وبعضها الآخر يتعلق بالفعل المرتكب تحت تأثير الخطر. فمن حيث الشروط المتعلقة بالخطر ينبغي أن يهدد الخطر النفس أو المال، ويراد بذلك كل خطر يهدد الحق في الحياة وسلامة الجسم والحرية والعرض والسمعة والاعتبار أو المال، ويستوي أن يكون الخطر مهددة نفس الجاني أو ماله، ونفس الغير أو ماله، كما يشترط أن يكون الخطر جسيماً وهذا يعني أن حالة الضرورة لا تتحقق إذا كان الخطر غير جسيم ولا يحتج مرتكب الخطأ بانه كان في حاله ضرورة ومن ثم لا يتوافر هذا المانع ولا ينتج اثره لأن الجريمة التي تدفع اليها الضرورة تقع على إنسان بريء ولا بد أن يكون الخطر جسيماً (25)

والخطر الجسيم هو ذلك "الخطر الذي يثير لدى الإنسان الخشية من انهيار كيانه سواء كان هذا الكيان مادياً أو معنوياً"(26)، كما يعرف على أنه: "الخطر الذي يستحيل إصلاحه أو الذي يحتمل عدم اصلاحه"(27)، والبعض يرى أن الخطر الجسيم هو "الذي يصعب إصلاحه بغير تضحيات كبيرة، أما الخطر الذي يمكن اصلاحه بتضحيات بسيطة فهو خطر يسير لا يصلح أن يكون شرطاً للضرورة" (28).

وتعد جسامة الخطر مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع وفقاً لمعيار موضوعي قوامه الرجل العادي الذي احاطت به ظروف المتهم نفسها(29). ويشترط أيضاً لتحقق حالة الضرورة أن يكون الخطر المؤدي إلى ارتكاب الفعل المكون للجريمة حالاً ويعد الخطر حالاً إذا كان الاعتداء المهدد به على وشك الوقوع، أو كان الاعتداء قد بدأ ولم ينته بعد. ويعد الخطر غير حال إذا كان الاعتداء المهدد به مستقبلاً، أو كان الاعتداء قد تحقق بالفعل وانتهى وذلك لأن حالة الضرورة تقوم على دفع الخطر وزوال الخطر يزيل حالة الضرورة(30). والأصل أن يكون الخطر جدياً (حقيقياً) فالخطر الوهمي لا يصلح أساساً لحالة الضرورة ولكن هذا ليس لازماً بصفة مطلقة، فقد يكون الخطر وهمياً ومع ذلك يعتد به وذلك فيما إذا كان لدى الشخص من الأسباب المعقولة بحسب الظروف والملابسات التي كان فيها ما يدعوه إلى الاعتقاد بحلول الخطر(31)

ويستلزم ألا يكون بالخطر المحيط بالجاني قد تسبب عمدة في إيجاده، وهذا يعني أنه يشترط ألا يكون لإرادة الجاني دخل في حلول الخطر المهدد به، ذلك أن من يقصد تحقيق الوضع المهدد بالخطر يكون قد توقع حلوله ويكون في وسعه أن يلجأ إلى وسيلة أخرى غير الجريمة للتخلص منه، فضلا عن أنه هو الذي خلق حالة الضرورة فلا يعقل أن يستفيد منها. فلا يعفى من المسؤولية من يشعل النار عمدا في منزل ويندفع خارج منه فيقتل أو يجرح طفلا في طريقه وعلى العكس من ذلك تتوافر حالة الضرورة وتمتنع المسؤولية إذا كان الخطر قد نشأ عن اهمال الجاني، كمن يتسبب في حريق بإهمال ثم يرتكب جريمة لينجو بنفسه من خطر النيران (32).

ويشترط كذلك في الخطر ألا يكون الفاعل ملزمة بمواجهته قانونا، فحينما يلزم القانون شخصأ بمواجهة الخطر ومكافحته بأساليب وأفعال ليس من بينها الفعل المرتكب لا يجوز له أن يتمسك بحالة الضرورة إذا ما ارتكبه، فالعسكري الذي يلزمه القانون مواجهة خطر العمليات العسكرية لا يستطيع أن يدفع بحالة الضرورة إذا هرب من ميدان المعركة خوفا من الموت، كما لا يستطيع المكلف بتنفيذ حكم الإعدام على مدان أن يوفر له فرصة الهرب بحجة أنه اضطر إلى ذلك لإنقاذه من الموت (33).

وتتمثل شروط فعل الضرورة بأن يكون الفعل لازمة للتخلص من الخطر، ويتحقق هذا الشرط عندما لا يكون في استطاعة الجاني التخلص من الخطر بوسيلة غير الجريمة، حيث تتحقق حالة الضرورة وتمتنع المسؤولية إذا كانت الجريمة هي الوسيلة الوحيدة لتلافي الخطر، فلا يسأل جزائية من يحاول النجاة من أنقاض بناء يتهدم فيجري بإهمال وبغير احتياط ويتسبب في وفاة أو إصابة شخص كأن يقف امامه اما إذا كان الجاني يستطيع درء الخطر بوسيلة أخرى غير الجريمة فتنتفي حالة الضرورة ويكون المتهم مسؤولاً عن الجريمة التي ارتكبها بإهماله(34). ويشترط في الفعل المكون للجريمة أن يتناسب مع الخطر المراد اتقاؤه، وهو ما يعني أن على الجاني عند مواجهته للخطر ألا تكون هناك وسيلة أخرى غير الجريمة لدرئه، وينبغي أن يكون الفعل متناسباً مع الخطر وعليه أن يدفع الخطر بوسيلة أقل جسامة. وبناء على ذلك فان معيار التناسب هو أن يكون الفعل المرتكب أقل الأفعال التي من شانها درء الخطر والتي كانت في وسع الجاني من حيث الجسامة، أي أن تكون الجريمة المرتكبة اهون ما يمكن للجاني أن يرتكبه بحسب  ما كان في متناوله من وسائل. ويتحدد هذا المعنى وفقاً لمعيار موضوعي واقعي قوامه الرجل العادي إذا وجد في نفس الظروف الشخصية التي تعرض لها الجاني فمن يستطيع درء الخطر عن طريق فعل يصيب مالاً ولكنه درأه عن طريق فعل اصاب نفساً فلا تتوافر له حالة الضرورة ولا تمتنع مسؤوليته الجنائية(35)

تلك هي الشروط التي يجب توافرها ليكون بإمكان الجاني التمسك والدفع بحالة الضرورة ومن ثم امتناع مسؤوليته الجنائية وعدم فرض العقاب عليه. ويترتب على انتفاء هذه الشروط أو انتفاء أحدها انتفاء حالة الضرورة وقيام مسؤولية الجاني الجنائية وتحميله العقاب المقرر قانوناً للجريمة. وتشترك موانع المسؤولية السالفة الذكر بشرط رئيس ومهم يتوقف على توافره تحقق المانع وانتاج اثره وهذا الشرط هو أن يكون توافر المانع وقت ارتكاب الجريمة، فإذا لم يتوافر المانع في تلك اللحظة انتفى وجود المانع وانتفى تبعاً لذلك أثره ووجبت مساءلة الجاني جنائياً عن جريمته (36).

_____________

1-  د. محمد علي السالم عياد الحلبي، شرح قانون العقوبات-القسم العام، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1997م، ص329.  

2- د. محمد صبحي نجم، قانون العقوبات: القسم العام (النظرية العامة للجريمة)، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط3، عمان، الأردن، 1996م  ، ص259.

3- تنص المادة (37(ف 1) من قانون العقوبات العراقي على أنه: " ليس لأحد أن يحتج بجهله بأحكام هذا القانون أو أي قانون عقابي آخر مالم يكن قد تعذر علمه بالقانون الذي يعاقب على الجريمة بسبب قوة قاهرة".

4- تقابل هذه المادة في قانون العقوبات العراقي المادة (62) من قانون العقوبات المصري، والمادة (92) من قانون العقوبات الأردني المتعلقة بالجنون والعامة العقلية والمادة (13) المتعلقة بالسكر والتسمم بالمخدرات، والمواد (232، 231) من قانون العقوبات اللبناني الخاصة بالجنون، والمادة (230) الخاصة بالسكر والتسمم بالمخدرات.

5-  د. فخري عبدالرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات- القسم العام، مطبعة الزمان، بغداد، 1992 ، ص328 .

6- في حين جعل قانون العقوبات العراقي من المسؤولية الجنائية هو تمام السابعة إذ نصت المادة (64) على أنه لا تقام الدعوى الجزائية على من لم يكن وقت ارتكاب الجريمة قد أتم السابعة من عمره). وبالاتجاه ذاته سار المشرع السوري في المادة (2) من قانون الأحداث الجانحين رقم 18 لسنة 1974م، والمشرع الأردني في المادة (18) من قانون الأحداث رقم 24/ لسنة 1986م، والسوداني في المادة (41) من قانون العقوبات.

7- تنص المادة (4) من قانون رعاية الأحداث العراقي على أن يثبت عمر الحدث بوثيقة رسمية وعند عدم وجودها أو أن العمر المثبت فيها يتعارض مع ظاهر الحال فعلى المحكمة احالته للفحص الطبي لتقدير عمره بالوسائل العلمية).

8- قسم قانون رعاية الأحداث حياة الإنسان إلى ثلاث مراحل حسبما جاء في المادة (3) والتي تنص على أن: يسري هذا القانون على الحدث الجانح وعلى الصغير والحدث المعرضين للجنوح وعلى أوليائهم بالمعاني المحددة ادناه لأغراض هذا القانون: أولا: يعتبر صغيرة من لم يتم التاسعة من عمره. ثانيا: يعتبر حدثا من أتم التاسعة من عمره ولم يتم الثامنة عشر. ثالثا: يعتبر الحدث صبية إذا أتم التاسعة من عمره ولم يتم الخامسة عشر. رابعا: يعتبر الحدث فتى إذا أتم الخامسة عشر من عمره ولم يتم الثامنة عشر.

9- د. عبود السراج، قانون العقوبات- القسم العام، مطابع جامعة دمشق، دمشق، 1998م، ص300.

10- د. فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات-القسم العام، مصدر سابق، ص323 و 324.

11- د. علي حسين الخلف، د. سلطان عبد القادر الشاوي، المبادئ العامة في قانون العقوبات، مطابع الرسالة، الكويت، 1982م  ، ص336.

12-  يذهب رأي في الفقه إلى أن الاختيار الحر هو ثمرة لعمليات ثلاث هي الإدراك والتفكير ثم النقد والحكم واخيراً انعقاد الارادة على القرار وفي كل مرحلة من هذه المراحل الثلاث يمكن أن تصاب الارادة بالخلل الذي قد يفسدها ولكن لا تنعدم مسؤولية الشخص الا اذا كان هذا الخلل جسيماً إلى درجه يؤدي إلى فقد الاختيار فقداناً كاملاً للمزيد ينظر: د. عوض محمد، قانون العقوبات-القسم العام، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، 1987م، ص477

13-  د. محمد صبحي نجم، قانون العقوبات: القسم العام (النظرية العامة للجريمة)، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، ط3، عمان، الأردن، 1996م  ، ص257.

14-  د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات: القسم الخاص، دار النهضة العربية، 1988م  ، ص504.

15-  د. ماهر عبد شويش الدرة، الاحكام العامة في قانون العقوبات، دار الحكمة للطباعة والنشر، الموصل، 1990م، ص427.

16- د. محمد صبحي نجم، مصدر سابق، ص 262. 

17- د. علي حسين الخلف، د. سلطان عبد القادر الشاوي، مصدر سابق، ص376.

18-  د. علي عبد القادر القهوجي، شرح قانون العقوبات القسم العام "دراسة مقارنة، منشورات الحلبي، بيروت، 2008م  ، ص268.

19- د. عوض محمد، قانون العقوبات-القسم العام، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، 1987م  ، ص 527. 

20-  د. فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات، القسم العام، مصدر سابق، ص 345.

21-   محمود إبراهيم إسماعيل، شرح الأحكام العامة في قانون العقوبات، دار الفكر العربي، القاهرة، 1999م، ص 464.

22- د. ماهر عبد شويش الدرة، الاحكام العامة في قانون العقوبات، دار الحكمة للطباعة والنشر، الموصل، 1990م  ، ص 31.

23- د. عباس الحسني، شرح قانون العقوبات العراقي الجديد (القسم العام)، مطبعة الأزهر، بغداد، 1970م  ، ص 182.

24- د. محمد زكي أبو عامر، قانون العقوبات اللبناني - القسم العام، الدار الجامعية، بيروت، 1981 ، ص 230.

25- د. فخري عبد الرزاق الحديثي، شرح قانون العقوبات- القسم العام، مصدر سابق، ص349.

26-  د. رمسیس بهنام، نظرية التجريم في القانون الجنائي: معيار سلطة العقاب تشريعاً وتطبيقاً، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1996م، ص247.

27- د. محمود نجيب حسني، شرح قانون العقوبات اللبناني القسم العام، دار النهضة العربية، القاهرة، 1989م  ، ص674.

28- د. عوض محمد، قانون العقوبات-القسم العام، مؤسسة الثقافة الجامعية، الإسكندرية، 1987 ، ص508 و 509.

29- د. مأمون محمد سلامة، قانون العقوبات القسم العام، دار الفكر العربي، القاهرة، 1979م ، ص369 – 370.

30-  د. عبود السراج، قانون العقوبات- القسم العام، مطابع جامعة دمشق، دمشق، 1998م  ، ص 320.

31- وهناك من يذهب عكس هذا الرأي حيث يستلزم أن يكون الخطر محدقا أي (حقيقية وحالا) فاذا كان بعيد الاحتمال فلا تقوم حالة الضرورة إذ يكون في وسع الجاني تدبر وسيلة أخرى غير الجريمة لتجنبه، وللمزيد ينظر: د. حميد السعدي، شرح قانون العقوبات الجديد، ج 1، ط2، دار الحرية للطباعة، بغداد،، 1979م، ص 372.

32- د. علي عبد القادر القهوجي، شرح قانون العقوبات القسم العام "دراسة مقارنة، منشورات الحلبي، بيروت، 2008م  ، ص 270.

33- د. ضاري خليل محمود، الوجيز في شرح قانون العقوبات القسم العام، دار القادسية للطباعة، بغداد، 1982م، ص106.

34-  د. رؤوف عبيد، مبادئ القسم العام من التشريع العقابي المصري، ط2، مطبعة نهضة مصر، القاهرة، 1965م، ص527 و 528.

35-  د. أحمد فتحي سرور، الوسيط في قانون العقوبات - القسم العام، ج 1، دار النهضة العربية، القاهرة، 1981م  ، ص299 وما بعدها.

36- د. أكرم نشأت ابراهيم، القواعد العامة في قانون العقوبات المقارن، ط1، مطبعة الفتيان، بغداد، 1998م، ص247.

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






موكب أهالي كربلاء يستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
العتبة العباسية تستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) بإقامة مجلس عزاء
أهالي كربلاء يحيون ذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) في مدينة الكاظمية
شعبة مدارس الكفيل النسوية تعقد اجتماعًا تحضيريًّا لوضع الأسئلة الامتحانية