أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-10-2016
898
التاريخ: 16-10-2016
786
التاريخ: 16-10-2016
773
التاريخ: 16-10-2016
758
|
لمَّا أشفى الإسكندر على الموت أسند ظهره إلى وسادة، ومدَّ يده ليلثمها جميع الجند جريًا على العادة المُتَّبعة يومئذٍ، فدنا منه كُبراء دولته وقالوا له: مَن تُخلِّف على هذه المملكة الضخمة؟ قال: خليفتي عليكم أجدركم برعاية الملك والصراط المستقيم، وإني لأرى وقوع الشقاق بينكم، فحذار حذار منه. ثم سأله أحدهم: ومتى نُحصيك في عِداد من يُعظَّم ويُكرَّم؟ فقال: لا أُجلُّ إلا إذا سعدتم بعدي وانتظم شملكم أحسن انتظام. فكانت هذه آخر أقواله، ولما تُوفي كان عمره 32 سنة و8 أشهر على أصحِّ الآراء. واتَّفق عظماء الدولة على تولية أخيه أرهيديوس من قبلِ أن يُولد ابنه، ثم ولدَت روشند بعد ذلك ولدًا ذكرًا سُمِّي إسكندر إيغوس، فقتله كاسندر مع أمه سنة 311، واقتسم القُوَّاد المملكة، فملك كلٌّ منهم في القسم الذي وقع له، وهذه هي دولة السلوقيين، وهي عبارة عن ثلاث ممالك، وهي: مملكة مكدونية وتراقية، ومملكة بطليموس وتشمل مصر وفلسطين، ومملكة سلوقس. ثم أخذت هذه المملكة بالتنازُل والانحطاط مدة ثلاثة قرون متتالية حتى اضمحلَّت. أما الهلنية فإنها لم تفقد شيئًا من مزاياها، بل كسبت شيئًا يُذكر في عهد السلوقيين، إلا أنها مع ذلك كانت تتضاءل؛ إذ كانت تنسلخ عنها الكورة بعد الكورة لتنضم إلى الإيرانيين أو إلى ملوك تلك الرُّبوع، وفي الوقت عينه كانت تُؤسَّس مدنٌ جديدة في آسية، أو كان يُعاد تشييد البلدان القديمة على طَرْز يوناني حديث، وهو الأمر الذي شرع به الإسكندر، فبقي سائرًا في وجهه، فكان ذلك سببًا لاستفحال الهلنية وفشوِّها بين الآسيويين المبثوثين في السلطنة السلوقية، بل في قصور إيران نفسها التي كانت تقوم مقام الدولة السلوقية في مواطن عديدة؛ إذ اختلطَت فيها الهلنية قليلًا أو كثيرًا حسب مقتضيات الأحوال. ومما يُؤسَف لذكره أن سلوقس أخرب حاضرة بابل، تلك المدينة العتيقة الشهيرة، وإن شئت التحقيق فقل: نقل تلك الحاضرة إلى موطنٍ يبعُد 63 ميلًا عنها، وأركبها شق دجلة، وهي التي سُمِّيَت بعد ذلك «سلوقية على دجلة» التي أصبحت في برهة قاعدة نصف دولة الشرق، وهي التي سمَّاها بعضهم ساليق؛ تمييزًا لها من عدة مدن عُرفَت بسلوقية، كانت هذه أكبرهن وأوسعهن. وهي أقرب إلى جبال إيران من أنطاكية الشامية إليها، ولا جرمَ أن سكان بابل الأقدمين ظعنوا إلى الحاضرة الجديدة ولم يبقَ في تلك الخربة إلا جماعات من السدنة كانوا يُحافظون على شعائر دينهم القديم في مدينةٍ تزداد خرابًا يومًا بعد يوم، ويقومون بما يندب إليه الدين في الهياكل الأبراج التي كانت تخرج رؤوسها الدقيقة من بين سائر الأبنية، وقد حكم عليها القضاء أن تنحطَّ شيئًا فشيئًا في دركات الخمول والوحشة، بينما كانت سلوقية تتيه عجبًا بكونها مدينة يونانية حديثة الغضارة والنضارة، ينشقُّ منها نور ومدنية جديدة، يتدفق متصبِّبًا على أنهار وجنَّات أرض شنعار القديمة. وهل يبلى اسم سلوقية وهي التي وُلد فيها ونبع منها ديوجينس البابلي، أحد أعاظم كُتَّاب الرواقيين ورأس مدرستهم في أثينة (156 ق.م)، وكثير من البابليين تلقَّوا فيها علومهم وآدابهم اليونانية، ومن جملتهم بيروسس الكاهن البابلي الشهير، الذي وضع تاريخ بلاده باليونانية وأهداه إلى أنطيوخس الأول ابن سلوقس. ومن مشاهير علمائها أيضًا سلوقس الرياضي الفلكي، وكان قد ذهب قبل كوبرنك إلى أن الأرض وسائر السيارات تدور حول الشمس، ولعله كان بابلي المولد. ولو أخذنا طريق سلوقية بمائتي سنة قبل المسيح شاخصين إلى ماذي وفارس لعثرنا بالمدينة بعد المدينة، وكأنها نصفهم يونان ونصفهم وطنيون، ولسانهم الرسمي اليوناني، وأبنيتهم على الطَّرْز اليوناني، كما كنت تشاهد في تلك المدن مدارس ومعاهد ومسارح لهو كلها يونانية. وبين الحواضر اليونانية البابلية الدار كانت يومئذٍ أرطميتة، وهي مدينة كانت واقعة بين الزوراء وخانقين، ومنها نبغ المؤرِّخ أبلودورس. على أن الهلنية وإن تقدَّمَت تقدُّمًا ذا شأن بعد الإسكندر ممتدة في البلاد طولًا وعرضًا، إلا أنها فقدَت من صفتها؛ لأن حياة هذه المدن اليونانية المبثوثة بثًّا في أنحاء آسية كانت — ولا شك في ذلك — ظِلًّا ضئيلًا لحياة أثينة في عهد أفلاطون، وفي العهد اليوناني أصل النشأة المشهورة، هذا فضلًا عن أن اللغة لا تجود إلا في أرض مصدرها، ولا تريع إلا فيها، وأما في مستنبتها أو منتقلها فلا تكون فيها إلا عائشة لا نامية.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|