أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-12-19
1069
التاريخ: 2023-11-11
902
التاريخ: 2024-02-19
840
التاريخ: 2023-12-20
958
|
يُحكى أنه كان في أيولكوس بتساليا، ملك يُدعى أيسون سئم الحكم، غير أن ابنه جاسون كان لا يزال صغيرًا، ولا يمكن أن يلبس التاج، وعلى ذلك عَيَّن أيسون أخاه غير الشقيق بيلياس نائبًا للملك، على شرط أن يسلم مقاليد الحكم إلى جاسون عندما يبلغ هذا الغلام سن الرشد. وفي تلك الأثناء عهد أيسون بتعليم ابنه جاسون إلى القنطور خيرون، وانسحب هو إلى قريةٍ بعيدة. مرت الأيام وتعاقبت السنون، ونمت سلطة بيلياس، ولم يعبأ بوعده لأخيه أيسون ولا بالصبي جاسون، واعتبر نفسه ملك أيولكس، وكذلك اعتبره جيش أتباعه. لم يحسن بيلياس سياسة الحكم، فانتابته الشكوك في بعض الأوقات، ولكي يطمئن على حكمه، ويريح باله مما يساوره من قلق، عزم على أن يستشير وحيًا، فتلقى هذا الرد الغريب:»لا تخش إلا رجلًا يلبس فردة حذاء واحدة«! حار بيلياس في تفسير هذا الرد، ولكنه قرَّر أن ينتظر، ويرى ما سوف يتمخض عنه المستقبل. وتصادف في أحد الأعياد العظمى لنبتيون، أن أرسل بيلياس الدعوة إلى كل فرد في جميع أنحاء البلاد؛ ليشترك في ذلك العيد. وفي نفس الوقت الذي كانت تقوم فيه الاستعدادات لهذا العيد، كان جاسون قد صار شابًّا يافعًا عظيم القوة والمهارة، فعزم عن أن يطالب عمه بالعرش الذي هو من حقه. فسار إليه مرتحلًا عدة أيام، وقبل أن يصل على أيولكوس، أبصر أمامه مجرى ماء يتدفق تيار الماء فيه بسرعة خطرة. لم يتطرق الخوف إلى نفس جاسون، بل أخذ يعبر ذلك المجرى. وعندما قارب الوصول إلى الضفة الأخرى، اصطدمت قدمه بصخرة نانئة في قاع المجرى، فحاول تخليصَ قدمه منها، ولكنه عندما وصل إلى اليابسة وجد أنه فقد فردةَ حذاء تحت الماء. فهز كتفيه واستمر في سيره إلى المدينة دون أن يتوقف؛ ليحصل على فردة حذاء أخرى. وهكذا وصل جاسون إلى عمه الملك بيلياس، وكان جالسًا فوق عرشه في الساحة العامة وسط حاشيته. فاتجه إليه جاسون مباشرة، وانحنى له في احترامٍ بالغ. صاح جاسون يقول: «أهلا أيها الملك!» ومد يد اليمنى ليصافح بيلياس، فتألق في إحدى أصابعه خاتم من الياقوت عظيم القيمة. كان أيسون قد خبأه عند خيرون، وأوصاه بأن يعطيه ابنه عندما يبلغ هذا أشده، ليكون دليلًا على سلطته الملكية. أحدق بيلياس نظره إلى الجوهر الملكي فتعرَّف عليه، غير أن ما أقلقه وبلبل أفكاره، وغرس الخوف في قلبه، هو أنه عندما اتجه ببصره إلى الأرض ألفى جاسون يلبس فردة حذاء واحدة، فتذكر تحذير الوحي، ولكنه أخفى مخاوفه وتظاهر بالترحيب بابن أخيه في ابتسام زائف. ومر يوم بعد يوم، ولم يحاول بيلياس أن يسلم التاج إلى جاسون. وأخيرًا ذكره جاسون في جرأة بحق الميراث، وبأنه أصبح الحاكم الشرعي لأيولكوس، وليس بيلياس. فسأل جاسون عمه بقوله: «متى ستتنازل عن السلطة يا عماه «؟ صمت بيلياس بعض الوقت، يفكر في وسيلة يتخلص بها من هذا الشاب الخطر. لم يجرؤ على أن يقتله؛ لأن مواطني المدينة قد رحبوا بفكرة أن يكون ملكهم ابن أيسون الطيب، بدلًا من بيلياس الظالم. وأخيرًا أجاب بيلياس يقول: «يبدو لي، يا ابن أخي أنه لا يليق أن يتحمل شاب عديم التمرين، وغير محنَّك في أساليب الدنيا وخداعاتها، عبءَ مثل هذا الحكم العظيم. ألا تعتقد أنه من الأفضل أن تتلمذ أولًا على الأخطار والمشاق؟ وبعد ذلك يمكنك أن تصير بحق ملكًا حكيمًا ونبيلًا «. كان جاسون أكثر من متلهِّفٍ إلى الرحيل للقيام ببعض المغامرات قبل الاضطلاع بأعباء الحكم، فوافقته هذه الفكرة كثيرًا، وصاح يقول في لهفة: «حدِّد لي عملًا يبرهن على مقدرتي! سأنجز أي عمل تأمرني به، مهما يكن شاقًّا «. ابتسم بيلياديس في نفسه؛ إذ رأى جاسون يسلم إليه نفسه في حماس الشباب الوثاب، فأجاب في رفق: «لا يليق بشابٍّ جريءٍ مثلك إلا عمل واحد: البحث عن الجزة الذهبية. أحضر لي هذا التذكار البراق، وعندئذٍ أعلم يقينًا أنك جدير بأن تحكم على أيولكوس بدلًا مني «. خُيل إلى بيلياس أنه سيتخلص من جاسون إلى الأبد بإرساله في هذه المهمة العسيرة. كانت الجزة الذهبية فراءَ كبشٍ عجيبٍ أهداه ميركوري إلى الملكة نيفالي قبل ذلك بعدة سنوات؛ ليحمل طفليها فريكسوس وهيلي إلى برِّ الأمان عندما هددهما الموت. ما إن ركب الطفلان الصغيران ذلك الكبش، حتى ارتفع بهما على الفور في الجو، وأخذ يحلِّق خلال الهواء بقوة السحر متجهًا نحو الشرق. غير أنه حدث وهو طائر فوق المضيق الفاصل بين أوروبا وآسيا أنِ اختلَّ توازن هيلي، فوقع وسُمِّي ذلك المضيق هيليسبونت (ويُسمى الآن الدردنيل)، وأنزل الكبش فريكسوس بسلامٍ في كولخيس، حيث استقبله ملكها بالترحاب. وبعد ذلك قدم هذا الغلام ذلك الكبش ذبيحة لجوبيتر، وأعطى الملك جزته الذهبية، فوضعها هذا في مغارة مقدسة، ويقوم بحراستها تنين دائم اليقظة لا يعرف النوم. هذا هو الكنز الذي خرج جاسون ليفوز به، فسار قُدمًا وهو مبتهج ومتلهف إلى القيام بمغامرته العُظمى. فطلب من أرجوس، الذي هو أمهر بنَّائي السفن في ذلك الوقت، أن تُبنى له سفينة بها مقاعد لخمسين مجذفًا. وأرسلت مينيرفا إلى جاسون كتلة خشبية من شجرة بلوط مقدسة؛ ليصنع منها حيزوم السفينة على صورةِ رأس سيدة لها القدرة على الكلام. فلما تم بناء السفينة سُميت الأرجو، وسُمي طاقمها ملاحي سفينة الأرجو. لم يصحب جاسون معه أي بحار عادي في رحلته هذه، وإنما أرسل الدعوة إلى جميع أبطال بلاد الإغريق؛ كي ينضموا إليه، فلما علموا بالأخطار التي كان عليه أن يواجهها جاءوا إليه بصدرٍ رحب. وهكذا صحبه في هذه الرحلة كاستور وبولوكيس التوءمان اللذان صارا بعد ذلك إلهي الملاكمة والمصارعة، وأورفيوس الشاعر المنشد الإلهي الذي لم ينزل إلى هاديس حتى ذلك الوقت، وزيتيس وكالايس العداءان السريعا الأقدام، وهرقل والصياد أركاس. والصيادة أتالانتا، ونستور ذو الرأي السديد في المجالس، وبيليوس وتيلامون الشابَّان المحاربان، وأدميتوس الذي صار فيما بعد ملكًا وسيدًا لأبولو، وثيسيوس، وكثير غير هؤلاء.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|