لا يوجد في عطارد، أقرب كواكب المجموعة الشمسية إلى الشمس، جو تقريباً. وفقدت كواكب الزهرة والأرض والمريخ جميع الغازات التي كانت موجودة عليها إبان تكونها، والأجواء الموجودة فيها الآن نشأت من غازات انطلقت من بواطنها ومن التفاعلات التي حصلت فيما بينها. ويتصف جو كل من تلك الكواكب بكونه فريداً من نوعه. وتوجد في الكواكب الخارجية أجواء عميقة جداً مكونة بمعظمها من الهدروجين والهليوم، ولم يتغير إلا القليل من تركيبها الأصلي الذي ساد حين تكونها.

وجو الأرض هو طبقة رقيقة من الغازات التي تحيط بها. وتتضح رقة هذه الطبقة حينما نعلم أن حيز الجو الذي تحصل فيه معظم الأنشطة البشرية يُضيف ما لا يزيد على %0.3 إلى نصف قطر الأرض. وكيمياء هذا الجو الفريدة، التي تتضمن مركبات مثل الأكسجين (وحيد أو ثنائي (الذرة وثاني أكسيد الكربون اللذين يدعمان السيرورات التي تقوم عليها جميع أنواع الحياة، تميزه من أجواء كواكب المجموعة الشمسية الأخرى. يُري الجدول 1.2 المقادير النسبية لأكثر أربعة غازات وفرة في الجو الجاف.

الجدول 1.2 المكونات الرئيسية للجو بالقرب من سطح الأرض (*)

(*) تُحسب التراكيز (نسب المزج mixing ratio هي مصطلح معرف لاحقاً) بافتراض أن الجو جاف. يُعتبر الماء خامس مكون رئيسي للجو، لكن تركيزه متغير بين أقل من 0.5 و 3.5%.

تبقى نسب مزج (تراكيز، انظر الفقرة  .32  ) الغازات الرئيسية ثابتة تقريباً حتى ارتفاع 80 كيلو متراً تقريباً. وسبب هذا الثبات هو أن الطاقة الحركية لجسيمات الغازات تكفي لموازنة أي قوى ثقالية يمكن أن تؤدي إلى هبوطها إلى سطح الأرض. ونظراً إلى أن نسب مزج المكونات الرئيسية ثابتة، فإنه يمكن حساب متوسط الكتلة المولية( Ma (Average Molar Mass للجو

M و f هما الكتلة المولية والوفرة النسبية لكل مكون . بتطبيق العلاقة على الحيّز الواقع تحت ارتفاع 80 كيلو متراً من جو الأرض الجاف نحصل على:

يجب ألا يُفاجئنا أن الكتلة المولية للغلاف الجوي قريبة من تلك التي للنتروجين N وأكبر منها قليلاً.

فوق الارتفاع 80 كيلو متراً، تبدأ تراكيز الأجناس الرئيسية بالتغير على نحو ملحوظ بسبب السيرورات الكيميائية الضوئية التي تجعل ثنائي النتروجين، وثنائي الأكسجين على وجه الخصوص، يتفككان سوف نناقش تلك السيرورات لاحقاً في هذا الفصل.

وخلافاً للأجناس الرئيسية، لا يكون تركيب بعض الغازات الضئيلة الأثر ثابتاً في الجو بالقرب من سطح الأرض، ويعود ذلك إلى أسباب مختلفة وإلى سيرورات إزالة تلك الغازات التي تعمل في مناطق مختلفة أفقياً وعمودياً.

يمكن تقسيم الجو بسهولة إلى أربعة أقسام اعتماداً على اتجاه تغير درجة الحرارة مع الصعود من الأسفل إلى الأعلى. وقد جرى توضيح تلك الأقسام في الشكل 1.2. فابتداء من سطح الأرض، حيث يُساوي متوسط درجة الحرارة زمنياً ومكانياً 14 درجة مئوية تقريباً (287) كلفن، تنخفض درجة حرارة الجو تدريجياً حتى قيمة تساوي 60- درجة مئوية عند ارتفاع يساوي نحو 15 كيلو متراً. يُسمى هذا الجزء من الجو، القريب من سطح الأرض حيث يعيش البشر وتحصل معظم الأنشطة الحيوية (التروبوسفير).